يخلص الباحث إلى أن "تحصيل تمام الموضوعية غير ممكن"، فمع تطور الفكر العلمي المعاصر حوصرت الدعوات التي تدعي الموضوعية، فالمعرفة مشروطة باستمرار مع فهم السياق الداخلي الذي يشكل أساس عملية المعرفة. وينتج عن ذلك الحاجة إلى "علم نفس جديد" وتجديد نقد الإنسانيات.

مساءلة مفهوم «العلمية» في العلوم الاجتماعية

في نقل سؤال العلمية من العلوم الطبيعية إلى العلوم الاجتماعية

أحمد الفـراك

مقدمة

تهتم العلوم الطبيعية ببحث ودراسة المجال الفيزيائي الطبيعي غير البشري، أي جميع الظواهر المادية المجعولة على سطح الأرض وفي باطنها وفي فضاء الكون الفسيح المحيط بها. يتتبع العلم في هذا المجال المعرفي المخصوص خواص الأشياء وعللها وسيرورتها في الزمان والمكان بمنهجية تجريبية واضحة، وقياس مختلف تفاعلاتها قياسا علميا قابلا للإنشاء وللتكرار في ظروف مختلفة. وقد ظلت العلوم في تاريخها الطويل متصلة بالفلسفة بوصفها نظاما كليا للمعرفة إلى أن انفصلت عنها في القرن السادس عشر. حيث استقلت الفيزياء مع أبحاث غاليليو غاليلي خلال القرن السابع عشر، وبرزت الكيمياء كعلم مستقل مع لافوازييه في نهاية القرن الثامن عشر، وبرز في علم البيولوجيا الطبيب وعالم التجريب كلودبرنارد، وأصبحت العلوم الطبيعية تفرض موضوعاتها ومناهجها الخاصة.

أما العلوم الإنسانية فعلى الرغم من صعوبة تحديد تعريف موحد لها عند المهتمين بها من عبد الرحمن بن خلدون إلى ميشيل فوكو مرورا بأوغست كونت وكارل ماركس وغيرهم، نظرا لاختلاف المواقف الابستمولوجية لكل واحد من هؤلاء المفكرين من معارف عصره. فقد ظلت تتخذ من الظواهر البشرية موضوعا لها، وهي تحاول أن تجيب عن السؤال الفلسفي من الإنسان؟ وإن اختلفت مناهجها وتعددت مدارسها وتنوعت نتائجها، في محاولة لفهمها وتفسيرها وتحليل الأنشطة المتصلة بها بحثا عن حقيقة هذا الإنسان، بعدما كان حقيقة وجودية تستعصي على الدخول ضمن اختبارات المعرفة العلمية، وقد عُرفت هذه العلوم تعريفات كثيرة نذكر منها كونها "مجموع الدراسات التي تستخدم المنهج العلمي في دراسة مظاهر النشاط المختلفة التي تصدر عن الإنسان، فردا أو جماعة أو مجتمعا، وهي تضم مجموعة فروع علم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، وفروع علم النفس، والاقتصاد، وبعض فروع دراسة اللغة والتاريخ المقارن"(1)، وقد كانت قديما مقترنة بالفلسفة -أم العلوم- إلا أنها انفصلت عنها بالتدريج إلى أن برزت بخصوصيتها خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر في أمريكا(2) وأوربا، في إطار ما سماه أوغست كونت بـ"التثوير الإبستمولوجي"، مع ظهور الفلسفة الوضعية التي ترمي إلى التخلص من كل أشكال الخطاب التأملي الميتافيزيقي حول الإنسان، لصالح الدراسة "العلمية" و"الموضوعية" للظواهر الإنسانية المختلفة، وذلك اقتداء بما حققته العلوم الطبيعية من تقدم ونجاح، وما راكمته من معارف ومناهج، وما وفرته من إنتاج ورخاء.

مشكلة العلمية في العلوم الإنسانية بين الاستيراد والإبداع

من بين الإشكالات الأساس التي طُرحت بسبب الخوض في موضوع العلوم الإنسانية نذكر الإشكال التالي:

هل تَيَسر مشروع الدراسة العلمية للظاهرة الإنسانية على غرار الدراسة العلمية للظاهرة الطبيعية؟ وهل طريق بلوغ العلمية في العلوم الاجتماعية هو فقط تقليد ونسخ لنموذج العلوم التجريبية؟ هل بإمكان الجهود العلمية المعاصرة إخضاع الظاهرة الإنسانية لنفس الدراسة التي تخضع لها الظاهرة الطبيعية فيكون الإنسان ظاهرة كباقي الظواهر المشتركة؟

