تناظر حركات هذه القصيدة الثلاث للشاعر السوري بنية المقولة الفلسفية التي تطرح النقيضين للوصول منهما للمقولة الجديدة، مع إحالة للأبعاد الميتفايزيقة بها ولتناصات قاموسها الشعري.

رجل أو امرأة

محمد حيان الأخرس

 

(1)

رجلٌ

يلتف بالوحدة

ما أبرده ..؟!!!

وسادة الغيب تحت رأسه

وحلمه الهواء ... الهواء

لكنه

لو مرت عليه فراشة يجفل..

إذ تنهض الخيول من شرايينه

والقلاع تشهق عالية في اليدين:

ـ تعالي إلي..

      يا طفلة النار

أشعلي خشب القول رمحاً

وأصهري في المدى حديد الغناء

رجلُ..

يلبس العشب في خطوه

يتعالى عن الإنس والجن

يتمطى في جسد يختزل التراب و النبوة ..

يتماهى في جسد امرأة.

رجلٌ ..

له الجند أشجارٌ

والمساء عباءة

بعيداً إلى عرسه يأتي ..

قريباً إلى عرسه يمضي

ويتبعه الرمح ..

والحقل ..

والعصافير تحطُّ على أضلاعه في الطريق ..

ترف الفراشات على شفتيه ..

قريباً ..

بعيدا

إلى عرسه ...

يكسّر رمانة الوقت

ينثرها أحمر في الكلام ...

حمراء .. حمراء يا رمانة القلب ...

فتأتي الدقائق ملتفة بالسنين

عريانة ..

ترافقها الطلقة الموجعة

رجل

كأن الكلام قليل

فيعلو إلى نفسه ..

مزنراً دربه بأزيز الغناء.

(2)

امرأة ..

يرقص الماء عفواً إذ تتراءى

تفيض الينابيع من زوايا أظفارها

تفرش الضلوع بما شاءت ..

وسع كرسيها القلب ..

والقول والريح

والنار ..

والساقية ...

امرأة

لها عنبر الجرح

أطيابه ..

لها السواحل واللؤلؤ

وما تنفس الحقل من فاكهة ..

من باح باسمها للكرم ..

خمّر من شفتيها النبيذ ...؟

من أيقظ المعنى ..

عن جلال صليبه

واطلقه رمحاً ورقصا ...؟

من دلها إليه ..؟!

نبية الجرح

تلوح بالورد للعاشقين

وتنذر بالدم من يحيد عن قامة الإسراء إليها

فسبحان ..

سبحان من أسرى

به إليها ...

بها إليه ...

امرأة

تشبه الغيم

لكنها ...

ترتدي الطريق والمسافة

تجر من ورائها الثلوج والأضاحي ..

والمواويل في قولها

تنزّ الصباح.

أميرة الكلام ...

تكش أيائل النجوم أمامها

إلى بحيرة المرايا ...

وتطلق من بين نهديها

قطيع القصائد ...

تبدأ الخلق ...

ثم تبدأ الخلق

وتستحم ...

تستحم ,..

بالسلام

(3)

لم يولدا من الوقت

وما أنجبته

وما أنجبها

ولم يكن في سياج المسيح من البدء ...

ولم تلد ..

قل هما الأن:

/في النار والماء أحد/

شاعر من سوريا