هنا تقدم الأكاديمية الجزائرية مسحاً مهماً، لواحدة من العلامات التي سعت لتقديم الأدب العربي للآخر، يستبين منه القارئ أهمية مشروع بروتا لترجمة الأدب العربي للغة الانكليزية، والذي تصدت لانجازه الباحثة والأديبة والمترجمة الفلسطينية سلمى خضراء الجيوسي.

ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية

مشروع بروتا لسلمى الجيوسي أنموذجاً

مديحة عتيق

سلمى خضراء الجيوسي أحد الأسماء الفلسطينية البارزة في مجال الترجمة من العربية إلى الإنجليزية والعكس، وذلك بما أنجزته من نشاطات ترجمية مذهلة في مجال القصة والرواية والشعر والنقد، دعنا نتساءل مع الدكتورة فريال غزّول "كيف تمّ بناء هذا الشخصية الفذّة على هذه الأرض الخراب في هذا الزمن الرديء"، لذا ستحاول هذه المداخلة أن تقف على إنجازات هذه المرأة المتميزة، وذلك بالتركيز على الخلفيات الثقافية واللغوية للمترجمة سلمى الجيوسي، وتداعيات ذلك على نشاطها الترجمي وخاصة مشروع بروتا.

إنّ الحديث عن هذه الشخصية النادرة يسبّب إحراجاً كبيراً، لأنّها أشهر من نار على علم، وثانياً لأنّ سيرة هذه المرأة وإنجازاتها غنية عن التعريف، وأكبر من تلخّص في بضعة أسطر هنا.

تعرّف ويكيبديا سلمى الجيوسي بـ"أنها  أديبة وشاعرة وناقدة ومترجمة أكاديمية فلسطينية. ولدت عام 1928م من أب فلسطيني وأم لبنانية في السلط شرقي الأردن. ترعرعت في مدينة عكا وفي القدس. نشأت في فلسطين، وبعد نكبة 48 عاشت في الأردن. درست الثانوية في كلية شميت الألمانية بالقدس، ثم درست الأدبين العربي والإنجليزي في الجامعة الأمريكية في بيروت، وحصلت على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن.

سافرت مع زوجها الدبلوماسي الأردني إلى عدد من البلدان العربية والأوربية، ودرَّست في جامعات الخرطوم والجزائر وقسنطينة، ثم سافرت إلى أمريكا لتدرّس في عدد من جامعاتها إلى أن أسست عام 1980 "مشروع بروتا" لنقل الأدب والثقافة العربية إلى العالم الأنجلوسكسوني، وقد أنتجت بروتا الموسوعات، وكتباً في الحضارة العربية الإسلامية، وروايات ومسرحيات وسيراً شعبية وغيرها. نشرت شعرها في العديد من المجلات العربية. دواوينها الشعرية: العودة من النبع الحالم 1960(1).

- تبدو سيرة هذه المترجمة حافلة بالحلّ والترحال وما ينبثق عنه من التعرّف على أحوال الشعوب وعاداتها وتقاليدها وثقافتها وهذا ما سيثري مواهبها وقدراتها الترجمية لاحقاً، مما يجعلها تتجاوز صورة المترجم القابع في مكتبه الهادئ محاطاً بمجموعة قواميس ثنائية أو ثلاثية اللغة، يبحث فيها عن معنى كلمة أو مصطلح أو صيغة ما.

- كما أتاحت لها هذا الترحال التعرّف على منجزات العرب الشعرية والروائية والمسرحية وهذه ما سيغني مشروعها لاحقاً، ويبعده عن دائرة الإقليمية والقومية، خصوصاً إذا وضعنا في الحسبان خصوصيات تلك المرحلة، حيث لم يكن هناك الإنترنت، ومعظم وسائل الاتصال لم تكن ميسّرة مثل الآن.

