تطرح هذه الدراسة عددا من القضايا المهمة حول سياقات الترجمة والتأويل من ناحية، وحول موقف ابن رشد من ترجمته/ تأويله/ لكتاب أرسطو الشهير (فن الشعر) وعلاقة هذا بتصوراته وأفكاره العقلانية من ناحية أخرى، وتطرح معها موقف الدراسات الاستشراقية المعاصرة من هذا المفكر العربي الكبير.

الترجمة والفلسفة: حالة شروحات ابن رشد

تشارلز بترورث

ترجمة وإعداد: زيد العامري الرفاعي

 

لم يعد بإمكاننا أنْ نبقى صامتين، لأنه بدى أصلاً أننا لسنا صامتين تواضعا بل صامتين خوفا.

سيبريان، ضد ديمتريانوس

Tacere ultra non oportet; ne jam non verecundiae sed diffidentiae esse incipiat quod tacemus (Cyprian, Against Demetrianus)

 

يعرف الضالعون في ترجمة نصوص فلسفية معقدة من لغة الى اخرى بدرجة من الدقة في الحَرْفية والاسلوبية أنَّ مثل هذا الجهد ليس باليسير. و تصبح المهمة اشد وعورة حين يسعون لتقديم فكر المؤلف بدلا من تقديم وعرض تصوراتهم (افتراضاتهم ) عن ذلك الفكر. ولكي يتحاشوا الحكم على المؤلف مسبقا، فانهم يتناولوا النص كما يبدو، في اصل صياغته، محاولين فهم ما يقوله المؤلف فعلا. وفعلهم هذا منطلق من فرضية أنَّ المؤلف محل الدراسة يعرف ما يريد توصيله وهم يضعون هدفهم فهم ما قصد اليه المؤلف. على أنَّ هناك منهج اخر في التعامل مع هذا الامر يرى أنَّ الفكر البشري مقيد بزمان وبمكان تشكله، وحتى بالأعراف اللغوية السائدة اثناء تشكله؛ وعليه سيكون فهمه –اي الفكر- من خلال اطار قائم على الاعتبارات التاريخية والفيلولوجية ( فقه اللغة). ويرى اتباع هذا المنهج أنَّ عملهم البحثي يقوم على تأكيد، اعتمادا على التحقيق التاريخي المزعوم بالنزاهة، على ما قد تمكن مؤلف ما من معرفة موضوعه ومن ثم تفسير المؤلف وفق هذا الحتمية . واتباع هذا المنهج يقومون، على هدى هذه التأملات، بإعادة بناء نصوص معينة ومن ثم ترجمتها .

ومع أنَّ الاستدلال الساعي وراء احد هذيّن المنهجيّن يكمن تقريبا وراء كل ترجمات اعمال الفلسفة العربية في القرون الوسطى التي ظهرت في الربع الاخير من القرن الماضي، لكن لم يفلح اي من اتباع المنهجيَّن في عرض منهجه بوضوح كافي. ويبدو أنَّ كل المعنيين مكتفون بتقديم تمهيد قصير عن الاعتبارات التي اتبعوها في الترجمة، على سبيل توضيح هذه الاعتبارات بدلا من الدفاع عنها. اضف لهذا، إنَّ قلة من الترجمات المتوفرة كانت مطلوبة بشدة وكان اتباع المنهجيّن حريصون للحصول على اي نص بحيث تغاضوا عن هذه الفروقات مجاملةً. على أننا وصلنا الان لمرحلة تم فيها استعادة عدد كبير من النصوص الاساسية وترجمتها بحيث أننا قادرون على أنْ نكون واعين و حذرين. وتسوِّغ هذه الفروقات، بين هذين المنهجيَّن، لكونها اساسية لدراسة الفلسفة العربية القروسطية، الدراسة والتحليل المعمقيَّن.

التاريخية، فقه اللغة والفلسفة:
يبدئ الاعتراض، على المنهج الاول الذي ذُكِرَ في الفقرة الاولى من البحث، بإنكار امكانية تناول نص ما بما هو عليه (أي بصياغته الأصلية). وهذا متأسس على أنَّ القيود التي تفرضها الظروف التاريخية على مؤلف لا تمكنه أنْ يكتب باعتباره فاعل حر او أنْ يكون واعيا تماما بما يريد قوله. وبإشارة خاصة الى شرح ابن رشد على كتاب فن الشعر لأرسطو، شدد الباحثون على ان ابن رشد ما استطاع احتمالا فهم كتاب ارسطو كما نفهمه نحن اليوم. فكل ما استطاع فهمه من النص «كان محصورا ومحددا بصورة موضوعية بالمدى الدلالي والتصوري للترجمة العربية التي لديه وبأية شروحات كانت متوفرة لديه.»[1] ولئن العقل البشري مقيد بهذه الطريقة، فعلى المرء اللجوء «للتحليل الفلسفي واللغوي الفيلولوجي [الذي] يهيئ الاطار الذي يعمل ضمنه التقويم والتثمين المعياريَّن للأفكار المنطوية فيه-اي التحليل- ... ويصف الحدود القصوى التي تصل اليها هذه الافكار.»

والتعليل الاضافي هو أنَّ الباحث، بعد ارساء افق رؤية النص، بإمكانه تمعن اساسه الفلسفي واصدار الحكم بشان ميزاته .ولكن بغض النظر عن النتيجة العملية إنْ كان لوحظ أصلاً أنَّ مثل هذا التحليل الفلسفي واللغوي يجني ثماره الفلسفية، فهناك اهتمام راهن أكثر. وبتوضيح بسيط، فالتعليل المطروح لتسويغ هذا المنهج البديل خاطئ لسببين: أولا، إنَّ اقرار الباحثين بوعي مؤلف ما بما يفكر به ورضاه عن عرض تفكيره بوضوح لا يفترض اطلاقا تطابق آراء المؤلف مع آراء الباحثين. إذ ينظر الباحثون لمهمتهم من جهة صلتها لاكتشاف بماذا يفكر المؤلف حقا وهم يفعلون ذلك، قدر الامكان، بدون تقييد انفسهم بأية اراء مسبقة . وغاية مثل هذا المهمة هي العلم والوقوف بما قاله المؤلف وفهم دلالته، يعني معناه واهميته. بالطبع ان النص الذي كان بحوزة ابن رشد يختلف عن النص الذي بين ايدينا. بالتأكيد افتقر ابن رشد للمعرفة المفصله عن اليونان القديمة وتاريخها وسياستها وثقافتها المتوفرة الان لدينا. غير ان هذه الاعتبارات ليست محل خلاف ولا هي موضوع البحث. على العكس، بعد قبول نص ابن رشد باعتباره نقطة البداية الحية الوحيدة، ستكون المهمة في المقام الاول هي تقدير وتحديد ماذا قال عن كتاب الشعر لأرسطو. وعندما نلاحظ غموض تفسيراته وقصورها في تبيين المعنى، يتوجب علينا البحث عن سبب ذلك أهو النص الذي في حوزته، أم فهمه القاصر عن تاريخ اليونان وثقافتها، أم رغبته لإتيان حكم معين. لا يمكن للباحثين الجادين تجاهل استدلاليا تميز ابن رشد، بغض النظر عن التأثيرات الثقافية المحيطة به، بموقع فكر متماسك يستحق التوضيح. فمهمة المترجم هي تعريف ذلك الموقع وتجلي مضامينه.

ثانيا، لا اعتراض على ذكر الفروقات الزمانية والمكانية واللغوية والثقافية التي تفصل ابن رشد عن ارسطو، لكن الوعي بهذه الفروقات لا يؤدي الى معرفة و بالتأكيد ليست معرفة «موضوعية» ما الذي يقيد فهم ابن رشد لأرسطو. وبرغم التفاصيل الكثيرة التي اوردها وساقها باحثي فقه اللغة تاريخيا حول طرق استخدام الكلمات في أزمان مختلفة، وحول حالة النصوص التي كانت موجودة زمن ابن رشد، الا ان هذا البرهان والدليل لايسمح بالحكم مسبقا على ما استطاع ابن رشد ان يفهمه من كتاب الشعر. وحقا، ترفدنا مثل هذه التفاصيل فقط بعوامل تخمينية ظنية تفيدنا عندما نواجه تعقيدات في النص. يمكن طرح المسالة بصورة اشد وضوحا: لا يهم كم نعرف الان عما اثر على ابن رشد او عن ماذا عرف ابن رشد عن نص ارسطو، فهذه المعلومات لا تمكن الباحثين من ان يقدروا مسبقا ما يقوله ابن رشد عن النص او ما كان باستطاعته ان يقول عنه.

الكلام المذكور في اعلاه يقدم المعرفة التاريخية واللغوية المحدودة التي يمتلكها المرء باعتبارها نوعا من العلم و تُصَوِر الذين يتبنونها ويسلكونها بانهم من العلماء. وتدل هذه المعرفة ضمنيا على التقدير الدقيق لما استطاع ابن رشد فهمه عن ارسطو . بمعنى اخر، انها تمكن المرء من فهم ابن رشد ليس كما فهم هو نفسه بل بأحسن مما فهم نفسه. وهذه المعرفة التي تعلن مساهمتها للتطور في الفكر البشري، وللوعي الجديد الذي تبشر به حول كل الفكر القديم بانه محدود ومقيد بالزمان والمكان، تعفي نفسها من نفس هذه القيود والتحديدات.

