تكشف هذه الدراسة الميدانية عن طبيعة استراتيجيات الإزاحة البيو-سياسية التي تستخدمها دولة الاستيطان الصهيوني في فلسطين لإزاحة سكانها الأصليين من أراضيهم وتجريدهم من حقوقهم فيها، عبر إجراءات بيروقراطية قانونية، ونقاط تفتيش جسدية، وإحلال المستوطنين مكانهم. وتعري بذلك الطبيعة العنصرية المقيتة للاستعمار الاستيطاني الصهيوني لأرض فلسطين.

ما وراء الحيز المكاني

القدس الشرقية، كفر عقب وسياسة المعاناة اليومية

دعاء حمّودة

ليالي حمايل، لين ولشمان

ضمن سياسة "الإزاحة" الديموغرافية وإنشاء غيتوات يُحشر فيها سكان القدس الفلسطينيون تمهيداً لتفريغها والاستيلاء على ما تبقّى منها، حوّلت إسرائيل حي كفر عقب في أقصى شمالي القدس، وعلى بعد 11 كيلومتراً عن البلدة القديمة، و4 كيلومترات عن مدينة رام الله، من أحد الأحياء الراقية في القدس، إلى منطقة فقر وكثافة سكانية. فقد فصل جدار الفصل العنصري هذا الحيّ عن مركز مدينة القدس، كما أن القيود المشددة على البناء، وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي، حوّلته إلى ما يشبه "الغيتو"، فيه مقدسيون لا قدرة مالية لديهم للبقاء في القدس، وعائلات تكونت من زيجات من الضفة الغربية وأُخرى من القدس، يتسبب القانون الإسرائيلي بحرمانهم من الإقامة في القدس، إذا ما سكنوا الضفة الغربية بشكل دائم، فآثرت هذه العائلات البقاء في غيتو كفر عقب. وعلى غرار سكان بقية الأحياء المقدسية التي فصلها الجدار عن المدينة، فإن سكان كفر عقب يفتقرون إلى العديد من الخدمات التي تمتنع بلدية الاحتلال من تقديمها في الأحياء خلف الجدار، ويعانون مشكلات قانونية واجتماعية وحقوقية، تجعلهم يعيشون حياة يومية غير مستقرة مادياً ونفسياً.

«إنه حلّ موقت لمسألة إقامتنا ... قد تصير المنطقة جزءاً من الضفة الغربية في أي لحظة، ولا نعرف ماذا نفعل، إذا ما حدث ذلك. إن واقع سلخها عن القدس بسبب الجدار، وسماح إسرائيل بقيام مثل هذه "العشوائيات"، يعنيان أنها ستُستثنى في يوم من الأيام، وفي هذه الحالة لن يعود في إمكاني العيش مع عائلتي» (كريم 33 عاماً). «نحن كالغنم؛ فمن خلال سياساتهم وقوانينهم يحشروننا هنا ويقودوننا إلى الوجهة التي يريدون. لا نملك قرار أين يجب أن نعيش حياتنا. كفر عقب ستبقى على حالها لأنهم لا يريدون أن يعود جميع الفلسطينيين مجدداً إلى القدس. قال لي المحقق إن كفر عقب هي مساحة تخزين لإسرائيل، مثلما هي المساحة التي في منزلك حيث تضع الأشياء التي لا تريدها». (إسماعيل 38 عاماً).

في أواخر تشرين الأول / أكتوبر 2015، وفي أثناء إعداد هذه الدراسة، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بنيامين نتنياهو دعوته إلى إلغاء إقامات الفلسطينيين في القدس الشرقية، الذين يعيشون على الجانب الشرقي من جدار الفصل. فقد زعم نتنياهو أن سكان هذه الضواحي "لا يقومون بواجباتهم كمقيمين، في الوقت الذي يتمتعون بالحقوق التي تمنحها لهم دولة إسرائيل. "إن استراتيجية إسرائيل في تقليص عدد الفلسطينيين في القدس تتخطى المظهر المادي لجدار الفصل، لتصل إلى حدود السيطرة الحميمة على الحياة الفلسطينية في أدق تفصيلاتها، وذلك من خلال التطبيق الصارم لنظام الإقامة في القدس. وأدّى المزج بين سياسة "مركز الحياة" التي تنص على أن يقدّم الفلسطينيون المقيمون في القدس إثباتات مستمرة على إقامتهم داخل حدود بلدية القدس، وبين منع لمّ شمل العائلة والزوجات بذرائع قانونية متنوعة، إلى تعقيد الحياة العائلية والحركة وخيارات الإقامة. ومن خلال مقابلات مع المقيمين في كفر عقب، وهي إحدى ضواحي القدس الواقعة في أقصى الشمال إلى الشرق من جدار الفصل، والتي أشار إليها نتنياهو، تلقي هذه الدراسة الضوء على كيفية تأثير هذه الآليات في الحياة اليومية، كما تُبرز كيف أصبحت هذه الآليات منغرسة بعمق في حياة كل فرد وعائلة وتركيبة اجتماعية، وكيف باتت تؤثر في الخيار الفردي، وفي تأسيس العائلة: الإنجاب وتسجيل الأولاد، وهذا كله يظهر جلياً من خلال نظام المراقبة القائم حالياً، والمتجسد بالمحققين.

الخلفية والسياق
عقب خطوة إسرائيل غير القانونية والأحادية بضم القدس الشرقية في سنة 1967، توسّعت حدود المدينة ثلاثة أضعاف عمّا كانت عليه، وباتت تضم أراضي 28 قرية محتلة حديثاً ومحيطة بها. إن بسط الهيمنة البلدية والإدارية على جميع الأراضي الجديدة التي ضُمّت حديثا ًإلى القدس، والتي تقوننت من خلال تعديل إسرائيل لـ"لقوانين الدولة" و"القانون الأساس" للقدس، سيؤدي لاحقاً إلى فرض إسرائيل نظام "الإقامة الدائمة". ففي تلك الفترة، أجرت السلطات الإسرائيلية إحصاء أعطت بموجبه وضعية "الإقامة الدائمة" لـنحو 66,000 مقدسي كانوا موجودين جسدياً في القدس، بينما خسر السكان الذين لم يكونوا موجودين في وقت الإحصاء حقهم في الإقامة في القدس.
وبالمقارنة مع الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن وضعية الإقامة الدائمة توفّر درجة معينة من حرية الحركة، وحق العيش والعمل في إسرائيل، وكذلك الحق في الحصول على الرعاية الاجتماعية والصحية التي تؤمنها مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية. لكن على الرغم من ارتباطهم القديم العهد بالقدس، فإن المقيمين الدائمين لا يحصلون على حقوق المواطنة، وحدود ارتباطهم القانوني بالدولة هي إقامتهم الدائمة، أي أنهم، بخلاف المواطنين الإسرائيليين، لا يستطيعون السفر بحرية عبر الحدود الإسرائيلية (إلاّ بموافقة من وزير الداخلية)، ولا يحق لهم نقل وضعيتهم القانونية بشكل آلي إلى أولادهم (باستثناء بعض الحالات المحدودة التي يوافق عليها وزير الداخلية). وأكثر من ذلك، ففي حين أن إلغاء الجنسية الإسرائيلية مستحيل نظرياً، فإن خطر إلغاء الإقامة الدائمة ماثل دائماً، وخاضع تماماً للتقدير المطلق لوزير الداخلية. ومن هنا، يبرز خطر ما نُقل عن تفكير نتنياهو في الإلغاء الجماعي لإقامات الفلسطينيين المقدسيين المقيمين "خارج" الجدار.

