رسالة الجزائر الثقافية: التأصيل والتجريب في الرواية المغربية

التأصيل والتجريب في الرواية المغربية

بعثة مختبر السرديات
 

عرس ثقافي مغربي بالجزائر، وتحديدا بمدينة سطيف، ضمن الدورة الرابعة لملتقى الرواية المغاربية، أيام 16 17 و18 يونيو 2008، من تنظيم رابطة أهل القلم ومديرية الثقافة بسطيف وبالتنسيق مع مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء في محور: "الرواية المغربية من التأصيل إلى التجريب". وقد جاء الافتتاح ـ بعد زوال يوم الاثنين سادس عشر يونيو ـ مُعبرا عن هذا التأسيس الثقافي الذي يخوضه المثقفون والجامعيون الجزائريون والمغاربة، وسبيلا للانفتاح على كافة المكونات والمؤسسات والمختبرات بالجزائر والمغرب للمشاركة في استمرارية وتطوير مشروع ملتقى الرواية المغاربية.. كما أكد على ذلك، في كلمات الافتتاح كل من عزالدين جلاوجي وشعيب حليفي ومحمد زتيلي.  

الكتابة والحرية
صبيحة يوم الثلاثاء سابع عشر يونيو انطلقت أولى جلسات اليوم الثاني بالمتحف الجهوي لسطيف برئاسة عبد الرحمن تيبرماسين، بمداخلة صالح مفقودة (أستاذ بجامعة بسكرة حاصل على الدكتوراه في الآداب، له العديد من المساهمات العلمية في عدة ملتقيات محلية ودولية ويشرف على مجلة المخبر بجامعة بسكرة) حول رواية سيرة الرماد لخديجة مروازي التي قاربها انطلاقا من مقولات سيميائيات الأهواء كما حددها غريماس وفونتانيي معتبرا أن الاستناد إلى هذه المرجعية التحليلية يعود إلى طبيعة الرواية التي تحتفي بشكل ملفت بالجسد قي كل أطوار انفعالاته سواء في لحظات التعذيب أو الاستيهامات، ولما كانت الرواية تقدم من خلال منظوري سرديين الأول ذكوري اضطلع به اليزيدي، والثاني أنثوي فقد عمل على تظهير الفوارق التجسيدية للتعبير عن الذات الذكورية والأنثوية، ملاحظا التفوق الكمي للذكورة بمقابل التفوق التعبيري للأنوثة. مستخلصا في النهاية أنها بوصفها رواية تشخص معاناة المعتقلين النفسية والجسدية ومختلف سيرورات القمع خلال سنوات الجمر لا يمكن أن تصدر إلا في مناخ سياسي منفتح يقبل حرية التعبير ويقر بها، مؤكدا في النهاية أن رواية سيرة الرماد تأخذ مكانتها المتميزة بين أهم النصوص المغاربية والعربية التي شخصت عذابات المعتقلين، وذلك بالنظر إلى الشكل الجمالي الذي قدمت به عالمها.

أما المتدخل الثاني إبراهيم سعدي (أستاذ محاضر بجامعة تيزي وزو) فقد قدم مداخلة موسومة بـ "الجنس والهجرة وجدلية الذكورة والنوثة قراءة في رواية أن ترحل للطاهر بنجلون". منطلقا من ربط الرواية بسياق الإنتاج الروائي العربي المناظر لها والمتمثل في روايات تشخيص التصادم بين الثقافتين العربية والغربية بغية تجسيد حقيقة الذات عن طريق نضالها في سبيل التصالح مع عالمها أو مع عالم الآخر. ملاحظا أن ما يميز رواية بنجلون هو كون شخصيتها الرئيسية لم تهاجر ضمن بعثة علمية أو طلابية، بل عن طريق الهجرة شبه السرية والتي تحمل ظاهرا يتمثل في عقد عمل ليس سوى قناع للحقيقة الخفية للكائن المتخفي خلف الظاهر وهو تلبية رغبات المشغل الشاذ أثناء الليل. وانطلاقا من هذه العلاقة وما تفرزه من رمزية عميقة حلل الباحث خصوصيات علاقة العرب بالآخر كما تطرحه رواية بنجلون، منتهيا إلى أن الرواية تؤشر على لقاء ملتبس بين الذات والآخر، تحكمه نفس قوانين الاستغلال التي حكمته أثناء المراحل الكولونيالية.

