يكتب الشاعر المصري هنا بتركيز وإيحاء وطأة إمارة الظلام على الواقع العربي في هذا الزمن الردئ الذي يشتد فيه الحصار: حصار الأخوة وحصار الأعداء معا، وترتفع فيه الجدران أمام الشعر والحياة على السواء.

الظَّلام الأمير

أحمد فضل شبلول

لماذا تهبُّ الرياحُ على أَبْحُري
وفي الموجِ بعضُ الرماد
وفي الأفْقِ كلُّ الغَمَام..؟
سؤالٌ يريدُ التطاولَ خلفَ الإمام
ويصعدُ فوق الزحام..
زحامِ النيازكِ والطائراتِ
التي تسقطُ الآنَ فوق المباني..
المباني التي تخدعُ الساكنينَ
ولا تَنْتَحِبْ
ولا تقشعرُّ الحجارةُ في مهدها
ولا تتباكى الحوائطُ في الانهيار
المباني/ الجدار
الذي يتراجعُ خلف الحصار
ويجثمُ فوق الصدورِ غريبًا
الجدارُ يراقصُ هذا الحطامَ
ويعلنُ عن دَوْلَةِ التافهين
فيعلو الزَّبَدْ
رئيسًا جديدا
ويسعى الكَمَدْ
حليفًا سعيدا
وتنمو العظامُ التي في الحفائر
إنها عادتِ الآنَ من قبرها
وقامت تبشِّرُ بالفاتحين
الترابُ يغطِّي الوجوهَ،
ويغزو المسامَ
ينصِّبُ ذراتِهِ حاكما للعَدَم
ولا يتبقَّى سوى صوتِ هذا الألم
عائدا من بكاء النغم
كامنًا في عذابِ البشر
وقتَ أنْ كانَ في عالمي بَشَرٌ كالحجر
أو أشدِّ قَسَاوة
وَدَاعًا لكلِّ جميلٍ مضى
وَدَاعًا لكلِّ نهارٍ أتى
وَدَاعًا لكلِّ القصائد
وَدَاعًا صَحَابي..
فلم يبقَ إلا الظلامُ أميرًا
على العالمين.