تاريخ الشعر الأمازيغي وقضاياه

مراحل الشعر الأمازيغي وحيثياته التاريخية وقضاياه الدلالية

جميل حمداوي

إذا كان الشعر العربي الفصيح بالمغرب قد حظي بالجمع والتدوين والاحتضان من قبل المؤسسات الرسمية: تشجيعا وتدريسا ورغبة في ربط الماضي بالحاضر، فإن الشعر الأمازيغي الذي كان الشاعر الريفي ينشده ويغنيه بقي أمدا طويلا وهو مضطهد ومهمش ولم يعترف به على تعاقب الحضارات التي تناوبت على المغرب. إن من أهم خصوصيات الشعر الأمازيغي بالريف ارتباطه بالبيئة والغناء والفئات الاجتماعية البسيطة والكادحة من فلاحين ورعاة ومزارعين، لذا اتسم هذا الشعر بعدم تقربه من السلطة. لذا نرى فيه ذلك المدح التكسبي الذي وجدناه في الشعر العربي، وحتى إن وجدنا مدحا في هذا الشعر فهو مدح خالص لا يقصد به التبرك الأعمى والتزلف المصطنع والرياء المجاني. إن الشعر الأمازيغي ـ كما قلنا سابقا ـ مضطهد تاريخيا لأن الشاعر الأمازيغي سواء أكان فلاحا أم راعيا أم عاملا بسيطا لم يكن أبدا مقربا من القصور... بيد أن الكتابة وهي أرقى وسيلة لتدوين تجارب الشعوب وحضارتها كانت بيد الطبقات الحاكمة والمسيطرة على زمام السلطة. ونتج عن هذا أن الشعر الأمازيغي والثقافة الأمازيغية ولغتها وغيرها من المظاهر الحضارية الأخرى والجمالية لم يسمح لها بفرض نفسها تاريخيا. و لم يكن هذا الاضطهاد سياسيا ولغويا ورسميا فقط، بل كان كذلك طبقيا؛ "لأن الشعر الأمازيغي هو شعر الرعاة، شعر الحصادين، شعر أبناء وبنات الفلاحين التي تسيل أياديهم دما، وجباههم عرقا بحثا عن لقمة الخبز وكومة حطب، إن شعر المهاجرين في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلى مستغانم ووهران ومغنية وعين الترك بالجزائر... بحثا عن العمل في مزارع المعمرين من الأجانب، إنه شعر الأرامل اللائي فقدن أزواجهن في جبهات القتال والذين ساقهم الجنرال فرانكو في أحلك سنوات الريف لخوض الحرب الأهلية التي كانت بين اليمين واليسار الإسبانيين. إنه كذلك شعر الفلاحين المضطهدين في كزناية ... ومختلف قبائل المغرب الذين كان الجوع ينخر أحشاءهم في الوقت الذي كان كبار الإقطاعيين والجنرالات الإسبان يسهرون على كؤوس الويسكي ... إنه شعر الآلاف من العاطلين الواقفين أمام أسواق التشغيل في انتظار عقد الشغل، إنه شعر الدموع والأحزان، دموع المهاجرين المغتربين بأسرهم في سبيل لقمة الخبز، يعانون من الاغتراب الذاتي والمكاني ومن الانفصال الحضاري والابتعاد عن زوجاتهم وذويهم وصغارهم، إنه بكل اختصار أشعار الناس الطيبين." إنه بكل اختصار شعر المعاناة والألم والتراجيديا وكذلك شعر الأمل والتفاؤل.

إنه يرصد محن أهل الريف وطموحاتهم نحو التغيير وتطلعاتهم إلى المستقبل الزاهر. بيد أن الوسائل الرسمية لم تهتم بثورية هذا الشعر وبعده الالتزامي والنضالي وجرأته في طرح القضايا المصيرية والاجتماعية والسياسية، بل أخذت منه فلكلوره ورقصاته الماجنة في الظروف الوطنية والمناسبات السياحية. وغالبا ما يتخذ هذا الرقص الفلكلوري من قبل جماعة\"إمذيازان\" في تناسق جماعي يقوم أعضاؤها بضرب الأرض بالأرجل خمس مرات مع إطلاق رصاصات البنادق حماسا وتوهجا، وتنقسم الجماعة بعد ذلك إلى فرقتين يقودها شيخ محنك في حرفته. وتندفعان مدا وجزرا كأنهما تتبارزان، ويحضر في هذا الرقص تحريك الجسد خاصة الأرجل والأيدي والأكتاف والتزيي بالألبسة التقليدية البربرية التقليدية. وتشارك المرأة إلى جانب الرجل في الرقص والغناء، ولاسيما أنها هي التي تقوم بترديد الإيزري بصوتها الرخيم وإنشاد \"لايارا لايارا لايارا لابويا\". إن الشعر الأمازيغي وثيقة تاريخية وحضارية إذ ترصد لنا ملامح الريفيين وبيئتهم بكل سماتها الجغرافية والاقتصادية والمعاشية والأخلاقية والثقافية والحضارية. إنه شعر الفطرة والطبيعة التي لم تلوثها معكرات المدنية الدخيلة والمزيفة. ولا يمكن أبدا الاطمئنان إلى الأحكام المتعجلة التي أصدرتها عقليات عدائية أو عنصرية في حق هذا الشعب الريفي الأصيل مثل التخلف والتوحش والبدائية والجهل. فالإنسان الأمازيغي منذ استقراره بالريف يكره الظلم والهوان ويأبى الجور ويميل إلى العدالة ويدافع عن حريته ولو تطلب منه ذلك التضحية بالنفس والنفيس. مما أدى به إلى أن يطرد جميع الشعوب ذات النوايا الاستعمارية والعدائية كالبيزنطيين والرومان والوندال والإسبان؛ لأن همها الوحيد هو استغلال ثروات البلاد واستعباد أهلها وتسخيرهم في الأشغال الحقيرة والأعمال الدنيئة.

