منح محمود درويش الدكتوراة الفخرية

في جامعة لوفان الكاثوليكية: وثيقة تنشر لأول مرة

إعداد وتقديم: زهرة زيراوي

من جامعة لوفان الكاثوليكية: مدرج هنري كوزا 1998، بلجيكا
محمود درويش يرحل، ويترك فينا ما لا يمحي ولا ينسى، ساقتني ذاكرتي إلى يوم أينع فيه الزمن العربي في جامعتين من أهم جامعات بروكسيل، حيث شهدت كل من الجامعة الحرة للآداب، وجامعة لوفان الكاثوليكية، أحداثا ثقافية وأدبية عكست الملامح العربية لجانب مشرق ومشرف، إذ قدمت عروض ثقافية بالجامعة الأولى، ابتداء من 4 آذار لغاية الثامن منه من عام 1998 تحت عنوان: "ساحة جامع الفناء بمراكش تراث شفوي للبشرية" ساهم في هذه العروض أساتذة من أمكنة شتى من العالم العربي، والغربي: المغرب، فرنسا، أنجلترة، بلجيكا وكانت وجبة الغذاء التي قدمها مطعم الكلية لأزيد من ألف طالب وأستاذ، هي وجبة الكسكس المغربية. أما جامعة لوفان فقد أفردت جناحها العلمي والأدبي لفلسطين، وطبعا جامعة لوفان هي أكبر جامعات بلجيكا، كان ذلك مساء عاشر آذار من نفس العام. هذا الملتقى هو احتفاء بالشاعر الكبير محمود درويش وتقليده الدكتوراه الفخرية. الغريب هو أن الطبيعة بدورها أبت إلا أن تعكس المناخ الفلسطيني، فانزاحت الغيوم عن السماء وكف المطر، وأشرقت شمس آذار، ودخل محمود درويش كما يدخل الأبطال على الساعة الرابعة ونصف زوالا ومدرج «هنري كوزا» غاص بجنسيات كثيرة، كانت عيوننا مشدودة إلى الركح.

كلمة تقديم درويش لدرجة الدكتوراة الفخرية
الآن سيلقى عراب «هنري كوزا» في جامعة لوفان البروفسور جاك هنري كراند كلمته التاريخية في حياة محمود درويش وحياة الشعر العربي، قال:

ولد محمود درويش سنة 1942 بقرية البروة الواقعة في الجليل، بالقرب من "سانت جان داكر" بفلسطين تاريخيا وبإيجاز تعتبر أنجلترة مسؤولة عن تصريح "بلفور" في نونبر من عام 1917 وتم احتلال فلسطين سنة 1917، لنذكر بأهم الكلمات لهذه المعاهدة "حكومة جلالتها ستجعل من فلسطين موطنا للشعب اليهودي (...) وذلك دون إلحاق أدى بالحقوق المدنية والدينية للمجموعات غير اليهودية بفلسطين كذلك بالنسبة للحقوق والقرار السياسي الذي يتمتع به اليهود داخل أي بلد"

ويظهر بوضوح لبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية أنه غير ممكن تحقيق مشروع "بلفور" دون أن يقع نزاع بين العرب واليهود وتؤخذ القضية إلى الأمم المتحدة التي تقترح تقسيم البلاد في نونبر 1947 غير أنه اقتراح مرفوض مسبقا من طرف الفلسطينيين والعالم العربي بأسره. خلال الحرب الإسرائيلية الفلسطينية في نهاية 1945 وبداية 1948 لقد بدأت هجرة العديد من الفلسطينيين وطولب بتبعية منطقة إلى المملكة الأردنية La CisJordanie.. 

ترحاله والمؤثرات في تكوينه
بالتحديد في سنة 1948 رحل محمود درويش من فلسطين إلى لبنان صحبة عائلته، وفي سنة 1950رجع سريا إلى فلسطين ليتابع دراسته الابتدائية، وفي لقاءاته المنشورة في فلسطين تحدث بكل إحساس عن هذه الفترة التي دعمت ميوله الشعرية يقول: "وصلنا إلى قرية دير الأسد (...) تذكرني فترة دير الأسد برجل له صوت عذب شجي يأتي في الليل عند جيراننا على هامش القرية، يلعب على الرباب، ويتغنى بتاريخه كيف رحل عن داره.. كيف عبر الحدود.. وكيف.. لقد تشرب لا شعوري موسيقاه، خلال إصغائي له كنت أحس كيف كانت الكلمات تحمل الواقع، تعلمت أن الفن يأتي من الأشياء البسيطة". هذه الفترة بالذات هي التي أجبرته على الإنغماس في الثقافة العبرية، ففي حواره العبري مع الشاعرة الإسرائيلية "هيلت يشوان" قال: "العبرية هي أول لغة أجنبية تعلمتها في سن العاشرة أو الثانية عشرة (...) العبرية فتحت لي باب الأدب الأوربي، قرأت لوركا بالعبرية وكذلك ناظم حكمت (...) أصدقاء كثيرون يغبطونني عن قراءتي للتوراة في لغته الأصلية. ولم أكف عن القراءة بالعبرية."

