لوحات

محمد خضر

-1-

كان اسمها وردة ...

تدلعها الجارات يا "وردية"

تمازحها صديقاتها ...

بالغازات و خرطوم الري ...

كي تنمو قليلا ...

ولأول مرة سمعت

بالمثل ...

(كل شخص له من اسمه نصيب)

صارت تتخيل أن لديها بتلات

و أوراق متدلية من جانبيها

و عالم من الكلوروفيل

كان حلمها الوحيد ..

أن تذبل في أعماق النهر !!

 

اليوم و بعد ثمانية أعوام

أسمع خبرا عن رحيل وردة ..

 

ماتت وردة !!

تاركة قطرة ندى ضخمة

في عيون

من قطفوها كثيرا !!

 -2-

 سماء بالية

تحمل أوهامها

في سلة الأفكار

تسقط قطعا صغيرة

في كل مرة ..

على الأرض الـ ما عادت

ترفض الزبد ..

أحيانا تكون القطعة

اكبر ..

لذا لا غرابة ..

إن خدشت العابر ..

ولا غرابة ..

إن حفرت أخدودا جيولوجيا

صغيرا .. ومجوفا

لكن يكفي

لصنع حلقة نقاش !!

هذه السماء التي صارت

تشبه جذور الفطر

من قعورها

ليست لغزا و لا حكاية

إنها سقف غرفتي

 

أيام المراهقة الجادة ..

تلك الغرفة ..

التي كبرت الآن ..

لدرجة أني

لا أرى سقفها

بالعين المجردة ..

 -3-

البلدة المنصهرة

في فوضى الكهرباء والإسمنت

تغالب عشاقها القدامى

منحوها الحنين في بطاقات السفر

ومنحتهم الأغاني الشعبية ...

البلدة ذات المداخن العالية

مثل حرائق في الأساطير

تكومت بالناس المطليّين

بألوان الحياة الديناميكية

صارت البلدة تشبه ناسها

وهاهي تغني بألحان جميلة

سطّرها رجل مدفون الآن

في أحشائها.

 

صورة العائلة

 

تلك التي التقطها المصور
في أواخر السبعينيات
كانت أمي تسيل حناناً على الأبناء
بينما البنات بضفائرهن الثنائية
ينظرن إلى بعضهن
بعيداً عن عدسة الكاميرا
الصورة التي تركت لأعوام عديدة
بجانب النافذة
ثم انتقلت من غرفة إلى غرفة
حتى اختفت تماماً في سحارة العائلة
تلك التي زينها الإخوة
بإطار خشبي مزخرف
عندما كبروا قليلاً
وراحوا يلمعون زجاجها كلما هب الحنين
الصورة التي جمعتنا معاً
ونحن نغلق ياقاتنا ونبتسم غير آبهين

ونحن ننتظر بشغف صارم
أن نخرج من الكاميرا
كما نرجو على الأقل
الصورة التي امتزجت بأحداث الأعوام الخوالي
خلقت الخلاصة
ورسمت حدوداً
لمزرعة البيت
وضوءاً في الملامح
والأعين
قادتنا إلى أن نلمس طفولتنا فيما بعد
أن نهرب من ذواتنا الآن
نحو تفاصيل الثياب القديمة
ورائحة البخور البلدي
التي لازالت تنبعث من موديل الكاميرا
الصورة التي تحلقنا حولها ذات مرة
متسائلين عن أخي الأوسط
ولماذا غطى وجهه بكفين مفتوحتين
لماذا كنا ثابتين ومحدقين
مثل الأحلام ؟
سكبنا الأسئلة منسابة على جودة الصورة
سكبنا الأمنيات والصلوات
على وفرة الحزن
أخذنا الملامح إلى ركنها المضيء
لتشرب قهوتها على شرفة الذكريات
أخذنا الغائبين إلى أرواحنا والأسئلة إلى سجادة البيت
هل نلتقط الان صورة أخرى ؟