يقدم الباحث المصري في هذه القسم من دراسة أشمل، مدي تجذر مجموعة من أنماط التفكير والتصور البدئية في الثقافة العربية، وتمترسها في اللغة والمعتقد الشفهي والديني معا، وقدرتها على مصادرة التفكير العقلي.

صحراء الزمن

وائل فاروق

 

(1) طين وحجارة

قبل ما يزيد على ثلاثة قرون من ظهور الإسلام دار حوارٌ بين كسرى ملك الفرس والنعمان بن المنذر ملك آل غسَّان، في هذا الحوار عدَّد "كسرى" فضائل الأمم ومظاهر تحضُّرها من بناء المدن، ومعرفة العلوم والطب والحساب والصناعة والانتظام في مجتمعات تحكمها الأديان وتُدَبِّر شؤونها الملوك، ثم جاء للعرب فقال: "ولم أرَ للعرب شيئًا من خِصال الخير في أمر دينٍ ولا دنيا، ولا حزم ولا قوة مع أنَّ مما يدلُّ على مهَانتها وذُلِّها وصِغِر همَّتِها، مَحَلَّتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة والطير الحائرة، يقتلون أولادهم من الفاقة، ويأكل بعضهم بعضًا من الحاجة، قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها، ومشاربها ولهوها ولذَّاتها، فأفْضَلُ طعامٍ ظَفِرَ به نَاعِمُهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السِّباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها، وإن مرى أحدهم ضَيفًا عَدَّها مَكْرُمة، وإن أُطْعِمَ أَكْلَة عَدَّها غَنِيمة، تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم، ثم لا أراكم تَستكينون على ما بكم من الذِّلة والقلة والفاقة والبؤس، حتى تفتخروا وتريدوا أن تنزلوا فوق مراتب الناس"

فأجابه النعمان بأن العرب يفضلون كل الأمم التي ذكرها وذلك لعزهم ومَنَعَتهم، "فلم ينل منهم نائل، حصونهم ظهور خيولهم ومهادهم الأرض وسقوفهم السَّماء، وجُنَّتهم السيوف، وعُدَّتهم الصبر.  إذ غيرها من الأمم إنما عِزُّها الحجارة والطين وجزائر البحور" ثم يمضي النعمان مُفْتَخِرًا بحسن وجوه العرب وشدة كرمهم على فقرهم الشديد ووفائهم الشديد وإن كان فيه هلاكهم واحترامهم لشعائر دينهم فلهم أَشْهَر حُرُمٌ وبلد مُحَرَّمٌ وبَيتٌ مَحْجُوجٌ ثم يأتي على ذكر ما يميز العرب على غيرهم من الأمم فيقول وننقل هنا نَصَّ كلامه: "وأما أنسابها وأحسابها، فليست أُمَّة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيرًا من أوَّلها حتى إنَّ أحدهم لَيَسْأَل عمن وراء أبيه فلا ينسبه ولا يعرفه وليس أحدٌ من العرب إلا يسمي آباءه أبًا فأبًا، حاطوا بذلك أحسابهم، وحَفِظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه ولا يَنْتَسِب إلى غير نسبه، ولا يُدَّعى إلى غير أبيه"... وأما حكمة ألسنتهم فإن الله تعالى أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه، مع معرفتهم بالأشياء وضربهم للأمثال، وإبلاغهم في الصفات ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس ... وأما قولك أيها الملك: يئدون أولادهم، فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفةً من العار وغيرة من الأزواج ... وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضًا، وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم، فإنما يفعل ذلك (أي الانقياد لرجل يسوسهم) من يفعله من الأمم إذا أَنِسَتْ من نفسها ضعفًا وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزَّحف، وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بَيْتٍ واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم، فيُلقونَ إليهم أمورهم، ويَنْقَادون لهم بأذِمَّتهم، وأما العرب فإن ذلك كثيرٌ فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكًأ أجمعين"(1).

أول ما يُلْفِت النظر في هذا الحوار أَنَّ مَضْمُونه ظلَّ يتكرر في مصادر التراث العربي المختلفة، وفي أعمال الباحثين المعاصرين، في مدى زمني يزيد على ثمانية عشر قرنًا من الزمان.  هذا الحوار إذن بمثابة "نسخة أصلية"، نبع تجري روافده في حقول المعرفة المختلفة عبر القرون.  لذلك سنكتفي بمثالين، أحدهما تراثي والآخر حديث، وسنشير إلى باقي المصادر في الهامش حتى لا نسقط في بئر عميق من التكرار.(*)

