ينطلق الدراماتورج المغربي من المساءلة العلمية حول الخطاب المسرحي والعناصر الأساسية المكونة له، ويتناول بالدراسة المقاييس النقدية التي تتحكم في بنية النص أثناء تحليله ومن ثم إنجازه كعرض. ويقدم إجابته حول خصوصية علم الإخراج المسرحي، وما يميزه عن الفنون الأخرى.

رؤية استبصارية في عالم تقنيات الإخراج المسرحي

عزاوي بن يحيى

استهلال
إذا تأملنا في عالم الإخراج المسرحي نجد أنفسنا محفوفين بالعديد من الأسئلة والتساؤلات والاستفسارات المحيرة والمتشعبة ولعل أهمها علاقة نوعية الخطاب المسرحي والعناصر الأساسية لمكوناته، أو بعبارة أخرى ما هي المقاييس العلمية التي تتحكم في بنية النص الأدبي المسرحي أثناء تشريحه وعند انجازه؟ ولماذا أضفينا على الإخراج المسرحي الطابع العلمي؟ والى أي حد استطاعت هذه العناصر العلمية أن تميز الإخراج المسرحي عن الأجناس الفنية التقنية والأدبية الأخرى؟ وهل يعتبر الإخراج المسرحي علماً قائماً بذاته أم أنه يرتبط ويتلاحم ويتفاعل مع علوم أخرى؟

إذن على ضوء هذه الأسئلة والتساؤلات برمتها لنطرح السؤال من جديد حول من هو المخرج أولاً وما هي العناصر والوسائل التعبيرية التي يتعامل معها من أجل الوصول إلى الوضوح والتنظيم العلمي ثم منح العاملين معه الطريقة العلمية المثلى لتسهيل عمل الممثل مع النص المكتوب وكذلك التقنيين (السينوغرافي، المكيور، مصمم الملابس، تقني الإنارة، تقني الموسيقى التصويرية، الأكسيسواريست.. الخ)، ثم المتلقي الناقد لمعرفة مستجدات الإخراج العلمي الحديث، ولبلوغه الوعي الموضوعي لهذه الركائز المفعمة بالحياة والعلاقات الاجتماعية، ثم الجمالية الفنية التقنية، وعلى ضوئها يغوص أكثر فأكثر في العملية الإخراجية المسرحية المتعبة والمستعصية على الإدراك إلا من خلال العمل التطبيقي ليس إلا.

إن طبيعة السؤال والأسئلة السالفة الذكر تفرض علينا قبل كل شيء النظر بإمعان إلى وظيفة المخرج، ثم العناصر الأساسية التي يتعامل معها من أجل خلق حياة فنية جميلة تتسم بالصخب تارة وبالهدوء تارة أخرى. ونظراً لكون العلم والفن يشتركان في مفهوم واحد للحقيقة وهو ذاك المفهوم الذي يستوعب التقدم التاريخي كما يقول برتولد بريخت. واستنتاجاً لإدراكنا من خلال ممارستنا الطويلة للعمل الإخراجي نقول: أن الفن بصفة عامة والمسرح خاصة لا يمكن أن تقوم له قائمة وسط الفوضى والعبث وجهل الأسس العلمية التي أسسها عبر الامتداد دراماتورجيون كبار على مر العصور، لذا نؤكد على أن الفن المسرحي هو نظام وجمال قائم على التناسب، والمحاكاة، والكثرسيس، والواقع، والمتوقع لقراءة التاريخ .. تاريخ الواقع الذي ينجلي في تفتيت وتفكيك الأحداث، التي ندركها من خلال الواقع المعاش.

منذ نشأة المسرح وعلى مرّ السنين كان دائماً في حالة تقدم وازدهار، وبالرغم من بعض المتشائمين حول ازدهار التكنولوجية وما تحمله من سحر عجائبي كالصور المتحركة ذات الأبعاد المبهرة في السينما المعاصرة والخاصية الجمالية للتليفزيون والأنتيرنت وأشياء أخرى تبهر العقل والجدان، يبقى المسرح له مميزته الخاصة هو كونه حضور وجداني روحي متميز جميل ما بين المتلقي العرض الجمالي الذي يموت ميتة عظيمة في كل عرض ثم يحيا من جديد بحلة سحرية غير متكررة في العرض الموالي، مثله كمثل الزمن الذي يمشي في خط حلزوني جميل.

