يرصد لنا الشاعر السوري مسيرة شعر الاحتجاج في أميركا منذ بداية القرن الماضي حتى الآن، بمناسبة بروزه من جديد في الساحة الأدبية الأمريكية الراهنة، وقد تفاقم فيها الغضب وأنتجت شعراء احتجاج جدداً، حققوا انتشاراً واسعاً، أنقذ الشعر الأميركي من انحساره في أوساط القراء أمام صعود الرواية.

شعر الرفض والاحتجاج في أمريكا

شعر الاحتجاج يعود بقوة للساحة الأدبية

أسامة إسبر

 

تتميّز الحركات الشعرية الحديثة بأنها حركات احتجاج وتمرد في جوهرها، ذلك أن الشعر العظيم ينطوي على احتجاج مزدوج: ضد أشكال التعبير السائدة وضد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية. احتجاج الشعر ضد أشكال التعبير يتجلى في بحثه عن أشكال جديدة تتجلى فيها الروح الشعرية، وتمرده على الأوضاع الأخرى تأكيد لارتباطه بالقضايا الإنسانية العادلة، وخاصة في عصرنا الحالي. يتفاعل الشعر مع القضايا العامة وتتناول القصيدة إشكاليات حقبتها الزمنية، ويقف الشعراء كعادتهم إلى جانب الحق والعدالة ضد الظلم والاستبداد. ورغم أن الشعر لا يجوز تقييمه إلا من خلال منجز شاعر بعينه، وما يمثله في السياق الشعري المعاصر، وما يميزه من حيث علاقته بالقديم والحديث؛ إلا أننا نستطيع التحدث عن توجه عام بدأ بالبروز في المشهد الأدبي في الولايات المتحدة الأمريكية. يتسم بعودة قوية لشعر الاحتجاج. وتصاعَدَ هذا التيار الذي بدأ يسري في الروح الشعرية الأمريكية بعد الجرائم العنصرية الأخيرة التي ارتكبها بدم بارد رجال شرطة بيض ضد مواطنين سود. وتُوجت في القتل المأساوي للأميركي من أصل أفريقي جون فلويد في ولاية مينيسوتا تحت ركبة شرطي عنصري تجاهل توسله وهو يقول: «لا أستطيع التنفس»، العبارة التي تعبر عن تاريخ طويل من الظلم.

تعبيراً عن هذا الخنق المتعمد، واحتجاجاً على أسبابه، ونقداً لدوافعه ومنطلقاته، ارتفعت أصوات شعرية مهمة على مر التاريخ الأمريكي الحديث، وتكشف المشهد الشعري عن تيار شعر احتجاج ساد مراحل تاريخية مختلفة، وصولاً إلى عقدنا الأخير. وبدأت المرحلة الأولى من شعر الاحتجاج بنقد استعباد السود وقتلهم بدم بارد، وإخضاعهم لأساليب تعذيب وحشية. وفي قصائد الشعراء المنحدرين من أصل أفريقي تعالت نداءات إلى معالجة وضع السود في أميركا، الذين يتمتعون بمرتبة ثانوية، وضرورة قبول البيض للسود في الجسم الاجتماعي، وتشجيع دعاة الديمقراطية على التقيد بمُثلها.

وركز شعر الاحتجاج على نقد العبودية واسترقاق الآخر وعبّر عن محنة المُستعبدين، ودعا الجماعة البيضاء إلى تغيير موقفها من السود. كان أول من احتج ضد الاسترقاق الشاعرة فيليس ويتلي (١٧٥٣- ١٧٨٤)، غير أن موقفها لم يتسم بالجذرية، ذلك أنها في بعض القصائد، وخاصة في قصيدة بعنوان «حول إحضاري من أفريقيا إلى أمريكا» تشكر البيض على تحريرها من أفريقيا. وتقول في هذه القصيدة التي أثارت جدلاً:

كان إحضاري من أرض الوثنيين رحمة

وعلّم روحي الجاهلة أن تفهم

أن هناك إلهاً، وأن هناك مخلصاً أيضاً

قبل ذلك، لم أعرف الخلاص ولم أنشده.