جاء في مقدمة ابن خلدون (1332 – 1406م) مؤسس "علم العمران": إن العرب طباعهم جافية هي إلى الطباع الحيوانية أقرب، فهم ينزلون من الأهلين منزلة المفترس من الحيوانات العجم وهم ـ لطبيعة التوحش الذي هم فيه ـ أهل اِنتهابٍ وعبث، إذا تَغَلَّبوا على أوطان أسرع إليها الخراب، لأنهم أُمَّة وَحْشيَّة، فينقلون الحجر من المباني ويخربونها لينصبوه أَثَارفيَّ للقِدْر، ويخربون السَّقف ليَغْمُروا به خيامهم، ويتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم، وهم أصعب الأمم انقيادًا بعضهم لبعض، لِلْغِلظة والأنفة، وبُعْد الهمة والمنافسة في الرِّياسة، فَقَلَّما تجتمع أهواؤهم، من أجل ذلك لا يحصل لهم الملك إلاَّ بصبغة دينية من نُبُوَّة أو ولاية أو أثر عظيم من الدِّين على الجملة، وهم أبعد النَّاس عن الصنائع وأبعد النَّاس عن العلوم، أرزاقهم في رماحهم وسيوفهم، هم دائموا التنقل، كثيرو الترحال، لا يعرفون الاستقرار، حتى صار لهم ذلك جبَّلة وطبيعة، وأصبحوا بدون وطن يرتافون منه ولا بلد يجنحون إليه، والرابطة الوحيدة التي تشدَّ أفرادًا منهم إلى آخرين وتميز جماعات منهم عن أخرى، هي الرابطة الطبيعية، رابطة الدَّم التي تبقى لديهم واضحة لصفاء ونقاوة أنسابهم.

وهم مع ذلك أسرع الناس قبولاً للحقِّ والهدى لسلامة طباعهم من عِوَج الملكات، وبراءتها من ذميم الأخلاق وهم لا يزالون موسومين بين الأمم بالبيان في الكلام والفصاحة في النطق والذَّلاقة في اللسان، والبيان سِمَتُهم بين الأمم منذ كانو(16).

ويقول أحمد أمين عن البدو أنهم كانوا ـ ومازالوا ـ يحتقرون الصناعة والزراعة والتجارة والملاحة، إنَّما يعيشون على ما تنتجه ماشيتهم، ونوع آخر اتخذوه أيضًا وسيلة من وسائل العيش وهو الغارة والسلب، يغيرون على قبيلة معادية وكثيرًا ما تكون المعاداة ـ فيأخذون جمالهم ويسبون نساءهم وأولادهم، وتتربص بهم القبيلة الأخرى ذلك فتفعل ما فعلوا، بل هم إذا لم يجدوا عدوًّا من غيرهم قاتلوا أنفسهم، وطنية البدوي وطنية قبَليَّة يحميها وتحميه هو المُسَمَّى بالعصبيَّة، والمُمْعِن في البداوة منهم ضعيف الإيمان قَلَّ أن يؤمن إلاَّ بتقاليد قبيلته وما ورثه عن آبائه(17). 

يمكننا الآن أن نرجع إلى نسختنا الأصلية مُطمئنين إلى أنها تتمتع «بإجماع» يسمح لنا أن ننطق منها في قراءتنا محاولين الإجابة على سؤال محمد عابد الجابري «ماذا بقي ثابتًا في الثقافة العربية منذ الجاهلية إلى اليوم؟!  أو، ماذا تغير في الثقافة العربية منذ الجاهلية إلى اليوم؟!!»(18). سنحاول أن نفتش عن جذور هويَّة «العقل» في سياق تَشَكُّلِهِ، سنحاول أن ننصت إلى ما قاله النعمان، ووافقه فيه معاصروه ولاحقوه، ما الذي يُمَيِّز العرب عن غيرهم من الأمم؟  النعمان يرى حضارات الآخرين «طين وحجارة» والعقل والفلسفة والعلم لا تقارن بحكمة «اللِّسان» ومعرفة الأشياء و «ضرب الأمثال»، «اللسان» يغني عن »العقل". يدافع الجاحظ (150 – 255 ه) الذي "كان موته بسقوط مجلَّدات العلم عليه"(19) عن طرح النعمان "كل شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال، وكأنَّه إلهام، وليست هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكرة، ولا استعانة"(20)  ولماذا إجالة الفكرة والمعاناة وكل شيء موجودٌ في اللِّسان/ اللُّغَة، "ليست اللغة من صنع فرد أو أفراد وإنَّما هي نتيجة حتميَّة للحياة في مجتمع يجد أفراده أنفسهم مضطرين إلى اِتخاذ وسيلة معيَّنة للتفاهم والتعبير عما يجول بالنفس من وتبادل الأفكار، تلك الوسيلة هي اللغة"(21) ولكن النعمان لا يرى اللغة وسيلة، اللغة مَرْجِع واللغة غاية، لأنَّها ما يميِّز الفرد: "فالمَرْءُ بأصغريه، قلبه ولسانه"(22) والمجتمع: "ففي لسانهم ما ليس في ألسنة الأجناس" العربيُّ "لسانه أمهر من عقله"(23) إنها علاقة فريدة بين العقل واللسان، علاقة مقلوبة، فاللسان ليس وسيلة لكشف ما في العقل، وإنما العقل وسيلة لحفظ ما في اللسان، العقل ذاكرة والذاكرة قَيْد يُقَيِّد الأصوات/ الكلمات ويمنعها من الضياع في صحراء النسيان.

