يقدم الباحث الجزائري هنا عرضا تفصيليا لرسالته الجامعية التي استقصت دور الاستخبارات الفرنسية في احتلال الجزائر، وكيف استخدمت المستشرقين والمترجمين والرحالة والعلماء وغيرهم في توطئة احتلالها لمصر أولا إبان الحملة الفرنسية، ثم في عملية الاحتلال الاستيطاني للجزائر من بعد إخفاق حملتهم على مصر.

دور الاستخبـارات الفرنسيـة فـي احتـلال الجزائـر

1830م-1844م

محمد الصغير بوسبتة

ملخص البحث:
إن الحديث عن العلاقات الفرنسية الجزائرية خلال المرحلة السابقة عن الاحتلال الأوروبي واثناءها، يسلط الضوء على جوانب كثيرة من تاريخ الجزائر، ومن بينها موضوع الاستعلامات أو الاستخبارات الأوروبية عامة، والاستخبارات الفرنسية خاصة سواء أكانت قبل الاحتلال، أم أثناء عملية الاستيطان الأوروبي. ويهدف هذا البحث إلى دراسة جزئية هامة لتاريخ الجزائر والمتمثلة في الاستعدادات الفرنسية ومحاولاتها للسيطرة على مدن الجزائر وكيف وظفت جهود الآخرين مثل جهد المستشرقين، ومدونات الرحالة والمشاريع التي صاغها وسطرها موظفون فرنسيون خدموا في الجزائر وكان منهم القناصل، بالإضافة إلى الباحثين والمفكرين الذين اهتموا بتاريخ الجزائر وجغرافيتها ووضعوا خرائط لأهم المراكز والمدن الجزائرية، وألفوا كتبا هامة ومفيدة رسمت صورة الجزائر، ووضحت معالمها، من حيث التركيبة السكانية وتوزيعها، ومن حيث علاقتها الاجتماعية الداخلية والخارجية.

مقدمة
بالرغم من كثرة ووفرة المراجع، والمؤلفات التي تناولت موضوع احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830، وبالرغم من وضوح السياسة الاستعمارية التي مارستها على الشعب الجزائري والتي أكدت كلها غياب لغة الحوار والتفاهم بين الجزائريين والسلطة الاستعمارية، عبر مراحل ومحطات مؤلمة في تاريخ الجزائر فان جانب الاستخبارات ودورها وكيفية توظيفها في عملية والاحتلال وفي عملية سقوط مجمل المدن الجزائرية في وقت زمني ضيق لم ينل القسط الوافر من الدراسة، وهذا ما سأشير إليه باختصار في هذا الموضوع

الهدف من البحث: يهدف البحث في هذا الموضوع الإجابة عن عدة تساؤلات كيف أعدت فرنسا ملف الاحتلال؟ ومن هي الأطراف التي أعدته؟ وبدقة أكثر، هل للاستخبارات دور في هذا الإعداد ؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات هي إجابة عن إشكالية موضوعي.

إشكالية البحث : تكمن الإشكالية والتساؤلات في أن دخول فرنسا إلى الجزائر واحتلالها كان رد فعل على ما قام به داي الجزائر من سوء معاملة دبلوماسية حيث أهان القنصل الفرنسي دوفال وهي القضية التي عرفت بحادثة المروحة الشهيرة. ولكن الحادثة هنا مفتعلة ومدروسة من قبل.

منهج البحث: وقد ارتأينا لدراسة هذا الموضوع إتباع المنهج الوصفي والمنهج الاستقرائي لكونهما مناسبين للموضوع، حيث تتطلب الوصف لتلك الأحداث، والجمع للمادة الخبرية، ثم فرزها وترتيبها، وتحليل بعضها والوقوف على جوانب منها باستقرائها، لتأليف معلومات تاريخية هامة.

الدراسات السابقة :
لم تتطرق دراسات سابقة بحد ذاتها إلى موضوع الاستخبارات الفرنسية ودورها في احتلال الجزائر غير أن بعض الكتب والدراسات التاريخية تناولت هذا الموضوع من زوايا مختلفة ومنها كتاب الحركة الوطنية للدكتور الأستاذ الراحل "أبي القاسم سعد الله" الجزء الأول، كما تطرقت رسالة ماجستير للمؤرخ "عبد المجيد بنور" إلى دور الاستخبارات والجوسسة الفرنسية في احتلال الجزائر ودور الجاسوس "بوتان" في نجاح الحملة الفرنسية على الجزائر، إضافة إلى دور الجواسيس الأوروبيين والمستشرقين الأوروبيين وغيرهم في احتلال الجزائر، بالإضافة إلى تطرق العديد من الكتابات التاريخية لموضوع الجواسيس الفرنسيين وغيرهم ودورهم في احتلال المدن الجزائرية ومنهم كتاب "مصطفى الأشرف" الذي ترجمه إلى العربية أسامة الدغيس وتطرق فيه الكاتب إلى دور الجاسوس "بوتان" و"ليون روش" في احتلال الجزائر بالإضافة إلى جواسيس من داخل الوطن ممن تعاونوا مع السلطة الفرنسية ليبقى موضوع الاستخبارات موضوعا غامضا ونادرا يستدعي المزيد من الدراسات التاريخية مستقبلا.

المبحث الأول: مفهوم الاستخبارات ودورها في احتلال الجزائر:
1/ مفهوم الاستخبارات:
سنحاول تقديم مختصر عن مفهوم الاستخبارات، من حيث المدلول اللغوي ومن حيث التطور التاريخي. وهذا قصد الإجابة على ما إذا كان لموضوع الاستخبارات من قيمة تاريخية؟ وهذا للتعرف على دور الاستخبارات الفرنسية في احتلال المدن الجزائرية. يقال استخبره: سأله عن الخبر وطلب أن يخبره ويقال: "تخبرت الخبر واستخبرت". الاستخبار والتخبير هو السؤال عن الخبر. وفي حادثة الحديبية جاء قولهم انه بعث عينا من خزاعة يتخبر له خبر قريش أي يتعرف .يقال: «تخبر خبر واستخبر إذا سأل عن الأخبار ليعرفها».(1)

إن موضوع جمع الأخبار والاهتمام بها قديم جدا وعلى المستوى التاريخي، إذ إن قصصا كثيرة ذكرت هذا الموضوع. وفي فترات التاريخ الحديث والمعاصر يكون من الصعوبة بمكان تدوين معلومة من أعمال تتعلق بأجهزة المخابرات، كأن تدلي بالبيانات من دون أن تتعرض إلى ما يمس أمن الدولة (2). فمن المسلم بأن أحدا لا يكاد يتعرض إلى بعض الأعمال التي تنجح المخابرات في أدائها حتى يكشف عن شيء أو أشياء يستفيد منها عدو أو أحد الخصوم، لأن المخابرات هي التي تمد القائد بالأسس التي يبني عليها قراراته، ويخطط لجميع ما يقوم به من أعمال، وإنها هي مفتاح القرارات والواقع. لأننا نعيش اليوم في عالم أشبه بغابة متوحشة، البقاء فيها للأقوى، يكون هذا الأقوى هو الذي يتحكم في العلاقات الدولية بتحكمه في المعلومة(3). والدارس لتاريخ الشعوب والأنظمة تتبين له أن مرحلة نابليون بونابرت هي من المراحل التي نشطت فيها الاستخبارات، خاصة أثناء توسعاته في أوروبا وآسيا، حيث لمعت أسماء كثيرة في هذا الميدان، مثل جوزيف فوشي (4)، وسفاري دوق دي روفيكو(5)، هذا الأخير الذي تمكن فيما بعد من فرض سياسة الاحتـلال الفرنسي في أهم المدن الجزائرية (1830-1833) وكذلك لويس ألكسندر، وكان الناس يعرفون هؤلاء على أنهم(6) أشهر جواسيس هذا العصر وأكثرهم نجاحا، وكان لمشروع الجاسوس بوتان عام 1802 من أهم المشاريع الاستخباراتية وأكثرها خطـورة على الجزائـر، حيث تم تنفيذه في عهد شـارل العاشر(7) نظرا للأوضاع الدولية التي لم تساعد نابليون على تنفيذه خلال حكمه.(8).