دخل محمود درويش الميدان السياسي مبكرا: خلال سنة 1958 شارك مع صديقه الشاعرسميح القاسم في مجموعة الأرض التي تطالب بالإعتراف بالحقوق المدنية للعرب الفلسطينيين، وستمنع هذه المجموعة من نشاطاتها، ويؤسر محمود درويش عدة مرات "196 ـ 1965 ـ 1968" لنذكر أنه خلال سنة 1967 ومباشرة بعد حرب الستة أيام ستحتل إسرائيل الجزء الآخر من فلسطين. أيضا ابتداء من 1967 سيعترف بالعديد من الشعراء الفلسطينيين حيث ستصبح لهم جماهيريتهم الكبيرة، بدءا من العالم العربي الذي لقبهم بشعراء المقاومة، وطبع نتاجهم الشعري في ديوان نشر بدمشق عام 1968 تحت عنوان: "ديوان الوطن المحتل". وامتدت هذه الجماهيرية بسرعة خارج العالم العربي بواسطة ترجمات هذه الدواوين بلغات غربية منها الفرنسية والإنجليزية خاصة.

نلاحظ في شعر محمود درويش التخلي عن رومنطيقية الشعراء السابقين، لوحظ في البدء اهتمامات اجتماعية وسياسية ووطنية. وأصبح الشعر غير مقيد. فظهر الشعر الحر، الموضوع الأساسي يهتم بالنزاع القائم من أجل الدفاع عن الوطن، على سبيل المثال في ديوانيه «عصافير بلا أجنحة» و«عاشق فلسطين» عام 1966 يصف محمود درويش ألم الشعب الفلسطيني ومعاناته دون أسف، إن الصوت السائد هنا هو القلق والأمل، يسجل الواقع ويكتبه. 

فلسطين هي جلد محمود درويش
فمحمود درويش يصور آلام الشعب الفلسطيني دون حسرة فالجو العام الذي يهيمن على هذا الديوان هو الغضب والأمل، إنه يصرح: أقول لشعراء وطننا المناضل "إني قتلت الهلال الذي أنتم مرتبطون به" قال أيضا: أرفض الموت رغم أن ميثو لوجياي غير خالدة، أيضا يقول: "إذا كانت أغنيتي تحت عيني المفزعتين هي موال للفرح، ذلك لأن العاصفة وعدتني بأقواس قزح، وخمرة" أيضا يقول: "بلادي ليست ثوبا للحكايات، وليست ذاكرة ولا أرضا للأهلة. بلادي تاريخ، أو حقل، هذه الأرض هي جلد عظامي... قلبي يدور كنحلة".

الترجمات التي عرفتها أعماله
بعد قبوله للإقامة في حيفا عمل صحافيا في مجلة الإتحاد ومنح جائزة لوتس من طرف المجلة الروسية "ليتراتورنيا كازيتا" مكافأة لأحسن كاتب "أفروآسوي" ثم غادر حيفا متوجها إلى مصر، ونشر هناك مؤلفين هما: "عصافير تموت في الجليل" و " كتابة على ضوء البندقية" ثم استقر ببيروت سنة 1973 حيث عمل بها لغاية 1982، كانت هذه الفترة خصبة بالنسبة لنتاجه الأدبي فكتابه "يوميات الحزن العادي" نشر في بيروت عام 1973 وترجم إلى الفرنسية ونشر بباريس سنة 1989 وفي سنة 1979 نشر في بيروت ديوانه "ورد أقل" الذي سيترجم إلى الفرنسية وينشر بباريس عام1989 أصبح رئيس التحرير لمجلة "شئون فلسطينية" وأصبح أيضا مديرا لمركز الأبحاث الفلسطيني وللمجلة الأدبية المرموقة "الكرمل" نشر سنة 1982 "ذاكرة للنسيان" وترجم هذا العمل إلى الفرنسية عام 1994 وإلى الإنجليزية سنة 1995. ورغم مؤلفاته العديدة خلال إقامته ببيروت فإن محمود درويش يعقب على ذلك قائلا: "لو طلب مني أن أكون ناقدا لأعمالي، فسأبين أنه بعد خروجي من بيروت اقتربت أكثر من ضفة الشعر، عكس ما يعتقدون عموما، إذ أني أعتبر مرحلتي البيروتية مرحلة التباس، أو غير منطقية نظرا لضغط الحرب الأهلية على الخصوص، وأيضا للألم الذي ينساب تحت الجلد خاصة عندما يموت أصدقائي بين ذراعي".

