رسالة السودان

بيانات ضد المصادرة... وعود إلى هيئة المسرح

عصام أبوالقاسم

شهدت الخرطوم خلال شهر أكتوبر الماضي العديد من الأنشطة الثقافية المهمة، شاركت الفرقة القومية للتمثيل ضمن المنافسة الرسمية للدورة 20 بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وعلي هامشه شاركت الورشة المستمرة لتطوير فنون العرض في الفترة 10الي 20 أكتوبر. وفازت رواية يحي الفاضل الموسومة بـ (ثرثرة الصمت) بجائزة الدورة السادسة لمسابقة الطيب صالح للإبداع الروائي، التي يقيمها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي والتي قدرها (ألف دولار) فيما ُمنحت الكاتبة شامة ميرغني جائزة تقديرية عن روايتها (زمن الموانع وجوزيف ملاح البنات) وذلك في 21 أكتوبر التاريخ الذي يصادف ذكري أول ثورة شعبية في السودان أسقطت حكم الفريق إبراهيم عبود 1964.

أيضا حضر الروائي المصري جمال ألغيطاني والشاعر محمد إبراهيم ابو سنة تحدث الأول عن تجربته في كتابة الرواية في 17 أكتوبر بالمجلس القومي للثقافة فيما قرأ الثاني أشعاره إلي جانب عدد من الشعراء السودانيين أبرزهم عالم عباس وصديق مدثر بمسرح الفنون الشعبية... وجاءت زيارتهما إلي الخرطوم في إطار فعاليات معرض الخرطوم الدولي للكتاب الذي تقيمه وزارة الثقافة، والذي كان من المفترض أن يفتتح مطلع أكتوبر وتم تأجيله بسبب تزامنه مع عدد من المعارض في دول مختلفة ليفتتح في الثامن من نوفمبر المقبل.

إلي ذلك فُجعت الساحة الثقافية السودانية برحيل الفنان التشكيلي احمد عبد العال في 23 أكتوبر عن عمر يناهز الـ 62، قدم الراحل العديد من الإسهامات في حقل التشكيل والكتابة السردية، وكان طرفاً في العديد من السجالات الفكرية، طرح في 1989رؤيته لممارسة تشكيلية تتأسس علي المورثات الإسلامية عبر بيان اسماه (بيان مدرسة الواحد) وشغل العديد من المناصب الثقافية من بينها عمله أمينا للهيئة القومية للثقافة والفنون، كما منحته رئاسة الجمهورية الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب عام 2004. 

بيان حول مصادرة ورقية
ومنذ يوم 22 أكتوبر حفل المشهد الثقافي السوداني بحالة من إصدار البيانات من مجموعات ثقافية مختلفة ضد مصادرة وحجب كتب ومقالات ورقية وإلكترونية. وفي هذا الباب نورد البيان الذي أصدرته مجموعة من المحررين الثقافيين بصحف الأحداث، والصحافة، وأجراس الحرية، والأيام، والسوداني، وصحيفة الخرطوم وقد جاء معنوناً بـ (مصادرة كتابة.. مصادرة حياة) وقدمت له المجموعة قائلة: «مكان تسلَّط عليه الظلام والحجب، نُسلِّطُ عليه الضوءْ، الضوء الجماعي لمعاناتنا، من الحجر الفكري والثقافي، كمحررين للملفات الثقافية، نثير اليوم بشكل موحد وتضامني قضية، مصادرة رواية (أماديرا) لكاتبتها أميمة عبد الله». وتضمن البيان الذي منع نشره بالنسخة الورقية بالملف الثقافي لصحيفة الأحداث تقريرا صحفيا موسعا تناول سوابق المنع التي تعرضت لها المواد الأدبية والثقافية، كما أورد حيثيات منع الرواية المذكورة وذكر البيان أيضا أن «حرية الرأي والتعبير تُعرَّف بأنها بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو الأعمال الفنية بدون رقابة أو قيود حكومية، ويصاحب حرية الرأي والتعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق والحدود مثل حق التديّن وحرية الصحافة والحق في التظاهر سلمياً، كما هو الحال بالسودان ضمن ما يعرف بوثيقة الحقوق في الدستور الإنتقالي 2005م».