ويرجع الأمر أيضا فيما حققه نابليون من نجاح عسكري إلى آليات جمع المعلومات التي كان يحصل عليها المارشال لويس ألكسندر رئيس هيئة أركان الحرب في ميدان العمليات الحربية، وخاصة المعلومات الطبوغرافية، وعمليات الاستطلاع على إقليم معين. فجمع المعلومات الطبوغرافية هي على غاية من الأهمية في نجاح كل عمل عسكري لأنه بها يتم إعداد الخرائط العامة، والخرائط الخاصة للمواقع المراد ضربها أو احتلالها. وهي الجزء الأساس في عمل الاستخبارات والاستطلاع، وبشكل مستمر دون توقف. ويتوقف النجاح في هذا العمل إلى حد كبير على مكتبات الخرائط التي تحتفظ بها أجهزة المخابرات والاستطلاع. وكذلك بفضل المصادر العلنية، والمواد المصنعة يمكن لتلك الأجهزة الحصول على المعلومات الدقيقة حول الطبوغرافيا، مثل التضاريس، الطرق، والمواقع. وبخاصة مناطق الدفاع والهجوم (9).

وجمع المعلومات لا يكون من مصادر ومواقع الطرف الآخر فقط، بل يكون عن ومن جهات أخرى، كذلك مثل المعلومات عن الجو والطقس وفترات العواصف، شدة الحرارة، وكان نابليون يحلم بجعل البحر المتوسط بحيرة فرنسية وكان يخطط لإقامة مستعمرات بدول المغرب العربي الأربعة وضمها إلى إمبراطورتيه(10) ولتحقيق ذلك طلب من الفرنسيين الذين كانوا أسرى في الجزائر أو الذين عاشوا فيها معلومات عنها وعن سكانها وتحصيناتها، مثل ما جاء به مشروع تيديناTHEDENA (11) عام 1802 حيث ركز بشكل كبير على الجانب العسكري والاجتماعي حيث تمكن من إتقان اللغة العربية والتركيبة واللهجات المحلية التي وظفت في عملية الاحتلال.(12)

وبفضل المعلومات الطبوغرافية وغيرها يسهل بعض الشيء تأليف معلومات دالة وإصدار تقديرات عن أماكن الدفاع، وأماكن حركة المرور، ووصف الشوارع وأنواع البناءات والمرافق، والمنشآت الحيوية الأخرى، توزيع السكان كذلك تجمع معلومات حول الشواطئ ونقط الإرسال(13)...، وقد وصل بوتان في مهمة تجسس يوم 24 ماي 1808 ظهر سفينة لوركان وقد ظل هناك يتجسس على الحصون دارسا خطة النزول بدقة من برج البحري شرقا إلى سيدي فرج غربا ورجع إلى فرنسا في 18 جويلية من العام نفسه(14).

 2/ دور الاستخبارات الأجنبية في احتلال الجزائر
أ/ مساهمات الجواسيس الأجانب في عملية احتلال الجزائر
في عام 1587 وجهت مالطة كلا من لانفردوكسي LANFRE DUCCI وبوسيو BOSSIO إلى سواحل الجزائر ليستعلما لها عن قوتها، ويحددا المنطقة التي تصلح للهجوم والنزول إلى البر. واقترح الفارس دارفيو D’ARVIEUX على البرتغال إعداد حملة عسكرية ضخمة ضد الجزائر عن طريق مدينة بجاية واقترح كليرفيل CLERVILLE على لويس الرابع عشر عام 1661م تنظيم حملة عسكرية تنزل في ستورة (STORA) (سكيكدة حاليا) قرب عنابة بعد أن استطلع موانئ: ستورة وعنابة، والقالة وبجاية(15). وفي عام 1757م اقترح المهندس الاسباني ريكو RICAUD على اسبانيا أن ترسل حملة عسكرية ضد الجزائر تنزل بوادي الحراش، ثم عدل مشروعه واقترح أن تنزل في رأس قاسم، بسيدي فرج(16) وكذلك اقترح الجاسوس الايطالي ليفو باسكوليLIVIO PASCOLI غزو الجزائر من جهتين: عنابة شرقا، والمغرب العربي غربا للإطباق عليها واحتلالها كلها، وجعلها مستعمرة أوروبية، وهذا ما يكشف الأطماع الاستعمارية الأوروبية في بلادنا. وحتى روسيا البعيدة عن الميدان أقحمت نفسها في الموضوع، ووجهت كاترين الثانية(17) الضابط البحري الروسي، ما تفي قريقورييفيتش كوكوستوف Matvei Grigorie Vitch Kokostov إلى سواحل تونس والجزائر في الفترة من 14 جويلية إلى 07 أوت 1777م ليستعلم ويستخبر عن النقاط التي تصلح للهجوم عليها واتخاذها قاعدة للأسطول الروسي ضد الجزائر والدولة العثمانية معا وحضر على مركب فرنسي في زي تاجر ورجل أعمال، وتجنب النزول إلى البر حتى لا يتعرف عليه أحد وينكشف أمره، وكان من ضمن أهداف روسيا إبرام معاهدات مع البلدان المغربية لإضعاف الدولة العثمانية، ولكن الجزائر رفضت ذلك بإصرار وأخذت المراكب الروسية تهاجم المراكب الجزائرية في البحر انطلاقا من ماهون باسبانيا، وليفورن بايطاليا (18).

في عام 1803م حضر إلى الجزائر الجاسوس الاسباني دومنقو باديا Domingo BADIA الذي تستر تحت اسم: "علي بك العباسي" (19)، واستعلم على القوات البحرية الجزائرية وقدم بذلك تقريرا إلى الوزير الفرنسي ريشليو (20) RICHELIEU ألح فيه على ضرورة احتلال الجزائر، وبعده قام الضابط بوتان BOUTIN من سلاح الهندسة العسكرية الفرنسية عام 1808م، وبانانتي BANANTI الايطالي عام 1814م بالمهمة نفسها، والأخير هو من أسرة بورجوازية، أسره الرايس حميدوا على ما قيل، وأقام في الجزائر مدة، واقترحا معا احتلال الجزائر بصفة دائمة(21).

يمكن إعتبار الإحتلال الأوروبي للجزائر بداية نوعية للاستشراق الفني الذي بدأه لاكرواde lacroix حين جاء إلى الجزائر عام 1830 إذا كانت أعماله تعد فاتحة الطريق للفنانين الأوروبيين الذين جاءوا إلى شمال إفريقيا يبحثون بشغف عن الجديد المدهش، عن البعيد الغريب يضاف إليهم الذين ولدوا في الجزائر أمثال ليموز "في قسنطينة"1 فكانت نشاطاتهم كثيرة إذا أسس بعضهم مدارس في الجزائر مثلما هو الحال في الجزائر العاصمة بفيلا عبد اللطيف عام 1906. (22)

إرتبطت السياسة الاستعمارية الاستيطانية الأوروبية في شكلها العام، والسياسة الدعائية والعلمية والتعليمية في صورتها الخاصة بدور المستشرقين، فالاستشراق يعد أحد المظاهر السياسية الفرنسية إن لم نقل للسياسية الأوروبية كلها في الجزائر. كان اهتمام المستشرقين بالجزائر سابقا عن الحملة الفرنسية، ويمكن اعتبار الكتابات التي تناولت موضوع الجزائر مثل كتابات بيسونال(23) وشو(24) وهايدووفانير دي بارادي مادة خصبة للدراسات الشرقية التي كانت محو اهتمام المستشرقين.

