بمناسبة مرور عام على الحرب البربرية التي شنتها دولة الاستيطان الصهيوني في فلسطين على قطاع غزّة المحاصرة، تنشر (الكلمة) هنا النص الكامل لتقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق «بشأن النزاع في غزة»، وهو ليس نزاعا، بل جريمة حرب صهيونية وحشية تضاف إلى سجل العدو الصهيوني الحافل بالجرائم ضد الشعب العربي والحقوق العربية

تقرير جولدستون

تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة

نص الأمم المتحدة

نص الأمم المتحدة

الموجز التنفيذي
هذه الوثيقة هي ترجمة مُسبقة وتحتوي فقط على الموجز التنفيذي. وسيصدر التقرير الكامل بوصفه الوثيقة بجميع اللغات حسب طاقة الترجمة لدى دوائر الترجمة التحريرية بالأمم المتحدة. A/HRC/12/48

ألف ـ مقدمة
1 ـ
في 3 نيسان/ أبريل 2009، أنشأ رئيس مجلس حقوق الإنسان بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن التراع في غزة مُسنداً إليها ولاية قوامها "التحقيق في جميع انتهاكات قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي التي تكون قد ارتُكبت في أي وقت في سياق العمليات العسكرية التي جرى القيام بها في غزة في أثناء الفترة من 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008 إلى 18 كانون الثاني/ يناير 2009، سواء ارتكبت قبل هذه العمليات أو أثناءها أو بعدها".

2 ـ وقام رئيس المجلس بتعيين القاضي ريتشارد غولدستون، القاضي السابق بالمحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا والمدعي السابق للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا، لكي يرأس هذه البعثة. وكان الأعضاء الثلاثة الآخرون المعيَّنون هم: الأستاذة الجامعية كريستين تشينكين، أستاذة القانون الدولي بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، التي كانت أحد أعضاء "البعثة الرفيعة المستوى لتقصي الحقائق" الموفدة إلى بيت حانون (2008)، والسيدة هينا جيلاني المحامية لدى المحكمة العليا لباكستان والممثلة الخاصة سابقاً للأمين العام المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والتي كانت عضواً في لجنة التحقيق الدولية المعنية بدارفور (2004)، والعقيد ديزموند ترافيرس، وهو ضابط سابق في قوات الدفاع الآيرلندية وعضو مجلس إدارة معهد التحقيقات الجنائية الدولية.

3 ـ وحسب الممارسة المعتادة، قامت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتعيين أمانة لدعم أعمال البعثة.

4 ـ وفسَّرت البعثة ولايتها على أنها تتطلب منها وضع السكان المدنيين في المنطقة في محور اهتماماتها بخصوص انتهاكات القانون الدولي.

5 ـ واجتمعت البعثة لأول مرة في جنيف في الفترة من 4 إلى 8 أيار/ مايو 2009. وبالإضافة إلى ذلك، اجتمعت البعثة في جنيف في 20 أيار/ مايو، وفي 4 و 5 تموز/ يوليه، وفي الفترة من 1 إلى 4 آب/ أغسطس 2009. وقامت البعثة بثلاث زيارات ميدانية: اثنتان منهما إلى قطاع غزة في الفترة ما بين 30 أيار/ مايو و 6 حزيران/ يونيه، وفي الفترة ما بين 25 حزيران/ يونيه و 1 تموز/ يوليه 2009، وزيارة واحدة إلى عمان في 2 و 3 تموز/ يوليه 2009. ونُشر في قطاع غزة عدة موظفين تابعين لأمانة البعثة في الفترة من 22 أيار/ مايو إلى 4 تموز/ يوليه 2009 بغية إجراء تحقيقات ميدانية.

6 ـ وُأرسلت مذكرات شفوية إلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وإلى أجهزة وهيئات الأمم المتحدة في 7 أيار/ مايو 2009. وفي 8 حزيران/ يونيه 2009، أصدرت البعثة نداءً لتقديم عرائض دعت فيه جميع المهتمين من أشخاص ومنظمات إلى تقديم المعلومات والوثائق ذات الصلة بالموضوع بغية المساعدة على تنفيذ ولايتها.

7 ـ وعُقدت جلسات استماع علنية في غزة في 28 و 29 حزيران/ يونيه وفي جنيف في 6 و 7 تموز/ يوليه 2009

8 ـ وسعت البعثة مراراً إلى الحصول على تعاون حكومة إسرائيل. وبعد فشل محاولات عديدة، التمست البعثة مساعدة حكومة مصر وحصلت عليها لتمكينها من دخول قطاع غزة عن طريق معبر رفح.
(A/HRC/12/48 (ADVANCE 1
Page 3

9 ـ وحظيت البعثة بالدعم والتعاون من السلطة الفلسطينية ومن بعثة المراقبة الدائمة لفلسطين لدى الأمم المتحدة. وبالنظر إلى عدم تعاون الحكومة الإسرائيلية، لم تتمكن البعثة من الالتقاء بأعضاء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. بيد أن البعثة اجتمعت بمسؤولين من السلطة الفلسطينية، من بينهم وزير بمجلس الوزراء، في عمان. وعقدت البعثة اجتماعات، أثناء زيارتيها إلى قطاع غزة، مع مسؤولين كبار من سلطات غزة قدموا تعاونهم ودعمهم الكاملين للبعثة.

10 ـ وعقب جلسات الاستماع العلنية التي عُقدت في جنيف، أُبلغت البعثة بأن قوات الأمن الإسرائيلية قد اعتقلت السيد محمد سرور أثناء عودته إلى الضفة الغربية وساورها القلق من أن يكون احتجازه نتيجة لمثوله أمام البعثة. والبعثة على اتصال به وهي ما زالت ترصد التطورات. 

باء ـ المنهجية
11 ـ قررت البعثة أن من المطلوب منها، تنفيذاً لولايتها، أن تنظر في أي إجراءات اتخذتها جميع الأطراف ويمكن أن تشكل انتهاكات لقانون حقوق الإنسان الدولي أو للقانون الإنساني الدولي. وتطلبت هذه الولاية منها أيضاً أن تستعرض الإجراءات ذات الصلة في كامل الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.

12 ـ وفيما يتعلق بالمدى الزمني للت غطية، قررت البعثة التركيز بصورة رئيسية على الأحداث أو الإجراءات أو الظروف التي حدثت منذ 19 حزيران/ يونيه 2008، عندما تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار بين حكومة إسرائيل وحماس. وأخذت البعثة في الاعتبار أيضاً الأمور التي حدثت بعد انتهاء العمليات العسكرية والتي تشكل انتهاكات لقانون حقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي وتكون ذات صلة بالعمليات العسكرية أو جاءت. نتيجة لها، وذلك حتى 31 تموز/ يوليه 2009.

13 ـ وحلَّلت البعثة السياق التاريخي للأحداث التي أدت إلى العمليات العسكرية في غزة بين 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008 و 18 كانون الثاني/ يناير 2009 والصلات بين هذه العمليات والسياسات الإسرائيلية العامة تجاه الأرض الفلسطينية المحتلة.

14 ـ ورأت البعثة أن الإشارة في ولايتها إلى الانتهاكات المُرتكَبة "في سياق" العمليات العسكرية التي جرت في كانون الأول/ ديسمبر ـ كانون الثاني/ يناير تتطلب منها إدراج القيود المفروضة على حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمتعلقة بالاستراتيجيات والإجراءات الإسرائيلية المتبعة في سياق عملياتها العسكرية.

15 ـ أما الإطار المعياري للبعثة فقد تمثل في القانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الجنائي الدولي.

16 ـ ولا يدعي هذا التقرير أنه جامع شامل من حيث توثيق العدد المرتفع للغاية من الحوادث ذات الصلة التي وقعت في الفترة المشمولة بولاية البعثة. ومع ذلك ترى البعثة أن التقرير يوضِّح الأنماط الرئيسية للانتهاكات. ففي غزة، حقَّقت البعثة في 36 حادثاً من الأحداث.

17 ـ واستندت البعثة في أعمالها إلى تحليل مستقل ونزيه لمدى امتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي في سياق التراع الأخير في غزة، وإلى معايير التحقيق الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة.

18 ـ واعتمدت البعثة نهجاً شامً لا بشأن جمع المعلومات والتماس الآراء. وقد شملت أساليب جمع المعلومات ما يلي:

(أ) استعراض التقارير المتأتية من المصادر المختلفة، و (ب) إجراء مقابلات مع الضحايا والشهود والأشخاص الآخرين الذين لديهم معلومات ذات صلة، و (ج) إجراء زيارات موقعية إلى أماكن محددة في غزة وقعت فيها حوادث، و (د) تحليل صور الفيديو والصور الفوتوغرافية، بما في ذلك الصور المُلتقَطة بواسطة التوابع الاصطناعية، و (ه) استعراض التقارير الطبية المتعلقة بالإصابات التي وقعت للضحايا، و (و) تحليل الأسلحة وبقايا الذخائر التي جُمعت في مواقع الأحداث، تحليلاً من وجهة نظر الطب الشرعي، و (ز) عقد اجتماعات مع مجموعة متنوعة من المتحدثين، و (ح) توجيه دعوات إلى تقديم معلومات تتعلق بمتطلبات التحقيق الذي تقوم به البعثة، و (ط) تعميم نداء عام على نطاق واسع لتقديم إفادات خطية، و (ي) عقد جلسات استماع علنية في غزة وفي جنيف.

19 ـ وأجرت البعثة 188 مقابلة فردية. وقامت باستعراض أكثر من 300 تقرير وإفادة ومستندات أخرى إما ُأجريت بشأنها أبحاث بمبادرة منها أو وردت رداً على ندائها الداعي إلى تقديم إفادات ومذكرات شفوية أو ُقدِّمت أثناء الاجتماعات أو على نحو 1 صورة فوتوغرافية. 10 صفحة وأكثر من 30 شريط فيديو و 200 آخر، وهو ما يبلغ أكثر من...

20 ـ وبرفض حكومة إسرائيل التعاون مع البعثة، فإنها منعت الأخيرة من الاجتماع بمسؤولين حكوميين إسرائيليين بل منعتها أيضاً من السفر إلى إسرائيل لمقابلة الضحايا الإسرائيليين وإلى الضفة الغربية للاجتماع بممثلي السلطة الفلسطينية وضحايا فلسطينيين.

21 ـ وقامت البعثة بزيارات ميدانية في قطاع غزة، شملت إجراء تحقيقات في مواقع الأحداث. وقد سمح ذلك للبعثة بأن تُعاين مباشرة الحالة على أرض الواقع وبأن تتحدث إلى كثير من الشهود والأشخاص الآخرين ذوي الصلة بالموضوع.

22 ـ وكان الغرض من جلسات الاستماع العلنية، التي بُثَّت بثاً حياً مباشراً، هو تمكين الضحايا والشهود والخبراء من جميع الأطراف في التراع من أن يتحدثوا مباشرة مع أكبر عدد ممكن من الناس في المنطقة وكذلك في المجتمع الدولي. وأولت البعثة أولوية لمشاركة الضحايا والأشخاص المنتمين إلى المجتمعات المحلية المتأثرة في هذه الجلسات. وقد تناولت الشهادات العامة، وعددها 38 شهادة، الوقائع كما تناولت مسائل قانونية وعسكرية. وكانت البعثة تعتزم في بادئ الأمر عقد جلسات استماع في غزة وإسرائيل والضفة الغربية، بيد أن رفض إمكانية وصولها إلى إسرائيل والضفة الغربية قد أسفر عن اتخاذ قرار بعقد جلسات استماع لمشاركين من إسرائيل والضفة الغربية في جنيف.

23 ـ وقد سعت البعثة، وهي تضع استنتاجاتها، إلى الاعتماد في المقام الأول وحيثما كان ذلك ممكناً على المعلومات التي جمعتها مباشرة. أما المعلومات المقدَّمة من آخرين، بما في ذلك التقارير والإفادات الخطية المشفوعة بقسم وتقارير وسائط الإعلام، فقد استُخدمت بصورة رئيسية كبرهان إضافي.

24 ـ وقد استندت الاستنتاجات النهائية للبعثة فيما يتعلق بمدى إمكانية التعويل على ما ورد إليها من معلومات إلى تقييمها هي لمصداقية الشهود الذين التقت بهم وإمكانية التعويل عليهم، مع التحقق من المصادر والمنهجية المُستخدَمة في التقارير والوثائق المقدَّمة من آخرين، والمضاهاة بين المواد والمعلومات ذات الصلة، وتقييم ما إذا كانت توجد، في جميع الظروف، معلومات كافية ذات مصداقية ويعوَّل عليها تستند إليها البعثة في التوصل إلى استنتاج بشأن الوقائع.

25 ـ وعلى هذا الأساس، حدَّدت البعثة، بقدر ما سمحت به أفضل قدراتها، ما هي الوقائع التي ثبتت، وفي كثير من الحالات تبين لها أنه قد ارتُكبت أفعال تنطوي على مسؤولية جنائية فردية. وفي جميع هذه الحالات، قررت البعثة وجود معلومات كافية لإثبات العناصر الموضوعية للجرائم المعنية. وقد تمكنت البعثة أيضاً، في جميع الحالات تقريباً، من تحديد ما إذا كان يبدو أن الأفعال المعنية قد ارتُكبت عمداً أو على نحو متهوِّر أو في ظل معرفة أن العواقب التي نتجت كانت ستحدث في السياق المعتاد للأحداث. وهكذا، أشارت البعثة في كثير من الحالات إلى عناصر الخطأ ذات الصلة (ركن القصد الجنائي). وتُقدِّر البعثة تمام التقدير أهمية افتراض البراءة: فالاستنتاجات المقدَّمة في التقرير لا تقوِّض العمل بهذا المبدأ. ولاتح اول الاستنتاجات تحديد هوية الأفراد المسؤولين عن ارتكاب الجرائم كما أنها لا تدعي أنها ترقى إلى مستوى البرهان الواجب التطبيق في المحاكم الجنائية.

