يطرح الكاتب المغربي هنا أسئلته حول احتمالات أن يجد المسرح الرقمي أفقا في عالمنا العربي، وخاصة في ظل تغيير جائحة كورونا للكثير من سياقات تلقي العرض المسرحي. ويتسائل عما سيضيفه هذا التغير التقني للمسرح كعمل فني وما سيسلبه إياه من حضور وتفاعل مع الجمهور.

أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَـربي؟

نجـيـب طـلال

 

مفـتـاح الــقـٌـن [code]

مبدئيا ما طرحنا سلفا في أفـق تنظير للمسرح الكـُورون   يهدف بالدرجة الأولى لإثارة نقاشات جادة حول ما بعد كورونا، وويلات الوباء ومخلفاته النفسية/ الاقتصادية/ الفكرية/ لأنها المفصل التلقائي في تـشَـكلات بديلة للحياة العامة وللحياة الثقافية بشكل خاص؛ وهناك بوادر لذلك عبر العالم بأسره؛ من إغلاق أماكن الفرجة والمسارح والمكتبات ودور الشباب والثقافة؛ وأمست الإدارات تستغل وتوظـّف لغة التواصل والتفاعل معها عبر الشبكة العنكبوتية/ الأنترنت لقضاء المآرب الإدارية والمالية؛ والخدمات التوصيلية لعين المكان  ناهـينا عن فكرة التعليم عن بُعْـ ؛ هنا لا يفهم بأن الفيروس غـير موجود بالعك ؛ هو أمر واقع لكن تمظهره ساه  بوتيرة سريعة في التحولات التي تهدف إليها مخططات العولمة للوصول إلى مجتمع الرفاه بعْـدما حاولت إزالة الحدود والحواجز الجغرافية والتوجهات السياسي ؛ بين الأقطار؛ بهدف بناء منظومة عقلية/ اقتصادية/عن طريق الاتصال والتواصل، إيمانا أن العالم الافتراضي ما هو إلا امتداد للعالم الاجتماعي، بكل تجليات ؛ حيث لا تختلف صيرورة بناء الهوية في الواقع الاجتماعي عن نظيرتها في المجال الإلكتروني.

ولكن استفحاله وسريان وجوده يساهم إلى أبعد حد في ضرب قيم الهوية والخصوصية الثقافية. والمساعد الأكبر في كل هذا الثورة التكنلوجية والمعلوماتية المعتمدة على كم هائل من المعرفة والرموز والمعلومات والمسميات، لأنها جوهر العولمة. ولأن عالمنا اليوم عالم جديد وقد تغيرت فيه مفاهيم عديدة مثل وحدة المعرفة وطبيعة المجتمعات الإنسانية ونظام المجتمع ونظم الأفكار، لا بل إن مفهوم المجتمع نفس ، والثقافة قد تغير، ولن يعود أي من المفاهيم إلى ما كان عليه في الماضي.(1) وفي هذا السياق يمكن أن نعتبر ما طرحناه بمثابة  تحريض أو تنبيه مسرحي لفقهاء وممارسي المسرح إن كانوا قادرين ومتمكنين من العالم الرقمي الذي سيفرض/ ولقد فرض نـفـسه/ كحقيقة ثابتة سنعيشها آجلا أم عاجلا في العالم العربي، وسيلقي بظلاله على كل مناحي الحياة!

لأن تحولات العصر تفرض على المسرح أن يتماهى مع ثقافة عصر الوسائط ، ولقد أدرك بعض من الباحثين والمسرحيين العرب ذلك؛ ومدى اكتساح المسرح الرقمي؛ عَـوالم المسرح التقليدي، لكي يكسر العزلة التي يعيشها؛ والأفق الضبابي للمسرحيين ولقد انكشفت هاته الحقيقة في إطار الحجر الصحي؛ وبالتالي شهِدَ ت المَـسارح ودور الثقافة والشباب والمعاهد المسرحية برمتها عزلة وبؤسًا مسرحيًا. وفي هذا السياق أشارت إحدى الباحثات في المجال :بأن المسرح الرقمي يعد عاملا مهما في عملية التعليم الذاتي خصوصا في مثل ظروف الجائحة الحالية.(2) وهذا طرح ظهرت معالمه عبر استغلال الإنترنيت؛ الذي من لدن جميع المؤسسات بما فيها الصحف في نشر جرائدها ودور النشر في نشر كتبها والمراكز السينمائية في تقديم أفلامها المنجزة، وبعض الفرق المسرحية قدمت عروضها؛ ففي ظل هذا التحول الذي فرض على الجميع الانخراط جوانية الحاسوب واستعماله وتوظيفه لتكسير رتابة الحظر الصحي. رغم تحفظات البعض حوله.

