في مجلة WLT ورلد ليتريتشر توداي (الأدب العالمي اليوم)

هشام البستاني ضمن ملف «القصة القصيرة جداً»

اختارت مجلة وورلد ليتريتشر توداي الأدبية الأميركية العريقة قصة "التاريخ لا يصنع على هذه الكنبة" لهشام البستاني لتكون ضمن ملفها المخصص لنماذج مختارة عالمياً من القصة القصيرة جداً والمنشور في عدد المجلة الأخير (سبتمبر-أكتوبر 2012). واحتوى الملف (الذي حمل اسم 12x10x10) على 12 قصة قصيرة جداً لـ10 كتاب من 10 دول مختلفة، قدم لها الناقد الأميركي روبرت شابارد بدراسة حملت عنوان "إعادة الإختراع غير العادية للقصة القصيرة جداً".

القصة المختارة منشورة في الكتاب الأخير للبستاني "أرى المعنى... سرد/موسيقى، أو قصص على تخوم الشعر" الصادر أوائل هذا العام عن دار الآداب في بيروت، وهي تتناول بشكل مكثف (343 كلمة) تفاعل شخص يجلس على كنبة مع البث التلفازي الحي لأحداث الجمعة الأخيرة من شهر يناير 2011 في القاهرة والتي شكلت العلامة الأبرز لانتفاضة المصريين التي أدت إلى احتلالهم لميدان التحرير وسقوط حسني مبارك، وقامت بترجمتها إلى الإنجليزية الكاتبة والمترجمة ثريا الريس والتي نشرت ترجماتها من العربية إلى الإنجليزية في عدد من المجلات الأدبية المتخصصة مثل "ذي سانت آنز ريفيو" و"وورلد ليتيرتشر توداي".

وتعتبر مجلة وورلد ليتريتشر توداي واحدة من أعرق المجلات الأدبية الأمريكية، تأسست عام 1927، وهي تصدر بانتظام منذ ثلاثة وثمانون عاماً مرة كل شهرين عن جامعة أوكلاهوما، وتعنى بالآداب العالمية المعاصرة، ونشرت لكبار الكتاب العالميين مثل أورهان باموك وكارستين ينسين وغيرهم.

"أرى المعنى..." الذي نشرت فيه القصة هو العمل الأدبي الثالث لهشام البستاني، ويعد استكمالاً لمشروعه الكتابي في المقاربة بين القصة القصيرة جداً والشعر وتجاوز الحدود الفاصلة بينهما تماماً، إضافة إلى محاولة الاستفادة من الفنون الأخرى (التشكيل والجرافيك والسينما والموسيقى) في بنية الكتابة. ويصنف الكاتب عمله هذا على أنه "سرد/موسيقى، أو قصص على تخوم الشعر" كما يرد على غلاف الكتاب، ويحيلها الشاعر والناقد مثنى حامد (صحيفة القدس العربي اللندنية) إلى "القصة/القصيدة" التي نظّر لها الروائي والناقد المصري إدوار الخرّاط، ويرى أن البستاني في كتابه الثالث يستمر في "مواصلة انتهاك الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية، والتخلي الطوعي عن مسار السرد التقليدي وتجلياته المعروفة مثل الحبكة أو العقدة". فيما ذهب الناقد محمد عبدالله القواسمة (صحيفة الرأي الأردنية) إلى اعتبار الكتاب "خروجاً مجنّحاً على تجنيس الكتابة" تتجلّى شعريّته في "جرّنا إلى أن نرى الأمور من زاوية أخرى، أو الوصول إلى المنظور الذي لا يتكشف إلا بعد مكابدة عقلية مضنية، كما يرى الحلاّج". الناقد سامح المحاريق (صحيفة الرأي الأردنية) وجد أن كتاب أرى المعنى "يطرح الأداة التعبيرية نفسها كإشكالية... والسرد [فيه] ليس شعريا بمعنى الايقاع أو المعنى الشعري المحدود، وإنما بتجاوزه للمألوف واندفاعه في التجريب والمحاولات للتغلب على أزمة اللغة العادية بحثا عن لغة مكثفة... هذه التقنية ليست اعتيادية أو مألوفة، ولكنها ستكون تقنية المستقبل، أو أدب ‘ما بعد الكتابة’". وهو يرى أن الكتاب "يعيد انتاج موجة سيريالية جديدة في ثقافة فوتت الفورة السيريالية في القرن الماضي". أما القاص الكبير محمود الريماوي (صحيفة الرأي الأردنية) فيجد أن الكتاب "يرسم ما يشبه مسرحاً صاخباً مفتوحاً تصطرع فيه أدوات المثقف الغاضب... مع كشوفات المبدع والفنان المرهف الذي يصغي لنبض الكائنات، ويتذوق مواطن الجمال والغرابة في الطبيعة والنفس البشرية، ويخوض الإبداع كمغامرة وفعل لغوي وتخييلي". فيما يذهب محمود الحاج محمد (صحيفة الأخبار اللبنانية) إلى اعتبار الكتاب "ديوان شعر بامتياز... بفضل طغيان الشعرية على لغة الكتاب، واستئثار المؤلف بتقنيات قصيدة النثر في بناء نصوصه". ويأتي الكتاب على شكل "متتالية" تحمل أرقاماً لا عناوين تبدأ من 1 وتنتهي بـ78 وتقرأ بصفتها عملاً متكاملاً رغم تقسيم الكتاب الذي يقع في 160 صفحة الى مجموعة من "الفصول" هي: "القيامة الآن"، "ليلى والذئب"، "سكاي بار"، "كتاب المعنى"، "حوارات قصيرة مع امبرتو أكابال"، "هجاء سريع لنرجسة الكون"، "مرثية لبحر الآرال"، "لعبة الحواس"، "اندلاق المشاعر هذا يثير قيئي"، "غيوم الخيانة الماكرة"، "التاريخ لا يصنع على هذه الكنبة"، و"خَلاص".