أجل، فالإخراج المسرحي هو بحاجة ماسة إلى عدة سنوات من التطبيق، طويلة وشاقة ومتعبة لملاحقة التقدم التاريخي، وهذه الحقيقة العلمية هي نبراس كل أقطاب المسرح في العالم أجمع، والدليل على ذلك فقد سنّت التجارب في المعاهد العليا عبر العالم وتأكد على الفن المسرحي، تمثيلاً وإخراجاً وتقنيات متنوعة أخرى، لا يمكن أن يكتفي الدارس في المعاهد أو عبر أمهات الكتب فهم ميكانيزمات الإخراج والتمثيل المسرحي إلا عبر التطبيق على يد صانع آخر. بمعنى آخر أن صناعة التمثيل أو الإخراج مثلها كمثل صناع الأرتيزانا (الصناعة التقليدية، ومهارات وفنية الزخرفة والنقش.. الخ)، ثم يكون لعاشق الفن المسرحي مؤهلات تؤهله لتعلم هذه الصناعة الجميلة، ومن بين المؤهلات الموهبة التي يمنحه الله لكل إنسان على حدا. ولكن الموهبة لوحدها لا تكفي بل العلم يلعب دوراً أساسياً لذوي المواهب الخلاقة المبدعة، ينير لهم السبيل المنشود ويمزق الخمار عن خصائصهم الذاتية ويطعمها بسماد الأسرار وخبايا الطبيعة وظواهرها الاجتماعية والسياسية وحتى الجوانب المظلمة من الطبيعة يكتشف الفنان المبدع عن سحرها وجمالها في المستنقعات !!!نفسها فيها سحر وجمال وإبداع عظيم،وأقول للمهووسين الاطلاع عن كثب واكتشاف هذه الحقائق التي سبق لنا التمتع بها، فزادتنا نشوة وذوقاً رفيعاً واستبصاراً في آيات الطبيعة وجمالها الخلاب.

المادة الأولى

تعريفات وظيفة المخرج:
اختلف الآراء وتضاربت حول وظيفة المخرج والتسمية اللائقة بهذا الفنان الشغوف والمهووس والمبدع الخلاق لعوالم الحياة التي يزرعها في شخوصه بعد دراسته الدقيقة للنص الأدبي الممسرح وقديماً لم يكن ثمة متخصص بوظيفة الإخراج، إلا أن هذا لا يجب أن يصدر في الحسبان حول العروض المسرحية على أنها كانت تنجز بشكل فوضوي أو اعتباطي وكل من هوت له نفسه القيام بهذه الوظيفة الصعبة وأن يتمكن بسهولة في تنفيذ عملية الإخراج بل كان يقوم بهذا الدور الكاتب المسرحي أو الممثل الأول للفرقة، وللتذكير فالإخراج المسرحي هو رؤيا فلسفية حياتية لخطاب عرض وموقف خلاق أحادي الأصل يبتدئ من وحدات زمانية ومكانية داخل الفضاء السينوغرافي وينتهي كفرجة احتفالية في وحدة زمكانية إلا أن آثاره لا تنتهي بل تسمر في ذوات بشرية أخرى إما ايجابياً أو سلباً بعد العرض.

وفي العقد الأول من القرن العشرين أصبح المخرج المسرحي له خصائصه الذاتية ومواصفاته التقنية ومكوناته الفكرية ترتكز كلها على مستوى مفهوم الحياة وعناصرها الذاتية والموضوعية، متخذا أسلوب التنظيم التقني وصناعته الأدبية المحكمة في خطاب العرض المسرحي الذي تتحكم فيه اللعبة الممسرحة تحاكي الواقع والمتوقع.