ولما دخل الإسلام إلى المغرب أقبل عليه أمازيغيو الريف بكل طواعية واقتناع نظرا لما وجدوا فيه من دعوة إلى التسامح والسلام والفضائل العليا والسمو بالإنسان إلى أعلى مراتب الحياة الكريمة. وتأكدوا أن الإسلام دين الحنفية البيضاء وشريعة العدالة الاجتماعية لا يتميز فيه إنسان عن أخيه الإنسان إلا بالتقوى وتمثل مبادىء الشرع الإسلامي الصحيحة النابعة من القرآن والسنة النبوية الشريفة. وللشعر الأمازيغي عدة وظائف في المرحلة الأولى من مراحله التاريخية، منها: الوظيفة الانفعالية التعبيرية التأثيرية حيث يغلب عليها الإيحاء والتشخيص الإحيائي والمشابهة الحسية، والوظيفة المرجعية التي تستند إلى استنطاق الأحداث واستقراء تاريخ المنطقة. وعليه، يمكن لنا تمييز ثلاث مراحل كبرى في الشعر الأمازيغي: مرحلة الاستعمار ومرحلة الاستقلال ومرحلة التدوين والتحديث.

أ- مرحلة الاستعمار: عرف شمال المغرب استعمارا دكتاتوريا بقيادة الجنرالات العسكرية ولاسيما فرانكو الذي استهدف ثروات منطقة الريف وخيراته كطمعه في مناجم الحديد الموجودة بوكسان المجاورة لأزغنغان ناهيك عن رغبته في استعباد سكان الريف وحشرهم في معارك ضارية أهلية وإيديولوجية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وكان دافعهم الوحيد لخوض هذه الحرب اللاإنسانية إلى جانب الجنرال هو الحصول على لقمة الخبز وتأمين حياتهم وتقاعدهم. هذا وإن الريفيين منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين واجهوا أطماع الإسبان وسحقوهم في كثير من المعارك والحروب سواء في ضواحي الناظور أو الحسيمة( معركة عروي- معركة أدهار أبران- معركة أنوال) بقيادة محمد الشريف أمزيان ومحمد بن عبد الكريم الخطابي. وكان أعظم انتصار سجله التاريخ المعاصر لصالح الريفيين هو إبادتهم للإسبان في معركة أنوال التي ذاع صيتها عالميا وأثارت ضجة في العاصمة الإسبانية مدريد على جميع المستويات: السياسية والإدارية والعسكرية والاجتماعية.

