يخلص الأكاديمي التونسي إلى رفعة منجز الأدب الصوفي، وتفرد خصوصيّة انجذاباته التي تدفعه لتبني الاستعارة وباطنيّة الرمز في نسج لغته الغامضة بشعريتها اللافتة، متمردا بذلك على اللغة العمليّة ظاهرية المعنى. من هنا تفهم الدراسة رموز الخمر، والمرأة، والطير في النصوص الصوفية كتجليات للذات الإلهيّة.

اللغة الرمزية في الأدب الصوفي

عـمر العويني

مقدمة
سنركز اهتمامنا في هذا العمل على الجانب الأدبي للتصوف. إن الأدب الصوفي لم يلق بعد الاهتمام اللازم من طرف نقاد الأدب العربي، كما أن إنتاجه الغزير غالبا ما يتناول فقط في أبعاده الدينية والفلسفية البحتة. في الغرب وبالرغم من تقدير هذا الأخير لقيمة الأدب الصوفي فانه كثيرا ما يقدم التصوف على أنه أحد المظاهر الفولكلورية الرائعة للشرق. وما الإعجاب المفرط بالراقصين الدراويش أصحاب الطريقة التي أسسها أتباع الشاعر والأستاذ الكبير جلال الدين الرومي (القرن الثالث عشر ميلادي) إلا دليل واضح على هذا الاتجاه.

في كثير من الأحيان يلجأ الأدب الصوفي إلى استعارات ورموز يأخذها من محيطه مثل الوردة وأعضاء جسم الإنسان (العين والشعر) والمرآة والسفر والجوهرة وغيرها. سنكتفي في هذا العمل بتناول ثلاث من الرموز الهامة عند المتصوفة وهي الخمر والمرأة والطيور. ولكن قبل ذلك سنقوم بإبراز قيمة الإنتاج الأدبي الصوفي في علاقته باللغة وبالمصطلحات الرمزية.

1- الأدب الصوفي

أن عبارة الأدب الصوفي تحيلنا إلى كل الإنتاج الأدبي للصوفية من نثر وشعر منذ القرن الثامن ميلادي (الثاني للهجرة) الى القرن الرابع عشر ميلادي (الثامن للهجرة). لقد عبر الصوفية الأوائل عن آرائهم نثرا فأنتجوا حكما وتعليمات دينية و"أدعية ايقاعية ومدائح"(1). غير أن الأبيات البسيطة كانت موجودة أيضا عبروا من خلالها على حبهم الإلهي مثل أبيات رابعة العدوية بالبصرة (ت سنة 801 ميلادي) التي تنشد فيها:

أحبك حبين حب الهوى * * * * وحبا لأنك أهل لذاك

فأما الذي هو حب الهوى * * * * فحب شغلت به عمن سواك

وأما الذي أنت أهل له * * * * فكشفك الحجب لي حتى أراك

عرف النثر الصوفي لحظات نضج وازدهار بظهور أعمال شخصيات شهيرة مثل كتاب "الطواسين" للحلاج (ت سنة 922 ميلادي) و"رسائل" الجنيد البغدادي (ت سنة 910) و"المواقف" و"المخاطبات" للنفري (ت سنة 965) و"فصوص الحكم" و"الفتوحات المكية" لابن عربي (ت سنة 1240)(2).

جاء القرن الثاني عشر للميلاد وهو قرن النضج والازدهار الحقيقيين بعد فترة من الفقر الأدبي المدقع طوال القرن الحادي عشر، حيث اشتغلت الصوفية ببناء الجمعيات أكثر مما اشتغالها بكتابة الأعمال الأدبية. كما اتسم ذلك القرن بالفراغ الثقافي وسيطرة التصوف السني الذي لم يكن في الحقيقة إلا شكلا من أشكال الزهد(3). تجسد ازدهار ذلك الأدب الذي تواصل حتى القرن الثالث عشر ميلادي عربيا في شعر ابن الفارض (1181-1235)، وفارسيا في شعر جلال الدين الرومي (1207-1273).

عرف التصوف في الغرب بأدبه أساسا وبصفة خاصة بالشعر الفارسي (الرومي وعطار والخيام وحافظ..) بفضل ترجمات كانت حسب رأي عبارة عن تأويلات حرة على قدر من النجاح(4).

كان التصوف بالنسبة للمستشرقين اكتشافا حقيقيا عثروا عليه في نهاية القرن الثامن عشر أو بتعبير كارل ايرنيست "شيئ مدهش في ثقافة الشرق"(5).

غير أنه من الغريب أن لا تخصص كتب الأدب العربي مساحة للأدب الصوفي ولا تشير إلى وجوده كجنس أدبي متميز، بالرغم من أن عدد هام من نصوصه نثرا وشعرا تمثل إنتاجا أدبيا يفوق في جماله ورقة احساسه العديد من النصوص الأدبية الأخرى التي اعتاد القراء على تثمينها(6).

