الأعمال الإبداعية الكبيرة ما تلبث أن تجد لها متنفسا وفضاءات تلتقي خلالها بالمتلقي، هنا تقرير يتوقف عند عمل روائي للكاتب دان براون سبق أن حقق شهرة مزدوجة روائيا وسينمائيا، ليختار هذه السنة أن يتحول الى عمل مسرحي، من خلال كتابة ركحية تسعى الى نقل أجواء الغموض والتشويق الذي ميزتها وجعلت منها عملا إبداعيا ناجحا.

«شيفرة دافنشي» مسرحيا

 

"شيفرة دافنشي" مسرحية مأخوذة عن رواية الغموض والتشويق التي تحمل العنوان ذاته للروائي الأميركي دان براون.

وسبق أن أعلن الكاتب الأميركي دان براون عن تحويل روايته الشهيرة “شيفرة دافنشي” إلى عمل مسرحي، يعرض خلال جولة فنية مكونة من مجموعة من العروض بجميع أنحاء المملكة المتحدة خلال فترة سابقة.

و”شيفرة دافنشي” مسرحية مأخوذة عن رواية الغموض والتشويق التي تحمل العنوان ذاته، والتي كتبها الروائي الأميركي دان براون عام 2003، وبيع منها نحو مئة مليون نسخة. وقد أعدّها للمسرح راشيل واغستاف ودانكان أبيل، ويخرجها لوك شيبارد، مخرج المسرحية الغنائية “روميو وجولييت” التي قدّمت في وست آند في أواخر العام الماضي.

وقال براون “يسعدني تقديم (شيفرة دافنشي) على خشبة المسرح، وإنني أتوق إلى رؤية الإمكانات الفريدة للمسرح الحي تعزّز هذه القصة، فقد كان الفريق الذي تولى إعداد الرواية للمسرح مخلصا للكتاب، لكنه سيضيف شيئا جديدا للجمهور، ويقدّم عملا مشوقا سريع الإيقاع يمتّع المشاهدين”.

من جهته، قال المخرج شيبارد إن المسرحية ستكون ملحمة خيالية تجسّدها الإمكانات المسرحية، فهي غنية بالتشويق والمفاجآت في كل منعطف.

وتبدأ أحداث الرواية في متحف اللوفر بفرنسا إثر اكتشاف جريمة قتل أحد الأشخاص القائمين على المتحف في ظروف غامضة ويُدعى جاك سونيير، وفي هذه الأثناء يتصادف وجود أستاذ علم الرموز الدينية الأميركي الدكتور روبرت لانغدون في باريس من أجل إلقاء محاضرة في مجاله العلمي.

ويتم استدعاؤه إلى متحف اللوفر على إثر تلك الجريمة الغامضة، حيث وجد جسد جاك سونيير عاريا في جناح دينون في متحف اللوفر ومتخذا وضع الرجل الفيتروفي وهي إحدى لوحات ليوناردو دافنشي الشهيرة، وقد رسمت نجمة خماسية على بطنه بدمائه وكتبت رسالة غامضة.

ويبدأ أستاذ الرموز لانغدون بالتعاون مع صوفي نوفو، وهي محللة شيفرات في شرطة فرنسا القضائية، وهي أيضا حفيدة القتيل جاك سونيير، وتحمل لها الرواية الكثير من المفاجآت في إطار حل الألغاز التي تركها لها الجد، وفي خلال البحث وحل الألغاز التي يقوم بها لانغدون، يكتشف وجود منظمة سرية مقدسة تعود للمئات من السنين، والمدهش في الأمر أن من ضمن أعضاء هذه المنظمة السرية عالم الجاذبية إسحاق نيوتن وكذلك الرسام ليوناردو دافنشي.

وقد استطاع لانغدون بالتعاون مع صوفي التوصل إلى الكثير من الألغاز والتي تحتاج إلى البحث التاريخي كما أن لها علاقة بلوحات دافنشي “الموناليزا” و”العشاء الأخير”، وذلك وسط مطاردات من منظمة كاثوليكية تحاول الحصول على السر الذي كان يحمله القتيل والذي قاد إلى موته، ويستمر الصراع في أحداث الرواية من أجل حل اللغز الذي كتبه القتيل بدمائه بعد إصابته بالرصاص وقد أدّى إلى موته، وكذلك العقل المدبر لجريمة القتل.

وكانت شركة “كولومبيا بيكشتورس” قدّمت “شيفرة دافنشي” على شاشة السينما في العام 2006، عبر فيلم من إخراج رون هاوارد وبطولة توم هانكس الذي أدىّ دور روبرت لانغدون، فيما أدّت أودري تاتو دور صوفي نوفو.

وروبرت لانغدون، شخصية خيالية من تأليف براون ظهر في خمس روايات، أولا في رواية “ملائكة وشياطين” (2002)، ثم في رواية “شيفرة دافنشي” (2003)، وبعد ذلك ظهر في رواية “الرمز المفقود” (2009)، وفي رواية “الجحيم” (2013)، وأخيرا في رواية “الأصل” (2017).

وتضمنت الرواية والفيلم بعض التفسيرات المثيرة للجدل حول تاريخ المسيحية، وانتقدتهُ الكنيسة الرومانية الكاثولكية. ودعا بعض الأساقفة إلى مقاطعة الفيلم، بالإضافة إلى أن العديد من العروض في بادئ الأمر شهدت احتجاجات خارج دور السينما، وتحليلات نقدية متفاوتة. ومع ذلك، حقّق الفيلم 224 مليون دولار في افتتاحه في نهاية الأسبوع حول العالم، وهي المرتبة الثانية بعد “ستار ويرز إبيسود 3: ريفنغ أوف ذا سيث”، وهو ثاني أعلى فيلم أرباحا في العام 2006، ورُشّحت الموسيقى التصويرية، التي ألفها هانس زيمر إلى الجائزة الذهبية في فئة أفضل موسيقى أصلية.

وتعتبر رواية “شيفرة دافنشي” من أشهر الروايات على مستوى العالم وقد نشرت في العام 2003 وحقّقت شهرة واسعة، حيث ترجمت إلى 50 لغة. وهي تحتوي على 600 صفحة، وقد منعت من دخول بعض الدول مثل الفاتيكان ولبنان والأردن بسبب تناولها لبعض المسائل المسيحية، والتي تتعارض مع جاء في الكتاب المقدس كما تم إنتاج فيلم “شيفرة دافنشي” في العام 2006، إلاّ أنه منع من العرض في مصر بسبب معارضة الأقباط له وتقدّمهم بطلب إلى مجلس الشعب من أجل منع عرضه.

فيما يعدّ دان براون من أكثر الكتاب العالميين مبيعا لرواياته، وشهرته في مجال السينما أيضا باتت ذائعة الصيت، فلا تمرّ أشهر على صدور إحدى رواياته إلاّ ويتم تحويلها إلى فيلم سينمائي تحتفي به هوليوود ويثار حوله الجدل العالمي.

ويمتاز أسلوبه الأدبي بالجمع بين الخيال والإثارة الممزوجة بطابع علمي وفلسفي حديث وبأسلوب مشوّق له تقنية الصورة السينمائية ما مكّنه من تحقيق أفضل المبيعات. وقد حظيت رواياته بنجاحات هائلة واسعة الصدى بين الأجيال الشابة في أميركا وأوروبا والعالم العربي.