أما شادية شقروش (أستاذة بالمركز الجامعي تبسة)، فقد ساهمت بمداخلة حملت عنوان "سيمياء السرد بين سلطة المكبوت وسحر المكتوب في رواية حارث النسيان لكمال الخمليشي" وقد أشارت في البداية إلى أهمية الرواية المدروسة، منطلقة من فكرة مفادها أن حب التطلع إلى العوالم اللامرئية رغبة مكبوتة داخل كل إنسان، لذلك عمد كمال الخمليشي إلى تشريح هذه العوالم من خلال اختلاق حكاية للبحث عن الكنز المرصود الذي لا يمكن أن يتوصل إليه إلا عن طريق تسخير الكائنات اللامرئية، ومن ثمة عمل الخمليشي على جعل بطله يجوس هذه العوالم، منتهية إلى أن هذه المغامرة الخطيرة والتجارب الروحانية التي تتشابك وتتفاعل في نسيج النص السردي ليست سوى رغبة في الكشف عن الأسرار المكبوتة والتحرر والانعتاق من أجل القبض على السحر الكامن في الكتابة الإبداعية. وقد رصدت الباحثة ممكنات التحول في هذه الرواية مستعينة بالآليات الإجرائية "لسيمياء السرد" من أجل الكشف عن الأبعاد الغائرة المتخفية في دهاليز النص.

الورقة الأخيرة في هذه الجلسة،فكانت لمختار بادي (أستاذ محاضر بالمركز الجامعي بشار) وقد قدم قراءة في رواية رحلة خارج الطريق السيار لحميد لحميداني، افتتحها بالحديث عن مسار الرواية المغربية من التأصيل إلى التجريب. مؤكدا أن الرواية المدروسة عمل حداثي أفاد فيه صاحبه من تقنيات السرد المتطورة التي أنتجتها توجهات الرواية التجريبية. من أهمها التشظي والتقطيع المونتاجي، موضحا انها إلى جانب ذلك تحبل بالدلالات الرمزية، وقد أول هذا الشكل المهيمن بتأثر الكاتب بخلفياته المعرفية ذات البعد النقدي منتهيا إلى تقديم جملة من الخصوصيات التي تجعلها رواية تستحق التأمل.

وفي زوال نفس اليوم انطلقت الجلسة الثانية برئاسة عبد اللطيف محفوظ، وكان أول متدخل فيها هو عبد الغني بارة (أستاذ محاضر بجامعة فرحات عباس بسطيف) الذي قدم مداخلة تحت "العنوان التالي: إستيتيقا الموت وانطولوجيا الجسد في هيرمونيتقا الموت قراءة في رواية الخبز الحافي لمحمد شكري"، وكانت قراءته تأويلية تروم فهم الذات عبر التأويل الذاتي باعتبار الأنا مجموعة من الذوات المنسية، بإعادة الاعتبار للمقموع والهامشي وصولا إلى عوالم يسكنها القبح. موضحا أن رواية الخبر الحافي هي محكي معيش الذات، وهو محكي يتداخل فيه الواقعي بالتخيييلي. كما أكد الباحث أن الموت مؤسس للرواية في كل مراحلها، بطغيانه على كل الأماكن، حيث يتمرأى للسارد ممسرحا. ولعل ذلك ما جعل فضاء الرواية معمورا بمظاهر التهميش والقمع مع كون هذه المظاهر تعطى من خلال وعي يعتبر الحياة مجرد لعبة وعبث يصير معهما الموت أفضل من الحياة.