ويُقدّر أنه منذ سنة 1967، تم إلغاء حقوق الإقامة لـ 14,200 شخص من حاملي بطاقات الإقامة الدائمة في القدس الشرقية. ويُزعم أن هؤلاء المقيمين، في معظمهم، لم يعودوا يستوفون متطلبات "مركز الحياة" الذي اعتُمد في سنة 1995، والذي ينص على أنه يتعين على حاملي بطاقات الإقامة الدائمة أن يثبتوا دورياً أنهم يقيمون ضمن حدود بلدية القدس، وأن يقدّموا الأوراق الثبوتية التي تؤكد ذلك.

ومع بناء جدار الفصل في سنة 2002، أحكمت إسرائيل فعلياً سيطرتها على الأراضي التي ضُمّت بطريقة غير قانونية، وباتت مدينة القدس اليوم، التي أصبحت داخل الجدار، معزولة عن باقي الضفة الغربية ولا يتم الوصول إليها إلاّ عبر سلسلة من نقاط التفتيش التي تتطلب موافقة إسرائيلية على الدخول. ويعبر الفلسطينيون نقاط التفتيش العسكرية عبر ممر محاط بالأسلاك الشائكة، ومن خلال بوابات تقود إلى مراكز التفتيش والتدقيق الأمني. وبعد عبور البوابات، يمكن للمقيمين الدائمين في القدس الانتقال إلى الجهة الأُخرى، بعد إبراز أوراقهم القانونية؛ أمّا سكان الضفة الغربية فيحظّر عليهم الدخول ما لم يستحصلوا على إذن عبور مسبق من السلطات الإسرائيلية، وهي أذونات لا تُعطى إلاّ بشروط خاصة، ومن الصعب جداً الحصول عليها. وفعلياً، أدّت هذه العوائق المادية إلى نقل القدس الشرقية، التي كانت يوماً المركز السياسي والاقتصادي والديني والثقافي للفلسطينيين، إلى هامش المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي فاقم عملية كانت قد انطلقت منذ فترة مبكرة.

وفي تقييد إضافي لحرية المقيمين الدائمين، أُدخل في سنة 2003 تعديل على قانون الجنسية حظّر على الفلسطينيين حاملي الإقامة الدائمة، والمتزوجين بفلسطينيات من الضفة الغربية أو غزة، تقديم طلب لمّ شمل العائلة كي تتمكن زوجاتهم من الحصول على الإقامة في القدس. وبالتالي، أُجبر العديد من أصحاب الإقامات الدائمة الذين مُنعوا من لمّ شمل عائلاتهم، ولا يستطيعون الإقامة "قانونياً" في مدينة القدس مع عائلاتهم، على الانتقال إلى مناطق يحافظون فيها على حقوق إقامتهم من خلال تطبيق شروط "مركز الحياة"، ويعيشون في الوقت نفسه مع زوجاتهم وأولادهم الذين يحملون بطاقات هوية من الضفة الغربية، ولا يستطيعون العبور أو الإقامة في القدس من دون إذن من إسرائيل.

كفر عقب واحدة من هذه المناطق. ولأنها "مخلوعة" خارج الجدار وحاجز قلندية، ومع ذلك تقع ضمن حدود بلدية القدس وفقاً للتحديد الإسرائيلي، فإنها توفر قاعدة قانونية للعائلات على اختلاف أوضاعهم القانونية من أجل العيش معاً. وكما قالت نورا الخليلي ومنى دجاني ودانييلا دي ليو، فإن مثل هذه المساحات السكنية على حدود القدس، دليل على استراتيجيات التخطيط العنصري التي تهدف إلى "إزاحة" الفلسطينيين المقدسيين، وقد اعتُمدت هذه المناطق لاستقبال الفلسطينيين المقدسيين الذين جرت "إزاحتهم"، واستغلال وهم السكن في القدس. ويشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 100,000 فلسطيني يقيمون في ضواحي القدس الشرقية خارج جدار الفصل، ويتراوح عدد سكان كفر عقب وسميراميس (ضاحية أُخرى من ضواحي القدس تقع خارج الجدار) ما بين 60,000 و80,000 نسمة. ونظراً إلى الطبيعة السياسية للهجرة الجماعية إلى كفر عقب، تحوّلت هذه القرية الهادئة في الماضي، إلى منطقة مكتظة ذات أبنية عشوائية، وزحف عمراني، وأوضاع معيشية وبيئية متدهورة.

وعلى الرغم من أن السكان مجبرون على دفع الضرائب البلدية، فإن الخدمات البلدية واقعياً شبه غائبة في تلك المناطق، ويلاحظ بالتالي التناقض المتمثل في غياب الدولة وانسحابها من هذه المنطقة. فضلاً عن ذلك، فإن الاستبعاد المادي الملموس لكفر عقب بسبب الجدار ـ والطبيعة غير المستقرة لوضعها المقدسي الحالي ـ يشيران ببساطة إلى احتمال إعادة رسم حدود بلدية القدس مستقبلاً بحيث تُستثنى كفر عقب منها، الأمر الذي يجعل العديد من المقيمين قلقين إزاء مستقبل وضع عائلاتهم القانوني.

وفي حين أن البحث في مظاهر الحيّز المادية كنتيجة لسياسات التمييز وآليات المراقبة أمر مهم جداً، إلاّ إن محور هذه الدراسة يسعى للنظر إلى ما وراء الحدود الملموسة للحيّز من أجل فهم تأثير هذه التدابير في التفصيلات الحميمة للحياة اليومية. وفي الواقع، فإن هذه الدراسة تؤكد بوضوح أن سكان كفر عقب عرضة لمختلف ضغوط الحياة، بما في ذلك القلق الناتج من المعارك القانونية والإدارية للاحتفاظ بالإقامة، ومحنة الاضطرار إلى الانتقال إلى مناطق في ظروف معيشية أسوأ، من أجل المحافظة على حق الإقامة في القدس، والإحساس بعدم الثقة والتفكك المجتمعي. ويشدد إيليا زريق ونايجل بارسونز ومارك ب. سالتر على الحاجة إلى تحليل الممارسات البيوسياسية (Biopolitical) لنظام التنقل من أجل تفسير ظروف الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذه الممارسات التي تتضمن المظاهر المادية للمراقبة مثل جدار الفصل، ونقاط التفتيش الإسرائيلية التي تنتشر على الأرض، وغيرها من العوائق المادية للتنقل، وكذلك وثائق الهوية ونظام الأذونات الشامل، وكل ما يؤدي إلى قطع أوصال العائلات، تُعتبر أساسية لهذه الدراسة. وفضلاً عن ذلك، ونظراً إلى طبيعة السلطة الإسرائيلية المنتشرة على كامل الأراضي، فإن التحليل البيوسياسي مفيد بسبب تطبيق النظام "البوليسي" في الأماكن كافة.

إن توسعنا في البحث بشأن مسألة البيوسياسية يساعد في إلقاء الضوء على السيطرة العميقة على الحياة العائلية بتفصيلاتها ومساهمتها في تفكيك المجتمع، وذلك من خلال دراسة حالة كفر عقب. واستناداً إلى السياسات الإسرائيلية والقيود المفروضة التي تغلغلت في الحياة العائلية الفلسطينية، وجدنا نوعاً خاصاً من "الإزاحة" في كفر عقب حيث إن نموذج منع التنقل المفروض لم يكن جسدياً وبيروقراطياً فحسب، بل تضمن أيضاً تنقلاً مفارقاً يتمثل في إجبار العائلات على الانتقال إلى مناطق مثل كفر عقب جرّاء ظروف قاهرة (تتضمن سياسات تمييز في الأراضي والإسكان في مناطق تقع غربي الجدار)، واللافت في الأمر، أن العائلات نفسها هي التي تطبّق هذه السياسات بحثاً عن الاستمرار وقابلية الحياة. علاوة على ذلك، ونظراً إلى القيود على التنقل التي تطبقها وتديرها إسرائيل بموجب تحديد الوضع القانوني ونظام الإقامة الذي تعتمده، أصبحت العائلات المؤلفة من عدة أشخاص لكل منهم وضعية قانونية مختلفة تقبل بأي تسوية للتنقل من أجل المحافظة على العائلة، حتى إن كان أحد أفرادها يتمتع بـ "حرية تحرّك" أكثر من الآخرين. وهذا "التنقل الجامد" المتناقض الذي يفرض على العائلة الرحيل إلى منطقة حيث المستقبل السياسي غامض بهدف المحافظة على وضعية الإقامة الموقتة لعدد من أعضائها، يتجسّد في الارتدادات البيروقراطية غير المباشرة الناجمة عن أشكال حادة من العنف. وتلقي الدراسة الضوء على عدم اليقين وفقدان الأمان الشديدين اللذين يطبعان حياة كثيرين من سكان كفر عقب.

