العالم في هذه القصيدة في خطر، فسد كل شيء، وصار البلاء حاكما وخيمت الظلمة على كل شيء، لهذا يضع الشاعر المصري عالمه ذاك في غرفة العناية المركزة، وينتظر معجزة فهل ثمة معجزة تنقذ الواقع المصري من هذا الزمن الردئ؟.

عناية مركزة

محمد سليمان

 

لكي تفوز شمعة بجائزة

ويسبح الحمام في الكلام

والنجوم في الأغاني

لكي تحط غيمة هنا

وتغسل السيقان والأوراق والأيدي

والظل والمعني

لكي يعود لي وجهي

ويحتفي الهواء بي

وكي يعشش الهديل في قصائدي

والموج في جيبي

ويعرف المبجلون أنني

بسلطة الآتي

وحكمة القديم لم أزل أخطو

ملوحا بشارتي

ولغتي

وصيحتي المميزة

لكي تسافر الزوارق التي أرسمها

في الليل أحيانا

بباقة

الي الجميلة التي يلفها الحنين

والتي كرٌّبة

تسير في الماضي

مخفورة ببسمة ممحوة

وصورة تآكلت

لكي تطل صورة المعز

والعزيز

والعزيزة

وتعشق البلاد نفسها وناسها

وتعرف الحقول أنني أصد

لم أزل بها

وأنني لا آكل الأسفلت كالباصات

في الشوارع التي أجوبها

وأنني أعلم الأشجار فن الكر

في الظلام

واقتحام غاية الزجاج والحديد

واحتمال فتنة المبارزة

لكي يهب النيل كالحصان راقصا

ورامحا

وفاتحا بصوته الأبواب للألوان

كي تطفو..

وكي تزورني الطيور في المساء مرة

ومرة صباحا

وتمسح الظلال وجه عابر يبكي

وضعت أشجاري

والنيل والابراج والجسور والكباري

في غرفة العناية المركزة

وقلت أرضنا تكرهنا

وملحنا فسد

وقلت شاخ حولنا الهواء

والبلاء صار حاكما

وقلت غادر القوي والوفي والكافي

فنامت الغربان في عيوننا

وامتدت المنافي

وقلت قد .. وقد

وربما

وربما

يباغت البريق ذلك الجسد

أو يلجم الحمي

وقلت قد يدنو

أو يهبط الشعاع خارقا وحارقا

وقد يشق النور صخرة العمي

فأعلن انسحاب الليل من دفاتري

واحتفي بمعجزة.

عن (اخبار الأدب) القاهرية