وخلدت لنا هذه المرحلة شعرا يتميز بثلاث خاصيات: أولا: خاصية المقاومة والنضال عندما انصب الشعر الأمازيغي على الإشادة بالمقاومين والمجاهدين الأبطال وانتصارات أهل الريف على أعدائهم وهزائمهم كذلك. ثانيا: خاصية تراجيدية جنائزية عندما يصور الشاعر الأمازيغي حالات الجوع والفقر التي كانت تحصد أرواح الريفيين، ومعاناة المغتربين والمهاجرين وضياع الذاهبين إلى معارك العدو لمناصرة طائفة على حساب أخرى ولو كانت ظالمة. ثالثا: خاصية احتفالية غنائية ترتبط بالحالات العادية للإنسان الريفي في مواسم الحصاد وأيام الحفلات والأعراس والأفراح. ومن المعلوم أن الشعر الأمازيغي بالريف كان شديد الارتباط بممارسة الإنتاج، فقد لوحظ أن أغلبية الإنتاج الشعري مرتبط بفصل الصيف أي فصل الحصاد وجني الثمار، فالفلاح الذي قضى شهورا طويلة يصارع الأرض من أجل الحياة يصبح بعد موسم الحصاد مرتاح البال، هادىء النفس لذلك نراه يعتكف في هذه الفترة على إعداد الحفلات... حيث يجتمع الجميع في تظاهرات فنية....\" ولا يعني هذا أن الشعر الأمازيغي ارتبط فقط بالمواسم وفترات الإنتاج، بل ثمة نصوص شعرية قيلت في أحلك الظروف والمواسم كفترات الفقر والجوع. ويمكن تسميتها\" بأشعار المجاعة\" إلى جانب\" أشعار المقاومة\" التي قيلت في تصوير المعارك التي خاضها أبطال الريف الأشاوس من أزغنغان وتمسمان وبني ورياغل. ولا ننسى أن هناك أشعارا أخرى مثل قصائد الحب والهجاء جمعها مستمزغون مثل بيارناي في كتابه الذي خصصه للأرشيف الأمازيغي. هذا وإن شعر المجاعة والفقر أصدق شعر أنشده الإنسان الريفي، إذ جاء في تقرير الجنرال\" برينكر\" المثبت في كتاب\" المعارك في الريف وجبالة\" أن عام 1920 كان مواتيا لاحتلال قبائل بني سعيد وبني وليشك أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن العام كان عام مجاعة في الريف. وقد هاجر أغلب السكان إلى الجزائر للعمل في الحقول الزراعية هناك. ولم يقتصر هذا الجفاف على هذه السنة فقط، بل عرفته سنوات الأربعين كذلك، إذ دام أربع سنوات لم تنسه الذاكرة الشعبية خاصة ذاكرة المسنين لما كانت له من نتائج وخيمة عليهم.

قال الشاعر الأمازيغي مصورا هذا العام الخبيث: ماواذا وايعقران خ ءوساس نّي ءاعفان وامي يانقظاع رعاروظ ايتيذاف حاد غا وخام وكان الإنسان الأمازيغي في ما مضى يأنف من أكل بعض الخضر والفواكه مثل: الفقوس والخيار والجزر مثلا؛ ولكن إبان فترة الجوع أخذ يأكل الحشائش والأعشاب مثل الحيوانات، وهذا ما عبر عنه الإيزري بحزن ودرامية سوداء: زوامي ناجّا وارنشي ءافقوس وامي غارس د غانكار نكاغارس ءاقطوس وأصبحت المرأة في مرحلة المجاعة تلبس لباسا خشنا بعد أن كانت مترفة تلبس أنواع الحرير وأرفع الثياب الزاهية والملونة. يقول الإيزري مصورا حالة النساء في أثوابهن الخشنة: ءارواح سيوظاس ءيوماروك غار وهان ءاذام ي ثاقندورث س- ثخونشاي ن- وارن يصور هذا الشعر هجرة أهل الريف إلى الجزائر( وهران) ومعاناتهم بسبب المجاعة والفقر بطريقة ساخرة تهكمية تستند إلى التنكيت وإثارة الضحك. إنه ضحك كالبكاء كما يقولون-.

ولا ننسى أن نقول: إن المستعمر قد سبب كثيرا في تأزيم هذه الوضعية المتردية وذلك بحرمان الريفيين من ثرواتهم الإنتاجية والقوى العاملة حيث وجهتها السلطة الاستعمارية لخدمة الحرب ومصالح إسبانيا. هذا وقد نتج عن المجاعة أن هاجر معظم شباب الريف إما محليا إلى الشمال الغربي (تطوان، الشاون، طنجة، القصر الكبير، العرائش....)، أو جنوبا (تازة، فاس، مكناس، زرهون....)، أو شرقا (الجزائر...)، أو نحو أوربا (أوربا الغربية). وأفرز كل هذا الاغتراب المكاني والذاتي شعر الغربة والهجرة. وعليه، فقد صور الإيزري معاناة المغترب الريفي بكل صدق ملتقطا آلامه ومعاناته وابتعاده عن أهله ووطنه وأرضه. إذ قال بعض الشعراء مفضلا أكل التراب بدلا من مرارة الغربة التي نهشت عظامه، لذا يختار حياة النحلة المرتبطة بمكانها الحميمي بدلا من اغترابه ذاتيا ومكانيا في المهجر بعيدا عن وطنه وجذوره ومنابته الأصلية. يقول الإيزري: ءاثزيزويت ءاوشمّا ماثهذيذ لوبييث ءاذهذيغ شار ن- وبريذ ءورا رغروبييث ولا ننسى أن نذكر عذاب المرأة الريفية من شدة الوحدة والكآبة المملتين، عندما يهاجر زوجها بعيدا عنها، فهناك من المغتربين من يطيل الغيبة حتى لا تعرف الزوجة عنه شيئا ولا تملك أية أخبار عنه، وهناك من انصهر في بوتقة الحضارة الغربية المادية وتخلى عن زوجته لتنهشها أنياب الفقر والمجاعة والوحوش الآدمية والانتظار القاتل. يقول الإيزري مرة أخرى: ءيوا روح ءيوا روح رامي زايي ثسخيذ سبعا يذورار نّاريف ويغاذايي ثجـيـذ وننتقل بعد ذلك إلى ذكر أشعار المجندين في الحرب الأهلية الإسبانية بعد أن جندتهم إسبانيا تحت زعامة الجنرال الفاشي فرانكو لخوض حرب أهلية ضد الجمهوريين ما بين 1936-1939 والتي انتهت بانتصار فرانكو.