المنهجية
تستند النتائج التي توصلت إليها الدراسة إلى تحليلات لـ 63 مقابلة نوعية ومعمّقة أجريت مع 27 امرأة و20 رجلاً و16 شاباً (من الفئة العمرية 18 ـ 25 عاماً) يقيمون في كفر عقب. والمقابلات التي أُجريت مع النساء والرجال قادتها الكاتبة الرئيسية للدراسة، بينما أجرت الكاتبة الثانية المقابلات مع الشبان. أمّا الأعمال الميدانية فجرت خلال الفترة تشرين الأول/ أكتوبر 2013 ـ آب/ أغسطس 2015، في أماكن اختيرت كي يشعر المشاركون في الدراسة بالراحة للتحدث.
تضمنت المقابلة شبه المنظمة أسئلة تتعلق بأسباب الانتقال إلى كفر عقب، وبظروف المعيشة، ونوعية الحياة الفردية والعائلية، واختير المشاركون من خلال نماذج مدروسة بعناية تضم فلسطينيين يحملون إقامات في القدس ومتزوجين بمقيمين في الضفة الغربية وبالعكس. وأعطت لجنة البحث الإثني في "معهد الصحة العامة والمجتمعية" (ICPH) في جامعة بير زيت، موافقتها الأخلاقية على إجراء الدراسة، وجرى إطلاع المشاركين على بيان موافقة شفهي يحفظ سريّة أجوبتهم، وأُعلنت موافقتهم على الاشتراك في الدراسة، أو رفضهم ذلك. وأُخذ بعين الاعتبار إغفال أسماء المشاركين، والمحافظة على سريّة أجوبتهم، وإخفاء هوياتهم لدى نشر نتائج الدراسة، وبذلك فإن الأسماء التي استُخدمت في هذه الدراسة هي أسماء مستعارة. لقد حُلّلت سرديات الأجوبة عبر قراءتها وإعادة قراءتها مراراً وتكراراً، وظهرت بالتدريج أنماط وأفكار رئيسية وفرعية، وحاولنا في هذه الدراسة معالجة مجموعة مختارة من المواضيع تم استنتاجها من بيانات استُقيت من روايات المشاركين.

اختيار الشريك وتأسيس عائلة في ظل اللايقين السياسي
منذ سنة 1967 حتى سنة 2000، كان في إمكان الفلسطينيين/ات المقيمين/ات في القدس والفلسطينيين/ات من مواطني/ات إسرائيل المتزوجين/ات بفلسطينيات مقيمات/ بفلسطينيين مقيمين في الضفة الغربية وغزة، الحصول على وضعية قانونية للأزواج من خلال تقديم طلبات لمّ الشمل العائلي. من حيث المبدأ، يمكن للأجانب غير اليهود المتزوجين بمواطنين إسرائيليين أو مقيمين (إذا اجتازوا التدقيق الأمني) الحصول على الوضعية القانونية نفسها لكفيلهم، لكن عليه أو عليها اجتياز ما يُعرف بـ "المسار المتدرّج" الذي يحصلون عبره أولاً على "إذن موقت" للعيش في إسرائيل، يليه "وضعية مقيم موقت"، ثم "إقامة دائمة"؛ وإذا كان الكفيل مواطناً إسرائيلياً، (فإن الأجنبي/ة) سيحصل أو تحصل على الجنسية. وفي سنة 2003، صادق الكنيست على قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل (أمر موقت)، الذي يمنع لمّ شمل العائلة بين المواطنين الإسرائيليين (معظمهم فلسطينيون من مواطني إسرائيل) والمقيمين، وزوجاتهم/ وأزواجهن اللواتي/الذين هنّ/هم من الضفة الغربية وغزة.

وأدى إصدار هذا القانون الذي يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية ذات الوضعيات القانونية المتنوعة إلى نتائج خطرة على تكوين العائلة، وتسلط المقابلات التي أُجريت الضوء على كيفية تداخل الضغوط السياسية مع تفصيلات الحياة اليومية للعائلة. وبينما أثّر هذا القانون في المقيمين في القدس، كما في الفلسطينيين من مواطني إسرائيل والمتزوجين بمقيمين في الضفة الغربية وغزة (باستثناء القدس الشرقية المحتلة)، فإن الدراسة تركّز على الفلسطينيين الذين يحملون بطاقات إقامة مقدسية (مقيمون إسرائيليون)، والمتزوجين بمقيمين من حاملي هويات الضفة الغربية.
وعلى ضوء مستقبل غامض أصلاً، عبّر المشاركون عن هواجسهم التي تغذيها الموضوعات ذات الصلة بوضعهم القانوني، والتي تضغط على علاقاتهم وتخلق توترات زوجية. ويبدو أن ردة الفعل الزوجية في العائلات ذات الوضعيات القانونية المختلفة، تأرجحت بين التشبث المستمر بالعلاقة، والندم بعد فوات الأوان. ويفاخر بعض المشاركين بقدرته على المحافظة على علاقته مع الطرف الآخر، على الرغم من الظروف كلها، ويشعر بأنه تمكّن من تحدي دولة مصممة على السيطرة على حريته في العيش والحب وفق ما يراه ملائماً. لقد تحول هذا العائق إلى ساحة مقاومة. غير أن آخرين يأسفون لتعريض أنفسهم وأولادهم لهذا النوع من المعاناة؛ تقول سوسن (34 عاماً) بعد تفكير: "لو كنت أعلم أنه سيكون بهذه الصعوبة، لما كنت أقدمت على ذلك أصلاً."

وفي مقابلات أُخرى عبّر مشاركون عن ندمهم على شكل نصائح ضد الزيجات بين وضعيات قانونية مختلطة، وحثّوا أصدقاءهم وعائلاتهم على التعلّم من تجاربهم. وفي حين أن البعض كان معارضاً بشكل واضح، حذّر آخرون من أن ثمة صعوبات جمّة، وأنه يمكن تخطيها إذا ما كان لديهم الرغبة في القتال وتقديم تنازلات كبرى. واستناداً إلى المقابلات، فقد ظهرت بعض المؤشرات إلى إدراك الشبان غير المتزوجين للصعوبات التي تنتظرهم، وبالتالي اتخاذهم قرارات واعية لتجنّب هذا النوع من المعاناة. تقول سارة (30 عاماً):
لم أبدأ بالتفكير بمأسوية الهوية المقدسية إلاّ عندما كنت أستعد للزواج. وقد قررت شقيقاتي بعدما شاهدن ما مررت به، أن الأولوية بالنسبة إليهن عندما يتزوجن هي الحصول على الهوية المقدسية. إنها المصفاة الأولى، وبعدها يأتي أي شيء آخر.
وتحدث مشارك آخر (أحمد، 50 عاماً) عن محاولته تعريف زميل له في الجامعة إلى شريكة محتملة:
في البداية، بدا أنهما متوافقان. كانا معجبَين ببعضهما حقاً، لكن عندما أدرك أنها تحمل هوية من الضفة الغربية، تراجع. قال إنه لا يملك القوة الضرورية لتحمّل المعاناة، ولا يريد أن يمضي حياته في وزارة الداخلية الإسرائيلية. مؤسف أنها انتهت، لكن هذه هي القصة.