في سنة 1994 منحت جائزة "محمود الهمشري" لمحمود درويش وذلك عن مجموع مؤلفاته وإنتاج ترجم إلى الفرنسية، وقصائد شعرية متنوعة نشرها "إلياس صنبر" تحت عنوان "آخر عشية فوق هذه الأرض" وقد ترجم ديوانه "لماذا تركت الحصان وحيدا" إلى الفرنسية ونشر بباريس عام 1994 وعرف عام 1997 لقاءات مع كل من محمود درويش، وعباس بيضون، ونوري الجراح، وأيضا الشاعرة الإسرائيلية "هيليت يشيرون"، وشعراء لبنانيين، وسوريين. وقد ترجمت كل هذه الأعمال إلى الفرنسية ونشرت بباريس. 

محمود درويش "أنا لغتي"
وللإجابة عن أسئلة دقيقة عن حياته الثقافية يجد محمود درويش فرصة لتوضيح مواضيعه الشعرية، إذ يقول: إن وجود القصيدة الشعرية مرتبط بعلاقة القارئ والشاعر. لكن لم يتوقفوا عن تكرار قصائدي الشعرية كيفما شاؤوا إلى حد أن تمسح قصائدهم ملامح وجهي، رغم كل افتخاري بأني فلسطيني وفي استطاعتي تقديم حياتي من أجل إظهار الحقيقة الفلسطينية. أرفض أن ينظر إلي كمواطن فلسطيني... أريد أن أساير تاريخ وكفاح شعبي من خلال زاوية جميلة تختلف عن القراءة السياسة المتداولة والمكرورة.. أرغب في أن أغرس حقيقتي في الإنسان، والكون. لا في ترجمة محدودة. ويقول أيضا: "دفنت الكثير من قصائدي الشعرية التي لم تكن ذات مصداقية، عدا ما تمتحه من موضوع فلسطين. الدواوين والمؤلفات المنشورة والقصائد الشعرية الأخيرة تمكن أيضا القارئ من فهم نتاج الشاعر المرتبط بإرثه الثقافي الكنعاني، وبثرائه العربي.

يقول في إحدى قصائده الشعرية" من أنا؟؟؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الآخرون. وهو بدون جواب. "أنا لغتي. وما أنا إلا ما عبرت عنه الكلمات" ويقول أيضا: "ها هي لغتي ومعجزتي، وعصى إعجابي، بساتين بابل، حجري المعبود، أول تعريف لي، معدني المصقول، معبود العربي في الصحراء الذي يعبد كل ينبوع من القوافي. نجوم فوق بردتها، ثم يعبد ما يقوله" 

الميثولوجيا اليهودية وألم السيد المسيح
أرض فلسطين هي كذالك للمسيح، يقول الشاعر: "أشعر بافتخار ما" لأنني أنتمي لبلاد المسيح، وطني كان مهدا للأخلاق الفريدة التي تتميز بالتسامح، بالتضحية، ومساندة الفقراء، والجائعين، والمضطهدين، والمرضى، وإذا كان العالم يشاهد يوميا أزيد من "كولكوط" أكتب بافتخار أن أول كولكوط، كان بفلسطين. وإذا كان ذلك في ذاكرتي فإن ضميري يصبح حيا، ويمنحني قوة أخلاقية، ويفتح أمامي طريقا إنسانيا واسعا، ويحطم الضباب الكثيف الذي يمكن أن يحجب شقاء وأمل الآخرين. "ولننهي هذا القول، ولكي نتمكن من تلخيص المعنى العميق لرسالة الشاعر الشعرية التي يتفق الجميع على أنها لشاعر عميق من الشعراء المرموقين في الأدب العربي الحديث سأسرد عليكم في الأخير مقطعا من إحدى لقاءاته التي تعكس نبل روحه": أعيش في جنة رموز، لذلك وبدون تردد سأتحدث باسم المسيحي ودون تردد أيضا أستعمل الميثولوجيا اليهودية لكن السيد المسيح عنده ميزة إضافية إنها الألم. إنه يسكن بفلسطين، لهذا فهو بالنسبة لي قدوة تعلمني كيف أستقيم، وكيف أسامح، ويشجعني على نشر مذكرات الحب والتسامح من أجل كل هذه القيم الرائعة التي يحتفي بها الشاعر من خلال سحر الفن أطلب منكم السيد رئيس جامعات لوفان الكاثوليكية أن تمنحوا السيد محمود درويش دكتوراه "هونريس كوزا" كلية الفلسفة والآداب للجامعة الكاثوليكية بلوفان.

