يخصنا الشاعر المصري بشذراته القصيرة جدا هذا النمط الإبداعي والذي أمسى اليوم حاضرا بقوة في المشهد الثقافي العربي، وفي الصدف الصغيرة هنا بعضا من تقنيات المفارقة والتي تهيمن على الصياغة والنسق الكتابي مع التركيز أحيانا على ترميز المعنى الى حدود يصبح النص أقرب الى تعريفات شعرية لمقولات قد تبدو أحيانا مألوفة.

الصدف

مصطفى جاد الكريم

 

-1-

صادفت نفسي

أمس

حين استيقظْتُ

فحييتها

وسألتها

وسألتني

وجادلتها

وجادلتني

وجلدتها

وجلدتني

ثم أعرضت عنها

لأكمل يومي

 

-2-

صادفت التاريخ

وهو ينحني مغادرا

ويلتوى ماكرا

فاستوقفته

لأشرب معه فنجان قهوة

فقبل مشكورا

وأخذ يحكى لي

بينما تجمدت البشرية

ريثما انهى فنجانه

 

-3-

صادفت العلم

وهو يتنزه قليلا

خارج المعمل

فرفعت له القبعة

فابتسم ساخرا

من سذاجتي

 

-4-

صادفت الخير

فرحب بي

وفرحت به

ونصحني

أن أكون حذرا

 

-5-

صادفت الشر

فعرض علىّ صفقة

فأخذت أدرسها

بينما نفسي

وقَّعَت عليها سرا

 

-6-

صادفت المال

فمددت يدى

فعادت ملوثة بالدم

 

-7-

صادفت الأرض

وهى تدور لاهثة

فسألتني

عن أخبار المجرة

 

-8-

صادفت البلاغة

فحدثتني بلغة غريبة

وطلبت منى

ألا أفشى شرها

 

-9-

صادفت الجمال

فقبَّلته

فتلاشى

 

-10-

صادفت الاخلاق

فعنفتني

ووعدتني خيرا

 

-11-

صادفت السلام

وهو يهرب

من الحرب

 

-12-

صادفت الموت

وهو يصنع

الحياة

 

-13-

صادفت الخوف

في كهف الشجاعة

 

-14-

صادفت الآخرين

وتفاجأ كل منا بالآخر

 

-15-

صادفت الحياة

وعرضت على صداقة

مؤجلة

 

-16-

صادفت المصادفة

فانفجرَت ضاحكة

 

شاعر من مصر