أما الزبير ذويبي (باحث وناقد) فقدم ورقة هي عبارة عن قراءة نقدية في رواية (صلواتهم) لعبد الرحيم بهير، افتتحها بتفكيك العنوان وإبراز مكوناته ودلالاته في ارتباط بالدلالات الممكنة للنص، مستعرضا جملة كبيرة من الفرضيات الدلالية للعنوان ليركز في الأخير على الصلوات التي تتعدد أشكالها بتعدد الديانات. وبعد هذا التفكيك للفرضيات غير المرتبطة بالنص قام بربطها بعالم حكاية النص التي تقوم على تسريد قصة حب بين مسلم ويهودية، ومن خلال تحليل هذه الحكاية يستنتج أن العنوان إما ساخر من النمطية التي تقدمها الثقافات أو مبشر بنمطية منفتحة ومخصوصة تحتفي بالقيم الإنسانية وتقبل الآخر عن طريق تقبل الآخر والتعايش معه.

الورقة النقدية الثالثة كانت لسليم بركان (أستاذ محاضر بجامعة سطيف) بعنوانن "عجائبية الأصوات السردية في رواية امرأة حلم ازرق لعبد الحميد الغرباوي"،حيث قارب الباحث نص الرواية من منظور بنيوي، محاولا من خلاله الغوص في تلك العوالم العجائبية و الغرائبية التي صهرها الغرباوي في نصه مع بيان الكيفية التي تم فيها توظيف المرأة بهذه العجينة العجائبية في النص و من ثمة استكناه دلالة هذا التوظيف للعجائبي في السردي، بمعنى بيان طريقة اشتغالها في نص الرواية، الشيء الذي جعل مقاربته حول استنطاق نسق خطاب نص العنوان وصولا إلى قراءة و تأويل بعض أنساق خطابي العجيب والغريب.

رواية المباءة لعز الدين التازي كانت مدار ورقة عبد الناصر مباركية(المركز الجامعي برج بوعريريج) و كانت عبارة عن قراءة نقدية اعتبرت رواية "المباءة" من الروايات التي تعتمد على عنصر التجريب في تقديم الأحداث والشخصيات وتوظيف الزمان والمكان وهي تشتغل على عدة مستويات:

ـ مستوى الفضاء:حيث يعد الفضاء أو المكان مكونا أساسيا تتمفصل حوله الأحداث والشخصيات إلى درجة الاندماج والتداخل التام. والفضاء الرئيسي الذي تجري فيه الأحداث هو المقبرة التي تحمل دلالات الموت والغربة والمنفى والتشرد واللاحياة.

ـ مستوى التراث السردي: تزخر الرواية بتراث سردي كبير وتشتغل على عناصر الحكاية الشعبية والخرافية والأسطورية من خلال شخصية التهامي الولي الصالح الذي يعتقد فيه الكثير من الناس على أنه المخلص من الوباء والأمراض عن طريق السحر والتكهن والنبوءات.
ـ مستوى اللغة: تتميز اللغة بالشاعرية في كثير من الأحيان...

أما الجلسة الثالثة التي ترأسها صالح مفقودة، فقد تدخل فيها عقاب الخير(أستاذ محاضر بجامعة المسيلة) مقدما قراءة في رواية ليلة القدر للطاهر بنجلون.. ممهدا في البداية أن الطاهر بن جلون يكتب رواية فرانكفونية يتنازعها الفكر الشرقي والغربي، مبينا ان رواياته تتميز ببعدها الشعري كما أنها تعالج تيمة الهويات القاتلة. وعن الرواية المدروسة بيَّن أنها تقوم على التمازج بين الواقعي والمتخيل، مع التركيز على غرائبية المشاهد الداخلية وعلى ما هو هامشي وما هو مفتقد وتسحير الذاكرة، وتحريكها المفتعل.

وقدم صالح خديش(أستاذ محاضر بالمركز الجامعي خنشلة) قراءة في رواية حمام العرصة لأحمد اللويزي، مهتما بالعنوان باعتباره عتبة أساسية للدخول إلى النص، وإبراز العلاقة بينهما، ولتحقيق ذلك ركَّز على البنية العميقة عبر إسقاط المعجم على البنية المنطقية من خلال قراءة الرواية. كما بين أن الرواية تقوم على بنية قوامها الثنائيات الضدية أهمها اليسار واليمين الخير والشر في إطار صراع القيم الذي يؤثث عالم الرواية.