توقيع: الدكتور جاك هنري
عراب هونريس كوزا
أستاذ بالجامعة الكاثوليكية لوفان/ كلية الفلسفة والآداب ـ معهد إيرازم 

كلمة الشاعر محمود درويش
جامعة لوفان من أكبر الجامعات القديمة بأوربا تمنح دكتوراه "هونريس كوزا" لشاعر عربي، لآ أعرف كيف أصوغ شكرا لجامعة "لوفان" ستكون كلمة الشكر احتفاء بالروح الإنساني العميق الذي يتممه الشعر، فالشعر يؤكد دوره رغم كونه اليوم يفقد شيئا فشيئا حقيقته. فالتقنيات الشعرية الحديثة وصلت إلى مستوى من التقدم والتجريبية، وإزالة القناع عن الطرائق، نحن الآن مهددين كثيرا، لا في مبالغة الخلط بين الشعر والنثر فقط، ولكن حتى في الخطر الموجود بين الشاعر والشعر.

أين مفهوم الشاعر بالمعنى العربي: العارف؟

لا يمكننا في نهاية هذا القرن الشعري، أن نراكم اختلافات المستويات الثقافية، والاجتماعية والعلمية، بين العالم العربي، والعالم الغربي لتطبيقها ميكانيكيا على العلاقة التي تربط الشعر العربي المعاصر بالشعر العالمي. إن فعل الاستمتاع لشاعر عربي يعادل الآن التهدد بخطر المفاجأة أو الصدمة لأن التعريف الوطني للشعر، لا يظهر إلا بصفة سرية غير جماهيرية محمولة بإيقاع آخر للزمن، فولادة الشعر تأتي من منفانا الجماعي على هذه الأرض، الشعر هو التعريف الإنساني للإنسان. من المنفى البدايات الأولى للاملكية الحالية، مرورا بملاحظة عدم قدرته على تغيير العالم، ومع ذلك الشعر يواصل عولمته ويكمل خصوصيته، متحررا في نفس الوقت من هيمنة المركز، ومن خوف الأطراف على مكانتها وتعريفاتها الضيقة. إن المكانة التي يحتلها الشعر العربي المعاصر في المجتمع تستحق غيرة كبرى، فهذه الصورة التي تعودنا عليها منذ القدم ينبغي النظر فيها، ومحاولة تحديدها. هل ما يزال العرب حقا هم شعب الشعر؟ أين مفهوم الشاعر بالمعنى العربي: العارف؟ 

هل يتعدى سؤال الحداثة أزماتنا الداخلية؟
إن مكانة الشعر العربي للأسف هي الآن في تراجع، وهذا الفقدان للقمة، هو في نفس الوقت دلالة على الصحة أو المرض. فالعصور الحديثة غيرت نظرة العرب للشعر وقوانين مفهومه، فكلمة "الشاعر" لم تعد تعني أدبيا الخيالي، ومفهوم "البطل" تغير تحت الضغط المتواصل والمتكرر لاقتراب العصر من الأشياء على حساب قوانين التهميش واللامنطق وحياة العادي واليومي، وبين خوف المدينة ـ و لو أنها حتى الآن غير مكتملة ـ وخوف القبيلة الذي لم يختف كلية، مجتمع في طور التقدم يتساءل: عما بعد الحداثة؟ إن تساؤلات الشعر العربي المعاصر عبارة عن تمزقات وتفتت لحداثات اختفت، باتت الحداثة تنقسم إلى حداثات، لا يجمعها إلا الشكل، هذه الحداثات تدل تارة على انفتاح اللغة على التاريخ، وعلى الواقعي، أو القارئ، وتارة على انغلاق اللغة على نفسها، بعيدا عن المفهوم، وعن العصور. إن المجتمعات العربية مسحوقة الآن أدبيا، والتساؤلات هي حول الكيان أساسا، لذلك يظل سؤال الحداثة لا يتعدى أزماتها الداخلية، وبالتالي سيبقى سؤال الحداثة مطحونا إذا لم يوضع في سياق التحرر. 