وأضاف البيان ان تقريرا لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية (اليونسكو) أشار إلي أن حصة الفرد الأوروبي من عناوين الكتب كان 600 عنوان كتاب لكل مليون أوروبي في 2007، وفي الولايات المتحدة 215 عنوان كتاب لكل مليون أمريكي، لكن حصة الفرد في الوطن العربي لم تتعد الـ 28 عنوان كتاب لكل مليون عربي. وهو رقم يشير الى حالة الفقر الثقافي التي يعيش في ظلها العرب، ذلك ان ثمانية وعشرين عنواناً لكل مليون عربي أمر يبعث على القلق من تردي الوضع العربي، وبينما تنخفض أعداد الكتب الممنوعة في العالم، فان وتيرة الكتب المصادرة والممنوعة ترتفع في العالم العربي.

كذلك قالت مجموعة المحررين الثقافيين ان التاريخ القريب شهد عدة حوادث كان مسرحها السودان مثلت تعدياً واضحاً على الحق في التعبير، من بين ذلك مصادرة مجموعة قصصية بعنوان (علي هامش الأرصفة) لعبد العزيز بركة ساكن وإلكترونياً حجبت وزارة الاتصالات صفحات رواية (تيموليلت) للروائي محسن خالد بموقع سودانيز أون لاين، وأجزاء من حوار صحيفة [الأحداث] مع المفكر الباقر العفيف، وبيان إتحاد الكتاب السودانيين عن (أحداث كجبار) وأعمدة إسبوعية للكاتب الفاضل خالد عامر بالملحق الثقافي لصحيفة (الأيام)، وأكثر من مرة عمود (بـشفافية) للأستاذ حيدر المكاشفي بصحيفة الصحافة، في مشهد إنتهاك لا يُعرف أوان نهايته!!.

وناقش البيان ظروف منع رواية (اماديرا) لاميمة عبد الله مبينا انه «في سبتمبر المنصرم صادرت إدارة المصنفات الفنية رواية (إماديرا) للروائية أميمة عبدالله، وقد جاء في المسودة الأولية لتقييم مخطوطة رواية (أماديرا) والتي أصدرتها إدارة المطبوعات والنشر بالمجلس الإتحادي للمصنفات الأدبية والفنية بتاريخ 10 يوليو «استخدمت الكاتبة المرموقة أميمة عبد الله التي تعتبر من أميز الأصوات النسائية في الإبداع الروائي والقصة القصيرة.. إستخدمت تقنية كتابة المذكرات عبر الشخصية المحورية (أماديرا) والتي هي الراوية في نفس الوقت.. إمرأة جنوبية وجذورها الجنوبية هي الأكثر حضوراً في هذا العمل الرائع، والذي أعتبره من الكتابات الرومانسية النادرة في عصرنا هذا.. مفردات جميلة وجديدة.. والبعد الإنساني بلا حدود.. وبدت وكأنها أنثى جريحة تحكي قصتها».

وتورد المسودة ملاحظات حول المذكرات كان أخطرها بحسب المسودة أنها وضعت نفسها وجهاً لوجه أمام المؤسسة العسكرية عبر الشخصية الرئيسة في الرواية وهي شخصية جابر. ويرد في المسودة كذلك: النص فيه غنائية جارفة وتهويمات من المستحيل الإمساك بدلالاتها لثراء المفردات وجمالها، والأخيلة جامحة، وتجدها في كل فقرة بل في كل سطر. فقط شابها التصوير المباشر للعلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة وهذا بالطبع يفصل الرواية عن محيطها المحلي، فتبدو في بعض جوانبها غريبة على واقعنا، لاسيما عندما تكون الراوية إمرأة. وفي مجتمعاتنا الشرقية عموماً والمجتمع السوداني خاصة. يتطلب الأمر تعبئة الرؤى والمفاهيم عبر إشارات غامضة، حتى لاتفقدها وقارها وإتزانها. لذلك أقترح إعادة النظر ومعالجة بعض النصوص. وتورد المسودة (19) جملة منها «كان مستلقياً أمامي عارياً من حيائه» و«وكنت أخونه سراً» و«العشق ثاني إثنين لا يختبرا» و«من أخبر القدر باني أحتاجك الآن؟»

فيما كانت توصية المسودة «يجب ألَّا يفهم من هذه الملاحظات بأن هذه الرواية فاشلة أو غير ناضجة. وحذفها (هكذا في الأصل) أو معالجتها لن ينتقص من جمالها خاصة إذا ماوضعنا في الاعتبار أن الرواية تتكون من 115 صفحة فيها الكثير من الآفاق والرؤى والواقعية المفرحة». وتخلص التوصية إلى منح الكاتبة فرصة إعادة النظر في الرواية بما يتوافق وما أوردت المسودة من إجتهادات حال اقتناعها (الكاتبة) بها».

