تواصل الشاعرة المغربية في هذه القصائد تقطير تجربتها الشعرية كاشفة بأسلوب شعري مركز عن بعض جوانب معاناتها كامرأة عربية من ازدواجية المجتمع الشرقي وتناقضاته وقسوته.

قصائد

سميرة المصطفى

 

ضجر
أسكب ما لديك من ضجر
صوّب رماح البين اتجاهي
لا يثنيك الزهر الذي ذبل
أو تلك الأشواك من شرر

أغرقني في بحر الدمع
حتى يجف الغيم
ويكف المطر

استفض البوح من فمي
حتى تشتم رائحة المرر
واهجرني بعدها
وانثر على نعش جسدي
أياما من كدر

أهرب من أمكنتي التي زرتها
ومن كلماتي التي كتبتها
ومن ذاكرتك التي كنت يوما
قد غزوتها
أهرب مني ومن القدر

غازل الأيام
فربما تنسيك تقاسيم وجهي
سأغازلها أنا أيضا
فربما تعلمني كيف أقسو
وكيف أستسيغ طعم الضجر

اتهم الأقدار واتهمني
اهجرني ليلة
واستبقني
فقد أعود امرأة
وقد لا أعود يوما
سوى تمثالا من حجر

الأرجوحة المحترقة 
هنا كان مهدي
وكانت أرجوحتي
ولعبي

هنا كبر نور الشمس
وهنا اختفى ظل الأمس
وهنا اشتعلت اللحظات ذكريات
زهرة تغدق الكون عطورا
همسة تملأ الأرض شجونا
والنساء مجونا
والرجال جنونا

حنين متدفق
طفولة...
لواعج أنثوية
نشازات
ثم احتراق كلي
هنا أصبح المهد حريقا
وهنا...
كنت رمادا يختفي تلو رماد

صرخة المستحيل
الآن غدوت كالمستحيل،
سابحا في أفق لا امتداد لحصره
أرقبك،
مستحيل أنت كالشمس الآن
ولأنك غدوت كالمستحيل...
فلا مناص من الذكرى و لا سبيل..

وتستمر الحياة...
بعد الطلاق
تتغير أشكال الأماكن
تبهت ضحكات الأصدقاء
تتلون نظرات ذوي القربى
تخفت في القلب درجة الترقب
تموت اللهفة
ينطفئ شيئا فشيئا وميض البسمة
يصبح للفصول لون واحد
وللعطر عبير واحد
وللفراشات رقص واحد
وللملامح والدواخل وجه واحد

بعد الطلاق
نلوح براية الهزيمة
تترمل الأحلام
تشرد قليلا
تذهب بعيدا
تلبس الأبيض، تعلن الحداد

بعد الطلاق
تحاصرك الأمكنة
تصادرك الألسنة
تعبث بك التقاليد
تفرش لك الطرق زهورها السوداء

بعد الطلاق
تجلد جسدك نظرات الرجال
يعرونه بتفنن
يمارسون عليه كل نبوءات التخيل
يضعونك قصرا في خانتهم الحمراء

بعد الطلاق
ينكسر الإحساس
ينتحب موج الأمل
تتوجع الأنثى في داخلك من ألم
تتحول كل الإبتسامات في وجهك إلى ندم

آخر البوح
المطلقة قد تكون ابنتك
أو أختك
أو ربما خالتك
وفي أكثر الأحوال قسوة أمك

المغرب