تطرح هذه الدراسة علاقة المسرح المغربي كمسرح محلي بالمسرح العالمي، وتثير عبرها تلك الإشكالية العلائقية التي تقتضي معالجة الموضوع معالجة مقارنة بين المسرحيين المغربي والعالمي.

المسرح المغربي بين العالمية والمحلية

قراءة في مسار تجربة

سالم اكويندي

1. تقديم:
إن موضوع المسرح المغربي بين المحلية والعالمية يطرح علاقة نوعية بين المسرح المغربي كمسرح محلي وبين المسرح العالمي ، وطرح الموضوع بهذه الإشكالية العلائقية تقتضي معالجته معالجة مقارنة بين المسرحيين المغربي والعالمي ، بحيث لا يمكن تناول هذه المقارنة إلا من خلال تحديد مجموعة من المفاهيم التي تبرز العناصر الرابطة والمكونة للموضوع من جهة وبين الدلالات التي تؤدي إليها هذه المكونات في هذه العلاقة وما يمكن استنتاجه منها باعتبارها علاقة مقارنة بمعنى أنها علاقة تمايز واختلاف مما يفرض كذلك في هذه التحديدات التعرف على خصوصية كل نوع من نوعي المسرح في هذه العلاقة حتى تستقيم المقارنة رغم أن هذا التمايز الحاصل في القراءة المقارنة ظاهريا لا يوحي بالتكامل ، علما أن معطى التمايز يعطي هذا التكامل وبالطبع هذا التكامل مؤسس على الاختلاف بحيث لا يكون الاختلاف هنا إلا تكاملا في صياغة الموضوع لكننا نتساءل على الأقل هنا : هل أتى هذا الاختلاف والتمايز في المسرح المغربي والمسرح العالمي من تفاوت في الدرجة أم في النوع ومسألة التفاوت هنا تطرح على مستوى التزامن التاريخي في الممارستين المسرحيتين وموقع صفتهما ، المحلية والعالمية تطرحان في هذه المقارنة كذلك على مستوى الدرجة في التقدم والتأخر ، وكلا المقومين يطرحان سؤال المعيار والقياس بالنسبة لمن يكون السبق وبالنسبة لماذا يكون التقدم والتأخر ، وهنا سنجد أن المقياس المبرر لطرح مثل هذه التساؤلات هو الحاضر وراهن التجربتين المسرحيتين إذ بغير هذا الانطلاق من اللحظة الراهنة كاللحظة تتم فيها الممارستين المسرحيتين بشكل يتساوق مع معطيات هذه اللحظة الثقافية وبشروط إنتاجها سنستطيع عقد مثل المقارنة النوعية بين الممارستين المسرحيتين المغربية والعالمية لأن هذه اللحظة الثقافية تدل على زمانان ثقافيين مختلفين بفعل طبيعة الممارستين المسرحيتين ما دامتا ممارستين ثقافيتين يحكمهما زمانان ثقافيان مختلفان رغم أن الممارستين المسرحيتين تتمان في الحاضر باعتباره لحظة ترهين للعيش والمعايشة بالنسبة لمن تصدر منهم هاتين الممارستين المسرحيتين إذ سنكون في لحظة زمانية ثقافية لقيمتين ثقافيتين متمايزتين تتماهيان في واقعين مختلفين ،ظروف وشروط إنتاجهما الاجتماعيين والاقتصاديين وبمعنى آخر إن سياقهما الاجتماعي والثقافي والاقتصادي مختلف ، فإذا كان هذا التمايز والاختلاف حاصلين في وجه المقارنة التي يمكن أن نعقدها بينهما وبالتالي استجلاء أبعادهما من حيث التكامل ؟ وهنا نطرح مسألة تتعلق بالتأثير والتأثر أو ما يمكن نعته بالمثاقفة على أساس أن الممارستين المسرحيتين قيمتان ثقافيتان وكمعطيين حضاريين، ثم أنهما يلعبان دورين تواصليين مما يجعل إمكانية التحاور و التبادل حاصلة بينهما وفي وظيفتهما إضافة لإمكانية التلاقح والتواشيج التي يمكن أن يرفد به أحدهما الآخر ، وهذه أوجه من أوجه التكامل الذي يفترض استنتاجها من هذه المقارنة وربما هذا هو جوهر السؤال الظاهر في ضمنية طرح هذا الموضوع ناهيك عن طبيعة اللحظة التي تطرح فيها هذا الموضوع والتي هي لحظة موسومة بعصر العولمة (1) ومستتبعاتها على مستوى الهويات الثقافية الاقليمية والإثنيات المتعددة حيث يبدو لنا أفقا آخر تطرح فيه موضوع العلاقة بين المحلية والعالمية بشكل أعم وأوسع ومن منطلق مفهومي الوحدة والتنوع ، واللذان نصادفهما ليس في خصوصية معالجة المحلي/القطري القومي والعالمي الكوني بل في إطار المجتمع الواحد وفي مكونات واحدتية ، رغم أن صياغة الموضوع تكتفي بتخصيص المسرح المغربي في قطريته مقارنة بالمسرح العالمي في كونيته وشموليته وهو ما يعطي استنتاجا ضمنيا في كون واحديته المتعدد والمتنوع في المسرح المغربي قد تم الحسم فيها أي أن هناك ممارسة مسرحية مغربية تتم بالجمع بمعنى في الوحدة رغم التنوع التي هي عليه هذه الممارسة المغربية كما أن هناك ممارسة مسرحية عالمية / كونية تتم هي الأخرى بالجمع رغم التنوع والتعدد التي هي عليه هذه الممارسة المسرحية العالمية الكونية ، وعند بلوغنا هذا الطرح يبرز سؤال حول المراد من هذا الموضوع والذي نرى طرحه على هذه الشاكلة وبهذه الصياغة أن الممارسة المسرحية المغربية هي ممارسة ليست خارج سياق الممارسة المسرحية العالمية وبالتالي هل نحن خارج هذا الاعتبار العالمي والكوني على الأقل من خلال المسرح ؟ أم أن الموضوع يريد طرح موقعة الممارسة المسرحية ضمن سياق العالمية والكونية باعتبارها سياقا ناظما لكل الممارسات الاقليمية والقومية في بوتقة واحدة ؟ أم أن معنى العالمية والكونية في هذا الموضوع تطرح شروطا للاندراج ضمنها وشروط تحقيقها في الممارسة المسرحية المغربية وهذا الاستنتاج الأخير يفرض علينا وكما بدأتا ضرورة تحديد المفاهيم وتعرف معنى المحلية في الممارسة المسرحية والممارسة العالمية في المسرح أي كان هذا المسرح وكيف يمكن للممارسة المسرحية المحلية أن تحقق عالميتها وكونيتها من خلال محليتها وبالتالي يمكن إدراجها ضمن هذه الصفة ..وهنا يطرح سؤال الشرعية في الممارسة المسرحية المحلية والتي نريد معالجتها من هذا المنظور ووفق شروط العالمية والكونية حيث تصبح الممارسة المسرحية المحلية مثار سؤال وانتظار للاعتراف بها ، وهكذا نتساءل هل هناك نموذج واحد للممارسة المسرحية حتى نندرج معه لاستقراء عالمية المسرح المحلي من تدرجه ووفق نموذجه هذا أم أن العكس هو الحاصل خاصة وأننا وظفنا مفاهيم التمايز والاختلاف والتكامل والتنوع والتعدد والوحدة الشيء الذي يجعلنا نتساءل أخيرا هل من الضروري أن تكون هذه الوحدة في تنوع وتعدد الممارسات الثقافية عامة والمسرحية خاصة ما دامت هذه الأخيرة تعبيرات عن وجدان الشعوب ومن تمة يكون هذا هو سياق العالمية ؟؟.