ولم تشأ مشارِكة أُخرى (دينا، 28 عاماً) من المقيمين في الضفة الغربية، لأن أمها متزوجة بمقيم فيها، أن يُقدم أولادها على الأمر نفسه، مشبّهة هذا الاحتمال بمثل الزواج بأجنبي:

تقول والدتي ممازحة: "لدينا ما يكفي من حالات لمّ الشمل في عائلتنا." لكن حقيقة، هي قلقة بشأن هذه المسألة، حتى إنها تستخدم كلمة "يتغرّبون" عندما تتحدث عن هذا الأمر، فالناس يقولون هذه الأشياء انطلاقاً من المآسي التي مرّوا بها. وربما في نهاية الأمر، سيقرر الناس عدم الزواج بمَن يحملون هوية مختلفة، وذلك بسبب الظروف، لكنهم في داخلهم، يشعرون بأنهم ليسوا مختلفين، فهم كلهم فلسطينيون.
وعلى الرغم من أنه يمكن نظرياً لأعضاء العائلات الذين يحملون إقامات في القدس الاحتفاظ بأوضاعهم القانونية واختيار شركائهم من خلال العيش في كفر عقب، فإن الزوجين يساومان على التماسك العائلي ونوعية الحياة. فالتفاعلات مع نظام الدولة الذي يأخذ شكل بيروقراطية قانونية، ونقاط تفتيش جسدية، تعوق التنقل، تكشف بوضوح القبضة الخفية لبيوسياسية الدولة على الشؤون الحياتية للعائلة والتزاماتها، الأمر الذي يترك أثراً مدمراً في العائلة، وعادة ما يبلغ الأمر ذروته بخلق توتر وقلق مديدين.

تدخل الحواجز المادية هذه إلى قلب خصوصيات الحياة اليومية للعائلة، فتصبح عائقاً أمام تنقّل العائلة ذات الأوضاع القانونية المختلفة. ونقاط التفاعل المباشر مع الجنود على نقاط التفتيش ليست مجرد حدود مادية تعوق التحركات، بل إنها بالنسبة إلى الأزواج الحاملين إقامات مختلفة، تُعتبر دلالات على موقف هؤلاء الأخيرين من الاحتلال. يقول محمد، 33 عاماً:
كان صهري يستعد للزواج؛ بدأت المراسم خارج الجدار حيث التقت العائلات، وكنت قادراً على الحضور غير أني واجهت مشاكل عندما انتقلت مراسم الزفاف إلى داخل الجدار، بالقرب من منزل أهل زوجتي. تخيّل وضعي. الجميع كان متأنقاً ويشارك في حضور زفاف. أُوقفنا على حاجز تفتيش، وكل مَن كان يحمل بطاقة إقامة في القدس سُمح له بالمرور باستثنائي أنا. لديّ بطاقة إقامة في الضفة الغربية، وكان على المدعوّين أن ينتظروا انتهاء التحقيق معي من طرف الجندي، إلى أن تمكنت من إقناعه بالسماح لي بالمرور. شعرت بالحرج لأنهم اضطروا إلى أن ينتظروني ... شعرت كأني غريب، وشعرت بأني أقل شأناً منهم جميعاً لأن في إمكانهم الذهاب والمجيء كيفما يشاؤوا ... أعني، أنا أعرف أني لست أقل شأناً منهم، لكني لم أستطع إلاّ أن أفكر بهذه الطريقة ... كنت مصدوماً.

ومع أنه لا يمكننا أن نستخلص أو نستنتج أن تغييرات على نماذج الزيجات بدأت تحدث استناداً إلى الوضع القانوني، إلاّ إن ما قيل في تلك المقابلات يثير قلقاً حقيقياً من أن السياسات الإسرائيلية التي تمنع لمّ شمل العائلات تنجح بطريقة ما في مزيد من تفكيك المجتمعات الفلسطينية. ولاحظ بعض المشاركين في الدراسة أن مثل هذه السياسات استُوعب وتجلّى بالمراقبة الذاتية لحياتهم العاطفية، وفي الواقع، فإن التجارب التي عاشها الأزواج الذين اختاروا الشريك واستمرارية العائلة في أروقة نظام سياسي قضائي مفرط، تشهد على هذا الواقع.

الحياة في الهوامش: الإنجاب والحدود والرفاهية
مع أن القانون الإسرائيلي يعطي المولود من مواطن إسرائيلي الحق في الحصول على جنسية والديه، إلاّ إن الأمر هذا لا يطبّق على المقيم الدائم في القدس، ذلك لأن المقيمين في القدس لا يستطيعون أن يحوّلوا آلياً وضع إقامتهم إلى أولادهم، بل عليهم أن يؤكدوا ولادة أطفالهم في إحدى مستشفيات القدس المعترف بها من إسرائيل كي يباشروا إجراءات التسجيل. وبالنسبة إلى سكان كفر عقب، فإن الإنجاب في مستشفى داخل القدس يشكّل تحدياً بسبب العوائق المادية، وخصوصاً إذا كانت الزوجة تحمل إقامة في الضفة الغربية، إذ لديها إمكان محدودة جداً في العبور إلى القدس، كما أن الولادة في هذه الحالة تشكل معضلة للأزواج المقيمين في كفر عقب، ولا سيما لذوي الوضعيات القانونية المختلفة.
وتعزّز نتائج هذه الدراسة العديد من النتائج التي توصلت إليها نادرة شلهوب ـ كيفوركيان في بحثها الذي ركّز على سياسات الولادات في القدس الشرقية المحتلة، فقد أخبرت عن نساء جازفن إلى درجة كبيرة لضمان أن يولد أولادهن في القدس، وحاججت بأن العنف الجندري ضد أجساد النساء الفلسطينيات إنما هو جزء من نظام أوسع للسلب البنيوي. وفي سياق مماثل، وصفت نساء من كفر عقب، في أثناء المقابلات معهن، ارتفاع مستوى القلق والتوتر خلال أوقات حملهن وإنجابهن بسبب مسائل مرتبطة بعمليات إنجاب غير مخطط لها خارج الحدود المرسومة إسرائيلياً لبلدية القدس. ونظراً إلى "انزياح" كفر عقب إلى خارج جدار الفصل، والعوائق المادية التي قد يواجهها الأزواج في الوصول إلى القدس داخل الجدار، فإن هذه المخاوف استُوعبت وتجسدت بشكل سلبي في حالات الحمل وتجارب الولادات.
وغالباً ما عبّرت النساء عن مخاوفهن من الإنجاب على نقطة تفتيش، وخشيتهن من عدم منح مولودهن شهادة ميلاد؛ ففي الواقع، وفي حالة فلسطين، وجرّاء الإغلاق المكثف والقيود المفروضة على التنقل، فإن الولادات عند نقاط التفتيش أصبحت قضية ضاغطة على نحو متزايد، وغيّرت أنماط مواقع الولادات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فعلى سبيل المثال، جرى عند نقاط التفتيش، بين سنتَي 2000 و2007، تأخير 10% من الفلسطينيات الحوامل اللواتي كن متجهات إلى المستشفيات للإنجاب، الأمر الذي تسبب بحدوث 69 حالة ولادة، ووفاة 35 طفلاً و5 أمهات.

وعبّرت امرأة تقيم في كفر عقب، وكانت شهدت حالة اضطرت فيها امرأة إلى أن تنجب عند نقطة تفتيش، عن مخاوفها من الخضوع للتجربة نفسها في أثناء انتقالها من كفر عقب إلى إحدى مستشفيات القدس داخل الجدار. ومعظم توترها النفسي خلال حملها كان يعود إلى هذه الذكرى، الأمر الذي زاد من قلق كانت تعانيه أصلاً في حياتها. وذكرت مشاركة أُخرى أنها اضطرت إلى الإجهاض على إحدى نقاط التفتيش، مشيرة إلى الرابط بين العوائق السياسية المادية، والقلق والتوتر اللذين تتسبب بهما، واللذين يؤديان إلى نتائج صحية سلبية.