ولقد أودت هذه الحرب بكثير من الشباب الريفيين الذين خلفوا وراءهم أرامل ويتامى وثكلى وأسرا بدون معيل لها ولا من يحميها من الجوع والفقر ولا من يوقف دموعها السائلة بكثرة من شدة الحزن والندب ومرارة الفراق. ولقد هجا الشاعر الأمازيغي في كثير من المقاطع الشعرية إسبانيا وسياستها العدائية والتجويعية لما قذفت بخير شبان الريف في المعركة الطاحنة وتركت المسنين يبيعــون الصبار( ثهندشت). كما تعرض الشاعر لزوجة البوليس المجند إلى ساحة الحرب وهو بين الموت والحياة وهي تكثر من الأكل اللذيذ وتسرف في ذلك، وزوجها في عداد الموتى والمفقودين: ءاثمغارث ءوبوليس شفايام زي رمسمان ءاقام ءاريــاز نّام ذي سبانيا يسمم وتعرض الإيزري الأمازيغي للمقاومة الريفية التي خاضها الشريف محمد أمزيان وعبد الكريم الخطابي، وقد خصصنا لهما دراستين مستقلتين في مكان آخر، لا داعي لذكر ما قيل في حقيهما من أشعار تمجد مقاومتهما وتبرز بطولتهما الخارقتين. ولم ينس أن يرصد الشعر الأمازيغي علاقة الرجل بالمرأة باعتبارها معشوقة وحبيية يهيم بها العاشق ولها وتيهانا. ويقول الإيزري في هذا الصدد: أرواح ءانمعاهاذ سادو وزرو ذو شار وانّي غايخذعان واغارس بو واوار ويقول الإيزري كذلك مصورا لوعة الحب والعشق بحرارة الصدق والإحساس: ءاربحار ءاربــحار ءامان ذي زيزاون لحوب نام ءارعمار ءيتاويد ئيماطّاوان.

ب- مرحلة الاستقلال: أصبح الشعر الأمازيغي بعد الاستقلال كاسدا وراكدا وسوقا بائرة بسبب بعض المتطفلين على الشعر الأمازيغي هدفهم الوحيد من إنشاده سوى الربح والارتزاق والاحتراف المادي مما ترتب عن ذلك انتشار الجهل والأمية بين الأوساط الشعبية الكادحة. وقد سقط هذا الشعر كما يقول أحد الدارسين\" ضحية التهافت على الأرباح ( المتاجرة والارتزاق بالفن) وضحية استغلال لخدمة أهداف الطبقات المستغلة والثقافة الرجعية على العموم، ويتجلى ذلك في الإنتاج الشعري الغنائي لكل من ميمونت ن- سلوان وفريد الناظوري ممثل الشعر الرخيص والساذج الذي يرمي إلى تعميق التخلف الفكري والفني\" .

وعليه، فالشعر الأمازيغي بعد مرحلة الاستقلال مباشرة تعرض للجمود والابتذال الأدبي والكساد الفني، وارتبط في معظمه بالغناء والرقصات الماجنة الفلكلورية. وكانت مواسمه مقترنة بالصيف وأعراسه وحفلاته خاصة عندما يعود المغتربون من أراضي الغربة ليتزوجوا بنساء منطــقتهم أو احتــــــفالا ببعــــض العادات الديـــنية( كالعقيقة). لذا كثر شعر الحب وتمجيد العروس وفحولته والتغزل بالعروس وجمالها وهجاء الحساد والوشاة والمكيدين من السحرة والمشعوذين والخصوم والأعداء سواء أكانوا قريبين أم بعيدين. ولم يستفد شعراء هذه المرحلة من أشعار المراحل السابقة عن طريق إحياء التراث القديم وغربلته وتطويره واستلهام قصصه وأساطيره وأبعاده التاريخية والحضارية وتطويره إلى ما هو أفضل وأحسن على المستوى الدلالي والفني والجمالي. ولا ننسى أن نقول أيضا: إن المجتمع\" كان - ولا زال- يعيش مرحلة انتقالية بالإضافة إلى عوامل خارجية وفرت الجو المناسب لمثل تلك الموضوعات المبتذلة وذلك المنعطف الخطير الذي سلكه الشعر الأمازيغي الريفي فأدى إلى ركوده وجموده في هذا الوقت أي بعد الاستقلال مباشرة\".