مع تقدم المنهج التجريبي وما أسهم به في تطوير العلوم الطبيعية تأثرت باقي العلوم بما فيها العلوم الاجتماعية، وفي هذا الإطار حاولت الفلسفة الوضعية في دراستها للإنسان أن تُقلد العلوم الطبيعية في علميتها، مدعية أنه بالإمكان التوصل إلى حقائق وقوانين موضوعية بصدد دراسة الإنسان كما هو الحال في قوانين وقواعد العلوم الطبيعية، وذلك عن طريق تطبيق هذا النموذج المنهجي التجريبي، إلا أنها اصطدمت بكون الظاهرة الإنسانية تنفرد بجملة من الخصائص أهمها الوعي والإرادة والتعقيد والحرية، خاصة وأن الإنسان يتحول فيها من مجرد ذاتٍ عارفة إلى ذاتٍ وموضوعٍ للمعرفة في نفس الوقت. في حين تتصف الظاهرة الطبيعية بالعطالة والاطراد والوضوح والحتمية. بمعنى أن الأفعال الإنسانية أفعال واعية تصدر عن إرادة خفية يستحيل قياسها بدقة، وترمي إلى مقاصد قد لا تكون واضحة ولا تخضع بالضرورة للاطراد، وهي قابلة للتغير والتجاوز باستمرار وبشكل غير قابل للقياس والضبط، نظرا لكونها تعبر دائما عن لحظة تقع خارج شعور الأفراد، وخاضعة لنظام العادات والتقاليد والمعتقدات كما يؤكد دوركهايم نفسه.

من هنا ينبع الإشكال الآتي: ما العمل قصد تحقيق شرط العلمية في العلوم الإنسانية؟ أَبِالاقتداءِ بالعلوم الطبيعية أم بالاستقلالِ عنها؟ إِن كان بالاقتداء فكيف نتجاوز معضلة الفارق بين الموضوعين؟ وإن كان بالاستقلال فأي نموذج ناجح تقدمه العلوم الإنسانية دليلا على علميتها المستقلة؟

لن نجد غير إمكانين اثنين هما:

تقليد العلوم الطبيعية: يرى جون لادريار (1921-2007)(3) أن نسخ المناهج من العلوم الطبيعية وتطبيقها في العلوم الإنسانية، أو بعبارة أخرى: نَقل واستعارة "المناهج التي كشفت عن حِجِّيتها في ميدان علوم الطبيعة"(4) وتطبيقها في ميدان الظواهر الاجتماعية، يتطلب "وضع الفاعلين بين قوسين، وذلك من خلال العمل على إبراز الأنساق التي يمكن دراستها عن طريق اعتماد المناهج التي برهنت عن جدارتها في دراسة الأنساق المادية"(5)، لكن هل يمكن أن نرفع الفاعل من الحضور ونعرف معنى الفعل منفصلا؟ وهل ينفصل الفعل عن القيمة والدلالة والغاية؟

ولعل هذا يساير التصور الفلسفي الذي رسخته كتابات أوغست كونت (1798-1857) والمدرسة الوضعية عموما، إذ يقول: "إننا ما دمنا نفكر بشكل وضعي في مادة علم الفلك أو الفيزياء، لم يعد بإمكاننا أن نفكر بطريقة مغايرة في مادة السياسة أو الدين، فالمنهج الوضعي الذي نجح في علوم الطبيعة غير العضوية يجب أن يمتد إلى كل أبعاد التفكير"(6). ويعني الاشتراك في المنهج رغم اختلاف الموضوعات في الطبيعة.

2- إبداع علمية إنسانية: في اتجاه معاكس لوضعية كونت ومن نحا نحوها حاول فريق من الباحثين في العلوم الاجتماعية البحث عن منهج جديد منبثق من روح الظاهرة البشرية وموافق لخصائصها، وذلك بعد إعلان فشل طريقة استيراد نماذج العلوم الطبيعية وحصول الوعي بالفارق النوعي بين الظاهرتين، مما قاد إلى محاولات إنشاء نموذج أصيل يوافق طبيعة الموضوع المدروس؛ الظاهرة الإنسانية، ويحقق صفة العلمية بطريقة مغايرة لعلمية الظواهر الفيزيائية.

أما الإمكانية الأولى (النقل) فمن خلالها يمكن تناول الوقائع الاجتماعية كما تُتناول الأشياء المادية. وهو ما يؤكده إيميل دوركهايم (1858-1917) بقوله: "إن الظواهر الاجتماعية تشكل أشياء، ويجب أن تُدرس كأشياء... لأن كل ما يعطى لنا أو يفرض نفسه على الملاحظة يعتبر في عداد الأشياء... وإذن يجب أن ندرس الظواهر الاجتماعية في ذاتها، في انفصال تام عن الأفراد الواعين الذين يتمثلونها فكريا، ينبغي أن ندرسها من الخارج كأشياء منفصلة عنا. إن هذه القاعدة تنطبق على الواقع الاجتماعي برمته وبدون استثناء"(7) معتبرا على منوال كونت أن الفكر العلمي قد حقق آخر الفتوحات العلمية لما تخلَّص من الميتافزيقا والفلسفة المجردة بصفة نهائية، وطردها من آخر حصونها الإنسان، وكأن تاريخ الفلسفة هو تاريخ تراجعاتها كما يقول "أوغست كونت"، فرأت الوضعية أنه بالإمكان تحقيق الدراسة العلمية الدقيقة للإنسان كواقع اجتماعي ملموس بعيدا عن السقوط في الذاتية، وذلك بتجنب إقحام "الفرضيات غير المحققة والتعميمات الاعتباطية" في المعرفة، في إطار ما سماه في أول الأمر بالفيزياء الاجتماعية (physique sociale) قبل أن يتحول إلى "علم الاجتماع".

