لا تملك (الكلمة) وهي تنعي الفارس الذي رحل قبل الأوان إلا التأكيد على أهمية أن نواصل العمل بإصرار وشجاعة مهما تكاثفت من حولنا الظلمات. وألا نتنكب طريق الحق لقلة سالكيه.. ونقول معه من جديد: «نحن لا نملك مهنةً غيرَ الكتابة والنشر المستقلّيْن. وسنواصلهما، مهما صعبت الظروف،

وداعا يا رفيق الكلمة

سماح إدريس: ابن «الآداب» والمطور لرسالتها

صبري حافظ

 

كيف أبدأ الكتابة عن سماح إدريس (1961-2021) الفارس الذي لم يستوحش طريق الحق لقلة سالكيه، وظل حاملا شعلته حتى الرمق الأخير؟ أمن المرة الأولى التي التقيته فيها في بيروت ما بعد الحرب الأهلية، شابا مترعا بالحماس والحيوية؟ وقد عاد لتوه من دراسته للدكتوراه في أمريكا، وقد كان لقاء دفّاقا بالود والحرارة، مع أنه اللقاء الأول. أم من تلك العلاقة الطويلة بأبيه والتي طبعت حتما لقائي الأول به؟ ذلك لأن علاقتي الشخصية والمباشرة بالأب بدأت بعد عام من ميلاد سماح، وبالتحديد في عام 1962 حينما نشر لي مقالا لأول مرة في مجلته (الآداب) التي كانت قبلة القُصاد في العالم العربي وقتها، ولم تمض شهور قليلة على هذا النشر الأول حتى كنت من كتاب (الآداب) المنتظمين. واستمرت تلك العلاقة تزداد رسوخا، وتكتسب زخما على مرّ السنين، برغم تباعد اللقاءات الشخصية بيننا. صحيح أنني كنت أحرص على لقائه كلما زار القاهرة، واسعى لزيارته كلما زرت بيروت لماما. وكثيرا ما كنّا نبقى معا حينما يتصادف أن يشترك كلانا في مؤتمر أدبي في عاصمة عربية أو أخرى، لكن العلاقة بيننا ظلت متينة على مد زمن طويل، برغم قلة اللقاءات الشخصية. أم تراها علاقتي الطويلة بـ(الآداب) والتي عرفني سماح بلاشك من خلالها، وأدرك وجود الكثير من الهموم والصبوات المشتركة بيننا في الفكر والموقف؟

ذلك لأنها في الأساس – علاقتي بالأب ثم بالابن من بعده – علاقة مبدأ مشترك ورؤية فكرية مبنية على كثير من الأسس العقلية والوطنية برغم ما بيننا من تباينات. فقد بدأت علاقتي القوية بـ(الآداب) كقارئ متابع لا يكتفي بعددها الشهري منذ اكتشافي لها في مطلع دراستي الجامعية – وقبل أن أنشر فيها بعدة سنوات – ولكني كنت أبحث عن أعدادها القديمة على «سور الأزبكية» الذي كان غنيا بالكتب والمجلات القديمة في ذلك الوقت، كي أكمل مجموعتي منها. كانت (الآداب) توشك أن تكون قرين الرحلة التي قطعها جيلي مع المعرفة والحرية والتفكير المستقل، ومنبرها الأثير. فقد صدرت عام 1953 وهو العام الذي التحقت فيه بالمدرسة الثانوية – حينما كانت الدراسة الثانوية خمس سنوات تؤدي لشهادة الثقافة بعد ثلاث سنوات ثم التوجيهية/ البكالوريا في نهاية سنواتها الخمس. وهي المدرسة التي تفتح فيها الوعي على القراءة والتهام ما كان يتاح لي من مواد أدبية وثقافية في البيت أو في مكتبة المدرسة – مدرسة قويسنا الثانوية – التي كانت ثرية بالكتب، يوم كان للمدارس الثانوية الحكومية مكتبات اهتم طه حسين – منذ كان مستشارا لوزارة المعارف حتى صار وزيرا لها قبل الثورة – بتأسيسها وتزويدها بأرقى الكتب.  