في هذا السياق ترفض الكاتبة آمنة بالعلي أن يكون كتاب ألف ليلة وليلة عملا فريدا في الأدب العربي والعالمي، وذلك لأن كرامات الصوفية مثلا تتقاطع معه في كثير من النقاط: "كلا النصين يجسد رؤية معينة للعالم، رؤية غير رسمية صاغتها أحلام البسطاء وخبرات الأجيال المتعاقبة وكلا النصين يبرز بقوة في أزمنة القهر الاجتماعي والسياسي بالذات كأنه يحقق الأمنيات المستحيلة عن طريق الحكايات (...) وكلاهما ينبع من مخزون الخيال"(7).

يتمتع الخطاب الصوفي بقوة وصلابة في الثقافة الإسلامية، عكس الخطابات الأخرى كالخطاب الفلسفي مثلا، وذلك بسب اتكاءه على النص الديني (القرآن والسنة)، مما جعل الفقيه عاجزا على وقف انتشاره بين العديد من الطبقات في المجتمع الإسلامي(8).

2- التصوف ولغة الرمز
2. 1- التصوف واللغة
منذ النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي بدأت تظهر مشكلة اللغة في الأدب الصوفي وذلك بسبب تعمق الأحوال الصوفية وتعقد المعاني الأمر الذي جعل من الصعب على اللغة العادية أن تعبر بدقة على هذه الأحوال التي يعيشها الصوفي(9).

بما أن التجربة الصوفية تتشكل من النشوة والانجذاب تجد اللغة العادية نفسها عاجزة عن وصف حالات جد دقيقة ومعقدة يعيشها الصوفي مثل حالة الاتحاد. لهذا السبب تلجأ الى الاستعارة والرمز مثلما فعل الحلاج عندما أعلن:

حبي لمولاي أضناني وأسقمني

فكيف أشكو إلى مولاي مولآئي

إني لأرمقهُ والقلب يعرفه

فما يترجم عنه غير إيمائي(10).

لقد عبر النفري عن عجز اللغة عن نقل ما يعتمل في داخل الصوفي بقوله: "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة"، وشطحات أبو يزيد البسطامي (المتوفي سنة 874) تعكس بجلاء حدة مشكلة التعبير التي أصابت الخطاب الصوفي. غير أن الأزمة اللغوية بلغت ذروتها مع الحلاج الذي دفع حياته ثمن الاعتراف بالمعجم اللغوي الصوفي(11).

تعتمد الصوفية بصفة عامة على لغة خاصة بغية التمرد على اللغة العادية. إنها خطاب على نقيض تام مع الخطاب العقلي الفلسفي وفي ذات الوقت مع الخطاب المباشر للفقيه(12).

2. 2- الأسلوب الرمزي في التصوف
2. 2. 1- مفهوم الرمز الصوفي
يعتبر أرسطو أول من تناول موضوع العلاقة بين الرمز واللغة. يرى الفيلسوف اليوناني أن الكلمات المنطوقة هي رموز لحالات النفس، وأن الكلمات المكتوبة هي رموز للكلمات المنطوقة(13). الرمز هو إيحاء من خلال أعضاء الجسم المختلفة، مثل العينين والحاجبين، بهدف التعبير عما تعجز اللغة عن تبليغه.

في أعمالهم الأدبية يستلهم الصوفية أفكارهم وتجاربهم من القرآن الكريم على مستوى الأسلوب والمحتوى. ولغتهم الرمزية هي بدون شك تقليد واضح لهذا الكتاب. لقد أشار القرآن الى الرمز في العديد من المرات كما هو الشأن في ذكره لقصة زكرياء ومريم العذراء. عندما طلب زكرياء من ربه أن يعطيه دليلا على وهبه اياه غلاما أجابه الله قائلا: "قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا" (سورة مريم الآية 10)، وكذلك عندما أنجبت مريم عيسى أمرها الله أن تقول لأهلها بأنها نذرت للرحمن صوما وأنها سوف لن تتحدث مع أحد منهم (سورة مريم الآية 26). هذا يعني أنه من المستحيل أن تكلم أهلها وهي صائمة عن الكلام إلا أن يكون ذلك رمزا(14).

إن لجوء الصوفية إلى الرمز ليس فقط تقليدا للقرآن، بل أيضا لأسباب أخرى تتعلق بالخوف من السلطة والفقهاء وعامة الناس من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب شعورهم بقصور اللغة عن نقل تجربتهم الخاصة(15) كما سبق أن أوضحنا. تقيم الصوفية فيما بينهم رموزا حتى يسهلوا الفهم للمتلقين وكذلك ليحتفظوا بأسرارهم فيما بينهم(16).