ليس الأمر يتضمن أسباب دينية أوعقائدية بل معرفية وتقنية صرفة. وهاته المعالم الثقافية البديلة؛ التي فرضت نفسها على الأمم، لا محيد للبحْث ومحاولة إيجاد قاعِـدة أو خطاطات مدعمة بتجارب تطبيقية هدفها ترصين هذه الرقمية مسرحيا؛ لينطلق منها المسرحيون العرب في إبداعاتهم وإنتاجاتهم؛ لأن الإشكالية مهما تغافلنا عنها، تفرض تفجير السؤال الإلحاحي: أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العربي؟ باعتبار أن أغلب الدول العربية؛ عبر أجهزتها ومؤسساتها؛ تنادي وتبشر برقمنة القطاعات المؤسساتية؛ علما أنه تم انطلاق مدارس خاصة لتدريس الرقمنة؛ ولتزويد أطر المؤسسات سواء الخاصة أو العامة بمفاتيح وآليات الاشتغال الرقمي. فهاته الحركية الدافعة نحو توسيع المجال الرقمي؛ فالمسرح وغيره من فنون الأداء لن يسلم من هاته الحركية.

وإن كان مفهوم المسرح هو ذاك اللقاء الحي المباشر بين الأجساد والأرواح ؛ الذي يحقق البعد المادي في روحانية الفعل ذو صلة بالتواصل الوجداني. فطبيعي أن علاقته بالمشهد الرقمي ستبدو كعلاقة بعيدة التحقق والاحتمال وجريئة في نفس الآن وهُـنا يقف المسرح التفاعلي/الرقمي أمام تحديات كبيرة ليؤسس جماليته الخاصة ويوجّه الذائقة إلى تتبّعه بالشكل المطلوب لمرافقة هذا التحوّل الجديد، الّذي يبني نفسه بالتكنولوجيا والأدب معا، من أجل تطوير هذا الفن/ المسرحي الّذي لا يزدهر في عمومه كما يقول صبري حافظ في كتابه (التجريب والمسرح)»: إلاّ من خلال التجريب الدائم والمغامرة المستمرة مع الجديد»(3) وبناء عليه؛ فالمسرح عَـبر كيميائيته يخضع للتجريب بمفهومه الفني والجمالي؛ من أجل الاستقرار على قاعِـدة تلائم وتتفاعل مع المنظوم الشبكي العنكبوتي. وكما أشرنا سالفا بأن وسائل التواصل الإجتماعي ، تكشف لنا أنها خادمة ومسخرة للإبداع، وليست وسيلة لردمه .بحيث يلتقي الصوت/ الصورة في تركيبات وتلوينات غـريبة وخادعة وساحرة؛ والمسرح فن سحري؛ وفي زمن الرقمي؛ سيزداد سحْـرا؛ أليس كذلك؟

هو كذلك؛ لكن هنا أي تنظير سيليق بمرحلة ما بعد جائحة كوفيد – 19 وسلالته؟(4) لأن المسرح بسحره وجماليته؛ يحتاج إلى صياغة بديلة عما هو عليه الآن؛ ومحاولة إدخال أساليب واشكال جمالية جديدة ومبتكرة على عروضه؛ فالهدف من وراء ذلك على الأقل إعادة بناء الثقة بين الركح والجمهور الذي أمسى لا يبالي بالعُــروض المسرحية. ولاسيما أن العرض المسرحي يرتكز على عنصرين أساسيين (الممثل/ المتلقي) وبالتالي فالممثل باعتباره المحور الأساس في كل عمل إبداعي؛ فطبيعي أن وجوده يتسم بالدينامية والحركية والتحولات المشهدية أو الأدوار المسندة إليه فوق الركح، يقابله متلقي مسترخي ومقيد بالسكونية والهدوء والانضباط، مما تكون العلاقة بينهما جد متباعدة وغير تفاعلية، بناء لطبيعة الأدوار الموكولة لكل طرف. وعليه ففي ظل العصر الرقمي التفاعلي فهاته العلاقة اللاتكافئية لم تعد مقبولة. مما يقوم المسرح الرقمي بإقحام وإشراك المتلقي في أحداث العـرض المسرحي في مختلف مراحله، وذلك بموضعته أمام مواقف مشهدية تفرض عليه اختيار طرق مواصلة المشاهد وحبك السيناريوهات.