لكن تلك المكتبة كانت حتى انتقالي للقاهرة، للدراسة الجامعية، مكتبة مصرية خالصة إن صح التعبير. وما أن وفدت إلى القاهرة وتعرفت على أقراني في رحلة المعرفة،[1] وعلى مجلة (الآداب) فيها، حتى فتحت واقعنا المصري – الذي كان يمور بالجدل والنقاش في ندوات تملأ القاهرة وقتها كل أسبوع حيوية ومعارف[2]– على  الواقع العربي الثري. ولم يكن في هذا الأمر أي مصادفة، فقد كان الأدب الذي تطرحه (الآداب) وتسعى إلى نشره وترويجه هو ذلك الذي يفكر فيه هذا الجيل الجديد على امتداد الوطن العربي وقتها. كما عبر عن ذلك رئيس تحريرها – سهيل إدريس – في عددها الأول «في هذا المنعطف الخطير من منعطفات التاريخ العربي الحديث، ينمو شعور أوساط الشباب العربي المثقف بالحاجة إلى مجلة أدبية تحمل رسالة واعية حقا٠ وصدور (الآداب) منبثق عن وعي هذه الحاجة الحيوية، أما تلك الرسالة التي تحملها، فتقوم على الأسس الكبرى التالية: تؤمن المجلة بأن الأدب نشاط فكري يستهدف غاية عظيمة: هي غاية الأدب الفعال الذي يتصادى ويتعاطى مع المجتمع، إذ يؤثر فيه بقدر ما يتأثر به٠ والوضع الحالي للبلاد العربية يفرض على كل وطني أن يجند جهوده للعمل، في ميدانه الخاص، من أجل تحرير البلاد ورفع مستواها السياسي والاجتماعي والفكري٠ ولكي يكون الأدب صادقا، فينبغي له ألا يكون بمعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه٠ وهدف المجلة الرئيسي أن تكون ميدانا لفئة أهل القلم الواعين الذين يعيشون تجربة عصرهم، ويعدون شاهدا على هذا العصر٠ ففيما هم يعكسون حاجات المجتمع العربي، ويعبرون عن شواغله، يشقون الطريق أمام المصلحين لمعالجة الأوضاع بجميع الوسائل المجدية٠ وعلى هذا، فإن الأدب الذي تدعو إليه المجلة وتشجعه، هو أدب «الالتزام» الذي ينبع من المجتمع العربي ويصب فيه.»[3]

وكان هذا الأدب الملتزم – الذي سرعان ما وفرت (الآداب) على صفحاتها أسسه النظرية ومرجعياته الفكرية وخصوصا من أفكار جان بول سارتر عن «ما هو الأدب؟» واستقصاءات أنصار مدرسته الوجودية وغيرها من المدارس – هو الأدب الذي روّجت له حركة التجديد التي بزغت في هذا الوقت في مصر، وفي غيرها من بقاع الوطن العربي، والتي جاءت محمولة على أعناق الفكر الاشتراكي والتحرري. صحيح أن هذا الفكر سرعان ما بدأ يتلقى الضربات المتتابعة من الأنظمة العسكرية التي أخذت تتوالد في المنطقة منذ انقلابي حسني الزعيم، وأديب الشيشكلي المشهورين عقب نكبة فلسطين.  ولأن أول ما تطيح به الانقلابات العسكرية عادة هو الحرية، بحث الأدب الذي تدعو إليه (الآدب) عن ساحة حرّة خارج وطنه، وفرتها له (الآداب)، بصورة حولتها إلى ملتقى من تتعرض كلماتهم للمصادرة في أوطانهم، أو يُحرمون من لعب دورهم فيها.  خاصة وقد أكد سهيل إدريس في تقديمه لها على العلاقة بين هذا الأدب الجديد والتغيير حينما قال: «والمجلة إذ تدعو لهذا الأدب الفعال تحمل رسالة قومية مثلى٠ فتلك الفئة الواعية من الأدباء الذين يستوحون أدبهم من مجتمعهم يستطيعون على الأيام أن يخلقوا جيلا واعيا من القراء، يتحسسون بدورهم واقع مجتمعهم، ويكونون نواة الوطنيين الصالحين٠ وهكذا تشارك المجلة، بواسطة كتابها وقرائها، في العمل القومي العظيم، الذي هو الواجب الأكبر على كل وطني.»[4]

منذ هذا الوقت المبكر، وقبل أن ينفصل بها صاحبها عن مشروع صديقيه: منير البعلبكي وبهيج عثمان، اهتمت (الآداب) بما دعاه صاحبها بـ«العمل القومي العظيم الذي هو الواجب الأكبر على كل وطني.» وما أن استقل بها سهيل إدريس – عن زميليه اللذين أسسا مجلة (العلوم) عقب استقلال سهيل إدريس بمجلة (الآداب) – حتى أخذ هذا الاهتمام بالعمل القومي العظيم، وانحيازها للرؤية الناصرية لذلك العمل وقتها، بعدما تزعم أفكار الاستقلال والتحرر الوطني، في التبلور والهيمنة على خط تحريرها واختياراتها من الأعمال الإبداعية أو الفكرية. لكن هذا الانحياز للتوجه الناصري خاصة لم يمنعها من أن تكون المنبر الحر المفتوح لنقد هذه التجربة، والداعم لحق الكاتب المبدع في التعبير الحر عن رؤاه على صفحاتها. فقد احتضنت كتابات التقدميين من أبناء جيلي – جيل الستينيات المصري – التي كانت مترعة بالنقد العلني والمستتر للتجربة الناصرية، وخاصة في ممارستها القمعية والمعادية للحرية في مصر نفسها. وأذكر أنني بعثت له عام 1964 بمقال تحليلي لرواية (الطريق) لنجيب محفوظ يطرح تأويلا باسلا لها باعتبارها رواية تعبر عن انتشار قضبان السجن المرئية واللامرئية في كل أنحاء مصر. وتعمدت أن يكون المقال بعنوان من قسمين: محاولة لفهم رواية الطريق: الصمت والجائعون للحرية. وكنت متخوفا من ألا ينشره، خاصة وأنني اخترت أن يكون العنوان الرئيسي هو الصمت والجائعون للحرية. أو أن ينشره بالعنوان الجانبي درءا لما في العنوان الرئيسي من تحد واضح لنظام كنت حريصا على رفضه وانتقاده، وكان هو ومن منظور عربي من المؤيدين له. لكن سهيل إدريس نشره في مكان بارز،[5] ووضع عنوانه الرئيسي «الصمت والجائعون للحرية» على غلاف المجلة الخارجي كالعادة مع أبرز المواد التي كان يحتوي عليها كل عدد، ويضعها على غلافه.