إن اللغة الصوفية المشبعة بالاستعارات والرموز تعرقل عملية التواصل مع الفقهاء ومع عامة الناس وحتى تجعلها مستحيلة في بعض الأحيان. كتاب ابن عربي "ترجمان الأشواق" الذي أحدث كثير من النقد هو عينة من تلك اللغة الشيء الذي اضطر المؤلف إلى كتابة توضيحات في مقدمة الكتاب مجليا كل الغموض الذي سببته الرموز ومترجيا من قرائه عدم الاكتفاء بالظاهر والغوص إلى الأعماق:

فاصرف الخاطر عن ظاهرها * * * * واطلب الباطن حتى تعلما(17).

2. 2. 2- الرموز الأكثر تداولا في الأدب الصوفي
إن ما يميز الأدب الصوفي، نثرا وشعرا، هو ثراء لغته الرمزية، وهي لغة غامضة ومجهولة سواء من طرف عامة الناس أو من طرف كثير من الباحثين ومترجمي الأدب الصوفي الغربيين(18).

على امتداد القرن التاسع عشر لم تكف النقاشات حول طريقة تأويل الشعر الصوفي مثل شعر الرومي وحافظ: هل يجب فهم اشاراتهم الى الحب والخمر على أنها مجرد رموز أو حسب معناها الحرفي(19).

إن سلسلة الاصطلاحات الرمزية التي تلجأ إليها الصوفية طويلة ومتنوعة إذ هي تشمل الخمر والمرأة والطيور والنور وغيرها.

2. 2. 2. 1- رمز الخمر
استعمل الخمر كمصطلح رمزي لأول مرة منذ النصف الثاني للقرن الثامن ميلادي، ويتجلى ذلك في شعر أبو القاسم الجنيد الذي أنشد قائلا:

ما لي جفيت وكنت لا أجفى * * * * ودلائل الهجران لا تخفى

وأراك تسقيني وتمزجني * * * * وقد عهدتك شارب صرفا(20)

لقد استعمل أبرز شعراء الصوفية رمز الخمر ليبرزوا حبهم لله وحالة النشوة التي يحسون بها، مثل جلال الدين الرومي وعمر الخيام وبصفة خاصة جدا عمر بن الفارض. إن الخمر الذي يشير اليه الشاعر المصري عمر بن الفارض وبقية شعراء الصوفية لا يربطه بالخمر العادي إلا الاسم، وذلك لأنه وجد قبل خلق الكرم نفسه. يقول الشاعر:

شَـرِبْنَا عـلى ذكْـرِ الحبيبِ مُدامَةً * * * * سـكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ(21)

وما يؤكد المعنى الالهي للخمر في شعر ابن الفارض هي النعوت التي يصفه بها: فهي أكثر شفافية من الماء وألطف من الهواء وأكثر إشراقا من النور وأوضح من الجسد:

يـقولونَ لـي صِفْهَا فأنتَ بوَصفها * * * * خـبيرٌ أَجَـلْ عِندي بأوصافها عِلم

صـفاءٌ ولا مـاءٌ ولُـطْفٌ ولا هَواً * * * * ونـورٌ ولا نـارٌ وروحٌ ولا جِـسْمٌ(22)

إن هذا العالم بكل موجوداته بالنسبة إلى الصوفي لا يعدو أن يكون مجرد مكان لتجلي الحقيقة الإلهية. ومن هنا يكون الخمر إلى جانب موجودات أخرى مثل المرأة والموسيقى مظهرا جليا لهذه الحقيقة(23). ولذلك يبدو مشعا كالشمس وواضحا وجميلا كالعروس حسب رأي الشاعر الأندلسي الششتري (1203-1269) الذي يصفه بهذه الأبيات:

يا صَاحِ هَلْ هَذه شُمُوسُ * * * * تَلوحُ للحيِّ أمْ كُؤُوسُ

مُدامةٌ كُلمَّا تجلَت * * * * بأنوارها تَسْجُدُ الشُّمُوسُ

قدْ زُوّجَتْ وهي للنُّدَامَى * * * * تُجْلَى كما تَنْجَلي العَروسُ(24)

تتحقق التجليات الإلهية تدريجيا من خلال المراحل المختلفة لتناول الخمر. نتذوقها أولا ثم نشربها وفي النهاية نشرب منها حتى نرتوي، لأنه لا يدرك الانتشاء إلا من يجرب الخمر ويشرب حتى الارتواء. لذلك يدعو الششتري الفقيه الذي يعارض شرب الخمر إلى تذوق الخمر ليكتشف روعة مذاقه:

آه يا ذا الفقيه لو ذقت منها * * * * وسمعت الألحان في الخلوات

لتركت الدنيا وما أنت فيه * * * * وتعش هائما ليوم الممات(25)

2. 2. 2. 2- رمز المرأة
يجب أن نشير في البداية الى أن المشركين العرب كانوا يؤلهون المرأة قبل الإسلام متخذين اللات ومنات وسواع والعزة كآلهة، وحتى بعد الإسلام واصلوا الاعتقاد في القوى الخارقة للعادة للمرأة مدعين بأن الملائكة إناث.