إذن في البداية كان التنفيذ وانتقل المخرج إلى التفسير والتأويل والترجمة ثم تطورت تقنياته إلى عالم الخلق والإبداع والابتكار، وشيء طبيعي أن مؤهلات هذا الفنان الطبيعية التي تكمن في الفكر والخيال وقوة الدقة والملاحظة في الأشياء والشعور بوحدة الإيقاع هي التي لعبت دورها الأساسي في استقلال الوظيفة الإخراجية بحيث أصبحت وظيفة صناعية وفكرية بامتياز. وكما هو معروف فان مجموعة من النقاد من ذوي الاستبصار عرفوا المخرج المسرحي بأسماء كثيرة من بينها:

1- الشريك الثاني للمؤلف.

2- المفسر للعرض.

3- المنفذ والمنسق.

4- المبدع والمبتكر. طبعاً هذا المصطلح جاء نتيجة ازدهار العلم على مستوى علم اللغة، الكلمة، الحركة، الألوان، الظلال، الصمت، الظلام، الهمهمة، الصياح.. الخ. حدد النقاد الذين يمتلكون القدرة على معرفة خبايا الصناعة الإخراجية ووسائلها التعبيرية في إطار شمولي بما في ذلك عملية التوليد والإبداع وخلق حياة فلسفية جمالية التي تحدد الموقف الفكري المتزن لكل مخرج مبتكر على حدا. فنعتوه بالمبدع الناضج الذي يمتلك القدرة على الغوص في النص الأدبي ومراقبة محيطه الواقعي والحياتي وحتى العقائدي. زيادة على ذلك أنه ملم بفضاء الركح وله دراية علمية في تحليل الوحدة الأساسية لخطاب العرض الذي يرتبط أساساً بإيقاعات متنوعة وأساسية تلفف وتكسو الفرجة الجادة لخطاب العرض المسرحي.

وأما جوهر خصائص المخرج في وظيفته الصناعية حسب رؤيتي الفلسفية تكمن في المفاتيح السحرية التي تعطيه القوة وقدرة التحكم في الخيوط الزئبقية للعبة الممسرحة والتي تتمثل أساساً في العناصر العلمية التالية:

المادة الثانية
1- قدرة الطلاقة
:
يعتبر علماء النفس أن عنصر الطلاقة من المميزات الأساسية للخيال الجموح الذي يحفز القوى المحركة الداخلية للمبدع وخاصة منها العقل، الذي ينتج كمية كبيرة من القدرات حول موضوع معين في وحدة زمنية ثابتة بحيث يستطيع الفنان المبدع الموهوب توليد في درجة مرتفعة سيولة من الأفكار على مستوى التشكيل الحركي المفعم بالحياة المتنوعة والإيقاعات الصوتية التي يراها تخدم خطاب عرضه المسرحي.

2- المرونة:
بقدر ما للطلاقة من أهمية كبيرة وخاصة حول توليد الأفكار التقنية أو التجسيدية على مستوى الركح، بقدر ما يستوجب على المبدع المخرج أن يحفز الطاقم التقني والفني لورشة الإبداع بحرية منضبطة حتى يتم النقاش بجدية في إطار ديمقراطي حول مقترحات المخرج الناتجة عن طلاقته وبداهيته، بحيث من المفروض عليه أن يكون مرناً لا متعصباً عقلياً لأن التعصب العقلي يولد التحجر الفكري ويضر بالعرض المسرحي ككل. من هنا وجب على المخرج أن تكون له دراية ومعرفة مسبقة حول مواقف وأفكار الفنانين المبدعين معه. ويشترط على المخرج الناضج فكريا التلوين العقلي الدبلوماسي لكي يفتح مجالاً وفضاء واسعاً لكل من يشترك في العمل وفي هذا الإطار لا أقصد بالتلوين العقلي والمرونة التذبذب والاحتيال على أفكار الغير بل بالعكس يستوجب عليه فتح المجال للأسئلة المقترحة ونقاشها مع الجميع بطرق موضوعية لخدمة الفرجة الجادة للمتلقي الواعي الذي سوف يكون الشريك الثاني في العملية الإبداعية من خلال كل عرض.

