يوسف الخطيب.. الطريق الصعب

ديانا جبـّور

معاً على الطريق
سار فيه عندما كان الطريق صعباً ، وتركه عندما هان
كان بعثياً عندما كان الحزب معارضاً وسرياً ، لكنه ترك الحزب رسمياً أواخر الستينيات ، وقد بدأ يشخص أمراض السلطة تتسرب إلى ثناياه فتموه على معادن الرجال ، بل إنها تكافئ أشباههم.‏
كان مسيحاً لم يقبل أن ينزل يوماً ، صليب القضية الفلسطينية ، ولو أنه أن ّ طويلاً من مساميره تذهب بعيداً في خلاياه وتقوض جسداً صار هشاً من كثرة الطعون.‏
كان منافحاً لا يكل عن مقارعة أعداء القضية الفلسطينية، من خارج البيت وبالأخص من داخله ، فأطلق على دورة المجلس الفلسطيني المنعقد في الجزائر العام 86 دورة المهزلة، لكنه لم يغادره قبل أن يقذف في وجوه المجتمعين وصفه لوثيقة الاستقلال بوثيقة العار.‏

ومن بعد لا يعود مستغرباً أن يطلق على باعة فلسطين وصف «هلافيت أوسلو»، فهالوا عليه تراب التناسي علّ أحكامه تظل أسيرة دوائر ضيقة ، لكنه ظل يردد :‏
«أقولها جهر الرياح وليكن ما يكون‏
سرقتم الثورة في جرابكم‏
أين اختفت يافا وبيسان وأين الكرمل »‏
تناسوه ، لكن الله حاضر ينير بصيرته وقد رآه في غزة.‏

رأى الله في غزة كقطعة من وطن وليس وطناً بديلاً ، فقد كانت البدائل تثير ريبته على الدوام ما دفعه مع إعلان المصالحة بين حماس وفتح إلى أن يكتب في أوراقه الشخصية «هل انتهى عهد الانقسام وبدأ عهد الاقتسام » لنبتهل ألا يتحول التوجس إلى نبوءة.‏
تجرأ على ترك ما يتهالك الآخرون لأجله : باع ملكه الشخصي ليمول مشروعه عن المفكرة الفلسطينية ، قدم طلب إعفائه من منصب مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وقد ساءته التدخلات الخارجية ، رفض وسام الجمهورية من الرئيس التونسي السابق بورقيبة ، في مرحلة كان يجيل البصر فيما حوله فيرى فيما يرى البصير:
«أكاد أومن من شك ومن عجب‏
هذي الملايين ليست أمة العرب
أأنت أنت ، أم الأرحام قاحلة‏
وبدلت عن أبي ذر ، أبا لهب‏
إني لأنذر أصناماً مبجّلة‏
غداً تدحرج في الأقدام كاللعب»‏

يوسف الخطيب ، سيف فلسطين كما أسموك ، لكن بعد كل ما تجرأت على قوله وفعله لم يكن مستغرباً أن يتفق المتصالحون على أن يحاصروك في غمد من خشب.‏

 

الملحق الثقافي (الثورة) السورية