من الملاحظات التي يمكن تسجيلها على أصحاب هذا التصور هي أنه يُسوي منهجيا بين علم الفيزياء وعلم الاجتماع، فكلاهما يدرس الأشياء بمنهج الملاحظة والتجريب، وهذا في الواقع العلمي يستعصي تحققه كما يرى غاستون باشلار لأن الاختبار ينطلق من التجربة في علوم الطبيعة بينما ينطلق من النظرية في علم الاجتماع، أي بمبادرة من العالم(8)، غير أن هذا المنظور الوضعي الذي يُشيِّء الظاهرة البشرية ويُسوِّيها بالظاهرة الطبيعية يطرح صعوبات منهجية كبيرة تتمثل في عدم قدرة الدراسات الإنسانية على فهم موضوعها بشكل دقيق وشمولي يحاكي الدراسات الفيزيائية مثلا، فهي عاجزة عن الإحاطة بـ"كل ما يتصل بنظام الدلالات ونسق المقاصد والغايات والقيم(9)" مادام المنهج الوضعي لا يؤمن إلا بالحقائق الحسية، لذلك فهو "يختزل الكلية الإنسانية ومجموع العناصر المتفاعلة والفعالة في الحياة الإنسانية في عناصرها الحسية الملموسة"(10). وهذا يعني أن الإمكانية الأولى التي انبنى عليها المذهب الوضعي مع أوغست كونت والذي يعتبر أن "الاستكشاف العلمي في السوسيولوجيا شأنها شأن البيولوجيا يستخدم ثلاثة أنماط أساسية هي: الملاحظة الخالصة والتجريب الدقيق وأخيرا المنهج المقارن"(11)، قد فشلت فشلا كبيرا أمام "ظاهرة متعددة الأبعاد ومركبة غاية التركيب"(12) ناهيك عن غلوها في إبعاد الدين عن العلم وتجاهل أثره، الأمر الذي تداركه ماكس شيلر (Max Scheler) فيما بعد لما أضاف إلى القيم الثلاث المشهورة (الخير، الحق، الجمال) قيمة رابعة هي قيمة التدين عند الإنسان.

أما الإمكانية الثانية والتي بموجبها تحاول علوم الإنسان أن تبدع أدواتها الخاصة ما دامت "الظاهرة الإنسانية لا تتكون من عناصر "طبيعية" على وجه القصد، بل تتدخل فيها عناصر أخرى تنتمي إلى نظام مختلف، أي النظام الأخلاقي الروحي، وتقررها إلى درجة فائقة؛ وتلك العناصر لا تعد بالضرورة بمثابة نتائج لازمة لعناصر الطبيعة أو قابلة للاستنتاج من تلك العناصر، وهي لا تتسم بالتماثل العالمي في الجماعات الإنسانية، بل إنها تعتمد على التقاليد والثقافة والدين والأولويات الشخصية والجماعية...وليس من الممكن إخضاعها للأسلوب القياسي الوحيد الذي يعرفه العلم وهو الأسلوب الكمي"(13) لا تحمي نفسها من السقوط في شباك "الذاتية" حيث الإنسان هو الذات الدارسة المشبعة بالذاتية، وهو في نفس الوقت موضوع الدراسة غير البريء، وهذا يعني فشل الإمكانية الثانية في الاستقلال عن العلوم الطبيعية.

المنهج وسؤال العمل؟

يرى كثير من الباحثين ومنهم الفيلسوف "جان لادريار"(14) أن مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية بإمكانه أن ينفرد بصورته الخاصة للعلمية مغايرة لما هو عليه الأمر في مجال الظواهر الفيزيائية، لكن المغايرة لا تفيد الاستقلال التام عن الشكل المميز للعلوم الطبيعية، وإنما التميز في المنهج بما يناسب التميز في الموضوع(15). وبحثا في إمكان تحقق الإمكانية الثانية يميز إدغار موران (Edgar Morin)(16) يبين نوعين من السوسيولوجيا(17):

- "السوسيولوجيا الإنشائية": ويقصد بها تلك الإنتاجات السوسيولوجية التي لم تتخلص بعد من قيود التأمل الفلسفي وتقليد المقال الأدبي وأدبيات الفكر الأخلاقي، دون أن يفيد ذلك عدم عليمتها، ولا يلزم إبعاد الذات عن الموضوع بقدر ما ينبغي أن تحضر هذه الذات حضورا بيولوجيا يجعل الإنسان في قلب عالمه، يحيل على ذاته كما يحيل إلى ما يقع خارجها حيث يمتلك قدرة خلاقة في فهم الظاهرة الإنسانية وتفسيرها.