ينظر البعض إلى سلالتنا السوداء بعين مزدرية

”لونهم صبغةٌ شيطانية“.

تذكّروا أيها المسيحيون، زنوجاً سوداً كقابيل

يمكن أن يُصْقلوا ويصعدوا إلى القطار الملائكي.

وانتُقدت هذه القصيدة لأنها تسترضي البيض، وتصورهم على أنهم متحضرون يصقلون السود ويهيئونهم للركوب في القطار الملائكي، أي قطار الحضارة الأبيض.

لانغستون هيوز، و«نهضة هارلم»
تطور شعر الاحتجاج فيما بعد وصار أكثر جذرية، وتجلى هذا في ما دُعي بـ«نهضة هارلم» حيث اعتمد الشعراء السود المنتمون إلى «نهضة هارلم» (١٩٢٠-١٩٢٩) بشكل كبير على الأدوات البلاغية التقليدية، كالمفارقة والسخرية. وشملت «نهضة هارلم» الشعر والنثر والرسم والنحت والجاز والرقص. وكان الخيط الواصل بين هذه الفنون المختلفة هو تصويرها الواقعي لما يعنيه أن تكون أسود في أمريكا، أو كما قال الشاعر لانغستون هيوز «التعبير عن ذواتنا الفردية ذات الجلد الداكن»، والتأكيد على حقوق السود المدنية والسياسية. وانتقد شعراء الحركة لانغستون هيوز وكلود ماكي وآن سبنسر وجين تومر وغيرهم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسود الذين عُوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية، وشجبوا العنف الذي حوّلهم إلى ضحايا. وصُوّرت المناطق التي يعيشون فيها بأنها تقع على حافة الجحيم، وخاصة هارلم. وتعبر قصيدة ”هارلم“ للشاعر لانغستون هيوز عن هذا الوضع المأساوي للسود في الولايات المتحدة الأميركية:

هنا على حافّة الجحيم

يتموضع هارلم.

تتذكرون الأكاذيب القديمة

الرفْسات القديمة في الظهر

العبارة القديمة ”كونوا صبورين“

التي رددوها لنا من قبل.

أكيد، نحن نتذكر ذلك الآن

حين يقول صاحب المتجر الذي على الزاوية

إن سعر السكر ارتفع سنتين آخرين

إن سعر الخبز ارتفع سنتاً واحداً

وثمة ضريبة جديدة على السجائر.

نتذكر الوظيفة التي لم تُمنح لنا أبداً.

والتي لم نستطع الحصول عليها،

والتي لا نستطيع أن نحظى بها الآن

لأننا ملونون.

وهكذا نقف هنا

على حافة الجحيم

في هارلم

وننظر إلى العالم في الخارج

ونتساءل

ما الذي سنفعله

في وجه مانتذكره.

انتهت «نهضة هارلم» في نهاية العشرينيات نتيجة انهيار سوق البورصة في ١٩٢٩ والركود الكبير الذي ألحق ضرراً كبيراً بالحركة، وأدى إلى قطع التمويل عن نشاطاتها؛ إلا أن تأثير هذه الحركة كان واضحاً على صعيد هدم الصورة النمطية القائمة على التمييز العنصري. وأحيت كبرياء السود وجددت النظرة إليهم كمواطنين مبدعين، ووضعت الأساس لحركة الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات، مؤكدة على دور الشعر والفن في تحسين حياة الأميركيين من أصل أفريقي.

مايا أنجيلو وشعراء حركة الحقوق المدنية
وبين منتصف الخمسينيات والسبعينيات اندلعت احتجاجات جماهيرية واسعة النطاق للدفاع عن حقوق وحريات الأميركيين كلهم. وكان عام ١٩٦٨ مفصلياً لحركة الحقوق المدنية لأنه اتسم باغتيال مارتن لوثر كينغ الابن، وأعمال شغب واسعة النطاق، وصدور قانون جديد للحريات المدنية. وانخرط الشعر في التعبير عن هذه الحركة الواسعة، ومن شعراء حركة الحقوق المدنية مارغريت ووكر ونيكي جيوفاني وجون جوردان الذين عبروا في قصائدهم عن إحساس المرء بالفخر والكبرياء حيال هويته، ومدحوا المقاتلين من أجل الحرية، وأشادوا بأفعال المقاومة وألهموا الناشطين.