اما المنهج الاخر فيعتبر المعرفة اكثر فائدة للفلسفة. واصحاب هذا الاتجاه، مثلهم مثل الفلاسفة الذين يدرسونهم، ينطلقون من وعي عسر المشكلة الموجودة في النص الذي بين ايديهم وكذلك من حدود معرفتهم انفسهم. ويسعون لفهم افضل للمشكلة الرئيسية والقضايا الاخرى الصغيرة المرتبطة بها لكي يبحثون فضائل الحل الذي يقدمه فيلسوف ما. وهكذا، فبخصوص بعض المشاكل، يرون انفسهم في حمة نقاش وجدل جرى بنجاح وبدون اية تحويرات مهمة عبر الازمنة والاماكن واللغات والثقافات.

ولكيلا يبدو هذا عويصا جدا، سأعرض لأمثلة ثلاث لهذيَّن المنهجيَّن المختلفيَّن نحو التفسير النصي وهكذا للترجمة. وستوضح هذه الامثلة الفروقات بجلاء مما يسمح بتقويم عادل لفضائل كل منهما. يركز المثال الاول على كيفية سعيهم لفهم النصوص التي يقرؤونها خصوصا الطريقة التي يفترقون بها في تفسيرهم عن التأثيرات المحتملة على مؤلف ما. اما المثال الثاني فيبحث ما يدعيه الفيلولوجي الحتمي باعتباره الانجاز المهم لتلك المقاربة، الوضوح المتحقق من دراسة التغيرات التي تطرأ على النص اثناء انتقاله عبر الزمان وعبر المكان وعبر موروث الاتجاهات اللغوية. واخيرا- اي المثال الثالث- نعير الاهتمام لما يعتبره ذلك الاتجاه جديرا بالاستحسان في الترجمة ولسبب وجوب الحكم على معاييره بصورة غير مُرضِية.

الشعر باعتباره جزء من المنطق:
انطلاقا من ذلك البعد الفقهي اللغوي الخاص، تعتبر ترجمة وتفسير شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر باعتباره جزء من المنطق لأرسطو غير مستحسنة لان مؤلفها «يلح معاندا ان ابن رشد هو الذي ‘يعتبر فن الشعر جزء من فن المنطق،‘ ويسعى لتفسير سبب ‘اتخاذ ابن رشد لهذا الموقف».[2] وتم رفض الحجة التالية القائلة – على وجه الخصوص، لان ابن رشد يسعى في شرحه الوسيط على كتاب الشعر «لإرساء الاسس ... لفن شعر يهدف اساسا لتشجيع الافعال المحمودة والحط من الافعال الرذيلة ... يبدو معقولا تماما اعتبار الشعر انه جزء من المنطق»[3]– بناء على الاسس التالية:

وهذا الامر هو قلب الحقائق على راسها: فليس لأنه اراد ان يعطي الشعر وظيفة وعظيه قام ابن رشد باعتبار الشعر جزء من المنطق، لكن لان الموروث (التقليد، التراث) الذي يتبعه ابن رشد اعتبر الشعر جزءً من المنطق فتوجب عليه ان يسوغ هذه الحقيقة ويرى وظيفة وعظيه للشعر. فالإشكالية لا تخص إن كانت فكرة جعل الشعر جزء من المنطق نشأت مع ابن رشد ام لا، لأنه لم يتم التعرض لسوابق ضم الشعر ضمن المنطق. بل بالأحرى، المشكلة هي ان هذا التفسير النزق يطرح السؤال المهم جدا عن سبب اتباع ابن رشد تضمين التراث للشعر ضمن المنطق للدرجة وللحد التي تفترض ان ابن رشد والفلاسفة الاخرين يتبعون طوعا او كرها اي تفسير مُحدَثْ يصادفهم ويُطَوِّعون آرائهم ليناسب ويوافق ذلك التفسير.[4] وهذا مما يسمح للمؤلفين بقدر كاف للتحوير ولكن ليس بقدر كاف ليكونوا حذرين وواعين بالتفسير الجديد المُحدَثْ.

بتعبير اخر، تُصبح كل الخلافات الفلسفية الكبرى لا قيمة لها من وجهة نظر هذا البعد الحتمي. ويصر هذا البعد على ان ما يجب ان يشغل الباحث المفكر هو ليس محاولة فكر القضية او الموقف الذي تبناه فيلسوف معين بل البحث عن اصل الموقف المعين. وبدلا من رؤية البحث من خلال فائدته لإلقاء الضوء على المواقف، لتوضيح غير المُفسر كلية أو غير المعروض بكافية ايجازا، باعتباره مسانداً للبحث الفلسفي يعتقد انصار هذا الاتجاه انه ينفع على وجه الخصوص لتوضيح محددات وقيود كل الفكر السابق عليه. وما ان يتمكنوا من تشخيص منشأ واصل راي معين، فلن يجدوا داعيا لتقصي قيمته واهميته. يجب فهم كل الفكر السابق، غير واعين من تجذره في التاريخ، فقط في اطار ما يخبرنا عن المناخ الفكري لذلك العصر.

لتعزيز الاعتقاد بأن ابن رشد قد اجبر على تحريف تفكيره ليوائم التراث الذي يتبعه، يجدر بنا التوجه لمقدمة اسماعيل دحيات عن شرح ابن سينا لكتاب الشعر لأرسطو. وهناك، جرت محاولة لعرض نفس الادعاء بخصوص طريقة ابن سينا في تفسير كتاب الشعر لأرسطو. فيمضي دحيات ويؤكد ان كل هؤلاء الفلاسفة الذين قبلوا بالتراث القائل ان الشعر جزء من المنطق، وجب عليهم تأييد وظائفه الوعظية. ومع انه يعترف ويقر علنا عدة مرات ان الفلاسفة يكرهون الشعر، إلا أنه لم يتوقف مطلقا لمعرفة اسباب هذا الكره. اذ يكفيه ان يلاحظ ان الشعر«وضع في اسفل سلم المنطق»، وأنَّه «أُعتبر ضمنا اقل اهمية، لنقل، من الجدل او البرهان»، ويستنتج بان «هذا يفسر العناية القليلة التي اولاها الفلاسفة له مثل الفارابي الذي كان جل اهتمامه هو المنطق الصرف والفلسفة».[5]

ويخفق تفسير دحيات في استيعاب المقام الأساسي للبرهان في المنطق عند الفارابي وعند الذين وافقوه في فهمهم لكتاب ارسطو الارجانون. وبسبب اعتقادهم أنَّ القياس البرهاني هو ارقى صور المنطق، فقد صنفوا كل اشكال المنطق الاخرى وفقا لدرجة بعدها عن البرهان. وسواء كانوا حقا مقتنعين بان المنطق البرهاني ممكنا في كل الاحوال بالأخص في الحالات العملية او لم يكونوا، فانهم دافعوا بقوة عن ذلك. وفعلوا هذا اساسا لكي يصدوا فتنة الشعراء. كان الصراع بين الفلاسفة، باعتبارهم المشرعين المفترضين للنظام الافضل، وبين الشعراء او من شابههم، الذين ينافسون الفلاسفة اما من خلال دفاعهم عن الوضع القائم او من خلال تقديمهم رؤية بديلة عن النظام الافضل، قضية ساخنة عند الفارابي او ابن رشد مثلما كانت عند سقراط في جمهورية افلاطون. وان عدم ادراك وجود هذا الخلاف، ناهيك عن ذكر مضامينه السياسية العريضة، هو الذي جعل دحيات ومن يشاطره في افتراضاته يخفقون في ادراك وفهم المغزى الكامل لإدخال الفلاسفة للشعر ضمن فنون المنطق.

انتقال نص ابن رشد
يتمثل الافتراض الاساسي لمنهج الفيلولوجي الحتمي بأن الكتابات الموجودة في تراث الفلسفة العربية في القرون الوسطى، اعتمدت بالكامل على ما كان متوفرا من نسخ من نصوص ارسطو. وبخصوص الشرح الاوسط لابن رشد على كتاب الشعر، تم التشديد على أنَّ «اصداء النص العربي الاساسي لكتاب الشعر ... كانت بمثابة الحافز للشرح فضلا عن تشكيله اساس الشرح.»[6] وهنا تصبح رواية طريقة وجوب تحوير وتغيير نص ارسطو من خلال ترجمته من الاغريقية للسريانية ومن ثم للعربية، امراً اساسياً لتوضيح هذا الموقف والدفاع عنه. ولتوضيح كيفية «تغير المعنى وتحريفه عند كل مرحلة تالية من الانتقال» يتم عرض نسخ مختلفة لتعريف ارسطو للتراجيديا وكذلك الشروحات عليها (Poetics 1449b 24-28).

منطلقاً من ترجمته الانجليزية الخاصة لأفضل النسخ الموجودة من النص اليوناني الاصلي، يقوم الناقد بالانتقال الى النص العربي لشرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر ولترجمته الإنجليزية الخاصة به للنص العربي، ثم لترجمة ابو بشر متى العربية وترجمتها الانجليزية.[7] ولاحقا، يعرض «شكلا محورا قليلا» لنص ابو بشر متى. وعلى اسس غير مُبينة ولا موضحة ابدا، يؤكد الناقد انه الشكل الذي «فهمه ابن رشد» لنص ابو بشر متى الاصلي؛ ويصاحبها أيضا لترجمته الانجليزية لها.[8] ويستعرض ايضا النص العربي لشرح ابن سينا في الشفاء على التراجيديا مع ترجمتها الانجليزية من قبله ايضا.[9] ووضع كل هذا امام ما اعتبره «الترجمة المفهومة بالكاد، لأنها غير مُفسرة، للمقطع ذي الصلة» من شرح ابن رشد الاوسط لشعر ارسطو (يعني ترجمة كاتب المقال).