- "السوسيولوجيا العلمية": وهي سوسيولوجيا تستعير منهجها من الفيزياء وتتناول موضوعها بنفس الطريقة التي تتناول بها العلوم الطبيعية موضوعاتها، وذلك بعزل الموضوع المدروس وتخليصه من الذاتية وتأثير مختلف القوى المحيطة به. وهذا التصور لم يصمد أمام النقد الابستمولوجي الذي كشف أزمة العلوم الأوربية، وفضح علمويتها، فقد أضحت كل فكرة كيفما كانت صلابتها قابلة للتكذيب والتجاوز مادامت مجاهيل الإنسان عن نفسه والعالم تزداد اتساعا بقدر اتساع معارفه وتدقيق علومه. فصارت النتائج المتوصل إليها بهذا الصدد وكأنها "نظريات غير متقنة وتفسيرات مشوهة"(18) وافتراضات مفتقرة للإتقان والعلمية، وشبيهة بالحُلم والأمنية، مما أسقط الأبحاث الاجتماعية في موقع سهام النقد من طرف النـزعات الشكية والنسبية والفوضوية وغيرها.

2- صعوبات الموضوعية بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية

الموضوعية هي "وصف لما هو موضوعي، وهي بوجه خاص مسلك الذهن الذي يرى الأشياء على ما هي عليه، فلا يشوهها بنظرة ضيقة، أو بتحيز خاص"(19)، ويقصد بذلك خلو المعرفة من الوقوع في آفة الذاتية، أي عدم إخضاع المعرفة العلمية للاعتبارات الذاتية والخصوصية للفرد أو للجماعة علمية أو عرقية أو دينية أو سياسية أو إيديولوجية، والتعامل معها بشكل مستقل محايد يجعل العلم عِلما خالصا، ومتخلصا من كل تحيز أو توجيه. "وتفترض الموضوعية أن هناك واقعا معينا موجودا في الخارج، وأن البشر يستطيعون إدراك هذا الواقع كما هو، ونقل صوره إلى الذهن كما هي، ثم التعبير عنه كما هو كذلك، وأن البشر يستطيعون أن يقدموا تلك الحقائق الواقعية العلمية كما هي دون التأثير بأهوائهم وميولهم ومصالحهم فلا يصيبها شيء يمكن أن يؤدي إلى مغايرة الواقع العلمي نتيجة نظرة ضيقة أو تحيز إيديولوجي أو غيره. وتفترض الموضوعية كذلك أن منهجا علميا واحدا يمكن أن يوصل إلى الحقائق الموضوعية."(20)، وقد طرحت إشكالية الموضوعية في العلوم الإنسانية مع إيمانويل كانط، وعالجتها فلسفة فريدريك هيغل، وتوغلت فيها فلسفة فلهلم دلتاي (Dilthey Wilhelm)(21)، على الرغم مما بين هذه الفلسفات من اختلاف.

لقد قطعت العلوم الطبيعية أشواطا مهمة في محاولات تحقيق شرط الموضوعية الذي به يحتمل أن تكون المعرفة علمية وكونية في نفس الوقت، حتى قيل أنها تحققت مما يسمى بـ"عِلمية العلم"، حيث وقع الربط بشكل آلي بين صفتي"العلمية" و"الموضوعية"، فلا تكون معرفة ما علمية إلا إذا ثبتت موضوعيتها وحيادها(22). لكن الإشكال الابستمولوجي لا يزال مطروحا:

إذا كانت الموضوعية كما يُعرفها عبد الوهاب المسيري هي "العلم الخالي من القيمة والأحكام الأخلاقية"(23) فهل يمكن تحقيق الموضوعية الخالصة من المعنى والقيمة في العلوم الطبيعية؟ وهل نستطيع نقل تلك الصفة إلى خارج العلوم الطبيعية أم أنها مقتصرة عليها فقط؟

استطاع الإنسان أن يحقق إنجازات ملموسة وأن يصل إلى نتائج متقدمة في العلوم الطبيعية التجريبية، من حيث لا يجادل أحد اليوم في التراكم التكنولوجي والطبي والعسكري والتقني والتواصلي الذي تعيش فيه الإنسانية وتنعم بخيره، لكن مع ظهور الدراسات الإنسانية كاهتمامات تسعى إلى التشبه بالعلوم التي تدرس المادة ونجحت في انفصالها عن الفلسفة وفي تحقيق هذا الرفاهية المادية للإنسان، توجه البحث إلى حقل العلوم الإنسانية قصد التحقق من توفير شرط العلمية في البحث بصددها. غير أن العائق الأكبر يكمن في الفارق النوعي بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية؛ فهذه الأخيرة تتخذ من المادة موضوعها، والمادة محكومة بمبدأ "العطالة"، بينما تنصرف الأخرى إلى موضوع الإنسان ذاته، والإنسان كائن مُبدع "صاحب إرادة حرة على الرغم من الحدود الطبيعية والتاريخية التي تحده.. وهو كائن قادر على تطوير منظومات أخلاقية غير نابعة من البرنامج الطبيعي المادي الذي يحكم جسده واحتياجاته المادية وغرائزه.. والنوع الوحيد الذي يتميز كل فرد فيه بخصوصيات لا يمكن محوها أو تجاهلها، فالأفراد ليسوا نسخا متطابقة يمكن صبها في قوالب جاهزة وإخضاعها جميعا للقوالب التفسيرية نفسها"(24).