يذكر أن هشام البستاني يعتبر واحداً من أصوات الكتابة العربية الجديدة البارزة. صدر له: عن الحب والموت (بيروت: دار الفارابي، 2008)، الفوضى الرتيبة للوجود (بيروت: دار الفارابي، 2010)، أرى المعنى... (بيروت: دار الآداب، 2012). ونشرت قصصه في العديد من الصحف والمجلات العربية، واختيرت ضمن عدد من الملفات الأدبية عن الكتابة العربية الجديدة مثل: "القصة العربية الجديدة: مختارات" – مجلة الآداب (بيروت)، العدد 7-9/2011، "الكتابة الجديدة في الأردن: مختارات" - مجلة الآداب (لبنان)، العدد 9-10/2010، و"أصوات أردنية جديدة في القصة والشعر" - صحيفة أخبار الأدب (مصر)، عدد 15/4/2010. اختارته مجلة "إينامو" الألمانية كواحد من أبرز الكتاب العرب الجدد، ونشرت ترجمة لقصص له بالألمانية ضمن العدد الخاص عن "الأدب العربي الجديد" شتاء 2009. قدمت المخرجة جويس الراعي مسرحية "عزلة" استناداً إلى مجموعة من أعماله القصصية عام 2011، كما حُوّلت قصته "ليلى والذئب" إلى فيلم غرافيكي قصير من رسم الفنان التشكيلي محمد التميمي وإخراج الفنان التشكيلي علاء الطوالبة. قدّم البستاني في شهر أيار من العام الحالي إشتباكاً/جدلية بين الفن، الموسيقى والأدب على المسرح الدائري في عمّان بمشاركة القاصة بسمة النسور، الفنانين التشكيليين علاء الطوالبة ومحمد التميمي، والموسيقية رانيا عجيلات.

من أجواء القصة:
"حجارةٌ وبصاقٌ ومحللون سياسيون وسياراتٌ مسرعةٌ تدهس متظاهرين وأصدقاءٌ متآمرون وجموعُ مصلّين تشتري الخضر خارج الجامع القريب سيّاراتُهُم تُغلقُ الشارع وموكبٌ رسميٌّ كاملُ الزّواميرِ يُفرِغُ المدينةَ وأنا بَردان.

كيفَ سأجدُ ذلك الطفل/أنا؟ كيف؟

الشاشةُ تحترق، والتاريخُ لا يُصنَعُ على هذه الكَنَبة.

الشاشةُ تحترق، والريموتُ لا يغيّرُ التاريخ.

الشاشةُ تحترق، وأنا هُنا، أمامها.

لِأَمُت إذاً.

آمين."