وإذا عدنا لما قبل الجائحة نجد بعض المبدعين العرب تحديدا يبحثون في ماهية المسرح الرقمي؛ انطلاقا من معطيات وتجارب الآخر (الأوروبي/ الأمريكي) لمحاولة تقعيده وتوظيفه كرؤية لما بعد الحداثة. ولاسيما أن المصطلح متعدد التوصيفات من افتراضي/ رقمي/ شبكي/ حاسوبي ليس وليد اليوم بل تم تداوله في أواسط الثمانينات من القرن الماضي. ويعد المبدع الأمريكي تشارلز ديمر Charles deemer رائد المسرح التفاعلي الذي ألف عام 1985أول مسرحية تفاعلية؛ كما أسس مدرسة لتعليم كتابة سيناريو المسرح التفاعلي في موقعه الخاص على الانترنت عبر تقديمه دورات تعليمية متعددة.(5) فهاته التجربة أساسها محاولة تطوير هذا الفن/ المسرحي ليتم استبدال الخشبة وخصائص العرض المسرحي التقليدي بالشاشة؛ وإن كانت تجربة هاته المسرحيات قديمة من خلال عرضها تلفزيا أو تحويل العرض الركحي بتفاصيله إلى شريط سينمائي؛ والتجربة انصبت تجاه أغلب أعمالشكسبير-  لكن ذلك كان محكوما بالزمان والمكان؛ علما أن هنالك فرق شاسع بين المسرح التفاعلي والمسرح الرقمي؛ وفي نفس الوقت يتداخلان ويكتملان بحكم أن الأدب التفاعلي لا يمكن له أن ينسلخ عن الحاسوب[Ordinateur]  كتابة وقراءة ، وعن[Internet]  الشبكة العالمية للمعلومات التي أصبحت العمود الفقري للكل المعاملات.

وبالتالي فشيوع الثقافة الإلكترونية بالكاد ستؤثر ولقد أمست تؤثر في المسرح، مما تلح عليه رأسيا الانخراط في ثقافة العصر وتطوراته، الى حد التماهي معه ومع شروط ما بعد الحداثة وذلك بغية تكسير العزلة التي سيعيشها، والتي لربما ستحوله إلى كائن جامد جوانية عالم متغيّر؛ رغم أن الرقمنة لها طبيعة رياضية صرفة؛ والمسرح له طبيعة أدبية /جمالية. ولكن من المفترض أن يقبل المسرح صفة الرقمية؛ طواعية أو مرغما مع إبقائه على التفاعلية كونها الجانب الأهـم من التقنية الرقمية والمساهم في إبقاء التفاعل مع المتلقي. وهذه أحد الإشكالات الرئيسة والمعقدة علميا / معرفيا / إبداعيا ؛ والتي تحتاج لدراسات معمقة من لدن الخبراء والمهتمين بالمجال التقنوشبكي باعتبار أن المسرح الشبكي أو الرقمي؛ يؤسس مَـسارا ثقافيا جديدا لتحقيق ما بعـد الحداثة كفعل وممارسة؛ وإن كان المفهوم فيه نوع من الضبابية وركاكة التوضيح.

يبقى للتطورات المعلوماتية والمعرفية والعلمية حكمها الأساس فالتحول العجيب الذي طرأ من التناظري إلى الرقمي؛ ذاك وليد سياق تلك التحولات التقنية؛ من أجل التعامل معها وتوظيفها واستثمارها عن طواعية أو قسرا لأن الفارق الحاسم الذي سنلمسه ف "معلومات" المستقبل هو أن الأغلب الأعم منها سيكون رقمياً. ويعَـدد جيتس الأمثلة على ذلك بالمكتبات التي تم مسحها وتخزينها كبيانات إلكترونية على أقراص أو أقراص مدمجة، كما يتم تنضيد الصحف والمجلات إلكتروني قبل طباعتها على الورق، كما تحول الصور الفوتوغرافية والأفلام السينمائية إلى معلومات رقمية (6) وبالتالي فالتكنولوجيا الرقمية هي ما سيميز المعلومات في المستقبل. ولقد لأمست أصوات ولاسيما أن الجائحة؛ كما أشرنا ساهمت بشكل كبير لتحقيق التحولات الجذرية في بنية المسرح؛ لكي يصبح الفضاء الافتراضي، نسقا بديلا لفنون الأداء ؛ وسيد الحَـدث والحضور في الفرجة القريبة من عشاقها ومريديها.