فإذا تخلصت العلوم الطبيعية إلى حدٍّ ما من النـزعة الذاتية ذاتية الشخص الباحث فلا يمكن تحقيق مبدأ الموضوعية داخل حقل العلوم الإنسانية، لأن الإنسان يحتل موقع موضوع المعرفة في العلوم الإنسانية وموقع الدارس لها في نفس الوقت، فكيف يمكنه أن يتناول موضوعه بموضوعية؟ أو بعبارة أخرى: هل يمكن أن ينظر إلى موضوعه كشيء مستقل عن ذاته التي لا تفارقها الانفعالات والانطباعات والميولات؟

لا شك أن هناك فروقا نوعية بين البحث في العلوم الطبيعية والبحث في العلوم الإنسانية، ففي الأولى تحتفظ الظاهرة قيد الدراسة بوحدتها وثباتها وانسجامها، ولا تصطدم بمصالح وقيم الناس، لكن الثانية تعاني من تعطيل مبدأ الموضوعية وصعوبة تحققه، حيث تعترض عمل الباحث والعالم مجموعة من العوائق الصلبة، منها ما هو شخصي ومنها ما هو فكري ومنها ما هو نفسي ومنها ما يتعلق بجوانب اعتقادية وإديولوجية، فضلا عن معيقات معتادة من قبيل غياب روح النسقية، الانحراف عن الرؤية الدقيقة، غرور الباحث وتأثير المزاج الانفعالي على عمله، غياب النـزاهة الفكرية(25)... مما يدفعنا إلى الاتفاق مع القول بأن "العلوم النظرية المطبقة في مجال الإنسانيات يشوبها الكثير من التحيز والتجني، وفقدان الموضوعية والدقة والحياد، بسبب تداخل العوامل الإنسانية في التجربة"(26)، حيث يستعصي على الباحث -مهما بلغ من وعي ويقظة- التخلص من المواقف والآراء والقناعات اللاشعورية التي لا تفارق تفكيره. لهذا نتفق مع لوسيان غولدمان فنقول بأن "كل بحث أو دراسة تتعلق بالعلة والسبب هي دراسة لاعلمية. ورغم ماللفهم من قيمة في نقل صور حدسية عن انفعالات الإنسان وعواطفه ومواقفه فإنه عاجز عن تحقيق غايته المتمثلة في فهم جميع الظواهر، حيث اذا ما ادعى ذلك فانه خرج عن العلم إلى اللاعلم"(27)، وإن زعمت "الممارسة العقلانية العلمية تطهير وسائلها من كل أثر للمعاني والقيم الذاتية بحجة التزام طريق الموضوعية"(28).

لهذا يرى بعض الباحثين في الموضوع، مثل "لوسيان غولدمان"(29) أنه لا يمكن لتطبيق المنهج الديكارتي أن يحقق الفهم الموضوعي للظاهرة الإنسانية المختلفة عن دراسة غيرها من الظواهر، وذلك "لأن الباحث يتصدى في الغالب للوقائع مزودا بمفاهيم قبْلية ومقولات مضمرة ولا واعية تسد عليه طريق الفهم الموضوعي بشكل قبلي"(30)، وبالتالي فإن العلوم الاجتماعية مهما بلغت من دقة وادعاء للحياد فإنها "تتضمن تحيزات فلسفية وإديولوجية في عقول أصحابها"(31)، على خلاف الظاهرة الطبيعية المجردة من الوعي والتحيز الذاتي والانفعال النفسي والعاطفي والثقافي.

لكن السؤال الإشكالي الذي لا يزال يطرح في فلسفة العلوم هو: هل تستطيع العلوم الإنسانية أن تحقق الاستقلالية والموضوعية كما الشأن في العلوم الطبيعية؟ أم أنها تحتفظ بموضوعية خاصة وناقصة ومزعومة؟

تجيب الباحثة "رينيه بوفريس"(32) بأن المعرفة المتعلقة بموضوع الإنسان تظل مشبعة بالذاتية ولا تملك أن تكون محايدة أو موضوعية، بل تظل غارقة في الإديولوجيا، حيث تؤكد أنه من المستحيل مبدئيا أن تتمكن العلوم الإنسانية من بلوغ موضوعية مطلقة أو على الأقل التخلي عن جزء من أهدافها والاكتفاء بدراسة المظاهر الأولية من الحقيقة أو الواقعة الإنسانية(33). ولعل ذلك ما حدا بدلتاي إلى التمييز بين العلم التفسيري الخاص بدراسة الظواهر الفيزيائية والعلم الوصفي الذي يدرس إلى جانب الظاهرةِ الحياة العقلية التي تنتج المعرفة، أو ما يسميه بـ"النسق البنائي للعقل".

فالذات تحضر بقوة وتتلبس بجميع محاولات الفهم والتفسير العلميين، لأن الفرد لا يملك أن ينفصل عن عالمه المعاش، حيث إن احتكاكه بمحيطه وتأثره بتجاربه وتفاعله مع غيره يصنع له عالمه الخاص أو قل تجربته الخاصة التي لا يشبهه فيها فرد آخر، كما يؤكد موريس مرلوپونتي(34) في كتابه "فينومينولوجيا الإدراك"(35). لذلك لا يمكن للمنهج التجريبي أن يدخل عالم المعنى الإنساني في اعتباره العلمي.