وتواصلت أشغال الملتقى في اليوم الثالث بالجلسة الرابعة، التي ترأسها بوشعيب الساوري وكانت أول مداخلة لعبدالرحمن تيبرماسين(أستاذ يجامعة بسكرة)، والذي قرأ رواية محن الفتى زين شامة لسالم حميش انطلاقا من قاعدتين: تمثلت الأولى في اعتبار الشخصيات ليست بالضرورة فواعل، وتمثلت الثانية في اعتبار الرواية من النصوص التي ترتبط بالمرجع الواقعي. انطلاقا من الفرضيتين حاول تبيين كيف أن النص يتكون من عدة شخصيات مرجعية وشخصيات واصلة تتميز بصفات عدة،منها الرئيسية والثانوية ومنها النامية وغير النامية.. ولكل دورها في تحديد الفاعلية والمفعولية في النص. ثم انتقل إلى تحليل بعدها المضموني متسائلا عن خلفيتها الإديولوجية انطلاقا من مناقشة حكم المديني في حقها باعتباره لها رواية رجعية، حيث تساءل عن المعايير التي تسمح لنا باعتبار رواية ما رواية رجعية أو تقدمية منتهيا إلى صعوبة التدليل على مثل هذه الأحكام القيمية.

المداخلة الثانية قدمها اليامين بن تومي(أستاذ محاضر بجامعة سطيف) وجاءت معنونة بـ: اللاسرد والمنطق العلائقي الرمزي قراءة في رواية شجيرة حناء وقمر لأحمد التوفيق. وقد حاولت قراءة الظاهرة السردية عند أحمد توفيق من خلال تتبع البعد الدلالي المهيمن في النص، والذي ربطه بالبعد الأنتروبولوجي ملاحظا أن رواية شجيرة مبنية انطلاقا من تفعيل لعبة رمزية من التحويلات و الانفصالات السردية الممركزة حول نقطة نووية هي الزواج. حيث يلاحظ أنها تتناول موضوعا دقيقا إناسيا، تشخص من خلاله العلاقات الاجتماعية و كيفية تطور حركة المجتمعات التقليدية لتصبح مجتمعات مدنية،انطلاقا من اعتماد صيغة مشهدية و سردية تتداخل فيها الأصوات وفق ايديولوجياتها الضيقة.

أما رشيد قريبع (أستاذ بجامعة قسطنطينة) فقد قدم قراءة نقدية في رواية رجال ظهر المهراز لأحمد المديني حاولت أن توضح أن الرواية تقوم على مبدأ التوليف بين نصوص مختلفة تنتمي إلى سياقات متعددة وحقول متعددة أيضا تتراوح بين كونها أدبية وفنية وغيرهما، حيث يحضر فيها الشعر والأدب الشعبي والخطاب السياسة والخطاب النقابي.. معتبرا أنها بذلك تحاكي العالم الذي تشخصه، مؤكدا في الأخير أنها نص ممتع يمكن أن يعتبر بمثابة مدونة للثقافة المغربية.

المداخلة الأخيرة حول رواية الجنازة للمديني كانت لحسين فيلالي (أستاذ محاضر بالمركز الجامعي بشار) تلتها نيابة عنه مَيْمُون سُهَيْلَة(أستاذة باحثة من جامعة شلف). وقد انطلق الباحث من تقديم خلقيات قراءته التي ارتبطت بمرجعيات مختلفة فلسفية وسيميائية، حاول من خلالها تظهير التفاوت الموجود بين الظاهر المضلل والكائن العميق الذي حاولت الرواية التعبير عنه.

وقد تخللت أشغال الملتقى نقاشات هامة عقب نهاية كل جلسة. 

تكريم مغاربي
الجلسة الأخيرة خصصت لتكريم الروائي المغربي الميلودي شغموم ترأسها محمد زتيلي مدير الثقافة بسطيف وقد أكد فيها على أهمية تكريم شغموم باعتباره قامة ثقافية، ثم تحدث بعد ذلك عبد الحميد هيمة الذي قدم نظرة عامة عن تجربة الميلودي شغموم الروائية ومكانته داخل الرواية المغربة، مبرزا أهم خصوصيات نصوصه الروائية. وبعده قدم شعيب حليفي ورقة عن شغموم رصد فيها صورة الكاتب في كتاباته ومن خلال بعض المحطات الحياتية والثقافية.كما تحدث بوشعيب الساوري عن تجربة شغموم مبرزا أنها تحقق المتعة لقارئها وتحقق التفكير في عدة قضايا إشكالية تهم الذات والجماعة.