- كما أتاحت لها رحلاتها في أوربا وأمريكا التعرّف بالمثقفين الغربيين المهتمين بالثقافة العربية، الذين سيكونون لها عوناً وسنداً متيناً في ترجمة روائع الأدب العربي إلى الإنجليزية وفق خطّة سنذكرها في أوانها، ومن هؤلاء نذكر على سبيل المثال لا الحصر:Roger Allen، John Heath Stubbs، Sargon Bulus.

- ساعد وجود سلمى الجيوسي في قلب الغرب على التعرّف على نسبة مقروئية الأدب العربي لدى غير الناطقين باللغة العربية، ومدى حاجة هؤلاء القراء إلى الاطلاع على الثقافة والأدب العربيين، وهي نسبة ضئيلة ومفجعة، عبّرت عنها سلمى الجيوسي من خلال موقف أثّر فيها، وكان بداية مرحلة جديدة. تقول المترجمة: "في عام 1979 كنت ذاهبة مع طلابي لغداء عمل في الهواء الطلق، وكان عندي طالب قصير، هيك أنا لم أعد أذكر اسمه، قال لي الأدب العربي ما عندكم ما عندكم ثقافة ولا أدب، وقفت في نصف الشارع معه، والتفت عليه (Youn Man I show you) أيها الشاب سأريك أه، واشتعل شيئ في داخلي، العالم العربي سائر ولا يهتم بشيء، ولا يدرس الأوضاع، ولا يعرف قيمة نقل ثقافته إلى العالم كيف يحدث هذا"(2).

كان هذا الموقف هو بذرة مشروع بروتا الذي سيحقق قفزة نوعية في حركة ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، وللتعرّف على أهميّته لابدّ من أن نقف على:

وضع ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية قبل بروتا:
كانت ترجمة الأدب العربي قبل بروتا موجودة، لكن في شكل جهود فردية تتحرّك بين الحين والآخر، ولعلّ أوّل من اضطلع بهذه المهمة الكاتب اللبناني المقيم في أمريكا أمين الريحاني (1876-1947)، حيث قام بترجمة لزوميات المعرّي إلى الإنجليزية، ومهّد لها بمقدّمة عرّف فيها بالمعري وعصره وخصائص شعره، ونوّه بالقيم الإنسانية لشعره خاصة تلك التي لها مثيل لدى كبار الشعراء الأمريكان، وهذه خطوة ذكية من الريحاني لتقريب الشاعر العباسي القديم إلى أذواق القراء الأمريكيين. ورغم أنّ أمين الريحاني كان عضواً بارزاً في الرابطة القلمية، إلا أنّ هذه الجماعة الأدبية لم تتحمّس لمشروع الريحاني، بسبب موقفها المتحفّظ من التراث العربي ومن القديم عموماً، وظلّ الأمر يسير بشكل بطيء ويخضع لمزاج وأذواق وانشغالات المستشرقين، الذين صاروا يسمّون أنفسهم "مستعربين"، ومن أعمالهم ترجمة "يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم إلى الإنجليزية بعنوان متاهة العدالة Maze of Justice على يد Aubrey Eban، الذي أصدرها بلندن عام 1947، بالإضافة إلى "الأيام" لطه حسين، حيث ترجم E. H. Paxton و Hilary Waiment الجزأين الأولين منها (لندن 1932)، وترجم Desmond Stewart "الأرض" للشرقاوي (لندن 1962) و"الرجل الذي فقد ظله" لفتحي غنيم، وترجم Trevor Le Classick "زقاق المدق" لنجيب محفوظ، وتعدّ هذه الترجمات بدايات واعدة، رغم أنّها تركّز على الأدب المصري على حساب الدول العربية الأخرى"(3). أضف إلى ذلك ما قام به روجر ألان حيث ترجم معظم أعمال نجيب محفوظ إلى الإنجليزية.

- نلاحظ أنّ كلّ هذه الإنجازات تتمّ بجهود فردية لا تجمعها رؤية أو دراسة حول معايير الاختيار ومقاييس الترجمة، وبالتالي كان الاختيار يقوم على الذوق الشخصي والمزاج، وما توفّر في أيدي المترجم من نصوص "تصلح" للترجمة ، كما أنّ انشغالات هؤلاء المترجمين، ومعظمهم أساتذة في الجامعة تقيّدهم التزامات التدريس والإدارة والبحث والإشراف، تجعلنا نتصوّر عائق الوقت أي مدى تفرّغ هؤلاء لترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية.