ج- مرحلة التدوين والتحديث وتأسيس القصيدة الأمازيغية المعاصرة( من 1970- إلى الآن): مع بداية عقد السبعـين وبفضل الأحـــزاب اليسارية( حزب التقدم والاشتراكية- حزب الاتحاد الاشتراكي) والجمعيات الثقافية( جمعية الانطلاقة الثقافية) وبمساعدة بعض الأساتذة المؤطرين والفعاليات الثقافية المقتدرة( محمد الشامي- مرزوق الورياشي- قاضي قدور- الحسين القمري....) انطلق الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف يحدوه الأمل في التحديث والتجريب والتأصيل والتدوين عبر مجموعة من المهرجانات الشعرية والندوات حول وضعية الشعر بمنطقة الريف وتشخيص عيوبه والانطلاق به نحو آفاق جديدة. ويمكن اعتبار مرحلة السبعينيات بداية للقصيدة الأمازيغية المعاصرة بعد أن كان الإيزري هو السائد في المراحل الشعرية السابقة. ويمكن اعتبارها كذلك مرحلة التدوين وطبع الدواوين الشعرية بعد أن كانت القصيدة تروى شفاهيا عبر الذاكرة الجماعية. ويمكن القول كذلك\" إن القصيدة أصبح لها شاعرها المعروف باسمه وهويته المحددة، بعد أن كان للإيزري شاعر جماعي لايمكن تحديده بدقة. وإذا كان الإيزري مرتبطا أيضا بالشيوخ وإمذيازان والفرق الغنائية المحترفة التي حولت الشعر إلى وسيلة للارتزاق والاستجداء، فإن القصيدة المعاصرة ارتبطت بفرق موسيقية جادة ( بنعمان- إيريزام- أياون- إيسفظاون- رفروع-الوليد ميمون- إيزري- إيثران...). إن مرحلة السبعينيات مرحلة الإحياء والتأسيس، في نفس الوقت انكب فيها الشعراء المعاصرون على قراءة التراث الأمازيغي القديم: تاريخا وأدبا وفنا وحضارة ولغة، كما حاولوا كذلك أن يطلعوا على الأدب العربي القديم والحديث والمعاصر وأن ينفتحوا على التجارب العالمية ويتمثلوا الأفكار الاجتماعية والسياسية والثورية المعروفة في عالمنا الحديث. ولا ننسى أن معظم شعراء القصيدة المعاصرة مثقفون لهم اطلاع كبير في مجال الثقافة المحلية والإنسانية ولاسيما موساوي سعيد وكنوف كريم. كما تغلب عليهم رؤية التغيير والانتقاد للأوضاع الراكدة التي تفشت بشكل خطير في منطقة الريف. وبالتالي، فشعراء القصيدة المعاصرة استفادوا كثيرا من النصوص التالية:
1- الشعر الأمازيغي القديم والحديث
2- الشعر العربي الفصيح: القديم والحديث والمعاصر
3- الشعر العالمي بكل تياراته واتجاهاته الفنية
4- النصوص القصصية والروائية والدرامية والأسطورية.

وتصور معظم قصائد الشعر الأمازيغي المعاصر علاقة الذات بالموضوع من خلال ثنائية الألم والأمل, وبالتالي، ظهرت قصائد شعرية ذاتية تتغنى بالحب وآلام الذات والاغتراب والفراق إلى جانب قصائــد موضوعية تتحدث عن قضايا محلية( الأرض- الهوية- التهميش- الهجرة- الغربة المكانية- الفقر- المعاناة والألم)ووطنية وقومية (فلسطين) وإنسانية. ومن أهم شعراء القصيدة الأمازيغية المعاصرة نجد موساوي سعيد ومرزوق الورياشي والخرباشي محمد وحنكور محمد ومصطفى بوحلاسة وكريم كنوف ومحمد العوفي وسعيد اقضاض ونونوحي عبد الرحمن وبوسنينة عائشة ولويزا بوستاش ومايسة رشيدة وأحمد الزياني وعبد السلام السمغيني ومحمد شاشا وأحمد المساوي وآخرين. ويلاحظ على شعراء القصيدة الأمازيغية المعاصرة أنهم شعراء ملتزمون يحملون ثقافة يسارية وتقدمية معروفة بالنضال النظري والتطبيقي. وكان هؤلاء الشعراء متشبثين بتراثهم وتاريخهم وهويتهم يدافعون كثيرا عن لغتهم وأرضهم ويندبون المغتربين والمهاجرين بدموع أمهاتهم ونسائهم. وتاريخ الريف وموروثه حاضران بشكل جلي في قصائدهم حيث يحضر الشريف أمزيان ومحمد بن عبد الكريم الخطابي وشجاعة الورياغليين ومعركة أنوال ودهار أبران. ويحضر الماضي بهمومه أكثر من حضور الحاضر والمستقبل والحداثة.