واختتمت الجلسة بشهادة للميلودي شغموم،، سلط فيها الضوء على تجربته الروائية وخبايا دخوله عالم الأدب كما تحدث عن علاقته بجيل الروائيين والمثقفين مقدما عددا من الاضاءات الذكية عن مسيرته التي كتب فيها القصة والرواية والفكر حرفا حرفا وهو يتأمل ويحيا التحولات ويعيش الحياة بكل عِزها وانكسارها. وبعد ذلك اختتمت أشغال الملتقى بتلاوة البيان الختامي الذي أكد على استمرارية التعاون من خلال الملتقى الخامس للرواية المغاربية والذي سينعقد في النصف الأول من السنة القادمة بالمغرب، ضيوفا على مختبر السرديات. 

وثائق

إشكالية الملتقى
مع مطلع السبعينات حدثت تغيرات كبيرة في الثقافة المغربية حيث احتلت الرواية حضورا أقوى مما كانت عليه من قبل، وأخذت تنافس الشعر الذي احتل لوحده المشهد الأدبي طوال العصور السابقة إلا أنه بعد ذلك شهدت الرواية تراكما كميا كبيرا، وهذا التراكم أدى إلى إقبال الجمهور عليها والاهتمام بها قراءة ونقدا في مختلف الملتقيات الثقافية والأدبية وعلى مستوى الدراسة والبحث الجامعي. فأصبح الخطاب الروائي شبه مهمين في المشهد الأدبي المغربي المعاصر، وبمرور الزمن حدثت تحولات كبرى تمثلت في ظهور تجارب جديدة سواء بالنسبة لبعض الروائيين المؤسسين، أو بالنسبة للروائيين الجدد، قدمت إجابات عن العديد من أسئلة الراهن سياسيا واجتماعيا ونفسيا، فأغنت المشهد الروائي المغربي بما قدمته للقارئ من متعة من خلال العوالم المتخيلة التي تم استدعاؤها من المرجع سواء الذاتي أو الواقعي أو الشعبي أو الأسطوري. ومن خلال الانفتاح على أشكال التعبير السردية الحداثية، واستيعاب مختلف الأنساق البنيوية بتبني إستراتجية التجريب وتأصيله كموضوع علمي ونظام مؤسس لتحولات أنساق المؤسسة الأدبية الحديثة بالمغرب.  

كلمة شعيب حليفي في حفل تكريم الميلودي شغموم
"إنه، أولا، من مؤسسي صرح السرد المغربي الحديث، يكتب الرواية والقصة منذ أربعة عقود، ومنذ البداية وهو يجيد تحبيك الحكايات بأنفاس المبدعين المجددين.. لأنه يمتاز بقدرته على أن يولد مع كل نص جديد، بفضل صياغته لملامح المراحل عبر وسمها بفكره وترويضها بجرأته (الدينامية التي تجري في اللغة وفي الدلالات التي يزندها زندا.

وكما يقول عن نفسه مختصرا مساره المهني: (مؤكد أني ولدت يوم 12 ربيع الأول فسميت الميلودي والباقي كله ظن، وإن كانت ذاكرة شيوخ الأسرة، خاصة النساء، تضع هذه الواقعة بين 1947 و 1950، أنا الآن متقاعد، في إطار المغادرة الطوعية، بعد 39 سنة من العمل. بدأت التدريس معلما موقتا للفرنسية سنة 1966 ثم حصلت على باكالوريا آداب عصرية وتخرجت من مركز تكوين أساتذة السلك الأول فرنسية سنة 1974 ثم نلت إجازة في الفلسفة سنة 1975 ودبلوم الدراسات العليا سنة 1982 فالتحقت بكلية الآداب بمكناس كمدرس وفيها هيأت دكتوراه الدولة سنة 1990 ومنها خرجت متقاعدا سنة 2005 بوضعية أستاذ التعليم العالي).

