كلاسيك متأخر

هاتف الجنابي

أراحوا النهارَ على طيلسانِ المساءِ

فغابتْ نجومٌ وغطّتْ خيوطُ الضياء حجابَ الليالي

إذا قلتَ كأسي أُضِيئَتْ فأنتَ مُحِقٌّ

وإنْ قلتَ لا فحسبُ الشعاعِ خِمَارا يصيرُ،

ولونُ الخدودِ يؤولُ إلى احْمِرَارِ

إلى أينَ تمضي بهذي الورودِ

وروحُ المُدامِ تطوفُ بهذا الفضاء

وتحنو على حاضناتِ السلالِ

أأنتَ من النور فرعٌ ومنْ غسقِ الحُلْمِ سِرٌّ

ومنْ قبس الخيالِ  دوالي؟

أجبْني، فإنَّ عيونَ المساء تُحَدّقُ في ما تَبَقّى

على الشفتينِ من الحَسَرَاتِ

ومن طعناتِ السؤالِ.

 

الأول من مايو/أيار 2012

 

 

من كثرة موتي صرْتُ حيّا

1.

عبث

لا تعبثي بهذا التراب أيتها الريحُ

فقد تُدْمي ذرّاتُه عينيكِ

وأنتِ أيتها الورودُ

لا تتحرّجي من وخز قلبي

فرَوحُكِ منه،            

وتورّدُ خديكِ،

من دمٍ،

فوق الجذور يسيحُ.

2.

تأخر

تأخر الربيعُ في هذي السنةْ

حتى نسيتُ نفسي

بين أوراق الخريف المتناثرة.

3.

صحوة

من كثرة موتي

صِرْتُ حيّا.

4.

يد

تمتد يدٌ

فتكنس الباقي على الرفّ

من غبار الزمن:

ساعةُ بانتظار انبعاثها

مرودَ كحلٍ عتيقا قرب النافذة

سوارين وخاتما

كنستْ كلَّ ما كان عالقا

وكلَّ ما صنعوه كي يكون معلقا

حتى طقم أسنان جدتي

ومشط أمّيَ الخشبْ

بعد أن مسحته

تركتْ فوقه تمثالا لمن ماتوا

وريشةً ومحبرة

ليد أخرى غائبة.

 

وارشو في 27 كانون الثاني 2013

 

 

5. صفصافة

تَطْرُقُ النافذةْ

كلّما حضرَ الليلُ أسمعها شاكيةْ

منطقُ الطيرِ تألفهُ

والرياحَ تراها سفينا مجنحةَ أو ملائكةَ حائرةْ

هكذا ينقضي يومهُا بين تقطيبةٍ وانحناءِ غصونْ

بين إشراقِ صُبحٍ وضحكةِ بلوطةٍ ساخرةْ

إنْ شجتْ ليس من علةٍ

إنما من غوايةِ جارتها الماكرةْ.

 

وارسو، 22 شباط 2013

 

 

6. قصيدة الفصول غير المكتملة

كنتُ منهمكا في إزاحة ماضٍ ودفنِ صداه

في إعالة عائلة الكلمات الوليدةِ من رحمِ الشكّ والمستحيل

رحتُ أرسم بيتا جديدا أسوّرهُ، ثم أملأه بالكتبْ

صار عندي سياجٌ وسقفٌ وبابٌ وقفلْ

فجأةَ ضاق صدري،

خرجتُ فألفيتُ نفسيَ منهمكا

في إزاحة ماضٍ ودفن صداه

هكذا يبدأ اليومُ ثمّ ينتهي

حائرا بين آتٍ وآتي.

مطار اسطنبول في 28 كانون الأول 2012

 

قصائد من ديوان جديد معد للنشر