2. تحديد المفاهيم :
إن العلاقة الرابطة بين المحلية والعالمية في هذا الموضوع هي المسرح وتعديا لهذه العلاقة الرابطة والداخلة في صلب العلاقة نفسها نجد مفهومي المحلية والعالمية كصفتين دالتين على موقع الممارسة المحددة في الحامل الرابط بين العلاقتين المسرح ، فهل يستطيع تحديد الموقع أن يعطي صفة التمايز والتكامل والاختلاف والائتلاف بما توحد فيهما ، أم أن المسألة مرتبطة بطبيعة الحامل نفسه باعتباره ممارسة ونشاطا يقوم الناس به ويمارسونه تبعا لممارستهم لعملية العمل أي أن الموقع والمنعوت هنا بالمحلية والعالمية يعتبر امتلاء ثقافيا إن لم نقل إنهما مفهومان ثقافيان وهكذا يبرز من خلال هذه العلاقة الرابطة ثلاثة مفاهيم هي المسرح الحامل لصفة ونعت المحلية من جهة ومن جهة آخرى صفة ونعت العالمية ، بما يعني أن طرح مفهوم المسرح ومعالجته لا تستقيم إلا بصفته ونعته حيث يكون علينا إضافة لمفهوم المسرح معالجة وتحديد معنى المحلية ومعنى العالمية وما يمكن أن تتلونان به عند نعته بالمحلية بعد تحديدها والعالمية كذلك بعد تحديدها ، لنخلص في الأخير لمعالجة العلاقة في حد ذاتها والنظر إليها من وجهة النظر القائلة بالتمايز والاختلاف أو التكامل في السياق الناظم لهما والذي هو سياق ثقافي مما يعني أن العلاقة المنظور إليها هنا ستكون من وجهة نظر المثاقفة أو التبادل الثقافي .

2. 1. مفهوم المسرح:
يتحدد مفهوم المسرح وحسب الدراسات والبحوث ذات البعد الأنتروبولوجي من كونه مساحة فارغة تمتلئ بما يؤدى فيها لمؤد هو الممثل والمؤدى له الذي هو الجمهور ولا يهم في هذا التحديد شكل المساحة الفارغة ولا طبيعتها بحيث قد تكون مساحة فارغة في بناية أو في الهواء الطلق كما أن الذي يؤدى لا يهم أن يكون نصا مؤلفا من قبل وجرى إعداده فيما بعد لأن هذا الإعداد هو الذي يدخل في باب الاعتبار مادام ينطلق من تصور دراماتورجي كنص قابل للعرض وهذا الإجراء يعتمد كتقنية درامية في الكتابة النصية سواء كانت هذه الكتابة جاءت من منطلق نص درامي جاهز وهو ما أسميناه بالنص المؤلف أو من الإعداد الدراماتورجي انبثق من فكرة أو تمارين ارتجالية من خلال مواقف وحالات جرى تقديمها لهذه الغاية ، وإن كان هذا هو الأصل والجوهر في المسرح وباعتباره مكان اللقاء الحميمي بين الناس ، فإن معناه يتحدد من جهة أخرى حسب طبيعة العصر الذي يوجد فيه لأن من يصنع هذا العصر هي كيفية ممارسة عملية العمل داخل المجتمع والتي تبقى مشروطة هذه الطبيعة بنوعية نمط الإنتاج والعلاقات الناتجة عنه ومن تمة أساليبه الشيء الذي يعطي إضافات ثقافية بمفهوم المسرح ومن هنا فإننا سنتناول الموضوع المقارن بين النزوع المحلي والعالمي تبعا للتحديد الأول في مفهوم المسرح لأنه مفهوم يوجد ويمارس عند جميع الشعوب كما أننا سنأخذ بالمعنى المعطى لجوهر المسرح في عصره باعتبار التطور الذي أضحت عليه هذه المجتمعات وتبعا لانخراطها في عصرها حيث سيكون عليها الأخذ بهذا المعنى ، ومن هنا سننعت المسرح هنا كفرجة إذ تصنع الفرجة في الممارسة التي كان عليها المسرح في طبيعته الأولى الشيء الذي يفرض علينا إخضاع المقارنة التي نجد لها نعت هذا التطور في المسرح بالمسرح الحديث وهو ما تعرفنا عليه في بداية العشرينيات من هذا القرن بعد أن مارسنا المسرح في بداياته كما هي واردة هذه الممارسة عند كل الشعوب ومن ثمة فإن طبيعة الفرجة المتبناة في المسرح المغربي الحديث كانت ذات أصول قديمة ومترسخة بترسخ وتكون ونشأة المجتمع المغربي ذاته وما خطاطة نسقيته كنظام ثقافي ليست إلا خطاطة ارتسمت في الوجدان الشعبي بدءا من هذه الممارسة الأولى وهنا سنعرف لماذا ظلت الممارسة المسرحية المغربية ذات أصل وبعد ثقافي ولما تم الاحتفاء بمظهرها الحديث من طرف العلماء والفقهاء وبالتالي اعتبارها ممارسة ثقافية الشيء الذي جعل إعادة الاعتبار لها ينطلق من المدرسة ويجعل رموز الحركة الوطنية تنخرط فيها وهذا ماجاءت تأطيرات الاستعمار له مبدعة لهذا البعد الثقافي في المسرح وبالمسرح حيث سيعتمد المسرح كأداة من أدوات تحديث المجتمع المغربي وجعل ممارسته بداية ترسيخ اللغة سواء كانت لغة عربية أو فرنسية عكس ما كان عليه الحال في تجربة الممارسة المسرحية في الشرق العربي والتي جاءت من منطلق آخر رغم أنها كانت في ممارستها الأولى ذات بعد ثقافي يدخل ضمن بنيات مجتمعات الشرق قبل مرحلة الاستعمار الذي عرفته هذه المجتمعات خاصة الاستعمار العثماني.