في الأدب الصوفي من الممكن جدا أن ينحدر رمز المرأة "من شعر الحب العذري وذلك بسبب وجود صلة متينة بينه وبين الحب الصوفي"(26) لوجود شيئا ما يربط بين الزهد وفضيلة الحب العذري.

بالنسبة الى الصوفية من الممكن أن يشع الجمال الالهي المطلق وغير المدرك من خلال كائنات هذا العالم. بهذا الشكل يعكس الكائن البشري الجميل جمال الله ومن ثم يمكن أن يكون محبوبا وحبه هذا يسمى حبا من باب الاستعارة لأنه حبا عذريا(27).

يرى ابن عربي أن الجمال الالهي يتجلى بصفة خاصة في المرأة، وهذا يعني أن حب هذا الجمال انما هو حب لله نفسه(28). من هنا تجد شخصية ليلى حبيبة قيس بن الملوح اهتماما كبيرا من طرف الصوفية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بثينة حبيبة جميل وعزة حبيبة كثير. يجد الصوفية في كل هذه الشخصيات رموزا حقيقية لحبهم الإلهي(29). غير أن بعض الصوفية لم يحافظوا على حبهم العذري بل عبروا عن ميلهم نحو"شبان مرد" الشيء الذي تسبب في العديد من الفضائح(30).

إن استعمال الصوفي لرمز المرأة للتعبير عن حبه لله حسب ابن عربي يرجع إلى أن الله يحب الكائن المخلوق على صورته وهو آدم. خلق الله امرأة لآدم "على صورته فاشتاق اليها كما يشتاق الشيء إلى نفسه واشتاقت إليه كما يشتاق الشيء الى أصله"(31). يرى ابن عربي أن الحب الإلهي يرتكز على الحب الإنساني وحب المرأة يمثل خطوة أساسية نحو حب الله وذلك لأنه "ينتمي إلى الكمال العرفاني الموروث من النبي ومن الحب الإلهي"(32). إن حب المرأة الموروث من النبي الذي يشير إليه ابن عربي هو مذكور في حديث نبوي حيث يقول النبي (ص) بأنه جعلت قرة عينه في العطر والنساء والصلاة(33).

كتاب "ترجمان الأشواق لابن عربي كتب سنة 1215 يمدح فيه الكاتب أناقة فتاة اسمها نظام تعرف عليها في مكة. أسلوب قصائد هذا الكتاب لا يختلف عن أسلوب الشعر الغزلي بالرغم من أن الكاتب يبين في مقدمته أن هدفه صوفي بحت: "أقصد معرفة نبيلة واشراقات إلهية وأسرار روحية"(34).

لكن هذا الحب الروحي والإلهي الذي ينادي به الصوفية غالبا ما يعبر عنه بألفاظ غزلية. يلاحظ هذا الأمر مثلا في شعر ابن الفارض الذي يعج بتعابير الحب الاباحي إلى جانب شعره العذري. شعر ابن الفارض يتوازى مع الشعراء الذين يمجدون الجمال الإنساني وهو يمنح أسماء عدة لمحبوبته مثل رقية وأمية وسعاد وسلمى ومي وعتبى ونيام وليلى وريا وسعادة وجمال وعزة وأم مالك(35) الشيء الذي يثير الشكوك حول حبه الإلهي.

لم تعد المرأة في التصوف شيء للمتعة الجنسية بل اكتسبت صورة نبيلة لأنها مظهر من المظاهر العليا للجمال والحب الالهيين مثلما يؤكد ابن عربي: "فيك بلغ الجمال الالهي ذروته"(36).

2. 2. 2. 3- رمز الطيور
تستعمل الطيور في كثير من الثقافات كرمز إلى الروح الإنسانية كما تستعمل كرسل سلام وحب بين الأرض والسماء وذلك بسبب قدرتها على الطيران. ان طيران العصافير في الأدب الصوفي غالبا ما يكون بحثا عن المحبوب. أفضل عمل أدبي استخدم هذا الرمز هو كتاب "منطق الطير" لفريد الدين العطار (عاش ما بين القرن الثاني عشر والثالث عشر ميلادي) .انه أفضل ما كتب في الأدب الفارسي عامة والأدب الصوفي خاصة(37).