- كما نلاحظ أنّ أغلب النصوص المترجمة أو على الأقلّ ما أشرنا إليه مصرية، أيّ أنّ هناك غلبة حضور قطر على حساب بقية الأقطار، وللأمر أسبابه التي لا يتّسع المقام لذكرها هنا، ولكنّه يطرح مشكلة "حظّ" باقي الآداب العربية من الترجمة.

- تحكّم الناشر في اختيار النصوص، فها هو الناقد والمترجم بيتر كلارك Peter Clarck يروي إحدى تجاربه في ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، يقول "أردت أن أترجم جزءاً من الأدب السوري المعاصر، فكّرت في أعمال عبد السلام العجيلي، لأنّها متميّزة وتستحق أن تقرأ بالإنجليزية، فعبد السلام العجيلي دكتور في الستين من العمر، يكتب النقد والشعر والروايات، وقصصه القصيرة - على وجه خاص - متميّزة، وتدور معظم أحداثها في منطقة الفرات السورية، وتصوّر معاناة الأفراد أثناء محاولتهم التأقلم مع الساسة، اقترحت على ناشري البريطاني جملة من قصص عبد السلام العجيلي القصيرة، فأجاب: "الفكرة خاطئة من ثلاثة وجوه الروائي رجل، ومسنّ، ويكتب قصصاً قصيرة، هلا وجدت روائية شابّة؟ فبحثت في الأدب السوري النسوي، فوجدت عملاً لروائية تبلغ الثمانين من العمر!"(4).

- بعد هؤلاء المترجمين عن الثقافة العربية مما يخلق صعوبة الترجمة، ونقل نص بمرجعياته وتقاليده نحو لغة أخرى مختلفة لسانياً وثقافياً وأدبياً، فكثيراً ما يقف المترجم عاجزاً أمام مفردة أو مثل شعبي أو مقطع فلكلوري لا يجد له مقابلاً في اللغة الإنجليزية، لذا يلجأ إلى الترجمة الحرفية كترجمة "قصر الشوق" وهو عنوان رواية لنجيب محفوظ إلى Palace of Desire.

بدايات مشروع بروتا:
كانت الجيوسي على وعي بهذه الظروف والملابسات، ولكنّ موقفها مع الطالب الأمريكي هو الذي وضع حدّاً لتردّدها، وجعلها تتفرّغ لمشروعها العظيم، وكان زميلها روجر آلان Roger Allen أول المؤسسين معها هذا المشروع الضخم، يتحدّث عن بدايته قائلاً: "مع نهاية السبعينيات كان مشروع بروتا بدأ يتشكّل في الأفق، فقد استدعى John Moore - مدير مطبوعات جامعة كولومبيا – الدكتورة الفلسطينية سلمى خضراء الجيوسي، لتحضر أنطولوجيا واسعة للأدب العربي الحديث. وكانت لخبرة الجيوسي الواسعة في تدريس الأدب العربي في الجامعات الغربية، دور كبير في إدراك الجيوسي لواقع ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، فقد كانت مستاءة لضآلة الترجمات المتوفرة، وأدركت - بتجربتها - أنّ ذلك نتيجة طبيعية لكون المترجمين عادة ما يكونون أساتذة جامعين لديهم انشغالات كثيرة في التدريس والبحث والإدارة"(5).

لذلك أقدمت الجيوسي على التقاعد لتتفرّغ للمشروع، بعد أن تعهّدت جامعة كولومبيا بطبع المشروع، وقدّمت وزارة الإعلام العراقية الدعم المالي (وهي المؤسسة العربية الوحيدة التي فعلت ذلك)، وتمكّن مشروع بروتا من أن ينجز مدوّنة ترجمية ضخمة، يمكن أن نذكر منها:

إنجازات مشروع بروتا
1- "الشعر العربي الحديث" (93 شاعراً)، (منشورات دار جامعة كولومبيا، نيويورك 1987.