والواقع أن ميلاد (الآداب) نفسه جاء على موعد مع التحولات العربية الكبرى٠ كان الواقع الذي ولدت فيه (الآداب) هو واقع سنوات مابعد النكبة الكبرى التي أصابت العرب في فلسطين، بعد أن رُزؤا بحكام مهدوا للنكبة وشاركوا في حدوثها٠ وكانت السيطرة الاستعمارية على المنطقة من أهم أسباب عجز العرب عن التصدي للمخطط الصهيوني الاستعماري الذي يستهدف الإطاحة بمستقبلهم٠ وبلغ التردي مع مطلع الخمسينات ذروته بصورة أصبح يرهص فيها بالتحولات القادمة، لأن استمرار واقع التردي على ما هو عليه أمر مستحيل٠ وأصبح الشباب خاصة على يقين بأنه لا مناص من التغيير٠ وهذا الواقع العربي المرّ هو ما عبر عنه منير البعلبكي، أحد أصحاب امتياز (الآداب)، في عددها الثالث، بأنه «واقع بشع قاتم لا يطالعك بغير الكلوح والشؤم كيفما واجهته، ومن أيما زاوية نظرت إليه٠ فهو في حياتهم الأخلاقية والمسلكية واقع الإثرة والأنانية، والتحاسد والتباغض، والمكيدة والزلفى، والنفعية والوصولية٠ وهو في حياتهم الاجتماعية والعقلية واقع البؤس والمرض، والخرافة والتقليد، والطبقية والببغائية، والتعصب والأمية المتعالمة، والعلم الذي هو أقرب شيء إلى الجهل٠ وهو في حياتهم الاقتصادية والسياسية واقع الإقطاع والرجعية، والفساد والفوضى، والارتجال والتخبط، والفاقة تغرق في ديجورها الكثرة الكثيرة من أبناء الأمة، والنعمة تنغمس في متارفها القلة القليلة ممن يدعونهم أهل الامتياز٠ إنه واقع القبلية والعائلية والانقياد. واقع الاستعمار السافر حينا المقنع حينا آخر٠ واقع «إسرائيل» التي أناخت بكلكلها على قلب العالم العربي فشطرته شطرين، وأزعجت مليونا من عرب فلسطين عن ديار الآباء والأجداد، ومدارج الصبا وملاعب الشباب، والتي تتهدد العرب كلما ارتفع ضحى أو هبط ليل بخزي جديد، يمد في رقعتها ويبسط من سلطانها، وقد يجعل في يدها الغادرة مفاتيح هذا الجزء من العالم في وقت قريب أو بعيد.»[6]

هل توشك هذه الكلمات التي كُتبت عام 1953 أن تكون تعبيرا عن الواقع الذي نعيشه الآن بعدما يقرب من سبعين عاما من كتابتها؛ والذي واصل سماح النضال من أجل تغييره منذ أن عاد من رحلته لإكمال دراسته في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية؟ أم أن الواقع الذي وجد نفسه يواصل مسيرة الأب فيه، عقب عودته بين أطلال الحرب الأهلية وخرائبها، كان أسوأ كثيرا من ذلك الذي انطلق منه الأب في رحلته مع (الآداب)؟ وهل كانت دراسته في أمريكا مقابل دراسة أبيه في فرنسا، نوعا من الاستشراف المبكر لما سيدور؟ وكأن الأب يُعد الابن لمواصلة الدور الذي قام به طوال مسيرته الخصبة. لأن المعركة التي سيخوضها الابن لتحرير واقعنا العربي المتردي من شراك الاستعمار الأمريكي الجديد الذي يلف أحابيله الماكرة والمراوغة، وبأيد صهيونية، حول رقابنا ، استمرار لتلك التي خاضها الأب ومجلته وأجيال من كتابها معه، للتحرر من ربقة الاستعمار القديم: الفرنسي منه والانجليزي على السواء. وإذا كان التباين/ التكامل بين المسيرتين يبدو وكأنه مقصود من حيث السياق السياسي الاجتماعي لعالمنا العربي، فإن السياق الثقافي يبدو هو الآخر وكأنه يستشرف المسار الذي أخذ سماح (الآداب) إليه، حينما آلت إليه رئاسة تحريرها في حياة الأب وبعد تقاعده.