"منطق الطير" هو قصيدة رمزية تصف سفر سرب من الطيور بحثا عن ملكهم السيمورغ. استوحى العطار فكرته هذه من عدة مصادر أولها القرآن الكريم في قصة ملكة سبأ حيث أعلن النبي سليمان: "يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين" (سورة النمل الآية 16). إلى جانب القرآن الكريم استوحى قصته أيضا من مصادر أدبية أخرى مثل "رسالة الطير" لابن سينا (980-1073) و"رسالة الطير" للغزالي (1058-1111).

بما أن الطير يمثل الروح الإنسانية فإن طيرانه يرمز إلى تجربة البحث الروحي والارتقاء نحو الله. من هنا يأتي المثل التركي القائل: "طار عصفور روحه" مشيرا إلى موت أحدهم(38).

طيور فريد الدين العطار كانوا معروفين داخل سربهم مثل الهدهد والصقر والببغاء والطاووس والعندليب والحسون والبطة والحجلة .. ويشير كل واحد من هذه الطيور الى أنواع من الصفات والتصرفات البشرية. يحتل الهدهد في كتاب "منطق الطير" مكانة مرموقة. هو طائر معروف بمنقاره الطويل وقنبرته من الريش التي تبدو مثل التاج الذي يمنحه جمالا كبيرا. إنه في العادة رمز للمعرفة والحكمة أما في كتاب "منطق الطير" فإنه يرمز الى شيخ الطريقة الصوفي، أو الإنسان الكامل الذي خبر هذا الطريق(39). يصور العطار وصوله إلى اجتماع الطيور بهذه العبارات:

سارع الكل في الاجتماع والبحث عن ملك او سلطان

فأقبل الهدهد مضطرباً من كثرة الانتظار * * * * فاقبل من بين الجمع لا يقر له قرار

جاء مرتدياً على صدره حلة الطريقة * * * * جاء وقد علا مفرقة تاج الحقيقة

جاء وقد خبر واختبر الطريق * * * * جاء بعد ان اطلع على ما فيه من قبيح ورشيق

قال أيتها الطير إنني بلا أدنى ريب مريد الحضرة ومرسال الغيب

جئت مزوداً من الحضرة بالمعرفة جئت وقد فطرت على أن أكون صاحب أسرار(40).

إنه اذا لمن اختصاص الهدهد حث بقية الطيور على السير في طريق البحث الطويل هذا وقيادتهم خلال هذه الرحلة والإجابة عن أسئلتهم:

"فاطرحوا عنكم معرة الغرور والهوى وتخلصوا من آلام كفركم وهمومه () وسيروا في الطريق وامضوا قدما نحو تلك الأعتاب، فلنا ملك بلا ريب يقيم خلف جبل يقال له قاف اسمه السيمرغ ملك الطيور وهو منا قريب ونحن منه جد بعيدين"(41).

لقد تأثر الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس بهذه القصيدة فأعاد صياغتها مبرزا شدة الحماس والشجاعة التي قررت بها الطيور الخروج من حالة الفوضى التي تعيشها والشروع في البحث عن ملكهم السيمرغ: "ملك الطيور البعيد السيمرغ يترك ريشة رائعة تسقط وسط الصين فتقرر الطيور البحث عنه لتتخلص من حالة الفوضى القديمة التي تعيشها. هي تعلم أن اسم ملكهم يعني ثلاثين طائرا وتعلم أيضا أن قصره موجود في الكاف الجبل الدائري الذي يحيط بالأرض"(42).

نشير في النهاية إلى أن كتاب "منطق الطير" يعج بالطيور كل باسمه ولكن الطير الأكثر نشاطا وحيوية هو الهدهد الذي يقوم بمهمة قيادة السرب. في مقابل ذلك نجد أن "رسالة الطير" لابن سينا و"رسالة الطير" للغزالي لا تحتوي على أسماء الطيور باستثناء العنقاء في كتاب الغزالي التي تمثل العصفور الملك الذي تبحث عنه الطيور.

الخلاصة
أنتج الأدب الصوفي الذي امتد على مدى ثمانية قرون من الزمن عدد من الشيوخ المشهورين ومن الأعمال الأدبية الممتازة من نثر وشعر، مثل "الطواسين" للحلاج و"رسائل" الجنيد البغدادي و"المواقف" و"المخاطبات" للنفري و"فصوص الحكم" و"الفتوحات المكية" لابن عربي و"منطق الطير" لفريد الدين العطار وشعر ابن الفارض وجلال الدين الرومي.