2- "أدب الجزيرة العربية" (95 شاعراً وقاصاً)، (الذي نشرته كيغان بول عام 1988 ثم جامعة تكساس 1990 و1994).

3- "الأدب الفلسطيني الحديث" (103 شاعراً وكاتباً)، (منشورات جامعة كولومبيا، نيويورك 1992، 1993-1994).

4- "المسرح العربي الحديث" (12 مسرحية كبيرة)، (بالاشتراك مع روجر آلن، دار جامعة إنديانا 1995).

5- "القصة العربية الحديثة"، (104 قاصاً).

قراءة في حصيلة مشروع بروتا الكمية والنوعية
- أوّل ما يلاحظ هذه المجموعات هو ضخامتها وتغطيتها معظم الأجناس الأدبية، ونعني الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرحية.

- أنشئ هذا المشروع بعمل جماعي قوامه جملة من المتخصصين في الثقافة العربية والإنجليزية، وانعكس ذلك في العملية الترجمية برمّتها، بدءاً من اختيار النصوص، مروراً بترجمتها وتنقيحها، وصولاً إلى نشرها وتوزيعها.

- تتّضح  صفة "الجماعية" أكثر في خطة الترجمة، حيث يكلف مترجم عربي بترجمة النص المختار إلى اللغة الإنجليزية، بما أتيح من مهارات في هذه اللغة، ويحرص قدر الإمكان على نقل روح النص العربي إلى الإنجليزية، ثمّ يأتي مترجم إنجليزي ويعيد نقل النسخة الإنجليزية للمترجم العربي إلى الإنجليزية، ويحرص على أن يبثّها روح اللغة الإنجليزية، أي أنّ يترجم مرّتين الأولى من العربية إلى إنجليزية عربي، والثانية من إنجليزية عربي إلى إنجليزية الإنجليز(6). وتسعى هذه الخطة والعمل المزدوج إلى المزاوجة قدر الإمكان بين الدقة والأمانة، ولذلك يذكر في أسفل النص المترجم، اسم المترجم العربي ثمّ المترجم الإنجليزي على غرار (عيسى بلاطة و John Heath Stubbs) و(لينا جيوسي ونعومي شهاب ناي)(7).

- كما حرصت الدكتورة الجيوسي على أن تمهّد كلّ "أنطولوجيا بمقدّمة وافية تؤرخ فيه لمنجزات العرب في الجنس الأدبي (محور الانطولوجيا) وأهمّ روّاده، وهي مقدّمة تضع القارئ الإنجليزي في سياق النّص المترجم، كما أنّها توضّح ما عجزت الترجمة "المزدوجة" عن توضيحه وتوصيله، ولاحظت شخصياً أنّ تلك "المقدّمات" كتبت بأسلوب هادئ رزين، يبتعد عن المبالغات والحماس الزائد لإنجازات العرب ومجدهم التليد، كما خلت كذلك من عقد الإحساس بالنقص، والنزعات التبريرية، التي ميّزت كتابات بعض المثقفين العرب، أثناء حديثهم أمام الآخر عن التراث والثقافة العربيين.

- إنّ من أكبر أسباب نجاح هذا المشروع هو تجاوز عقبة النشر، إذ حظيت سلمى الجيوسي بثقة جامعة كولومبيا، التي فتحت لها مطابعها ودور نشرها، وهذه الثقة هي نتيجة سمعة الباحثة المعروفة بجدّيتها وإتقانها وحرضها على احترام عملها.