لكن قبل التريث عند هذه الأسئلة، وتأمل ما تطرحه علينا من قضايا، أعود إلى سياقات لقائي الأول بسماح. كان ذلك في زيارتي الأولى لبيروت – بعدما حطت الحرب الأهلية اللبنانية أوزارها – حقيقة ومجازا. فالأوزار هي الأسلحة والعتاد الحربي الذي يُترك ويخزّن بعد الحرب، وهي الأرجاس والآثام والآثار الدامية من موت ودمار، كان يعمُر فضاء بيروت حين وصولي إليها عام 1991 على ما أذكر. كانت بيروت أخرى تماما غير تلك التي تعرفت عليها في زيارتي الأخيرة لها، وكانت قبل الحرب بأقل من عامين.  وكما كانت (الآداب) قِبلتي حتى قبل زيارة بيروت الأولى بأكثر من عقد من الزمان، كانت كذلك مقصدي في تلك الزيارة التي جئت فيها للمشاركة في مؤتمر ما عُقد بها إسهاما في إعادة بعض من دورها الذي بددته الحرب الأهلية. وفي مكتب (الآداب) قدمني الأب إلى الابن، ولم يكن أيّ منّا في حاجة إلى تقديم للآخر. كان سماح قد أكمل دراسته في أمريكا. وكتب فيها كتابه النقدي الأول والذي صحب مادته وأصوله معه إلى أميركا كي يعكف على كتابتها هناك وهو يواصل دروسه للدكتوراه. وأعني به (رئيف خوري وتراث العرب) رسالته للماجستير التي أنجزها إكمالا لدراسته للماجستير في الجامعة الأمريكية ببيروت (1986)[7]. ثم أنجز بعدها رسالته للدكتوراه من جامعة كولومبيا هذه المرة، والتي أصبحت كتابه النقدي الثاني:  (المثقف العربي والسلطة: بحث في روايات التجربة الناصرية). ويكشف الكتابان، وكأن أحدهما يكمل الآخر، عن أن الهم العربي والقومي من ناحية، والبحث عن أفق منهجي جديد للنقد الأدبي ودور المثقف في مجتمعه من ناحية ثانية، لم يغيبا عنه طوال غيابه عن بيروت. 

وكأنما كان سماح يحدس بالكثير من الأسئلة التي لم أسألها لهما في جلستي معهما في مكتب (الآداب) فتطوع بأن يأخذني بسيارته إلى الفندق الذي كنت أقيم فيه، وكانت آثار الحرب ودمارها مازالت باقية وقد خطّت خرائبها في جغرافيا بيروت وتضاريسها. أقول أنه أدرك بحدسه حاجتي لمعرفة ما تركته الحرب من آثار، فأخذني إلى الكثير من خرائبها، وهو يحكي لي عمّا دار، ومازال يدور من صراعات على خطوط التماس المختلفة – الفعلية منها والمعنوية. كان يحدثني في سيارته وهو يريني ما فعلت الحرب الأهلية بوطنه/ وطننا لبنان، وهو يدرك أن بيننا لغة مشتركة، ورؤى متناظرة لا تحتاج إلى الإطالة أو التوضيح، وكأننا نعرف بعضنا منذ زمن طويل. وكانت هناك على ما أذكر قضية مهمة في دلالاتها على ما دار ويدور، وإن كنت لا أذكر الآن عما كانت، لأن الذاكرة بطبعها خؤون، لكني أذكر أنها كانت تهمه كثيرا وقتها، وأنه كان شديد الحماس لها. وأنه افترض – وعن حق – بأنها بالقطع تهمني، وأنني سأكون شاكرا له وسعيدا لو صحبني لهناك. فوعد بأن يصحبني في اليوم التالي إلى قاعة المحكمة حيث كان الصراع لايزال يعبر عن الكثير مما حققته الحرب أو مما أخفقت في تحقيقه.

ولا زلت اشعر – وأنا أكتب هذه السطور بعد ثلاثين عاما من تلك الواقعة – بالامتنان لأنه أخذني بالفعل في اليوم التالي إلى قاعة المحكمة، وإلى غيرها من فضاءات بيروت الجديدة. ومنذ هذا اللقاء الأول – والذي اعقبته لقاءات عديدة أثناء حياة سهيل إدريس وبعد رحيله – أدركت أن سماح لا يسعى فحسب إلى حمل العبء الذي سيتركه له أبوه في (الآداب) وفي (المعجم العربي) الذي كان قد شرع الأب في العمل عليه، بل ترك رئاسة تحرير (الآداب) لابنه كي يتفرغ له، ولكنه يريد أن يأخذ المجلة إلى آفاق جديدة. ولكني لم أكتشف إلا بعد رحيل الأب، بسنوات عديدة أنه يريد أيضا أن يأخذ عمله في (المعجم) إلى آفاق جديدة، وأن يدخل باللغة العربية في معترك  مغاير لتلك المعتركات التقليدية التي تناولها بها كل من اهتموا بتجديدها من طه حسين وحتى الآن. لكن لنبدأ أولا بالمجلة. فقد بدأ سماح العمل في (الآداب) إلى جانب والده منذ عودته من بعثته الأمريكية، لكن انفراده برئاسة تحريرها الفعلية لم تتحقق حتى عام 1994،  وهو العام الذي احتفل فيه اتحاد الكتاب العرب – في ندوة كبيرة وشهيرة في عمان كان لي شرف المشاركة فيها – بمرور أربعين عاما على صدورها. كي يتفرغ الأب وهو يحث الخطى نحو السبعين للقاموس العربي الذي انشغل به لأعوام طويلة، من قبل، وواصل العمل عليه حتى رحل دون أن يكمله.