وتواجه هذه القضية ثلاثة صعوبات. اولا، انها تفيد في عرض اعادة بناء تاريخية فيلولوجية مفترضة لانتقال كتاب الشعر اكثر مما تعزز ترجمة كتاب ابن رشد. فهنا مثلا يكتب الناقد اكثر من ثلاثة الاف كلمة لتوضيح ترجمة مائة وعشرة كلمة من نص ابن رشد. ولو اتبعت هذه العملية بصورة منهجية فسيواجه القارئ الممكن إنْ وجد مثل هذ القارئ بحجم قوامه ستمائة الف كلمة او الفان واربعمائة صفحة. ولو تركنا هذا الجانب العملي جانبا، يبقى السؤال المهم : هل بإمكان اعادة بناء النص المساعدة في فهم نص ابن رشد باي طريقة نافعة.

لكنها ترينا ان ابن رشد عجز عن شرح بعض كلمات وردت في ترجمة ابو بشر متى وانه فهم بعض اجزاء منها بطريقة تناقض المعنى الظاهري للنص. وكلا الامرين واضحا لأي شخص يقرا شرح ابن رشد مقابل ترجمة ابو بشر، او حتى نص ارسطو نفسه باليونانية او مترجما. ولا تعين اعادة تركيب النص اي شخص على تعليل التغيرات التي ادخلها ابن رشد. على العكس، يحاول الناقد على ارجاع مثل هذ التغيرات لصعوبات واجهها ابن رشد او من سبقوه في فهم نص ارسطو كما وصل اليهم. و لم يفكر الناقد مطلقا او يتأمل احتمالية ان المؤلفين المتأخرين قد استخدموا النص لأغراضهم الخاصة وهي اغراض تتوافق مع غاية ارسطو النهائية لكنها تتباين بالتفاصيل بسبب الفروقات والاختلافات بين جمهورهم وبين جمهور ارسطو. ورغم اقرار الناقد وبعضا من الفيلولوجيين، الذي يدعي انهم[10] يوافقونه الرأي، بوجود رابطة بين الشعر والخطابة، لكنهم ينكرون ويتجاهلون المضامين العملية لمثل هذه الرابطة. ومع ذلك فالفارابي وابن رشد مثلما هما مؤلفين في الفلسفة السياسية فهما شارحان ايضا لكتابات ارسطو. ففي كتبهما في الفلسفة السياسية فهما دقيقان جدا حول الدور الموجه للسياسة وبالأخص الفلسفة السياسية في النظام الامثل.

تتعلق المشكلة الثانية بهل أنَّ اعادة التركيب أو أي دليل أقامته يسمحان بالحكم على أنَّ هذه الترجمة ككل ليست دقيقة ولا تمثل ما عناه ابن رشد، لأنها [الترجمة] تخفق في اظهار التأثير الفاصل الذي كان للترجمة العربية المشوهة لكتاب ارسطو عن الشعر وشروحاته العربية المتقدمة على فهم ابن رشد للنص؟[11]

واحدى الطرق لاختبار دقة وموضوعية هذا الادعاء هو وضع ترجمة الناقد (A) للمقطع المحلل بصورة شاملة واسعة بجانب النسخة قيد المناقشة (B؛ أي ترجمة كاتب المقال). وتظهر مقارنة النصيَّن ان ترجمة الناقد - التي يزعم أنها استفادت من الوعي بهذه التأثيرات «الفاصلة» هي ترجمة غير دقيقة، مُملة، و غامضة بلا داعي:

B

The art of eulogy… is a comparison and representation of a complete virtuous voluntary deed ̶ one that with respect to virtuous matters is universal in compass not one that is particular in compass and pertains only to one or another virtuous matters. It is a representation that affects souls moderately by engendering compassion and fear in them. It does this by imitating the purity and immaculateness of the virtuous.

A

The craft of poetry of praise is that it is a likening and imitation of a voluntary virtuous and complete action that has a universal potential [of application] with regard to virtuous matters not a particular potential [of application] with regard to each one of the virtuous matters [separately]; an imitation whereby souls are moved to temperate state through the mercy and fear which has been generated in them, this [coming about] through the images of purity and cleanliness which are evoked [as existing] in virtuous men.[12]

يكمن هدف الترجمة في التعبير بلغة ما عما عُبر عنه في لغة اخرى، ويتوجب أنْ يكون النص المُترجَم مفهوما بذاته بقدر ما هو مفهوم في لغته الاصل. وفوق هذا كله، فهو موجه نحو القارئ غير المتمكن من قراءة النص بلغة الاصل. ويتوجب بهذا الخصوص استعمال الهوامش لتفسير المصطلحات غير العادية واي صعوبات نصية اخرى؛ غير أنه يُستحسن تجنب الاطالة التي تثقل النص وتجعله عسر القراءة. وبالقدر الذي يتجنب فيه مؤلف النص الأصل استعمال الأقواس، يتوجب على المُترجم أنْ يستوعب فكرة النص المترجم بلا لجوء لمثل هذه الوسائل المتكلفة. والأكثر أهمية، يتوجب على المُترجم أن لا يضيف للنص المُتَرجَمْ ولا يحذف منه مالم يتم توضيح مثل هذه الاستدلالات واسنادها. وأخيرا، يجب على المُترجِم استخدام مصطلحات متوافقة مع ما يجري الحديث بشأنه؛ مثلا ليس هناك من مسوغ لترجمة الرحمة بـ mercy بدلا من compassion أو pity.[13]

والمشكلة النهائية التي تناولتها عملية اعادة التركيب المبينة هنا هي إنْ كانت تُسوغ نقد الجملة التالية: يستنتج أرسطو وابن رُشد الاجزاء المُكَوِنة للشعر من فهمهم لما يتوجب ويفترض أنْ تفعله المأساة أو المديح، يعني، لتصوير فعل فضيلة كامل أو كلي بكلام يكون موزون ومتجانس.[14] في هذا المقام هل من المعقول أن تربط أرسطو وابن رشد في هذه العبارة وتعزو لهما فكرة أن المأساة في حالة ارسطو أو المديح في حالة ابن رشد «تصور فعل فضيلة كامل أو كلي.» وكما هو واضح ليس لأي منهما سند وتأكيد، يؤكد الناقد: «لم يقل ارسطو شيئا حول فعل الفضيلة في تعريفه للمأساة.»[15] وللتأكيد، ليس هناك من ذكر لفعل الفضيلة في نقل الناقد لمقطع من ارسطو: «المأساة هي محاكاة لفعل جدي كامل و بمقدار معين.» لكن العبارة قيد المناقشة تسمح بالتأويل، وهي نقطة يقرها الناقد ضمنا عندما يعترف بانه اتبع في ترجمتها تحليل (D.W.Lucas) للمقطع. يبين لوكاس أنه من الصعوبة تقدير افضل ترجمة للمصطلح الاغريقي spoudaias، الذي تُرجم هنا "بالرصين". ولكنه يلاحظ الاتي:

إن كون الماساة هي mimēsis قد توضح في الفصل الأول، بانها تحاكي ال prattontes في الفصل الثاني، والنقطة الرئيسية في ذلك الفصل انهما spoudaioi.[16] وبملاحظته اكثر انه «لا توجد مفردة انجليزية واحدة لل spoudaias تصح على كلتي الرجال والفعل»، يحيل لوكاس القارئ لملاحظة وردت في تعليقه على الشعر b61451. وهو يفسر، في ذلك المقطع الأخير، بأن spoudaios المستعملة للأشياء لا تعني ما سيفعله أو يقره الـ ho spoudaios. ثم يحيل القارئ لأخلاق ارسطو a211219، حيث يستعمل ارسطو الصفة spoudaios مقترنا مع المصطلح arēte لكي يلاحظ انه «إذا وجدت ميزة في حرفة الاسكافية [arēte skutikē] واسكافي جيد [ spoudaios skuteus]، فعملهم هو حذاء جيد [hupodēma spoudaion][17] ولربما لاحظ لوكاس أن ارسطو يجري اقتران مشابه في الاخلاق النيقوماخية حين يدعي «يبدو ... أنَّ الفضيلة [arēte] والانسان الفاضل [أو الانسان الجيد، ho spoudaios] هما معيار كل الاشياء.»[18]

في ضوء هذا النقاش يجب ملاحظة أن المرء ينطلق من نص ذكره الناقد للدفاع عن ترجمته لتعريف ارسطو عن المأساة فالرفض المتعالي للمقطع قيد المناقشة غير مسوغ . يقدم البحث الفيلولوجي المتميز بالتجريب والاستكشاف اكثر مما بالقطع والرفض، فكرة واضحة عما يعنيه ارسطو حين يتكلم عن مأساة تحاكي فعلا هو عظيما spoudaias . وهو يفسر محور اهتمام مثل هذه الافعال في الفصل الثاني من كتاب الشعر. وبالإضافة، فمجرد التأمل في التراجيديا المشهورة تعيد للذهن انواع الافعال التي يقصدها ارسطو: قتل أوديب لأبيه غضبا وبالتالي زواجه من امه، رفض أنتيجون لبلاغ كريون بألا تدفن اخاها بولينيسز، و ازدراء هيبوليتويس المتعجرف لفادريرا. وبالتأكيد هذه هي أفعال جدية (serious) لكنها جدية على وجه التأكيد فقط لأنها تتضمن قضايا اساسية عن الصواب والخطأ، يعني، أفعال ذات ميزة اخلاقية. لم يكن ابن رشد بحاجة لينتظر ابن سينا، ولا ابن سينا يعتمد على «نقاشات مبكرة في الارث الارسطي»، لرؤية هذا الدفق الاساسي لنص ارسطو. وكل ما توجب عليهم فعله هو قراءة نص ارسطو بعمق والتأمل للحظة حول الموضوعات التي تناولها في كتابه الشعر، سواء المأساة أو المديح. وبقدر ما كان كل منهم على وجه الخصوص ابن رشد مصرا على تفسير نص ارسطو، فعلى المترجم الواعي أن يربط الاثنين.