26 ـ ومن أجل إتاحة الفرصة للأطراف لتقديم المعلومات الإضافية ذات الصلة وللإعراب عن موقفها والرد على الادعاءات، قد مت البعثة أيضاً قوائم شاملة بالأسئلة إلى حكومة إسرائيل وإلى السلطة الفلسطينية وإلى سلطات غزة قبل إتمام تحليلها ووضع استنتاجاتها. وتلقت البعثة ردوداً من السلطة الفلسطينية ومن سلطات غزة ولكن ليس من إسرائيل. 

جيم ـ الوقائع التي حققت فيها البعثة والاستنتاجات الوقائعية والقانونية الأرض الفلسطينية المحتلة: قطاع غزة
1 ـ الحصار
27 ـ ركَّزت البعثة (الفصل الخامس) على عملية العزل الاقتصادي والسياسي الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والمشار إليه بصورة عامة باسم الحصار. ويشمل الحصار تدابير مثل فرض قيود على السلع التي يمكن استيرادها إلى غزة وقفل المعابر الحدودية أمام الأشخاص والسلع والخدمات، وهو ما يستمر أحياناً لأيام، بما في ذلك إجراء تخفيضات في الإمداد بالوقود والكهرباء. كما يتأثر اقتصاد غزة تأثراً شديداً بتقليص مساحة الصيد المسموح بها للصيادين الفلسطينيين وإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود بين غزة وإسرائيل، مما يُخفِّض مساحة الأرض المتاحة للزراعة والصناعة. وبالإضافة إلى أن الحصار يخلق حالة طوارئ، فإنه قد أضعف كثيراً من قدرات السكان وقدرات قطاعات الصحة والمياه والقطاعات العامة الأخرى على الاستجابة لحالة الطوارئ الناشئة عن العمليات العسكرية.

28 ـ ومن رأي البعثة أن إسرائيل ما زالت مُلزَمة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة وإلى أقصى حد تسمح به الوسائل المتاحة لها، بضمان توريد المواد الغذائية واللوازم الطبية ولوازم المستشفيات والسلع الأخرى بغية تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان قطاع غزة دون قيد من القيود.

2 ـ استعراض عام للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والإصابات الواقعة
29 ـ نشرت إسرائيل قواتها البحرية والجوية وجيشها في العملية التي أطلقت عليها الاسم الرمزي "عملية الرصاص المصبوب". واشتملت العمليات العسكرية في قطاع غزة على مرحلتين ر ئيسيتين، مرحلة القصف الجوي والمرحلة الجوية الأرضية، واستمرت طوال الفترة من 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008 إلى 18 كانون الثاني/ يناير 2009. وبدأ الهجوم. الإسرائيلي بهجوم جوي استمر أسبوعاً، في الفترة من 27 كانون الأول/ ديسمبر إلى 3 كانون الثاني/ يناير 2009 وواصلت القوات الجوية القيام بدور هام في مساعدة وتغطية القوات الأرضية في الفترة من 3 كانون الثاني/ يناير إلى 18 كانون الثاني/ يناير 2009. وكان الجيش مسؤوً لا عن الغزو البري، الذي بدأ في 3 كانون الثاني/ يناير 2009، عندما دخلت القوات البرية غزة من الشمال والشرق. وتشير المعلومات المتاحة إلى أن ألوية غولاني وجيفاتي والمظليين وألوية سلاح المدرعات الخمسة قد اشتركت في العملية. واستُخدمت البحرية جزئياً لقصف ساحل غزة أثناء العمليات. ويحدد الفصل السادس مواقع الأحداث التي حققت فيها البعثة، والتي يرد وصف لها في الفصول السابع إلى الخ امس عشر، في سياق العمليات العسكرية.

30 ـ وتتباين الإحصاءات المتعلقة بالفلسطينيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء العمليات العسكرية. فبالاستناد إلى 1 شخصاً. 1 و 417 بحوث ميدانية مستفيضة، حددت منظمات غير حكومية الرقم الإجمالي للقتلى بما بين 1 و 387 قتيلاً. وتتسم 1 قتيلاً. أما حكومة إسرائيل فتقدم رقماً قدره 166 وتقدم سلطات غزة رقماً قدره 444 البيانات المقدمة من المصادر غير الحكومية بشأن النسبة المئوية للمدنيين في صفوف هؤلاء القتلى بأنها متسقة معاً بصورة عامة وتثير أوجه قلق بالغة الخطورة بشأن الطريقة التي اتبعتها إسرائيل في العمليات العسكرية في غزة.

31 ـ ووفقاً لحكومة إسرائيل، وقع أربعة قتلى إسرائيليين في جنوبي إسرائيل أثناء العمليات العسكرية، منهم ثلاثة مدنيين وجندي. وقد قتلوا بفعل هجمات الصواريخ وقذائف الهاون التي أطلقتها الجماعات المسلحة الفلسطينية. وبالإضافة إلى ذلك، قُتل تسعة جنود إسرائيليين أثناء القتال الواقع داخل قطاع غزة، مات أربعة منهم نتيجة لنيران صديقة.

3 ـ هجمات القوات الإسرائيلية على المباني الحكومية وأفراد السلطات في قطاع غزة، بما في ذلك الشرطة
32 ـ شنت القوات المسلحة الإسرائيلية هجمات عديدة ضد المباني وأفراد سلطات قطاع غزة. ففيما يتعلق بالهجمات التي شنت على المباني، فحصت البعثة الهجمات الإسرائيلية على مبنى المجلس التشريعي الفلسطيني والسجن الرئيسي بقطاع غزة (الفصل السابع). وقد دمر كلا المبنيين ولا يمكن استخدامهما من بعد. وقد بررت البيانات الصادرة عن ممثلي الح كومة والقوات المسلحة الإسرائيلية هذه الهجمات بحجة مفادها أن المؤسسات السياسية والإدارية في غزة هي جزء من "البنية الأساسية الإرهابية لحماس". وترفض البعثة هذا الموقف. فهي لا تجد أي دليل على أن مبنى المجلس التشريعي والسجن الرئيسي بقطاع غزة قد قدما إسهاماً فعاً لا في العمل العسكري وترى البعثة، بالاستناد إلى المعلومات المتاحة لها، أن الهجمات التي شُنت على هذين المبنيين تشكل هجمات متعمدة على أهداف مدنية بما يشكل انتهاكاً لقاعدة القانون الإنساني الدولي العرفي ومفادها وجوب قصر الهجمات قصراً حصرياً على الأهداف العسكرية. وتشير هذه الوقائع كذلك إلى ارتكاب خرق خطير يتمثل في التدمير الواسع النطاق للممتلكات، الذي لا تبرره ضرورة عسكرية والذي تم القيام به على نحو غير مشروع ومفرط.

33 ـ وقد فحصت البعثة الهجمات التي شنت على ستة مرافق للشرطة، أربعة منها أثناء الدقائق الأولى للعمليات العسكرية في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008، مما أسفر عن وفاة 99 شرطياً وتسعة أفراد من العامة. وعلى وجه الإجمال، فإن أفراد الشرطة الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية والبالغ عددهم تقريباً 240 شرطياً يشكلون أكثر من ثلث عدد الإصابات الفلسطينية. ويبدو أن ملابسات الهجمات تشير إلى أن أفراد الشرطة قد استُهدِفوا وقتِلوا عمداً، وهو ما يؤكده التقرير الصادر عن حكومة إسرائيل في تموز/ يوليه 2009 بشأن العمليات العسكرية، على أساس أن الشرطة، باعتبارها مؤسسة أو على أساس أن جزءاً كبيراً من أفراد الشرطة يشكلون فردياً، من وجهة نظر حكومة إسرائيل، جزءاً من القوات العسكرية الفلسطينية في غزة.

34 ـ ولبحث ما إذا كانت الهجمات التي شنت على الشرطة تتمشى مع مبادئ التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين والأشخاص العسكريين، قامت البعثة بتحليل التطور المؤسسي لشرطة غزة منذ استيلاء حماس الكامل على غزة في تموز/ يوليه 2007 ودمج شرطة غزة في "القوة التنفيذية" التي كانت قد أنشأتها بعد فوزها بالانتخابات. وتخلص البعثة إلى أنه بينما عُين عدد كبير من أفراد شرطة غزة من بين أنصار حماس أو أعضاء الجماعات المسلحة الفلسطينية، فإن شرطة غزة هي هيئة مدنية مكلفة بإنفاذ القوانين. وتخلص البعثة أيضاً إلى أنه لا يمكن القول بأن أفراد الشرطة الذين قُتِلوا في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008 كانوا يضطلعون بدور مباشر في أعمال القتال ومن ثم فإنهم لم يفقدوا حصانتهم المدنية من الهجوم المباشر باعتبارهم مدنيين على هذا الأساس. وتسلّم البعثة بأنه قد يوجد بعض الأفراد من شرطة غزة كانوا هم في الوقت ذاته أعضاء في جماعات مسلحة فلسطينية ومن ثم كانوا مقاتلين. بيد أنها تخلص إلى أن الهجمات التي شُنت على مرافق الشرطة في اليوم الأول من العمليات المسلحة لم توازِن على نحو مقبول بين الميزة العسكرية المباشرة المتوقعة (أي قتل أفراد الشرطة هؤلاء الذين ربما كانوا أعضاء في جماعات مسلحة فلسطينية) وفقدان الأرواح المدنية (أي أفراد الشرطة الآخرون الذين قُتِلوا وأفراد الجمهور الذين كان لابد أن يكونوا متواجدين في هذه المرافق أو بالقرب منها)، ولذلك فإنها تشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

4 ـ الالتزام الواقع على الجماعات المسلحة الفلسطينية في غزة باتخاذ احتياطات معقولة لحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية
35 ـ بحثت البعثة ما إذا كانت الجماعات المسلحة الفلسطينية قد انتهكت التزامها بممارسة الحرص واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية السكان المدنيين في غزة من الأخطار المت أصلة في العمليات العسكرية، ومدى حدوث ذلك (الفصل الثامن). وقد واجهت البعثة تردداً معيناً من جانب الأشخاص الذين أجرت معهم مقابلات في غزة لمناقشة أنشطة الجماعات المسلحة. وقد تبين للبعثة، على أساس المعلومات المجمعة، أن الجماعات المسلحة الفلسطينية كانت موجودة في مناطق حضرية أثناء العمليات العسكرية وأطلقت صواريخ من مناطق حضرية.

وربما حدث أن المقاتلين الفلسطينيين لم يميزوا أنفسهم تمييزاً كافياً في جميع الأوقات عن السكان المدنيين. بيد أن البعثة لم تعثر على أدلة توحي بأن الجماعات المسلحة الفلسطينية قد وجهت المدنيين إلى مناطق كانت تُشن فيها هجمات أو أنها قد أجبرت المدنيين على البقاء بالقرب من أماكن الهجمات.

36 ـ وعلى الرغم من أن الأحداث التي حققت فيها البعثة لم تثبت استخدام المساجد لأغراض عسكرية أو كدروع لحماية أنشطة عسكرية، فإنها لا تستطيع استبعاد احتمال أن يكون ذلك قد حدث في حالات أخرى. ولم تعثر البعثة على أي أدلة تدعم الادعاءات القائلة بأن سلطات غزة أو الجماعات المسلحة الفلسطينية قد استخدمت مرافق المستشفيات كدروع لحماية أنشطة عسكرية أو أن سيارات الإسعاف قد استُخدِمت لنقل مقاتلين أو لأغراض عسكرية أخرى. وبالاستناد إلى التحقيقات التي أجرتها البعثة بنفسها وإلى البيانات الصادرة عن مسؤولي الأمم المتحدة، تستبعد البعثة أن تكون الجماعات المسلحة الفلسطينية قد باشرت أنشطة قتالية من منشآت الأمم المتحدة التي است خدمت كملاجئ أثناء العمليات العسكرية. بيد أنه لا يمكن للبعثة أن تستبعد احتمال أن تكون الجماعات المسلحة الفلسطينية قد عملت بالقرب من هذه المنشآت التابعة للأمم المتحدة وهذه المستشفيات. وفي حين أن مباشرة أعمال القتال في المناطق المبنية لا يشكل في حد ذاته انتهاكاً للقانون الدولي، فإن الجماعات المسلحة الفلسطينية، في الحالات التي تكون فيها قد أطلقت هجمات بالقرب من مبانٍ مدنية أو مبانٍ محمية، تكون قد عرضت سكان غزة المدنيين للخطر على نحو غير ضروري.