2. 2. مفهوم المحلية:
أهم ما يعتمد في تحديد مفهوم المحلية هو الخصوصية والتي تعتبر مميزة لما غيرها بحيث يمكننا اعتبارها من جانب آخر تركيز على الإنية عكس الغيرية التي تشير الى الأخر ومن أهم منطلقات المحلية الهوية التي ترجع للتاريخ واللغة والعرق والتي تنتج عنها مجموعة من التقاليد والعادات التي تحدد المحلية وتعطيها خصوصيتها بحيث لا تكون هذه التقاليد والعادات إلا النسق الثقافي المكون لنظامها في الحياة والعيش بحيث يندمج هذا البعد في تحديد الجانب القومي كانتماء حضاري ضمن المجموعات البشرية التي قد تكون لها نفس المنطلقات والتي قد تزيدها المحلية نزعة خصوصية لما درجت عليه في ممارسة حياتها كمجموعة بشرية لها لغتها الخاصة بما يعني أن اللغة المحكية وهنا نقصد لهجتها المنطوقة والتي غالبا ما تكون انحرافا عن النسق اللغوي المشترك في نظام اللغة حيث تظهر اللهجة في تسميات كالعامية أو الدراجة أي ما هو عام ومشترك في التخاطب من كلام أو إشارات ذات طابع لساني يشكل خصوصية المجتمع المحلي بالإضافة لعاداته وتقاليده وهذه الحالة نجدها في المجتمعات العربية أو القريبة منها وفي معالجتنا لموضوع المحلية في المسرح المغربي نجد هذا المعطى اللغوي حاضر بقوة نظرا لطبيعة تداوله وجعله محمولا في العروض المسرحية حيث نعتبر المؤدى في المسرح ينقل هنا بواسطة اللغة والتي هي هنا لغة الكلام في متن الحوار وبنائه وتداوله والذي يحمل النطق به وتلفظه مقامات أولية ومصحوبة بحركات هي عبارة عن هيئات طبيعة تداوله بما نسميه : Astus وضمن طريقة التداول الكلامي تحضر الخصوصية والتي هي كما رأينا جوهر المحلية كما أن أصل الدراما نجد الكلام على حد تعبير نيتشه في معالجته لميلاد التراجيديا عند الإغريق وبنفس المنطق نجد اعتماد الحكاية كأساس للدراما ومعنى الحكاية اللغوي هو القول والكلام ، وبهذا الاعتبار نجد اللغة أساسية في تحديد المحلية رغم أن تجربة المسرح المغربي الحديث أي بعد تعرفه على التجربة المسرحية الشرقية أصبح باللغة العربية الفصحى علما بأن الممارسة المسرحية المغربية السابقة على هذه المرحلة أي قبل العشرينيات من القرن الماضي ومنذ بداية هذه الممارسة المسرحية كانت تعتمد اللهجات المحلية أي ما نعتناه بالعامية أو بالدارجة وهذا ما تمت العودة إليه والتركيز عليه في الأعمال المسرحية المركزة على الفرجة كعودة لهذا الأصل.

وتركيزنا على اللغة هنا كذلك نابع من تركيز المسرح المغربي في ممارسته عموما على البعد الثقافي لأنه أصلا نابع من هذا النسق الثقافي العام وهذا الاعتبار هو الذي جعل الممارسة المسرحية المغربية يحتفى بها وتعتمد كأوالية من أوليات التغيير وتكريس الوعي الاجتماعي لدى الناس في ما خلا من عصور ونفس الشيء سيتم انتهاجه مع زيارة الفرق الشرقية للمغرب كما سبقت الإشارة لترسيخ الوعي القومي العروبي ولهذا ندرك مدى الارتباط بين هذه الممارسة وما كانت تدعو له الحركة الوطنية وجعل الممارسة المسرحية ترتبط بمدارس النهضة كما أن سياسة الحماية الفرنسية ستعتمد هذه الممارسة في العصرنة والتحديث لتوافق هذه الممارسة نهجه في استذماج شريحة من المواطنين ضمن سياسته في فرض استدامة حضوره واستعماره إلا أن هذا سيتقلب عليه لأن الحركة الوطنية لعبت دورها في المقاومة بنفس الأداة : المسرح .

وهناك خصيصة أخرى تنضاف لمحلية المسرح المغربي وتتجلى في الأداء الجسدي الممثل وتعامله مع المكان الذي تجري فيه هذه الممارسة وهذه الخصيصة تتجلى في خفة الحركة وتلقائية الأداء التعبيري نظرا لامتلاك المؤدين هذه التلقائية والمكتسبة من جراء ما تعودوا عليه في أداء طقوس الفرجة المسرحية في إحياء مواسمهم وبعض الطقوس وارتباطها ببعض الفرجات في فنون الأداء والاستعراض خاصة الألعاب الاجتماعية والتي لها عمق ديني طقسي الألعاب البهلوانية لأولاد سيدي احماد وموسى والحفلات التنكرية بمناسبة الاحتفال بعاشوراء وفي حفلات هرمة أو السبع بولبطاين ومناسبات الجذبة والشطح الصوفي في حفلات عيد المولد النبوي وإعادة تشخيص بعض المواقف الدفاعية في الجهاد وهي حركات حربية التي ألفها المغاربة والتي لا زالت تنظم حتى الأن في رقصات أحواش وهوارة والعرفة والكدرة إضافة لطقسية المداح والرواه والمجاذيب في الحلقة أو الذكر لدى كناوة وحمادشة وعيساوة وأولاد سيدي هدي / هداوة وقد تم الاحتفاظ بالكثير من هذه الفرجات والتي استمر أداؤها في المسرح المغربي من خلال عروض لإحياء مناسباتها أو اعتمادها كتقنيات في التشخيص في الكثير من العروض المسرحية والتي تدعمت بوجود فرق خاصة بها مثل مجموعة سيد الكتفي أو مسرح البساط أو مسرح الركب المأخوذ من فرجات اعبيدات الرمى والتي تجلت مرة أخرى في مسرح الكلام حيث تعود اللغة المتداولة في الكلام المنظوم والمعتمد السجع في النصوص الدرامية الحكائية حيث تبرز الشفاهية المنبتقة من النباهة كخصوصية في المسرح المغربي الذي يعتمد من وجهة نظر هاته أنه مسرح اليومي والمعتاد وإن كان يؤدى بغير شكله الحديث والمنبني وفق نموذج المسرح الغربي ذي التقنيات التيكنولوجية المتطورة لأن المواطن المغربي لا زال يستهلكه فيما يعرف في ساحة جامع الفنا بمراكش أو بعض الساحات المشابهة في بعض المدن المغربية بحيث أصبح خاصة في بداية الأربعينات والخمسينات وحتى سنوات السبعينات النموذج الأقرب للممارسة المسرحية المغربية سواء في شقها الاحترافي أو الهاوي قد برز بشكل واضح مع مسرح الهواة وفي حلقات الذكر والرواة .

ومن خصوصيات المسرح المغربي استحضاره لليومي كمعيش حياتي في كل خرجاته وعرضها أمام المتلقي ودعوته للمشاركة فيها باعتبار هذا اليومي هو شأن عام لكل الناس ومن الواجب تداوله وعرضه وإبداء الرأي فيه مما يجعل الممارسة المسرحية هي ممارسة اجتماعية تطرح مثل هذه القضايا والتي تأتي بجمالية بناء العرض ومؤثثاته حتى لو تكلف الأمر بعرض في الهواء الطلق أو بفناء بعض الرياضات أو الدور مع اتخاذ كل ما يلزم من أدوات التنكر وتحديد الشخصيات المؤدية فيه حتى أصبحت بعض هذه الشخصيات مألوفة ومحددة الأـدوار التي ستلعبها بمجرد ظهورها على الخشبة مثل شخصية البوهو ، المسيح ، المداح ، باقشيش ، هرمة ، الرمى ....
إن طابع المحلية في المسرح المغربي وبالمميزات التي ذكرناها تعطيه طابع المسرح الشامل خاصة أن عنصري الغناء والرقص واردة فيه بل إن مفهوم العرض المسرحي يحقق فرجته من خلال هذين العنصرين ، إضافة لتلقائية تقديم هذه العروض الفرجوية مع تحديد جمهوره الذي يتلقى هذه الفرجات بعلم مسبق بمجرياتها لأنها منبثقة أصلا من نشأة وتكون العلاقات الاجتماعية من جراء عملية العمل والتي هي أساس اليومي وحياة المواطنين حيث تعتمل هذه المعرفة كأواليات استعدادية لتلقي الفرجة والبحث عنها والمساهمة في بنائها بالتدخل والتعليق والمشاركة لأن ما يتم عرضه ، أو ما يؤدى للجمهور يعينه ويصب في توجهات حياته .