- ولعلّ أهمّ ما يلاحظ أنّ هذا المشروع عربي بامتياز، وإن لم تحتضنه مؤسسة عربية حكومية أو خاصة، فمعظم المؤسسات الثقافية العربية تميل إلى الترجمة إلى اللغة العربية وليس عنها، ومن ذلك مشروع الألف كتاب، ومشروع المائة كتاب، ومشاريع مثل ترجمة "روايات عالمية"، والمشاريع التي عرفت بترجمة المسرع العالمي، سواء في الكويت أو في القاهرة أو بغداد ودمشق. حتى أن اتحاد الكتاب العرب لم يقم بأي مبادرة لمشروع نشر لنخبة من الشعراء العرب، إلى أي لغة. ومعظم الترجمات التي حدثت لم تكن سوى بمبادرة من الأجانب، أو من الأحزاب الشيوعية التي كان من بين أولوياتها أن تصنع الدعاية وتحظى بالدعم اللازم لها من موسكو(8).

عوائق في وجه بروتا:
لقيت سلمى الجيوسي صعوبات جمّة أثناء اضطلاعها بمشروعها الضخم ، ويمكن أن نلخّص تلك العوائق في النقاط التالية:

- تصدّي الكثير من المثقفين الإسرائيليين أو اليهود المتواجدين في أمريكا لمشروعها، إذ حاولوا إيقاف نشرها الأدب الفلسطيني وترجمته وتعريف العالم به.

-نكران الأدباء حيث قابلها الكثير من الأدباء العرب بالجحود والنكران، إذ لم يكلّفوا أنفسهم مشقة إرسال كلمة شكر نظير ما بذلته من جهود في ترجمة أعمالهم، ونقل أصواتهم إلى العالم. وتضيف سلمى الجيوسي: "لكن ما كان يفزعني أكثر هو الجهل المحزن بأساليب التعامل وتضخّم التوقعات، التي تجابهني باستمرار. إذا سألتُ أستاذاً عن شيء حول تخصصه، وهذا دليل احترام وتقدير، توقّع مني أكثر بكثير من مجرد التعاون المبدئي، وإذا كلّفتُ أحداً بعملٍ لأحد كتبنا قد يكون جزئياً جداً بالنسبة لضخامة الأعمال، التي هي قيد الإعداد عندنا، وقام به، توقّع أن يرى هذا العمل منشوراً في أسرع وقت ممكن. فيعتب ويعاتب دون أن يكلّف نفسه جهد الاطّلاع على منشورات مؤسستي التي تتوالى الواحدة تلو الأخرى دون كبير هدنة. أشياء كثيرة من هذا النوع تذكّرني باستمرار بواقع عالمنا وعذابه"(9).

- موقف المؤسسات الرسمية العربية المتخاذل، حيث تعاملوا مع مشروعها بمنطق المماطلة والتقبّل الفاتر والوعود المؤجلة وردود الأفعال غير المسؤولة، بدليل أنّها لم تلق دعماً مادياً من كلّ وزارات الثقافة العربية، ما عدا وزارة الإعلام العراقية، ومندوب قطر في الأمم المتّحدة.

وما جعل سلمى الجيوسي قادرة على الصمود هو شعارها المتحدّي الذي مارسته تطبيقياً حيث آمنت بـ"أنّك إذا قدّمت أدبك وتراثك بشكل متقن وذكيّ، فإنّ العالم مستعدّ له، ومنفتح لك مهما كانت محاولات أعداء الثقافة العربية لردعه قوية".

موقف المثقفين العرب والأجانب من بروتا
لقي هذا المشروع ترحاباً منقطع النظير أدهش صاحبته كثيراً، مما يدلّ على أنّ هناك تعطشاً كبيراً لدى الآخر للتعرّف على ثقافتنا، وهذا ما شجّع المقيمين على المشروع على المضيّ قدماً، وإخراج أنطولوجيات، الواحدة عقب الأخرى، وممّا قيل في شأن سلمى الجيوسي مديرة المشروع هذه المقتطفات:

- خليل قنديل: "إنّ الفعل الحضاري الذي أقدمت عليه الشاعرة والمترجمة سلمى الخضراء الجيوسي في مشروع ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الانجليزية، هو ما يجعلنا نقول بأن بعض المثقفين والكتاب العرب، هم بحق مؤسسة تمشي على أرجل وقد كانت الجيوسي هي هذه المؤسسة.