ومن الشعراء البارزين في حركة الحقوق المدنية الشاعرة مايا أنجيلو التي كتبت قصائد دعت إلى التغيير، وانتقدت التمييز العنصري، وشحنت الروح الثورية التمردية ضد العنصرية، معبرة عن الظلم التاريخي، مصوّرة السود على أنهم طيور في أقفاص، وليس لهم إلا حناجرهم كي يعبروا عن احتجاجهم ضد ما يحدث لهم، كما تقول في قصيدة ”طائر في قفص“:

لكن طائراً في قفص يقف على قبر الأحلام

ظلّهُ يُطلقُ صرخةَ كابوسٍ

جناحاه مقصوصان وقدماه مقيدتان

ولهذا يفتح حنجرته كي ينشد.

وفي أعقاب اغتيال مارتن لوثر كينغ الابن قامت مجموعة من الشعراء وعلى رأسهم أميري باراكا في منتصف الستينيات بتأسيس حركة جديدة أُطلق عليها اسم ”حركة الفنون السوداء“، دعت إلى قصيدة سوداء وعالم أسود، وهدفت إلى مواجهة بنى القوة البيضاء وتأكيد الهوية الثقافية الأميركية الأفريقية. ونجحت هذه الحركة في أن تنظم في صفوفها مئات الشركات المسرحية ومشاريع الفنون العامة ودور النشر في أنحاء الولايات المتحدة. وضمت في صفوفها بالإضافة إلى باراكا شخصيات أدبية مثل جويندولين بروكس وهاكي مادهوبوتي وإثيردج نايت وسونيا شانسيز. وكان هدفها المعلن في بيانها التأسيسي هو إبداع أدب يقاتل من أجل حرية السود. ودعت الحركة إلى كتابة شعر محفِّز سياسياً، لكنها لم تستمر طويلاً بسبب تحول باراكا من الوطنية السوداء إلى الماركسية اللينينية، والمصاعب المالية التي واجهها.

حياة السود مهمة
وفي ٢٠١٣ تأسست حركة جديدة باسم ”حياة السود مهمة“ من خلال هاشتاغ استخدم هذه العبارة على صفحات الإعلام الاجتماعي، بعد تبرئة جورج زميرمان من جريمة إطلاق النار على المراهق الأميركي من أصل أفريقي تريفون مارتن في شباط ٢٠١٢. وعرفت الحركة من خلال المظاهرات الشوارع بعد مقتل أميركيين من أصل أفريقي في ٢٠١٤ هما مايكل براون وإيريك جارنر. وقد تميزت هذه المظاهرات بتنظيم القراءات الشعرية في الساحات العامة واستخدام القصيدة كأداة للتعبير عن المظالم التاريخية، والدعوة إلى الحرية وإنهاء الظلم. ونظمت أمسية كبرى في إحدى الساحات العامة في واشنطن العاصمة شارك فيها أكثر من عشرين شاعراً، وبعد ذلك بدأت الأمسيات الشعرية بالازدياد، وصار الشعراء يجسدون أصوات المحتجين، مما دفع بعض النقاد الأميركيين إلى التحدث عن تحول جديد في الشعر الأمريكي، الذي اتسم في القرن العشرين بكونه شعر تجربة شخصية واستبطان داخلي. لكن ارتباطه بالاحتجاجات في العقد الأخير أخرجه من عباءة الشكلانية والإبهام الحداثي التي أحدثت قطيعة بين الشعر والقراء، والتي سبق أن اتُهم إليوت وباوند والشعراء المرتبطين بحركة الحداثة بالمسؤولية عنها. ويمكن القول إن الشعر صار الصوت الذي يجمع الناس، وبالفعل بدأ الشعر يحقق حضوراً جماهيرياً، وبدأ الناس يبحثون عن الشعر الناطق باسمهم، والمعبر عن قضاياهم وهمومهم العامة.