2. 3. مفهوم العالمية:
تحدد العالمية بأنها تعني النزعة الى افساح الفضاء العالمي بكامله للإنسان ، وإخراج ممارساته وأفكاره وتوجهاته من محيطها الضيق (2) إن هذه النزعة المحددة في هذا التعريف المختصر هي التي نرى التوجه إليها في الممارسة الثقافية عامة والمسرحية خاصة المحلية أو القطرية من أجل خروجها من مجالها الضيق والاعتراف المتبادل بين الدول والأقطار لأنها تصبح بهذا المعنى ايديولوجية المنحصرين محليا (3) ولأن العالمية مناسبة لأولئك الذين يهتمون بأشكال التضامن الإنساني العابر للقوميات من أجل الاختراق العالمي المتبادل بين الثقافات ومختلف الفنون خاصة وأن مفهوم العالمية يقوم على الاعتراف بالخصوصيات لأنها خصوصيات قائمة على الاختلاف ومن ثمة يكون السعي للعالمية هو سعي للائتلاف الذي لا يلغي التمايز ، كما أن بلوغ العالمية يتحدد أساسا من هذا الاحتفاظ بالخصوصيات المحلية غير أن التطورات الحاصلة على المستوى التكنولوجي جعلها تجد مواقع لها في شيوع وانتشار التواصل الثقافي والفني مما جعل محمول هذا التواصل بمثابة ملك لجميع الشعوب إضافة لمصادفة نشأة وتكون الثقافات بما فيها الفنون تكاد تكون هي نفسها في الإنتاج الثقافي والرمزي في اعتبار بعض الخصوصيات التي تنحصر في حضارات معينة ولظروف حياتية معيشة محكومة بنمط الإنتاج وعلاقاته السائدة في كل مجتمع على حدة .

ومن التطورات الحديثة في المساعدة على تيسير الاطلاع وتحقيق التواصل بين الثقافات نجد الرحلات والاسفار التي تضاف إليها حاليا التطورات المعروفة على المستوى التكنولوجي وتدبيرات الفضائيات من أقمار اصطناعية ونقل تلفزي وإن كان عنصر العالمية كما أشرنا الى تعريفه حاضرا فيها بما يعني تحقيق لما تمايزها واختلافها فإن عنصرا أخرا ينضاف بفعل توجهات العولمة التي تحاول أن تجعل من مرحلة العالمية ممهدا لطريق للهيمنة لأن المفهوم الأمثل العالمية/ الكونية لا يتنبأ بحدوث اتحاد أو ائتلاف ..بقدر ما يتنبأ بنشأة كيان ممثل لجميع الطوائف ..(4)، بحيث نجد مفهوم العالمية يرمي الى تأسيس علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون والقبول بالاختلافات في السياسات فضلا عن الثقافات. والعالمية بهذا المفهوم هي مسعى إيجابي تتوق إليه كل الدول لأنها لا تتناقض مع السيادة القومية أو الوطنية <5> وبالتالي تتحقق فيه الهوية الوطنية ويتم التعبير عنها بتوظيف كل الإمكانات التي يتيحها لها التقدم العلمي والتطور التكنولوجي خاصة تقنيات العرض والنقل والإفادة من التراث الشفاهي الإنساني بدون عقدة نقص بالزيادة أو الحدف أو التعديل. .بهذا المعنى نأخذ مفهوم العالمية ونتعامل معه في مقارنة ممارسة المسرح المغربي كمسرح محلي نحو تطلعه للعالمية ، فكيف يمكننا معالجة هذا الموضوعه المحددة في علاقتها بين المحلية والعالمية .

3. مسار تجربة المسرح المغربي:
يمكن معالجة موضوعة المسرح المغربي بين المحلية والعالمية ، انطلاقا من المحلية ذاتها ، لأن هذه الأخيرة هي التي تعطي للمسرح المغربي صفة الوجود باعتبارها ممارسة للوعي الذاتي بهذا الوجود وتعبيرا عنه في تجليات مرتبطة بعملية العمل وممارسة الحياة من جراء المعاناة التي تفترضها مثل هذه الممارسة في المجتمع وأي مجتمع لأن الإنسان لا يحقق وجوده إلا بتحقيق ذاته والتي نجدها تتحقق بالفعل من خلال ممارسة اليومي والتماهي معه من أجل هذه الحياة ، وقد تحقق هذا الوجود بتحقق التعبير عنه في فنون القول والتقاليد والعادات المؤسسة على هذا الفعل الحياتي اليومي كحاجة وضرورة حياتية تجعل الإنسان إنسانا بالعمل والتعبير عنه في صيرورة كينونته الاجتماعية أساسا ولم يشذ المجتمع المغربي في بدايات تكونه ونشؤئه عن هذه القاعدة ، لأن وجودها يحدد بالفعل من نحن ويجعلنا نتطلع لمعرفة الآخر بدءا من معرفة الذات والوعي بها لهذا نجد أن التعبيرات الفنية وتاريخها مرتبط بهذا الوجود والوعي به ما دام الإنسان هنا ممارسا لحياته وفقا الشروط التي تصيغ وجوده هذا وفي إطار العلائق الاجتماعية التي يبنيها انطلاقا من المحددات الاقتصادية وعلائقها وأساليبها بحيث يصبح التعبير الفني هنا مندمجا بالعمل وناتج عنه ليعيد إنتاج نفس القيم والأطر مادامت نسقية هذه الممارسة الفنية نظاما ثقافيا عاما يتم إرساؤه بقوة ممارسة الحياة نفسها والتي وجد الإنسان في غمارها وكأنها بوثقة انصهار للمشاعر والأحاسيس والوجدان الشعبي للناس ، وهنا يكمن خزان الذاكرة الجمعية لهم حيث نسمي هذا الخزان بالتراث أو الثقافة الشعبية والتي تكون جميعها منطلقا وأساسا لأنظمة الفرجة وكيفية تلقيها وبشكل آلي مادام رسوخها قد تم بالفعل من جراء الممارسة الاجتماعية للحياة التي يكون عليها الناس وفي اشتراطات العلائق المنسوجة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ، وبنفس الوثيرة نجد انتظامات الفرجات المختلفة لدى شعوب أخرى تتم ويتم التعبير عنها لأنها تعبير عن نزوع الذات نحو وجودها الفعلي كما أن نفس الأوليات الاستضمارية في تملكها وتعرفها تصبح واحدة مادام الأمر يتعلق بمجتمعات إنسانية كانت خاضعة لنفس شروط الوجود والتواجد.