3- الحساسية للمشكلات:
تثبت الدراسات العلمية في علم النفس أن -80- في المائة من الفانين لهم إحساس عاطفي رهيف جداً تجاه وقائع وأحداث ينتجها الواقع،من أتراح وأفراح، لكن لمعرفة الواقع والمتوقع والأسباب التي فجرت الأحداث يشترط في الفنان أن يكون زاده العلم لتسليط الأضواء على المشكل المطروح أو المشكلات التي يحاكيها مع مشاعره الجياشة. إذن العلم يلعب دوراً أساسياً في تنمية نبض المشاعر والقوى المحركة الداخلية للإنسان. هذا الثالوث المعقد والمركب من المشاعر والعقل والإرادة يزيح الستار عن مجموعة من الأفكار المستعصية الحساسة التي تنبض فيها المشاعر وتحجب العقل وإرادته للبث فيها والغوص في أعماقها التي قد تكون مليئة بالأخطاء وخاصة حول موقف واحد الذي يتطلب من الفنان المبدع رؤية الكثير من المشكلات التي تتخلله بما فيها القصور أو نواحي النقص، وهذا العنصر الأساسي "الحساسية للمشكلات" تحدث عنه بإسهاب في صيغ أخرى"استانيسلافسكي" ولقبه في استنتاجاته لأعداد الممثل وسماه "التكيف"، وهذا الأخير يعطي للممثل فرصة سهولة الاندماج مع الشخصية المسرحية ويحاكيها كذلك الانسجام المتكامل مع باقي الممثلين والعناصر المتواجدة في الفضاء من ديكور وأكسيسوارات وإضاءة.. الخ.

وهذه القدرة "الحساسية للمشكلات" التي نحن بصدد التحدث عنها، تتيح كذلك فرصة حب الفضول والاستطلاع للفنانين المبدعين ثم تضفي على خيالهم الحرارة في مجال التركيز على الأشياء الظاهرية والباطنية، وقد تحدث على هذه القدرة الخلاقة علماء أجلاء بمصطلحات أخرى: كارتفاع الوعي، لأن الفنان المبدع والملم بالعلوم الإنسانية في رأيهم يستطيع التدقيق في الأشياء وتمحيصها بدقة بحواسه الخمس، بل مع تجربته ومرور الزمن يكتسب انسيابياً الحاسة السادسة التي تصبح مع قدرة الإرادة توأمان يوازي بينهما "الرقيب". هناك أشياء مهمة يشترط التدريب عليها باستمرار كملمس الأشياء، والنظر بإمعان في الألوان والأشكال، ثم الغوص في صياغة المقالات، واستجواب الآخرين من لهم نفس المهنة واكتشاف الثغرات في الأفكار الشائعة.. والتفتح على بيئة المجتمع، والقيام من خلال المجهدات الإبداعية بدافع من تلك الأشياء التي يفهمها الفنان المبدع، ويمحصها ويغربلها لكي يعيد صياغتها في إطار فني جميل مسبوك بالرؤية العجائبية التي تمتع العقل والنفس معاً.

2- الأصالة:
الأصالة في مفهوم العالم الأميركي "ايفرج مالتزمان" ليست هي التكرار والاجترار والتقليد الأعمى بل هي الأفكار الفنية الإبداعية المتولدة من قدرة إبداعية جديدة بحيث حتى إذا قدرناها في ضوء الأفكار التي قد تبرز عن غير الفنانين، نجد الأصالة الحقيقية مسبوكة بحلل فنية غير شائعة وخروجها عن التقليدي والتقليد هو الذي يميزها لدى النقاد من ذوي العين الثاقبة المبدعة، ومن ثمة نستطيع أن نلقب الفنان المبدع سواء كان مخرجاً أو مؤلفاً أو ممثلاً أو سينوغرافياً أو تقنياً بصفة عامة. باسم يشرف وظيفته بـ"المبدع" على أساس نلحظه عن كثب ينفر من تكرار أفكار الآخرين وتحليلاتهم التقليدية للمشكلات التي يطرحونها عبر مضامين رؤيتهم الفنية السطحية.

