في هاتين القصيدتين للشاعر السوري ارتباكات الوجود وهو يعاقر تجربة الحياة في الواقع العربي المبهظ في الزمن المعاق كما يصفه الشاعر، فيبدو الحب مستحيلا، والحلم ضربا من المبالغة المحفوفة بالانتحارات.

قصيدتان

محمد عيدي

 

ارتِبَاكْ

ساعاتٍ أبُثُّ الرِّيحَ حنيني .

كموج أمتدُّ، مطيلاً نشيداً آمناً في الغرق،

بأيدٍ تطفئ خجلها المتورِّدَ بالماء

برعشةٍ تَدلقُ صَمْتها في الأعماق،

كظلٍ أتهالك فوق خطْوِكِ

متتبعاً عطرَ القميصْ.

أنت جُرحٌ سارحٌ في دروب القدر

تتحسسين طيفي الغريبْ

حول خصرك تنثرين اللحظاتِ والنجومَ

ساعةٌ لا صبر فيها.

جنونٌ يأتلقُ في العَراء

و غيابٌ يبقى.

أوصِدُ النافذة،

أُخمدُ الأنوارَ،

وفي الصّباح

كمثل سوايَ أصحو.

لحظة ، ما تحسَّبتُ لها:

عينٌ تباغتُ عيني، فتميدُ بي

قارعة ُ الارتباك.   

تمارض

دونما تترك أثر طيفكَ،

تغادر من زمن و تعود من زمن

و تلقى نفسك كما كنت من زمن معاق.

صديقٌ يباغتنا في منتصف المسافة، فائحا هزائمه المغتربة،

في مخيلة الطفولة معاً،

خشية أن لا أراهُ مرة أخرى

أحس مؤخرا رقة مزاحه

 مؤكداً لي خشونة أعصابه هناك.

ألم عليك صديقي

لا وقت لديك تضيعه لأجلنا

أعلم ذلك،

منشغل بضجيج الموت حولك

ترقع الحياة بشكل فوضوي

تعلم ذلك،

قبل عام انتحرت فتاة في مدينتنا

ولائحة المحاولات مليئة بالأسماء

قد يؤخرك لحظة للتو

شارع المرضى الصارخ بالبكاء وتمضي.

قد تشخص لحالةٍ و تنتقل إلى أخرى

لتحلل نسبة البكاء فقط ، و خسارة جسد لا يعنيك

مرضى السرطانات غلبتهم أجور العربات

مرضى  تشمع الكبد هدروا الكثير من الكحول

مرضى السكري قللوا من الحلويات

مرضك مباغت

كحادث سير لم يدع أثراً للحياة.

شاعر من سوريا