ومن التيمات الغالبة على القصيدة الأمازيغية المعاصرة مايلي:

1- الحرية 2- الأرض 3- الهوية 4- الهجرة 5- الاغتراب الذاتي والمكاني 6- الحب 7- الذات 8- المعاناة والتهميش والعبثية 9- الألم والأمل 10- الوطنيات 11- القوميات 12- الإنسانيات.

1- الجوانب الفنية والجمالية في الشعر الأمازيغي:

أ- الطبوغرافيا والتجنيس: يلاحظ طبوغرافيا أن الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف كان شفويا غير خاضع للتدوين، ينقل عبر الذاكرة الجماعية، والحفظ الذهني. فالشاعر المبدع/ المؤلف يذوب في اللاشعور الإبداعي الجماعي. وبالتالي، تصبح الذات المبدعة ذاتا جماعية عبر الرواية الشفوية. وهكذا ينسى اسم الشاعر الذي أبدع القصيدة لتصبح ملكا للجميع أثناء عملية الانتقال والمشافهة من شخص إلى آخر. لكن مع القصيدة المعاصرة سينتقل الشعر الأمازيغي من مرحلة الإيزري الذي يذكرنا بالبيت المستقل المفرد في الشعر العربي العمودي إلى مرحلة التقصيد وتخطي البيت المفرد في الشعر العربي العمودي إلى مرحلة التقصيد و بناء وحدة القصيدة الشعرية. وتتخذ هذه القصيدة المخطوطة على الورقة أو المطبوعة عدة أنماط طبوغرافية أو أجناسية؛ لأن الشعر أصبح الآن شفويا وبصريا بعد أن كان شفويا فقط. ومن هذه الأنماط نجد:
1- نمط الكتابة على طريقة الشعر الحر مثل قصائد أحمد الزياني في ديوانه\" أذاريغ ازرو- سأكتب على الحجر- وقصائد موساوي سعيد \" يسفوفيد أوعقا\"- تتبرعم النواة-

- نمط الكتابة على طريقة الشعر العربي العمودي مثل قصائد مصطفى بوحلاسة في ديوانه ثشومعات -الشمعة- والسمغيني سلام\" ماثوشيد ءاك رحريق ءينو\"- هل شعرت بألمي- وديوان كريم كنوف\" جار ءوسفاظ ذ-ءوسنان\"- بين التوهج والشوك- وإذا انتقلنا إلى مستوى التجنيس فإننا نجد القصيدة المعاصرة تجمع بين عدة أشكال وأنواع أدبية.منها:

أ- القصيدة الغنائية (الذاتية): وهذه القصيدة تهيمن على معظم أشعار القصيدة المعاصرة ولاسيما التي تتغنى بالحب وآلام الذات ولواعجها وحرارة الشوق والاغتراب الذاتي والضياع الوجودي والعبثي.

ب- القصيدة الأسطورية: وهي قصيدة خرافية تستلهم تناصيا الموروث الشعبي المحلي من أحاج وقصص وأساطير خرافية مثل: ثامزا- حمو حرايمي- شاح مجاح-.....الخ كما نجد لدى موساوي سعيد (يور ت - فوشت: الهلال والقمر) التي يقول فيها: آيور آيور آيور آيورءينايي مين تواريذ زو مازوار آرنار وقصيدة الوليد عبد الله\" ماواثزريم ثني يشين ميس\"- هل رأيتم التي أكلت وليدها؟-

ج- القصيدة القصصية: تتوفر هذه القصيدة الأمازيغية على كثير من الجوانب السردية والحكائية من أحداث وشخوص وفضاءات وعقد وتوترات مثل قصيدة بيجو عبد الرحيم بعنوان\" نشين ءيمازيغان\" نحن الأمازيغيون. يقول الشاعر: نشين ءيمازيغين توغانغ ئيج نهار مارمي مانكار غايثران ن- وذرار نبد خ- رحق نزمار إلى آخر القصيدة.

د- القصيدة الدرامية: تستعين هذه القصيدة بأدوات التشكيل المسرحي من حوار وشخوص وتأزيم درامي مثل قصيدة موساوي سعيد\" ءينايي ءيج ن- واوار ءاذام ئينيغ ثناين\"( قلي لي قولا واحدا سأقول لك اثنين): ءينايد ءيج ن- واوار ءاذام ءينيغ ثناين ءاذام ءينيغ رعاهذ واردجي غار ذوارن مري ذايي ثسيغذ ثفاوت ن-زمان نم ءازايس ثويورد ذي ثمورث يسظرمن إلى آخر أبيات القصيدة حيث يستعمل الشاعر حوارا في صيغة المنولوج الذاتي يخاطب معشوقته معاتبا إياها على ما بدر منها من مخالفتها للعهد الذي قطعته على نفسها. ونجد هذه الدرامية الحوارية في قصيدة \" ثشومعات\" - الشمعة - لمصطفى بوحلاسة حيث يقول فيها مناجيا الشمعة: آثشومعات ياراقان ئينايي مايمي ثتروذ وارني آرهام ءانام- خ- ثفاقاحت غاري ذ أوور مشحار ءيرو جدي وايسخسي آشعور يموث مسكين ئينو واريكمار بو- وافثور اثشومعات ياراقان ما ثقسام ثمسي .