5 ـ الالتزام الواقع على إسرائيل باتخاذ الاحتيا طات الممكنة لحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية في غزة
37 ـ بحثت البعثة كيف قامت القوات المسلحة الإسرائيلية بأداء التزامها باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية السكان المدنيين في غزة، بما في ذلك بوجه خاص الالتزام بتوجيه تحذير فعال مسبقاً بالهجمات (الفصل التاسع) وتسلم البعثة بالجهود التي يعتد بها التي بذلتها إسرائيل لإصدار تحذيرات عن طريق المكالمات الهاتفية والمنشورات والإعلانات الإذاعية وتسلم بأن هذه التحذيرات، وخاصة في الحالات التي كانت فيها محددةً بوجه كافٍ، قد شجعت السكان على ترك المنطقة والابتعاد عن موقع الخطر. بيد أن البعثة تلاحظ أيضاً وجود عوامل قوّضت على نحوي عتد به فعالية التحذيرات الصادرة. وهذه العوامل تشمل عدم التحديد في كثير من الرسائل الهاتفية المسجلة مسبقاً والمنشورات ومن ثم عدم مصداقيتها. كما أن مصداقية التعليمات الصادرة بالانتقال إلى مراكز المدن توخياً للسلامة قد قلَّل منها أيضاً حقيقة أن مراكز المدن ذاتها كانت موضع هجمات مكثفة أثناء المرحلة الجوية من العمليات العسكرية. وبحثت البعثة أيضاً الممارسة المتمثلة في إسقاط متفجرات أخف على أسطح المباني (ما يطلق عليه "طَرْق الأسطح"). وهي تخلص إلى أن هذا الأسلوب غير فعال كتحذير ويشكل نوعاً من أنواع الهجوم على المدنيين الذين يقطنون المبنى. وأخيراً، تشدد البعثة على أن إصدار التحذير لا ي عفي القادة وتابعيهم من مسؤولية اتخاذ جميع التدابير الممكنة الأخرى للتمييز بين المدنيين والمقاتلين.

38 ـ وقد بحثت البعثة أيضاً الاحتياطات التي اتخذتها القوات المسلحة الإسرائيلية في سياق ثلاث هجمات محددة قامت بها. ففي 15 كانون الثاني/ يناير 2009، تعرض مجمع المكاتب الميداني لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في مدينة غزة للقصف بالذخائر العالية التفجير وذخائر الفوسفور الأبيض. وتلاحظ البعثة أن الهجوم كان خطيراً إلى أبعد حد، بالنظر إلى أن هذا المجمع كان يتيح المأوى لما بين 600 و 700 شخص من المدنيين وكان يتضمن مستودعاً ضخماً للوقود. واستمرت القوات المسلحة الإسرائيلية في هجومها على امتداد ساعات عديدة على الرغم من أنه جرى تنبيهها بشكل كامل إلى الأخطار التي أحدثتها.

وتخلص البعثة إلى أن القوات المسلحة الإسرائيلية قد انتهكت ما يتطلبه القانون الدولي العرفي من اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة في اختيار وسائل الهجوم وأسلوبه بقصد تجنب ـ وعلى أية حال التقليل إلى أدنى حد من ـ الخسائر العرضية في أرواح المدنيين، وإصابة المدنيين وإلحاق الضرر بالأعيان المدنية.

39 ـ وتخلص البعثة أيضاً إلى أن القوات المسلحة الإسرائيلية قد قامت في اليوم نفسه على نحو مباشر ومتعمد بمهاجمة مستشفى القدس في مدينة غزة ومستودع سيارات الإسعاف المجاور بقذائف الف وسفور الأبيض. وتسبب الهجوم في نشوب حرائق استغرقت عملية إطفائها يوماً كاملاً وأوقع الذعر في نفوس المرضى والجرحى الذين تعين إجلاؤهم. وقد وجدت البعثة أنه لم يصدر في أي وقت تحذير بوقوع هجوم وشيك. وترفض البعثة الادعاء القائل بأن نيراناً قد وُجهت إلى القوات المسلحة الإسرائيلية من داخل المستشفى، وهي تستند في ذلك إلى تحرياتها هي.

40 ـ وبحثت البعثة أيضاً الهجمات المكثفة بالمدفعية، بما في ذلك مرة أخرى باستخدام ذخائر الفوسفور الأبيض، ضد مستشفى الوفاء في شرقي مدينة غزة، وهو منشأة للمرضى الذين يتلقون رعاية طويلة الأجل ويعانون إصابات خطيرة بشكل خاص. وخلصت البعثة، بالاستناد إلى المعلومات التي جمعتها، إلى حدوث انتهاك للحظر المفروض على شن هجمات على المستشفيات المدنية في كلتا الحالتين. وتسلط البعثة الضوء أيضاً على أن التحذيرات الصادرة عن طريق المنش ورات والرسائل الهاتفية المسجَّلة مسبقاً في حالة مستشفى الوفاء تبرهن على أن أنواعاً معينة من التحذيرات الروتينية والعامة هي عديمة الفعالية بتاتاً.

6 ـ الهجمات العشوائية التي شنتها القوات الإسرائيلية والتي أسفرت عن فقدان أرواح وإيقاع إصابات بالمدنيين
41 ـ بحثت البعثة ما حدث من قصف بقذائف الهاون لمفترق طرق الفاخورة في منطقة جباليا بالقرب من 1 شخص (الفصل العاشر). فقد أطلقت مدرسة تابعة للأونروا، كانت تأوي في ذلك الوقت أكثر من 300 القوات المسلحة الإسرائيلية أربع قذائف هاون على الأقل. وسقطت إحداها في فناء مترل إحدى الأسر فقُتل 11 شخصاً متجمعين هناك. وسقطت ثلاث قذائف أخرى في شارع الفاخورة، فقتلت مالا يقل عن 24 شخصاً آخرين وأصابت عدداً كبيراً يصل إلى 40 شخصاً. وقد فحصت البعثة بالتفصيل البيانات الصادرة عن ممثلي الحكومة الإسرائيلية التي تدعي أن الهجوم قد شن رداً على هجوم بقذائف الهاون من مجموعة فلسطينية مسلحة.

وبينما لا تستبعد البعثة احتمال أن يكون ذلك قد حدث، فإنها ترى أن مصداقية الموقف الإسرائيلي تتردى بفعل سلسلة من أوجه عدم الاتساق والتناقضات وعدم الدقة الوقائعية في البيانات التي تبرر الهجوم.

42 ـ وتعترف البعثة، وهي تضع استنتاجاتها القانونية بشأن الهجوم الذي شُنّ على مفترق طرق الفاخورة، بأن القرارات المتعلقة بالتناسب والتي توازن بين الميزة العسكرية التي يُنتظر تحقيقها والخطر المتمّثل في قتل مدنيين هي قرارات تطرح على جميع الجيوش مُعضلات حقيقية فعً لا في حالات معينة. ولا ترى البعثة أن ذلك كان هو الحال هنا. فإطلاق أربعة قذائف هاون على الأقل لمحاولة قتل عدد صغير من الأفراد المحدَّدين في سياق كانت تقوم فيه أعداد كبيرة من المدنيين 1 شخصاً في مأوى قريب هو أمر لا يمكن أن يستوفي الشروط التي يكون بتصريف شؤون حياتهم اليومية ويلجأ فيه 368 قد حددها قائد معقول لما هو خسارة معقولة في أرواح المدنيين مقابل الميزة العسكرية المنشودة. وهكذا ترى البعثة أن هذا الهجوم كان عشوائياً، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأنه قد انتهك حق الحياة للمدنيين الفلسطينيين الذين ُقتِلوا في هذه الأحداث.

7 ـ الهجمات المتعمَّدة على السكان المدنيين
43 ـ حققت البعثة في 11 حدثاً شنّت فيها القوات المسلحة الإسرائيلية هجمات مباشرة على المدنيين مما أسفر عن حدوث إصابات قاتلة (الفصل الحادي عشر). وتشير الوقائع المتعلقة بجميع الأحداث ما عدا واحداً عدم وجود هدف عسكري له ما يبرره. وقد وقع الهجومان الأولان على منازل في منطقة السّاموني جنوب مدينة غزة، شمل قصف مترل أجبرت القوات المسلحة الإسرائيلية مدنيين فلسطينيين على التجمع فيه. وتتعلق المجموعة التالية المؤلفة من سبعة حوادث على إطلاق النار على المدنيين أثناء محاولتهم مغادرة منازلهم في اتجاه مكان أكثر أمناً، وهم يلوحون برايات بيضاء بل وهم يتبعون، في بعض الحالات، أمراً صادراً من القوات الإسرائيلية بالقيام بذلك. وتشير الحقائق التي جمعتها البعثة إلى أن جميع الهجمات قد وقعت في ظل ظروف كانت تسيطر فيها القوات المسلحة الإسرائيلية على المنطقة المعنية وكانت قد دخلت من قبل في اتصال مع الأشخاص الذين هاجمتهم لاحقاً أو كانت تراقبهم على الأقل، بحيث إنها كان يجب أن تكون على علم بوضعهم كمدنيين. وقد فاقم من النتائج المترتبة على الهجمات الإسرائيلية ضد المدنيين، في أغلبية هذه الحوادث، رفض القوات الإسرائيلية بعد ذلك السماح بإخلاء الجرحى أو إتاحة وصول سيارات الإسعاف إليهم.

44 ـ وتشير هذه الحوادث إلى أن التعليمات الصادرة إلى القوات المسلحة الإسرائيلية المتوغلة في غزة كانت تنص على شروط منخفضة المستوى لاستعمال النيران الفتاكة ضد السكان المدنيين. وقد وجدت البعثة في الشهادات المقدمة من الجنود الإسرائيليين والمجمّعة في منشورين تلقتهما براهين قوية تُثبت هذا الاتجاه.

45 ـ وبحثت البعثة كذلك حادثاً استُهدِف فيه أحد المساجد بقذيفة أثناء صلاة المغرب، مما أسفر عن موت 15 شخصاً كما بحثت هجوماً استُخدمت فيه ذخائر سهمية ضد حشد أسري ومعهم جيران في خيمة عزاء، مما أدى إلى قتل خمسة أشخاص. وترى البعثة أن كلا الهجومين يشكلان اعتداءات متعمَّدة على سكان مدنيين وأهداف مدنية.

46 ـ وتخلص البعثة، استناداً إلى الوقائع المتحقَّق منها في جميع هذه الحالات المذكورة أعلاه، إلى أن سلوك القوات المسلحة الإسرائيلية يشكل خرقاً خطيراً لاتفاقية جنيف الرابعة من حيث القتل العمد والتسبب عمداً في إحداث معاناة كبيرة للأشخاص المحميين وعلى ذلك فإنه يُنشئ المسؤولية الجنائية الفردية. وهي تخلص أيضاً إلى أن الاستهداف المباشر والقتل التعسفي للمدنيين الفلسطينيين يشكل انتهاكاً للحق في الحياة.

47 ـ ويتعلق الحادث الأخير بقصف مترل أسفر عن مقتل 22 فرداً من أفراد إحدى الأسر. وكان موقف إسرائيل في هذه الحالة هو أنه حدث "خطأ عملياتي" وأن الهدف المقصود كان مترً لا مجاوراً تُخزَّن فيه أسلحة. وتعرب اللجنة، بالاستناد إلى التحقيق الذي أجرته، عن شكوكها الجدية بشأن رواية السلطات الإسرائيلية للحدث. وتخلص البعثة إلى أنه إذا كان قد حدث حقاً خطأ في هذا الصدد فلا يمكن القول بوجود حالة قتل عمد. بيد أنه تبقى مع ذلك مسؤولية الدول الواقعة على إسرائيل لارتكابها فعً لا غير مشروع دولياً.

8 ـ استعمال أسلحة معينة
48 ـ استناداً إلى التحقيق الذي أجرته البعثة في الحوادث التي تنطوي على استعمال أسلحة معينة مثل الفوسفور الأبيض والقذائف السهمية، فإنها، بينما توافق على أن الفوسفور الأبيض ليس محظوراً بموجب القانون الدولي في هذه المرحلة، تخلص إلى أن القوات المسلحة الإسرائيلية قد اتسمت بالاستهتار على نحو منهجي في تقرير استخدامه في مناطق مبنية. وعلاوة على ذلك فإن الأطباء الذي عالجوا مرضى مصابين بجروح ناتجة عن استخدام الفوسفور الأبيض قد تحدثوا عن شدة الحروق الناجمة عن هذه المادة بل وأحياناً عن طبيعتها غير القا بلة للعلاج. وتعتقد البعثة أن ينبغي النظر بجديّة في حظر استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المبنية. أما فيما يتعلق بالمقذوفات السهمية، فتلاحظ البعثة أنها سلاح من أسلحة المناطق ليست له القدرة على التمييز بين الأهداف بعد التفجير. ولذلك فإن هذه المقذوفات غير ملائمة للاستعمال في السياقات الحضرية في الحالات التي يوجد فيها ما يدعو إلى الاعتقاد باحتمال وجود مدنيين.

49 ـ وفي حين أن البعثة ليست في وضع يمكِّنها من أن تعلن على نحو مؤكد أن القوات المسلحة الإسرائيلية قد فإنها لم تتلق تقارير من الأطباء الفلسطينيين والأجانب، (DIME) استعملت ذخائر متفجرة معدنية خاملة كثيفة ممن عملوا في غزة أثناء العمليات العسكرية تفيد بوجود نسبة مئوية مرتفعة من المرضى ذوي الإصابات التي تتمشى مع تأثير هذه الذخائر. وأسلحة هذه الذخائر هي والأسلحة المزودة بمعادن ثقيلة غير محظورة بموجب القانون الدولي كما هو قائم حالياً، ولكنها تثير أوجه قلق صحية محددة. وأخيراً، تلقت البعثة ادعاءات مفادها أن القوات المسلحة الإسرائيلية قد استخدمت في غزة يورانيوم منضّب ويورانيوم غير منضّب. ولم تقم البعثة بمزيد من التحقيق في هذه الادعاءات.

