| إن الروايات مرآة قد انعكست |
عن سطحها صور الأخلاق والفكر |
| تبيض منها وجوه العادلين كما |
تسود أوجه أهل الظلم والضرر |
| تعيد تاريخ ماضينا لحاضرنا |
حتى نكون لآتينا على حذر |
| قد قام فيها ذوو الإصلاح فاتخذوا |
تمثيلها عبرة من أنفع العبر |
| ما عابها غير من بانت معايبه |
فيها ممثلة في أقبح الصور |
| لله من منشئيها القائمين بما |
يعلي الشؤون ويهدي البشر للبشر |
| فاشكر مساعيهم يا صاح معترفاً |
بفضلهم سيما النقاش ذي الغرر |
| داود ذي القلم النقاد من شهدت |
له ذوو الرأي من بدو ومن حضر |
| وحسبه شهرة ما في روايته |
(بيروت) من نقد مأمور ومؤتمر |
| جلا لنا قبل الدستور حررنا |
من الحوادث فيها كل مستتر |
| قامت بتمثيلها جمعية جمعت |
إلى التفنن حسن الذوق والنظر |
| يديرها باترو الشهم الذي ذكرت |
بالشكر دأبه من كل معتبر |
| هذا يبيع وهذا يشتري صحفاً |
وصوت بائعها يغني عن الخبر |
| وذاك يخطر نشواناً بخمرته |
وذاك يرقص بين الطبل والزمر |
| ترى المحامين في شغل أكفهم |
للقبض مفتوحة في السر والجهر |
| كما هم في سوق المزاد فلا |
يهمهم غير جمع المال في الصرر |
| وفي محافظهم ما ليس يدركه |
إلا شعور ذوي الأحكام والنظر |
| قد حللوا بالرشى في كل محكمة |
ما حرم الشرع في الآيات والسور |
| باهو فتاهوا عن القانون إذ لهم |
في غيره وترٌ يفضي إلى الوطر |
| أما الأطبا فقل عن بعضهم علناً |
بأنهم شركا عزريل واختصر |
| وحولهم عصبة تدعى صيادلة |
لهم من الماء رزق غير منحصر |
| حاكوا ذوي شركات الماء في طمع |
والغاز في جشع والعمر في بطر |
| لكن أطماع شركات الحريق غدت |
بلا شبيه فلم تبقي ولم تذر |
| ولا تسل صاح عن نادي القمار فما |
جهنم غير قسم منه منشطر |
| ترى موائد لعب حولها زمر |
مسلوبة اللب بل مخطوفة البصر |
| تحيي الليالي وقد ماتت عواطفها |
كأنها قطع قدت من الحجر |
| وبينهم تتباهى كل غانية |
بلا حياء ولا خوف ولا حذر |
| تطوي النهار وبعض الليل راغبة |
عن شغل منزلها في اللعب والهذر |
| تلقي إلى خدم فيه إدارته |
تخلصاً من عنا الترتيب والضجر |
| فيصبح البيت ملهى يمرحون به |
مع شيخهم روكز السميار للسحر |
| وقد تحداهم الأولاد حين خلا |
جو القمار لهم مع تلكم الزمر |
| لا بل رأوا أن ذاك المال يخدمهم |
فيما يشاؤون من فحش ومن دعر |
| فاستهدفوا لسهام العار من صغر |
والمرء ينشأ على مبداه من صغر |
| واللوم يلحق بالآباء قاطبة |
إذ علة الغصن مأتاها من الشجر |
| فاستيقظوا أيها الآباء وانتبهوا |
من غفلة الجهل أو من وهدة الخطر |
| واستأصلوا من بينكم كل مفسدة |
وأرشدوهم ليجنوا طيب الثمر |
| فالعصر عصر (رشاد) فيه قد نشرت |
بيارق العلم والإسعاد في البشر البشر"(29). |