العقل في (لسان العرب) ـ وهو أعظم معجم قدمه لنا التراث العربي كتبه ابن منظور الإفريقي في القرن 14 م ـ "َقَلَ فهو عَاقِلٌ وعُقُول من قومٍ عُقَلاء.  رَجُلٌ عَاقِلٌ وهو الجامع لرأيه وأمره، مأخوذٌ من عقلت البَعِير إذا جَمَعْت قوائمة، وقيل العاقل الذي يَحْبِسُ نفسه ويرُدُّها عن هواها، أخذ من قولهم قد اعتقل لسانه إذا حُبس ومنع من الكلام، والمعقول ما تعقله بقلبك.  والمعقول العقل، يقال ما له معقول أي عقل"(24) يعدِّد ابن منظور معاني العقل، إلا أنها لا تخرج عن كونه رَبْط أو تَقْييد وحَبْس، ثُمًّ يُسَوِّي بعد ذلك بين العقل والقلب "العقل: القلبُ، والقَلْبُ: العقل"(25).  العقل إذن: عاقل أي مُقَيِّد ومعقول أي مُقَيَّد والقلب هو العقل لذلك تأتي معرفته من الإلهام كما يقول الجاحظ، ينقل ابن قتيبة عن حكماء العرب "ينبغي للعاقل أن يكون عارفًا بزمانه، حافِظًا للسانه، مُقْبِلاً على شانه"(26).  العقل يحفظ اللسان والفعل حفظ هنا قريب من معنى العقل، فنحن نحفظ الشيء أي نمنعه من الضياع، ونحن نحفظ اللسان أي نمنعه من الخطأ، فاللسان قد يكون مهلكة و"هل يُكَبُّ الناس على وجوههم في النَّار إلا حصاد أَلْسِنَتِهم" كما يقول النبي (ص).  العقل إذن "قَيْد" و"مُقَيَّد"، العقل وسيلة لحفظ اللغة أو اللسان.

يختلف الجاحظ مع النعمان في رؤيته لعمارة الحضارة التي وصفها بـ"طين وحجارة" فهو يقول: "إن العجم تقيَّد مآثرها بالبنيان"، وللعرب كذلك بنيان، إلاَّ أن ما يميزهم ويُفَرِّدهم هو الشعر الذي هو ديوانهم ومُخَلِّد مآثرهم ومفاخرهم(27). البنيان إذن "تَقْييد" كالعقل، البنيان ذاكرة يُشَكِّلها الإنسان من عناصر الطبيعة، ذاكرة خارج الإنسان، أمَّا العربي فهو يحمل (ذاكرته/ بنيانه) داخله، لا يَنْفَصِلُ عنها، يتوحد بها، حضارة الآخرين طين وحجارة وحضارته كلمات، هنا يظهر لنا الفارق العميق بين الحضارة الزراعية والحضارة البدوية، فالحضارة الزراعية حضور في "المكان" أما حضارة الصحراء فهي حضور في "الزمن" أو الذاكرة، حضارة الزراعة حضارة ثبات وحضارة الصحراء حضارة حركة، فالكلمة ـ في ذلك المجتمع الشفاهي ـ هي صوت، والصوت حركة في الزمن "الصوت حدث في الزمن والزمن يتقدم بلا رجعة أو توقف أو تجزئة"(28). تعني كلمة "كلمة" في اللغة العربية "قول" أو "جُرْج" (29) كما تعني في العبرية ـ اللغة الشقيقة للعربية وهي لغة قبائل بدوية أيضًا ـ الكلمة  (Dabar) أي كلمة أو حدث(30).  وفي حال الحركة هذه تكون الذاكرة هي المرجعية التي يراقب الإنسان كل شيء من خلالها وتُحَدَّد كُلُّ أشياء العالم بخطوط وهمية مَشدودة إليها. إن الطبيعة الخاصة جدًّا للصوت تَزِيد من أهمية الذاكرة/ العَقْل في الصحراء "ذلك أن الصوت لا يوجد إلا عندما يكون في طريقه إلى انعدام الوجود" (31).

