يخلص الباحث إلى أن تكنولوجيا التعليم تشمل تطوير المناهج باستخدام الأدوات الحديثة، وإذا كانت هذه التكنولوجيا هي المعنية بتكوين الإنسان الواعي المتفاعل مع مجتمعه والمؤثر فيه، فإنها يجب أن تركّز على تحسين عملية التعليم التي يتلقاها الفرد في المؤسسة التعليمية.

التفاعل بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا التعليم

فادي محمد الدحدوح

 

إن المتتبع لحركة التقدم المتسارعة في مجال تكنولوجيا المعلومات من ناحية، ومجال تكنولوجيا التعليم من ناحية أخرى يرى أن تزاوجاً قد حدث بين المجالين، وقد أدى حدوث هذا التزاوج إلى ظهور أفاقاً جديدة خصبة للتعليم تمثلت في وجود العديد من المستحدثات التكنولوجية ذات العلاقة المباشرة بالعملية التعليمية، ومن هذه المستحدثات التعلم الإلكتروني والبيئة التعليمية التفاعلية، وهذا يتطلب بالضرورة وجود منظومة عربية قادرة للتفاعل معه وتوظيفه بشكل جيد، كما أنه يتطلب منهم القيام بأدوار ووظائف جديدة تتناسب مع متطلبات هذا المستحدث.

لقد شهد العالم منذ مطلع هذا القرن نقلة حضارية هائلة شملت كل أوجه ومجالات الحياة، حيث أنه في كل يوم يظهر على مسرح الحياة معطيات جديدة تحتاج إلى خبرات ومهارات جديدة للتعامل معها بنجاح؛ ومن هنا فالعملية التربوية بوظائفها المتعددة تتوقف على كفاءة القائمين على توجيهها.

ويعتبر توظيف مستحدثات تكنولوجيا التعليم في المنظومة التعليمية من الموضوعات المهمة والمعاصرة، وقد أدرك الجميع أن مصير الأمم رهن بإبداع أبنائها، ومدى تحديهم لمشكلات التغير ومطالبه. وتحتل التربية موقعاً بارزاً ضمن إطار النقلة المجتمعية، كما أن التعليم أحد أهم الأركان التي شملتها رياح التغيير والتجديد.

وعليه تحتاج المنظومة التعليمية العربية اليوم إلى مواكبة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتوظيفها كأداة فاعلة في التعلّم، وليس فقط معرفة كيفية تشغيل الآلة، بل كيف يمكن أن تخدمهم في تلبية حاجات التعلم والتعليم لتحقيق نتاجات المنهاج، ولهذا فقد باتت عملية إدخال التكنولوجيا الحديثة في التعلم والتعليم تشكل تحدياً مستمراً ؛ ومن هنا جاءت عملية تطوير التعليم في المجتمع العربي نحو الاقتصاد المعرفي استجابة لهذا التحدي.

ومن الضروري أن تكون المنظومة التعليمية العربية بمختلف تخصصاتها على وعي باستخدام مستحدثات تكنولوجيا التعليم؛ لما لذلك من أهمية في تحقيق الأهداف التعليمية، ولا يتم ذلك إلا من خلال توظيف مكونات المنظومة التعليمية لتلك المستحدثات.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلت من قبل المنظومة التعليمية العربية؛ إلا أنها لم تحقق النجاحات المطلوبة بعد؛ بل هي متأخرة كثيراً، فعدد المقررات المقدمة إلكترونياً في المؤسسات العربية قليل إضافة إلى قلة الاعتماد على المحتوى الإلكتروني في المناهج التعليمية المختلفة، كما أن الجهود العربية ما زالت مبعثرة وغير كافية لدمج تقنية المعلومات والاتصالات في التعليم.

وعليه فإن المنظومة التعليمية العربية مطالبة بالسعي إلى تطوير مناهجها، وتطوير الأنظمة التعليمية بما يتلاءم مع مستجدات العصر ومتطلباته، فالأحداث في هذا العصر متسارعة بشكل مطرد في جميع مناحي الحياة، ومن هذه الأحداث النمو المعرفي الذي لا يتوقف عند حاجز محدد، فعجلة الزمن تدور على جميع المجتمعات، والتي تحاول بعضها اللحاق بركب التقدم العلمي عن طريق تهيئة أجيالها وتنميتهم وبعضها يتأخر ويتوقف ولا يستطيع تطوير نفسه؛ لذا كان لا بد للمنظومة العربية أن تواكب المعرفة لحظة بلحظة، وأن تعمل على تطوير المناهج التعليمية وهندستها بما يتناسب مع طبيعة المعرفة التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في إنتاجها ونشرها وبما يتناسب مع المعايير الحديثة.

وأخيراً يمكن القول إن كان تُعرِيف التكنولوجيا بأنها مواد وأدوات وأساليب وتقنيات؛ فإنّ تكنولوجيا التعليم تشمل كل ما في التعليم من تطوير المناهج وأساليب التعليم باستخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة، وإذا كانت تكنولوجيا التربية هي المعنية بصناعة الإنسان العربي الواعي المتفاعل مع مجتمعه والمؤثر فيه، فإن تكنولوجيا التعليم تركّز على تحسين وتطوير عملية التعليم والتعلم التي يتلقاها الفرد العربي في المؤسسات التعليمية المختلفة.

وعلى هذا الأساس تكون تكنولوجيا التعليم في أوسع معانيها تخطيطًا، وإعداداً، وتطويرًا، وتنفيذًا، وتقويمًا كامًلا للعملية التعليمية، وبوسائل تقنية متنوعة تعمل جميعها في انسجام مع العناصر البشرية لتحقيق الغاية من التعليم والارتقاء به ليكون تفاعل متبادل بين كل من (التكنولوجيا والبيئة، التكنولوجيا والمعلم، التكنولوجيا والمتعلم)، ولا شكّ في أنّ المنظومة العربية تحاول جاهدة تكييف الوسط التعليمي وفق تلك التكنولوجيا.

 

(باحث دكتوراه وخبير في البحث العلمي ومتخصص في الدراسات العليا)