نستنتج إذن أن الباحث في العلوم الإنسانية لا يستطيع أن يتخلص من إملاءات اللاشعور الثاوية في عمق بنيته النفسية والفكرية ومن تمثلاته وانفعالاته وعواطفه رغم ما يدعيه إيمانويل كانط من قدرة على التعالي الترنسندنتالي الذي يفصل بين الذات والموضوع، أي بين الذات العارفة والذات التي نريد معرفتها. ذلك أن الذات –كما يؤكد دلتاي- متغيرة باستمرار كما الموضوع أيضا متغير. و"ليس ثمة إدراك نظري لأية حقيقة بدون إدراك طبيعتها وعلاقاتها القيمية"(36)، وبناء عليه لا يمكن تحقيق التصور الوضعي في النظر إلى الظاهرة الإنسانية كشيء مثل باقي الأشياء المبتوتة في الكون الفاقدة للإرادة. ولعل هذا ما يؤكده "فلهلم دلتاي" و"ماكس شيلر"(37) حيث يميزون بين العلوم التي تدرس "المادة" أو "العلوم المادية"، وبين العلوم التي تدرس "الروح" أو "العلوم الروحية"، ففي الأولى يمكن تطبيق المنهج التجريبي القائم على الملاحظة والتجريب ،كما يمكن الوصول إلى قوانين علمية دقيقة وذلك لأن المادة تخضع لحتمية طبيعية. بينما في الثانية يعجز المنهج التجريبي عن أداء مهمته، ويترك مكانه للفهم والتفسير في عالم موسوم بالحرية والغموض.

خاتمة

من خلال ما سبق نتأكد مع محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمن أن "تحصيل تمام الموضوعية غير ممكن"(38)، لأنه من غير الممكن التحرر من الإديولوجيات في الدراسات الإنسانية(39)، وهو التصور الذي أثبتته العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية لما أكدت إخفاق محاولات العلم الحديث والمعاصر في تحقيق شرط الموضوعية في البحوث الاجتماعية، فمع تطور الفكر العلمي المعاصر حوصرت الدعوات التي تدعي تحقيق الموضوعية، وهي تخفي وراءها أسئلة المعنى والقيمة والغاية. فالمعرفة تصبح مشروطة باستمرار مع دلتاي بفهم السياق الداخلي (العقل، الغريزة، الحياة العاطفية، أفعال الإرادة...) فهذا السياق هو الذي يشكل أساس عملية المعرفة. وينتج عن ذلك أنها في حاجة إلى "علم نفس جديد" قادر على نقل الإحساسات التي يستحيل نقلها في نظر بوانكري. دون أن يفيد ذلك التقليل من قيمة وجدوى آلاف الأعمال المتراكمة في تاريخ العلم وهي تشق طريقها من غير توقف تجاه علمية ما تكون أحسن من سابقاتها سواء في العلوم الطبيعية أو العلوم الإنسانية.

(باحث في الفلسفة والفكر، جامعة عبد المالك السعدي، المغرب)

* * *

الهوامش

(1) بدوي، أحمد زكي. معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، بيروت: مكتب لبنان، 1982م.

(2) يذهب كثير من مؤرخي علم الاجتماع إلى أن أول قسم جامعي لعلم الاجتماع أُنشئ سنة 1892في شيكاغو الأمريكية.

(3) جون لادريار(Jean Ladrière)، فيلسوف ورياضي بلجيكي (1921-2007)، درس فلسفة العلوم والفلسفة الاجتماعية بالجامعة الكاثوليكية بلوفان، وقد عرف كمتخصص عالمي في المجال الإيتيقي للعلوم التقنية (الموسوعة الحرة ويكيبيديا).

(4) Jean Ladrière, La dynamique de la recherche en sciences sociales, PUF, 1994, p: 5.

(5) Ibid., p.6.

(6) voir: R. Aron, Les étapes de la pensée sociologique; pp: 86-87; éd. Gallimard; 1981.

(7) Durkheim, Les règles de la méthode sociologique, èd. Flammarion, 1988; pp: 103-10.

(8) وقيدي محمد، العلوم الانسانية والإيديولوجيا، دار الطليعة، بيروت، ط1، 1983، ص140، 141.

(9) Jean Ladrière, La dynamique de la recherche en sciences sociales, p: 9.

(10) أمزيان، محمد. العلوم الإنسانية في المنظومة الغربية؛ دراسة نقدية في الأسس المنهجية، مجلة المنعطف، عدد 9، (1415ﻫ/ 1994م)، ص 86.

(11) Auguste. Comte, Philosophie positive, T. IV, Leçon, 48, A. Colin.

(12) المسيري، عبد الوهاب. الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، بيروت: دار الفكر المعاصر، ط2، 1423ه/2003م، ص 13.

(13) الفاروقي، إسماعيل. إسلامية المعرفة، صياغة العلوم الاجتماعية صياغة إسلامية، ضمن كتاب الصحوة الإسلامية المعاصرة والعلوم الإنسانية، جمع وتقديم علي سيف النصر، تونس: المطبعة العربية، ط1، 1990م، ص 12.