وهكذا نستنتج أن المحلية تعبير عن خصوصية تحدد الاختلاف وفي نفس الوقت تبرز معالم الائتلاف بما هو مشترك في عمق ترسيخ هذه التعبيرات بحيث تصبح عملية التأثر والتأثير متبادلة بين الشعوب والحضارات والمجتمعات نظرا للتفاوتات التي قد تسجل بفعل التقدم والتطور في شروط الوجود الاجتماعي للناس استنادا على التطور والتقدم الحاصلين في علائق الإنتاج ووسائله وبالتالي كيفية امتلاك أدواته وأساليب إدراته لأن الحياة وممارستها تفترض مثل هذه الخصوصية وهنا يكون التميز والذي يستدعي الرغبة لامتلاكه بفعل قوة الحياة ومغرياتها لتحسين ظروف الوجود الاجتماعي وفي هذا الإطار يمكن أن نتحدث عن نوع من التكامل والتلاقح بالإضافة والحذف أو التعديل وهو ما ينعت بالعالمية لكن الشرط الأساسي لبلوغ هذه المرحلة في تواريخ التعبيرات الفنية وعند مختلف الشعوب تقتضي الارتكاز أولا وأخيرا على المعطى المحلي والذي نجده رافعة لكل نموذج فني تعبيري يغتني ويتطور مادامت التعبيرات الفنية للمجتمعات التي نتحدث عنها هي مجتمعات تاريخية مثل ما هي عليه الحال بالنسبة لمجتمعاتنا ولا نستثني من ذلك إلا المجتمعات المنغلقة والتي تبقى نموذجا لإعطاء صورة للبدايات الأولى في التعبيرات الفنية وكيفية حصولها نظرا للتراكم الفني الذي نشهده اليوم وفي صيغ متعالية عم كان عليه واقع الحال في هذه البدايات ، ويمكننا أن نستدل على ذلك براهن المسرح المغربي وكيف كانت ممارسته تتم قبل هذا الراهن ، كما أن هذا الاستدلال نقف من جهة أخرى على ما آلت إليه الكتابات النظرية الراصدة والمؤرخة للمسرح المغربي والتي توصلها استنتاجاتها والتي تكون في الغالب استنتاجات مقارنة مع نماذج أخرى من المسرح والممارسات المسرحية في تجلياتها الراهنة سواء عندنا أو عند الأخر ، بحيث تذهب هذه الاستنتاجات الى الاعتقاد بأن ما يمارس من مسرح الآخر هو النموذج الذي ينبغي أن يحتذى ويمكن بالتالي اعتباره هو المسرح وغيره مجرد ظواهر أو إرهاصات أولية وهذا الاعتقاد ناتج كذلك من استنتاجات لتقعيدات نظرية ركز فيها أصحابها على تراكمات في الممارسة المسرحية لديهم وقد جاءت هذه الاستنتاجات التقعيدية من طبيعة الاشتراطات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تولدت في إطارها مما يجعلها استنتاجات ذات خصوصيات محلية أكثر منها عالمية أو كونية.

في حين أن شرط العالمية كما نرى لا يمكنه أن يتحقق ويتأسس إلا انطلاقا من عتبته الأولى والتي هي المحلية أي الخصوصية التي لا تفترض الاطلاع عليها وتعرفها كتقليد بل الإفادة منها بالإضافة والحذف والتعديل تساوقا مع مؤسسات البدايات الأولى لكل ممارسة مسرحية ومنها تحققاتها الفرجوية لأنها وكما رأينا تحقيقات الوعي بالذات وتعرفها وفق نسقية نظامها الثقافي العام الذي تبلورت فيه . علما بأن كتاباتنا النظرية في البحث عن صيغ مسرحية جاءت بدوافع ثقافية أخرى كإضافة للوعي بالذات وتعرفها مما يجعل هذه الدوافع في أحسن الأحوال إضافات أو تعديلات للصيغة الأولى شرط أن تبقى في عرف التأسيس الأول ونقصد هنا التعبيرات الفنية المكونة للفرجة المسرحية من هويتها ويجعلها بالتالي إنتاجا مسرحيا خاضعا لنسقية نظام ثقافي أخر يغلب عليه التقليد والتقليد الأعمى وهو إنتاج فني مسرحي بالمغرب وليس مغربي المنبت والهوية على كل حال ، ونفس الصياغة نجدها كذلك فيما يعتبر رجوعا للتراث واستنكاف له الى حد الإغراق الشيء الذي يجعل الفرجة المسرحية الناتجة عنه محكومة بمنظور الجمود غير المتطور لأن حياة المجتمع نفسه هي نفس حياة الفاعلين فيه والمحركين له وهنا سيكون هذا المجتمع مجتمع غير تاريخي أي أنه مشروط بماضيه ومقيد بهذا الإشراط والذي لا يمكن فيه الحديث عن المحلية بمفهوم الديناميكية المتطورة لهذه المحلية والتي تعني بالأساس ترهينات الحاضر ومستجداته دون نسيان أن الماضي كان يسكن هنا وفي هذه الترهينات بشرط الانطلاق من الحاضر واليومي هنا والآن ، ولعل الكتابات النظرية في المسرح المغربي كانت مشدودة في منطلقاتها لهذا النزوع وإن كان نزوعا يقربها في حالات كثيرة من لحظة الوعي بتاريخية الممارسة المسرحية المغربية إلا أنها بقيت منشدة لهذه التاريخية ولم تنفصل عنها باعتبار الخصوصية هنا تميزا في حين أن الخصوصية لا تعطي التميز إلا بالانفتاح على التجارب الأخرى والتلاقح معها ، انطلاقا من هذه الخصوصية وليس العكس ،ـ لأن العالمية إضافة للمحلية وتعديل وحذف انطلاقا من المحلية ، وفي هذا الصدد نستشهد بتصريح الفنان الطيب الصديقي في إشارة منه لتوجيهات أستاذه ومؤطره المخرج الفرنسي جان فيلار عند ما كان في دورة تكوينية في فرنسا ضمن بعثة مغربية حيث نصحه جان فيلار بنسيان كل ما تعلمه بفرنسا والبدء مما يوجد من فرجات بالمغرب (5) وبالطبع فإن الطيب الصديقي سوف لن ينسى التقنيات الحديثة التي تعلمها وتمرس عليها بفرنسا وكذلك لن ينسى افتراضات البناء الدراماتورجي لنصوصه الدرامية والتي وإن كانت مستلة بل مأخوذة من التراث الثقافي المغربي أو العربي ، بل سيضيف إليها ويعد لها بما يتوافق مع المقتضيات الفنية والتقنية للعرض المسرحي المغربي هنا والآن ، وهذا ما نشاهده ونستمتع به من فرجات مقامات سوق عكاظ ، بديع الزمان الهمذاني ، وليالي أبي حيان التوحيدي وديوان سيدي عبدالرحمان المجذوب والبساط (6)لأنها تراثات جاءت بصياغة دراماتورجية كنصوص نشاهدها نحن هنا الآن والتي جاءت كعروض مسرحية تحقق الفرجة بملمحها العالمي رغم أنها كانت في الأصل فرجات ترتكز على الوجدان الشعبي للناس وتنشد ذائقته المعاصرة لا لشيء إلا أنها تستهدف جمهور اليوم في حاضره .