وقد بدأ سماح الإعلان عما يمكن دعوته بسياسته التحريرية المختلفة في عدد يونيو/ حزيران 1994 في مقاله الافتتاحي «أين يكتب المثقف؟» بطبيعته الحوارية والساخرة معا، والتي تكشف عن وعيه المبكر بأن أهمية «الموقع» التي لا تختلف كثيرا عن أهمية «الموقف» وكيف أن على المثقف أن يختار لا الموقف المبدأي وحده، وإنما أيضا الموقع الذي يتخندق فيه، والذي يحول دون أن يستخدم أعداءه موقفه لتمرير مواقعهم التي تعمل بدأب على تزييف الوعي وتشويه التاريخ. فقد بدا حريصا على اختيار المكان الذي تظهر فيه كلماته، بنفس درجة حرصه على «شرف الكلمة» نفسها. لكن ما يمكن أن ندعوه بمانفيستو سياسته التحريرية الجديدة، والذي قرأه في مؤتمر حاشد احتفالا بـ(الآداب)[8] – جاء إليه بعدما نشر عددا باهرا من المجلة احتفى به بأحد أساتذته البارزين، إدوار سعيد، ويمكن اعتبار أنه قدم فيه أوراق اعتماده رئيسا فعليا للتحرير – كان مقاله الافتتاحي «الآداب وآفاق المستقبل» في عدد أغسطس/ آب 1994. وهو مقال طويل – استغرق ثمانية صفحات كاملة من المجلة – يستعرض ثوابت المجلة الفكرية، ويتناول مسيرتها بشكل عقلي نقدي صارم، لم يتورع فيه عن الممارسة الراقية للنقد الذاتي، ونقد أبيه وفي حضوره، كشخص عام يحتفي به ذلك المؤتمر. لأنه ينطلق فيه من موقع الوعي بمسار المجلة وعبء مواقفها السابقة التي لا مناص من الاعتراف بما فيها من مواقف جديرة بالفخر والتثمين، ومن اخطاء لا يقل الوعي بها أهمية عن الوعي بالإنجازات.

وكم كنت سعيدا وأنا اسمع سماح – في حضور أبيه الذي كان كبيرا بكل المعايير – يعبر عن كثير مما عبرنا عنه شبانا، وعلى صفحات (الآداب) نفسها إنصافا للأب، من نقد صارم للتجربة الناصرية، وما اتسمت به من غياب قاتل للنقد الحر والديموقراطية في مصر خاصة. وهو الأمر الذي كان فيه مقتلها، حيث ترعرع في ظلام غيابها كل أعداء الجوانب المشرقة في تلك التجربة، من استقلال وطني وعدالة اجتماعية وسعي إلى توحيد العرب كيّ يتمكنوا من تبوء المكان الجدير بهم في عالم لا يعبأ بغير الكبار. فكان يسيرا على هؤلاء الأعداء الإجهاز كلية عليها، بعدما تمكنوا بدهاء السادات، وعون كثيرين مما كانت بيدهم أدوات تسيير الدولة الدكتاتورية الباطشة التي خلقها عبدالناصر، وتركها لسلفه الذي استخدمها بمهارة لتدمير كل إيجابيات عهده من عدالة اجتماعية هشّة لم تجد من يحميها، أو يدافع عنها اللهم إلا من بطش بهم عبدالناصر وأضعفهم، واستقلال وطني مهزوم ينوء تحت وطأة «النكسة» سلمه السادات مجانا للاستعمار الأمريكي الجديد. اقرأ لإرادة دولة الاستيطان الصهيوني المزروعة خنجرا مسموما في قلب الوطن العربي.

صحيح أن سماح لا ينسى في هذا المقال/ المانيفستو أن الأب قد اعترف بخطئه لعدم نقد هذا الجانب في التجربة الناصرية – وأمام أحد ضحاياها وأنصارها معا: محمود أمين العالم في مؤتمر حاشد في المغرب عام 1989 – ولكنه اعتراف جاء بعد فوات الأوان، بعد أن دمر اليمين الرجعي المدعوم بتنظيمات الإسلامجية – وأموال النفط وتخطيطات أعداء الأمة العربية – في مصر كل إيجابيات التجربة الناصرية فيها. وفي هذا السياق المتأخر أيضا تولى سماح أمر (الآداب) في ظروف كانت صعبة إلى أقصى حد، بعد سنوات الجزر القومي والحرب الأهلية اللبنانية، والقضاء على مراكز الثقافة العربية القديمة – مصر وبيروت – لصالح الهوامش التي كانت ومازالت تحلم بالاستيلاء على دورها. لكن ذلك لم يفتّ في عضد إيمان (الآداب) بدورها القومي والنضالي، والذي حرص سماح طوال رئاسته لتحريرها على القيام به والتأكيد عليه.  فحارب من البداية معركة التطبيع مع العدو الصهيوني، وكشف كل سوءات دولة الاستيطان الصهيوني، وعرة وجهها العدواني والعنصري. ورفع راية فلسطين عالية في وجه كل ممارساتها. 