ترجمة نص ابن رشد
المنهج المتبع في الترجمة الذي ندافع عنه هنا، الموجود في شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر، يعتمد على فكرة أن الباحثين يترجمون نصوص المفكرين المتقدمين لانهم يعتقدون أن أولئك المفكرين المتقدمين ربما لديهم رؤى عن مشاكل تحير المفكرين المتأخرين. والمنهج لا يسعى للحكم مسبقا على ابن رشد بارائه (اظهار) ماهي التأثيرات التي كانت للترجمات العربية القديمة لكتاب الشعر على ابن رشد، أو كيفية تحديد وتقييد فهمه لأرسطو. يقدم مترجم شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر تفسيرا واضحا عن كيفية مسير ابن رشد ويسعى لكي يميز بين تفسيره أو تأويله وبين ترجمته له. والمترجم ينبه القارئ لتحويراته في النص، شكوكه حول مقاطع معينة، واسبابه لمثل هذه التحويرات والشكوك. وفوق هذا كله، يعرض الترجمة بوصفها عمل يقوم بذاته. ويتوجب قراءتها –اي الترجمة- بكونها افضل شيء مقابل للنسخة الاصلية من النص. وتقصد الترجمة لخدمة التفسير، والتفسير بالطبع يوضح الترجمة. ولكن لا يمكن لأي منهما أن يحل محل الآخر.[19]

والبعد التاريخي بالنسبة للناقد لا يحفل بكل الاهتمامات الاخرى ويلغيها. وهكذا في مراجعة مشوهة اخرى لترجمة لإحدى شروحات ابن رشد الاخرى، وهي مراجعة يعتبرها مصورة تماما عن هذا المنهج، يدعي: ان شرحاً لنص لأرسطو مذكور في ترجمة عربية، شبيه بشرح ابن رشد هو عبارة عن بناء فكري مركب يجمع عدة عناصر تاريخية وتصورية مختلفة متناقضة ويعمل من خلال الاستعمال الدقيق لمصطلح يكون كالهيكل الذي يحمله ويمنحه تخصصه التاريخي. ان ترجمة لمثل هذا العمل الى لغة اخرى يجب أن تديم للضرورة بصورة واضحة الفرق ضمن هذه العناصر وتحفظ وبصورة دقيقة التفاصيل المصطلحية. وبخلافه فلم يتم تحقيق غرض الترجمة، لان المستفيدين المؤملين، ومؤرخي الفلسفة الذين لا يعرفون العربية، ستفوتهم الفروقات الدقيقة التي تساعدهم على التقويم الصحيح لعمل ابن رشد، ومعرفة ديْن سابقيه وتأثيره على اللاحقين.[20] وبالتأكيد، هذا يقلب ترتيب الاشياء. ان مهمة التفسير، مهمة تالية للترجمة، هي ملاحظة «الفروق الدقيقة» في المصطلح. ووحده التفسير القائم على الانتباه الدقيق للحجج وتقدير صحتها سيساعد «مؤرخي الفلسفة ممن لا يعرفون العربية ... في تقييم عمل ابن رشد بدقة.»

ومع ذلك فالناقد يخطئ وينقد ترجمة المصطلحات الفنية في شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر بكونها «اعتباطية وغريبة» ويورد معالجة مصطلحي التخيل والنظر ليثبت التهمة.[21] والنقد بخصوص ترجمة المصطلح الاول بالـ imitation ذو ثلاثة ابعاد: أولا، إن evoking images (اثارة الصور) ينقل معناه بدقة؛ ثانيا، لم يتكلم بما فيه الكفاية حول اسباب ترجمة التخيّل بـ imitation؛ وثالثا، فهذه الترجمة «تشوه فهم ابن رشد لكتاب الشعر وتلغي الغرض الاساس للترجمة.» تبدو النقطة المهمة هنا هي اخفاق المترجم ليسند ويدافع بصورة صحيحة عن قراره لترجمة التخيّل الى imitation. ودليل ذلك، انه تم اقتباس جملة واحدة من هامش كبير موسع قدم لتفسير هذا القرار؛ ثم عوقب المترجم لغياب المراجع للمصادر الثانوية دفاعا عن قراره. وادعي أن افضل ترجمة هي الـ evoking images عبارة عن نقل انجليزي للمفردة الالمانية vorstellungsevokation التي طرحها Wolfhart Heinrichs في عملين يبدو انهما «يضيئان التراث الذي كُتب به شرح ابن رشد وهما لا غنى عنهما لتفسيره.»[22] إنَّ الهامش المشار اليه، ولم يتم اقتباسه كاملا، يعالج صعوبة استيعاب المصطلحات المختلفة التي يستخدمها ابن رشد للتعبير عن مصطلح ارسطو mimēsis. ولأن هدف المُترجم المُعلن هو جعل شرح ابن رشد مفهوما بلغة إنجليزية مقروءة، فقد نبَّه القارئ للصعوبات الكامنة في ترجمة هذه الجملة: بخصوص القضايا الشعرية، فالـ imitation و الـrepresentation تتولدان وتنتجان من ثلاثة اشياء: النغمة المنسجمة، الوزن، والتشبيه نفسه.

يشير الهامش قيد المناقشة، الذي اقتبس الفيلولوجي الحتمي منه الجملة الثالثة، لترجمة التشبيه بـ «comparison» ويوضح المشاكل المهمة بالطريقة التالية: إن مصطلح التشبيه، المستعمل في الفقرة2، في اعلاه بالاقتران مع التخيّل imitation، كلاهما ينفعان في نقل معنى مصطلح ارسطو mimēsis. لاحظ أنَّ ابن رشد في هذه الجملة يربط الـrepresentation (محاكاة) بالـimitation ومن ثم يستبدل مصطلح التشبيه بالمحاكاة ومشتقاتها في بقية الفقرة. يستخدم ابن رشد مصطلح التخيّل الذي تُرجم بانتظام بـimitation، بمعنى عام ولذلك يستوعب بدقه فكرة الـ mimēsisعند ارسطو. ان مصطلحي المحاكاة والتشبيه اللذيَّن اترجمها بانتظام ب representation و comparison على التوالي، استخدمها ابن رشد كما لو كانا انواعا من التخيل (imitation أوmimēsis) لتصوير التخيل في الكلام، في الميلودي، أو في الشعر. انظر ايضا الفقرة 24 مع الفقرة 22 في ادناه، مثلا كيف يستعمل ابن رشد هذه المصطلحات بصورة متبادلة بدون أن يؤدي لأي اضطراب.[23] إنَّ هذا التوضيح رغم قصره وايجازه، عندما يطرح كاملا مثلما طُرح هنا هو توضيح مناسب. هدف المترجم هو لتجنب تحميل قارئ الترجمة عبء تفسير النص من خلال الهوامش الكثيرة. وحقا، تسعى مقدمة المترجم لتنبيه القارئ لكيفية فهم المُترجِم للنص.

مع ذلك، هل يصح الادعاء أنَّ استعمال مصطلح imitation مقابل التخيل يعمل على «تشويه وتحريف فهم ابن رشد لكتاب الشعر ويبطل الغرض الاساسي من ترجمته؟» بالتأكيد لا. إنَّ قيمة مصطلح مثل ال vorstellungsevokation أنه يشير للـ imitation بوصفه اسقاط لخيال أو اثارة خيال -صورة- في عقل القارئ أو المستمع. لكن قصد المترجم لايجاد مصطلح انجليزي سويا مع مشتقاته سيناسب السياقات المختلفة التي يقع فيها مصطلح التخيل ومشتقاته، فهو تبنى الاختيار المدافع عنه في الهامش المذكور في اعلاه. وهو «لا يحرف فهم ابن رشد لكتاب الشعر» ولا «يبطل غرض ترجمته»، لكنه يجعل ما يقوله ابن رشد عن نص ارسطو مفهوما ويساعد القارئ للتأمل بما يعينه الـ imitation أو مشتقاته في أي سياق معين. وبعيدا عن استبعاد معنى evoking images، فالمصطلح imitation يحيط به ويشتمل عليه تماما مثلما يشتمل عدد من معاني اخرى يتكلم فيها ابن رشد عن التخيل.[24] علاوة على هذا، يبين الانتباه الكافي لكتابات الفارابي التي استعملها Heinrichs ليصل لفهمه عن التخيل بكونه vorstellungsevokation أو evoking images (اثارة الخيال) ومحاكاة بلفظ Nachahmung أو imitation، أنَّ الفارابي يستعمل المحاكاة بنفس الطريقة التي يستعمل فيها ابن رشد التخيل. يعني، بالرجوع للملاحظة قيد البحث، يتخذ الفارابي المحاكاة بمعنى عام للـ mimēsis ويستعمل التخيل والتشبيه بانهما اصناف له.[25]

وما يمكن تعلمه من الدراسات النصية الشاملة التي قدمها الفيلولوجيون مثل لوكاس وهاينريشز مهم وحتى اساسي للترجمة والتفسير النهائي لنصوص مثل شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر. وتزداد اهمية هذه الدراسات بالقدر الذي يقدمها مؤلفوها بصورة غير حاسمة ونهائية، وهم باحثون يدركون حدود معرفتهم. وفي ايادي مثل هؤلاء الباحثين، نجد أن المعرفة الفيلولوجية ليست حتمية ولا هي عصا يضربون بها معارضيهم ليذعنوا لهم.