ونقصد بالمستشرقين كل من كانت اهتمامات باللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية من غير المسلمين، سواء كان هؤلاء من الأوروبيين أو من الشرقيين المارونيين الذين قدموا خدمات كبيرة للتبشير والاستعمار في احتلالهم للبلاد العربية_ الإسلامية relation d’un voyage dans les régences de Tunis et d’Alger Paris 1838، وقد ساعد المستشرقين في تأدية هذه المهمة تمكنكم من دقائق اللغة العربية ومكونات الثقافة العربية الإسلامية، وبناء على هذا كانت للمستشرقين علاقة مباشرة بالتبشير والاستعمار الاستيطاني، فالتبشير والاستشراق وجهان لعملة واحدة، فالأول اتجه إلى عقلية العامة الشعبية سالكا طريق التعليم والقيام بالأعمال الخيرية، متخذا من المستشفيات ومن صفوف الفقراء ادعاء مبشرا بقدوم مدنية أوروبية منقذة، في حين استخدم الثاني مجال البحث العلمي كدراسة تراث وموروث المسلمين وترجمتها ونشر المقالات والتدريس في الجامعة وإقامة المؤتمرات(25).

ب/ دور المستشرقين الأوروبيين في احتلال الجزائر:
إن تاريخ الاستشراق بشكل متعارف عليه مرتبط بأوروبا عامة وخاصة، وبفرنسا خاصة، وهو قديم إذ يعود إلى القرن 13 ممارسة وإصطلاحا. وفي عام 1787 أنشأ الفرنسيون جمعية المستشرقين، تم في عام 1823 تألفت جمعية في لندن كان ملك إنجلترا يتولى أمرها وقد تمكنت من إصدار مجلة الجمعية الآسيوية الملكية، ثم تأسست الجمعيات في كل من أمريكا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وروسيا، بالإضافة إلى نشاط هذه الجمعيات كان إصدار دائرة المعارف الإسلامية بعدة لغات (26). كان للمشارقة دور في الاستشراق بعامة، وفي الاستشراق الفرنسي بخاصة، إذا كانوا من العناصر المساهمة في نشاط المستشرقين وذلك عن طريق ما حدث من علاقات مبكرة بين المارونيين والفرنسيين، فكان لهم شأن أثناء التوسع الفرنسي في البلاد العربية وخاصة الجزائر، إذا أنه منذ القرن 18 توطدت العلاقة بين الكنيسة المارونية والبابا في روما خاصة لما أسس البابا الكلية الشرقية التي كان يتعلم فيها القساوسة المارونيين. بهذا يكون الموارنة اكثر اتصالا بالحضارة العربية بعامة وبالسياسة الفرنسية بخاصة فصاروا مساعدين في عملية الاحتلال الفرنسي للجزائر. مثلما كان للعلماء الموازنة الفضل في تعريف الغرب بالحضارة العربية الإسلامية، وبالأدب الربانية، مثلما عرفوا العرب بالثقافة الغربية. فكانوا أكثر عونا للمستثمرين الأوروبيين إن لم يكونوا هم انفسهم مستشرقين(27).

يمكن اعتبار الحملة الفرنسية على كل من مصر والجزائر البداية القوية والحديثة لتاريخ الطباعة في البلاد العربية بشكل علمي وواسع، حيث كان نشاط السياسة الدعائية والعلمية أثناء التوسع الفرنسي في الجزائر كبيرا، إذا بفضل هذه عرف العالم العربي النشاط الصحفي برغم الصعوبات الكثيرة التي نذكر منها صدور فتوى من شيخ الإسلام الذي منع طبع القران والتفسير والفقه، ويمكن أن يؤرخ لدور المسترقين الملموس في دفع الممارسات الإستعمارية إلى البلاد العربية بفترة الحملة الفرنسية على مصر، لأنهم هم الذين تولوا الترجمة أثناء هذه الحملة. وكانوا هم وأولادهم من تولى الترجمة في جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر(28)، لأن كثيرا من مرافقي الحملة على الجزائر كانوا شرقيين. بجانب يهود الجزائر الذين كانوا يقومون عادة بترجمة ما كان يحصل بين حكام الجزائر والأجانب قبل عام 1830. ونتج عن فعل هؤلاء المترجمين المستشرقين اهتمام واسع بالتراث الجزائري الذي جمع ونشر جزء منه، وهي عملية هامة إن لم تكن الأولى من نوعها في مسيرة الاستشراق في الجزائر(29).

وبحكم الهجرة والاستيطان الأوروبيين كان الاهتمام الفرنسي باللغة العربية كبيرا، ومن بين الذين لعبوا دور بارزا في عملية استعمار الجزائر والتخطيط له نذكر سيلفستر دي ساسي 1757-1838 عميد المستشرقين في باريس، وهو مدير مدرسة اللغات الشرقية عام 1824. وزكار الذي أصله من سوريا ساهم بشكل مباشر في كتابة البيان الذي وزع على الجزائريين من تونس، ثم درس اللغة العربية للأوروبيين مدة ثلاث سنوات في الجزائر، ونذكر دنينوس إبراهيم وهو من مواليد الجزائر، وحنا فرعون الذي يعد اول مدرس للغة العربية في الجزائر، وهو من الذين تولوا عملية الترجمة من العربية إلى الفرنسية خاصة في المراسلات الرسمية التي كانت بين القادة الفرنسيين والشيوخ والحكام العرب(30). والسؤال الذي يمكن طرحه هو لماذا قام المستشرقون بهذا الدور أكثر من غيرهم؟ كان المستشرقون وخاصة السان سيمونيون يخططون لتأسيس معاهد في الجزائر ذات مستويات ثلاثة وهي:
أولا: معهد يختص بالرياضيات، الفلك، الفيزياء، والكيمياء، والجيولوجيا، والمناجم والجغرافيا والطلب والتاريخ الطبيعي.
ثانيا: معهد خاص بالسلالات البشرية والهندسة المعمارية المدنية والعسكرية والفلاحة.
ثالثا: معهد اللغات، الآداب العربية ومقارنتها بالأجنبية، وبخاصة منها التركية والفارسية.
وساهم هؤلاء المستشرقين أيضا في إحداث نشاطات كثيرة في الجزائر وأهمها الجمعيات(31)

ويترجم لنا هذا الاهتمام الأوربي بالجزائر نفس اهتمامهم بمصر، إذ سبق لنابليون بونابرت أثناء احتلاله مصر أن خطط لغزوها ثقافيا أكثر مما خطط لها عسكريا. وسعى إلى أن تكون مصر قلعة ثقافية أوروبية، ومن تم أسرع في محاربة الثقافة الإسلامية بتحقير الأزهر وشيوخه لأنه قبل مجيئه إلى مصر جمع عددا كبيرا من العلماء وأغراهم بالمال لمرافقته كجنود ثقافة بجانب جنوده العسكرين، وتشكلت جمعية من هؤلاء سميت بلجنة العلوم والفنون، وكان عدد أعضائها يزيد عن 175 عالما وخبيرا في مختلف شؤون البحث العلمي، كان منهم عمال المطابع الذين جهزوا مطابعهم بحروف عربية ولاتينية ويونانية(32).
21 علما في الرياضيات.
17 مهندسا مدنيا مختصا في الجسور وطرق المواصلات.
13 عالم طبيعيات.
08 من كبار الرسامين.
15 مترجما.
10 من محرري الرسائل والخطاطين.
03 من علماء الفلك.

بالإضافة إلى العشرات من الجغرافيين وراصدي الأحوال الجوية وخبراء في تركيب وتصنيع البارود وفنانين ونحاتين(33).

وكانت أولى الأعمال الهامة التي قام بها نابليون تأسيسه للمجمع العلمي المصري في القاهرة، وكانت أولى جلساته في أوت 1798، ومن الأمور الأساسية التي اهتم بها هي نشر العلم والتنقيب عن الأثار، وضم هذا المجلس 48 من كبار العلماء برئاسة عالم الرياضيات قاسبار مونج Gaspard Monge واتخذ نابليون لنفسه لقب نائب رئيس المجلس العلمي المصري، وليس هذا غريبا من نابليون لأنه سبق وأن كان عضوا في أكاديمية العلوم والفنون في باريس التي هي إحدى مؤسسات المجلس العلمي الفرنسي(34).