وختم البيان بـ «مصادرة الرواية ربما صنعت مجازاً جديداً ينضاف لدائرة المجازات التي حامت حولها الرواية، أو ربما يكشف قمة جبل جليد، يطفح حيناً ويختفي حيناً، إلا أن ظهوره يتميز بوقع شاذ على المناخ المحيط، فقد أتى قرار مصادرة الرواية عقب إصرار الكاتبة على الدفاع عن روايتها، في محيط عالمي إحتفى بذات الشهر بفوز الصحفي والناشر التركي رجب زاركولو بجائزة حرية النشر العالمية، لنشره كتباً عن مواضيع تدخل في نطاق المحرمات في تركيا مثل التصفية العرقية في أرمينيا، المسألة الكردية والأقلية اليونانية في تركيا. وتُمنح الجائزة من قبل الاتحاد العالمي للناشرين وترمز للشجاعة في التمسك بحرية التعبير وحرية النشر». ومحيط ثقافي محلي يتمثل في إفتتاح الدورة الرابعة لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب 2008 في 8 نوفمبر القادم. 

مصادرة الكترونية
البيان الثاني اصدرته مجموعة من المبدعين من بينهم الشاعر محمد المكي ابراهيم والفنان محمد وردي والمسرحي يحي فضل الله وجاء منددا بعملية الكترونية خربت موقغ سودانيز اون لاين
www.sudaneseonline.com وورد في البيان ان تخريب الموقع «هو عملٌ نرى فيه شبهاً بحرق الخليفة "أبو يوسف المنصور" لكتب ابن رشد في الأندلس، و بهجمة "هولاكو" البربريّة في بغداد على الكتب و على المكتبات و حرقها. إنّ إلحاق الضرر بكتابات أقلام مثّلت بشكل أو آخر الوجدان الحي و أصوات جيل كامل يُعد بمثابة شاهد على عصره, مهما كان الاختلاف مع هذه الكتابات، مسلكٌ لا تقرّه أي تقاليد أو مثل سويّة، ومفارقٌ لأعراف الخصومة الشريفة و التنافس الديمقراطي الحر، حيث الفكرة تحارب بالفكرة، و كذا المنطق لا يجابه إلّا بالمنطق، ما تم لا يعدو حقيقة إلا أن يكون تعبيراً عن تغلغل منطق الإكراه و سياسات الإقصاء ومصادرة حقوق الآخرين في التعبير الديمقراطي السلمي والحر عمّا يرونه و يعتقدونه».

الموقع أسسه بكري أبو بكر وهو سوداني يقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، ويشارك به العشرات من الكتاب السودانيين بالداخل والخارج. وقد شهد منذ العام 2001 العديد من النقاشات الأدبية والفكرية والسياسية. مجموعة المثقفين الشاجبة لتخريب الموقع رأت ان ما جرى للموقع لا ينفصل عن أوضاع التعبير في الوسائط الاخري ورقية أو خلافه. فهي الاخري يجري تخريبها بالرقابة القبلية والمصادرة ودعت إلي ملاحقة مخربي الموقع قانونيا ونادت بإشراك القوى الحيّة في الدوائر الإعلامية المسموعة والمقروءة في وضع القوانين المتعلّقة بالمهنة ومناقشتها كي تتوجّه لحماية حريّة التعبير ضد مثل هذه التهجّمات، كذلك دعت إلي وقف التعدّي على الحريّات الصحفية والإجراءات التي تهدف إلى إلحاق الضرر المادي بالصحف أو المعنوي بالصحفيين و الكتّاب.

وكان الموقع تعرض لعملية التخريب في 14 أكتوبر الماضي وتردد ان دوائر سياسية ربما تسببت في العملية خاصة أن الموقع شهد علي مدي الوقت حضورا مكثفا لأقلام العديد من السياسيين المعارضين للنظام. 