لكن عودة لقضيتنا: يُلام لجوء المترجم على حد سواء لمفردة ‘spectacle‘ لنقل استعمال ابن رشد لمصطلح النظر حين يشير لهذا الفن من المأساة أو المديح، مثلما سيختاره ابن رشد. ورغم ايراد هامش يبين وعي المترجم للاستعمال العادي للمصطلح بانه يعني «التفكر أو التأمل»، فالناقد يبدي دهشته بان المصطلح يمكن مع ذلك ترجمته بـspectacle ولهذا «مقدما ثانية صورة مشوهة عن فهم ابن رشد لكتاب الشعر.» وثانية، فمن المفيد أن نورد الهامش كاملاً: يستعمل ابن رشد نفس المصطلح الذي يستعمله المترجم العربي القديم، النظر، حيث يتكلم ارسطو عن opsis . ولكن كما سيتوضح لاحقا جدا، وخصوصا في الفقرات 24 و31، فانه يفهم المصطلح بمعناه العادي جدا للتفكر والتأمل.[26] وفي تلك التتمة التالية المباشرة، يقول ابن رشد: والذي يُشَّبه في المدح ثلاث أيضا: العادات، والاعتقادات والنظر أعني، استدلال صواب اعتقاد ما.

هنا، كذلك حين يرد المصطلحspectacle "النظر" في الفقرة 24 و31، فقد احيل القارئ للملاحظة التي ذكرت للتو. إنَّ المصطلحspectacle وليس مصطلح speculation أو حتىreflection قد استعمل في كل الحالات الاربعة ليشير ويدل على أن ابن رشد يعرف بوجود شيء ما قيد الاستعمال أكثر من مجرد كونهspeculation أو reflection ، لكنه غير متيقن تماما ما هو ذلك الشيء. فمثلا، في الفقرة 24 يلاحظ ابن رشد: إنَّ ‘النظرspectacle هو ما يفسر صواب اعتقاد. وكأنه كان عندهم ضربا ما من الاحتجاج لصواب الاعتقاد الممدوح به. وهذا كله ليس يوجد في اشعار العرب، رغم وجوده في الاقاويل الشرعية المديحية. ثم يضيف في الفقرة 31 : الجزء السادس هو النظر اعني، الاحتجاج لصواب الاعتقاد أو صواب العمل، لا بقول اقناعي فان ذلك غير ملائم لهذه الصناعة، بل بقول محاكي. فان صناعة الشعر ليست مبنية على الاحتجاج والمناظرة، وبخاصة صناعة المديح، ولذلك ليس يستعمل المديح صناعة النفاق، والاخذ بالوجوه كما تستعملها الخطابة. ولن يُكسب شيئا في اي من هذه الحالات بترجمة النظر بـ speculation أو reflection وبالتأكيد ليس «البحث النظري.» يُفترض بالترجمة أنْ تستوعب معنى النص المُترجَم، تذبذباته فضلا عن يقينياته وأنْ يتم ذلك بطريقة لا تحط من شان المؤلف ولا تضخمه. وحين يحمل النص المُترجَم عبء اضافيا لكونه ترجمة لنص مشروح عليه، فيتوجب أنْ يسعى أيضا لأن ينقل للقارئ أفضل فهم وحتى أعلى فهم تحصل عليه من النص. وتحقق ترجمة مفردة النظر هنا ب الـ spectacle، بوجود تفسير كامل الهامش، هذه الغايات بدقة.

يشير رفض الناقد لترجمة هذا المصطلح إلى قضية اعمق ومفيدة. ويوضح هذا الاعتراض، شبيه بذلك الاعتراض بخصوص ترجمة جينكواند (Généquand) المذكورة اعلاه، شوق رغبة الناقد لترجمة تُقدم بوضوح وبصرامة بوجود الدليل الذي يملكه المترجم حول استعمال اللغة في تلك الفترة التقييم العلماني المعاصر لما كان بإمكان المؤلف معرفته عن النص. ولكن، باستثناء المحددات الزائفة الواضحة التي يفرضها هذا المنهج على المؤلف (مثلا، ترجمة الرحمة بـ mercy لكون ابن رشد مسلم)، تعتمد بصرامة على البيانات التاريخية التي هي اطلاقا واضحة لا لبس فيها. إنَّ مترجم شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر، مقر بانه يسعى ليتعلم من ابن رشد اكثر مما يحوصله في دائرة محددة مسبقا، قدم نصا يترك الاحتمالات مفتوحة على التفسير والتأويل المشار اليه الان. اضف على هذا، وكما لاحظ في مقدمة لترجمة اخرى لابن رشد، فهو واعي من سقطة المترجم خائن (traduttore, traditore).[27] يبدو الناقد من الناحية الاخرى مطمئنا جدا بان علمه يحميه من مثل هذا الخطر.

وتقود مثل هذه الثقة الى المغالاة بخصوص عمل باحثين آخرين. مثلا، على الاساس الذي «يقدمه كانتارينو لترجمة عن مقطع مهم» في كتابه الشعر العربي في عصره الذهبي لشرح ابن رشد، يصر الناقد بان المترجم ‘قد يكون استشار عمله – عمل الناقد‘.[28] ويوضح للمتمعن في ترجمة كانتارينو أنَّ ترجمته ليست بذي فائدة لرؤية كيفية ملائمة ترجمة هذيَّن المصطلحيَّن في السياق. ويقوم الناقد بحذف الفصل الرابع (الفقرات 20-32) من الشرح يعني، المقطع الذي يدور فيه الحديث عن مصطلح النظر بدون أي كلمة توضيحية.[29] ولا تقدم ترجمته اي مساعدة بخصوص مسألة التخيل. في جزء من كتاب كانترينو الشعر العربي المكرس لمناقشة الشرح (= شرح ابن رشد) يجتهد كانتارينو بقوة حول كيفية ترجمة المشتقات المتعلقة بالتخيل ويقرر في النهاية بان «العملية الذهنية هي التي يستطيع بواسطتها الشاعر ان يولد ويحدث تصوراته التخيلية لتكون خيالية، فعالة وخلاقة ابداعية.» وبالتالي، فهو يختار «الخلق التخيلي imaginatively creating [يُخيِّل]»، ثم يختار «خطاب خلاق تخيليا imaginatively creative discourse [ مُخيِّل]» في ترجمته الطويلة (انظر ص 178). لان الرابطة، التي ناقشناها في اعلاه، التي يقيمها ابن رشد بين التشبيه والتخيّل، يترجمها كانتارينو بالـ creative and mimetic representation، ثم بعد خمسة عشر سطراً يترجم التخيَّل بالـ imaginatively creation (ص.179).[30]

علاوة على هذا يغفل كانتارينو، بسبب اهتمامه بالمصطلح الفلسفي، المسألة الاساسية لأطروحة ابن رشد. مثلاً، عندما يناقش ابن رشد القصائد المتعلقة بالأفعال الارادية، فالمسالة قيد الاهتمام هي الفضيلة والرذيلة وليس «الحسن والقبيح.»[31] يسئ كانتارينو ترجمة هذه النقطة الاساسية باستمرار، كما توضح المقارنة التالية بين نصه (A)، مع النص المُراجع (B):

B

Since every comparison and narrative representation is concerned only with the noble and the base it is clear that in every comparison and narrative representation only praise and blame are sought.[32]

A

Since all comparison and representation deal with what is beautiful and what is ugly it is obvious that all comparison aims at embellishment (tahsin) or defacement (taqbih).

نجد أن كانتارينو يخطئ في قضايا اقل تعقيد أيضا لأنه يخفق في ترجمة مفردات بطريقة مضطردة. لذلك، ايا كان قراره اشكاليا لترجمة الصدق و الحق بانهما subjective truth و objective truth، على التوالي، فهو لا يديم هذا التفريق عندما يترجم لاحقا التصديق بانه objective representation.[33] وعلى الجملة، إن حظر الحتمي الفيلولوجي لترجمة المصطلحات الاساسية بكونه «اعتباطي وشاذ» يثبت عند التمعن أنه لا اساس له. ويكشف التمعن الدقيق للمراجع المذكورة دفاعا عن النقود، علاوة على هذا، بانها لا تقدم اي تجسيد عيني لأنها أما ان يتم تكييفها ضمن الترجمة المطروحة كما هو الامر في حالة هاينريشز أو أنها توضحت بعدم فائدتها لترجمة صحيحة لنص ابن رشد.[34]

وضع حد للصمت
تركز الفروقات بين المنهجيّن الموضحيّن هنا على الطريقة التي يحكم بها المرء على القابليات الفكرية للفلاسفة الذين يدرسهم الباحثون. لقد قيل أن ابن رشد بوعي و عن قصد ابتعد عن نص ارسطو، وانه فعل ذلك لكي يبين امور معينة ما كان بإمكانه أنْ يفعلها بصورة مختلفة. بمعنى آخر، لقد أُفترض أنَّ ابن رشد كانت لديه معرفة كافية عما كان يقصده ارسطو لدرجة انه كان قادرا على ادراك بعض النواقص في النص الذي وصل اليه وان استعمل هذه النواقص ليقدم ويستعرض حجته. برغم ذلك، المؤلف قيد النقاش هو نفسه ابن رشد المعروف من قبل طلبة ارسطو لتفسيراته المستقلة و الجديدة ‘للمعلم الأول‘. ولأنه من المناسب فقط حين التعامل مع كتابة فيلسوف كهذا، يجب عمل كل محاولة لاحترام وتقديم نصه مثلما كتبه هو. لذلك، وللإشارة لهذه الحالات التي تظهر فيها الاخطاء في الترجمة المتوفرة لابن رشد أو حيث يبدو أنه مشوش بحق وحتى مخطئ، استعملت الملاحظات بصورة دقيقة – وليس اعادة تركيب افتراضي لها.