المكان ليس حاضِرًا في حياة البدوي فالأعراب كما يقول ابن خلدون "لا وطن ولا بلد"، المكان ليس إلا لحظة توقف في رحلة لا تنتهي، ليس غريبًا إذن أن تدل كل الكلمات التي تعبر عن الاستقرار في المكان في اللغة العربية ـ والتي مازالت مستعملة حتى اليوم ـ عن لحظة توقُّف فمثلاً كلمة "مسكن" تعني المنزل والمبيت وهي من الفعل سكن عكس تحرَّك ومن معانيها أيضًا السكوت، سكن الرجل أي سكت، والسُّكَّان تعني ما تسكن به السفينة، تمنع من الحركة والإضطراب(32). وكلمة "دارٌ" من الفعل دار بالشيء يدور(33) وكل موضع حَلَّةُ قومٌ فهو دارٌ لهم، وإن لم يكن فيه أبنية، وسُمِّيتْ دارًا لدورها على سُكَّانها(34).  وكلمة "بيت" من الفعل "بات"، وكل مَن أدركه الليل فقد بات، نام أو لم ينم والمَبِيت الموضع الذي يُبَاتُ فيه(35).  أما كلمة "منزل" فهي من الفعل "نزل"، والمنزل موضع النزول(36). المكان في الصحراء إذن بلا هويَّة، إنه لحظة تَوَقُّف، معبر بين حركتين أو زمنين. أهم شعائر الشعر الجاهلي كانت "بكاء الأطلال"، والأطلال هي الأماكن التي رحل عنها ساكنوها، هي آثار لحظة التوقف، أوَّل قصيدة تصلنا مكتملة من الشعر الجاهلي لسيد الشعراء "امرىء القيس" تبدأ بالفعل "قِفا" (37).

قَفا نَبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ

الذكرى (الذاكرة) تلاحق الشاعر المُرتَحِل وتتطلَّب منه الوقوف، الوقوف ليس استقرارًا، إنه استسلام للذكرى ذكرى الحبيب (الإنسان) وذكرى المنزل (المكان)، المكان إذن ليس إلا ذكرى، حضور في الذاكرة، الإنسان والمكان تحوَّلا إلى وجود في الذاكرة، والذاكرة هي حركة عكسية في الزمان، أي أن هناك حركة مستمرة في المكان، لا يبقى منها إلا حركة عكسية في الزمان باتجاه الماضي: "فكل شاعر في العصر الجاهلي لا يبدأ الحديث ولا يخاطب المجتمع الذي ينتمي إليه إلا عن طريق بعث الماضي، فالماضي يأخذ صفة الإلحاح المستمر على عقل الشاعر " كل شاعر يذكر الأطلال وهي بقايا الماضي، والعلامات الأولى في الطريق.  لا بَدْء إلا من الماضي، ولا خطاب في مَشْغَلَة من المشاغل إلا إذا قام أوَّلاً على وظيفة التَّذكر، ويصبح التذكر فريضة مهمة لا يستطيع أن يفرط فيها إنسان.  لا شعر لمن لا ذاكرة له"(38).

الشعر في لغة العرب يعني العلم، وقد وردت بهذا المعنى في القرآن "وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون"(6: 109)(39). لقد قَدَّس العرب الشعر والشعراء "كانت الشعراء عند العرب بمنزلة الأنبياء في الأمم وكانوا يسمون الشاعر: "العالم والحكيم"(40). "ومن أكثر الأشياء بعثًا للتأمل حرص جماعة معينة هي الجماعة العربية قبل الإسلام على التذكر، واعتبار هذا التذكر نقطة بدء كل تأمل ومبتدأ كل رغبة من الرغبات"(41). تؤكد معاني الفعل "ذكر" في اللغة العربية على أهمية الذاكرة ليس بوصفها ماضٍ انقضى، وإنما بوصفها مصدر للحياة، "فالذِّكر: الحفظ للشيء، والذكر أيضًا: الشيء يجري على اللسان، وهو التذكُّر بعد النسيان، وهو الذَّكر عكس الأنثى، وهو عُضو الذكورة، وهو السيف القاطع، ورجل ذكر أي شجاع، وشعر ذكر أي فحل، ومطر ذكر أي شديد، وأرض مذكار تنبت العشب الغليظ. والذِّكر هو الصيت والشرف، والذِّكر: الصَّلاة، وذكر الحق هو الصَّكُّ، والذكر: التسبيح والشكر والطاعة"(42) فالذِّكر هو كل ما تقوم به الحياةُ في الصحراء، الرجل والمطر والسيف والشرف إلى جانب ـ طبعًا ـ معانيه الدينية التي امتدت إلى الإسلام فالقرآن هو "الذِّكر الحكيم".