هل نحن شهود على نهاية الشعر؟
أسوأ من الشعر المناضل المباشر احتقار الشعر للسياسة، بمفهوم عميق للكلمة، وعدم الإصغاء لحركة التاريخ، والاشتراك في بناء المستقبل. مثل هذا الاحتقار يقطع صلة الشاعر بحقيقته، ويعزله عن الكون، وعن مجتمعه. فعلا التغيرات الاجتماعية أصبحت أسرع، يوما بعد يوم، وسيادة الوسائل الإعلامية واغتصاب اللغة المتغيرة إلى حوار للإستهلاك، كل هذا ساهم في تراجع واضح للشعر، أيضا هناك شعراء ساهموا في هذا التراجع وذلك بانغلاق رائع، أو انبهار بالشعبية السهلة. هؤلاء الشعراء هم في الحالة الأولى اختاروا "أنا" الشديد الإنغلاق، منغلق، ومنعزل عن العالم. وفي الحالة الثانية اختاروا وضوح الرسالة المباشرة، قاتلين بذلك المتعة التي نبحث عنها كلنا في الشعر، وآيلين بالقارئ إلى العطالة. هناك إذا ما هو أسوأ من عدم الذكاء الشديد: الانغلاق، "درس البديهيات" الذي يحرم القارئ من اشتراكه الخلاق، ويمنحه فرصة إعطاء حياة جديدة للقصيدة، تلك المتعة التي نبحث عنها.

هل نحن شهود على نهاية الشعر؟

إن الشعر في حاجة إلى أزمات ليغير طريقه وليسير نحو ما لا نهاية.

"محمود درويش جامعة لوفان الكاثوليكية" 

في ختام الحفل قرأ محمود درويش قصيدة "لا أرى أحدا سواي" 

نريد التواصل مع العالم العربي
ينتهي حفل التكريم وأعود إلى البروفسور جاك هنري كراند أسأله:

ـ منح الدكتوراه الفخرية لمحمود درويش والدكتور عصمت عبد المجيد، حدث أساسي سيما وهو يتزامن مع إعلان بروكسيل عاصمة للثقافات فهل هذا يندرج في هذا المسعى؟

 ـ في هذه الجامعة بحوث في ميدان اللغة العربية واللغات الشرقية بصفة عامة وهذا الاهتمام قديم في جامعتنا التي تعد من أقدم الجامعات في أوربا، والدكتوراه الفخرية لمحمود درويش تدخل في مسعى التعرف على القيم في عالم الأدب فمحمود درويش قيمة شعرية، وأحد الشعراء المهمين في العالم كله، وليس في العالم العربي وحده، إنه تواصل بين الشرق والغرب. هذه الحركة تشير إلى أن جامعتنا تريد أن تتواصل مع العالم العربي، وهذه الجامعة معترف بها إنها الجامعة الرئيسية في هذا الميدان ببلجيكا وقد منحت شخصيات كثيرة هذه الشهادة لدور هذه الشخصيات الفعال والمستميت إنهم شخصيات من أوربا، والصين، وأمريكا واليابان. هذا التقليد نحييه نحن أساتذة البحث وهذا الأسبوع هو أسبوع تعريفي إعلامي عن العالم العربي، نحن هنا نحاول أن نحث طلبتنا عن الاهتمام بالعالم الثالث، لذا نظمنا هذا الأسبوع الثقافي العربي أنا والأستاذ بشارة خضر، والهدف هو الإعلان عن الجوانب الاقتصادية والسياسية وكذا الحوار الإسلامي المسيحي الذي تعززه كليتنا. وكذا الإعلام عن المجتمعات الغير مسلمة التي تعيش في البلدان الإسلامية. أشير أيضا أن هدفنا الأساسي هو ألا نستمع إلى النظريات الغربية الخاطئة عن مواجهة الثقافة وصراعاتها بين العالمين الإسلامي والمسيحي هذه النظريات ينبغي مواجهتها. 


كاتبة من المغرب مقيمة في بروكسيل