9 ـ الهجمات التي شُنّت ضد أساسات الحياة المدنية في غزة: تدمير البنية الأساسية الصناعية، وإنتاج الغذاء، ومنشآت المياه، ووحدات معالجة الصرف الصحي، والمساكن.
50 ـ قامت البعثة بالتحقيق في عدة حوادث تنطوي على تدمير بنية أساسية صناعية ووحدات لإنتاج الأغذية ومنشآت مياه ووحدات لمعالجة الصرف الصحي ومساكن (الفصل الثالث عشر). ففي بداية العمليات العسكرية، كان مطحن البدر هو مطحن الدقيق الوحيد الذي كان ما يزال يعمل في قطاع غزة. وقد ضُرب هذا المطحن بسلسلة من الضربات الجوية في 9 كانون الثاني/ يناير 2009 بعد إصدار عدة تحذيرات زائفة في الأيام السابقة. وتخلص البعثة إلى أن تدمير هذا المطحن لم يكن له مبرر عسكري. ذلك أن طبيعة الضربات، وبخاصة الاستهداف الدقيق للآلات الحاسمة الأهمية، يوحي بأن القصد المتوخى هو تعطيل القدرة الإنتاجية للمصنع. وتخلص البعثة، من الوقائع التي تحققت منها، إلى أنه قد حدث انتهاك لأحكام اتفا قية جنيف الرابعة فيما يتعلق بارتكاب الخروق الخطيرة. فهذا التدمير غير المشروع والمفرط الذي لا تبرره ضرورة عسكرية هو بمثابة جريمة حرب. وتخلص البعثة أيضاً إلى أن تدمير هذا المطحن قد نُفِّذ بغية حرمان السكان المدنيين من قوتهم، وهو ما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي العرفي ويمكن أن يشكل جريمة حرب. وفضلاً عن ذلك، يشكل الهجوم على مطحن الدقيق هذا انتهاكاً للحق في الحصول على ما يكفي من الغذاء وأسباب العيش.

51 ـ وأفادت التقارير أن مزارع دواجن السيد سامح السوافيري في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة كانت تورد أكثر من 10 في المائة من احتياجات سوق البيض في غزة. وقد قامت البلدوزرات المدرعة التابعة للقوات المسلحة الإسرائيلية 31 دجاجة، بتسوية حظائر الدجاج بالأرض على نحو منهجي فقتلت بذلك جميع الدجاج بداخلها وقدرها... ودمّرت المعمل والمواد اللازمة لمزاولة العمل. وتخلص البعثة إلى أن ذلك كان فعلاً متعمداً من أفعال التدمير المفرط الذي لا تبرره أي ضرورة عسكرية وتخلص بشأنه إلى نفس الاستنتاجات القانونية التي خلصت إليها في حالة تدمير مطحن الدقيق.

52 ـ وقامت القوات المسلحة الإسرائيلية أيضاً بتوجيه ضربة إلى جدار إحدى برك الصرف الصحي غير المعاَلج التابعة 200 متر مكعب من الصرف الصحي غير المعاَلج لمصنع معالجة المياه المستعملة بغزة، مما تسبب في تدفق أكثر من... في الأراضي الزراعية المجاورة. وتوحي ملابسات توجيه هذه الضربة بأنها ارتُكِبت عمداً وبسبق الإصرار. وكان مجمع آبار نمر في جباليا يتألف من بئري مياه وآلات للضخ ومولد كهرباء ومستودع وقود ووحدة مستودع كلورة ومبان ومعدات ذات صلة بالنشاط. وقد دُمِّرت هذه الأشياء جميعاً بفعل الضربات الجوية المتعددة في اليوم الأول من الهجوم الجوي الإسرائيلي. وترى البعثة أن من غير المحتمل أن يكون هدفاً بحجم آبار نمر قد ضُِرب بهجمات عديدة على سبيل الخطأ. ولم تعثر البعثة على أي أسباب توحي بوجود أي ميزة عسكرية يمكن كسبها عن طريق ضرب الآبار وقد لاحظت عدم وجود إشارة إلى أن الجماعات المسلحة الفلسطينية قد استخدمت الآبار لأي غرض من الأغراض. وإذ تعتبر البعثة الحق في الحصول على مياه الشرب جزءاً من الحق في الحصول على غذاء كاف فإنها تخلص هنا إلى نفس الاستنتاجات القانونية المتوصَّل إليها في حالة مطحن دقيق البدر.

53 ـ وشاهدت البعثة، أثناء زيارتيها لقطاع غزة، مدى تدمير المباني السكنية الذي تسببت فيه الهجمات الجوية والقصف بقذائف الهاون والمدفعية والهجمات الصاروخية وعمل البلدوزرات والشحنات التفجيرية المستخدمة للهدم. وفي بعض الحالات، خضعت أحياء سكنية للقصف بالقنابل من الجو وللقصف المكثف بالقذائف في سياق تقدم القوات البرية الإسرائيلية. وفي حالات أخرى، توحي الحقائق التي جمعتها البعثة إيحاء قوياً بأن تدمير المساكن قد تم القيام به في غياب أي صلة له بمواجهات المعارك مع جماعات مسلحة فلسطينية أو دون أن تكون له أي صلة بأي إسهام فعال آخر في الأعمال العسكرية. وبتجميع النتائج المستخلَصة من جهود تحري الحقائق الذي قامت به البعثة على أرض الواقع وصور التوابع الاصطناعية الملتقطة عن طريق "برنامج تطبيق السواتل التشغيلي" التابع لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث والشهادات المنشورة للجنود الإسرائيليين، تخلص البعثة إلى أنه بالإضافة إلى التدمير الواسع النطاق للمساكن لما يسمى بدواعي الضرورة العملياتية أثناء تقدم القوات المسلحة الإسرائيلية، باشرت هذه القوات موجة أخرى من التدمير المنهجي للمباني المدنية أثناء الثلاثة أيام الأخيرة من وجودها في غزة، وهي تعلم انسحابها الوشيك. ويشكل سلوك القوات المسلحة الإسرائيلية في هذا الصدد انتهاكاً كما أنه بمثابة خطر خطير قوامه "التدمير الواسع النطاق... للممتلكات، الذي لا تبرره الضرورة العسكرية والمضطلع به على نحو غير مشروع ومفرط". وانتهكت القوات المسلحة الإسرائيلية كذلك حق الأسر المعنية في العيش في سكن لائق.

54 ـ إن الهجمات التي شُنّت على المنشآت الصناعية وعلى البنية الأساسية في مجال إنتاج الغذاء والإمداد بالمياه، وهي الهجمات التي حققت فيها البعثة، تشكل جزءاً من نمط أوسع نطاقاً للتدمير، شمل تدمير مصنع تعبئة الإسمنت الوحيد في غزة (مصنع عطا أبو جدّه) ومصانع أبو عيده للإسمنت المسلح، ومزارع دجاج أخرى، ومصانع الأغذية والمشروبات التابعة لمجموعة الواديّة. وتشير الوقائع التي تحققت منها البعثة إلى أنه كانت توجد سياسة متعمَّدة ومنهجية من جانب القوات العسكرية الإسرائيلية لاستهداف المواقع الصناعية ومنشآت المياه.

10 ـ استخدم المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية
55 ـ حققت البعثة في أربعة حوادث أجبرت فيها القوات المسلحة الإسرائيلية رجالاً مدنيين فلسطينيين تحت تهديد السلاح بالاشتراك في عمليات بحث لمنازل أثناء العمليات العسكرية (الفصل الرابع عشر). وكان هؤلاء الرجال عند إجبارهم على دخول المنازل قبل الجنود الإسرائيليين معصوبي الأعين ومصفّدي الأيدي. وفي أحد الحوادث المعنية، قام الجنود الإسرائيليون بإجبار رجل على نحو متكرر بدخول مترل كان يختبئ فيه مقاتلون فلسطينيون. وتؤكد الشهادات المنشورة لجنود إسرائيليين اشتركوا في العمليات العسكرية مواصلة هذه الممارسة، على الرغم من الأوامر الواضحة الصادرة عن المحكمة العليا الإسرائيلية إلى القوات المسلحة بوضع حد لها وعلى الرغم من الضمانات العامة المتكررة الصادرة عن القوات المسلحة والتي مفادها أن هذه الممارسة قد أوقفِت.

وتخلص البعثة إلى أن هذه الممارسة هي بمثابة استخدام للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية ولذلك فإنها محرّمة بموجب القانون الإنساني الدولي. وتعرِّض هذه الممارسة حق المدنيين في الحياة للخطر بطريقة تعسفية وغير مشروعة كما أنها تشكل معاملة قاسية ولا إنسانية. واستخدام الأشخاص كدروع بشرية يشكل أيضاً جريمة حرب. وقد استُجوِب الرجال الفلسطينيون الذين استُخدِموا كدروع بشرية في ظل التهديد بالقتل أو الإصابة بغية انتزاع معلومات حول حماس والمقاتلين الفلسطينيين والأنفاق. ويشكل ذلك انتهاكاً آخر للقانون الإنساني الدولي.

11 ـ الحرمان من الحرية: الغزيّون المحتجَزون أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية الممتدة من 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008 إلى 18 كانون الثاني/ يناير 2009
56 ـ أثناء العمليات العسكرية، قامت القوات المسلحة الإسرائيلية باعتقال أعداد كبيرة من المدنيين واحتجزتهم في منازل وأماكن مفتوحة في غزة وقامت أيضاً، في حالة كثير من الرجال الفلسطينيين، باقتيادهم إلى منشآت اعتقال في إسرائيل. وفي الحالات التي حققت فيها البعثة، تشير المعلومات المجمّعة إلى أنه لم يكن أي من هؤلاء المدنيين مسلحاً أو يشكل أي تهديد ظاهر للجنود الإسرائيليين. ويرتكز الفصل الخامس عشر من التقرير على المقابلات التي أجرتها البعثة مع رجال فلسطينيين احتُجِزوا كما يرتكز على استعراض البعثة لمواد أخرى ذات صلة بالموضوع، بما في ذلك مقابلات أُجريت مع الأقارب وأقوال صادرة عن ضحايا آخرين قُدِّمت إليها.

57 ـ وتخلص البعثة، من الحقائق المجمّعة، إلى أن انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان قد ارتُكِبت في سياق عمليات الاحتجاز هذه. فقد احتُجِز أشخاص مدنيون، من بينهم نساء وأطفال، في أوضاع مزرية، حُرِموا فيها من الطعام والمياه واستخدام المرافق الصحية وتعرضوا فيها للعوامل الجوية في كانون الثاني/ يناير دون وجود أي مأوى. وكان الرجال معصوبي الأعين ومصفّدي الأيدي وأُجبِروا مراراً على نزع ملابسهم، وأحياناً على التعري، في مراحل مختلفة من احتجازهم.

58 ـ وفي منطقة العطاطرة في شمال غربي غزة، حفرت القوات الإسرائيلية حُفراً رملية احتُجِز فيها رجال ونساء وأطفال فلسطينيون. وكانت مواقع الدبابات والمدفعية الإسرائيلية موجودة داخل هذه الحفر الرملية وحولها وكانت تُطلق نيرانها وهي بجانب المحتجزين.

59 ـ واقتيد الرجال الفلسطينيون إلى مرافق اعتقال في إسرائيل حيث خضعوا لأوضاع اعتقال مزرية، واستجواب قاس وعمليات ضرب وأشكال أخرى من إساءة المعاملة البدنية والذهنية. وقد اتُّهِم بعضهم بأنهم مقاتلون غير شرعيين. وكان أول ئك الذين أجرت معهم البعثة مقابلات قد أُطلق سراحهم بعد وقف النظر في الدعاوى المرفوعة ضدهم.

60 ـ وبالإضافة إلى الحرمان التعسفي من الحرية وانتهاك الحقوق المتعلقة باتباع الأصول القانونية الواجبة التطبيق، فإن حالات بعض المدنيين الفلسطينيين المعتقلين تسلط الضوء على خيط مشترك للتفاعل بين الجنود الإسرائيليين والمدنيين الفلسطينيين ظهر أيضاً بشكل جلي في كثير من الحالات التي نوقشت في أماكن أخرى من هذا التقرير: إساءة المعاملة بصورة مستمرة ومنهجية، والاعتداءات على الكرامة الشخصية، والمعاملة المذلة والمهينة التي تتناقض مع المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان. وتخلص البعثة إلى أن هذه المعاملة تُعدّ توقيعاً لعقوبة جماعية على هؤلاء المدنيين وهي بمثابة تدابير لترهيبهم وإيقاع الرعب بهم. وتشكل هذه الأفعال خروقاً خطيرة لاتفاقيات جنيف وتشكل جريمة حرب.