الذاكرة إذن هي الحياة، والعربيُّ مُقِيمٌ في الزمن، والحياة في الزَّمن يقابلها أيضًا الموت في الزَّمن، فكل الكلمات المحدِّدة للزمن في اللغة العربية تحمل في نفس الوقت معنى الموت والهلاك والكارثة، فمثلاً كلمة "الزمان" هي اسم للقليل من الوقت وكثيره وهي أيضًا المرض والعجز وكلمة "الدَّهر" تعني الزمان الطويل كما تعني النازلة، يقولون "دَهَر بهم أمرٌ أي أصابهم مكروه" ويقولون "أبادهم الدَّهر" وحتى اليوم في اللغة العربية تستخدم تعبيرات مثل "نكبات الدهر" بل ونشتق كلمات منه مثل "التَّدَهْوُر" التي تعني الفساد والتَّحَلُّل. أما كلمة "الأبد" التي تعني الزمان غير المحدد، والمؤبد الخالد أو الدائم، والآبدة الدَّاهية يبقى ذكرها على الأبد. و"الأزل" مقابل الأبد وتعني الزمان الماضي القديم كما تعني الضيق والشِّدَّة. و"الحين" بمعنى مُدَّة من الوقت كما تعني "الهلاك"  و"الأجل" تعني غاية الوقت أو مدة الشيء كما تعني ساعة الموت. و"السَّنَة" هي العام وهي الجدب والجوع وقد جاء في القرآن "ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات" (الأعراف/ 130) أي بالجدب والجوع. وكلمة "اليوم" تعني الشِّدَّة والهلاك، كما تعني الحرب، ويقولون "أيام العرب أي حروبها"(43).

الحياة إذن محلها الزمن والموت أيضًا يكون بالزمن وما بعد الموت لا وجود له فالزمن يمضي في خط مستقيم ولا يرتد، لقد سجل لنا القرآن هذه العقيدة في الزمن عند الجاهليين "وقالوا ما هي إلاَّ حياتنا الدُّنيا، نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدَّهر ومالهم بذلك من علم إن هم إلا يظنُّون"(الجاثية/24). اللسان (اللغة)، العقل (الذاكرة)، الزَّمن تؤسس هذه المفردات "هويَّة" العقل العربي في بداياته الأولى مما يجعل أي مقاربة لفهم العقل العربي مضطرة للإنطلاق منها ومتابعة مسيرتها في التَّاريخ.

(2) شجرة المعرفة

أهم شجرة في الصحراء هي "شجرة النَّسب" فكل قبيلة هي شجرة والإنسان في الصحراء يُعْرَف بكونه فرع في شجرة، يتعارف الناس في الصحراء بالسؤال "مِمَّن أنت؟" فالإنسان ينتمي للقبيلة/ الشجرة، والقبيلة تنتمي للجد/ الجذر، والجذر/ الجد منغرس في الزمن/ الماضي. إن استعارة "شجرة النسب" استعارة مثيرة حقًّا تجعل النسب رمز لاستمرار الحياة في الزمن كما تربط بين الفرد والجماعة برابطة عضوية، فلا حياة للفرع دون الشجرة، ولاحياة للشجرة دون الجذر أو الأصل المستقر في الزمن. يقول ابن عبد ربه "فمن لم يعرف النَّسب لم يعرف الناس، ومن لم يعرف الناس لم يُعَد من الناس"(44). الإنسان لا يكون إنسانًأ إذن إلا بالنسب، لقد كان النعمان على حق عندما جعل النسب ركن من أركان "الهويَّة العربية" إلى جانب "اللِّسان".  غير العرب هم "العجم" و"العجمة" هي الحيوانات التي لها أصوات ولكنها ليست لغات، العرب أفضل من العجم لأن العجم أقرب للحيوانات، فالعجمي لا يعرف من وراء أبيه ولا ينسبه كما أنه لا "يُعْرِب" أي لا يتكلم كلامًا مفهومًا واضحًا، الوضوح من "الإعراب" الذي جاء منه "العرب" والنسب من معانيه "الطريق المستقيم الواضح"(45).

لهذا السبب لا يُنازع الشاعر في المجتمع الجاهلي إلا النَّسَابة "والنسابون يحفظون أسماء القبائل وما يتفرع منها حفظًا دقيقًا، فإذا عرض لهم رجل قال: أنا من بني تميم مثلاً فانسبني فإنه: يبدأ من قبيلة تميم وما تفرع منها من العمائر والبطون والأفخاذ حتى ينتهي إلى الفصيلة ومنها إلى والد السائل ثم إليه هو نفسه ... وكثر النسابون في الجاهلية، ولم تخل قبيلة أو عمارة أو بطن من نَسَّابة"(46).