أماندا جونستون وحركة الشعراء السود يتحدثون
وفي أعقاب الجرائم العنصرية في العقد الأخير، والتي استهدفت سوداً لمجرد أنهم سود، ولأسباب عنصرية بحتة، تشكلت حركة جديدة أطلق عليها أصحابها اسم ”الشعراء السود يتحدثون“، وكان تأسيسها رد فعل على مقتل الأسود مايكل براون في فيرجسون في ولاية ميزوري، على يد ضباط شرطة، وسقوط قتلى آخرين في مناطق مختلفة. وتوسعت الحركة إلى أن تحولت إلى حركة استخدمت فيديوهات تحتوي قصائد مسجلة للاحتجاج والتضامن والحداد في أنحاء البلاد. وتميزت هذه الحركة الاحتجاجية الشعرية في أميركا بكونها تضم جيلاً جديداً من الشعراء الشباب الذين مارسوا نشاطهم الشعري عبر تسجيل فيديوهات تحتوي قصائدهم وبثها في الإعلام الاجتماعي، وتحويلها إلى أرشيف يمكن العودة إليه في أي وقت.

وبدأت فكرة الشعراء السود يتحدثون على الفيسبوك بخمسة شعراء مرتبطين بمنظمة ”كيف كانيم“، وهي منظمة كبيرة تضم شعراء منحدرين من أصل أفريقي وتأسست في ١٩٩٦. وبعد أن رفضت هيئة المحلفين إدانة أحد ضباط الشرطة الذي قتلوا أحد السود بدم بارد، نشرت الشاعرة أماندا جونستون سؤالاً على صفحة المنظمة على الفيسيوك: كيف سنرد؟ بعد ذلك توصل الشعراء جونتيري جادسون، وماهوغاني براون، وجيريكو براون، وشيرينا روديغويز شاربي إلى فكرة نشر فيديوهات شعرية لهم وصاروا منظمي هذه الحركة الجديدة. وبدأوا ينشطون على تويتر وفيسبوك تحت شعار: «أنا شاعر أسود لن يبقى صامتاً بينما تقتل الأمة السود. لدي الحق في أن أكون غاضباً».

وقامت إحدى شاعرات المجموعة بتسجيل فيديو خاص يتضمن إلقاءها لقصيدة "قوة" للشاعرة الأميركية من أصل أفريقي أودري لورد المنشورة في ١٩٧٨ والتي تناولت موضوع قتل فتى أسود عمره ١٢ سنة على يد رجال الشرطة، والتي تقول فيها الشاعرة:

الشرطي الذي أطلق النار على فتى يبلغ العاشرة في كوينز

وقف فوقه داعساً بحذائه على الدم الطفولي

وقال صوت: متْ أيها اللعين،

وهناك أشرطة تثبت هذا.

في محاكمته قال الشرطي مدافعاً عن نفسه:

"لم ألاحظ حجمه أو أي شيء آخر، لم أر إلا اللون".

ثمة أشرطة للبرهنة على ذلك، أيضاً.

ويهدف هذا التسجيل لقصيدة لورد إلى وضع حركة الاحتجاج في سياقها التاريخي، كحركة ضد عنف الشرطة الناجم عن التمييز العنصري. وفي بيان الحركة المنشور على صفحتها على الفيسبوك، قال موقعو البيان إنه في ضوء الجرائم المتواصلة ضد السود في أنحاء البلاد، يقوم الشعراء السود بالرد من خلال فيديوهات مسجلة كي يعبروا عن تضامنهم مع الذين يرفضون قبول هذه الجرائم الوحشية كوضع طبيعي لحياة السود؛ وإنهم يستخدمون قوة فنهم كي يغيروا السياسة. ولم يعد بوسعهم قبول التعديلات التدريجية، داعين إلى تحول تام ومطلق، مضيفين أنهم لن يتوقفوا إلى أن يتم تطبيق العدالة ضد قتلة السود.