خلاف حول صفات الموقعين
وشهدت الأيام الماضية سجالا متصلا استغربته العديد من الدوائر الثقافية بين بعض الموقعين علي البيان اذ رأي البعض من أعضاء الموقع أن أقليّة حسبت نفسها هي الوحيدة التي لها ثقل من بين أعضاء الموقع أصدرت البيان وقد كتبت أمام كل اسم صفة (فنان) أو (كاتب) فيما كان وقع تخريب الموقع علي جميع عضويته أمرا مستنكرا.. وطغت من بعد المهاترات والإساءات ما بين جميع الأطراف حول أحقية البعض بصفات فنان وكاتب وموسيقار... الخ وتراجع نبض التنديد المعبر!  

عن الهيئة العربية للمسرح: منعطف سوداني!
تحامل إسماعيل عبد الله أمين الهيئة العربية للمسرح كثيراً علي بعض المسرحيين السودانيين في بيانه الصحفي الذي أصدره معقباً علي تحقيق أجرته صحيفة الأحداث حول فرع الهيئة بالسودان (الثلاثاء 28 أكتوبر)! وقد كتبت منذ فترة ان أنشاء فرع للهيئة في السودان حدث بطريقة تفتقر للشفافية، دللت علي ذلك بالإشارة إلي أن من حازوا ثقة اللجنة المؤسسة للهيئة فدعتهم إلي الشارقة بتاريخ9 ـ 10ـ11 يناير 2008 م وأسمتهم لجنة مؤسسة لفرعية الهيئة بالسودان.. هؤلاء الذين لا نعرف بأي معيار تمّ انتخابهم، لم يخبروا المجال المسرحي السوداني بها.. بأهميتها، إمكانيات الاستفادة منها، بجملة واحدة (تكتموا علي أمرها)! كتبت ذلك في يوليو، أي بعد مضي نصف العام علي تكليفهم، قلت: أليس سؤالاً وجيهاً ان نقول لماذا لم يجد هؤلاء داعياً إلي ذكر مبادرة حاكم الشارقة لواحدة من صحفنا!؟ دعك من ان (ينوّر) احدهم الساحة المسرحية، من خلال مؤتمر صحفي عما يليها في هذه الهيئة، دعك من ان يثقل علي نفسه بالحديث عن جدول الأنشطة المزمع إنجازها للفترة المقترحة بين 2008 و 2009 عن ورشة في الشارقة ورشتين في كل مركز بالأقطار العربية،عن منح دراسية للمسرحيين العرب لمواصلة الدراسات العليا في مجال التقنيات المسرحية. عن مسابقة في التأليف المسرحي سُيغلق باب التقديم لها في أكتوبر (الذي انتهي) تخص الهيئة ومن حقكم ان تنتفعوا بها.. الخ!

وفي خاطري تجربة مكتب الهيئة (الدولية) للمسرح بالسودان الذي ظل غير معروف علي مدي وقت غير قصير إلا للأقلية التي تديره.. هي الوحيدة التي ظلت تستفيد من مساهماته المالية والتقنية.. وتجوب العالم لحضور فعالياته! إذن خشية من ان يتكرر ذات السيناريو نبّهت إلي ضرورة ان تقاوم الساحة المسرحية هذه الوضعية، ولم تمر ايام حتى فوجئت بأحد الزملاء يتصل بي ويسألني: هل تمت دعوتك الي الجمعية العمومية لفرع الهيئة العربية للمسرح! وحينما أجبته بـ (لا) قال لي أنها انعقدت منذ يومين وسمي المكتب التنفيذي.. الخ! واكتشفت لاحقاً ان الدعوة تمت بالموبايلات وبالمقابلات الشخصية (انحصرت في عدد لم يتجاوز الـ (25) مسرحياً) لم يُشهر الأمر عبر الصحف أو الإذاعة والتلفزيون، والمكتب التنفيذي الذي أُنتخب هو ذاته (اللجنة التمهيدية)، تمّ تجاوز أسماء مثل مكي سنادة، الرشيد احمد عيسي، ناهد حسن،هاشم صديق،عبد الرحيم قرني..، ثمة من تمّ انتخابهم في المكتب التنفيذي بالرغم من عدم حضورهم للجمعية العمومية، بالإضافة إلي ذلك لم تشهر أسماء من تم انتخابهم بأي وسيط إعلامي، إلا بعد مرور نحو شهر وضمن تحقيق صحفي نشر في 21 أكتوبر.