فالنسابة كالشَّاعر "حافظ" لهويَّة المجتمع وضامن لاستمراريته "فالنسب" يجعل القبيلة جماعة دائمة لا تملك لنفسها أن تنشأ أو تنحل، لأنها توجد بوجود الأفراد الذين تتشكَّل منهم وتبقى مستمرة ومتفرعة باستمرار وجود هؤلاء الأفراد واستمرار تناسلهم، هكذا تصبح القبيلة جماعة غير مقيَّدة بالزمان لأنها تستمر فيه، وهكذا يتحرر الفرد من إحساسه الثقيل بالضياع في الزمن/ الموت فالرابطة القبلية هي في الأساس رابطة بين الفرد والمجموعة، بين الفرع والشجرة، فالفرد يذوب في القبيلة عندما تتعرض لخطر ما.  كما أن القبيلة نفسها تتقمص الفرد عندما يُصاب بأذى، وهكذا فالفرد عندما يتعصب للقبيلة فهو يتعصَّب لنفسه باعتبارها هي إياه.  والقبيلة عندما تهب لمناصرة أحد أفرادها وتتعصب له، فهي إنما تتعصب لنفسها وذلك باعتبار أن هذا الفرد هو هي. إن هذا التضامن بين الفرد وقبيلته إلى درجة فناء أحدهما في الآخر ينتج عنه أمران اثنان يحددان العلاقات السائدة داخل القبيلة وخارجها، فمن جهة أولى ينتج عن هذا التضامن المتبادل أن مجال تواصل الشخص مع غيره محدود بحدود القبيلة، فكل ما عداها يعتبر غريبًا يجب الحذر منه، فالعُصْبة من هذه الناحية شعور سلبي تجاه الآخرين بمقدار ما هي شعور إيجابي يَشُدُّ أفراد العصبة بعضهم إلى بعض.  وهذا الشعور الإيجابي من جهة والسلبي من جهة أخرى هو سر بقاء القبيلة كوحدة اجتماعية متماسكة ذات كيان واضح، ومنه وعلى أساسه تتحدَّد شخصيتها(47).

في الصحراء لا يُعرف الإنسان إلا بانتسابه إلى قبيلة، لا يتمتع بكيانه الشخصي إلا داخلها، أما خارجها فهو يفقد هذا الكيان تمامًا، لذلك ليس هناك عقاب أقسى على إنسان الصحراء من "الخَلْع" أو الطرد من القبيلة، ليس فقط لأنه في هذه الحال يصبح "نَهْبًا" لكل من شاء وإنما لأنه يفقد ما يشُدُّه إلى الحياة، ما يجعله جزءًا منها، ما يجعله إنسانًا كما يقول ابن عبد ربه لأنه يصبح كورقة الشجرة، إذا سقطت جَفًَّت وماتت، وموته يعني أنه أصبح خارج العالم/ القبيلة وبالتالي سيحكم عليه هو ونسله بالنسيان أي الضياع في الزمن.

(3) الضحية والأخلاق

يجعل النعمان من "الأخلاق" الركن الثالث المؤسس لهوية العرب والمُميِّز لهم عن غيرهم من الأمم، وقد يقول البعض إن فضائل الأخلاق في كل الأمم، فما من أمة إلا وتَحْمِد الكرم والشجاعة والوفاء بالعهد!! إلا أنَّ تأمُّل ما يقوله سيوضِّح لنا لماذا خَصَّ العرب دون غيرهم من الأمم بهذه الفضائل "وأَمَّا سَخَاؤها، فإنَّ أدناهم رَجُلاً الذي تكون عنده البكرة (الجمل) عليها بلاغُهُ (ما يعوله ويكفيه) في حُموله وشبعه وريه، فيطرقه الطارق (الزائر ليلاً) الذي يكتفي بالفلذة (القطعة) ويجتزىء بالشَّربة فيعقرها له ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذِّكر"(48). "وإنه لَيَلْجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة، فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالهم دون ماله"(49). إنَّ أدنى الرجال مرتبة بين العرب جعله النعمان نموذجًا للكرم لأنه أراد أن يشير إلى أنها صفة عامة وفضيلة شائعة فيهم، ولأنه أيضًا أراد أن يُشير إلى أن أفعال أعلاهم درجة تفوق وتتجاوز فعل ذلك الرجل، ولا أدري هل هناك ما يفوق "الخروج عن الدنيا" لإكرام الجار، إلا أن هذا بالضبط ما يريده النعمان، أراد أن يقول أن العرب يذهبون إلى درجة لا يمكن لغيرهم من الأمم أن يصل إليها في ممارسة الفضائل، فالعرب متطرفون في فضائلهم، فالضيف هنا يكتفي بقطعة من اللحم ويرتوي بشربة من الماء إلا أَنَّ "أدناهم رجلاً" لا يرضى بأقل من ذبح ناقته وحتى ولو كان في هذا هلاكه، وربما لأن في هذا هلاكه.  إن الدَّرجة الاستثنائية التي تمارس بها الفضيلة هو ما يجعلها جديرة بأن "تُذْكر" وما يضمن لصاحبها "طيب الذكر".