وكان مكان الولادة حيوياً بالنسبة إلى امرأة وصلت إلى مرحلة الإنجاب، إلى درجة أنها خاطرت بنفسها من أجل ضمان الحصول على الأوراق الرسمية لمولودها الجديد. وفي الواقع، فإن كثيرات من النساء ناقشن مشاعر الانفصال العائلي على الرغم من المسافة الجغرافية الضيقة. وناتاشا، 38 عاماً، مثال لذلك:
كنا قد تزوجنا حديثاً، وكنت حاملاً للمرة الأولى وفي شهري الثامن، فتسللت إلى القدس إلى منزل حموي، وبقيت "غير شرعية" شهراً كاملاً، لكن الأسوأ من ذلك كان شعوري بأني غريبة. أعني أنه لم يكن قد مضى كثيراً على زواجنا، وكان زوجي يعمل في الشمال ولا يأتي لزيارتي إلاّ مرة واحدة في الأسبوع. وطبعاً لم يكن في إمكان والدتي أن تتواصل معي. وهذا كله من أجل ضمان الإنجاب في المستشفى الصحيح. شعرت حقاً بأني داخل سجن.
هذه المشاعر بفقدان الدعم الاجتماعي والعائلي هي في الواقع "غير حقيقية" تسببت بها القوة البيوسياسية للبيروقراطية والعوائق المادية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، والتي أدت إلى انهيار شبكات الدعم التقليدية. وبالنسبة إلى النساء المقدسيات، فإن شبكات الدعم عرضة للخطر في الصميم، مع الاستثناء العام لوالد الطفل إذا كان من سكان الضفة الغربية وليس لديه إذن عسكري للدخول إلى القدس. تصف مريم (35 عاماً) مشاعرها الناتجة من مثل هذه الحالة:
عندما أكون في المستشفى بمفردي، أشعر بأن روحي تخرج من جسدي؛ أريد أن يكون زوجي إلى جانبي لمساعدتي. عندما أتذكر كم كان ذلك صعباً، أخبر عائلتي وأصدقائي أن يحرصوا على الزواج بمَن يحمل بطاقة الإقامة نفسها كي لا يضطروا إلى المرور بتجربتي.

وبينما يعاني بعض النساء جرّاء انهيار شبكات الدعم التقليدية، فإن الرجال غير القادرين على الوصول إلى القدس خلال ولادة أطفالهم، يُحرمون من طقوس الأبوة ومشاهدة الساعات الأولى الثمينة من حياة مواليدهم. كريم (33 عاماً) كان أحد المشاركين الذكور الذين وصفوا معاناتهم:
ذهبت زوجتي لمعاينة طبيّة في القدس، وكانت في الشهر السابع من الحمل في ذلك الوقت، فحدث معها بعض المضاعفات واضطرت إلى الإنجاب فوراً. اتصلت مرعوبة وقالت أنها مضطرة إلى الخضوع لجراحة. كانت الساعة العاشرة قبل الظهر، وكان إذني قد انتهى في السابعة صباحاً، فلم أستطع الدخول إلى القدس، وكل ما استطعت فعله هو إحضار شقيقتها إلى نقطة التفتيش. جلست في السيارة وبدأت أبكي. وكانت هذه من المرات القليلة التي بكيت فيها في حياتي. كانت أسوأ لحظة. ظللت أقول لنفسي: لماذا أنا؟ لماذا الآن؟ كان شعوراً رهيباً. كان عديلي قادراً على أن يكون هناك، بينما أنا زوجها، لم أستطع.

ويروي رجل آخر لم يكن في استطاعته الدخول إلى القدس عندما كانت زوجته في المخاض، تجربته بواقعية وبهدوء أكثر. وبينما كان صوته يختفي عبر الهاتف، لم يعد قادراً على التعبير عن مشاعره، وإنما سخر من حقيقة أنه لم يستطع سوى أن يعبّر عن تمنياته لها بالسلامة عبر الهاتف، مع أنه لم يكن في الواقع بعيداً عن زوجته، جسدياً، سوى بضعة كيلومترات فقط.
ومن أجل تجنّب هذه التجربة، طلبت سيدة من طبيبها التعجيل في ولادتها لتتوافق مع فترة الإذن الممنوحة لزوجها، كي تضمن تمكّنه من حضور ولادة ابنهما. وبعدما تفهّم الطبيب الصعوبة التي يواجهها الزوج في الحصول على إذن للدخول إلى القدس يتوافق مع الموعد الطبيعي للولادة، تعاطف مع الزوجين وعجّل في موعد الإنجاب. وهذه الرواية تحديداً تقدم مثلاً لتأثير القيود المفروضة من الدولة في مسار الولادات الطبيعي، وبالتالي التعدي على أجساد النساء من خلال عملية الإنجاب.

وفي الواقع، فإن مخاوف الإنجاب في المكان والتوقيت "غير الملائمين"، هو شعور مفروض سياسياً جرّاء احتمال فقدان الفرصة الحاسمة لتوثيق الولادات، الضرورية مستقبلاً، والتي لا تقع ضمن المسار "الطبيعي" لتجارب الإنجاب لمعظم الأزواج. وهذه التجارب تدفع النساء إلى المخاطرة بأنفسهن صحياً، وتُظهر كيف أن واقعيتهم السياسية تتفاعل مع التوترات وشبكات الدعم التقليدية.

الاعتراف بالعائلة: شرعية ومراقبة ومستقبل غير مؤكد
علاوة على مسألة الإنجاب في المكان والوقت الملائمَين، ناقش العديد من المشاركين في الدراسة، صعوبات متابعة إجراءات تسجيل المواليد الجدد واستغراقها وقتاً طويلاً، فـ "إثبات" وجود المولود الجديد يتطلب أعواماً من تجميع الوثائق الصحيحة، وتعزيزها بالتحقيقات المتعددة التي تجريها مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية.
ومن أجل تسجيل المولود، فإن على العائلات أن تثبت مجدداً أن "مركز حياتها" هو في القدس، وهو إجراء يتطلب جمع الوثائق التي تربط أماكن إقامة العائلة بحدود البلدية. وبينما يستهلك جمع هذه الوثائق وقتاً طويلاً، ويتسبب بالإحباط لدى أصحابها، فإنها تصبح بمثابة الهوية و"إثبات للوجود"، مثلما تقول دينا (28 عاماً):
لا يمكننا أن نرمي أي شيء. نحتفظ بإيصالات دفع الضرائب، وعقود الإيجار، وفواتير الكهرباء والمياه، والإيصالات الطبية والشهادات المدرسية. ولأن كل منا لديه بطاقة هوية مختلفة، فإن والدتي تحتفظ بملف لكل منّا يحمل لوناً مختلفاً. شقيقي في السادسة عشرة من عمره ولا يزال من دون بطاقة هوية. ملفه هو الأكثر سماكة، أمّا الملف الثاني فهو للذين لديهم رقم هوية: والدتي وشقيقي الآخر، في حين أن الملف الأصغر هو لي ولشقيقاتي ـ فنحن لدينا هويات من الضفة الغربية.