4. منافذ المحلية على العالمية في المسرح المغربي:
إن أولى منافذ المحلية على العالمية في المسرح المغربي تتجلى لنا في المحلية ذاتها باعتبارها خصوصية تعطى للمسرح المغربي هويته وتعتمد بالدرجة الأولى ما أعطى لهذا المسرح الفرجة في بنائها وكيفية تلقيها وانبناؤها وصياغتها كتعبير فني استعراضي أدائي مما يحقق فرجويتها أنها جاءت نتيجة لنسقية النظام الثقافي العام وكيفية تشكله في الوجدان الشعبي بحيث لا يمكننا في إعادة إنتاجه الآن إلا الحفاظ على هيكلته وإعادة إدماجه بما يعطيه تحقيق إنتاجه كفرجة بالمعطيات التقنية الحديثة في بناء العرض المسرحي وفق الأحياز الزمنية والمكانية التي تشعر متلقيها بحميمية اللقاء وهنا لا ندخل في الاعتبار نوعية الحيز المكاني من قاعة وحلقة بقدر ما يكون اعتبارنا منصبا على تحقيق الفرجة والاستمتاع بها (7) ضمن هذه المحافظة الهيكلية تأتي الإضافة والحذف والتعديل كإجراءات تقتضيها راهنية الفرجة ومتلقيها في المسرح اليوم وبطبيعة الحال ستكون هذه الإضافة والتعديل والحذف مستقاة من مألوفية المشاهدة التي أصبح عليها الجمهور اليوم خاصة وأن هذه النمطية في التقبل والتلقي أصبحت تفرض بالقوة وجود ما يوصلها إلينا وهنا نقصد التقنيات التكنولوجية وتطورها وسهولة امتلاكها والحصول على آلياتها بحيث يكون الوعي بأبعادها هو المحصن لتوظيفها التوظيف الإيجابي والجمالي والفني لا التقناوي فقط وهذا الوعي يقتضي المعرفة والتكوين مما يجعلنا ننفتح على كل الثقافات والتموقع فيها من منطلق ثقافتنا والتي رأينا أنها نظام ثقافي عام تساوق ووجودنا كذات وهوية وكيان له خصوصيته ومعايشته الحياتية الخاصة .

4. 1. الممثل والتعبير الجسدي:
يمتلك الممثل المغربي إمكانيات كبيرة وقدرة عالية في التحكم في جسده حتى أصبح الأداء التمثيلي لديه ألية وذلك لما جبل عليه من أداءات تمثيلية في رقصاته وأغانيه للتعبير عن لحظات الفرح والغضب والاندهاش ، خاصة وأن هذه الأداءات معروفة لديه ومتعود عليها نظرا لطبيعة الطقوس الدينية والاجتماعية التي يكون حاضرا فيها حضورا تعبيريا وقد زاد هذا الامتلاك خفة روحه ومرحه اللذين آنسهما في نفسه ، وكل ما يفيد على المستوى العالمي هو إبراز هذه القدرات وهده الآلة التمثيلية التي يمثلها جسده وقد توضح هذا الاعتراف عندما حضر أندري فوازان المؤطر الفرنسي إحدى الدورات التكوينية للممثل في المغرب حيث أبدى دهشته لهذه الطاقة التعبيرية الجسدية التي ينطوي عليها الممثل المغربي وكل ما أشار على متدربيه به هو عنصر الانتظام والنظام لمعرفة هندسة الخشبة فقط وكيفية التموقع فيها (8).

4. 2. الموضوعاتية أو القوالب الحكائية:
إن عنصر الموضوعات حاضر في كل الفرجات التمثيلية التي كان يؤديها المغاربة ويتلقونها في العروض المسرحية المنظمة في حفلات الرقص والغناء والمستقاة من التراث الشعبي والتي جعلت المعطى الدراماتورجي في بنائها ومعالجتها متمثلا لدى المغاربة ورغم ذلك فإن هذا المعطى وإن كان معطى أساسيا في بناء العرض المسرحي فإنه يعتبر مطية وذريعة للتلقيح بالإضافة والإغناء والتعديل والحذف وقد كان بمثابة المدخل الذي جعل الكتابة الدرامية المغربية تنفتح على العالمية خاصة وأن هذا الجانب قد تم إغناؤه بما استطاع المسرح المغربي الإفادة منه عندما زارت المغرب في بداية القرن التاسع عشر فرقا مسرحية من الشرق خصبته بالبعد القومي العروبي علما بأن الممارسة المسرحية المغربية آنذاك كانت قد ارتبطت بالمنطلقات الفكرية للحركة الوطنية مما جعل هذه الممارسة تخرج في ظهورها الأول للالتقاء بالجماهير ، ولم يعد ارتباطها كما كان في الماضي بالحرفيين والصناع التقليديين فقط إلا كلحظة البداية المنظمة للفرجة والتي كانت قد تبلورت مع فرق شعبية كان همها هو إحياء المواسم والاحتفال بالأعياد والمناسبات الموسمية خاصة في قطاع الإنتاج الزراعي لتكون أقرب من مصدرها ووعيها النابض في الوجدان الشعبي ، بحيث كان التعود فيها على طرح قضايا الناس وهمومها حافزا في مرحلة قدوم الفرق المسرحية العربية المشرقية حاملا هموم وقضايا قومية في شروط الوجود الاستعماري، ونعتبر الانطلاقة الأولى لهذا الانخراط في الشأن المحلي والقومي مع المسرح الشعبي التلقائي والعفوي والذي سيكون معطاه هذا منطلقا للانفتاح على القضايا الإنسانية العالمية عامة خاصة مع مسرح الهواة في السبعينيات من القرن الماضي.

بل إن ميلاد النص الدرامي المغربي سيتم خلال هذه الفترة بهذا الاعتبار مع الكاتب المبدع عبدالسلام الحبيب ومن بعده ستتوالى الإنتاجات الدرامية المسرحية بالمغرب ، إن لم نؤشر لهذا الميلاد بمسرحية الأكباش يتمرنون مع أحمد الطيب لعلج والطيب الصديقي بحيث كانت هذه النصوص ووفق تقنياتها في الكتابة الدرامية مغربية صرفة بحيث حققت إعلانا لوجود ممارسة مسرحية متميزة لا ينقصها إلا هذا الاحتكاك والذي ستتوالى تجاربه مع الاقتباس والاستنبات والتحوير أو الاعتماد الكلي على نصوص درامية عالمية مثلما هو الشأن مع أرستوفان وشكسبير وبيكيت ويونسكو وبرتولد بريخت ومع سترفاس (9)، إن هذا الاعتماد على الريبرتوار العالمي وتقديمه للجمهور المغربي يقصد به التعرف المباشر على التجارب المسرحية الأخرى لأن هذا التعرف يفيد التجربة المسرحية المغربية في الانفتاح على هذه التجارب خاصة وأنها تقدم باللغة العربية الفصحى أو باللغة العامية وتؤدى بإخراج وأداء ممثلين مغاربة مما يجعل الجمهور في إطار هذه التجربة المسرحية العالمية رغم أن الإخراج بصفة عامة يخضع لتصور محدد تعيد صياغته الإعدادية الاقتراحات الدراماتورجية التي تعتمدها قراءة المخرج وتصوره ومن حسن حظ المسرح المغربي أنه انفتح على هذه النصوص الدرامية العالمية انطلاقا من اقتراحاتها الدراماتورجية هي وبالشكل الذي تمت به في عصرها للإطلاع على التراث المسرحي العالمي من منابعه .