أنشأ المجلس العلمي المصري مطبعة عربية فرنسية في القاهرة سميت في البداية المطبعة الشرقية، وكانت تحت إدارة المستشرق حنا يوسف مارسيل، ولعله أحد أقباط مصر، بمساعدة أحد الشوام هو إيليا فتح الله، ثم أخذت هذه المطبعة اسم المطبعة الأهلية، وقد جمع نابليون لمطبعته هذه حروفا عربية وفرنسية ويونانية وعبرية وسريانية، وحروفا قبطية، وعهدت إدارة المطبعة إلى أحد كبار المستشرقين بلجنة العلوم والفنون، وأصدرت هذه المطبعة مجلة "العشرية المصرية" la décade Egyptienne باللغة الفرنسية في شهر أكتوبر 1798، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر من فترة الاحتلال، وصدرت عن نفس المطبعة جريدة "بريد مصر"Courrier de l’egypte" وأصدر المجلس العلمي المصري موسوعة بعنوان "وصف مصر" description de l’egypte بالفرنسية يتكون من 27 مجلد تتضمن 3000 خريطة، وقد اكتملت هذه المجلدات عام 1826، أي بعد حوالي 17 سنة من احتلال مصر، وإن كانت الأجزاء الأولى نشرت عام 1809، مثلما أكتشف العلماء حجز الرشيد(35). ونتج عن هذا الاحتكاك أن هاجر كثير من المصريين والشوام التجار والمترجمين إلى فرنسا وتنصروا بعد أن كانوا من أصل الشركس، ومن غير المستبعد أن يكون هؤلاء المتنصرون من المصريين والشوام هم الذين رافقوا الحملة الفرنسية على الجزائر(36).

من غير المستبعد أن يكون بجانب هؤلاء أيضا بعض الفرنسيين الذين توطنوا في الجزائر وتونس أو في طرابلس، ومن هؤلاء نذكر دي لابورت(37) delaporte الذي تابع حملة نابليون على مصر، ثم عين بالجزائر على رأس المحافظة المدنية في الجزائر في 10 ديسمبر 1831 ثم مترجما لرئيس الجيش الإفريقي عام 1832، ثم عين سنة 1836 مدير الشؤون العربية، وقد سمح لدي لابورت تكوينه القانوني وتجربته على معرفة الاختلافات والجدليات الموجودة بين شعوب البحر المتوسط، لذا نجده يتحمل أعباء المسؤوليات الهامة في الجزائر دون كبير عناء. وقد استطاع بفضل خبرته أن يحصل على ترقيات سريعة، وقد سمح له بإنشاء مكتب الإحسان، وأسندت له مهام تسيير الحبس للمجسد الكبير.

إذن رافق الحملة الفرنسية على الجزائر رجال الثقافة والإعلام الذين وضعوا خبرتهم وطاقاتهم في خدمة التوسع ولهذا صدرت معلقات تقول "إن جميع محررينا هم تابعين إلى الحملة العسكرية وهم ملحقون بمختلف الرتب، ففيهم الضباط بمختلف الأسلحة وفيهم رجال الثقافة وحملة الأقلام وفيهم العلماء والتقنيون الذين سيعطون لهيئة التحرير متنوعات كثيرة(38). ولهذا كانت الحركة العلمية والدعائية في الجزائر نشطة، منها ما حدث في ميدان الطباعة وفي مقدمتها الجرائد حيث كانت أول جريدة هي البريد الجزائري، ومن الذي لعبوا الدور الأساس في الصحافة نذكرjeans toussaint merle1 الذي انكب على إعداد مشروع قدمه لقائد الحملة ومحتواه ضرورة مصاحبة الحملة بمطبعة، وتمكن في أقل من أسبوع من شراء الآلات وانتداب اثنين من المطبعيين واثنين من المصففين، وفورا أعلن عن اسم هذه الجريدة قبل تأسيسها وهو بريد الجزائر estafette d’Alger وكان رئيس تحريرها ميرل ونصبت مطبعة غوتنبرغ على الشاطئ وسميت مطبعة المرابط ومما جاء في العدد الأول "لن تبقي إلا بضعة أيام ... وتطمئن المسيحية، ويؤخذ التأثر للعلم الفرنسي" (39) ثم تلتها صحف أخرى.

ولم تحظ اللغة العربية بمكانة في الطباعة إلا بالشكل المحدود إلى يوم أن أصدر الوكيل المدني يبشرون قرارا بإصدار الجريدة الرسمية moniteur algérien باللغتين الفرنسية والعربية، وقد تولى إدارة التحرير بها رولاند دي بوسي ثم خلفه Adrien berbrugger يوم 31 أوت 1835 هذا الأخير كلفه كلوزال بتأسيس مكتبة جزائرية لجمع المخطوطات(40). بجانب حرص السلطة الفرنسية على دفع المهتمين على التأليف، ومن علامات التشجيع على ذلك أنها أعلنت بداية عام 1835 عن مسابقة وقدرتها بــ 1000 فرنك لتأليف قاموس شعبي بالفرنسية والعربية الجزائرية لصالح المعمرين الفرنسيين في الجزائر(41) وقد أعد المستشرقون والمترجمون مجموعة من القواميس بلهجات محلية.

وخلاصة القول إن هذا العرض يبين لنا أن أطرافا كثيرة وفي مقدمتها أطراف عربية قامت بدور هام خدمة للاستشراق ونعني بهم الموازنة، هذا الاستشراق يشكل الوجه الثالث المتكامل مع "التبشير" والاستعمار الاستيطاني، ونلمس هذا الدور فيها قام به المستشرقون في كل من مصر والجزائر أثناء غزوها من طرف السلطة الفرنسية عام 1830، ومن هنا يطرح إشكال حول مفهوم الاستشراق لأنه من الصعوبة بمكان القول "الشرقي المستشرق" وكيف ما كان الحال فللمستشرقين دور بارز في تأسيس مؤسسات علمية وفي نشر الصحافة وفي تشجيع البحث العلمي الأثري في البلاد العربية وبخاصة في مصر والجزائر(42).

المبحث الثاني: ظروف نجاح مخطط بوتان الاستخباراتي ضد الجزائر
1- دور مشروع بوتان الاستخباراتي في سقوط مدينة الجزائر:
حدد بوتان مكان الإنزال على جزء من الساحل، وفي النقطة بين رأس كاسين وسيدي فرج. وأكد على تجنب الهجمة البحرية، لأن مصيرها الفشل مثلما حدث لحملة اللورد إكسماوث البحرية برغم قوتها وتنظيمها الجيد.

حدد سير الحملة كالآتي: على أن يكون الإنزال في سيدي فرج أولا، وإقامة مركز القيادة ثانيا، واحتلال قصر الداي ثالثا، واحتلال مدينة الجزائر رابعا، مع القيام بمناورات بحرية في عرض البحر خامسا. ومع ضرورة احتلال قمم الهضاب والمرتفعات(43).

* ألح أن يكون المكان المفضل لقوة المركز هو المكان المحصور بين قصر الإمبراطور وسفارة كل من السويد وإسبانيا وهولندا، ووضع الكثير من اللوحات والخرائط العسكرية وأرفق تقريره بأطلس جغرافي من حوالي 15 لوحة وخريطة (44).

قدم بوتان أوصاف عن تحصينات مدينة الجزائر، ووضع تصميما لذلك مبينا فيه نوع السلاح، مع تشخيصه حسب عيار كل مدفع، ومدى الرمي حتى تكون هذه التحصينات أهدافا للهجمات الفرنسية. ووصف بوتان بتفاصيل ودقة الطريق الذي أشار إليه بين سيدي فرج والجزائر، مبرزا بعض الصعوبات التي قد يتلقاها سلاح المدفعية الفرنسية، نظرا لانعدام طرق المواصلات التي هي عبارة عن مسالك ودروب وعرة(45). لم يغفل بوتان في تقريره أن يذكر قوات جيش الداي الذي تكون في ظروف السلم 15000 رجل وفي وقت الحرب تصل إلى 60000 رجل. ألح بوتان على الوقت اللازم للهجوم لأن في نظره أن تعداد قوات الداي ليس له أهمية، خاصة وأنه في حالة حرب مع تونس، وهذا ما يشغل باي قسنطينة الذي يعد تعداد جيشه أكثر أهمية من تعداد جيش باي وهران والتيطري.(46) ويضيف بوتان في هذا الشأن أن الذخيرة الحربية لقوات الداي لا تصنع في الجزائر.(47) كما أن جيش الداي لا يملك مدفعية متحركة، ما عدا المدفعية الثابتة القليلة الأهمية، والتي يشرف عليها عبيد أوروبيون.