لذلك يكتب بمخيلة عابرة للزمن، نصوصا سردية نسجت، وما تزال، حكايات مغربية لا تعكس ولا تنوب عن أحد، وإنما تؤسس لتخييل يولد حالات من الواقع والتوقع.

يقول عن نفسه: (لقد عشت، والله ما تركت فرصة حقيقية تمر بدون أن أستغلها، ولو تعلق الأمر فقط بفيلم أو قصيدة أو أغنية: إني من أنصار استغلال كل الإمكانات التي تمنحها الدنيا؛ الفائدة والمتعة في كل شيء، حتى في العمل، أي عمل ليس فيه فائدة، أو إفادة، ومتعة يؤدي إلى الشقاء).

إنه، ثانيا، كاتب روائي فضل الانتماء إلى الإنسان عوض مدرسة أو تيار لافت، ولذلك أعار صوته للأصوات التي لم تجد أبدا من يسمعها أو ينوب عنها..لقد اختار أن يكون بكتاباته المنحازة الى التخيييل المعقلن أن يكون روائيا وليس عرافا. أن يكون مبدعا وليس ملفقا، ثائرا يثأر بالكتابة من زيف اللغات والحقائق. يزاوج بين الكتابة والتفكير. بل يشتغل بالتفكير في الحكي، و بالحكي في التفكير... ضمن انشغال متعدد بالكتابة في السرد والفكر والترجمة والدرس الجامعي.

يقول عن نفسه: (لقد بدأت في النشر، على حسابي، سنة 1972 بمجموعة قصصية متواضعة، لكني بفضلها دخلت إلى اتحاد كتاب المغرب، عنوانها أشياء تتحرك ثم نشرت بعض القصص على صفحات الجرائد والمجلات المغربية قبل أن تصدر لي روايتان، الضلع والجزيرة 1980، ببيروت، في كتاب واحد وتتبعهما رواية ثالثة، الأبله والمنسية وياسمين، عن دار أخرى ببيروت، قابلها النقاد باحتفاء كبير، وكانت كلها قد كتبت قبل 1980 ثم جاءت ترجمتي لكتاب هنري بونكري، قيمة العلم 1982، وكتابي عن الوحدة والتعدد في الفكر العلمي الحديث، عن دار التنوير ببيروت كذلك، وكانت قد صدرت لي قبل هذا الأخير مجموعة قصصية، سفر الطاعة، عن اتحاد كتاب العرب بدمشق. وتوالت الروايات، مرورا بعين الفرس المقررة في برامج الثانوي، ومسالك الزيتون، وشجر الخلاطة، وخميل المضاجع، ونساء آل الرندي التي نالت جائزة الدولة للكتاب وحولت إلى فيلم تلفزي من ثلاث حلقات، والأناقة، وانتهاء بأريانة ثم المرأة والصبي، وقد جمعت الروايات، غير أريانة و المرأة والصبي، من طرف وزارة الثقافة المغربية في ثلاثة مجلدات تحت عنوان الأعمال الروائية الكاملة كما ترجمت بعض هذه الروايات، جزءا أوكلا، إضافة إلى بعض القصصا إلى الفرنسية والإسبانية والألمانية).

وانه، ثالثا، روائي خبير في صوغ التأملات والقضايا والظواهر ضمن تخيييلات ومرايا مغامرة، تجازف بالبديهي لصالح التجديد، وتشكيل رؤية وهوية وصوت.. كل ذلك من خزائن شغموم السرية والمعلنة: من المحلي والشخصي إلى العالمي، من الأشياء البسيطة إلى النظريات الكبرى (والثقافات).. يعبر بوثوق الكاتب ويبحر في كل الأزمنة مجربا الأساليب وتوظيفات تبني خصوصية متخيله وذوق تأملاته ودينامية شخوصه ورموزه وأمكنته وآفاق التأويلات.