قدّم المشاركون روايات عن التجارب المقلقة، لكن الضرورية، التي مروا بها أعواماً، والمرتبطة بذهابهم إلى وزارة الداخلية جيئة وإياباً، والتي تراوحت نتائجه ما بين عدم حصولهم على رقم هوية، وحيازتهم رقماً "موقتاً"، والحصول على رقم إقامة "دائمة". وفي بعض الحالات، فإن تسجيل مولود للأبوين نفسيهما كان يتّسم بنماذج مختلفة من التجارب مع كل مولود، وذلك تبعاً للسياسات الجديدة المطبقة في أوقات معينة. تصف مريم (40 عاماً) الصعوبات التي واجهتها لتسجيل أولادها، وتقول:
سجّلت أولادي على الرغم من الصعوبات الكبيرة وأتعاب المحاماة. كان إنجازاً، لكنه إذلال في الوقت نفسه. فطوال ثلاثة أعوام [قبل الموافقة على تسجيلها]، لم تكن ابنتي سارة تحمل هوية، غير أنها حصلت على واحدة في سنة 2006. ابني يوسف حصل على هوية موقتة لعامَين، ثم على رقم نهائي في سنة 2009. إذاً، بين سنتَي 2006 و2009 بالكاد كان لديّ شهادة ميلاد لهما، مع أني أنجبتهما كليهما في القدس. تلك الأعوام كانت مجهِدة، ولم أكن أستطيع النوم وأنا أفكر في أنه ليس لولديّ أي إثبات على وجودهما في هذا العالم. أفكار مثل هذه أحرقت قلبي.

وإلى جانب الوثائق المطلوبة، فإن إثبات أن القدس هي "مركز الحياة" لمقدّمي الطلبات يحتاج إلى اجتياز تحقيق تجريه مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية، فعلى العائلة أن "تجتاز" ذلك التحقيق من أجل البدء بإجراءات تسجيل الطفل والحصول على الإقامة الدائمة. ووُصف التحقيق بأنه اقتحامي ومتطفل بصورة كبيرة جداً، ويشكّل مصدر قلق شديد لكثيرين. روت أسماء، 36 عاماً، الحادثة التالية:
كان زوجي خارج المدينة وكنت بمفردي في المنزل. حضر المحقق على غفلة وطلب أن يتفقد المنزل. بحث داخل الثلاجة، والمرحاض، ودقق فيما إذا كانت فرشاة الأسنان رطبة، ثم فتح خزانتي وتفحّص ملابسي. يبدو أن مثل هذا الغزو للخصوصية أمر طبيعي. استمر في استجوابي واتهامي بالكذب بشأن إقامتي في المنزل. أعرف أنه يجب توقّع هذا، لكني بقيت تحت الصدمة ثلاثة أيام بعد ذلك. بقيت أرتجف، وشعرت بأني لست بأمان داخل منزلي. كان فلسطينياً، لكني شعرت كأنه إسرائيلي.

أدلى المشاركون بآراء متنوعة عن مسار التحقيق، فبينما رفض البعض إضفاء الشرعية على المحققين الذين هم فلسطينيون، ولمّحوا إلى أن عملهم يُعتبر نوعاً من التعامل مع إسرائيل، كانت نظرة آخرين إليهم أقل سلبية. وفي الواقع، رأى البعض أن التحقيق إزعاج ضروري، وأنه على الرغم من تطفّله، فإن ثمة تقدماً في مسار طلباتهم في البيروقراطية الإسرائيلية. وكما تقول ليلى (43 عاماً):
من الطبيعي أن يكون تطفلياً، إنه تحقيق. وفي الواقع، ما إن يحضروا حتى تشعر بأنك حققت شيئاً على الأقل؛ إنه تطور إيجابي يؤشر إلى دراسة طلبك، وأنا أحاول الاستفادة منه قدر المستطاع، واستغلال الفرصة كي أظهر أني أعيش حقيقة هنا، وأن في إمكاني مثلاً التجوّل براحتي في المنزل وتحضير القهوة.

وفي جميع الحالات يُنظر إلى المحققين على أنهم يمتلكون سلطة تتحكم في مستقبل العائلة. فالانطباع الشخصي الذي يخرج به المحققون يشق طريقه إلى دوائر التسجيل الرسمية، ويحدد في النهاية ما إذا كانت الدولة مقتنعة بمحل إقامتهم، أو غير مقتنعة. وقوة الحكم الرسمي تعزز قوة الديناميكية المتأصلة في علاقة بيروقراطيي الدولة برعاياها. وبينما يحاول بعض المقيمين التأثير في المحقق من خلال تنظيم المجموعة الضخمة من الوثائق المطلوبة، أو من خلال إظهار بعض الدفء وحسن الضيافة خلال استقبال "ضيفهم"، تكون ردة فعل الآخرين على شكل تحدٍّ في محاولة لاستعادة الحيّز المنزلي الذي انتُهك. وفي هذا المعنى، يفاوضون على دينامية القوة المتأصلة داخل النظام، ويخلقون مواقع للمقاومة. تصف (داليا 28 عاماً) ردة فعل والدتها:
عندما يأتي المحقق، لا تسمح له والدتي باستجوابنا بشكل منفرد، بل تصرّ على أن نكون موجودين جميعاً في الغرفة نفسها. كما أنها ترفض البدء بالإجابة عن الأسئلة قبل أن يعطي المحقق اسمه الكامل واسم عائلته، ثم تستند إلى إرثها المقدسي وتاريخ العائلات لتقول له "آه، إنتَ ابن فلان الفلاني" ... الأمر الذي يجعلهم، وبوضوح، غير مرتاحين.

الخوف، وعدم الثقة، والتفكك الاجتماعي
وصف بعض المشاركين كيف أن عمل المحققين غالباً ما يذهب أبعد من أفراد العائلة الأقربين ليصل إلى أقربائها الأبعدين، بل أكثر من ذلك، تشير الأجوبة إلى أن هذا النوع من المراقبة موجود ويتم حتى في الأماكن العامة، حيث يشعر المشاركون بالضعف وبأنهم عرضة لاستجوابات خفية. وتتذكر سماح (35 عاماً) كيف أن محققاً "أراني صوراً تعود إليّ وأنا واقفة خارج منزلي القديم في رام الله؛ لقد اتهمني بأني أعيش هناك.. شرحت له أني كنت أخذ بعض الأغراض فقط."
وناقش المشاركون تسلّل المحققين إلى المجتمع المقدسي بهدف جمع معلومات يمكن استخدامها لرفض إعطاء وضعية الإقامة الدائمة في القدس، أو إعاقة إجراءات التسجيل. يقول أيمن (40 عاماً):
يأتون بلباس غير رسمي مثل كثيرين من رجال المجتمع، أو يأتون متنكرين مدّعين أنهم موظفو شركة الهاتف، ويبدأون بسؤال المحلات والجيران عن هذا وذاك. يتحدثون كما لو أنهم من المحلة، فيسألون عن أبو أو أم أحمد مثلاً، ليتأكدوا من أن الناس شاهدوهم في الجوار. إنهم مخادعون. وعندما نرى شخصاً ينظر في اتجاهنا يخطر على بالنا مباشرة: "إنه محقق".

بناء على ذلك، تحدث العديد من السكان عن قلق المجتمع وخوفه من بناء علاقات اجتماعية، وقد ولّدت هذه المشاعر عدم رغبة في إقامة علاقات جوار، وبالتالي إيجاد مجتمعات تتسم بانعدام الثقة. ضياء (37 عاماً)، ربط هذه الحالة بنظام التحقيق:
إنه يؤثر فينا؛ يسبّب خوفاً كبيراً. أنا مثلاً، لا أرغب في التعرف إلى الجيران كي لا نتبادل الأحاديث، ولا أكون مضطراً إلى الكذب في أحد الأيام إذا ما سئلت عنهم، ولا يكونون كذلك مضطرين إلى الكذب بشأني. ومع أن المبنى الذي أقطن فيه تسكنه 36 عائلة، فأنا لا أعرف إلاّ ثلاثة من جيراني فقط، وهي معرفة لا تتعدى كلمة "مرحبا". وهذا الوضع ليس كذلك في أي مكان آخر.