الجيوسي التي كان يمكن لها وهي زوجة لدبلوماسي أردني، أن تكتفي بأن ترفل بعافية الزوجات المقيمات في ظل صاحب الدار. لكن سلمى الأنثى الجامحة، أنثى لبنان والأردن وسوريا وفلسطين، أكدت أنها أنثى بلاد الشام القادرة على أن تذهب بالحبر العربي نحو لغة أخرى هي اللغة الانجليزية. وقد كان لها ذلك(10).

- خير الدين حسيب (رئيس مركز دراسات الوحدة العربية): "هذا مجهود فردي عملته سلمى الجيوسي ويعجز الرجال عن إقامته".

- تريفولي لاجاستيك (محاضرة في اللغة العربية): "درجة الجهد والعمل الدؤوب التي وضعتها في كل واحد من أعمالها وفي الحقيقة غير عادي".

- كلوفيس مقصود (سفير الجامعة العربية في الأمم المتحدة): "كانت في هذا المجال المعنى الحقيقي رائدة وأعتقد أن أهميته أنها كانت ملتزمة بالهوية العربية".

ستيفان سبيرل (محاضر في اللغة العربية): "ما حققته الدكتورة سلمى فعلاً لا مثيل له".

نوري الجراح (شاعر سوري): "عندما أفتش الآن في الأسماء الثقافية العربية، نساءً ورجالاً، لا أجد كفء ونظير لسلمى فيما قدمته للثقافة العربية على مفصل علاقة هذه الثقافة بالعالم(11).

موقف سلمى الجيوسي من بروتا:
وبعد مرور أكثر من ربع قرن على قضية عمرها، تؤكّد سلمى أنّها لا تزال في أوّل الطريق، فتاريخنا العربي أكبر أن ينوء بحمله شخص بمفرده، وأضخم من أن يستوعبه غيرنا، وجهودنا العربية المبذولة، أقلّ بكثير من هذه الرسالة الحضارية العظيمة، وتنشد عن مشروعها الأبيات التالية:
حلم على ورق أنجزته بيدي* * *ولم يضن عليه الحبر والورق
حلم على أرق ألقمته جسدي* * *ولم يخنى على عدوانه الأرق
حلم ورثت رفيع الشأو دان له* * *صبري الشحيح وقلبي ذلك النزق

الهوامش:

1- سلمى خضراء الجيوسي ،موسوعة ويكبيديا www.wikipedia.com

2- لقاء مع سلمى الجيوسي على قناة الجزيرة.

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BE4A7AA4-EC8F-40C1-8B8C-F3BBBD221671

3- Roger Allen: Prota (The Project for Translation of Arabic), Middle East Association Bulletin, Dec1994.

4- Said Faiq: Cultural Encounters in Translation From Arabic ed: Library Congress Cataloging in Publication Data, London; 2000, p. 05.

5- Roger Allen: Prota (The Project for Translation of Arabic).

6- Salma Khadra Jayyusi, Jāmiʻat al-Malik Saʻūd: The Literature of modern Arabia: an anthology, King Saud University, 1988 (See The preface).

7- Salma Khadra Jayyusi, Jāmiʻat al-Malik Saʻūd: The Literature of modern Arabia: an anthology, p. 44-55-60.

8- هشام عبود الموسوي: الترجمة الأدبية.. تأريخها.. تأثيرها وأسباب وهنا:

http://www.womengateway.com/arwg/Sayedat+Najehat/successfulwomen678.htm

9- لقاء مع سلمى الجيوسي على قناة الجزيرة.

10- خليل قنديل: سلمى الجيوسي، أنثى جغرافيا الشام، صحيفة الوقت البحرينية 18/03/2009.

http://www.womengateway.com/arwg/Sayedat+Najehat/successfulwomen678.htm

11- لقاء مع سلمى الجيوسي على قناة الجزيرة.

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BE4A7AA4-EC8F-40C1-8B8C-F3BBBD221671