[يحتوي هذا اللينك على قصيدة ”قوة“ التي سجلتها شاعرة من حركة ”الشعراء السود يتحدثون“ لأودري لورد، والتي تعتبر من أيقونات شعر الاحتجاج ضد التمييز العنصري]

شيرمان أليكسي وتشريح الجثة
توسعت دائرة شعر الاحتجاج في الآونة الأخيرة، وبدأ يكتسب زخماً جديداً، خاصة بعد فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة في ٢٠١٦ وخرج من نطاقه الأميركي ذي الأصل الأفريقي، ليشمل شعراء من كافة القوميات والأعراق. واشتهرت قصائد على الإعلام الاجتماعي انتقدت ترامب وسياساته، ودعت إلى انفتاح إنساني يتجاوز الانقسامات العرقية، وإلى فتح الحدود أمام الآخر، والتخلي عن النظرة العنصرية المتعالية والفوقية التي يروج لها النازيون الجدد والقوميون البيض. ومن أبرز شعراء الاحتجاج المعاصرين ضد سياسة الهجرة الشاعر الأميركي المنحدر من السكان الأصليين شيرمان أليكسي والذي كتب قصيدة بعنوان ”تشريح جثة" أعلن فيها أن جواز سفره صار شاهدة قبر لأميركا، وأن جواز السفر الأميركي دخل غرفة العناية المشددة، ولفظ أنفاسه الأخيرة فيها:

حلمتُ ليلة أمس أن جواز سفري ينزف

حلمتُ أن جواز سفري شاهدةُ قبْرٍ

لولاياتنا المتحدة، التي ماتت مؤخراً.

حلمتُ ليلة أمس أن جواز سفري كان حياً

حين دخل وحدة العناية المركزة. تنفّسَ، تنفَّس،

ثم تنهَّدَ وأغمضَ عينيه. وبعد ذلك فارقَ الحياة.

وفي قصيدة أخرى بعنوان ”ترنيمة“، ألّفها تضامناً مع المحتجين ضد النازيين الجدد والقوميين البيض العنصريين، انتقد شيرمان جمهور ترامب معتبراً أن هذا الجمهور مصاب بغرور القوة، وأنه لا يرى ما هو خارج الكهف الذي يعيش فيه، مدججاً بكافة صنوف الأسلحة، محولاً النزعة الأمنية والربحية إلى دين جديد؛ وأن مهمة الشاعر هي أن يكتب قصائد تكون بمثابة ملاذ ومنزل للآخر القادم إلى شواطئنا.

بدأ الشعر الأمريكي المعاصر يشهد انخراطاً أكبر في السياسة وصار الجمهور يبحث عن القصائد والدواوين التي تتناول القضايا العامة والهموم الجماهيرية. وقد بيع من ديوان الشاعرة كلوديا رانكين (مواطن) مائتي ألف نسخة مؤخراً بحسب النيويوركر، التي أضافت أن أكاديمية الشعراء الأميركيين صرحت أن قصيدة مايا أنجلو ”ما أزال أنهض“ دخل إليها ٤٧٠ ألف متصفح، بينما دخل إلى قصيدة لانغستون هيوز ”دع أميركا تصبح أميركا مرة أخرى“ مائتان وثمانون ألف متصفح، وقد بلغ عدد قراء الشعر على موقع الأكاديمية ٢٠ مليون قارئ، وجميع القصائد المقروءة هي قصائد احتجاج سياسي تخاطب اللحظة المعاصرة.

وبدأ الناشرون الأميركيون بطباعة مكثفة لأنطولوجيات شعر الاحتجاج وللدواوين الشعرية التي تندرج في هذا الخط. ولم يقتصر شعر الاحتجاج على التركيز على قضايا السود، بل تحرك على جبهات عديدة كحرب فيتنام وحرب العراق، فيما بعد وحقوق المنحدرين من السكان الأصليين، وقضايا البيئة والتغير المناخي واللاجئين السوريين. وكما كان الشاعر يوسف كمونياكا صوت الاحتجاج ضد حرب فيتنام، وكانت أندريا ريتش، وجون جوردان، وروبن مورغن أصوات الاحتجاج النسوي ضد النظام الذكوري، أنتجت الحقبة الحالية شعراء احتجاج جدداً، حققوا انتشاراً جماهيرياً واسعاً، أنقذ الشعر الأميركي من انحساره في أوساط القراء أمام صعود الرواية.

 

عن «جدلية»