المادة الثالثة
تعريف مضمون الميزانسين
:
عندما نتأمل ونتعمق في الشكل الدرامي والشكل الملحمي،نجد أنفسنا مجبرين لمناصرة العلم والعمل في ظله بغية التوصل إلى الكشف عن المفاتيح الأساسية لعالم الإخراج المسرحي والتي هي بالضرورة في حاجة ماسة للمعرفة العلمية من فعل التنظير إلى الفعل الأساسي ألا وهو فعل التطبيق لعالم معرفة شكل ومضمون"الميزانسين" لأن هذه الأخيرة تعتبر اللغة المنطوقة، والمسموعة، والمنظورة، والمتحركة، والمصورة، وبعبارة أخرى "فالميزانسين" هي مهماز التبصر لدى المخرج المبدع المنقب الباحث، الذي يعتبرها وظيفته الأدبية الفنية على مستوى القراءة الإخراجية، ثم صناعته التقنية العلمية. من جهة ثانية "الكتابة الإخراجية"، وهي كذلك الأداة التي تحمل في مضمونها الرؤيا المستقبلية لإشراقاته الفنية، كما أنها الإطار الفكري والأيديولوجي لكل مخرج على حدا.

المادة الرابعة
القراءة الإخراجية
:
عمقاً، نعتبرها الوظيفة التعبيرية الأدبية الفنية المشروطة بالتقطيع الفني الذي هو المقياس والعنصر الفعال الضروري لعملية التشريح والتوزيع والجمع والربط مجموعة من العناصر الفنية، التي تكون أصلاً ملتحمة ومرتبطة عضوياً بالشكل والمضمون للنص الأدبي الممسرح. والتقطيع الفني هو عبارة عن وحدات اكتشفناها بجهد جهيد، وذلك بالعمل التطبيقي الدؤوب الذي استمر أكثر من أربعة عقود ونيف متنقلين من بلد إلى آخر، باحثين عن الأدوات المثلى التي تسهل على المخرج عمله الشاق والمتعب، فاكتشفنا المقياس التقني التالي:

1- قبل تحديد هدف الحدث لابد من تحديد سلسلة من الأفعال حسب كل شخصية من داخل النص الأدبي الممسرح.

2- من خلال الأفعال المحدد للشخصية المسرحية نكتشف هدفها.

3- تحديد علاقة كل شخصية مع غيرها من الشخصيات.

4- من خلال أهداف الأحداث وأهداف الشخصيات يتضح لنا الصراع العام والخاص لكل شخصية على حدا.

5- تحديد هدف الحدث أو أحداث أو المشاهد القائمة بذاتها.

6- اذا كانت الشخوص تاريخية الأصل يفرض على المخرج والممثل والسينوغرافي دراسة السيرة الذاتية لكل شخصية شخصية.

7- استنباط خط الفعل المتصل الذي يربط الأحداث والمشاهد. أو الفصول.. الخ.

8- من خلال ترتيب الوحدات والأهداف داخل بنية النص الأدبي الممسرح ودراسة كل جزئياته، يكتشف المخرج/ الممثل الهدف الأسمى الذي بني من أجله المضمون.

9- تحديد موقع الشخصية المسرحية وإطارها الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي.

10- البحث عن الشخصية الغائبة إذا كان المضمون له صلة بها.

11- اختيار وتحديد الإيقاع المناسب لكل شخصية وذلك على مستوى تلوين الكلام والصوت والحركة.

12-  تحديد عدد الجمل الإنشائية والجمل الخبرية وجمل أخرى، الأمر، النهي، الاستجداء، والتوسل.. الخ.

13- تحديد وترقيم عدد الحوارات لكل شخصية على حدا.

14- دراسة مقترحات المؤلف داخل بنية النص الممسرح وخاصة حول طباع بعض الشخصيات وسماتهم ومواصفاتهم.