غير أن المراقبة التي تقوم بها الدولة من خلال المحققين ليست وحدها السبب في التفكك الاجتماعي وعدم الثقة، فقد شدّد السكان على أن كفر عقب هي مساحة "عملية" فرضتها الضرورة السياسية، وليست مساحة للعيش الملائم والأفضل، بل إنها أكثر من ذلك، تفتقر إلى المكونات التقليدية للمجتمع الفلسطيني الذي يتميّز بمعرفة الجيران والمجتمعات القريبة. وعوضاً عن ذلك، تقول سيرين (32 عاماً): "ما يجمعنا هو رغبتنا في الاحتفاظ بإقامتنا، ولا شيء غير ذلك. لقد جمعت المنطقة أناساً من جميع أنحاء البلد، لديهم أنماط حياة وأخلاق مختلفة، لكن غايتهم واحدة."

فضلاً عن ذلك، فإن لهذا الوضع انعكاسات على الحالة العاطفية والنفسية. وتصف نور (23 عاماً) هذا التأثير، فتقول:
أشعر بأني وحدي وسط هذا الازدحام لأني لا أعرف أحداً... أقارن حياتي اليوم بما كانت عليه قبل الانتقال إلى كفر عقب... فهناك، كنت أشعر بأني جزء من المجتمع، أعرفهم ويعرفوني. كنت أنتمي إلى شيء وكان ذلك يسعدني؛ أمّا اليوم فأنا أشعر بالفراغ. هم (الإسرائيليون) سلبوا منا حس الانتماء، وشوّهوا تقاليدنا.

الخلاصة
تندرج ظاهرة كفر عقب ضمن سياق أوسع من الاستعمار الاستيطاني الذي يهدف إلى إفراغ القدس من سكانها الفلسطينيين من خلال "الإزاحة" المتدرجة نحو المحيط "خارج" جدار الفصل. وبينما يدرك كثيرون من المقيمين في كفر عقب أن محنتهم جزء من سياسات أوسع للترحيل والإقصاء، فإن ارتباطهم المباشر بتلك الضاحية يشكّل توتراً كامناً لديهم، ذلك بأن انتقالهم إليها ساهم في إنجاح سياسات "الإزاحة" الإسرائيلية التي أجبرت المقيمين على "إثبات وجودهم" دائماً، الذي عليهم تأكيده من خلال تقديم وثائق تثبت ارتباطهم بالقدس، وكذلك خضوعهم لتحقيقات متطفلة تسبب تفكك المجتمع، وتؤثر سلباً في حس الانتماء، وبالتالي في رفاهيتهم.
هذا المأزق الواضح والدائم أثّر في نوعية حياتهم، وجعل قدرة العائلة على التنقل مقيّدة في النهاية بسلسلة من العوائق البيروقراطية والمادية. ومثلما عبّر أحد المقيمين، فإنك "ما إن تطفئ حريقاً، حتى يشتعل واحد آخر، وهكذا دواليك." وفعلاً، فإن وجود الدولة الإسرائيلية الطاغي تجسّده وتعزّزه العوائق المادية التي تعوق التنقل إلى داخل أو خارج القدس (والقرى المحيطة بها). وبالنسبة إلى المقيمين الذين ينتمون إلى عائلات يحمل أفرادها أوضاعاً قانونية مختلفة، فإن العوائق المادية تترك نتائج خطرة على العلاقات الاجتماعية والعائلية، وتخترق جميع مظاهر الحياة، بما في ذلك الجسد، حرفياً.

إن العائلات الفلسطينية التي تعيش في كفر عقب، ويحمل أفرادها وضعيات قانونية مختلفة، تجد نفسها تعيش في تنقّل وجمود متواصلين. فبينما هناك "حريات" نسبية للذين يقيمون في القدس، مقارنة بالفلسطينيين الذين يحملون إقامات في الضفة الغربية، فإن تأسيس العائلة المكونة من حاملي أوضاع قانونية مختلفة تجمّد هذه "الحريات"، الأمر الذي يولّد شعوراً متناقضاً من "الحركة الجامدة" تضطر فيها العائلة إلى الانتقال إلى مكان غامض وخطر من أجل الاحتفاظ بالإقامة التي يحملها بعض أفرادها (على الرغم من قدرة هذا البعض على التحرك بحرّية، نظرياً، استناداً إلى وضعيتهم القانونية). ويتفاقم هذا الوضع جرّاء الأشكال المتنوعة والمزمنة من البيروقراطية والعنف، وهي أنواع تشكّل، كما تقول شلهوب ـ كيفوركيان، نوعاً من العنف البنيوي في إطار منطق الإلغاء. ومثلما يبدو من الروايات، فإن الممارسات البيوسياسية المتعلقة بتنظيم التنقل، أصبحت متجذرة في المسائل الشخصية والحياتية، وهي مسائل تتضمن حق الفرد في الحب، والزواج، وتأسيس عائلة والعيش معها، كما أنها تطوّق قدرة الفرد على تسجيل أولاده من خلال الأنظمة الرسمية، وعلى محافظته على أنظمة الدعم التقليدية من عائلته المباشرة أو عشيرته. وقد توسّع الفصل البيوسياسي إلى درجة أن بعض النساء يلجأن إلى التلاعب بأجسادهن من خلال تقنيات معينة لمواجهة القيود الإسرائيلية، كتعجيل الولادات على سبيل المثال، وهذه سياسات عرّضت قابلية العائلات كوحدة مستقرة للخطر، وهددت استمراريتها، وزعزعت المشاعر العائلية السويّة كافة.

تشمل تداعيات هذا الوضع الغريب الجميع من دون استثناء، فتؤثر في الحياة الفردية والعائلية، وكذلك في الحياة الاجتماعية وبنيتها وأنظمة الدعم. وفي الواقع، فإن هذه السياسات والضغوط المصاحبة لها تؤثر بشكل متزايد في الهويات السياسية لسكان كفر عقب، والتي تظهر بوضوح في استخدامات اللغة. فعلى سبيل المثال، يشير أحد المشاركين إلى أن الفلسطينيين من حاملي الهويات في القدس يقولون "إحنا" في إشارة إلى حاملي الهويات من القدس، و"إنتو" في إشارة إلى الفلسطينيين من حاملي هويات الضفة الغربية، بينما يستخدم الفلسطينيون من حاملي هويات الضفة الغربية التعبير نفسه لكن بالعكس، كما لو أنهم لم يعودوا جزءاً من الكيان الوطني الفلسطيني نفسه. ومثلما أظهرت المقابلات، فإن هذا الواقع تجسّد في رسم سياسة حب خاصة استناداً إلى الوضع القانوني، الأمر الذي أثّر بالتالي في أنماط الزيجات والتخطيط لها، وتثير الروايات القلق بشأن ما إذا كانت السياسات الإسرائيلية ستسبب في المستقبل مزيداً من فصل المجتمع المقدسي عن باقي المجتمع الفلسطيني من خلال تغيير أنماط الزواج بطرق تتوافق مع استيعاب الواقع الصعب جداً.

هذه السياسات الشاملة للتهجير ونظام البيوسياسية، المموهة بالإجراءات الشكلية والقاسية جداً لبيروقراطية الدولة، تتغلغل داخل أكثر مظاهر الحياة اليومية للفرد والعائلة. وتداعيات مثل هذا النوع من العنف اليومي تُظهر بوضوح أنه، في هذا الإطار، لا يمكن اعتبار أمور كثيرة مفروغاً منها. وفي الواقع، فإن محنة كفر عقب تلقي الضوء على المعاناة الاجتماعية لمجموعة ضعيفة وهشّة بصورة خاصة، يحكمها الغموض وعدم اليقين في إطار احتلال عسكري إسرائيلي مستمر، وإذعان، وقمع سياسي. لقد أصبحت الحسابات السياسية المفروضة هي التي تملي قرارات الحياة العائلية، الأمر الذي يعزز ويخلق أنواعاً جديدة من المعاناة الاجتماعية التي أصبحت تحدد تنقلات العائلة. إن كفر عقب كنموذج تجسّد حالة متناقضة من الحركة الجامدة، وتلقي الضوء على الطبيعية الحياتية والشاملة للعنف السياسي الممنهج.