(14) فيلسوف ورياضي بلجيكي (1921-2007)، درس فلسفة العلوم والفلسفة الاجتماعية بالجامعة الكاثوليكية بلوفان، عرف كمتخصص عالمي في المجال الإيتيقي للعلوم التقنية. اهتم يقيمة العلم الحديث وبأهمية الكشوفات والتطبيقات الرياضية في الفكر المعاصر. ومن أهم كتاباته: "رهانات العقلانية:تحدي العلم والتكنولوجيا بالنسبة إلى الثقافات" في سنة 1977، "العقيدة المسيحية ومصير العقل" سنة 2004.

(15) الفراك أحمد، الوجيز في الفلسفة، الرباط: مطبوعات جودة، ط1، 2015، ص60.

(16) إدغار موران فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي من مواليد 1921، من مؤلفاته المهمّة كتابه الموسوعي "المنهج" في ستة أجزاء، جمع فيه خبرته في علوم كثيرة مثل البيولوجيا والفيزياء والفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم اللغة والتواصل.

(17) Edgar. Morin, Sociologie, Fayard, 1984, pp: 11-18.

(18) الفاروقي، إسماعيل. صياغة العلوم الاجتماعية صياغة إسلامية، مرجع سابق، ص 13.

(19) صليبا، جميل. المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والإنجليزية واللاتينية، بيروت: دار الكتاب اللبناني، ط1، 1971م، ص 45.

(20) العلواني، طه جابر. نحو منهجية معرفية قرآنية، محاولات في بيان قواعد المنهج التوحيدي للمعرفة، بيروت: دار الهادي، ط 1، 2004م ، ص 212.

(21) عالم اجتماع ألماني (1833–1911)، ينتقد التصور الوضعي ويرفض قياس الظاهرة الإنسانية على الظاهرة الطبيعية، لأننا لا نعرف العقل كما نعرف الأشياء.

(22) ينظر: التريكي، فتحي. والتريكي، رشيدة. فلسفة الحداثة، بيروت: مركز الإنماء القومي، 1992م، ص 69 وما بعدها.

(23) المسيري، عبد الوهاب. إشكالية التحيز، ج2، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1995م، ص 416.

(24) المسيري، عبد الوهاب. الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، بيروت: دار الفكر المعاصر، ط2، 1423ه/2003م، ص 13-12.

(25) أنظر: جان بياجيه، وضع علوم الإنسان في منظومة العلوم في اليونسكو، الاتجاهات الرئيسية للبحث في العلوم الاجتماعية، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، المجلد الأول، دمشق، 1976، ص 88.

(26) العدوي، مصطفى محمد. العلم بين التاريخ والفلسفة والدين، مجلة الكلمة، عدد 30، (2001م)، ص107.

(27) الفراك أحمد، الوجيز في الفلسفة، مرجع سابق، ص58.

(28) طه، عبد الرحمن. سؤال الأخلاق: مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، بيروت: المركز الثقافي العربي، ط1، 2000م، ص 67.

(29) مفكر وناقد فرنسي من أصل روماني(1913-1970)، من أشهر كتبه: العلوم الإنسانية والفلسفية (1952)، و"البنيات الذهنية والإبداع الثقافي" (1967).

(30) Lucien Goldmann, Sciences humaines et philosophie, éd: Gonthier, méditations, 1966, pp: 23-24.

(31) انظر: المسيري، عبد الوهاب. إشكالية التحيز، مرجع سابق، ص 48.

(32) بوفريس، رينه. علوم الإنسان والفلسفة، ترجمة محمد علي مقلد، مجلة العرب والفكر العالمي، عدد 6، (1989)، ص 36-46.

(33) الفراك أحمد، الوجيز في الفلسفة، مرجع سابق، ص57.

(34) موريس ميرلوبونتي Maurice Merleau- Ponty (1908-1961) فيلسوف فرنسي معاصر، من أهم مؤلفاته "فينومينولوجيا الإدراك" و"بنية السلوك" و"العلامات".

(35) Maurice Merleau- Ponty. PHENOMENOLOGIE DE LA ERCEPTION, Gallimard, Paris, 1945.

(36) الفاروقي، إسماعيل. صياغة العلوم الاجتماعية صياغة إسلامية، ضمن كتاب الصحوة الإسلامية المعاصرة والعلوم الإنسانية، جمع وتقديم علي سيف النصر، تونس: المطبعة العربية، ط1، 1990م، ص220.

(37) فيلسوف وعالم اجتماع ألماني (1928-1874)، وهو من أبرز مؤسسي الأنثروبولوجيا الفلسفية المعاصرة، أغلب كتاباته وأفكاره تأثرت بالأزمة الكبيرة للرأسمالية والتي تبلورت بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.

(38) طه، عبد الرحمن. سؤال الأخلاق: مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، مرجع سابق، ص 67.

(39) الجابري، محمد عابد. التراث والحداثة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1989، ص 23.

* * *

المصادر والمراجع المعتمدة

- أمزيان، محمد. العلوم الإنسانية في المنظومة الغربية؛ دراسة نقدية في الأسس المنهجية، مجلة المنعطف، عدد 9، 1415ﻫ/ 1994م.