12 ـ  أهداف واستراتيجية العمليات العسكرية التي قامت بها إسرائيل في غزة
61 ـ استعرضت البعثة المعلومات المتاحة بشأن تخطيط العمليات العسكرية الإسرائيلية، وبشأن التكنولوجيا العسكرية المتقدمة المتاحة للقوات المسلحة الإسرائيلية وبشأن تدريب هذه القوات فيما يتصل بالقانون الإنساني الدولي (الفصل السادس عشر). ووفقاً للمعلومات الحكومية الرسمية، يوجد لدى القوات المسلحة الإسرائيلية نظام مفصل بشأن تقديم المشورة القانونية والتدريب يسعى إلى ضمان المعرفة بالالتزامات القانونية ذات الصلة وإلى تقديم الدعم إلى القادة فيما يتصل بالامتثال لهذه الالتزامات في الميدان. وتمتلك القوات المسلحة الإسرائيلية معدات متقدمة جداً كما أنها أحد من يتصدر سوق إنتاج بعض أكثر منتجات التكنولوجيا العسكرية المتاحة تقدماً، بما في ذلك الطائرات الموجهة بلا طيار. وتوجد لديها قدرة كبيرة جداً على توجيه الضربات الدقيقة باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك إطلاق المقذوفات المعنية من الجو والبر. وإذا أُخذت في الحسبان القدرة على التخطيط ووسائل تنفيذ الخطط بأكثر أشكال التكنولوجيا المتاحة تطوراً والبيانات الصادرة عن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ومفادها أنه لم تحدث أخطاء تقريباً، ترى البعثة أن الأحداث وأنماط الأحدث التي بُحثت في هذا التقرير قد جاءت نتيجة تخطيط متعمّد وقرارات متخذة على مستوى السياسات.

62 ـ وتتسق التكتيكات التي استخدمتها القوات المسلحة الإسرائيلية في هجوم غزة مع ممارسات سابقة، كان أحدثها أثناء حرب لبنان في عام 2006. فقد ظهر حينئذ مفهوم يُعرف باسم نظرية "الداهية" والذي ينطوي على استخدام قوة غير متناسبة ويتسبب في إحداث ضرر ودمار كبيرين للممتلكات والهياكل الأساسية المدنية، والمعاناة للسكان المدنيين. وتخلص البعثة، بالاستناد إلى استع راض للحقائق على أرض الواقع إلى أنها شهدت بنفسها أن ما كان يوصف بأنه أفضل استراتيجية يبدو أنه قد طُبِّق تطبيقاً دقيقاً.

63 ـ وفي سياق صياغة الأهداف العسكرية الإسرائيلية فيما يتعلق بعمليات غزة، فإن مفهوم "البنية الأساسية الداعمة" لحماس يبعث على القلق بوجه خاص بالنظر إلى أنه يبدو أن يُحوِّل المدنيين والأعيان المدنية إلى أهداف مشروعة. وتشير البيانات الصادرة عن القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين قبل العمليات العسكرية في غزة وأثناءها إلى أن التصور العسكري الإسرائيلي لما هو ضروري في الحرب مع حماس ينظر إلى التدمير غير المتناسب وإلى إحداث أقصى قدر من الخلل في حياة كثير من الناس على أنه وسيلة مشروعة لتحقيق أهداف ليست عسكرية فقط بل سياسية أيضاً.

64 ـ كذلك فإن البيانات الصادرة عن القادة الإسرائيليين ومفادها أن تدمير الأهداف المدنية يكون مبرراً كرد فعل لهجمات الصواريخ ("دمِّروا 100 مترل مقابل كل صاروخ يُطلق") تشير إلى إمكانية اللجوء إلى الأعمال الانتقامية. ومن رأي البعثة أن الأعمال الانتقامية ضد المدنيين في سياق الأعمال العدائية المسلحة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي.

13 ـ  التأثير الواقع على شعب غزة وحقوق الإنسان الخاصة به بسبب العمليات العسكرية والحصار المفروض
65 ـ بحثت البعثة التأثير المشترك الذي ألحقته العمليات العسكرية والحصار المفروض بسكان غزة وبتمتعهم بحقوق الإنسان. فعندما بدأ الهجوم الإسرائيلي كان الاقتصاد وفرص العمل وأسباب العيش الأسرية قد تأثرت بالفعل تأثراً شديداً من الحصار المفروض. وكان لنقص الإمداد بالوقود لأغراض توليد الكهرباء تأثير سلبي على النشاط الصناعي وعلى عمل المستشفيات وتوريد المياه إلى المنازل وعلى معالجة الصرف الصحي. كما أن فرض قيود الاستيراد والحظر المفروض على جميع الصادرات من غزة قد أثرا على الق طاع الصناعي وعلى الإنتاج الزراعي. وكانت مستويات البطالة والنسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في حالة فقر أو فقر بالغ آخذتين في الارتفاع.

66 ـ وفي ظل هذا الوضع الحرج، دمّرت العمليات العسكرية جزءاً كبيراً من الهياكل الأساسية الاقتصادية. فبالنظر إلى أنه جرى استهداف مصانع كثيرة وتدميرها أو إلحاق الضرر بها، حدثت زيادة أخرى على نحو مأساوي في الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي. وبالمثل، عانى القطاع الزراعي من تدمير الأراضي الزراعية وآبار المياه ومراكب الصيد أثناء العمليات العسكرية. كما أن استمرار الحصار يعرقل إعادة بناء الهياكل الأساسية الاقتصادية التي دُمِّرت.

67 ـ ومن المتوقع أن يؤدي تجريف الأراضي الزراعية وتدمير الصَّوْبات الزراعية إلى زيادة تفاقم انعدام الأمن الغذائي على الرغم من زيادة كميات المواد الغذائية المسموح بدخولها إلى غزة منذ بداية العمليات العسكرية. ويزداد الاعتماد على المساعدات الغذائية. كما أن مستويات التقزُّم وتأخر النمو والنحافة لدى الأطفال وانتشار فقر الدم لدى الأطفال والحوامل كانت تدعو إلى القلق حتى قبل بداية العمليات العسكرية. وأدت المشاق الناجمة عن التدمير الواسع النطاق 11 مترً لا بأضرار 3 مترً لا تدميراً كامً لا وعن إصابة 112 للمساكن (تحدث برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن تدمير 354 جزئية) وما نجم عن ذلك من تشرُّد إنما يؤثر بصورة خاصة على الأطفال والنساء. كما أن تدمير البنية الأساسية المتعلقة بتوريد المياه والصرف الصحي (مثل تدمير آبار نمر والهجوم على مصنع معالجة المياه، على النحو المشروع في الفصل الثالث عشر) قد أدى إلى تفاقم الوضع القائم من قبل. وكانت نسبة 80 في المائة من المياه الموردة في غزة لا تفي بمعايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، حتى قبل العمليات العسكرية. كما أن صرف المياه المستعملة غير المعالجة أو المعاَلجة جزئياً في البحر يشكل خطراً صحياً آخر ازداد تفاقماً بفعل العمليات العسكرية.

68 ـ وأدت العمليات العسكرية والخسائر الناتجة عنها إلى تعرض القطاع الصحي في غزة المحاصَرة لعبء إضافي مرهق.

واستهدفت الهجمات الإسرائيلية المستشفيات وسيارات الإسعا ف. ولم يمكن إعطاء المرضى ذوي الحالات الصحية المزمنة الأولوية في المستشفيات التي واجهت تدفقاً كبيراً من المرضى ذوي الإصابات المهدِّدة لحياتهم. وكثيراً ما كان يجري بسرعة صرف المرضى بغية إخلاء الأسرّة. وما زال أحد دواعي القلق يتمثل في التأثير الصحي الطويل الأجل المترتب على عمليات الصرف المبكرة هذه، والمترتب كذلك على الأسلحة التي تحتوي على مواد مثل التنغست ين. وفي حين أنه ما زال من غير المعروف العدد الدقيق للأشخاص الذين سيعانون عجزاً دائماً، تفهم البعثة أن كثيراً من الأشخاص الذين حدثت لهم جروح ناتجة عن الإصابات أثناء التراع ما زالوا يواجهون خطر العجز الدائم بسبب المضاعفات وعدم كفاية كل من المتابعة وإعادة التأهيل البدني.

69 ـ ولا بد أن يزداد أيضاً عدد الأشخاص الذين يعانون مشاكل تتعلق بالصحة العقلية. وقد حققت البعثة في عدد من الأحداث التي شهد فيها أشخاص بالغون وأطفال عملية قتل ذويهم. وقدم أطباء البرنامج المجتمعي للصحة النفسية في غزة معلومات إلى البعثة عن الاضطرابات البدنية النفسية، وعن حالة انتشار واسعة للشعور بالاضطراب لدى السكان وعن الإحساس بالخدر نتيجة لشدة الفقدان. وأبلغوا البعثة بأن هذه الحالات يُحتمل أن تؤدي بدورها إلى زيادة الاستعداد لتبنّي العنف والتطرف. كما أبلغوا البعثة بأن 20 في المائة من الأطفال في قطاع غزة يعانون اضطرابات نفسية لاحقة للإصابات.

70 ـ ومما يُضاعف من الصعوبات النفسية للتعلُّم لدى الأطفال التأثير الذي ألحقه الحصار والعمليات العسكرية بالبنية الأساسية التعليمية. فقد دُمر نحو 280 مدرسة ودار حضانة في ظل وضع تعني فيه القيود المفروضة على استيراد مواد البناء أن كثيراً من المباني المدرسية كانت من قبل بالفعل في حاجة شديدة إلى الإصلاح.

71 ـ وقد وُجِّه انتباه البعثة أيضاً إلى الطريقة الخاصة التي تأثرت بها النساء من العمليات العسكرية. فحالات النساء اللاتي أجرت معهن البعثة مقابلات في غزة توضح بشكل مأساوي المعاناة الناجمة عن الإحساس بالعجز عن توفير ما يحتاج إليه الأطفال من رعاية وأمن. وكثيراً ما تُجبر مسؤولية المرأة عن الأسرة المعيشية وعن الأطفال النساء على إخفاء معاناتهن مما يؤدي إلى أن تبقى القضايا التي يواجهنها دون تناول. وقد ازداد عدد النساء اللائي يشكلن العائل الوحيد، ولكن فرص العمالة المتاحة لهن ما زالت أدنى من فرص الرجال بكثير. وأدت العمليات العسكرية وزيادة الفقر إلى تزايد احتمالات حدوث منازعات في الأسرة وبين الأرامل وأسر أزواجهن.

72 ـ وتسلِّم البعثة بأن توريد السلع الإنسانية، وبخاصة المواد الغذائية، التي تسمح إسرائيل بمرورها إلى غزة قد ازداد مؤقتاً أثناء العمليات العسكرية. بيد أن مستوى السلع المسموح بدخولها إلى غزة قبل العمليات العسكرية كان غير كافٍ لتلبية احتياجات السكان حتى قبل بدء أعمال القتال، كما أنه تناقص مرة أخرى منذ نهاية العمليات العسكرية. وتعتقد البعثة، بالاستناد إلى الوقائع التي تحققت منها، أن إسرائيل قد انتهكت التزامها بالسماح بأن تمر بحرية جميع شحنات المواد الطبية ومواد المستشفيات والأغذية والملابس (المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة). وتخلص البعثة أيضاً إلى أن إسرائيل قدانتهكت التزاماتها المحدَّدة التي تقع عليها بوصفها سلطة الاحتلال والمنصوص عليها بوضوح في اتفاقية جنيف الرابعة، مثل واجب المحافظة على المنشآت والخدمات الطبية ومنشآت وخدمات المستشف يات والموافقة على مخططات الإغاثة إذا كانت الأراضي المحتلة لا تتمتع بإمدادات جيدة.

73 ـ وتخلص البعثة أيضاً إلى أن قيام القوات المسلحة الإسرائيلية بتدمير المنازل السكنية الخاصة وآبار المياه وصهاريج المياه والأراضي الزراعية والصَّوْبات كان ينطوي على غرض محدد يتمثل في حرمان سكان قطاع غزة من قوتهم. وعلاوة على ذلك، تبيَّن للبعثة حدوث انتهاكات لأحكام حقوق الإنسان المحددة المتعلقة بحماية الأطفال، وخصوصاً الأطفال ضحايا التراع المسلح، والنساء والمعوَّقين.

74 ـ والأوضاع الحياتية في غزة، الناجمة عن الأعمال المتعمَّدة من جانب القوات المسلحة الإسرائيلية والسياسات المُعلنة لحكومة إسرائيل ـ كما عرضها ممثلوها المأذون لهم والشرعيون ـ فيما يتعلق بقطاع غزة قبل العملية العسكرية وأثناءها وبعدها، تشير على نحو تراكمي إلى نية توقيع العقوبة الجماعية على سكان قطاع غزة مما يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

75 ـ وأخيراً، نظرت البعثة فيما إذا كانت سلسلة الأفعال التي تحرم الفلسطينيين في قطاع غزة من أسباب عيشهم ومن فرص العمل والسكن والمياه، والتي تحرمهم من حرية التنقل ومن حقهم في مغادرة بلدهم هم ودخوله، والتي تحد من إمكانية لجوئهم إلى المحاكم القانونية وسُبل الانتصاف الفعالة يمكن أن تكون بمثابة اضطهاد، أي جريمة ضد الإنسانية. ومن رأي البعثة، بالاستناد إلى الحقائق المتاحة لها، أن بعض أفعال حكومة إسرائيل قد تُبرر قيام محكمة مختصة بتقرير أن جرائم ضد الإنسانية قد ارتُكبت.

14 ـ استمرار احتجاز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط
76 ـ تلاحظ البعثة استمرار احتجاز جلعاد شاليط، وهو فرد من أفراد القوات المسلحة الإسرائيلية، أَسَرته مجموعة مسلحة فلسطينية في عام 2006. وأمرت الحكومة الإسرائيلية، كرد فعل على أسره، بشن عدد من الهجمات على البنية الأساسية في قطاع غزة وعلى مكاتب السلطة الفلسطينية فضلاً عن إلقاء القبض على ثمانية وزراء بالحكومة الفلسطينية و 26 عضواً بالمجلس التشريعي الفلسطيني. واستمعت البعثة إلى شهادات تفيد أن الجنود الإسرائيليين قاموا، أثناء العمليات العسكرية التي وقعت في كانون الأول/ ديسمبر 2008 ـ كانون الثاني/ يناير 2009، باستجواب فلسطينيين أسرى حول أماكن وجود جلعاد شاليط. وقد مثُل أمام البعثة في جلسة الاستماع العلنية التي عُقدت في جنيف في 6 تموز/ يوليه 2009 نُعام شاليط، والد جلعاد شاليط.