سير مختصرة لبعض الروائيين
ـ محمد عز الدين التازي:روائي وقاص وأستاذ باحث حصل على دبلوم الدراسات العليا سنة 1986, يشتغل أستاذا بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان. بدأ النشر سنة 1966، وذلك بظهور قصته القصيرة «تموء كالقطط» بملحق الأنباء الثقافي. يتوزع إنتاجه بين الكتابة الروائية والقصصية والنقد الأدبي.

أصدر مجموعة من الأعمال القصصية والروائية، من بينها: ـ أبراج المدينة: رواية, دار آفاق عربية، بغداد, 1978.ـ المباءة: رواية, إفريقيا الشرق، اليضاء، 1988.ـ امرأة من ماء: رواية/ محمد عز الدين التازي. ـ طنجة: سليكي إخوان, 2006.

ـ أحمد المديني: روائي وقاص أحرز على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة السوربون بباريس سنة 1990. يشتغل أستاذا جامعيا.بدأ أحمد المديني النشر سنة 1967 بجريدة العلم. يتوزع إنتاجه بين القصة القصيرة، الشعر، النقد الأدبي والترجمة:من آخر أعماله: ـ فاس... لو عادت إليه: رواية ـ الرباط: مطبعة المعارف الجديدة, 2003.ـ المخدوعون: رواية/ ـ الرباط: منشورات أحمد المديني, 2005. رجال ظهر المهراز 2007.

ـ أحمد التوفيق:روائي وباحث في التاريخ. صدرت له الروايات التالية:ـ جارات أبي موسى: رواية، 1997 ـ شجيرة، حناء وقمر: رواية، 1998.السيل: رواية: 1998.غريبة الحسين: مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء , 2000.

ـ عبد الحميد الغرباوي:قاص وروائي يمارس التدريس والعمل الصحفي.من إصداراتهفي مجال الرواية ـ ميناء المطر الأخير (رواية مشتركة مع إدريس الصغير)، دار الثقافة، البيضاء، 1995. ـ سعد الخبية: رواية، دار الثقافة، البيضاء، 1998. امرأة حلم أزرق: رواية/ ـ الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي, 2006.

ـ الطاهر بنجلون: روائي وقاص يكتب باللغة الفرنسية ويقيم بباريس. حاصل على الدكتوراه في طب الأمراض النفسية الاجتماعية. يتوزع إنتاجه بين الكتابة السردية والمسرحية، الشعر والترجمة له عدد من الروايات، منهاحرودة 1973.وان ترحل 2007

ـ محمد شكري: ولد سنة 1935 بقبيلة بني شيكر بالريف. التحق بالدراسة في سن العشرين. اشتغل بالتعليم. انضم إلى اتحاد كتاب المغرب في فبراير 1973. يتوزع إنتاجه بين الرواية، القصة القصيرة والمسرحية.

له من الأعمال: ـ الخبز الحافي: سيرة ذاتية, مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، 1982. ـ السوق الداخلي: رواية, مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، البيضاء، 1985.ـ زمن الأخطاء: رواية, مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، 1992.

ـ سالم حميش: يكتب في الرواية والفكر والفلسفة. أستاذ جامعي.يتوزع إنتاجه بين الإبداع الشعري والروائي والبحث في الفلسفة والتاريخ. له سبع روايات ، آخرها، ذاك الأندلسي، دار الآداب، بيروت، 2007.

ـ عبد الرحيم بهير: روائي وسيناريست،حاصل على إجازة في القانون، ودبلوم مدرسة استكمال تكوين الأطر.. صدرت له الأعمال التالية:ـ الفقدان: رواية، دار قرطبة، البيضاء، 1993. ـ المرأة التي...، دار قرطبة، البيضاء، 1996. ـ مجرد حلم، دار الثقافة، 2004 ـ صلواتهم، دار القرويين، 2007.

ـ كمال الخمليشي: روائي يكتب الشعر والرواية ويترجم الأعمال الأدبية عن الفرنسية والإسبانية عضو باتحاد كتاب المغرب، أصدر ثلاث لروايات وهي: (الواحة والسراب) 2001. (حارث النسيان) 2003.(الإمام) 2004.