ترجمة: صلاح تقي الدين

[يعاد نشرها ضمن اتفاقية شراكة وتعاون مع "مجلة الدراسات الفلسطينية".]

المصدر
Doaa Hammoudeh, Layaly Hamayel, Lynn Welchman, “Beyond the Physicality of Space: East Jerusalem, Kufr ‘Aqab, and the Politics of Everyday Suffering”, Jerusalem Quarterly, no 65 (Spring 2016), pp. 35–50.
وأُجريت هذه الدراسة بدعم من "المجلس العربي للعلوم الاجتماعية" ـ الدورة الثانية (2014 ـ 2016) بعنوان "مساءلة اللامساواة والفوارق الاجتماعية في المنطقة العربية"، وبتمويل من الوكالة السويدية للتنمية والتعاون الدولي (سيدا). وتعبّر المؤلِّفات عن تقديرهن العميق لريتا جياكامان لتوجيهاتها المستمرة ودعمها خلال هذا المشروع، كما يوجّهن الشكر إلى الزملاء الذين اقترحوا مزيداً من القراءات لهذا المشروع، وخصوصاً برينا بهندار، وسارة كينان، ونادرة شلهوب ـ كيفوركيان.

 

عن (جدلية)

المصادر:
1- مناطق فقيرة غير مخططة، ولا مرخصة ولا منظمة.
2- Barak Ravid, “Netanyahu Mulls Revoking Residency of Palestinians beyond E. Jerusalem Separation Barrier”, Haaretz, 25 October 2015,
Itamar Eichner and Attila Somfalvi, “PM Considers Cancelling Residency of 80,000 East Jerusalem Palestinians
”, Ynet News, 26 October 2015,
3-Ravid, op.cit.
4- United Nation Office for the Coordination of Humanitarian Affairs, Occupied
Palestinian Territory (OCHA), East Jerusalem: Key Humanitarian Concerns (Jerusalem: OCHA, March 2011),

5- Danielle C. Jefferis, “Institutionalizing Statelessness: The Revocation of Residency Rights of Palestinians in East Jerusalem”, International Journal of Refugee Law, vol. 24, no. 2 (2012), pp. 202–230,
6- مع أنه يشار إليهم بالمقيمين الدائمين، إلاّ إن هذا التعبير مضلل ويجب إعادة النظر فيه، لأن هذا الوضع يمكن إلغاؤه من طرف وزير الداخلية الإسرائيلي.
7- انظر:
Saree Makdisi, “A Racialized Space: Social Engineering in Jerusalem”, Contemporary Arab Affairs, vol. 2, no. 4 (2009), pp. 542–551,
Yael Stein, The Quiet Deportation: Revocation of Residency of East Jerusalem
Palestinians (Jerusalem: Joint Report by HaMoked and B’Tselem, April 1997),
8- لأهداف هذه المقالة، فإن مصطلح "الضفة الغربية" الوارد هنا لا يشمل القدس الشرقية ما لم يُذكر غير ذلك بوضوح. وهذا من أجل التبسيط، ولا يهدف إلى تشريع التمييز في الوضعية، والذي فرضته إسرائيل على سكان الأراضي المحتلة: استناداً إلى القانون الدولي، تُعتبر القدس الشرقية جزءاً من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
9- Jefferis, op.cit.
10- هذا يشمل أولئك الذين ولدوا لوالدين يمتلكون الوضعية نفسها وتمتد جذورهم العائلية في المدينة إلى أجيال وقرون عديدة.
11- Jefferis, op.cit.
12- Ehud Tagari and Yudith Oppenheimer, Displaced in their Own City: The Impact of Israeli Policy in East Jerusalem on the Palestinian Neighborhoods of the City beyond the Separation Barrier (Jerusalem: Ir Amim, June 2015),
13- OCHA, op.cit.
14- Salim Tamari, “Jerusalem: Subordination and Governance in a Sacred Geography”, in Capital Cities: Ethnographies of Urban Governance in the Middle East, edited by Seteney Shami (Toronto: Centre for Urban and Community Studies, 2001), pp. 175–198.
15- B’Tselem and HaMoked (Joint Report), Forbidden Families: Family Unification and Child Registration in East Jerusalem, (Jerusalem: B’Tselem and HaMoked, January 2004),
Mazen Masri, “Love Suspended: Demography, Comparative Law, and Palestinian Couples in the Israeli Supreme Court”, Social and Legal Studies, vol. 22, no. 3 (2013), pp. 309–334.

16- Noura Alkhalili, Muna Dajani, and Daniela De Leo, “Shifting Realities: Dislocating Palestinian Jerusalemites from the Capital to the Edge”, International Journal of Housing Policy, vol. 14, no. 3 (2014), pp. 257–267.
17- Tagari and Oppenheimer, op. cit.
18- Elia Zureik, “Constructing Palestine through Surveillance Practices”, The British Journal of Middle Eastern Studies, vol. 28, no. 2 (2001), pp. 205–227; Nigel Parsons and Mark B. Salter, “Israeli Biopolitics: Closure, Territorialisation and Governmentality in the Occupied Palestinian Territories”, Geopolitics, vol 13, no. 4 (2008), pp. 701–723.
19- Parsons and Salter, op. cit.

20- بدءاً من أيلول / سبتمبر 2000، أُوقفت بطريقة غير رسمية، طلبات لمّ شمل العائلات لسكان الضفة الغربية.
21- B’Tselem and HaMoked, op. cit.
22- Masri, op. cit.
23- للاطلاع على التحليل القانوني بشأن دستورية قانون الجنسية، انظر: Ibid.
24- تسجيل المواليد عملية قد تتطلّب أعواماً، يحاول خلالها الأهل تغيير وضعية الطفل من شهادة ميلاد إلى وضعية إقامة مع رقم إسرائيلي دائم، وهو رقم ضروري من أجل الحصول مستقبلاً على الإقامة كراشد. والعملية أكثر تعقيداً بالنسبة إلى الأزواج ذوي الوضعيات القانونية المختلفة، إذ يُمنح مواليدهم "إشعاراً بولادة حيّة" عوضاً عن شهادة الميلاد الرسمية، وعدة عائلات ذات وضعيات قانونية مختلفة تخطئ في اعتبار هذا الإشعار وثيقةَ ميلاد، وتكتشف، متأخرة في بعض الأحيان، أن مولودهم لن يستطيع في المستقبل الحصول على إقامة في القدس. ومن خلال طلب آخر، يمكن استخدام هذا الإشعار من أجل الحصول على وثيقة ميلاد تتيح لهم البدء بإجراء تسجيل المولود الجديد.

25- Nadera Shalhoub-Kevorkian, “The Politics of Birth and the Intimacies of Violence against Palestinian Women in Occupied East Jerusalem”, The British Journal of Criminology, vol. 55, no. 6 (2015), pp.1187–1206.
26- Rita Giacaman, Laura Wick, and Hanan Abdul-Rahim, “The Politics of Childbirth in the Context of Conflict: Policies or De Facto Practices?” Health Policy, vol. 72, no. 2 (2005), pp. 129–139.
27- Halla Shoaibi, “Childbirth at Checkpoints in the Occupied Palestinian Territory” [Abstract], Lancet, 5 July 2011,
28- علماً بأن كنيتَي "أبو ..."، و"أم..."، لا تُستخدمان في الأوراق "الرسمية".
29- Shalhoub-Kevorkian, op.cit; See also: Patrick Wolfe, “Settler Colonialism and the Elimination of the Native”, Journal of Genocide Research, vol. 8, no. 4 (2006), pp. 387–409.