4. 3. الاقتباس:
إن ما تحيلنا عليه لفظة الاقتباس هو الأخذ لأن المصدر هنا يعيدنا الى أصل الفعل قبس الثلاثي وضمن هذا المعنى نجد ما سبق وأشرنا إليه في رفد وإغناء التجربة المسرحية المغربية بحيث لا يعني الأخذ هنا التعديل أو الإضافة أو الحذف ، مادام معنى اقتبس في صيغة الفعل قبس المزيدة لا تؤدي للأخذ الكلي بل الجزئي حيث يخضع المعنى هنا للانتقاء والاختيار حسب الحاجة وغالبا ما تتم عملية الاقتباس وتنحصر في النص الدرامي والكتابة الدرامية ومعطيات النص الدرامية كثيرة ومتعددة المقومات وما ركزت عليه التجربة المسرحية المغربية هنا هو تجارب بعض الأنواع المسرحية مثلا تجربة موليير في المسرح الفرنسي ونحن نعرف المنحى الكوميدي الاجتماعي في مناولات هذا المسرحي الشيء الذي يجعلنا ننفتح على التجربة الاجتماعية المغربية من وجهة نظر انتقادية ساخرة وبذالك تكون الكوميديا كنوع وتوجه حاضرة في عملية الاقتباس خاصة انتقاد بعض النماذج والشخصيات الاجتماعية وبعض الظواهر المشينة في السلوك الاجتماعي وقد تم الاستغراق في هذه التجربة الى الحد الذي تم انتقادها ونعتها بموليير في الجلباب المغربي وهذه الإشارة القوية لتجربة عطاء وكيل (10) في بداية الخمسينات مع المسرح المغربي لكن الأساس في هذا الانفتاح هو التعرف على كيفية بناء الشخصية الكوميدية وكما تتم في واقعها الاجتماعي وفي هذا التعرف انتقال نوعي من نموذج كوميديا التعواج في بعض فكاهيات الكوميديا المغربية ذات الأصل البدوي والارتقاء بها من طابعها الشفاهي المبني على القول والأداء ، رغم أن نموذج موليير في مثل هذه الشخصيات يبقى نموذجا محكوما بظروف المجتمع الفرنسي والبورجوازية الفرنسية وهنا تقع المفارقة ويأتي معنى الانتقاد المنعوت بموليير في الجلباب المغربي (11).

ولم تتوقف تجربة الاقتباس عند موليير في المسرح المغربي بل توجهت توجهات مختلفة بحيث مست المسرح الملحمي والمسرح التعليمي والمسرح التسجيلي وكذلك مسرح اللامعقول بحيث لم يعد الاقتصار على النصوص الدرامية بل وصل الى حد بناء العرض المسرحي وتقنيات الأداء التمثيلي وهنا سنتعرف على ما تعكسه بعض الكتابات النظرية والتي يدعو أصحابها لاتجاهات مسرحية هي في الأصل اقتباسات تدل على التسمية ، تسميات أصحاب هذه الاتجاهات أصلا ، ورغم ما يؤخذ على هذه الكتابات النظرية وما يوجه إليها من انتقادات فإنها قد كانت ذات إيجابيات ملحوظة على مستوى البحث والدراسة والتعرف على تجارب مسرحية عالمية أغنت وطورت الممارسة المسرحية المغربية انطلاقا من موقع الممارسة وليس العكس لأن أصحاب هذه التنظيرات ظلوا مرتبطين بالتاريخ وبالتراث كمحددات للوجدان الشعبي رغم بعض التحذيرات التي تقتضيها توجهاتهم المقتبسة وكل ما أطروا به تنظيراتهم في هذا الإطار هو البعد الإيديولوجي والموسوم هنا بنعت العربي والقومي من منطلق الخصوصية السياسية التي كان يحملها الخطاب السياسي العربي النهضوي .

4. 4. الاستنبات:
يعتبر مصطلح الاستنبات (12) مصطلحا محدثا في المسرح المغربي واستحداث هذا المصطلح إشارة قوية على التدليل لما يعتمده الممارسون المسرحيون المغاربة في تطوير تجربتهم وإغنائها بالانفتاح على النصوص الدرامية العالمية خاصة وأن مصطلح الاستنبات يعني زرع نماذج من شخصيات لها محدداتها في واقع تجربتها المسرحية ودلالتها في ثقافتها إلا أن مصطلح الاستنبات يريد أن يجعلها تدل على نموذج مغربي رغم أن سياق هذه التجربة لا يحتمل مثل هذه النماذج والشخصيات بخلاف ما نجده في تجربة الاقتباس والتي قد تنحصر في فكرة أو موضوع أو تلبيس شخصية من الشخصيات المقتبسة بلبوس مغربي مثلما تم انتقاده سابقا في التجربة المولييرية ، إذن الاستنبات هو اعتماد مقصود ومباشر لمواضيع وشخصيات غريبة عن سياق مسرحنا لهذا جاء التدليل بهذا المصطلح على هذه الواقعة بكل ما يقتضيه هنا التدليل من دقة وعلمية وموضوعية في تحديد المرجعية المعتمدة في هذا الانفتاح على المسرح العالمي ، وقد جاءت المسرحيات المعتمدة هذه الصيغة تدل بشكل واضح على ما ذهبنا إليه في أن المحلية هي العتبة الأولى للمسرح المغربي نحو العالمية خاصة وأن مفهوم الاستنبات يعني الحفاظ على الإطار العام التي تندرج فيه التجربة المحلية للمسرح المغربي بحيث لا يظهر أي نشاز في زرع ومصل المسرح المغربي بها لأنها تدخل في نسيجه الدرامي وكأن الفرجة المحدثة والناتجة من جراء عملية الاستنبات لا تعني أنها غريبة عن سياق هذه التجربة وبذلك يكون مصطلح الاستنبات وبهذا الاعتبار الاحترازي رافدا للمسرح المغربي وجاعلا له في صلب العالمية ومن موقع محليته وليس العكس لأن ما نشاهده بعد ذلك هو نفسه المسرح المغربي وليس العكس .

4. 5. التحوير:
وهو ما نسميه بعملية التكييف وهي عملية تنصب على تغيير سياق النص الدرامي وجعلها تأخذ مسارا جديدا يتوافق مع الجمهور الذي توجه إليه وقد تمس عملية التكييف هاته المستوى الفكري الذي تكون عليه طبيعة الكتابة الدرامية وجعلها في متناول المتلقين الجدد كما أن عملية التكييف تعني الحذف أو الإضافة وفق ما يناسب السياق الجديد للكتابة الدرامية وقد تراعى فيه خصوصية المحلية ، حيث تكون المحلية هي المتحكم في بنائه وتحديد سماته العامة مع الحفاظ على النكهة الخاصة للنص الدرامي الأصلي مما يدل عليه وكأن عملية التحوير شبيهة لعملية الاستنبات إلا أن هذه الأخيرة لا تحمل في طياتها ما يستدل به على أصل النص الدرامي الأصلي اللهم الإشارات والتوضيحات التي يقتضيها التقديم وكأن التحوير مرة آخرى يعني ذلك التركيب المقصود في النصوص الدرامية المتجاورة التناص أو التطريز وكأن العرض المسرحي الحامل للنص المحور أو الخاضع لعملية التحوير عرضا مسرحيا مرتكزا على نصين دراميين متداخلين في بنية درامية واحدة وهذا ما يتكفل به الدراماتورج وبلوغ هذا المستوى في التعامل مع النصوص الدرامية العالمية يفترض كفاءة متقدمة ومتطورة لاستيعابها للأرضية المراد تحوير النص الدرامي العالمي في إطارها ، أي أن المحور الدراماتورج يجب أن يكون بالضرورة ممتلكا لأدوات اشتغاله .