وكما شاهدنا، يرغب مروجو المنهج الحتمي الفيلولوجي هنا لمعارضة فهمهم الضعيف لابن رشد وقابلياته للحكم على التراث الفلسفي. ورغم أن ابن رشد اشتهر بكونه الشارح لأعمال ارسطو حتى من قبل أولئك المختلفين معه، فان ناقدنا لا يساوره قلق لرفضه باعتباره مؤلف من درجة ثانية. فهو يؤكد (الناقد) انه بسبب النص الناقص الذي في متناوله، لم يكن باستطاعة ابن رشد فعل اي شيء غير الذي فعله يعني انه لم يكن عنده معرفة افضل. هنا ينكر الناقد قطعيا امكانية امتلاك ابن رشد فهم للنص يسمح له ان يستعمل ارسطو انتقائيا. وكما توضح الان، يستطيع الاصرار على تفسيره الضيق فقط أن يغمض عينيه أمام الرهافة التي ارسى بها ابن رشد وزملاءه من الفلاسفة تعليمهم وبالتجاهل المقصود للبعد السياسي الكبير لذلك التعليم.

توضح فيما سبق سبب عدم انتحاء المنهج الآخر نحو أخطاء التفسير المنسوبة له، و دافعنا عن الترجمة محل التساؤل ضد تلك اللعنات. وعلى طول الطريق، فقد لفتنا الانتباه للنتائج الخاطئة التي يقود اليها النقد سواء من حيث الطريقة التي يفهم بها شرح ابن رشد لكتاب الشعر، وبالضبط بصوة مهمة، للطريقة التي ينقل بها النص للإنجليزية. وما يهمنا هو أنْ نتذكر أنَّ اي شخص سيختار المسير في ضوء الطريق الذي اوصى به الناقد سيوافق بعد عناء شديد والتفافات غير ضرورية شرح ابن رشد. في الواقع، من غير المحتمل تماما ان تكون تلك الجهود تثمر باي شيء سوى اعادة تركيب ظنية للنص، نص ينقل للإنجليزية بطريقة مخيفة. ايمان الناقد بتفوق معرفته التاريخية المزعومة تجعله غير قادر على تعلم اي شيء من ابن رشد وتلهمه ان يستبدل التقصي المُتفهم في هذه المسائل الفلسفية الكبيرة بتخمينات ظنية شكية حول ما قد يعنيه نص ارسطو لابن رشد.

علاوة على هذا، لأن عادات قراءته تستحق اللوم كما فعلنا هنا، يتوضح عدم ايلاء ثقة للتأكيدات والنتائج التي تقود اليها هذه القراءات. يتوجب القول مع ذلك، أنَّ كل هذه النقود قد وُجهت ضد نوع خاص من الفيلولوجيا وقراءة التاريخ، وبالأخص، النوع الذي لا يفهم حدوده الخاصة ويتظاهر لذلك أن يكون فلسفة للتاريخ. وهذه النقود لم تُوجه ضد الفيلويوجيا او التفسير التاريخي بذاته.

في مقدمة هذه المقالة وضعنا اعلان سانت سيبريان لدميتيريانوس بان وشاياته لن تهمل بعد الان. وملاحظين بان «لم يعد بإمكاننا أن نبقى صامتين، لأنه بدى أصلاً أننا لسنا صامتين تواضعا بل صامتين خوفا،» يواصل القديس سيبريان التوضيح، «وطالما نحتقر دحض الاتهامات الكاذبة، سيبدو اننا نقر اللوم، التهمة.»[35]

الملاحظات
ملاحظة المؤلف: ربما يتساءل القراء العارفين بالمصادر الثانوية المعاصرة السبب وراء عدم ظهور هذه المقالة- التي ركزت على مقالة مراجعة مذكورة في الهامش رقم 1 ادناه- في المجلة التي نشرت مقالة المراجعة الاصلية. يكمن السبب الرئيسي في أن مجلة الجمعية الشرقية الامريكية لا تسمح بالردود، حتى لو أن محرريها سمحوا بمقالة المراجعة أن تطلب ردا عليها. والسبب الآخر هو، رغم حديثي عن القضايا المطروحة هنا، أنني أذهب لما وراء هذه القضايا لمسائل أوسع تهم الباحثين عموما. وأنا مدين بالشكر للمراجعين المحررين لمجلة IJMES لقراءتهم المعمقة لمقالتي و لمساهماتهم المفيدة.

 

عن مجلة (المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط IJMES، جامعة كيمبريدج)، مجلد 26، عدد 1، صص:19-35.

 

[1] انظر Dimitri Gutas, “On Translating Averroes' Commentaries, “ Journal of the American Oriental Society 110 (1990): 93, column b (henceforth 93b). التشديد في الأصل.

 

[2] انظر On Translating,” 93b-94a‘‘؛ ثانية، التشديد في الأصل. والاحالة هي لكتاب شرح ابن رشد الاوسط على كتاب الشعر لأرسطو ترجمة Charles E. Butterworth (مع تمهيد وملاحظات)، مطبعة جامعة برنستون، نيوجرسي 1986، x. في السياق، فالمقطع بعلامات التنصيص المفردة يقرئ كالاتي: ‘في المقدمة، استكشف، بعض المسائل التي تحتاج الحديث عنها لأجل فهم اصح لحجة ابن رشد واضاءة الموضوعات الاساسية لتفسيره. مثلا، فانا على وعي بان ابن رشد يعتبر فن الشعر جزء من فن المنطق، احاول تفسير سبب تبنيه لمثل هذا الموقف وابحث عن سند له في كتابات ارسطو نفسه.‘

[3] انظر ‘‘مقدمة‘‘Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics، ص 49، ؛و ص14 والاحالات لنص ابن رشد. الاقتباس الذي يلي هو من ‘‘“On Translating، ص94a.

[4] لدلائل عن كيفية ابتعاد ابن رشد عن ارسطو حين توافق اغراضه، انظر (Averroes' Middle Commentaries on Aristotle's Categories and De Interpretatione) ترجمة Charles E. Butterworth (مع تمهيد وملاحظات) (مطبعة جامعة برنستون، نيوجرسي)، ص 91-92 .إنَّ استعمال مثل هذه التجديدات بصورة واعية من قبل الفلاسفة في التراث العرب القروسطي لأسباب دينية عديدة هو أمر مقبول عند كثير من الباحثين . فمثلا، تبين Miriam S. Galston في مقالة منشورة حديثا أنَّ الفارابي لم يصور ارسطو بانه يقول بانتساب الخطابة والشعر لفن المنطق في كتابه فلسفة ارسطو حتى لو انه ينسب هذه الفكرة لأرسطو في كتابه احصاء العلوم ؛ انظر Al-Farabi et la logique aristotélicienne dans la philosophie islamique," in Aristote aujourd'hui, ed. M. A. Sinaceur (Paris: Erès, 1988), 202-6, 208-10. ومقالة اخرى ذات صلة بهذا الخصوص هي مقالة Thérèse-Anne Druart's "Al-Farabi and Emanationism,، المنشورة في ‘‘دراسات في الفلسفة العصور الوسطى‘‘ اعداد وتحرير John F. Wippel (Washington, D.C.: The Catholic University of America Press, 1987), 42-43. وانظر أيضا Deborah L. Black, Logic and Aristotle's Rhetoric and Poetics in Medieval Arabic Philosophy (Leiden: E. J. Brill, 1990), 1-16, esp. 8-13.

[5] انظر Ismail M. Dahiyat, Avicenna's Commentary on the Poetics of Aristotle, A Critical Study with an Annotated Translation of the Text (Leiden: E. J. Brill, 1974), 18; see also ibid., 20 and 28. وتجد في The Middle East Journal 30 (1976): 576-77.، مراجعة للعمل الذي يتناول هذه المسائل بتفصيل اكثر.

[6] انظر On Translating,” ‘‘ a93؛ ولما يلي، انظر نفس المصدر 95a و 94b-97b .

[7] النصوص الاصلية موجودة في كتاب ابن رشد تلخيص كتاب الشعر، تحقيق تشارلس بترورث و أحمد هريدي (Cairo: GEBO, 1986)، الفقرة 20؛ وأبو بشر متى ابن يونس القنائي، كتاب ارسطوطاليس في الشعر، في ارسطوطاليس فن الشعر، تحقيق عبد الرحمن بدوي (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1953)، 96: 24-27 .

[8] يختلف النص الظني عن نص أبو بشر متى فقط في الكلمات الستة الأخيرة. قول أبو بشر ابن متى وتُنَقِي وتُنْظِفً الذين ينفعلون[لذلك، On Translating," 95a ؛ لكنه يتوجب قراءة النص العربي هكذا تُنَظِفُ، لعدم وجود صيغة رباعية للفعل ]، يطرح الناقد أن ابن رشد فَهمَ الجملة هكذا: و يَنقى وينظُفُ الذين يفعلون (96 a). وحيث يترجم النصوص، فهذا المقابل في الانجليزية لنص ابو بشر متى "and it (sc. the craft of poetry of praise) purifies and cleanses those who suffer" يُفهم كالاتي ‘‘while those who act are pure and clean ‘‘. سيلاحظ قراء العربية أنَّ على الناقد أن يقرأ تُنَظِفُ لكي يتم ترجمتها ب ‘‘cleanses ‘‘ باعتباره فعل متعدي متجاوزاً كل قواعد النحو في ترجمته للنص الذي يقدمه بانه فهم ابن رشد لأبي بشر متى. وبخصوص الفعل ينفعلون عند أبو بشر، يشير الناقد ايضا ويقترح قراءته بهيئة يفعلون وينقله كالاتي ‘‘“[those who] act. . سيكون النص مفهوما بطريقة صحيحة ولا يحتاج لتعديله لو نقل الفعل ينفعلون بصورة اكثر وضوحا كالاتي ‘‘[those who] are affected، ‘‘ يعني، يتأثرون بمشاعر العطف أو الشفقة والخوف. إنَّ ‘‘الصيغة المحرفة قليلا ظاهريا‘‘ لنص أبو بشر متى، كما ‘‘ فُهمت من قبل [أبن رشد]،‘‘ طُرحها الناقد هنا ليساعد نفسه تفهم شرح ابن رشد على هذه الفقرة : وذلك بما يُخَيَل في الفاضلين من النقاء والنظافة، التي يترجمها كالآتي through the images of purity and cleanliness which are evoked (as existing) in virtuous men“ (94b; الاقواس من صنع الناقد). وستكون الترجمة المباشرة والمقنعة، ترجمة تُبين معنى قوة الشعر الفريدة لإثارة مَنْ يستمعون اليه بمحاكاة تعاطفية لما يفعله الاخرون، كالآتي: it does this by imitating the purity and immaculateness of the virtuous “ انظر شرح ابن رشد الاوسط على كتاب الشعر لأرسطو، فقرة 20.