هـ- القصيدة الجدلية: وتنبني هذه القصيدة على البناء القائم على التناقضات الجدلية من عرض للأطروحة ونفي لها وتركيب. وتبدأ القصيدة الجدلية غالبا بطرح الصراع وتصوير مرارة الألم والضياع والغربة والانهزام لتنتهي القصيدة بالأمل والتفاؤل والانتصار. ويعتبر موساوي سعيد من أكثر الشعراء توظيفا لهذا البناء الجدلي نظرا لتشبعه بالثقافة اليسارية والطروحات التقدمية والاشتراكية خاصة في قصائده \" نانايي ثوجذايي - لحوسيما - إحنجارن فلسطين - شم ثخزارذ غار ءيذورارين - نارزفد غار ثيوشا \". ويقول موساوي سعيد في آخر قصيدة \" نارزفد غاثيوشا\" معلنا الانتصار والأمل في المستقبل القريب: نارزفد غار ثيوشا نسيد كينغ نوار نارزفد غاثيوشا ءاثنزو تيبحار نشين نوشاس آوار ءيثفوشت ءانمسار كنيو ث ءامرقي ءاك نهار نوام ءانار.

و- القصيدة التناصية: تستلهم هذه القصيدة كل ما يزخر به الموروث المحلي الأمازيغي من تاريخ وتراث وعادات وأحداث تاريخية هامة مثل مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي التي استفاد منها الشعراء المعاصرون وصبوها في قالب جديد، كما هو الحال عند عمر الملاحي صاحب قصيدة\" عبد الكريم الخطابي\" حيث يقول فيها: أقاش زعيم عبد الكريم لخطابي ينييد خ- ييس يقظاعد ءيذورار ءاخزار ءاخزار ءاقاش ءاسبانيو يكار يروح يوجذاس خ-ربحار مازال عاذ واغارس بورخبار ءاقا ءيريفيين وايزمار ءاثان يوظار وعلى أي، فالقصيدة المعاصرة عرفت التدوين، إذ أصدر الشعراء الأمازيغيون المعاصرون دواوين شعرية معاصرة مثل: مصطفى بوحلاسة\" ثشومعات\"، وكنوف كريم\" جار أسفاض ذو ءوسنان\"، وبوسنينة عائشة\" عاذ أخفي ثرزوذ\"، وأحمد الزياني\" ثريريوت ءيمولاي\"و \" ءاذاريغ ازرو\"، وسعيد موساوي\" ءيسفوفد أوعاقا\"، وسلام السمغيني\" ماثوشيد ءاك رحريق ءينو\"وأذ- إسرودجي واوال لمحمد أسويق.... وقد ساهم بعض الباحثين في إخراج بعض الدواوين الشعرية منهم: المصطفى البوزياني والدكتور جميل حمداوي وعبد الله شريق والدكتور حسن بنعقية. ولا ننسى إلى جانب هؤلاء بعض الأساتذة الدارسين لهذا الشعر: نقدا ومواكبة وتأريخا مثل: فؤاد أزروال والدكتور مصطفى الغديري والدكتور محمد الشامي ومحمد الولي ومحمد أقوضاض...

ت- البناء في القصيدة الأمازيغية المعاصرة: قد قلنا سابقا أن القصيدة الأمازيغية في بنائها ليست بسيطة كما هو الشأن في قصائدها الغنائية، بل هي كذلك مركبة ومعقدة في كثير من القصائد ذات الأصوات المتعددة وصراع التناقضات والمعالم القصصية والدرامية كما وجدنا ذلك في القصيدة الجدلية والقصصية والدرامية.

ونلاحظ كذلك أن معظم القصائد تحمل عناوين تلخص مضامينها تيماتيكيا وتفسر كل تجربة شعرية على حدة، إلى جانب عنوان الديوان الذي يشكل الوحدة الديوانية بالمقارنة مع وحدة القصيدة. وتوفر هذه العناوين للإنتاج الشعري وحدته العضوية والموضوعية واتساقه وانسجامه. تلك الوحدة التي افتقدناها كثيرا في الإيزري في علاقته بالأشطر الموالية له نظرا لتفككه إلى أشطر مستقلة لا تجمعها إلا وحدة الروي أو القافية. ويستشف من خلال ملاحظة عناوين هذه القصائد أو الدواوين أنها تجمع بين الإيحاء الرمزي الاستعاري/ و الكنائي\" ثشومعات- ءيسفوفيد أوعاقا....\" والدلالة التعيينية التقريرية\" أذاريغ ازرو- ماثوشيذ ءاك رحريق ءينو...\". وهناك قصائد ذات نفس طويل من حيث البناء والفضاء البصري مثل: قصائد مصطفى بوحلاسة شاعر الأصالة في ديوانه\" ثشومعات\" وقصائد ذات نفس قصير مثل: قصائد \" موساوي سعيد\"، أي أن هناك شعراء يميلون إلى توظيف الجمل المركبة وآخرين يوظفون جملا بسيطة ذات المحمول الفعلي أو الاسمي.