خلاصة واستنتاجات:
5. 1. نلاحظ مما تقدم أن عالمية المسرح المغربي نابعة من محليته والتي هي بمثابة الإطار المرجعي لهذه العالمية ، لأنها تعبر عن هويته وانتماء ثقافي محدد ، كما أن هذا الانتماء يفسح المجال لاستيعاب الاخر والتعبير بلغته عن محليته وخصوصيته كمسرح وطني خاصة وأن المسرح المغربي تشهد تاريخيته بأنه مسرح منفتح على ثقافته ويعتبر رأس الرمح في هذه الثقافة التي جاء انبنائيا منها وفيها .

5. 2. كما أننا نستنتج كذلك أن الإضافة والتعديل والحذف فيه من أجل استيعاب مسرح الآخر ولا تمس فقط إلا الجانب الدرامي فيه أي الجانب غير المرئي وهو ما نعبر عنه محمول العرض ومنطوقه الكلامي باعتباره منطوقا يتم تقديمه وعرضه بمستلزمات ومقومات الفرجة المغربية .

5. 3. ونضيف الى هذا الاعتبار ما يتعلق بالجانب التقني في التمثيل وبناء العرض وتحقيق الفرجة ما دامت هده العناصر التقنية هي عناصر مادية صرفة لا تمس جوهر الحركة وامتلاءاتها في الأداء والتعبير الأدائي في التمثيل مما يعني أن صيغة الفرجة المسرحية ليست صيغة شكلية فقط بل هي جوهر هذه الفرجة وروحها .

5. 4. إن عالمية المسرح المغربي نابعة من محليته فلا سبيل لتحقيقها إلا من هذه المحلية لأنها تعتمد بالأساس كل المعطيات التي تحقق الفرجة المسرحية وتنبني عليها ، كما أننا يمكن أن نستدل عليها من معطى معنى الفرجة ذاتها والتي أصبحت معطى محصلا لما وصلت إليه تحولات الممارسة المسرحية العالمية ، ونحن هنا نسترشد بما حققته معنى الفرجة في مسرحنا انطلاقا من تاريخ تكون هذه الفرجة والتي لا زالت حاضرة في وجداننا الشعبي وكأنها نحثث اليوم فقط ، وهذه النتيجة يمكن أن نستشهد فيها بما ذهبت إليه الناقدة والباحثة الفرنسية الجنسية والألمانية الأصل أن أوبرسفيلد في كتابيها اقرأ المسرح ومدرسة المتفرجين، واللذان تبرز فيهما أن أساس المسرح هو الفرجة وكيفية بنائها وتلقيها ، وهذا ما أعاد التأكيد عليه تلميذها ومساعدها الناقد والباحث الفرنسي باتريس بافيس في كتابه أصوات وخشبات ولعل تجربة المسرح المغرب في سياقها التاريخي قد أعطت الدليل على هذا المسار الذي آلت إليه الفرجة المسرحية العالمية اليوم .

5. 5. وتجربة مسرح فضاء اللواء للإبداع تنحو هذا المنحى والذي لا يعني إلا ارتباطا بما يحقق للمسرح مسرحته وهنا نجد النص الدرامي عند هذه الفرقة ليس نصا جاهزا بل نصا معادا في صياغته الدراماتورجية إذ لا يعتبر كذلك إلا بما يتحقق في العرض المسرحي ، كما أن الاشتغال في العرض هو نفسه الاشتغال في النص والذي لا يصبح ملكا للمؤلف إلا كأفكار وعلامات تدل على المؤلف الذي يكون قد انتهى ليبدأ الدراماتورج والمخرج والممثل والمتفرج ونفس المسار هو الذي تحكم في الممارسة المسرحية المغربية والتي نراها بدأت محلية وظلت كذلك كحوامل لمؤثثات النص الدرامي والذي هو في الحقيقة نصوص مقتبسة ومستنبتة ومحورة وكلمة الفصل في صياغتها هي الإعداد الدراماتورجي لأن ما يهمنا في الإعداد هو الفرجة هذا الاقنوم الذي ترتكز عليه التجربة المسرحية المغربية وهو أقنوم جدير بأن يمثل مدخلا من المداخل العالمية للمسرح المغربي .

* باحث مسرحي من المغرب


1- د.عبدالهادي بوطالب " نحو عولمة أخرى أكثر عدلا وإنسانية" مطبعة دار النشر المغربية الدارالبيضاء-ط1/2004.
2- نفس المرجع ، ص9.
3- مجلة الثقافة العالمية عدد113/يوليوز2003: بين الكونية والدولية - نقد الفكر السياسي الكوني ، بقلم ليموثي برنان -ترجمة محمد علي ثابت.
4- نفس المرجع السابق .
5- نفس المرجع السابق .
6- الطيب الصديقي حوار في مجلة الآداب البيروتية عدد1/2 سنة 1987 مارس السنة 35.
7- قبل أن يشرع الطبي الصديقي في إنجاز أعماله الأخيرة والتي ركز فيها على البساط كان قد أنجز مجموعة من الأعمال المسرحية اعتمد فيها على ريبرتوار المسرح العالمي من سنة 1954 الى 1964.
8- أندري فوازان مداخلته حول تجارب المسرح الشعبي في المغرب - كتاب مسرح اليوم مطبوعات المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي ، باريس 1988.
9- نشير في هذا الصدد لتجربة مسرح اعبيدات الرمى المعروف بمسرح الركب لاعتماده على فرقة مكونة من المغنين والراقصين والممثلين حيث يقدمون فرجاتهم أمام الجمهور والتي تبدا عادة بالغناء والرقص وتنتهي بتقديم مجموعة من المسرحيات الكوميدية القصيرة الشبيهة والى حد كبير بمجموعة من النمر يكون الهدف منها عرض حالات اجتماعية والسخرية من بعض المواقف التي يكون عليها المجتمع .
10- قدمت مجموعة من جمعيات مسرح الهواة هذه النصوص كما هي ، نشير هنا لمسرحية القاعدة والاستثناء التي قدمتها جمعية مسرح الباسم سنة 1974، ومسرحية ماراصاد وأنشودة أنغولا التي قدمتهما جمعية السلام البرنوصي .
11- نستبعد من هذا المعنى تجربة المسرح التجاري المغربي والتي تعتمد بعض المسرحيات العالمية كقوالب وصيغ مسرحية لتقديم فرجاتها مع مسرح الحي ومسرح الثمانين .
12- الاستنبات فعل ثلاثي الأصل نبت ، واللفظة المصدر للفعل المزيد السداسي ، تعني الزرع والمصل كلفظين قريبين من معنى الإدخال وأول من استعملها بهذا المفهوم هو المسرحي محمد قاوتي في تجربته مع مسرح اليوم في مسرحية بوغابة والتي هي في الأصل مسرحية بونتيلا وتابعه ماتي لبرتولد بريخت .