[9] مع أن الناقد يشير لترجمة اسماعيل دحيات هنا، وكذلك الهوامش المصاحبة، إلا أنه يفضل بوضوح ترجمته الخاصة للمقطع؛ أنظر “On Translating, “ 96b, n. 18.

[10] على سبيل المثال، S. A. Bonebakker and J. C. Bürgel; see ibid., 99a.

[11] ibid., 92.

[12] لترجمة الناقد، انظر ibid., 94a. ؛ الاقواس المربعة من صنعه. ونسخة الترجمة الاخرى مأخوذة من الفقرة 20 من شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر لأرسطو.

[13] مع أنَّ استعمال مفردة ‘‘mercy ‘‘ كان القصد منها تبيان كيفية قراءة ابن رشد لأرسطو من منظور المُسلم، لكن لا شيء يؤكد مثل هذا الحكم المسبق. كما أنها لا تساعد على توسيع فهمنا للنص.

[14] انظر On Translating 97b‘‘. ينسخ الناقد، لأغراض ملاحظاته التالية، المقطع بالطريقة التالية، مقرا أن اشارات التأكيد هي من صنعه: يستدل ارسطو وابن رشد على الاجزاء المكوِّنة للشعر [!] من فهمهم لما يُفترض أن تفعله المأساة أو[!] المديح، بالأخص، لمحاكاة فعل فضيلة [!] تام أو كامل في كلاهم هو موزون ومتجانس. الجملة أعلاه موجودة في صفحة 20 من كتاب شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر لأرسطو.

[15] On Translating 97b؛ التشديد في الأصل. ولما يلي، انظر نفس المصدر،94b وكذلك ملاحظة رقم.7 .

[16] D. W. Lucas, Aristotle, Poetics: Introduction, Commentary, and Appendices (Oxford: Clarendon Press, 1968), 96. وكما يوحي السياق، يفهم لوكاس ال mimesis باعتباره محاكاة “imitation“ ؛ ويمكن ترجمة ال prattontes بانه ‘‘فاعل الفعل‘‘ ‘‘doers of actions ‘‘.

[17] انظر نفس المصدر .،118 . الترجمة هي من صنعي. ليس هناك من نقاش حول ترجمة aretē بانها فضيلة او امتياز. بالرغم من ان الحرفة البسيطة هي قيد النقاش، لكن الربيط بين ال aretē و ال ho spoudaios هو ربط مهم. ومن الواضح، فإن ال ho spoudaios تعني الانسان الخيِّر─ انسان ممتاز، فاضل، أو الماهر في الاعمال الشاقة البشرية المهمة. ولذلك فالسؤال يتعلق هل يمكن فهم ال spoudaios باعتبارها صفة تشير الى مثل هذه الاهتمامات أو انها تعني فقط شيء آخر ثقيل وممل. هنا، على اية حال، من المفرط الادعاء بأن ‘‘ حذاء رصين‘‘ ينتج من ‘‘ امتياز صنع الاحذية‘‘ من قبل ‘‘ اسكافي جيد‘‘.

[18] انظر Nicomachean Ethics 1166a13 ؛ ثانية، الترجمة من صنعي. يشدد السياق على أن الانسان الخيِّر (ho spoudaios) هو الانسان الذي يمتلك الحكمة العملية أو الامتياز الفكري للعمل وللفضيلة الاخلاقية. وبدلا من هذا المقطع، استشهد لوكاس Nicomachean Ethics 117713 حيث يستعمل ارسطو ال spoudaios لتصوير الفضيلة(aretē) في العمل:

يُعتقد أن حياة السعادة أن تكون وفقا للفضيلة. وتنتج مما هو خير [spoudēs]، وليس مما هو طفولي. نقول أن الاشياء الجيدة [ta spoudaia] افضل من الأشياء المضحكة والطفولية وأن نشاط جزء أو انسان يكون افضل كلما كان باتفاق مع الخيرية [spoudaioteran]. من الواضح، يمكن ترجمة كل من رود ال spoudaios بال‘‘الرصين‘‘ فقط إذا فُهم ‘‘الرصين‘‘ بأنه يعني‘‘ عالي المقام‘‘ أو ‘‘ النبيل‘‘، يعني شيء ما فاضل.

[19] لتفسير اكمل عن هذه الآراء ودلالة كيفية تطبيقها، انظر Charles E Butterworth, "Review of F. W. Zimmermann, Al-Farabi's Commentary and Short Treatise on Aristotle's 'De Interpretatione,'” The Muslim World 78 (1988): 149-50; "An Account of Recent Scholarship in Medieval Philosophy," Interpretation 16 (1988); 87-97. وتأمل ايضا الملاحظات التالية من التمهيد لترجمة شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر لأرسطو، xii-xiii: جهدت هنا للحرفية وللبلاغة، باعتباره امر مناسب فقط لنص عن فن الشعر، لكني ضحيت طوعا بالبلاغة لأجل الحرفية حينما ظهر الاختيار محتوما. وللمدى المرئي، اتبعت نفس اللفظة الانجليزية لنفس اللفظة العربية خلال الترجمة ولاحظت دائما استثناءات مهمة لهذا المبدأ...... وكان هدفي تقديم ترجمة انجليزية مقروءة ومع ذلك امينة لمقالة ابن رشد. وللاستمرار بهذا الهدف، نبهتُ القارئ للمشاكل من خلال الهوامش متجنبا الترجمة التفسيرية التي تخفي المشاكل دون أن تحلها.

[20] Dimitri Gutas, “Review of Charles Généquand, Ibn Rushd's Metaphysics: A Translation, with Introduction, of Ibn Rushd's Commentary on Aristotle's Metaphysics, Book Lam," Der Islam 64 (1987): 123.

[21] انظر “On Translating," p. 92; also 93a and 98a.

[22] انظر نفس المصدر 99a. . عند الهامش 98a, n. 21، يحيل الناقد ل

Wolfhart Heinrichs, Arabische Dichtung und griechische Poetik: Häzim al-Qartäğanni's Grundlegung der Poetik mit Hilfe aristotelischer Begriffe, Beiruter Texte und Studien, Vol. 8 (Beirut: Imprimerie Catholique, 1969), 149-54, في تشديده لترجمة تخيّل بالمفردة الالمانية Vorstellungsevokation. ومن المفيد بهذا الخصوص ايضا ملاحظة Heinrichs's “Die antike Verknüpfung von Phantasia und Dichtung bei den Arabern," Zeitschrift der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft 128 (1978): 252-98. يتوجب ملاحظة أن السؤال البارز هنا هو ليس استعمال أو عدم استعمال المترجم للمصادر الثانوية، بل ماذا يعني التخيّل (وبالتالي mimēsis) و أي مفردة واحدة هي القادرة على نقل المعنى. والاقتباسات من الباحثين الآخرين، لا يهم كثرتها، غير مكافئة للحجة المنطقية.

[23] انظر Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics, 63, n. 18. الاشارة للفقرة الثانية في الجملة الاولى من الهامش، هي خطأ مطبعي، يجب أن يكون للفقرة الثالثة.