ث- اللغة في الشعر الأمازيغي: وعلى مستوى اللغة فهي تختلف من مرحلة إلى أخرى، ومن تجربة شاعر إلى آخر، وكذلك من لغة منطقة إلى أخرى. وتختلف هذه اللغة أصالة وتغريبا ومجاورة من العامية أو الفصحى. فإذا أخذنا لغة القصيدة المعاصرة نموذجا للشعر الأمازيغي وجدنا تنوعا في السجلات اللغوية وثراء في المادة القاموسية والسياقية من الناحية اللسنية: النفسية والاجتماعية. وهكذا، فهناك شعراء يستعملون لغة واضحة سهلة مباشرة قريبة من لغة الواقع، يغلب عليها التقرير والتعيين. وهناك من يستعمل لغة موحية حبلى بالرموز والأبعاد الكنائية والتنكيت وملامح السخرية والتهكم اللاذع والتلميحات الذكية إلى جانب الأبعاد التناصية والمرجعية. أما عن الحقول الدلالية فهي متعددة: خصوبة وتنوعا، فهناك الحقل العاطفي الوجداني خاصة في القصائد الغزلية، والحقل السياسي والحقل الاجتماعي والحقل التاريخي وحقل الحرب وحقل الطبيعة وحقل القيم وحقول أخرى لا داعي لذكرها لشساعة الموضوع.

د- الإيقاع في الشعر الأمازيغي: نلاحظ على مستوى الإيقاع أن ثمة قصائد تحترم القافية سواء أكانت موحدة أم متراوحة أم متعانقة أم متراكبة متعاقبة مثل: قصائد مصطفى بوحلاسة، وهناك قصائد تتحرر من الروي والقافية وترتكز على الإيقاع الداخلي وانسجام الأصوات والنبر الخفيف والقوي. وهناك كذلك شعراء يلتزمون بإيقاع\" لا يارا لا يارا لايارا لابويا\" تركيبا ووزنا وموسقة لجملهم الشعرية، وهناك من يخرج عن هذا الإيقاع انزياحا وزيادة ونقصانا.

ويلاحظ أن إيقاع القصيدة الأمازيغية مرتبط بالفلكلور الشعبي المحلي والرقص وموسقة المقاطع دون أن ننسى أن الشعر الأمازيغي مسخر في معظمه للغناء. وهنا لابد من مراعاة الانسجام الموسيقي والنفسي والدلالي لهذا الإيقاع أثناء تذوق هذا الشعر الرائع. د- التركيب: إن التراكيب في الشعر الأمازيغي إما محمولات فعلية وإما محمولات اسمية، وغالبا ما يقترن الموضوع بالمحمول وبعدهما تأتي الفضلات التوسيعية للتأكيد أو التفسير. وعلى مستوى الأساليب، يلاحظ أن القصائد الشعرية توظف كل الأنماط الأسلوبية سواء التقريرية منها أم الإيحائية إلى جانب توظيف أساليب القصة والدراما والحكي الأسطوري.

هـ - الصورة الشعرية: نعني بالصورة الشعرية ذلك الانزياح الذي يصيب المعيار والقواعد المخصصة لتقنين الحقيقة. والصورة أنواع فهي: إما مشابهة مثل: التشبيه والاستعارة وإما مجاورة كالمجاز المرسل والكناية وإما رؤيا كالرمز والأسطورة. وتتراوح الصورة الشعرية في الشعر الأمازيغي بين صورة التوثيق المباشر التي تغلب عليها الإيحاءات ذات الأطراف المادية المنتزعة من البيئة المحلية والموروث الشعبي ومحاكاة النماذج الشعرية الأمازيغية المعروفة في القديم، وهناك صور قائمة على التشخيص الاستعاري والإحياء المجازي وحيوية التخييل، علاوة على صور شعرية أخرى قائمة على انزياح الرؤيا كالترميز والأسطرة.

وخلاصة القول: إن الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف شاهد على الحياة الفنية والإبداعية التي عرفها الإنسان الريفي، وهو الوسيلة الوحيدة التي يتنفس بها عن معاناته وآلامه، والأداة المثلى التي يعبر بها عن طموحاته وتطلعاته المستقبلية وأحلامه الشعورية واللاشعورية.

jamilhamdaoui@yahoo.fr