روى أن حاتم الطائي كاد أن يذبح اِبنه حتى يطعم ضيوفه ولكن الله أنعم عليهما بسرب من "الحمر الوحشية" اصطاد منها وذبح وقدم لضيوفه.  لقد كان النعمان محقًا عندما قال "أدناهم رجلاً" فذبح "ناقة" وإن كان فيها المطعم والملبس والمشرب وإن كان يؤدِّي للخروج عن الدنيا، لا يمكن أن يقارن بذبح الابن، ولكن هذا ليس غريبًا على حاتم الطائي رمز الكرم والذي يضرب المثل بكرمه "أَسْخَى من حاتم" بل إليه ينسب الكرم فيقال "الكرم الحاتمي"، الفضيلة في الصحراء تحتاج إلى رمز، تحتاج إلى شخص "تنسب" إليه، لذلك لن نتوقف عند التشابه الواضح بين قصة الكرم الحاتمي وقصة إبراهيم النبي وابنه الذي تقبل أن يكون "أضحية" من أجل غاية عليا تمامًا كابن حاتم الطائي الذي يقبل الذبح من أجل قيمة عليا وهي بقاء الفضيلة واستمرارها.  فالقبيلة كلها – كما يقول النعمان – تضحي بأنفسها وأموالها من أجل مجرم لا يمتُّ إليها بصلة، لكن هذه التضحية بالقبيلة كلها ليست من أجل شخص المجرم، إنها من أجل رمزية لجوئه إليهم والاستنجاد بهم، فالفضيلة نموذج وهي لا يمكن أن تكون هكذا بممارستها بشكل إنساني عادي، العرب لا يعرفون العادية لأن العادية لا يحفظها الزمن، يجب التضحية من أجل الفضيلة، لأنه بدون التضحية سيكون المجتمع بلا فضيلة، والإنسان الذي يُضَحِّي سيلقى جزاءه العادل، فالمجتمع سيضمن له مكانه في الذاكرة، سيضمن له "حُسْن الأحدوثة وطيب الذِّكر".

الأخلاق إذن جديرة بأن تكون الركن الثالث للهوية العربية مع النسب واللسان، وجديرة بأن تكون العنصر أو المكوِّن الثالث للعقل العربي في بداياته الأولى، وسؤالنا التالي هو كيف تحولت هذه المكونات إلى آليات مازال العقل العربي يعمل وفقًا لها حتى اليوم ومازال ينجو بها بعيدًا عن واقعه على الرغم من التبدل الكلي للشروط التي شكَّلت هذه الآليات؟ هل ندين هذه البدايات؟!  كيف وهي كانت استجابة ـ كما حاولنا أن نشرح ـ لواقعها وما تميَّزت به من عنف وتطرف وتقديس للماضي كان حفظًا للحياة وليس اهدارًا لها، واشتباكًا مع الواقع وليس تركًا له، وهذا هو ما يجب أن نتعلمه من هذه التجربة الإنسانية اليوم. بعد أن أنهى النعمان كلامه، قال كِسْرى:

"إنك لأهلٌ لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك ولما هو أفضل، ثمَّ كساه من كِسْوته"(50).

الهوامش

1)         البابا يوحنا بولس الثاني: رسالة جامعة في الإيمان والعقل، 14 أيلول 1998، الفاتيكان، ص9 – 11.

2)         السابق، ص74.

3)         السابق، ص 75.

4)         البابا بنديكتوس 16: الرسالة العامة: الله محبة، الفاتيكان 2005، ص4.

5)         السابق، ص 21.

6)         السابق، ص 32.

7)         البابا بنديكتوس 16: محاضرة ملقاة في جامعة راتيسبون 12 سبتمبر 2006، ترجمة الأب منصور مستريح، القاهرة، 25/9/2006.

8)         السابق.

9)         برهان غليون: اغتيال العقل، محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية، دار التنوير، بيروت، ط2، 1987، ص 22.

10)      محمد عابد الجابري: الخطاب العربي المعاصر، دراسة تحليلية نقدية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992، ص 182.

11)      جونيشيرو تانيزاكي: مديح الظِّل، ترجمة الحبيب السالمي، دار معالم، ط1، ص 13.

(تانيزاكي روائي ومفكر ياباني معاصر، له عديد من الكتب المترجمة إلى الإيطالية).