فقد كانت (الآداب) ترصد بدقة ودأب وإصرار كل محاولات التسلل الصهيونية الآثمة إلى الجبهة الثقافية العربية، سواء في الوقوف في وجه أولى تلك المحاولات التي كانت تتقنع بضرورة التوقف عن الانسحاب من المؤتمرات التي يشارك فيها العدو الصهيوني، كي لا نترك الساحة خالية له. أو تلك التي سعت للتسلل إلى مواقع درس الآداب العربية وترجمتها كما هو الحال ندوة طليطلة عام 1996،[9] والتي أدى دور (الآداب) في فضحها ورفض كل المدعويين العرب للمشاركة فيها حتى تُسحب دعوة الصهاينة لها. كما كانت المجلة في طليعة من خاضوا معركة «وثيقة كوبنهاجن»[10] ومن فضخ التخفي تحت رايات اليسار المضللة في كردستان العراق، لصالح العدو الصهيوني – بل تعرية الوجه الأميركي القبيح الذي يتستر وراءه الصهاينة – التي خاض فيها سماح معركة ضارية مع فخري كريم – أحد عرّابي الاحتلال الأميركي للعراق والتضحية باليسار العراقي قربانا له – وخاضها فخري المدعوم ماديا ضده في المحاكم اللبنانية، بهدف إغلاق المجلة والدار معا تحت وطأة ما طالب به من تعويضات لا يتحملانها. وتكاتف المثقفين من جل الأقطار العربية مع موقف سماح المبدأي في مواجهة تنظيرات «رفيق» الإمبريالية المعولمة ودعاواه الخرقاء بالتقاء مصالح العراق مع المصالح الأمريكية باحتلال العراق. الذي مازالت تحتله حتى اليوم.

وإذا كان الكثيرون قد أشادوا بموقف سماح المبدأي، ونضاله المستمر في صفوف القضية الفلسطينية وفضح مخططات دولة الاستيطان الصهيوني في فلسطين وأذنابها. ودوره الكبير في العقدين الأخيرين في حركة مقاطعة الكيان الصهيوني سياسيا واقتصاديا، وكشف نظام التمييز العنصري فيه، ومقاطعة منتجات المستوطنين في أرض فلسطين، والدعوة لسحب أي استثمارات منه. كما أنه عضو مؤسس في «حملة مقاطعة داعمي الكيان الصهيوني في لبنان» منذ العام 2002. وقد آل على نفسه منذ تأسيسها أن يجعل هذا النشاط مركز اهتماماته السياسية بصورة أخذت معها الحركة في احتلال مكان بارز في الخطابين العربي والغربي، وأخذت تكلف دولة الاستيطان الصهيوني متاعب ماديّة وأضراراً أخلاقيّة وسياسيى جسيمة. فقد ساهمت وبقوّة كبرى في جعل أنظار العالم تتّجه إلى جدلية الجلاد والضحية، بلّ إنّها صارت شبحاً حقيقياً أمام كيانٍ تحاصرهُ نُذر التبدّد ومخاوف الاندثار إذا لم تسرِ صفقة أو تنجح خطة، برغم هرولة المطبعين، وسلام إبراهام الذي سيذهب حتما إلى مزبلة التاريخ، في أعقاب صانعه: دونالد ترامب.
أقول إذا كان كثيرون قد أشادوا بمواقف سماح تلك بصورة تغنيني عن التريث كثيرا عند هذا الجانب المهم في تطويره لمجلة (الآداب)، ونضاله الموازي معها في المحافل والمنابر المنافحة عن فلسطين. فإنني أحب هنا أن أركز على الجانب الآخر الذي لا يقل عنه أهمية وهو حمل رسالة (الآداب) التنويرية والتجديدية في مجال الأدب والثقافة عامة.  وأحب هنا أن أقيم تناظرا بين مرحلتي الأب والابن في هذا المجال. لأنه إذا كانت فترة دراسة سهيل إدريس بفرنسا، وانشغاله إبانها بالجدل المستمر في أدبنا العربي بين الأنا والآخر، والذي أثمر روايته (الحي اللاتيني)[11]، ثم التوجه نحو تبني بعض أفكار جان بول سارتر ورؤاه، وترجمة الكثير من أعماله ونشرها على صفحات المجلة وفي دارها؛ فإن دراسة سماح في أميركا إبان ثمانينيات القرن الماضي – حيث كانت أميركا وقتها حاضنة للكثير من رؤى التمرد على متن الكتابات المهيمنة، لصالح الكتابات البازغة التي سبق تهميشها: بدءا من الخطاب النسوي، مرورا بقضايا العدل الاجتماعي واجتهادات اليسار الجديد، وصولا إلى نقد الاستشراق وفتح المجال أمام خطاب ما بعد الاستعمار، وتمثيل جل الأقليات التي جرى تهميشها وحرمانها من أن تكتب سرديتها أو خطابها – هي التي هيأته لأخذ مجلة (الآداب) إلى مسار جديد. أكثر سياسية وأرحب انفتاحا على قضايا عالم ما بعد الاستعمار القديم، ووعيا بالآليات المراوغة للاستعمار الجديد، الذي واصل حربه عليه – وخاصة في جبهتي المقاومة وفلسطين – حتى آخر أيام حياته.