ودعنا لا نسأل عن معرفة أغلبية المسرحيين السودانيين بالنظام الأساسي للهيئة أو عن معرفتهم بورشة عمل إقليمية بعنوان (مسرح المجتمع) قال إسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة في مؤتمر صحفي عقده بالشارقة (14 يوليو ـ القدس العربي) انها ستقام بالخرطوم في أكتوبر بمشاركة الصومال وجيبوتي وموريتانيا، ولم يحصل ذلك بالطبع، كما لم يصدر لا من الهيئة بالشارقة ولا من مكتبها بالخرطوم ما يفيد بتأجيلها أو إلغائها وهذا ضرب من عدم الاكتراث غريب.. يحمل المرء علي الظن ان أمر هذه الهيئة لن يختلف عن غيرها من هيئات وكيانات إبداعية عربية ميتة وبلا فعالية مثل اتحاد المسرحيين العرب، اتحاد الفنانين العرب، المكاتب العربية لهيئة المسرح العالمية.. الخ! خاصة وان من هم خلف النسخة السودانية لهيئة المسرح العربية هم أنفسهم وكلاء اتحاد الفنانين العرب في السودان، وهم وكلاء الهيئة العالمية للمسرح،ورابطة كتاب المسرح، كما أنهم وكلاء دعوات فعاليات المسرح في المنطقة العربية وأوربا وما لا يعلمون!

إسماعيل عبد الله قال في حوار أجريته معه بالقاهرة ان جهودهم في عمل مكاتب قطرية واجهت تعقيدات في بعض الدول العربية منها انقسام المسرحيين هنا وهناك وتكتلهم في مجموعات معادية لبعضها البعض وان بعض الدول مثل مصر التي شهدت الاجتماع التأسيسي للهيئة، لم تكتمل الإجراءات بها بحيث يُسمح برفع لافتة للهيئة في مقرها..، وفي ذات الحوار قال ان هنالك فئة من المسرحيين ببعض الدول العربية متسيدة والسلطات تقنع بها وبما تقدمه هي فقط وان الهيئة تعاملت مع هذه الفئة لأنها في هذه المرحلة تريد كسب المشروعية لدي السلطات العربية حتى يتاح لها ان تعمل!

كان يتحدث إليّ بعد قراءته لمقالتيّ حول ملابسات تأسيس فرع الهيئة بالسودان وبالطبع كان جيداً في ظني ان أجده متفهماً هكذا، لكن حينما استفدت من حواري معه في إفادة طلبتها مني صحيفة الأحداث السودانية في سياق تحقيقها حول فرع الهيئة بالسودان ـ أوردت عبارته الأخيرة بالتحديد ـ سارع عبد الله إلي نفي ذلك ببيان صحفي وقعه باسمه ونشرته الصحيفة وقال:(أمين عام الهيئة قوّل نصاً لم يقله) لعله نسي ان ما قاله كان بحضور زملاء، كما انه (مسجل)!

وعلق من موقعٍ متعالٍ علي إفادات الرائدين الرشيد احمد عيسي وعبد الرحيم قرني اللذين أعربا عبر التحقيق عن عدم قبولهما للطريقة التي كوّن بها فرع الهيئة بالسودان، ووصف حديثهما بـ (غير مسؤول، وانه يدخل في باب المهاترات، ويعبر عن أنفس ضعيفة..الخ) وبالمقابل قال عن الجماعة المُنتخبة انها (أسماء يكن لها المسرح العربي كل تقدير وأنها سهرت من اجل ان تتحول الهيئة من حلم إلي واقع.. الخ)!

كنا نتوقع ان ثمة نافذة للحلم، للأمل، يمكن ان تفتحها هذه الهيئة..تشرق معها التجارب المسرحية السودانية الناهضة.. وتجد فيها ما يعزز إمكانياتها وهي تغالب تواريخ الكساد والعطب، والجهل، التي خلفتها سيادة هذه الأسماء التي يغني من اجلها إسماعيل عبد الله طيلة عقود فائتة علي المجال المسرحي السوداني..لكن هاهي الهيئة تسقط في أولي المنعطفات، أي استحقاق ثقيل لـ (هيهات) هذي!