- ابن خلدون عبد الرحمان، مقدمة ابن خلدون، القاهرة: دار الهيثم، ط 1، 2005.

- بدوي، أحمد زكي. معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، بيروت: مكتب لبنان، 1982م.

- بوفريس، رينه. علوم الإنسان والفلسفة، ترجمة محمد علي مقلد، مجلة العرب والفكر العالمي، عدد 6، (1989).

- صليبا، جميل. المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والإنجليزية واللاثينية، بيروت: دار الكتاب اللبناني، ط1، 1971م.

- التريكي، فتحي. والتريكي، رشيدة. فلسفة الحداثة، بيروت: مركز الإنماء القومي، 1992م.

- ماركوز، هربرت. الإنسان ذو البعد الواحد، ترجمة جورج طرابيشي، بيروت: دار الآداب، ط3، 1988م

- ماهر، عبد القادر محمد. مناهج ومشكلات العلوم؛ الاستقراء والعلوم الطبيعية، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، ط 2، 1402هـ/ 1982م.

- المسيري، عبد الوهاب. إشكالية التحيز، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1995م.

- المسيري، عبد الوهاب. الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، بيروت: دار الفكر المعاصر، ط2، 1423ه/ 2003م.

- المسيري، عبد الوهاب. دفاع عن الإنسان، دراسات نظرية وتطبيقية في النماذج المركبة، القاهرة: دار الشروق، ط1، 2003م.

- العدوي، مصطفى محمد. العلم بين التاريخ والفلسفة والدين، مجلة الكلمة، عدد 30، (2001م).

- - طه، عبد الرحمن. سؤال الأخلاق: مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، بيروت: المركز الثقافي العربي، ط1، 2000م.

- طه، عبد الرحمن. سؤال العمل: بحث عن الأصول العملية في الفكر والعلم، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط 1، 2012م.

- كوديرك، بول. النسبية، ترجمة مصطفى الرقى، باريس: منشورات عويدات، ط2، 1980م.

- سيف النصر، علي. الصحوة الإسلامية المعاصرة والعلوم الإنسانية، تونس: المطبعة العربية، ط1، 1990م.

- الفاروقي، إسماعيل. إسلامية المعرفة: المبادئ العامة، خطة العمل، الإنجازات، بيروت: دار الهادي، ط1، 1421هـ/ 2001م.

- الفاروقي، إسماعيل. صياغة العلوم الاجتماعية صياغة إسلامية، رسائل إسلامية المعرفة، عدد5، 1409هـ/ 1989م.

- فارب، بيتر. بنو الإنسان، ترجمة زهير الكرمي، الكويت: سلسلة عالم المعرفة، عدد: 67، 1403هـ/ 1983م.

- الفراك، أحمد. الوجيز في الفلسفة، الرباط: مطبوعات جودة، ط1، 2015.

- فوزي غرايبية، ودنعيم دهمش، أساليب البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، دار وائل للنشر والتوزيع، ط3، 2002.

- قطب، محمد. حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية، القاهرة: دار الشروق، ط 1، 1998م.

- قنصوة صلاح، الموضوعية في العلوم الانسانية، القاهرة: دار التنوير للطبعة والنشر، ط1، 2007.

- قنيبي، حامد صادق. الكون والإنسان في التصور الإسلامي، الكويت: مكتبة الفلاح، ط1، 1400 ه/1980م.

- الجابري، محمد عابد. التراث والحداثة، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1989.

- الجابري، محمد عابد. مدخل إلى فلسفة العلوم، الدار البيضاء: مطبعة دار النشر المغربية، ط1، 1976.

- وقيدي محمد، العلوم الانسانية والإديولوجيا، بيروت: دار الطليعة، ط1، 1983.

- يافوت، سالم. إبستمولوجيا العلم الحديث، الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، ط2، 2008م.

- Auguste. Comte, A Discourse on the Positive, Tr. S. Beasley. Revers. London: 1903.

- Auguste. Comte, Philosophie positive, T. IV, Leçon, 48, A. Colin

-Durkheim, Les règles de la méthode sociologique, èd. Flammarion, 1988.

- Edgar. Morin, Sociologie, Fayard, 1984.

- Gaston, Bachelard. La formation de l’esprit scientifique, Edition: Vrin, Paris : 1971

- Lucien Goldmann, Siences humaines et philosophie, èd: Genthier, mèditations, 1966.

-Jean Ladrière , La dynamique de la recherche en sciences sociales , PUF, 1994.

- R. Aron, Les étapes de la pensée sociologique; éd. Gallimard ; 1981.

- Augustin Fressin, la perception chez Bergson et chez Merleau- Ponty, société d’édition d’enseignement supérieur, Paris, 1967

- M.M. Ponty, Résumé de cours au collège de France 1952-1960, Gallimard, paris, 1968

- Maurice Merleau- Ponty. L’œil et L’esprit, Gallimard, Paris, 1964

- Maurice Merleau- Ponty. Phénoménologie de la Perception, Gallimard, Paris, 1945