عـبر المــنصـة :
إذ في هذا الصدد ومدى التوظيف الرقمي مسرحيا يذكر بيتزو Antonio bit zou ما نصه: "في تجريب الثمانينات شهدت الساحة الفنية نوعا من السحر التكنولوجي على خشبة المسرح، وبالفعل منذ ذلك الوقت ظهر بوضوح أن افضل النتائج يمكن الحصول عليها عندما تنجح التكنولوجيا في أن تتحول مجرد عمليات ترقيعية الى عمليات تجميلية. كانت الاسطورة التكنولوجية في ديالكتيكية حول الفرض اللامحدود لمذاق ما بعد الحداثة، كان نظاما لإعادة الاستحواذ على الممارسة المسرحية بعيدا عن الدفعات المدمرة للفترة السابقة".(7) فهل هذا الطرح ضمنيا يتعلق بإجراء قطيعة مع الماضي المسرحي، أو يهدف لإضافة لبنة جديدة في المسار الإبداعي والفني؛ باعتبار أن المسرح في وضعه الحالي، هو نتاج تراكمات لتجارب وتصورات. لكن يتضح أن تكنولوجيا المعلومات والتواصل أثرت بشكل مدهش على مختلف الأشكال التعبيرية، وخلقت تحولات جذرية في بنية المسرح؛ طبعا هنا نتحدث عن المسرح الغربي/ الأوروبي؛ الذي قطع أشواطا في تجاربه المتنوعة والنوعية؛ ليدخل عمليا وجدليا في علاقة تفاعلية مع الوسيط التكنولوجي. ولكن طبقا للمناخ الثقافي وفاعليته بثقافة الحاسوب والانترنت؛ ولو بمستويات متباينة؛ حتى أنه ستنعدم الأوراق.

فإذا كان الشعر والرواية قد استطاعا تجاوز الصورة النمطية لطبيعة عناصر العملية الإبداعية، وهما أبعد من المسرح من حيث الاحتكاك بالمتلقي، فإن المسرح أولى منهما في تجديد طبيعة العلاقة القائمة بين عناصر العملية الإبداعية فيه، لأنه شديد القرب والاحتكاك بالعنصر الأهَـم فيها وهو المتلقي، الذي بعثت فيه التكنولوجيا الحياة، في تطبيق حي وحقيقي لمقولات ما بعْـد البنيوية، سواء سعى التكنولوجيين لذلك أم لا  (8) وبالتالي فانتشار الثقافة الرقمية لم تأت بمحض الصدفة، وإنما جاءت طبقا لتطور التقنيات الضرورية وبفعل التطور والوعي الذي شهدته أغلب المجتمعات مما أدى لظهور الإبداع الرقمي في سياق التجارب الغربية الدائمة والمستمرة مع الجديد في جميع المجالات بما فيها المسرح كفعل إنساني/ حيوي.

فالسؤال المحوري الذي يفرض نفسه أمام عوالم الرقمنة والوضع الإبداعي العربي؛ لاسيما أن هنالك تلميحات؛ أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العربي؟ هل المسرح الرقمي؛ سينزع أو سيلغي إنسانية المسرح باعتباره يعتمد على التواصل الحي والمباشر؛ وعلى أجساد الممثلين؟ هَـل يمكن استبدال العالم الواقعي وتفاعله بالعالم الافتراضي؟ وهل الرقمنة باعتبارها ثيمات موضوعاتية ستؤثر على النص المسرحي، مما ستفقد الفرجة بريقها؟ وهل المجتمع العربي أساسا على استعداد لتقبل هذا النوع من المسرح الذي يفرض نفسه كواقع وممارسة، كما فرضت موسيقى وأغاني الراب نفسها في الوسط الفني؟ وبالتالي هل المبدع العربي  قادر على الانخراط  وممارسة المسرح الرقمي؛ طواعية أو مرغما؟ تلك أسئلة تفرض نفسها أمام بعض التجارب الغربية التي اشتغلت على المسرح الشبكي/ الرقمي، واستثماره في تفعيل وتنشيط جماليات العرض المسرحي فكرا وشكلا ومضمونا. وأبعد من هذا لقد  تم إدراج المسرح الرقمي في الصف الدراسي وخاصة في المدرجات الأمريكية.

 

إحــالات:

(1) العلم ومشكلات الإنسان المعاصر لزهير الكرمي سلسلة عالم المعرفة ع5 الكويت مايو 1978 ، ص 238

(2) تاليا روجرز المدير الاعلامي لجمعية المسرح في الدراسات العليا  بأمريكا في ندوة الالكترونية تحت عنوان المسرح الرقمي في /08/03/ 2021

(3) المسرح الرقمي فتح زوايا جديدة أمام المسرح / فايزة خمقاني مجلة مسارب بتاريخ 30 /12/ 2018 

(4) انظر في أفـق تنظير للمسرح الكـُوروني ج1 ؟  لنجيب طلال موقع ألوان عربية  وغيره من المواقع بتاريخ 08/04/2021

(5) انظر لكتاب: مدخل إلى الأدب التفاعلي لفاطمة البريكي عن المركز الثقافي العربي - بيروت 2006

(6) المعلوماتية بعد الإنترنت- لبيل جيتس نقلا عن الدراما الرقمية والعرض الرقمي - تجارب غربية وعربية لسباعي السيد ص24

(7) انظر لكتاب المسرح والعالم الرقمي لأنطونيو بيتزو - ترجمة أماني فوزي حبشي إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدورة 19/2007

(8) -البريكي فاطمة، مدخل إلى الأدب التفاعلي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، الدار البيضاء، 2006، ص.98