12)      علي حرب: أوهام النخبة أو نقد المثقف، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1996، ص92.

13)      محمد عابد الجابري: نحن والتراث، قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1985، ط4، ص 113.

14)      غالي شكري: ثقافة النظام العشوائي، تكفير العقل وعقل التكفير، كتاب الأهالي العدد (50)، القاهرة، 1994، ص 65.

15)      ابن عبد ربه الأندلسي: العقد الفريد، القاهرة، 1992، مجلد 2، ص 6 – 10.

-          ناصر الدين الأسد: مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، دار الجيل، بيروت، 1988، ص 1 – 19.

-          محمد أحمد جاد المولى بك وآخرون: أيام العرب في الجاهلية، دار إحياء التراث العربي، د. ت، ص 1 – 20.

-          طه حسين: في الشعر الجاهلي، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1926، ط 1، ص 21.

-          جواد علي: المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت، 1987، ط 2، ج 6، ص 500، ج 4، ص 288، ج 8، ص 559.

-          أحمد أمين: فجر الإسلام، القاهرة، 1996، ص 18 – 19.

-          شوقي ضيف: العصر الجاهلي، دار المعارف، القاهرة، د. ت، ط 11، ص 17 – 103.

-          حسين الحاج حسن: الأسطورة عند العرب في الجاهلية، بيروت، 1988، ص 20 – 22.

-          محمد على كرد علي: الإسلام والحضارة العربية، القاهرة، 1968، ص 120 – 131.

16)      عبد الرحمن بن خلدون: المُقَدِّمة، تحقيق على عبد الواحد وافي، ط2، القاهرة، 1965، ج 2: 415 – 495.

17)      أحمد أمين: فجر الإسلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1996، ص 18 – 21.

18)      محمد عابد الجابري: تكوين العقل العربي، مركز دراسات الوحدة، بيروت، 1991، ص 38.

19)      الجاحظ: الحيوان، تحقيق عبد السلام هارون، الهيئة العامة لقصور الثقافة، العدد 74 من سلسلة الذخائر، ج 1، ص 5.

20)      الجاحظ: البيان والتبيين، تحقيق فوزي عطوى، دار صعب، بيروت، د. ت  ص405.

21)      رمضان عبد التواب: التطور اللغوي، مظاهره علله وقوانينه، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1995، ص 29.

22)      ابن عبد ربه: السابق، ص 19.

23)      أحمد أمين: السابق، ص 62.

24)      ابن منظور: لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1999، ط 3، ج 9، ص 326 – 332.

25)      السابق، ص 326.

26)      ابن قتيبة الدِّيَنَورِيّ: عيون الأخبار، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2003، ج 1، ص 280.

27)      الجاحظ: الحيوان، السابق، ص 72.

28)      J.ong, Walter, Orality and Literacy: The technologizing of the world, London, New York, 1992, p. 155.

29)      ابن منظور: لسان العرب، السابق، ج 2، ص 148.

30)      السابق، ص 91، Walter J.ong

31)      السابق، ص 90.

32)      ابن منظور: لسان العرب، السابق، ج 6، ص 316.

33)      ابن منظور: لسان العرب، السابق، ج 4، ص 440.

34)      أسامة بن منقذ: المنازل والديار، تحقيق مصطفى حجازي، القاهرة، 1992، ط 2، ص 55.

35)      ابن منظور: لسان العرب، السابق، ج 1، ص 546.

36)      السابق، ج 14، ص 112 – 113.

37)      أبو زيد محمد بن الخطاب القرشي: جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام، تحقيق محمد علي البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د.ت، ص 65.

38)      مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم، دار الأندلس، القاهرة، 1981، ص 55.

39)      ابن منظور: لسان العرب، ج 7، ص 131.

40)      سامي مكي: الإسلام والشعر، سلسلة عالم المعرفة، عدد 66، الكويت، 1983، ص 15.

41)      مصطفى ناصف: السابق، ص 56.

42)      ابن منظور: لسان العرب، السابق، ص 50 – 51، ج 5.

43)      ابن منظور: لسان العرب، انظر مواد زمن، دهر، أبد، أزل، حين، أجل، سنو، يوم.

44)      ابن عبد ربه الأندلسي: العقد الفريد، السابق، المجلد (3)، ص 361.

45)      ابن منظور: لسان العرب، السابق، ج 14، ص 119.

46)      جرجي زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي، بيروت، د.ت، ج 3، ص 35.

47)      محمد عابد الجابري: العصبية والدولة، مركز دراسات الوحدة، بيروت، 1994، ص 168 – 169.

48)      ابن عبد ربه: العقد الفريد، السابق، ج 3، ص 8.

49)      السابق، ص 9.

50)      السابق، ص 10.