المادة الخامسة
الكتابة الأخراجية
:
تنطلق وظائف الكتابة الإخراجية من مقياس القراءة الإخراجية، إلا أن خصوصيتها تكمن في المعرفة العلمية لعالم فضاء الخشبة، وهذا الفضاء المكون من العمق والطول والعرض والأفق، تداعبه وتلامسه الرموز والدلالات التي تتكون وتتركب من الحركات والإيماءات والتنقلات ثم السرعة الإيقاعية والخطوط الهندسية" الكوريغرافية" والمحاور التناظرية والألواح والألوان والظلال والأقمشة الزاهية والفاتحة والداكنة ثم الصور الفوتوغرافية والثابتة والكاريكاتورية والمرسومة والمنحوتة.

والكتابة الإخراجية هي أيضاً أداة لعملية التوليد والتجسيد والخلق والإبداع وذلك بنفخ حياة غير مألوفة للواقع في الشخوص المسرحية الجامدة على الورق في النص الأدبي الممسرح، تحاكي دوما الموسيقى التصويرية وتناشد على مر الصور والأزمنة، الأقنعة والستائر المختلفة في الشكل والحجم والطول والعرض، وتناقش الكتابة الإخراجية كذلك الماضي والحاضر والمستقبل بدلالة الإنارة والملابس والماكياج والأكسيسوارات الصغيرة منها والكبيرة وحتى المصطبات المرتفعات والجاريات لكي تتحول إلى شهود وقضاة من أجل تفجير الأحداث أو تمرير البلاغ السياسي الذي يرمي إليه المضمون الممسرح.

وعلى مستوى التشكيل فالكتابة الإخراجية تجسد الأفكار المبتكرة بواسطة وسائل تقنية تتجلى في الكتل الهادفة التي تبرز الرؤية الجمالية المجسدة بالحركات والديكور والأكسيسوارات والإنارة والملابس والماكياج والموسيقى التصويرية ثم فعل الخطوط الكوريغرافية وتقنيات أخرى: كالليزر والطابسات الاليكترونية والتقنيات المستحدثة...أحلم مع الحالمين لمناشدتها يوم ما وفي المستقبل القريب..

مقاييس الكتابة الأخراجية:

1- تحديد الإطار العام (الديكور)، ثم الخاص (التشكيل الحركي).

2- تحديد محور التماثل من خلال الإطار العام والخاص.

3- تحديد خط النظر أو نقطة التلاشي، نعتبرها البعد الثالث سواء تعلق الأمر بالأشياء أو التشكيل الحركي.

4- تحديد مستويات فضاء الخشبة.حسب الإخراج المزمع تطبيقه.

5- تحديد الخطوط الكوريغرافية التي تسلكها وتندمج فيها الشخوص المسرحية.

6- تحديد الإيقاع المناسب لكل شخصية على مستوى الصوت والحركة.

7- تحديد الإيقاع العام لخطاب العرض واختيار وحداته التراتبية في فعل الزمكان.

وأخيراً، تبقى مجموعة من العناصر التقنية التعبيرية لفعل الزمان والمكان والتاريخ (الحدث الدرامي) سنعمل على رصدها في دراسة تحليلية علمية لإشكالية الحركة التقمصية والحركة التعبيرية والحركة التصويرية التي نعتبرها النقيض لمضمون الحوار (التعبير بالنقيض) إلى غير ذلك من الأشكال التقنية المعبرة وخاصة لغة الجسد ودلالاته الرمزية والجمالية التي أصبح المسرح الحديث يتعامل معها بشكل ملحوظ في العروض العلمية التجريبية على مستوى المهرجانات العالمية.

(ملحوظة: مصدر هذه الدراسة العلمية هو استنتاج محمل بنتاج ممارستي التطبيقية التي تتجاوز أربعة عقود ونيف، وأظن أن التجربة الناضجة لها أسسها وملامحها وطابها الخاص مع العلم أنها التحمت وتفاعلت مع عصير عصارة أفكار أقطاب المسرح العالمي ثم بحكم فضولها الشغوف اكتشفت عناصر مكملة في الإضافة والتجديد لمقاييس القراءة الإخراجية ثم الكتابة الإخراجية).