فقد شهدت (الآداب) في عهده احتفاءا واضحا بإنجازات إدوار سعيد في مجالات الاستشراق، وأدب ما بعد الاستعمار، والنقد الثقافي، وقدمت الدار معها عددا من كتبه المهمة. كما بشرت بالكثير من إنجازات النقد اليساري الجديد لدى كل من فالتر بنيامين وفريدريك جيمسون ونعوم تشومسكي وغيرهم. واهتمت بشكل خاص بنظريات التلقي وتحليل الخطاب والتناصّ. وأفسحت المجال أمام استقصاءات النقد العربي في تحليل الخطابات السردية سواء منها تلك التي تناولت صيغ السرد التراثي القديم المختلفة، أو ما طرأ على التعامل مع النصوص الروائية الجديدة من تنظيرات بنيوية وما بعد بنيوية أو تفكيكية وغيرها من اجتهادات تنظيرية أو تطبيقية. وقد رافق هذا الاهتمام الذي طوّر مجلة (الآداب) وأبقاها منبرا مهما في الساحة الأدبية والثقافية العربي، على مد مسيرته في تحرير (الآداب) اهتمام سماح باللغة العربية، الذي لا ينفصل عن بقية اهتماماته. وقد تحقق ذلك على محورين: أولهما مواصلة عمله على المعجم العربي والذي آمل أن نرى ثماره قريبا. وثانيهما – وهو أمر لا يقل عنه أهمية – منهجه الجديد في الحفاظ عليها وتوثيق روابطها بالأجيال الجديدة من قراءها في المستقبل.

هنا يجيء المجال للحديث عن جانب أدبي مهم في إنجاز سماح إدريس وهو أعماله الإبداعية العديدة للأطفال والفتيان/ الفتيات. فقد ألّف سبعة كتب للأطفال (الموزة؛ الكل مشغول؛ أم جديدة؛ تحت السرير؛ قصة الكوسى؛ البنت الشقراء؛ مشمش)، وأربع روايات للفتيات والفتيان (خلف الأبواب المقفلة؛ النصّاب؛ حين قرر أبي؛ الملجأ / طابتي الذكية؟؟). وإنني أذ أرجو أن يكون هناك من أهتم بالكتابة عن تلك الأعمال وعن موقعها من مسيرة أدب الطفل العربية. فإنني  أشير هنا إلى أنه أقبل على هذا الجانب من عمله الثقافي بمنهجية واضحة. تنأى عن التعامل مع الأطفال والفتيان/ الفتيات بفوقية أو تتغيا تقديم المواعظ لهم كما هي الحال في كثير من كتابات الأطفال. وإنما تحرص على أن تحترم عقولهم، وتقدر ذكاءهم، وتحببهم في اللغة العربية، وتقدم لهم مفرداتها تقديما سهلا يحببهم فيها ويرهف وعيهم بالكثير من إمكانياتها التعبيرية. إنه يريد أن يطرح أمامهم بديلا عن الكتب المدرسية التي تدفعهم إلى الضيق باللغة العربية أو حتى كراهيتها لصعوبتها وللطريقة الغبية التي كثيرا ما تُدرّس بها.  فهي حامل هويتهم القومية الأول، في زمن أصبح فيها التباهي بمعرفة اللغات الأجنبية والزراية باللغة العربية من بديهيات الحراك الاجتماعي، والصعود في عالم عربي مختل.