إن خصوصية الأدب الصوفي القائم على حالات معقدة من الانجذاب تحمل الصوفي على الالتجاء إلى استعمال لغة الاستعارة والرمز لنقل تجربته إلى العالم. نظرا لقصور اللغة العادية على تنفيذ هذه المهمة يتمرد الصوفي عليها وعلى كل أشكال اللغات العادية مثل لغة الفلاسفة ولغة الفقهاء.

كعلم إسلامي وجد التصوف في القرآن مثالا جيدا في استعمال الرمز وبصفة خاصة في قصة زكرياء ومريم العذراء. غير أن هذا الاستعمال المفرط للرمز تسبب في العديد من الصعوبات أمام انتشار التصوف سواء بين عامة الناس أو بين الفقهاء. كتاب ابن عربي "ترجمان الأشواق" مثال واضح على هذه الصعوبات نظرا لما أحدثه من نقد لاذع لصاحبه.

وقع استعمال رمز الخمر في الأدب الصوفي من طرف كبار المتصوفة من أمثال الجنيد والرومي والخيام وابن الفارض وغيرهم. إن الخمر الصوفي هو إشارة إلى حالة السكر التي يحدثها حب الله ولا علاقة له بالخمر العادي.

الرمز الثاني الأكثر استعمالا في الأدب الصوفي هو رمز المرأة. إن أصل هذا الرمز هو الحب العذري من ناحية، ومن ناحية أخرى حديث نبوي يصرح فيه الرسول (ص) بأنه حبب إليه من الدنيا ثلاث أشياء من بينها النساء. إضافة إلى ذلك يمثل الجمال الإنساني وبصفة خاصة جمال المرأة بالنسبة إلى الصوفية تجليات للذات الإلهية، ولذلك يرون أن حب هذا الجمال ما هو في الحقيقة إلا حبا لله. يعترف ابن عربي وهو يشير إلى المرأة: "فيك بلغ الجمال الإلهي ذروته".

الرمز الثالث الأكثر شيوعا في الأدب الصوفي هو رمز الطير. إن حركة الطيران عند الطائر تحيل الصوفي إلى الصعود والبحث عن الله المحبوب. تمثل قصيدة فريد الدين العطار "منطق الطير" أفضل مثال في استعمال رمز الطيور. الهدهد هو الطائر الأكثر ديناميكية في هذه القصيدة وذلك لأنه يقود أصحابه نحو ملكهم السيمورغ.

باختصار لا يقنع الصوفي بما هو ظاهر بل يسعى إلى تجاوز القشرة ليبلغ اللب وهدفه النهائي هو المرور مما هو مرئي الى ما هو غير مرئي: الحقيقة المطلقة. لذلك يجد نفسه مجبرا على كسر القواعد اللغوية التقليدية لكي يتمكن من التعبير عن حالة نشوته وسكره بالله. يلجأ إذا إلى الاستعارة والرمز كوسائل حتمية في إنتاجه الأدبي. لكن هذه الوسائل تجعل خطابه شديد الغموض وتحدث البلبلة والارتباك لدى العديد من فئات المجتمع المسلم التي تبدي عدم رضاها عن هذا الخطاب وتقاومه.

(جامعي تونسي)

* * * *

الهوامش
1- SCHIMMEL, Annmarie: Introducción al sufismo. Título original: Sufismus. Eine einführung in Die islamisch mystik. Traducción del alemán: Lía Tummer. Madrid: Editorial Kairós, Barcelona, 1ª ed. 2007, [pp. 164], pág. 56.

آن مري شيمال، مدخل الى التصوف، ص56.

2- يوسف زيدان، دراسة في التصوف: المتواليات، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الأولى 1998، [عدد الصفحات 208]، ص32.

3- آمنة بلعلى، تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، الطبعة الأولى، 2002، [عدد الصفحات 349]، ص7.

4- SCHIMMEL, Annmarie: Introducción al sufismo, op. cit. pág. 55.

5- ERNEST, W Carl. Sufismo. Una introducción esencial a la filosofía y la práctica de tradición mística del Islam. Título original: The Shambhala Guide to sufism. Traducción de Joan Carles Guix. Barcelona: Ediciones Oniro, S. A [pp. 271], pág. 164.

كارل ارنيست، الصوفية: مدخل أساسي الى فلسفة وطريقة الصوفية الاسلامية، ص164.

6- آمنة بلعلى، تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة، ص7.

7- نفس المصدر، ص51.

8- فؤاد أعراب، تجليات المرأة والأنوثة في الخطاب الصوفي، نموذج ابن عربي.

<http://www.aljabriabed.net/n81_08aarab.(1).htm#_ednref5

9- يوسف زيدان، المتواليات: دراسة في التصوف، ص15.