77 ـ ومن رأي البعثة أن جلعاد شاليط، بوصفه جندياً ينتمي إلى القوات المسلحة الإسرائيلية أُسر أثناء عملية توغل من جانب العدو في إسرائيل، يُلبي متطلبات الوضع الخاص بأسرى الحرب بموجب اتفاقية جنيف الثالثة. وهو بصفته هذه، ينبغي حمايته ومعاملته معاملة إنسانية والسماح له بالاتصال الخارجي على النحو المناسب وفقاً لتلك الاتفاقية. وينبغي السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارته دون تأخير. كما ينبغي أن تُقدَّم إلى أسرته دون تأخير معلومات عن حالته.

78 ـ وتشعر البعثة بالقلق إزاء التصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين شتى أوضحوا عزمهم على الإبقاء على الحصار إلى حين إطلاق صراح جلعاد شاليط. ومن رأي البعثة أن ذلك يشكل عقوبة جماعية للسكان المدنيين في قطاع غزة.

15 ـ  العنف الداخلي واستهداف التابعين لفتح من جانب قوات الأمن الخاضعة لسيطرة سلطات غزة
79 ـ حصلت البعثة على معلومات عن عنف ارتكبته قوات الأمن التابعة لسلطات غزة ضد معارضين سياسيين.

وقد اشتمل هذا العنف على قتل عدد من سكان غزة في الفترة ما بين بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية و 27 شباط/ فبراير. وكان يوجد بين هؤلاء بعض المحتجزين الذين كانوا محبوسين في منشأة احتجاز السراية في 28 كانون الأول/ ديسمبر والذين لاذوا بالفرار عقب الهجوم الجوي الإسرائيلي. ولم يكن جميع من قُتلوا عقب الهروب من الاحتجاز من التابعين لفتح، المحتجزين لأسباب سياسية، أو من المتهمين بالتعاون مع العدو. إذ كان بعض الهاربين مُدانين بجرائم شتى، مثل الاتجار بالمخدرات أو القتل، ومحكوماً عليهم بالإعدام. وأُبلغت البعثة بأن حركة كثير من أعضاء فتح قد قُيِّدت أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وأن كثيراً منهم وُضعوا قيد الإقامة الجبرية. ووفقاً لسلطات غزة، فإن عمليات إلقاء القبض لم تتم إلا بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية وفيما يتصل فقط بالأفعال الجنائية وباستعادة النظام العام.

80 ـ وجمعت البعثة معلومات مباشرة عن خمس حالات لأشخاص تابعين لفتح قام أفراد قوات الأمن أو أفراد جماعات مسلحة في غزة باعتقالهم أو قتلهم أو إخضاعهم لإساءة المعاملة البدنية. وفي معظم الحالات، أفادت التقارير أن من اختُطفوا من منازلهم أو اعتُقلوا بطريقة أخرى لم يُتهموا بارتكاب جرائم تتصل بحوادث مُحددة بل استُهدفوا فقط بسبب انتمائهم السياسي. وعند توجيه الاتهامات، كانت هذه الاتهامات ترتبط دائماً بأنشطة سياسية مشتبه فيها. وتوجد أوجه تماثل قوية بين شهادات الشهود والتقارير المقدمة من منظمات دولية ومحلية تعمل في مجال حقوق الإنسان، وهي تشير إلى أن هذه الاعتداءات قد نُفِّذت عشوائياً ولكنها شكلت جزءاً من نمط من العنف المنظم الموجه مباشرة ضد التابعين لفتح وأنصار فتح. وتخلص البعثة إلى أن هذه الإجراءات تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ولا تتفق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو مع القانون الأساسي الفلسطيني.

الأرض الفلسطينية المحتلة: الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية
81 ـ نظرت البعثة في التطورات الحادثة في غزة والضفة الغربية باعتبارها مترابطة على نحو وثيق، وحلَّلت هذه التطورات في كلتا المنطقتين للتوصل إلى فهم مستنير للقضايا الداخلة ضمن ولايتها وللإبلاغ عنها.

82 ـ ونتيجة لعدم تعاون إسرائيل مع البعثة، لم تتمكن البعثة من زيارة الضفة الغربية للتحقيق في الانتهاكات المُدعاة للقانون الدولي هناك. بيد أن البعثة قد تلقت كثيراً من التقارير الشفوية والخطية ومواد أخرى ذات صلة من منظمات ومؤسسات فلسطينية وإسرائيلية ودولية تعمل في مجال حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك، التقت البعثة بممثلين لمنظمات حقوق إنسان وأعضاء في السلطة التشريعية الفلسطينية وقادة مجتمعيين. واستمعت إلى خبراء وشهود وضحايا في الجلسات العامة، وأجرت مقابلات مع أفراد متأثرين وشهود، واستعرضت أشرطة فيديو وصوراً فوتوغرافية.

1 ـ معاملة الفلسطينيين في الضفة الغربية من جانب قوات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة أو الفتاكة أثناء المظاهرات
83 ـ أبلغ شهود وخبراء شتى البعثة بحدوث ارتفاع حاد في استخدام القوة من جانب قوات الأمن الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة (الفصل العشرون). وقتلت القوات الإسرائيلية عدداً من المحتجين أثناء مظاهرات فلسطينية، من بينها مظاهرات نُظِّمت دعماً لسكان غزة الواقعين تحت الهجوم، وأُصيب العشرات بجروح. وظل مستوى العنف المستخدَم في الضفة الغربية أثناء العملية العسكرية في غزة مستمراً أيضاً بعد العملية.

84 ـ ومما يُقلق البعثة بوجه خاص الادعاءات القائلة باستعمال قوات الأمن الإسرائيلية لقوة فتاكة لا داعي لها، والنص في "لوائح فتح النار" الخاصة بالقوات الم سلحة الإسرائيلية على قواعد مختلفة للتعامل مع الاضطرابات التي يكون فيها الفلسطينيون وحدهم حاضرين فيها وتلك التي يكون فيها الإسرائيليون حاضرين فيها. ويُثير ذلك قلقاً خطيراً فيما يتعلق بالسياسات التمييزية تجاه الفلسطينيين. وقد أبلغ شهود عيان أيضاً البعثة باستخدام نيران قناصة في سياق السيطرة على الحشود. وتحدث الشهود عن جو مختلف اختلافاً بيِّناً شاهدوه في المواجهات مع الجنود وحرس الحدود أثناء مظاهرات أُزيلت منها جميع الضوابط والموازنات. وأبلغ شهود عديدون البعثة بأن الإحساس في الضفة الغربية، أثناء العملية العسكرية في غزة، هو وجود جو قوامه "افعل ما شئت" يكون فيه أي شيء فيه مُباحاً.

85 ـ ولا تقوم السلطات الإسرائيلية إلا بالقليل أو لا تقوم بأي شيء للتحقيق في العنف المُرتكب ضد الفلسطينيين، بما في ذلك أعمال القتل، من جانب المستوطنين وأفراد قوات الأمن أو لمقاضاتهم ومعاقبتهم، مما يُسفر عن وضع قوامه الإفلات من العقاب. وتخلص البعثة إلى أن إسرائيل لم تفِ بالتزاماتها بحماية الفلسطينيين من العنف الذي يرتكبه الأفراد الخواص، وهي الالتزامات المقررة بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي على السواء.

2 ـ احتجاز الفلسطينيين في سجون إسرائيلية
700 فلسطيني من الرجال والنساء 86 ـ يُقدَّر أن إسرائيل قد قامت، منذ بداية الاحتلال، باحتجاز قرابة...

86 ـ "سجين سياسي" فلسطيني والأطفال. ووفقاً للتقديرات، كان يوجد، في 1 حزيران/ يونيه 2009، قرابة 100 محتجزين في إسرائيل، من بينهم 60 امر أة و 390 طفلاً. ومعظم هؤلاء المحتجزين هم أفراد يقوم باتهامهم أو بإدانتهم نظام من المحاكم العسكرية الإسرائيلية يعمل فيما يتعلق بالفلسطينيين بالضفة الغربية تُقيَّد في ظله تقييداً شديداً حقوق الفلسطينيين فيما يتعلق بإجراء محاكمات عادلة. ويُحتجز كثير منهم احتجا زاً إدارياً كما يُحتجز البعض بموجب "قانون المقاتلين غير الشرعيين" الإسرائيلي.

87 ـ وركَّزت البعثة على عدة مسائل فيما يتصل بالمحتجزين الفلسطينيين ترتبط في رأيها بالعمليات العسكرية التي قامت بها إسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر ـ كانون الثاني/ يناير في غزة أو ترتبط بسياق هذه العمليات.

88 ـ وقد أسفرت التدابير القانونية المُتخذة منذ إعادة انتشار إسرائيل من غزة في عام 2005 عن معاملة المحتجزين الغزيين معاملة مختلفة. فقد صدر في عام 2006 قانون يغيِّر ضمانات المحاكمة العادلة ولا ينطبق إلا على المشتبه فيهم الفلسطينيين وأغل بيتهم الساحقة من غزة، وفقاً لمصادر الحكومة الإسرائيلية. وقد عُلِّق في عام 2007 تطبيق برنامج الزيارات الأُسرية التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة، مما يمنع جميع وسائل الاتصال بين السجناء المنتمين إلى غزة والعالم الخارجي.

89 ـ وأثناء العمليات العس كرية الإسرائيلية في غزة، كان عدد الأطفال الذين تحتجزهم إسرائيل أعلى منه في الفترة ذاتها من عام 2008. وأفادت التقارير أن كثيراً من الأطفال قد أُلقي القبض عليهم في الشارع و/ أو أثناء مظاهرات في الضفة الغربية. وظل عدد المحتجزين الأطفال مرتفعاً في الأشهر التالية لانتهاء العمليات، وهو ما كان مصحوباً بتقارير تتحدث عن تجاوزات قامت بها قوات الأمن الإسرائيلية.

90 ـ وقد تمثلت إحدى سمات ممارسات الاحتجاز الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين منذ عام 2005 في إلقاء القبض على المنتمين لحماس. فقبل انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في عام 2005، ألقت إسرائيل القبض على أشخاص عديدين كانوا مشاركين في الانتخابات البلدية أو انتخابات المجلس التشريعي. وعقب قيام جماعات مسلحة فلسطينية بأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في حزيران/ يونيه 2006، اعتقلت القوات المسلحة الإسرائيلية 65 شخصاً من أعضاء المج لس التشريعي ورؤساء البلديات والوزراء، ومعظمهم أعضاء في حماس.

واحتُجزوا جميعاً عامين على الأقل، في ظل أوضاع غير ملائمة بصورة عامة. وأُجريت عمليات اعتقال أخرى لزعماء من حماس أثناء العمليات العسكرية في غزة. وكان احتجاز أعضاء المجلس التشريعي يعني أن المجلس لم يتمكن من العمل ومن ممارسة مهامه التشريعية والرقابية على السلطة التنفيذية الفلسطينية.

91 ـ وتخلص البعثة إلى أن هذه الممارسات قد أسفرت عن ارتكاب انتهاكات لقانون حقوق الإنسان الدولي وللقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بحظر الاحتجاز التعسفي، والحق في الحماية المتساوية بموجب القانون وفي عدم التعرُّض للتمييز على أساس المعتقدات السياسية والحماية الخاصة التي يتمتع بها الأطفال. وتخلص البعثة أيضاً إلى أن احتجاز أعضاء المجلس التشريعي قد يكون بمثابة عقوبة جماعية بما يتعارض مع القانون الإنساني الدولي.

3 ـ القيود المفروضة على حرية التنقل في الضفة الغربية
92 ـ ظلت إسرائيل تقوم في الضفة الغربية منذ فترة طويلة بفرض نظام من القيود على التنقل. فالتنقل يقيّده مزيج من العقبات المادية، مثل حواجز الطرق ونقاط التفتيش والجدار الفاصل والتدابير الإدارية، مثل بطاقات الهوية والتصاريح وتحديد الإقامة، والقوانين المتعلقة بإعادة جمع شمل الأُسر والسياسات المتعلقة بالحق في الدخول من الخارج وحق العودة للاجئين. ويُرفض السماح للفلسطينيين بالوصول إلى المناطق المتروع ملكيتها لبناء الجدار الفاصل والهياكل الأساسية المتعلقة به، أو لاستخدامها كمستوطنات أو مناطق عازلة أو قواعد عسكرية أو مناطق للتدريب العسكري والطُرق التي تُبنى للربط بين هذه الأماكن. وكثير من هذه الطرق هي "للإسرائيليين فقط" ومُحرَّم استعمالها على الفلسطينيين. ويخضع عشرات الآلاف من الفلسطينيين اليوم لحظر على السفر تفرضه إسرائيل يمنعهم من السفر إلى الخارج. فعدد من الشهود والخبراء الذين دعتهم البعثة للالتقاء بها في عمان والمشاركة في جلسات الاستماع في جنيف لم يستطيعوا مقابلة البعثة بسبب هذا الحظر على السفر.