[24] بهذا الخصوص، نجد أنَّ D. W. Lucas, Aristotle, Poetics, app. I, “Mimesis"، مفيدة على وجه الخصوص. ومقراً بأنَّ ‘‘ الترجمة القياسية لل mimēsis ‘‘ هي ال ‘‘imitation ‘‘ (258)، يستمر لوكاس مع ذلك على التشديد (259) بأنَّ: للمفردة mimesis معنى واسع بامتياز مما يجعل من الصعوبة تبيان تماما بماذا كان يفكر الاغريق حين استعملوا المفردة لوصف ما الذي يفعله الشاعر والفنان. ولكي نترجمها فنحتاج للمفردات التالية في سياقات مختلفة “imitate," “ represent," "indicate.” “suggest," "express.” . فكل من هذا المفردات يمكن ان تشير للفكرة المفردة عن عمل أو فعل شيء ما يشابه شيء آخر. وبعد أن تتبع الطرق المختلفة التي استعملت فيه ال mimēsis في الكتابات الاغريقية في القرن الرابع ونظر للترجمات الاخرى المختلفة الممكنة، يولي اهتماما ب Hermann Koller's Mimesis in der Antike (Bern: A. Francke, 1954).. يشدد كولر، بعد محاججته بأن المصطلح mimēsis يعود اخيرا للراقص الطقوسي، mimos، أنَّ ‘‘ المعنى الاولي لل‘mimeisthai ‘ ليس'copy' أو 'imitate' بل give expression'” ‘‘(انظر Lucas, Aristotle, Poetics, 270-71) . رغم أن لوكاس لا يشير لمصادر الصفحة، لكنه يبدو انه يتحدث عن صفحات 46، 104-6،110 و على وجه الخصوص صفحة 39 . إنَّ ادعاء كولر على ترجمة ال mimēsis ب “Nachahmung" ("imitation") هو تأكيد محدود جداً وخاطئ احيانا، خصوصا من حيث علاقته بالرقص؛ انظر نفس المصدر، ص18 و210. هو يؤكد،بدلا من ذلك، بأنَّ ال mimēsis يمكن نقلها كالاتي “Darstellung" ("expression" or, even better, “representation").وفي رسم تخطيطي يوضح نمو مصطلحات ال mimēsis وال mimeisthai في صفحة 120، يشدَّد كولر أن لفظة Darstellung افضل ما تستوعب الاستعمال النظري للمصطلح، بينما لفظة Nachahmung افضل ما تستوعب الطريقة المستعملة في الكلام العادي. حكم لوكاس النهائي، المعتمد على دراسته للنصوص المختلفة التي ذكرها كولر دفاعا عن حجته، هو أنه في معظم الحالات ‘‘ لا يمكن القول أن المعنى المتعارف عليه لل‘imitate ‘ مستحيل.‘‘ وحقا، فهو مستعد فقط للقول ‘‘ يتوجب القبول أن هناك مقاطع يكون فيها استعمال كولر دقيق‘‘.(Lucas, Aristotle, Poetics, 271).. ويعتبر ذلك الحكم، بتطبيقه على الحالة التي نحن بصددها، حكما معقولا: هناك حالات يكون فيها تأدية أخرى للمعنى ─ حتى ‘‘اثارة الخيالات -الصور‘‘─ ‘‘دقيقا‘‘. وعلى الجملة، وهو الكل في المسالة قيد المناقشة، فان لفظة imitation تستوعب معنى ابن رشد بصورة واضحة جداً. وتقدم ربطا مهما بكتاب الشعر لأرسطو، النص الذي يشرحه ابن رشد. فعلى سبيل المثال، حتى لو كانت موجودة ضمنيا في imitation، فان اثارة الصور evoking images ببساطة لا تنفع عند ترجمة التخيَّل في الفقرة 77 في Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics.

[25] انظر، الفارابي، رسالة في قوانين صناعة الشعراء، في ارسطوطاليس : فن الشعر، تحقيق عبد الرحمن بدوي،150:3-9, 15-16, 151:7-8, 15, 155:10. 14, 156:1-3 و 158:2-3؛ وانظر أيضا الفارابي: كتاب الشعر، تحقيق محسن مهدي، in Shi'r 12 (1959) 91:4-6, 92:3-4, 12-17, 93:7-10 ff.. هذان هما العملان اللذيَّن اعتمدهما هاينرشز في تحليله الاول عن التخيّل في Arabische Dichtung ومنهما انطلق حين سعى لتحديد كيفية استعمال الفارابي لهذا المصطلح واشباهه بدراسة فعليا كل كتابات ‘‘المعلم الثاني‘‘ في المقالة ‘‘Die antike Verknüpfung. .‘‘ إنَّ سبب الاستعمال المختلف لألفاظ المحاكاة و التخيل عند الفارابي وابن رشد ربما يعود لابي بشر متى في نقله المتكرر لل mimēsis مرة بالمحاكاة ومرة بالتشبيه (انظر Heinrichs, Arabische Dichtung, 121, 146) أو تنشأ من الفهم المختلف لكل من هؤلاء الفلاسفة لنص ارسطو. وأيا كان السبب، فالواضح أنَّه لا يمكن استعمال مصطلح الفارابي لتفسير ابن رشد بدون معرفة أولا كيفية فهم ابن رشد للشعر─ نوعما مثلما سعى المترجم أن يفعل في الهوامش كهذا الذي ذكرناه. رغم أن الاختلاف بين الفيلسوفيّن هو الحاسم هنا، لكنه يتوجب ايضا ملاحظة عدم قدرة هاينرشز على ادامة مصطلحه الجديد في ترجمة مقاطع من الفارابي ─ خصوصا حين كان عليه توسيع شبكته لتشمل مصطلح التصور (انظر Die antike Verknüpfung," 283-84, 288, 290 and nn. 112 and 114, 294) . ومثلما هو يعترف، ليست كل النصوص تسند هذا التفسير لمصطلح الفارابي (انظر نفس المصدر 285-86, nn. 101-4,، والاخص n. 104 والسطريّن قبل هذه السطور المذكورة).

[26] انظر Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics, 76, n. 19؛ وايضا “On Translating," 98aالاحالة هي للنص في الفقرة 22 من الطبعة والترجمة.

[27] انظر Butterworth, trans., Averroes' Middle Commentaries on Aristotle's Categories and De Interpretatione, xx. ويبدو تقدير باسكال للحالة البشرية، ومضامينه للمعرفة، مناسباً في هذا السياق: "notre état véritable ... nous rend incapables de savoir certainement et d'ignorer absolument"; ؛ وانظر Pensées (Paris: Garnier Frères, 1958), 90, no. 72.. ولذلك ايضا هل أن تأمل نيتشه في رسالته لاوفربك بتاريخ 23 شباط 1887 : "Zuletzt geht mein Misstrauen jetzt bis zur Frage, ob Geschichte überhaupt möglich ist?"(= واخيرا، فارتيابي يصل لحد التساؤل إنْ كان التاريخ ممكنا حتى؟)

[28] انظر “On Translating, “ 98b، and V. Cantarino's Arabic Poetics in the Golden Age: Selection of Texts accompanied by a Preliminary Study, Studies in Arabic Literature, Supplements to the Journal of Arabic Literature, Vol. IV (Leiden: E. J. Brill, 1975). ورغم أنه لا يستشهد بالعنوان الفرعي لعمل كانتارينو، إلا أن الناقد يؤكد نقطة هامة عند ذكر الصفحات 70-99 ‘‘‘لمناقشة عمل ابن رشد في سياق تطور كتاب الشعر لأرسطو في العربية‘ وصفحات 177-90 لترجمة النص. ورغم الانكار المُطول للمُترجِم لعدم الاستفادة كثيرا من مقالة سابقة لكانتارينو عن ابن رشد والشعر، يفشل الناقد بملاحظة أن النقاش في الصفحات 70-99 من كتاب كانتارينو الشعر العربي في العصر الذهبي هو ببساطة اعادة للمقالة ؛ انظر مقالة V. Cantarino, “Averroes on Poetry," in Islam and its Cultural Divergence: Studies in Honor of Gustave E. von Grunebaum, ed. Girdhari L. Tikku (Urbana: University of Illinois Press, 1971), 10-26; also "On Translating," 99a-100 and nn. 22-23. تفسر الملاحظات التالية عن ترجمة كانتارينو في كتابه الشعر العربي في العصر الذهبي عدم رضى المترجم في التمهيد (ix) بأنَّ ‘‘اعادة كتابة كانتارينو التخيلية لعبارة ابن رشد لكي تتفق وتصوراته المُسبقة مرت بدون أن يتعرض لها احد بالنقد لمدة اكثر من خمسة عشر عاما‘‘.واتفاقاً، يتوجب ملاحظة أن تقدير هلينريشز لاهمية عمل كانتارينو هو اكثر انسجاما مع تقييم المترجم منه مع تقييم الناقد؛ انظر “Die antike Verknüpfung, “ 263, n. 31; 264, n. 37.

[29] انظر الشعر العربي في العصر الذهبي،ص184 ؛ تنتقل الترجمة فجأة مما يسميه كانتارينو ‘‘ القسم الثاني ‘‘ ( شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر لأرسطو، الفصل الثالث، يعين، الفقرات 13-19) الى مايسميه ‘‘ القسم الرابع‘‘(نفس المدر، الفصل الخامس، يعني، الفقرات 33-47).

[30] يستعرض كانتارينو في مقالته ‘‘ ابن رشد عن الشعر‘‘ نفس التردد؛ انظر صفحتي 14-18 .

[31] المقطع العربي هو : في الامور الارادية ─ أعني الحسنى والقبيحة. أنظر، ابن رشد تلخيص كتاب الشعر و شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر، الفقرة 3، مع كتاب كانتارينو الشعر العربي،ص177 . ومرة اخرى، تبيّن مقالة ‘‘ ابن رشد عن الشعر‘‘(14, 18-19) نفس الاضطراب حول هذه المصطلحات. ولم يغفل هاينرشز عن الحكم الاخلاقي الموجود في هذه المصطلحات ؛ انظر Arabische Dichtung, 161, n. 4..

[32] انظر شرح ابن رشد الاوسط على كتاب الشعر، الفقرة8، سويا مع كتاب كانتارينو الشعر العربي، ص180 .

[33] انظر كتاب كانتارينو الشعر العربي، 83-84،90 سويا مع شرح ابن رشد الاوسط على كتاب الشعر، فقرة 65 ؛ نفس المصدر، مقالة ‘‘ ابن رشد عن الشعر‘‘، ص20 .

[34] نقيض هذه التأكيدات غير المسنودة، فمن المفيد الاخذ بنظر الاعتبار ملاحظة فيلولوجي قديم واكثر وعيا ‘‘ يٌقال وبحق أنه في العلم، ليس للاعتقادات حقوق مدنية‘‘. وانظر نيتشه ‘‘ العلم الجذل‘‘،344 . انظر ايضا ‘‘‘ما وراء الخير والشر‘، الامثال 224 و227 ؛ وجينولوجيا الاخلاق، III.23.

[35] العبارة اللاتينية هي : ‘‘et dum criminationes falsas contemnimus refutare, videamur crimen agnoscere. ‘‘