10- مجدي محمد إبراهيم، التجربة الصوفية، مكتبة الثقافة ألدينية مصر، ط1، 2003، [عدد الصفحات 220[ـ ص140.

11- يوسف زيدان، دراسة في التصوف: المتواليات، ص20.

12- فؤاد أعراب، تجليات المرأة والأنوثة في الخطاب الصوفي، نموذج ابن عربي.

13- حميدة صالح البلداوي، فلسفة التصوف في الشعر الأندلسي، الدار العربية للموسوعات، ط1، بيروت، 2011، ص116.

14- هيفرو محمد علي ديركي، جمالية الرمز الصوفي: النفري والعطار والتلمساني، دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر، ط1، دمشق، 2009، [عدد الصفحات 370]، ص19.

15- هيفرو محمد علي ديركي، جمالية الرمز الصوفي: النفري والعطار والتلمساني، ص19.

16- حميدة صالح البلداوي، فلسفة التصوف في الشعر الأندلسي، ص118.

17- فؤاد أعراب، تجليات المرأة والأنوثة في الخطاب الصوفي، نموذج ابن عربي.

18- NURBAKHS, Javad: “El vino en la simbología sufí” <http://fr.scribd.com/doc/146150476/Simbolismo-Sufi-del-Vino-pdf>, (Consultado el 25.12.2013)

جواد نورباكهس، "الخمر في الرمزية الصوفية".

19- ERNEST, W Carl. Sufismo. Una introducción esencial a la filosofía y la práctica de tradición mística del Islam, op. cit., pág. 164.

كارل ارنيست، الصوفية: مدخل أساسي الى فلسفة وتطبيق الصوفية الاسلامية، ص164.

20-اللمع لنصر السيراج الطوسي، حققه عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، دار الكتب الحديثة مصر ومكتبات المثنى، 1960، ص319.

21- توفيق بن عامر، دراسات في الزهد والتصوف، الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس، 1981، [عدد الصفحات 183[، ص108.

22- ديوان ابن الفارض، ص7.

<http://www.al-hakawati.net/arabic/civilizations/diwanindex4a10.pdf>

23- C. CHITTICK, William: “Sobre el amor divino y el simbolismo del vino en la tradición sufí”.

<http://www.libreria-mundoarabe.com/Boletines/n%BA88%20Dic.10/AmorDivinoSimbolismoVino.htm>

ويليام شيتيك،"حول الحب الالهي ورمزية الخمر في الطريقة الصوفية".

24 -ديوان أبي الحسن الششتري، حققه وعلق عليه علي سامي النشارة، ط1، هيئة المعارف، الاسكندرية 1960، ص51-52.

25- نفس المصدر ص51-52.

26- حميدة صالح البلداوي، فلسفة التصوف في الشعر الأندلسي، ص123.

27- SCHIMMEL, Annmarie: Introducción al sufismo, op. Cit., pág. 63.

آن مري شيمال، مدخل إلى التصوف، ص63.

28- SCATTOLIN, Giuseppe: “La mujer en el misticismo islámico”

جيسيبي سكاطولين، "المرأة في التصوف الاسلامي".

<httphttp://www.africafundacion.org/encuentro_islam/Documentos/1995/Encuentro_282.pdf>

29- فؤاد أعراب، تجليات المرأة والأنوثة في الخطاب الصوفي، نموذج ابن عربي.

30- SCHIMMEL, Annmarie: Introducción al sufismo, op. cit., pág. 63.

آن مري شيمال، مدخل إلى التصوف، ص63.

31- حميدة صالح البلداوي، فلسفة التصوف في الشعر الأندلسي، ص123.

32- SCATTOLIN, Giuseppe: “La mujer en el misticismo islámico”

جيسيبي سكاطولين، المرأة في التصوف الاسلامي.

<http://www.africafundacion.org/encuentro_islam/Documentos/1995/Encuentro_282.pdf>

33- نفس المصدر.

34- ERNEST, W Carl. Sufismo. Una introducción esencial a la filosofía y la práctica de tradición mística del Islam, op. Cit., pág. 170.

كارل ارنيست، الصوفية: مدخل أساسي الى فلسفة وطريقة الصوفية الاسلامية، ص170.

35- توفيق بن عامر، دراسات في الزهد والتصوف، ص96.

36- فؤاد أعراب، تجليات المرأة والأنوثة في الخطاب الصوفي، نموذج ابن عربي.

37- هيفرو محمد علي ديركي، جمالية الرمز الصوفي النفري والعطار والتلمساني، ص173.

38- ANWARALI KASSAM, Jamil: “El simbolismo de los pájaros en La conferencia de los pájaros de Attar”, pág. 44

جميل أنورالي قسام، رمزية العصافير في منطق الطير للعطار، ص44.