وقدر بوتان في تقريره قوة الحملة التي يجب تعبئتها ما بين 35000 إلى 40000 رجل. مشيرا إلى أنه بعد احتلال الجزائر يجب وضع قوة لا تقل عن 10000 رجل لحراستها(48).

* لم يكتف بوتان بالدعوة إلى احتلال مدينة الجزائر فقط، بل دعا إلى الاستيلاء على مدينة قسنطينة، والتيطري ووهران، مركزا في ذلك على قوات المشاة والمدفعية والفرسان وسلاح الهندسة. وقدر مجريات ذلك بعامل الزمن الذي لا يكون في ظرف شهر، يكون الجيش الفرنسي بعدها سيدا على مدينة الجزائر وضواحيها. وأشار مخطط بوتان ألاستخباراتي إلى الحالات العامة لهذه البلاد من جميع النواحي.(49)

 وألح على ضرورة توحيد القيادة، كما قدم نصائح للتعامل مع الأهالي برفق لإرضائهم، من أجل تسهيل طريق للتوسع في المناطق الداخلية. وحث بوتان على احترام المساجد والحرمات والحدائق والسكنات الريفية. هذا بالنسبة لمدن الجزائر وقسنطينة والتيطري، أما بالنسبة للسياسة التي يجب أن تتبع في داخل البلاد أي الجنوب يجب أن تكون سياسة إقناع أكثر منها سياسة إرغام بالسلاح. لم ينس بوتان في تقريره جانب التموين لقوات الحملة من جيش وخيول، وقدر ذلك باحتياط كاف لمدة شهرين على الأقل(50). وينهي بوتان بتقرير مفصل عن الموارد المهمة التي يجب أن ترافق الحملة من معدات وتعداد وتسليح واضعا لذلك 15 خريطة وتصميما تكون أطلسا للجزائر وضواحيها. وسلم هذا التقرير لوزير الحربية الفرنسي.

ويمكن إجمال أهم القضايا التي تطرق إليها بوتان فيما يلي(51):

1- وصف مدينة الجزائر وضواحيها، وأبراجها، وتحصيناتها.

2- الإمكانيات العسكرية لحكومة الداي.

3- المدن والموانئ الجزائرية وأهميتها: عنابة، القالة، القل، جيجل، بجاية، دلس، مدينة الجزائر، شرشال، رأس تنس، أرزيو، وهران، مرسى الكبير، مستغانم.

4- المعطيات المناخية والطبيعية.

5- المعطيات الاجتماعية: السكان، اللغة، الأمراض والأوبئة.

6- المعطيات الاقتصادية: التجارة الداخلية والخارجية، الصناعة والمواد الأولية، الزراعة والمحاصيل الزراعية، النقود والمقاييس.

7- المعطيات الطبوغرافية: التضاريس الطبيعية، الطرق، المسافات، المياه، الأنهار.

8- الخطة العسكرية للهجوم: مكان وتوقيت الإنزال البحري، الجيش الضروري للحملة. وقد درس مجلس الوزراء في 11 أكتوبر 1827 هذا التقرير الذي كان وثيقة هامة ضمنت النجاح(52).

ولما تولى وزير الحرب (Le vicomte de Caux) حيث تمت دراسته الفورية للمسائل المتعلقة بالحملة ضد الجزائر، واقترح مخططا نهائيا للعمليات وتعيين وسائل التنفيذ الأكثر قابلية لضمان النجاح، هذه اللجنة بدأت مباشرة أشغالها واطلعت على ما كتبه الرحالة والأسرى من مذكرات وتقارير عن الحملات السابقة ضد الجزائر من 1808الى 1826 وصبتها كلها في استنتاجات بوتان في 07 ماي 1829، الكونت بورتاليس (PORTALIS)، والتي قدمت الوزارة الحربية قد ساهمت فيها بعد في احتلال الجزائر من سيدي فرج، وزير الشؤون الخارجية يصرح أن "ملك فرنسا لا يريد اللجوء إلى القوة إلا إذا استنفذت وسائل الصلح، وكان ملك فرنسا يراهن على المفاوضات الجارية بينه وبين السلطان العثماني والداي الجزائري الذي تولى القيام بها (LA BRETONNIERE) في 30 جويلية 1829.(53) وبعدها قرر مجلس الوزراء يوم 19 ديسمبر 1829 تنفيذ الحملة في ربيع 1830 وتم إتباع مخطط بوتان، وكتب القائد العام في جدول أعماله أن "20 يوما كانت كافية لهدم وجود هذه الدولة التي اتبعت أوروبا منذ ثلاثة قرون(54)"

إن الفرنسيين لم يكتشفوا الجزائر حين دخولها في جويلية 1830 فقط، بل كتبوا عنها قبل ذلك في عدة مناسبات، وكانت بينها وبينهم معاهدات وتبادل أسرى وجواسيس وتقارير القناصل والرحلات، ولكن معظمها كانت علاقات من جانب واحد فالفرنسيون هم الذين كانوا يكتبون. ونذكر هنا الضابط لابي LAPIE الذي تمكن من وضع خريطة عامة للجزائر، فيها تضاريس المنطقة الجنوبية وكانت هذه الخريطة أحسن أداة وضعها الفرنسيون فيما بعد في التوسع العسكري والمدني والتحكم الإداري والاجتماعي في الصحراء(55).

أما الجزائريون الأتراك فكادوا لا يتركون أثرا لأسراهم ولا لرحلاتهم، وليس لهم قناصل في فرنسا. كانت فرنسا تحمل كبتا عميقا عن ايالة الجزائر التي استغرقت من القوة ثلاثة قرون، وهي سيدة البحر لكن السهولة كانت في نجاح حملتهم وسقوط حكومة الداي دون حرب تقريبا، وجنوح حاكمها إلى الاستسلام، وطلب السلامة له ولحاشيته، وتسليم البلاد والخزينة التي كانت بها أكثر من 50 مليون دولار آنذاك. دون تفكير في مصير البلد والأهالي(56).

والسؤال الجدير بالإجابة هو هل هناك أهداف وأبعاد أخرى غير احتلال مدينة الجزائر من إيفاد بوتان إلى الجزائر سنة 1830؟ من خلال تتبع نشاط بوتان تتأكد حقيقة وهي أن نابليون كان له مشروع كبير، وأن الجزائر تمثل حلقة منه. إذ أن بوتان سبق له أن قام بمهمة سرية إلى اسطنبول عام 1807 وكذلك إلى تونس، ثم على مصر وسوريا وقتل في صحراء مصر عام 1813. يؤكد لنا هذا النشاط الاستخباري الذي كان بونابرت يستخدمه، إنما كان لضرورة كبيرة لأن نابليون كان يهدف إلى تكوين إمبراطورية تستحوذ على معظم المناطق في القارات وهذا لمنافسة بريطانيا كذلك، وقد سبق لقادة الاحتلال أن استخبروا علماء كانوا يعرفون الصحراء جيدا، مثلما حدث مع العلامة الموريتاني أحمد المصطفى وللتطوير الذي مر من الجزائر عام 1832 أثناء عودته من الحج قاصدا بلده. (57)

ولضمان نجاح الحملة الفرنسية على الجزائر لم تكتف فرنسا بجمع المعلومات والتقارير حول الجزائر من المخبرين الرسميين وإعداد ما يمكن إعداده من أفراد وعتاد بل كونت لجنة سرية تتكون من رانبرت، دوبينيوز، وجيراردان، وأرسلتهم إلى تونس خلال شهر أفريل 1830 في مهمة سرية لجس النبض ومعرفة موقف باي تونس من الحملة على الجزائر، ولفتح مصدر خصب لتموين جيش فرنسا والتأثير على معنويات الأهالي من عبء وغيرهم، والحث عن الانفصال عن داي الجزائر من المعلوم أن أعضاء هذه اللجنة كانوا على معرفة جيدة بالبلد تونس، وتمكن هؤلاء المخبرين الثلاثة من كسب باي تونس والحصول على دعم مادي ومعنوي، مثلما تمكنوا من إرسال مناشير إلى الجزائر حرضوهم على قبول الجيش الفرنسي الآتي بالحضارة والعدالة، وكتبوا تقريرا تضمن ثلاثة محاور أساسية إلى السلطة الفرنسية وهي:

حول التأثير الديني

حول ضمان التموين للجيش الفرنسي من باي تونس

حول الاستراتيجية الواجب اتخاذها وهي إعطاء معلومات حول قصر الداي(58).