93 ـ وتلقت البعثة تقارير تفيد بأن القيود المفروضة على التنقل في الضفة الغربية قد شُدّدت أثناء الهجوم الإسرائيلي في غزة. فقد فرضت إسرائيل "إغلاقاً" على الضفة الغربية لعدة أيام. وبالإضافة إلى ذلك، أنشئ طوال فترة العملية مزيد من نقاط التفتيش في الضفة الغربية، بما في ذلك في القدس الشرقية. وكان يُطلق على معظم هذه النقاط ما يسمى بـ "نقاط التفتيش الطيارة". وفي كانون الثاني/ يناير 2009، أُعلن أن عدة مناطق من الضفة الغربية بين الجدار الفاصل والخط الأخضر هي "مناطق عسكرية مغلقة".

94 ـ وأثناء العمليات في غزة وبعدها، شددت إسرائيل من قبضتها على الضفة الغربية عن طريق زيادة مصادرة الممتلكات وهدم البيوت وإصدار أوامر الهدم ومنح مزيد من التراخيص لبناء منازل في المستوطنات وتكثيف استغلال الموارد لطبيعية في الضفة الغربية. وقامت إسرائيل، عقب العمليات في غزة، بتعديل الأنظمة التي تُحدد مدى قدرة الأشخاص الذين لديهم "بطاقة هوية من غزة" على التحرك إلى الضفة الغربية أو العكس، مما يزيد من الهوة الفاصلة بين الشعب في الضفة الغربية وغزة.

95 ـ وتخطط وزارة الإسكان والتخطيط الإسرائيلية لبناء عدد إضافي من المنازل في المستوطنات في الضفة 15 مترل من هذه المنازل ولذلك، إذا تم تحقيق جميع 73 مترل. وقد ووفق فعلاً على بناء... الغربية قدره... الخُطط، سيتضاعف عدد المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة.

96 ـ وتعتقد البعثة أن القيود المفروضة على التنقل والحركة التي يخضع لها الفلسطينيون في الضفة الغربية، بصورة عامة، وتشديد القيود أثناء العمليات العسكرية في غزة وكذلك، إلى حد ما، بعد هذه العمليات هي بصورة خاصة أمور غير متناسبة مع أي هدف عسكري منشود. وبالإضافة إلى ذلك، يساور البعثة القلق لإضفاء الطابع الرسمي على الفصل بين غزة والضفة الغربية ومن ثمّ بين جزأين من الأرض الفلسطينية المحتلة.

4 ـ العنف الداخلي واستهداف أنصار حماس من جانب السلطة الفلسطينية، والقيود المفروضة على حرية التعبير والتجمّع
97 ـ وتلقت البعثة ادعاءات بحدوث انتهاكات تتصل بولايتها ارتكبتها السلطة الفلسطينية في الفترة المشمولة بالتحقيق. وهذه تشمل انتهاكات تتصل بمعاملة التابعين لحماس "المشتَبَه فيهم" من جانب الأجهزة الأمنية، بما في ذلك إلقاء القبض عليهم واحتجازهم بصورة غير مشروعة. وأفادت عدة منظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان أن الممارسات التي تستخدمها قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية هي بمثابة ممارسة للتعذيب والمعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية والمهي نة. وقد حدث عدد من حالات الوفاة في الاحتجاز يُشتبه أن التعذيب وضروب إساءة المعاملة الأخرى قد أسهمت فيها أو ربما تسببت فيها. وقد جرى التحقيق في الشكاوى المتعلقة بهذه الممارسات.

98 ـ ووردت أيضاً ادعاءات تتعلق باستخدام القوة المفرطة وقمع المظاهرات من جانب أجهزة الأمن الفلسطينية ـ وخاصة المظاهرات التي نُظِّمت دعماً لسكان غزة أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية. إذ يُدَّعى أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية قد قامت في هذه المناسبات بإلقاء القبض على كثير من الأفراد ومنعت وسائط الإعلام من تغطية هذه الأحداث. وتلقت البعثة أيضاً ادعاءات مفادها قيام أجهزة الأمن الفلسطينية بارتكاب مضايقات ضد الصحفيين الذين أعربوا عن آراء نقدية.

99 ـ وقد أدى تعطيل المجلس التشريعي الفلسطيني عقب قيام إسرائيل بإلقاء القبض على العديد من أعضائه واحتجازهم إلى التقليص الفعلي للرقابة البرلم انية على الفرع التنفيذي للسلطة الفلسطينية. فقد أصدرت السلطة التنفيذية مراسيم وأنظمة تمكِّنها من مواصلة عملياتها اليومية.

100 ـ وتشمل الادعاءات الأخرى الإقفال التعسفي للهيئات الخيرية والجمعيات والجماعات الإسلامية الأخرى أو إلغاء وعدم تجديد التراخيص الصادرة لها، والقيام قسراً باستبدال أعضاء مجالس إدارة المدارس الإسلامية ومؤسسات أخرى، وفصل المدرسين المنتمين إلى حماس.

101 ـ وما زالت السلطة الفلسطينية تسرِّح عدداً كبيراً من الموظفين العاملين في هيئات مدنية وعسكرية أو توقف صرف مرتباتهم بذريعة "عدم ولائهم للسلطة الم شروعة" أو "عدم الحصول على موافقة أمنية" عند تعيينهم، وهو ما أصبح شرطاً مسبقاً للانخراط في الخدمة العامة. وفي الواقع، فإن هذا التدبير يستبعد أنصار حماس أو الأشخاص التابعين لها من العمل في القطاع الحكومي العام.

102 ـ ومن رأي البعثة أن التدابير المذكورة لا تتفق مع التزامات السلطة الفلسطينية الناشئة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعن الميثاق الأساسي الفلسطيني.

إسرائيل
1 ـ تأثير الهجمات على جنوبي إسرائيل بالصواريخ وقذائف الهاون من جانب الجماعات المسلحة الفلسطينية على المدنيين
8 صاروخ وقذيفة هاون على جنوبي إسرائيل منذ عام 2001 103 ـ أطلقت الجماعات المسلحة الفلسطي نية نحو...

(الفصل الرابع والعشرون). وفي حين أن مجتمعات محلية مثل سديروت و "كيبوتس نير آم" كانت تقع ضمن مدى هذه الصواريخ وقذائف الهاون منذ البداية، فإن مدى الصواريخ قد ازداد إلى نحو 40 كيلومتراً من حدود غزة مما ضمّ إلى مداها مدناً تقع بعيداً في الشمال مثل أشدود وذلك أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

104 ـ وفيما بين 18 حزيران/ يونيه 2008 و 18 كانون الثاني/ يناير 2009، فإن الصواريخ التي أطلقتها الجماعات المسلحة الفلسطينية في غزة قتلت ثلاثة مدنيين داخل إسرائيل ومدنيين اثنين في غزة عندما سقط  1 شخص من صاروخ قبل الحدود في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2008. وأفادت التقارير أن أكثر من... المدنيين داخل إسرائيل قد أُصيبوا بدنياً بجروح نتيجة للهجمات بالصواريخ وقذائف الهاون، حدثت إصابات 918 شخصاً منهم أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

105 ـ وأحاطت البعثة علماً على نحو خاص بالمستوى المرتفع للصدمة النفسية التي عاناها السكان المدنيون داخل إسرائيل. فقد تبيَّن من البيانات التي جمعتها منظمة إسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2007 أن 28,4 في المائة من 94 في المائة من الأطفال في سديروت قد عانوا اضطرابات نفسية لاحقة للإصابة. وأفادت التقارير ـ البالغين و 72 1 شخصاً قد عولجوا من حالات تتصل بالتوتر أثناء العمليات العسكرية في غزة بينما كان عدد من أن 596 عولجوا بعد ذلك أكثر من 500 شخص.

106 ـ وقد أدت الصواريخ وقذائف الهاون إلى إلحاق أضرار بالمنازل والمدارس والسيارات في جنوبي إسرائيل.

وفي 5 آذار/ مارس 2009، أصاب أحد الصواريخ كنيساً في نيتيفوت. وقد أثَّرت عمليات إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على حق الأطفال والبالغين المقيمين في جنوبي إسرائيل في التعليم. وجاء ذلك نتيجة لعمليات إغلاق المدارس وانقطاع الدراسة بفعل التحذيرات الموجَّهة والانتقال إلى الملاجئ وكذلك نتيجة لتضاؤل القدرة على التعلُّم وهو ما يُشاهد لدى الأفراد الذين يعانون أعراض الصدمات النفسية.

107 ـ وكان لعمليات إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون تأثير ضار على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية المتأثرة. ففي بلدات مثل أشدود ويافان وبئر السبع التي عانت هجمات بالصواريخ لأول مرة أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، حدث انقطاع قصير في أنشطتها الاقتصادية والثقافية جاء بفعل الانتقال المؤقت لبعض المقيمين فيها. وفيما يتعلق بالبلدات الأقرب من حدود غزة، التي ظلت في مرمى نيران الصواريخ وقذائف الهاون منذ عام 2001، أدى التصعيد الأخير إلى زيادة نزوح المقيمين فيها.

108 ـ وخلصت البعثة إلى أن الصواريخ، وبدرجة أقل قذائف الهاون التي تطلقها الجماعات المسلحة الفلسطينية لا يمكن توجيهها لإصابة أهداف عسكرية محددة وقد ُأطلقت على مناطق يعيش فيها سكان مدنيون. وخلصت البعثة كذلك إلى أن هذه الهجمات تشكل هجمات عشوائية ضد السكان المدنيين في جنوبي إسرائيل وأنه في الحالات التي لا يوجد فيها هدف عسكري مقصود وتُطلق الصواريخ وقذائف الهاون على سكان مدنيين فإن اله جمات تشكل هجوماً متعمداً على سكان مدنيين. ويمكن أن تشكل هذه الأفعال جرائم حرب وقد تكون بمثابة جرائم ضد الإنسانية. وبالنظر إلى ما يبدو من عدم قدرة الجماعات المسلحة الفلسطينية على توجيه الصواريخ وقذائف الهاون إلى أهداف محددة وبالنظر إلى أن الهجمات لم تتسبب إلا في حدوث أضرار ضئيلة جداً بالأصول العسكرية الإسرائيلية، تخلص البعثة إلى أنه توجد أدلة يُعتدّ بها تشير إلى أن أحد الأغراض الرئيسية لهجمات الصواريخ وقذائف الهاون هو نشر الرعب لدى السكان المدنيين الإسرائيليين، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

109 ـ وإذ تلاحظ البعثة أن بعض الجماعات المسلحة الفلسطينية ومن بينها حماس قد أعربت علانية عن عزمها على استهداف المدنيين على سبيل الانتقام من إصابات المدنيين في غزة نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية، فإن من رأيها أن الأعمال الانتقامية ضد المدنيين أثناء الأعمال العدائية المسلحة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي.

110 ـ وتلاحظ البعثة أن الإصابات الضئيلة نسبياً التي عانى منها المدنيون داخل إسرائيل ترجع بقدر كبير إلى الاحتياطات التي اتخذتها إسرائيل. وهذا يشمل نظاماً للإنذار المبكِّر وتوفير ملاجئ عامة وعمليات تحصين المدارس والم باني العامة الأخرى بتكلفة مالية كبيرة على حكومة إسرائيل ـ تبلغ تقديراتها 460 مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة فيما بين عامي 2005 و 2011. بيد أن البعثة تشعر بقلق بالغ إزاء عدم وجود نظام للإنذار المبكِّر وعدم وجود ملاجئ عامة وتحصينات من أجل تجمعات الإ سرائيليين من أصل فلسطيني الذين يعيشون في قرى غير مُعترَف بها وفي بعض القرى اُلمعترَف بها التي تقع ضمن مدى الصواريخ وقذائف الهاون التي تُطلقها الجماعات المسلحة الفلسطينية في غزة.

2 ـ قمع المخالفين في إسرائيل، والحق في الوصول إلى المعلومات، ومعاملة المدافعين عن حقوق الإنسان
111 ـ تلقت البعثة تقارير تفيد أن الحكومة الإسرائيلية تقمع أو تحاول قمع الجماعات والأفراد، الذين يُنظر إليهم على أنهم مصادر نقد للعمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل. فوسط وجود مستوى مرتفع من التأييد للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة من جانب السكان اليهود الإسرائيليين، كانت توجد أيضاً احتجاجات واسعة الانتشار داخل إسرائيل ضد العمليات العسكرية. فقد احتج عليها مئات الآلاف من الأشخاص ـ هم بصورة رئيسية، ولكن ليست حصرية، من مواطني إسرائيل الفلسطينيين. وبينما سُمح، بصورة رئيسية، بأن تجري هذه الاحتجاجات وحدثت مناسبات أفادت التقارير فيها أن المحتجين قد واجهوا صعوبة في الحصول على تصاريح ـ وخاصة بصورة رئيسية إسرائيليين من أصل فلسطيني. وقد ألقي القبض في هذه الاحتجاجات على 715 شخصاً في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة. ويبدو أنه لم تحدث أي عمليات إلقاء قبض على مشاركين في احتجاجات مضادة، وكانت نسبة 34 في المائة من أولئك الذين ُالقي القبض عليهم تقل أعمارهم عن 18 عاماً. وتلاحظ البعثة أنه ُألقي القبض على جزء صغير نسبياً من أولئك المحتجين. وتحث البعثة حكومة إسرائيل على ضمان أن تحترم سلطات الشرطة حقوق جميع مواطنيها، دون تمييز، بما في ذلك حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، على النحو الذي يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

112 ـ وتلاحظ البعثة مع القلق ما ذُكر في التقارير عن حالات لارتكاب العنف البدني من جانب أفراد من الشرطة ضد محتجين، بما في ذلك ضرب المحتجين واتباع سلوك غير ملائم آخر معهم مثل إخضاع مواطني إسرائيل ذوي الأصل الفلسطيني ممن أُلقي القبض عليهم لمعاملة سيئة عنصرية وإبداء تعليقات جنسية بخصوص الإناث أعضاء أسرهم. وتتطلب المادة 10 من العهد أن يعامل المحرومون من حريتهم معاملة تتسم بالإنسانية والاحترام للكرامة المتأصلة في أفراد البشر.

