أصداء

فراس حج محمد

-1-

كنت أسمع عن العودة المنقوصة، ولم أكن أصدق أحدا من أدعيائها، حتى جربتها، فوجدتها لا تعطيني أمانا كافيا، كما كنت أحلم، فزاد العطش، وزادت الغربة وتكسرت النفس شظايا حارقة، وصار عذابك أكبر!

 

-2-

قالت: "لم أعد أومن بالحب، فالكل قد يتغير"، ولكنني نسيت أن أسألها سؤالا واحدا، "لماذا تتحدث معي إذن وتريدني بجانبها دوما، وتريد هدية في عيد الحب، وأن أقول لها أحبك؟" فعلا كأنني غبي!!

 

-3-

لو تعرفين كم هو سيء هذا الوضع لحمدتِ الله مليون مرة أنك لستِ معي الآن!!

 

-4-

قلت لها ذات مرة: "أنها لم تعد كما كانت"، فأجابت بالنفي، ولكنني اكتشفت الآن أنها تغيرت، ولم تعد كما كانت!!

 

-5-

متى تقتنعين أنك الروح؟ فهل يمكن أن أحيا سليما ومتوازنا وروحي ليست معي!!

 

-6-

أحتاج لانتفاضتها كما أحتاج لهدوء عواصفي!!

 

 

مِنْ أَجْلِ عَيْنٍ أَلْفُ عَيْنٍ تُكْْرَمُ!!

-7-

ماذا عليها لو كتبت كلمة حب جميلة ومرهفة بدلا من علامات الاستفهام والتعجب التي لم أستطع لها عدا!!

-8-

كأنّ الوقت لم يحِن بعدُ ليستعيد القلبُ مكانته بين أناملها، فقد بقيت أشعر بالبرد وتشعر اللغة بالغثيان، ويتمدد الأسود في ثنايا الكلام.

-9-

كلما رأيتها رأيت دمي نازفا، فتناديني القصيدة، وتبكيني القوافي، فينفتح الجرح، وتتساقط الدروب وجعا في طريق طويل.

-10-

هل سأفتح الذاكرة يوما فأنفض عنها غبارا متراكما يحجب ما تراءى مني حرفا في هوامش ميتة؟!

-11-

علامتان للتعجب!! وأخرى للسؤال، وما زالت الجملة بدون توقف....

-12-

فلتكسري قلمي، لم يعد في الروح شوق للظلام!!

-13-

أوشك السؤال اليوم أن يكون كاشفا عن العصب، فتداركتُ، وخشيت أن تتلبد السماء بالغيوم من جديد!

-14-

هل يمكن أن تحب شخصا وتكره بلدا تحتضن اشتياقاته؟ كأنني لم أتعلم يوما: من أجل عين ألف عين تُكرمُ!

 

 

لماذا كل هذا أيها الغبيُّ أنا؟

15-

يمتعض من مقابلتي، وعندما أردت الخروج، يريدني أن أشرب فنجان قهوة، كأنني قطعت كل تلك المسافة، لأنه لا يوجد في بيتنا بُنٌ.

-16-

لماذا كل هذا أيها الغبيّ أنا؟ متى ستقلع عن الإدمان؟ إنها ما زالت تحتل دمائي، وما زالت المسافة تتسع!!

-17-

أيهما أفضل: أنتِ أم أنا أم هو؟ أنتِ سر حاجتي، وأنا مصلوب في جدار الوهم، وهو فقط من يتحكم بالجميع. تذكري أننا لسنا في معرض المفاضلة.

-18-

"لا تدعوا الفرصة تفوتكم" مكتوبة بالخط العريض على لوح إعلانات جليدية تذوب كلما مرّ الوقت متثاقلا، ومرّغ جبهة الذكرى وأرغمها على البقاء!!

-19-

أدخل في تدريبات طويلة الأمد، فقط من أجل أن أحتمل رؤيتها بين سطوري، تقول لي: "أنا هنا في قلبك وإن رحلتُ"، فيجيب الصدى.

-20-

هي كما أنا تبحث عن منفذ، وجدنا أخيرا مسربا مفتوحا، مشينا فيه، ارتطمت رؤوسنا بسارية هناك، فصحونا من غفوتنا.

-21-

الخوف ينام بين أناملها، ويمنع الحروف من الاقتراب، تحاول حواجزي التمرد على حواجزها، فترسم الحكاية شخوصها كأنهم يعيشون في المريخ، ولا يعرفون شكل الأرض أو طعم شقائها الحنظلي! كأنه العسل.