التقت اللجنة من جهة أخرى بالطبيب الإنجليزي الذي أقام بالجزائر أربع سنوات ثم انتقل إلى العمل في تونس هذا الأخير زود القنصل العام دوليسبس بنصائح من شأنها إنجاح الحملة إن أعطيت له مقابل ذلك امتيازات سيعمل معهم في إطار الحملة على الجزائر، وقد اقترح الاستعانة بشيخ ليدلهم على كنوز مخفية حتى تسلم من نيران المدفعية، ويدلهم على مكان الأسرى الفرنسيين ملفتا انتباههم إلى أن الداي توعد بإحداث مجزرة عند اقتراب الفرنسيين من حرمه، من جهة أخرى يعلم التقرير الثاني أن كنوز الداي ستظل في أماكنها نظرا لاستحالة نقلها ودفنها تحت الأرض خوفا من عمليات النهب التي قد تقع، هذه اللجنة أنهت مهامها باتفاق مع داي تونس ورجعت في نهاية أفريل إلى فرنسا حاملة رسالة من القنصل العام الفرنسي دوليسبس إلى وزير الحرب، والتي جاء فيها بأن باي تونس على الاستعداد التام للتعاون بتقديم المساعدة، ملفتا انتباه وزير الحرب حول سفرية رحلة باي قسنطينة الحاج أحمد باي إلى الجزائر نظرا للظروف الصعبة التي كانت تعيشها منطقته والأخطار المحدقة بها، من تحرشات الفرنسيين(59).

ومن ناحية أخرى تحرشات التونسيين في الاستيلاء على قسنطينة(60) والتي ستكون من 20إلى 25 ماي والمعروفة بالدنوش الكبير التي تتم كل ثلاثة سنوات وفي هذه الفترة تكون قوات الحملة على مشارف الجزائر، وهذه معلومة هامة بالنسبة إلى السلطة الفرنسية لأخذ الاحتياط اللازم.

2- دور الرحالة الأجانب في عملية احتلال الجزائر:
هذا عن التقارير الرسمية أو شبه الرسمية استخبرت منها السلطة الفرنسية إلا أن مصادر أخرى تمكنت بها السلطة الفرنسية وكذلك المخبرين الرسميين من جمع معلومات هامة عن مدن الجزائر وهي من كتب الرحالة والمستشرقين، وقد استعاد الضباط الفرنسيون مما تركه هؤلاء الرحالة في معرفة أحوال الصحراء وفي توجيه حملاتهم التوسعية(61). فأدب الرحلة يعد مصدرا هاما في رسم صورة الجزائر لهذا كان عدد كبير من الرحالة زاروا الجزائر ومن جنسيات مختلفة إذ كانوا فرنسيين وألمان، وروس وأمريكان، وإيطاليين، ونذكر منهم: هايدو (ق.15-16)، نيكولاي (ق.16)، تاسكانا (ق.17)، بايسونال (ق.18)، شو (ق.18)، خمينيث (ق.18)، فانتيردي بارادي (ق.18)، تاسي (ق.18)، شامبر (ق.18)، تيدنا (ق.18)، ديفونشين (ق.18) شولوصر (ق.19)، بفايفر (ق.18)، وغيرهم.(62)

ويلاحظ أن المعلومات التي قدمها الرحالة الألمان ووظفها بكاملها رجال الحملة الفرنسية، إذ كان اهتمام المستشرقين بالجزائر سابقا عن تاريخ الحملة الفرنسية لها، بحكم أن بعضهم كانوا مستشارين للبلاط الملكي الفرنسي(63)، ويمكن اعتبار كتابات الرحالة التي تناولت موضوع الجزائر مثل كتابات بيسونال (PEYSSONNEL) والدكتور شو (D.SHAW) مادة خصبة استفادت منها فرنسا. لأن هؤلاء المستشرقين هم الذين عرفوا الجزائر للأوربيين وساعدهم الأمر في ذلك تمكنهم من دقائق اللغة العربية ومكونات الثقافة الإسلامية، ولهذا كانت للمستشرقين علاقة مباشرة بالتبشير والاستعمار الاستيطاني، فالاستشراق درس عقلية العامة والتبشير سلك طرق التعليم وممارسة الأعمال الخيرية، واهتم كثير من الأوروبيون بدراسة القرآن الكريم، ومنهم جربار الذي وصل إلى منصب البابا عام 999 وبطرس المحترم (1092-1156) الذي ترجم القرآن، وكذلك كلوني (CLUNY).(64) وكان للمشارقة دور ملموس في الاستشراق، وبالتالي في التوسع الفرنسي في البلاد العربية وخاصة في الجزائر إذ كان الموارنة خير معين في عملية الاحتلال الفرنسي للجزائر(65).

ويمكن أن يؤرخ لدور المستشرقين الملموس في دفع الممارسة الاستعمارية في البلاد العربية بعهد الحملة الفرنسية على مصر، لأنهم هم الذين تولوا الترجمة أثناء هذه الحملة والإشراف على الطباعة، وكان منهم ومن أبنائهم من تولى الترجمة في جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر لأن كثيرا من مرافقي الحملة على الجزائر كانوا مشارقة(66) بجانب يهود الجزائر الذين كانوا يقومون عادة بترجمة ما كان يدور بين حكام الجزائر والأجانب قبل1830(67) ومن بين الذين لعبوا دورا بارزا في عملية استعمار الجزائر والتخطيط له سيلفيستر دي ساسي(68) (1757-1838) عميد المستشرقين في باريس، ومدير مدرسة اللغات الشرقية عام 1824 ومن غير المستبعد أن يكون هو الذي أوحى بفكرة وهي أن يتوجه وفد إلى تونس ويوزع منشورا باللغة العربية الجزائرية على الجزائريين يساهم في التمهيد لحملة عسكرية لكسب تأييد لها من الجزائريين وبالفعل كانت النتائج بمثل التوقعات تقريبا، حيث أرسل وفدا مثلما سبقت الإشارة إليه من المخبرين إلى تونس يتكون من رام بار(RAIM BERT) وجيراردا  GRADIN برئاسة دوبينوسك (D’AUBIGNOSC) هذا الأخير عين فيما بعد محافظ الشرطة في الجزائر العاصمة حيث عرف هذا الوفد حاكم تونس بمشروع الحملة وفاز بتأييده لها، وبالفعل تمكن هذا الوفد من الحصول على مساعدات تونسية في سرية تامة وكان زكار وهو من الشام ودنينوس إبراهيم وحنا فرعون من مصرف الحملة الفرنسية على الجزائر رافقها رجال الثقافة والإعلام والاستعلام الذين وضعوا خبرتهم وطاقتهم في خدمة التوسع، ولم يكن تفكير فرنسا في توسعها العسكري نحو الصحراء الجزائرية وليد تاريخ الاحتلال أو القضاء على المقاومة الشعبية في المناطق الشمالية، وإنما يعود إلى حوالي سنة 1824م، إذ تمكن في هذا التاريخ وإلى غالية سنة 1828 م الموفد روني كاي من الظفر بلقب أول مغامر فرنسي في عمق الصحراء الجزائرية إذ عبرها انطلاقا من السنغال حتى مدينة تمبكتو.(69)