113 ـ ومن بين المحتجين الذين عرضوا على المحاكم الإسرائيلية، كان الإسرائيليون من أصل فلسطيني يُتحفَّظ عليهم في الاحتجاز في انتظار المحاكمة، على نحو غير متناسب. وعنصر التمييز والمعاملة المختلفة بين مواطني إسرائيل الفلسطينيين واليهود كما يشار إلى ذلك في التقارير الواردة، هو أمر يبعث على قلق كبير.

114 ـ وذُكِرت المقابلات التي تجريها أجهزة الأمن العام الإسرائيلية مع النشطاء السياسيين على أنها تشكل الأفعال التي تسهم على أبرز نحو في إيجاد مناخ من القمع داخل إسرائيل. وتشعر البعثة بالقلق إزاء إرغام النشطاء على حضور مقابلات مع الشاباك (التي تعرف أيضاً باسم "شين بيت")، دون وجود أي التزام قانوني عليهم بأن يفعلوا ذلك، وبصورة عامة على حضور الاستجواب المدَّعى للنشطاء السياسيين حول أنشطتهم السياسية.

115 ـ الوجه "New "Proifile:  ـ وتلقت البعثة تقارير بشأن التحقيق الذي تجريه حكومة إسرائيل مع منظمة "نيو بروفايل الجديد" بخصوص الادعاءات القائلة بأنها تحرض على التهرب من التجنيد، وهو جريمة جنائية، والتقارير القائلة بأن الحكومة تسعى إلى إنهاء التمويل المقدم من حكومات أجنبية من أجل منظمة "كسر جدار الصمت"، عقب نشر شهادات لجنود. إسرائيليين بخصوص سلوك القوات المسلحة الإسرائيلية في غزة في كانون الأول/ ديسمبر 2008 وكانون الثاني/ يناير 2009 وتشعر البعثة بالقلق لكون تصرف حكومة إسرائيل مع هذه المنظمات يمكن أن يكون له أثر ترهيبي على منظمات حقوق الإنسان الإسر ائيلية الأخرى. فإعلان الأمم المتحدة المتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان يكفل الحق "في التماس وتلقي واستخدام موارد يكون الغرض منها صراحة هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية بالوسائل السلمية". وإذا كان بذل المساعي لدى الحكومات الأجنبية لإنهاء التموي لقد جاء كرد فعل لممارسة المنظمة المعنية لحرية التعبير فإن ذلك يكون متعارضاً مع روح الإعلان.

116 ـ وقد فرضت حكومة إسرائيل حظراً على وصول وسائط الإعلام إلى غزة بعد 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008. وفضلاً عن ذلك، لم يسمح بوصول منظمات حقوق الإنسان إلى القطاع وما زال هذا الحظر قائماً فيما يتعلق ببعض المنظمات الدولية والإسرائيلية. ولا ترى البعثة أي مبرر لذلك. فوجود الصحفيين والمراقبين الدوليين لحقوق الإنسان يُساعد في التحقيق وفي إبلاغ الجمهور الواسع بسلوك الأطراف في التراع ويمكن أن يمنع سوء التصرف.

وتلاحظ البعثة أن إسرائيل قد حاولت، في الإجراءات التي اتخذتها ضد النشطاء السياسيين والمنظمات غير الحكومية ووسائط الإعلام، أن تحد من التمحيص العام لسلوكها أثناء عملياتها العسكرية في غزة وكذلك للآثار التي ألحقتها هذه العمليات بسكان غزة، ربما سعياً منها إلى منع التحقيق فيها والإبلاغ العلني عنها.

دال ـ المحاسبة
1 ـ إجراءات إسرائيل وردود فعلها بشأن الادعاءات القائلة بارتكاب قواتها المسلحة انتهاكات ضد الفلسطينيين

117 ـ من الضروري إجراء تحقيقات وكذلك ـ عندما يكون ذلك ملائماً ـ محاكمات للمشتبه في ارتكابهم انتهاكات خطيرة إذا كانت يُراد ضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني وإذا كان يُراد منع نشوء جو قوامه الإفلات من العقاب. وعلى الدول بموجب القانون الدولي واجب التحقيق في الادعاءات القائلة بارتكاب انتهاكات.

118 ـ وقد استعرضت البعثة المعلومات العامة والتقارير المقدمة من حكومة إسرائيل بشأن الإجراءات المتخذة للوفاء بالتزامها بالتحقيق في الانتهاكات المدعاة (الفصل السادس والعشرون). وقد وجهت البعثة إلى إسرائيل عدداً من الأسئلة بشأن هذه المسألة ولكنها لم تتلق أي رد.

119 ـ ورداً على الادعاءات المتعلقة بارتكاب انتهاكات خطيرة لقانون حقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي، أمر المدعي العام العسكري بإجراء تحقيقات جنائية ُأغلقت بعد ذلك بأسبوعين بناء على استنتاج أن هذه الادعاءات "قد بُنيت على شهادات سماعية". وأصدرت القوات المسلحة الإسرائيلية أيضاً نتائج خمس تحقيقات خاصة أجراها ضباط عسكريون ذوو رتب رفيعة خلصت إلى أن "قوة الدفاع الإسرائيلية قد عملت وفقاً للقانون الدولي طوال فترة القتال في غزة"، ولكن تشير التقارير إلى أن التحقيقات قد كشفت عن عدد صغير جداً من الأخطاء. وفي 30 تموز/ يوليه 2009، أفادت وسائط الإعلام أن المدعي العام العسكري قد أمر الشرطة العسكرية بفتح تحقيقات جنائية في 14 حالة من أصل قرابة 100 شكوى تتعلق بسلوك جنائي من جانب الجنود. ولم تقدَّم أي تفاصيل.

120 ـ واستعرضت البعثة النظام الداخلي الإسرائيلي للتحقيق والمقاضاة وفقاً للتشريعات الإسرائيلية الوطنية وفي ضوء الممارسة. ويشمل هذا النظام ما يلي: (أ) الإجراءات التأديبية، و (ب) عمليات استخلاص المعلومات العملياتية (المعروفة أيضاً باسم "التحقيقات العملياتية")، و (ج) التحقيقات الخاصة التي يتولاها ضابط كبير بناء على طلب رئيس الأركان، و (د) تحقيقات الشرطة العسكرية التي تجريها شعبة التحقيق الجنائي بالشرطة العس كرية. ويقع في قلب هذا النظام ما يسمى باستخلاص المعلومات العملياتية. فعمليات استخلاص المعلومات العملياتية هي عبارة عن إجراء مراجعات للحوادث والعمليات التي قام بها الجنود من الوحدة ذاتها أو من التسلسل القيادي نفسه إلى جانب ضابط من رتبة أعلى. والقصد من عمليات استخلاص المعلومات هذه هو خدمة أغراض العمليات.

121 ـ ويتطلب قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي من الدول التحقيق وكذلك، عندما يكون ذلك ملائماً، المقاضاة بشأن الادعاءات المتعلقة بارتكاب الأفراد العسكريين لانتهاكات خطيرة. وقد حدد القانون الدولي أيضاً أن هذه التحقيقات ينبغي أن تتسم بالامتثال لمعايير التراهة والاستقلالية والاستعجال والفعالية. وتؤكد البعثة أن نظام التحقيق الإسرائيلي لا يمتثل لجميع هذه المبادئ. ففيما يتصل بـ "استخلاص المعلومات العملياتي" الذي تستخدمه القوات المسلحة الإسرائيلية كأداة للتحقيق، ترى البعثة أن أداًة مصممة لمراجعة الأداء ولتعّلم الدروس المستفادة لا يمكن أن تكون آلية تحقيق فعالة ونزيهة ينبغي الأخذ بها بعد كل عملية عسكرية قدّمت بشأنها ادعاءات بارتكاب انتهاكات خطيرة. فهي لا تمتثل لمبدأي التراهة والاستعجال في التحقيقات المسّلم بهما دولياً. فثمة عيب رئيسي في نظام التحقيق الإسرائيلي يتمثل في أن التحقيقات الجنائية الحقيقية لا يمكن أن تبدأ إلا بعد انتهاء "استخلاص المعلومات العملياتي".

122 ـ وتخلص البعثة إلى أنه توجد شكوك جدية حول استعداد إسرائيل لإجراء تحقيقات حقيقية بطريقة نزيهة و مستقلة وعاجلة وفعالة على نحو ما يتطلبه القانون الدولي. ومن رأي البعثة أيضاً أن النظام الإسرائيلي على وجه الإجمال يتصف بسمات تمييزية متأصلة فيه تجعل من سُبل نيل العدالة أمام الضحايا الفلسطينيين أمراً بالغ الصعوبة.

2 ـ الإجراءات المتخذة من جانب السلطات الفلسطينية
(أ) ـ الإجراءات المتصلة بالأفعال الواقعة في قطاع غزة

123 ـ لم تجد البعثة أي دليل على أن سلطات غزة قد أقامت أي نظام للمراقبة العامة أو المحاسبة فيما يتصل بالانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان الدولي. ويساور البعثة القلق إزاء التجاهل المستمر للقانون الإنساني الدولي الذي تقوم في ظله الجماعات المسلحة في قطاع غزة بأنشطتها العسكرية، عن طريق عمليات إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، الموجهة ضد إسرائيل. وعلى الرغم من بعض تقارير وسائط الإعلام، ما زالت البعثة رغير مقتنعة بأن السلطات قد اتخذت أي مبادرات حقيقية وفعالة لتناول القضايا الخطيرة المتعلقة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي في إطار مباشرة الأنشطة المسلحة من جانب الجماعات القتالية في قطاع غزة.

124 ـ وعلى الرغم من بيانات صادرة عن سلطات غزة وأي إجراء ربما تكون قد اتخذته، لا تعلم به البعثة، ترى البعثة أيضاً أن الادعاءات المتعلقة بأعمال القتل والتعذيب وإساءة المعاملة في قطاع غزة قد مرت إلى حد كبير دون أن تكون موضوع تحقيق.

(ب) ـ الإجراءات المتصلة بالأفعال الواقعة في الضفة الغربية
125 ـ فيما يتعلق بالانتهاكات ذات الصلة التي حُددت في الضفة الغربية، يبدو، مع استثناءات قليلة، أنه توجد درجة من التغاضي إزاء انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المعارضين السياسيين، مما أسفر عن عدم وجود محاسبة عن هذه الإجراءات. كما أن وزارة الداخلية قد تجاهلت قرارات المحكمة العليا بإطلاق سراح عدد من المحتجزين أو بإعادة فتح بعض الجمعيات التي أغلقتها السلطات.

126 ـ وفي ظل هذه الظروف، لا تستطيع البعثة اعتبار التدابير التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ذات معنى لغرض محاسبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، وهي تعتقد أنه يجب بقدر أكبر من الالتزام الوفاء بالمسؤولية عن حماية حقوق الأشخاص وهي المسؤولية التي تدخل في صلب السلطات التي تتولاها السلطة الفلسطينية.

3 ـ الولاية العالمية
127 ـ في سياق القدر المتزايد من عدم استعداد إسرائيل لفتح تحقيقات جنائية تمتثل للمعايير الدولية، فإن البعثة تدعم الاعتماد على الولاية العالمية كسبيل متاح أمام الدول للتحقيق في انتهاكات أحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949 المتعلقة بارتكاب خروق خطيرة، ولمنع الإفلات من العقاب، وللنهوض بالمسؤولية الدولية (الفصل الثامن والعشرون).

4 ـ التعويضات
128 ـ يقرر القانون الدولي أيضاً أنه عند وقوع انتهاك لالتزام دولي، ينشأ التزام بتقديم تعويضات. ومن رأي البعثة أن الهيكل الدستوري الحالي والتشريعات الموجودة في إسرائيل لا يتيحان مجالاً كبيراًُ، إن كانا أصلاً يتيحان أي مجال، أمام الفلسطينيين لالتماس التعويض. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتيح آلية إضافية أو بديلة للتعويض عن الأضرار أو الخسائر التي تكبدها المدنيون الفلسطينيون أثناء العمليات العسكرية (الفصل التاسع والعشرون).

هاء ـ الاستنتاجات والتوصيات
129 ـ تضع البعثة في الفصل الثلاثين، الذي يتضمن أيضاً موجزاً باستنتاجاتها القانونية، استنتاجات عامة بشأن التحقيقات التي أجرتها.

130 ـ ثم تقدم البع ثة توصيات إلى عدد من هيئات الأمم المتحدة وإلى إسرائيل والسلطات الفلسطينية المسؤولة والمجتمع الدولي بشأن ما يلي: (أ) المحاسبة عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، و (ب) التعويضات، و (ج) الانتهاكات الخطيرة لقانون حقوق الإنسان، و (د) الحصار والتعمير، و (ه) استعمال الأسلحة والإجراءات العسكرية، و (و) حماية منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان، و (ز) متابعة توصيات البعثة. وترد التوصيات بالتفصيل في الفصل الحادي والثلاثين.