لَوْ كُنْتُ قصيدَة

عائشة البصري

دَفْقُكَ ضَوْءٌ،
وَتُسْكِنُني جُبَّ الظلْمةِ.
حِرْفَتُكَ رَصْعُ الكَلامِ،
وَتَشِحُّ لُغَتُكَ في حِضْني...
ما ضَرَّكَ،
لَوْ رَسَمْتَني بَيْنَ السطورِ
ابْتِسامَةً ،
رَجْفَةً عابِرَةً،
دَمْعَةً خَجولَةً .
لَكُنْتُ زَهَوْتُ بَيْنَ الفَرَاشاتِ:
هذا النهرُ الكبيرُ
- في لحظةٍ ما -
كُنْتُ أنا نَبْعَهُ.
ما ضَرَّكَ
لوْ أَضْمَرْتَني صورَةً،
جُمْلَةً اسْمِيةً،
مَجازاً ناقِصاً،
حَرْفاً عاطِفاً ،
لَفاخَرْتُ الليْلَ:
هذه نُجومي
تُرَصِّعُ للشعرِ سَمائَهُ.
ما ضرَّّكَ،
لَوْ قُلتَ :
لا سماءَ لي غيرَ هذا القصيدِ.
ثُمَّ أسْكَنْتَني غَيْمَةً
وَقُلْتَ لي سافِري :
أنْتِ المُزْنُ
وأنا الريحُ التي تَسْتَمْطِرُهُ .

ما ضَرَّكَ
لَوْ زَرَعْتَني في مِزْهَرِيَّتِكَ قُرُنْفُلَةً،
وَأَمَتَّني عَطَشاً،
لآمَنْتُ أنَّكَ مائي،
وَتَوَهمْتُ السَرَابَ
في صَحَرائِكَ واحةً....

دَفْقُكَ ضَوْءٌ،
حِرْفَتُكَ كَلامٌ،
وَ بَيْنَنا تَصْدَأُ اللغةُ،
وَيَتَعَفَّنُ الصمتُ .