وفي نهاية هذا الفصل نقول أن جميع هؤلاء الجواسيس ساهموا في جمع المعلومات بالترجمة وبممارسة الصحافة بجانب جيوش المرتزقة والصبايحية والزواوة، ومن أعلن ولائه لفرنسا أمثال الجنرال يوسف المملوك وغيره كثيرون، إذ كانت مصادر المعلومات هامة وفاعلة من المخبرين الرسمين، ومن العاملين بالقنصلية ومن الرحالة والمستشرقين ومن عناصر أخرى قدموا كلهم معلومات دقيقة استخدمها مختصون واستفادوا منها وتمكنوا من احتلال مدينة الجزائر بسهولة عام 1830، واحتلال مدن أخرى مثلما سأذكر هذا في حينه.(70)

 

جامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله

English Summary:
The discussion of the French-Algerian relations before and during the period of the European invasion tends to concentrate on many aspects of Algeria’s history, among which the issue of the European inquiries and investigations in general and the French ones in particular, either before the invasion or during colonization. Within this perspective, the present study aims to focus on a specific component of Algeria’s history, namely; the French preparations and attempts to subdue the Algerian cities. To that end, the French heavily relied on the orientalists’ efforts, travelers’ diaries and some projects conducted by the French civil servants who worked in Algeria like councilors. In addition to that, they consulted scholars and researchers who wrote books about Algeria’s history and geography, and drew detailed maps of the principal Algerian cities and centers –in terms of their landmarks, population levels and density, and the inner and outer social relations

المراجع والمصادر:
 (01) أبو الفضل جمال ابن المنظور، لسان العرب، م5، دار صادر، ط.1، بيروت،2009، ص.5

(02) المرجع نفسه، ص.7

(03) جمال قنان، نصوص سياسية حول تاريخ الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 2009، ص-ص.306-309

(04) جوزيف فوشي: (1820-1759)، وزير الشرطة بفرنسا ( 1799- 1802 و1804- 1810). منح لقب دوق أوترانتو 1809. عرف طيلة حياته بخلقه الانتهازي، فانضم لكل حزب تولى السلطة منذ الثورة الفرنسية حتى عودة البوربون. وأحكم نظام الجاسوسية، فكشف عن مؤامرة كادودال 1804، واستعاد منزلته لدى نابليون. ويعد أحياناً مؤسساً للدولة البوليسية الحديثة، لإنشائه نظاماً صارماً فعالاً للشرطة السياسية والجنائية، وبعد طرده ثانية ( لاتصاله سراً بإنجلترا ) تقلد مناصب كبيرة متعددة دون أن يتمكن من استرجاع سلطته السابقة، المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(05) آن جان ماري رينيه سـَڤاري، أول دوق روڤيگو(de Rovigo)1774-1833 هو جنرال ودبلوماسي فرنسي، تولى أمور الجزائر بصفته حاكما عاما للجزائر ما بين 31 ديسمبر 1831 ومارس1833، وقد تولى مهمته خلفا لبيرتزين (BERTHEZENE)، وقبل أن يصبح قائدا عاما كان وزيرا سابقا للشرطة، تميزت شخصيته بالقسوة والظلم. وعرفت الجزائر على عهده مرحلة تميزت بسفك دماء الأبرياء والقتل الجماعي، وقد ارتبط اسمه كسفاح بمذبحة العوفية الرهيبة التي أبادها عن آخرها في 5 أبريل1832. المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(06) لويس ألكسندر أحد الضباط الأرسقراطيين في البحرية الفرنسية، ولد بفرنسا يوم 06 جوان 1679 وتوفي في رامبويلات RAMBOUILLET في ديسمبر 1737، لقب بأمراء فرنسا ولم يتعدى سنه 05 سنوات. المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(07) شارل العاشر 1757-1836 كان آخر ملوك سلالة أسرة آل بوروبن حيث قامت الثورة الفرنسية بطردها من الحكم سنة 1824 وحتى 1830 وخلفه في الحكم لويس فليب، وقبله كان الملك لويس الثامن عشر الذي توفي عام 1824. كان نظام شارل العاشر رجعي وسيء وكان هذا سببا في وجود معارضة قوية من معظم الاتجاهات السياسية مما أدى إلى قيام الملك شارل العاشر إلى إعطاء المزيد من الامتيازات إلى الاكليروس وطبقة النبلاء. تزوج شارل العاشر من ماري-تريس القادمة من ساڤواوهو، توفي سنة 1836 بعد فراره إثر ثورة جويلية عام 1830. ولقد ترك أثار كثيرة في الجزائر ومن بينها سيفه الشخصي والمتواجد حاليا بمدينة سطيف وهو ملك لأحد المواطنين . المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(08) بوعزة بوضرساية، سياسة فرنسا البربرية في الجزائر، 1830-1930 وانعكاساتها على المغرب العربي، دار الحكمة 2001، ص39.

(09) أبو القاسم سعد الله، محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث بداية الاحتلال، دار المعرفة، الجزائر، 2009، ص20.

(10) شارل أندري جوليان إفريقيا الشمالية تسير، ديوان المطبوعات الجامعية، باريس، 1964، ص.16

(11) ولد تيدنا سنة 1758 في يوزيس لانغدوك (Uzes) من عائلة كاثوليكية ميسورة الحال. ومنذ أيام صباه عملت أسرته على أن يكون من عليه رجال الدين، فوضعته في مدرسة كاثوليكية، لكنه فر منها ونفر ممن حاولوا إعداده للرهبة، وأبدى عدم استعداده تماما لممارسة هذه الحياة الدينية، بل وتمادى به الحال إلى الانضمام لفيلق الحامية العسكرية في كورسيكا. لكنه سئم العمل العسكري. وفضل العمل المدني الإداري في وظيفة كاتب لوكيل مقاطعة. ولكن حبه للأسفار قاده نحو مديني ليفورنا (Livourne) وقاديس (Cadix) حيث عاش في منزل أحد أقارب أبيه. المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(12) بوعزة بوضرساية، المرجع السابق، ص36.

(13) أبو القاسم سعد الله، المرجع السابق، ص21.

(14) جماعة من المؤلفين العرب، الموسوعة العسكرية، الجزء 7 بيروت 1981، ص120.

(15) بوعزيز يحي، الموجز في تاريخ الجزائر، ج2، الجزائر الحديثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 2009، ص205.

(16) المرجع نفسه، ص206.

(17) الإمبراطورة كاترين الثانية 1729-1796، إمبراطورة روسيا الثانية عشر من 28 يونيو 1762حتى وفاتها. ويقال إنها تجسد حقبة الطاغية المستنير. دافع فولتير عنها عندما قامت بانقلاب على زوجها القيصر بيتر الثالث بن الإمبراطورة آنا إيفانوفنا بنت القيصر إيفان الخامس، وقال: “مستبد عاقل خير من مستبد جاهل!” وخلفها أبنها القيصر بافل الأول وهى جدة كلً من القيصر ألكسندر الأول والقيصر نيكولاي الأول. المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

MEUPEOUI : Les Premiers russes en méditerranée 1770-1807 les corsaires moscovites. Revue de la défense nationale (Avril.1947), p20

(18) ضومينغو فرانثيسكو بادي(بالإسبانيةDomingo Francisco Jordi Badía y Leblich) المعروف بلقبه علي باي العباسي (ولد عام 1767وتوفي 1818) رحالة وجاسوس ومغامر ومستشرق كتلاني - أسباني. سافر علي بك وكتب في وصف المغرب، وطرابلس، وقبرص، ومصر، والجزيرة العربية، وسوريا، ولبنان، الأردن، وفلسطين، وتركيا خلال الفترة من 1803-1807. تقمص مظهر وجيه مسلم وذهب إلى مكة لأداء ظاهريا الحج، وشهد غزو الحركة الوهابية على مكة المكرمة سنة 1807. يعتبر من أشهر الرحالة الجواسيس إلى المغرب خلال القرن التاسع عشر الميلادي. المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(19) أرماند جان دو بلاسيس دو ريشيليو (Armand Jean du Plessis de Richelieu)1585-1642 أو الكاردينال هو رجل دولة ورجل دين ونبيل فرنسي. كان وزير الملك الفرنسي لويس الثالث عشر. أصبح كاردينالا سنة 1622 ومن ثم أصبح سيد الوزراء لدى لويس الثالث عشر سنة 1622 حتى وفاته سنة 1642. هو من خريجي السوربون ومؤسس أكاديمية اللغة الفرنسية. يعتبر أول رئيس وزراء في التاريخ. عند وفاته لم يكون محبوبا عند الشعب بسبب القرارات التي اتخذها مما جعل الشعب يحتفل بإطلاق الألعاب النارية عندما عند إعلان مماته. استعمله ألكسندر دوما كأحد شخصيات الفرسان الثلاثة. المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

(20) بوعزة يحي، المرجع السابق، ص167، وأنظر أيضا، بوعزة يحي، علاقات الجزائر، ص.ص 118-119.