<http://www.nematollahi.org/revistasufi/articulos/Simbolismo_de_los_pajaros_Attar.pdf>

39- هيفرو محمد علي ديركي، جمالية الرمز الصوفي النفري والعطار والتلمساني، ص182.

40- منطق الطير لفريد الدين العطار النيسابوري، دراسة وترجمة بديع محمد جمعة، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 2002، ص184.

41- نفس المصدر السابق.

42- LUIS BORGES, Jorge: Obras completas III (1975-1985). Barcelona. María Kodama y Emecé Editores, S. A. 1989, [pp. 518], págs. 367-368.

خورخي لويس بورخيس، الأعمال الكاملة، الجزء الثالث، ص367-368.

* * * *

المراجع العربية

- آمنة بلعلى: تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة: المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، الطبعة الأولى، 2002، [عدد الصفحات 349].

- توفيق بن عامر: دراسات في الزهد والتصوف، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس 1981، [عدد الصفحات 183].

- ديوان أبي الحسن الششتري: حققه وعلق عليه علي سامي النشارة، الطبعة الأولى، هيئة المعارف، الاسكندرية، 1960.

- اللمع: نصر السراج الطوسي، حققه وقدم له وخرج أحاديثه عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، دار الكتب الحديثة بمصر ومكتبة المثنى، 1960.

- منطق الطير لفريد الدين العطار النيسابوري، دراسة وترجمة بديع محمد جمعة، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2002.

- مجدي مجمد إبراهيم، التجربة الصوفية، مكتبة الثقافة الدينية مصر، الطبعة الأولى، 2003، [عدد الصفحات 220[.

- هيفرو محمد علي ديركي، جمالية الرمز الصوفي: النفري والعطار والتلمساني، دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى، 2009، [عدد الصفحات 370].

- يوسف زيدان: المتواليات دراسة في التصوف الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1998، [عدد الصفحات 208[.

* * * *

المراجع الأجنبية

- ERNEST, W Carl. Sufismo. Una introducción esencial a la filosofía y la práctica de tradición mística del Islam. Título original: The Shambhala Guide to sufism. Traducción de Joan Carles Guix. Barcelona: Ediciones Oniro, S. A [pp. 271].

- LUIS BORGES, Jorge: Obras completas III (1975-1985). Barcelona. María Kodama y Emecé Editores, S. A. 1989, [pp. 518].

- SCHIMMEL, Annmarie: Introducción al sufismo. Título original: Sufismus. Eine einführung in Die islamisch mystik. Traducción del alemán: Lía Tummer. Madrid: Editorial Kairós, Barcelona, 1ª ed. 2007, [pp. 164].

* * * *

المراجع الالكترونية

- فؤاد أعراب، تجليات المرأة والأنوثة في الخطاب الصوفي، نموذج ابن عربي.

<http://www.aljabriabed.net/n81_08aarab.(1).htm#_ednref5>

(وقعت مراجعته في جانفي 2014)

- ديوان ابن الفارض

<http://www.al-hakawati.net/arabic/civilizations/diwanindex4a10.pdf>

(وقعت مراجعته في ديسمبر 2013)

- ANWARALI KASSAM, Jamil: “El simbolismo de los pájaros en La conferencia de los pájaros de Attar”, pág. 44.

<http://www.nematollahi.org/revistasufi/articulos/Simbolismo_de_los_pajaros_Attar.pdf> (Consultado en diciembre de 2013)

- C. CHITTICK, William: “Sobre el amor divino y el simbolismo del vino en la tradición sufí”

<http://www.libreria-mundoarabe.com/Boletines/n%BA88%20Dic.10/AmorDivinoSimbolismoVino.htm>

(Consultado en noviembre de 2013)

- ANWARALI KASSAM, Jamil: “El simbolismo de los pájaros en La conferencia de los pájaros de Attar”, pág. 44.

<http://www.nematollahi.org/revistasufi/articulos/Simbolismo_de_los_pajaros_Attar.pdf>

(Consultado en diciembre de 2013)

- C. CHITTICK, William: “Sobre el amor divino y el simbolismo del vino en la tradición sufí”.

<http://www.libreria-mundoarabe.com/Boletines/n%BA88%20Dic.10/AmorDivinoSimbolismoVino.htm>

(Consultado en noviembre de 2013)

- NURBAKHS, Javad: “El vino en la simbología sufí”

<http://fr.scribd.com/doc/146150476/Simbolismo-Sufi-del-Vino-pdf>, (Consultado el 25.12.2013)

- SCATTOLIN, Giuseppe: “La mujer en el misticismo islámico”

<httphttp://www.africafundacion.org/encuentro_islam/Documentos/1995/Encuentro_282.pdf>

(Consultado en enero de 2014)