وأخيرا فإنني لا أود أن أختم هذا المقال عنه بغير تأكيد مقولته الرائعة «إذا تخلينا عن فلسطين تخلينا عن أنفسنا!» وأن أؤكد معه أهمية أن نواصل العمل بإصرار وشجاعة مهما تكاثفت من حولنا الظلمات. وألا نتنكب طريق الحق لقلة سالكية كما قال الإمام عليّ كرم الله وجهه. وأقول معه من جديد: «نحن لا نملك مهنةً غيرَ الكتابة والنشر المستقلّيْن. وسنواصل هذه المهنة، مهما صعبت الظروف، ومهما تعثّرْنا أو تأخّرْنا أو كبوْنا. وسنكون إلى جانب كلِّ من يعمل، بكدّ وتفانٍ وحبّ، على الخلاص من سارقي أحلام شعبنا في الحياة الكريمة الحرّة.»[12] لأن مثل هذه المواقف المضيئة هي التي جعلت الأسرى الفلسطينيين في سجون دولة الاستيطان الصهيوني على أرضهم يبادرون بتعزيتنا فيه، ويقولون له «تغرب روحك هناك يا سماح ونبقى نحن نستظل بفيئها وهي ترفرف وتملأ الفضاء، صباحٌ استثنائي حيث الخبر بفاجعة رحيلك حل مكان تفكرنا في التحرر والانعتاق، ولأن غيابك يفتك بقدرتنا ويسمرنا في محطات الزمن، ننظر من حولنا نتفقدك، نتذكرك فنحن لا زلنا نحتاج كلماتك، مواقفك المبدئية المنحازة، لازلنا في خضم المشوار يا سماح، لقد ارتحلت ووصلنا خبرك مع تسامي قطرات الندى، مع تساميها من على أشباك السجن وقد تسامت معها وتسللت أحاسيسنا المجروحة، ووجعنا الصارخ بفقدانك علنا نُهون على أنفسنا قليلاً وعسانا نسمعك صرختنا الأخيرة، أنت الذي اعتدت الانتماء لصوتنا وصرخاتنا، أو لعلنا نريد أن نودعك بهمس الصراخ..... سماح نحن نعرفك أنك لا تغادر الجبل فأنت جبلٌ في مواقفك وخطواتك مرسومة بل محفورة في المشوار الطويل، فأنت عزيزنا ورفيقنا، رفيق نضال مرير، رفيق درب طويل، ولكنك رحلت وتركتنا بل رحلت عنا بجسدك وستبقى روحك الهاماً لنا وكلماتك ومواقفك نبراساً نستحضره ونحاوره ونحادثه ونحن نسير، سنبقى نمشي ونسير يا رفيقنا حتى نصل.»

 

[1]. من الذين عرفوا فيما بعد في مصر بجيل الستينات، أذكر منهم في ذلك الزمن المبكر غالب هلسا ومحي الدين محمد ومحمد عفيفي مطر وأمل دنقل ومحمد إبراهيم أبوسنة، وصلاح عيسى وغيرهم.

[2]. كانت أبرز تلك الندوات الأسبوعية ندوة نجيب محفوظ، وندوة أنور المعداوي – الذي كان نجم (الرسالة) ثم انتقل إلى (الآداب)، وندوة الجمعية الأدبية المصرية التي برز كل كتابها في حضن مجلة (الآداب) وعلى رأسهم صلاح عبدالصبور، وندوة نادي القصة، وندوة الأمناء لأمين الخولي، وندوة رابطة الأدب الحديث، ثم ندوة أتيليه القاهرة وغيرها.

[3].  سهيل إدريس،« رسالة الآداب»،  (الآداب)، العدد الأول، يناير 1953، ص 1.

[4]. المرجع السابق، نفس الصفحة.

[5]. راجع (الآداب) سنة 12، العدد السادس، يونيو 1964، ص 18. وكانت كانت الملزمة الثانية من العدد هي ابرز مكان فيه. فبسبب العديد من الاعتبارات الرقابية في عدد من البلدان العربية، كانت الملزمة الأولى، والتي كان يحرص على أن تكون بها المقالات السياسية تقتطع أحيانا من العدد قبل توزيعه في بعض تلك البلدان. أما الملزمة الثانية فقد كانت هي بداية العدد الأساسية التي ستدخل كل البلدان العربية التي تدخلها المجلة، حيث كانت تمنع في بعض البلدان في بعض الأوقات.

[6]. منير البعلبكي، «الأدب الذي نريد»، (الآداب)، العدد الثالث، مارس 1953 ص ٠1

[7]. كانت وداد القاضي التي كانت تشرف على رسالته للماجستير في الجامعة الأمريكية في بيروت – حيث كانت تعمل وقتها – قد انتقلت للعمل  أستاذة زائرة في جامعة كولومبيا عام 1985، وكان طبيعيا أن ينتقل سماح معها برسالته، ليكملها هناك، وليواصل الدرس في جامعة كولومبيا للحصول على الدكتوراه، بعدما انتقلت استاذته إلى جامعة ييل، قبل أن يستقر بها المقام في جامعة شيكاغو حتى تقاعدها هناك.

[8]. انعقد المؤتمر في عمان بين 29-30 يوليو/ تموز 1994.

[9]. راجع (الآداب) السنة 44، العدد يوليو 1996.

[10]. راجع (الآداب) السنة 45، عدد مارس/ ابريل 1997.

[11]. تنتمي الرواية إلى ميراث طويل في أدبنا العربي الحديث بدأ مع (أديب) لطه حسين، و(عصفور من الشرق) لتوفيق الحكيم، و(شرق وغرب) لفؤاد الشايب، و(قنديل أم هاشم) ليحيى حقي وتواصل بعدها عبر (موسم الهجرة إلى الشمال) للطيب صالح و(أصوات) لسليمان فياض  و(الحب في المنفى) لبهاء طاهر وغيرها.

[12]. سماح إدريس، ترف الانتاج الثقافي المستقل، (الآداب) يوليو/ تموز 2021.