-22-

نصحتني بأن أتريث لشرب فنجان من القهوة، لعل ذلك الفنجان يفتح نفقا مظلما لحديث ما، فهل كان الحق على القهوة أم على من يصنعها بروتوكوليا ويشربها تأدية لواجب عزاء نفسيٍّ قاتل؟   

-23-

ستعرفين يوما بأنني أفضل الرجال الذين مروا في حياتك أو أقاموا فيها، لأنني فقط صادق مع نفسي، ولن يسلم عليّ مادح نفسه هذه المرة!!

-24-

بدأت، فانتكست، آهٍ، لو كنت أعلم خاتمتي!!

-25-

هي تماما مثل مقام الرست، أصل لكل جميل، ومنبع لكل لحن شجي.

-26-

هي وحدها من تملك سر الفرح، وهي وحدها من تنعش روحي وابتهالاتي في ظل هذا الكم الهائل من الحزن متعدد الطبقات.

-27-

حاولتُ أن أحرك مياها راكدة، فاكتشفت أنني قد ابتلعت المنجل، وربما خسرت شربة الماء النقية التي كانت بحوزتي.

-28-

أهالتْ عليّ عتابها مرة واحدة، وحمّلتني مسؤولية الفشل، كأنني أمتلك عصا سحرية لتغيير ما في النفوس التي لم تعد تقبل بوجودي أو رؤية شبحي قادما من بعيد.

-29-

أستعين على قضاء حوائجي بالصبر والكتمان، فتردني الأقدار إلى نقطة الصفر، وإلى تقاطع طريق مزروع بألغام نبوءات متوجسة.

-30-

جاءني شعور بالندم عند قراءة رسالتها الأخيرة، ولكنها لم تعلم بأنني ما زلت مقيدا في سجلات الانتظار استعدادا لقُبلة الليلة الأولى في مشوار عمر، سننهيه معا، لم أكن أحلم، ولكنني فعلا أصدق أغنياتها، وأومن بأنها لن تكون الخادعة.  

 

 

وليس لشهقتي أحد سواها

-31-

لَنْ يُفْلِحَ قَلْبٌ وَلَّى أَمْرَهُ امْرَأَة.

-32-

مُنْتَهى الْقَسْوَةِ أَنْ تَجِدَ امْرَأَةً تَتَوَلّاكَ، وَتَحْتَضِنُكَ بِسَرابِ ذَراعَيْها، ثُمَّ تَتْرُكَكَ لِلِّريح.

-33-

رُبَّما كانَتِ المَرْأَةُ أَرقّ المَخْلوقاتِ، كَالماءِ قَدْ يَشْرَقُ بِها الشّارِبُ وَيَغَصُّ فَيَموت!

-34-

كأنني واحدٌ من نِسْلِكم أيها المهووسون بالوفاء، والسجن في الذكريات التي لم تَعُدْ ترحمني، فهل سيبتهل الحرف بغوايته لينقذَ ما تبقّى من جروح الروح المسافرة تطارد طيفا راحلا؟ وأنا على قلق والريح تحتي، تُنضج ما تناثر من حكايات حزينة.

-35-

تُعَلِّمُني الغِوايةَ كلّ وقتٍ
 

بفن عازف لحنا حكاها
  

وتسقيني شراب الحب صفوا
 

وترويني بشهد من رضاها
  

وتنذرني ببعد ثم هجر
 

فأبكي العمر يا عمري هواها
  

أعارتني إلى ليلٍ لئيمٍ
 

يقيدني بقيد من لظاها
  

فأسكن في جهنمها رمادا
 

وليس لشهقتي أحد سواها
  

-36-

لا تكوني مثل بقايا وطن، نراه من بعيد فنتوهم أنه لنا، وإذا به يدخل مُختارا جيوب الفاسدين، فقط لكي ينسى أن هناك من يحبّه ومستعدا لأن يموت من أجله، فلا تداوي غيابي في عباءات الآخرين، "فالسمُّ في كأس الشراب يكونُ"!  

-37-

هل من قسوة أشد من أن تسلم حياتك لغيرك؟ ولا تجد من يربّت على كتفيك وقت التعب، ويخبرك بأنه مستعد لاستبدالك بآخر عندما تسنح الفرصة لقادم يطرق الباب طالبا أن يعزف على وتر قد يُودي بسامعيه ومنشديه إلى التهلكة.