(21) عفيف البهنسي، الحضور العربي في إيداعات الغرب خلال القرن العشرين، الوحدة، العدد 71، المجلس القومي للثقافة العربية، ص-ص 3-16.

(22) Alazard j, L'orient et la peinture française au 19 e siècle de de Lacroix â Renoir, Plon Paris 1930.

(23)show – docteur- ,voyage dans la régence d’Alger،tra. De l’anglais par mac carthy، Paris 1830.

(24)Payssonnel et des fontaines relation d’un voyage dans les régences de tunis.et d’Alger. Gide. Paris 1838.

 

(25) عميراوي أحميدة، من تاريخ الجزائر الحديث، ط2، دار الهدى، الجزائر، ص46.

(26) المرجع نفسه، صفحة نفسها.

(27) من المؤكد تاريخيا أن الموارنة الشرقيين لعبوا الدور الذي لعبه الغربيون في مسألة الإستشراق وعليه فالإشكال قائم في تحديد المفهوم، مثلا: لا يقال عن الشرقي مستشرقا.

(28) سعد الله، أبو القاسم، أبحاث وأراء في تاريخ الجزائر الجزء 04، دار الغرب الإسلامي، ط04، بيروت 1996، ص-ص 23-46.

 (29) لمزيد من المعلومات يراجع: سعد الله، أبو قاسم، تاريخ الجزء الثقافي، ج06، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1998، ص11.

(30) عميراوي أحميدة، المرجع السابق، ص49.

ينتظر ما كتب في محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث، منشورات جامعة منتوري- قسنطينة الجزائر سبتمبر 1999.

(31) عميراوي أحميدة، المرجع السابق، ص50.

(32) عميراوي أحميدة، المرجع السابق، ص50.

(33) المرجع نفسه، صفحة نفسها.

(34) عميراوي أحميدة، المرجع السابق، ص51.

(35) المرجع نفسه، صفحة نفسها.

(36) إسمه جاك دينيس jaques denis ولد في طرابلس الغرب عام 1777 وهو إبن قنصل فرنسي، لعبت أسرته دورا كبيرا في العلاقات بين فرنسا والدول الإسلامية، أحيل على التقاعد سنة 1841.

(37) سيف الإسلام الزبير، تاريخ الصحافة في الجزائر، ج2، ش.و.ن.ت. الجزائر 1982، ص6.

(38) كان عمره لم يتعد 45 سنة، شغل مناصب كثيرة أدبية وإدارية ومن هذه المناصب مدير مسرح، وهو أحد المؤسسين لجريدةla mode وبعد هذه المهام التي كان يقوم بها تولى منصب الكاتب العام لقائد الحملة دي بورمون.

(39) سيف الإسلام، المرجع السابق، ص 18.

(40) سيف الإسلام، الزبير، المرجع نفسه، ص14.

(41) A.O.M F80/1846. Cité par Turin –y- affrontements culturels dans l’Algérie colonial, E.N.A.L Algérie 1983،p.15.

(42) عميراوي أحميدة، المرجع السابق، ص53.

(43)يحي بوعزيز، موضوعات وقضايا من تاريخ الجزائر والعرب، الجزء 3، دار الهدى، عين مليلة، 2009، ص229.

(44) جماعة من المؤلفين العرب، الموسوعة العسكرية، الجزء 7، بيروت، 1981، ص.120.

(45) تاريخ الجزائر في الملتقيات الدولية والوطنية، الجزائر 1991، ص.ص 261-271.

(46)أنظر ملحق رقم01، المصدر: الموقع الالكتروني: Source galica.bnf.fr / Bibliothèque National de France

(47)يحي بوعزيز، المرجع السابق، ص229.

(48)Charles André Julien, Histoire de l’Algérie Contemporaine 1827-1871, Presse Universitaire de France, Paris 1964, p.60.

(49)محمد الطيب العلوي، مظاهر المقاومة الجزئرية 1830-1945، منشورات المتحف الوطني للمجاهد، الجزائر، 1994، ص30.

(50)الغالي غربي، المرجع السابق، ص76.

(51)الغالي غربي، المرجع السابق، ص76.

(52)خديجة بقطاش، الحركة التبشيرية الفرنسية في الجزائر 1830-1871، دار دحلب، الجزائر 1992، ص.42.

(53) أبو القاسم سعد الله، محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث بداية الاحتلال، ط3، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1982، ص21.

(54)Berjaud )Leon(, Boutin agent de Napoléon 1er .op. Cit. p-p89-157.

(55)العربي إسماعيل، الصحراء الكبرى وشواطئها، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1983، طبعة خاصة، الفصل الرابع، ص.69.

(56)أبو القاسم يعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، دار الغرب الإسلامي، الجزء 06، بيروت، 1998، ص270.

(57) توفي هذا العالم في 1849 وترك آثار قيمة أهمها: رحلة المنى والمنة وهو محظوظ بالمعهد الموريتاني للبحث العلمي، ص168.

(58)أنظر:

Charles Feraud, Les Interprètes de l’armée d’Afrique, Alger 1878,p-p161-162. Nettement (A), L’istoire de la Conquête. Paris, 1980, p-250.

(59)عبد الجليل التميمي، بحوث ووثائق في التاريخ المغربي 1816-1871، تونس، 1972، ص.ص 97-202.

(60) بوعزة بوضرساية، الحاج أحمد باي في الشرق الجزائري رجل دولة ومقاوم 1830-1848، المرجع السابق، ص89.

(61)Nettement (A(, L’histoire de la Conquȇte. op. cit, pp:261-269.

(62) بوعزة بوضرساية، الحاج أحمد داي في الشرق الجزائري رجل دولة ومقاوم 1830-1848، المرجع السابق، ص51.

(63)Don Diego de HAEDO. Topographie et histoire general d’Alger, Revue Africaine N°15 (1871), p.91.

(64) Segesvary (V), L’islam et la réforme, (1510-1550), edition l’âge d’homme, Lausanne 1978, p-p. 111-112.

(65) Don Diego de HAEDO. Topographie et histoire general d’Alger, Revue Africaine N°15 (1871), p.915

(66) الموارنة غير متفق على أصولهم ونسبهم تاريخيا، فالبعض من الدارسين ينسبونهم إلى قرية مارون، في حين نسبهم البعض إلى بطريرك انطاكية اليعقوبي مارون الذي لجأ إلى لبنان واستقر بمدينة جبيل فأسس المذهب الماروني المسيحي.

(67)Nettement(A(, Histoire de la conquête, op. cit,. p269.

(68)CHARLES FERAUD, Les interprètes de l’armée d’Afrique, Op. Cit. p.120.

(69) أنطوان إيزاك سِلفستر دي ساسي (دو ساسي) (1758 - 1838 م) هو مستشرق فرنسي، لقّبه البدوي بشيخ المستشرقين الفرنسيين. درس اليونانية واللاتينية ثم العربية والعبرية. كما أتقن عدة لغات أوروبية.

(70) نقس المرجع.