«وجدة» السعودية تصل بدراجتها الى قارة استراليا

محمد يحيى جمال

 

المخرجة السعودية هيفاء المنصور، أقيمت لها، مؤخرا، ندوة حوارية في قاعة شركة «آبل» في وسط مدينة سيدني على إثر عرض ناجح لفيلمها «وجدة» ضمن مهرجان سيدني السينمائي. وكانت قاعة السينما الرئيسية قد غصت بالأستراليين والعرب من عشاق فن السينما الذين دأبوا على حضور المهرجان الذي يقام سنويا في شهر حزيران/ يونيو. ويحتفل المهرجان هذه السنة بالدورة الستين لواحد من أبرز مهرجانات السينما على مستوى العالم.

على الرغم من أن السينما الأسترالية ليست من السينمات العالمية، ولم تشتهر بمدرسة خاصة بها، إلاّ أنّها تتمتّع برصيد كبير من ناحية وجود الممثلين والمخرجين والمنتجين وبعض الأفلام الناجحة عالمياً.

هيفاء المنصور التي درست الأدب في الجامعة الأميركية بالقاهرة، ثم درست السينما في جامعة سيدني، قدمت فيلمها «وجدة» الحائز على جوائز خارج بلدها السعودية، وفي مهرجانات عربية وعالمية عدة. الفيلم بفكرته البسيطة وإخراجه الذي تم في ظروف غير عادية في المملكة التي تحظر فن السينما عموماً، ودُور السينما خاصة، يطرح أسئلة حول دور المرأة في المجتمع المحافظ والصراع بين الأصالة والحداثة، من خلال قصة الطفلة «وجدة» التي تريد أن تقود دراجة، فتصطدم بتقاليد ليست قديمة فحسب، ولكن مغلوطة فيما يتعلق بكيان المرأة.

سينما المرأة
في الندوة التي أقامتها إدارة مهرجان سيدني للمخرجة استمع الحضور إلى أسئلة المشاهدين الذين عبروا عن رضاهم وتشجيعهم لأول مخرجة سعودية وأول فيلم يتمّ تصويره بالكامل داخل المملكة.

بدورها، أجابت المخرجة عن أسئلة الحضور الذي مثّلت السيدات فيه الغالبية، وتراوحت الأسئلة بين التشجيع والاستفسار وشيء من الغمز. بعض الأسئلة تطرقت إلى فلسفة الإخراج وتناول جوانب تتعلق بصناعة فيلم في ظل ثقافة محافظة وبأساليب فنية محظورة، أساساً، في بيئتها، وقد تبدو بالتالي غير مقبولة. وتناولت المنصور الملاحظات بهدوء واعترفت بصعوبة التحدي الذي يواجهها في إخراج عمل فني في بيئة تبدو للتو آخذة في الانفتاح، وإن كان ذلك بصورة بطيئة، وأشارت إلى أنها تنظر إلى السينما الإيرانية كنموذج ناجح لفن سينمائي ينتج في إطار الثقافة المحافظة.

أما عن السؤال حول ترجمة الفيلم إلى الإنكليزية ليعرض في مهرجانات دولية، خصوصا مع عدم وجود جمهور سعودي، الأمر الذي يعرقل رواج الفيلم داخل بيئته العربية، فرأت المنصور أن الفيلم بموضوعه البسيط يخاطب الجمهور العالمي، إلاّ أنها، ولاعتبارات محليّة، ضمّنت عملها بعض الإشارات الخاصة الموجهة إلى المشهد السعودي. وتلك الإشارات والمعاني لم تترجم إلى الإنكليزية. وعلى رغم قصته البسيطة، إلاّ أنّ الفيلم يبحر في الخصوصية العربية الإسلامية التي تشكل تحدياً كبيراً أمام أي ترجمة لحواراته.

ترجمة الأفلام
وبالنسبة إلى مهنة ترجمة الأفلام، وعلى الرغم من رواجها في المنطقة العربية لأكثر من ثمانين عاماً، إلاّ أنها لا تدرّس جامعياً ولا تتم مناقشتها أكاديمياً. وفي معظم الأحوال تكون الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية. وفي حالات قليلة تتم ترجمة الأعمال الفنية العربية إلى اللغة الإنكليزية وهنا وجه الخطورة. فالترجمة ليست بالبساطة التي يظنها المترجمون، فهي ليست مجرد إضافة سطرين إلى الفيلم، وإنما هي عملية نقل معقدة تأخذ في حساباتها الصورة والصوت والفكرة والبيئة والثقافة قبل أن تقرّر خطة العمل واستراتيجية انتقاء الكلمات الإنكليزية. الترجمة يمكن أن تنقل الفيلم إلى أرفع مرتبة أو أن تقلل من فرص نجاحه. وفي هذا السياق أشارت المخرجة إلى أن الترجمة تعتبر، بالنسبة إليها، جانباً مهما سوف توليه الرعاية والاهتمام في أعمالها المقبلة. ويحتفي مهرجان الأفلام العربية بفيلم «وجدة» في ضاحية «باراماتا» في سيدني حيث توجد جالية عربية كبيرة.