بعد دراستها التمهيدية والقسمين الأول والثاني من هذه اليوميات في العددين الماضيين تقدم محررة باب علامات هنا الحلقة الثالثة والأخيرة من سلسلة اليوميات الفنية في الصحائف الشامية، وتنقلنا عبرها إلى زخم بدايات النهضة الفنية والمسرحية في بلاد الشام ومناخاتها.

يوميات فنية في الصحائف الشامية

الحلقة الثالثة والأخيرة

أثير محمد على

رواية مضحكة

المشهد الأول
يرفع الستار عن واثق بك المؤيد وهو يقدم للحكومة نافع بك القدسي ليكون مديراً للشرطة بدلاً منه... ويشهد بحق نافع بك شهادات طيبة، ويقول عنه أنه حفر وتنزيل لهذه الوظيفة... ينقل نافع بك من دير الزور إلى مديرية الشرطة بدمشق، ويتعين واثق بك حاكماً إدارياً... ثم يسدل الستار...

المشهد الثاني
يبتديء واثق بك يمد أصابعه إلى الشرطة... يغتاظ نافع بك... وهنا تبتدىء المناظرة... وتبتدىء المهاترة... وتبتدىء النكايات... فمدير الشرطة يقول (أنا هون مدير الشرطة... أنا مدير جانم)... وواثق بك يقول (أنا الحاكم أنا الحاكم)... وهكذا صار المدير يتمصمص على الحاكم، والحاكم يتمصمص على المدير. ويسدل الستار عن بطلين كل واحد منهما يعد عدته للمبارزة والطعان...

المشهد الثالث
يظهر فيه واثق بك أمام نافع بك القدسي في أوتيل خوام... هذا يقول ما بتسترجي تغلق القهاوي في الساعة الواحدة، وهذا يقول وأنت ما بتسترجي تفتح القهاوي لبعد الساعة الواحدة... هذا يهدد... وهذا يرعد... وأخيراً تفارق الخصمان وكل واحد عينه محمرة على الثاني...

المشهد الرابع ـ المعركة
يذهب رحال الشرطة إلى العباسية(1) ويأمرونها بالإغلاق لأن صارت الساعة واحدة... حسب القرار. يقف صاحب العباسية وقفة الصنديد البطل ويقول ما حدا بيسترجي يغلق المحل، أنا معي أمر من الحاكم... الشرطة تخابر تلفونياً بصورة مستعجلة... المدير يعطي الأوامر إلى رجال الشرطة بالزحف على العباسية... صاحب العباسية يخابر الحاكم تلفونياً عن الواقعة... ينهض الحاكم غاضباً ويأخذ التلفون ويطلب قائد الإطفائية ويبلغه الأوامر المستعجلة بالزحف على العباسية أيضاً... يتأهب جيش الإطفائية بمعداته ويزحف تحت جنح الليل إلى العباسية... إلى العباسية... وهناك يلتقي الجيشان (المظفران) ولولا عطف من الله، وظهور السيد أنطون إده كملاك سماوي(2) لكان إلتحم الفريقان ووقعت الطامة الكبرى... إلا أن ربنا من عالي سماه بعث في تلك اللحظة السيد إده... فخصم... على رأي إخوتنا الحلبية... وأقنع الشرطة بالانسحاب فانسحبوا بكل انتظام... وهنا تخلوا الساحة لرجال الإطفائية الأفذاذ الأبطال فيدخلون قاعة العباسية دخول الفاتح الظافر... فيستقبلهم عبد المجيد بالشمبانيا على شرفهم، فكانت تفرقع بعد منتصف الليل فرقعة المتراليوزات(3) زمن الثورة... وكان رجال الإطفائية يشربونها بكل سخاء كأنهم يشربون عرقسوس أبو حمدي... وكان رجال العباسية وراء تزكاتهم يهتفون لجيش الإطفائية المظفر وبحياة واثق بك الفاتح الكبير.

وهنا يسدل الستار وتنتهي الرواية، فيخرج فجأة شاب شيك، جميل الطلعة كأنه الياس صقر، ويقول: أيها السادة... لقد انتهت الرواية بكاملها هذه الليلة... وقد اعتمد الجوق على أن يمثل عدة روايات على هذا الشكل(4).، وكلها على دين كيفكم... فالرجاء أن تنشطونا بتشريفكم والسلام عليكم...

(المضحك المبكي(5).، س 1، ع 26، دمشق، 22 شباط 1930).

قاطعة يوسف وهبي: نظن وبعض الظن هنا ثواب وأجر أن من حق الدمشقيين أن يقاطعوا جوقة الممثل المصري يوسف وهبي لا لأنها سخيفة فقط ولا لأنها لم تجد التشجيع الكافي حتى في مصر وفي فصل الشتاء بوجه خاص فهرولت إلى بلادنا، بل لأنها جوقة لا تفهم إلا أن تسيء لمن أحسن إليها. ففي العام المنصرم قيل لنا أن يوسف وهبي سيزور دمشق ليمثل رواياته فيها، فطربنا لهذا النبأ. ثم هب فريق من كرام رجالنا وشبابنا فذهبوا في موكب حافل إلى خارج المدينة يستقبلون الضيوف الممثلين استقبال الملوك الفاتحين. ومثلت الجوقة رواياتها فأقبلت دمشق على حضورها على قدر ما تستطيع مدينة ترزح تحت أعباء النكبات، وعاد القوم إلى بلادهم فقالوا إن دمشق مدينة نصابة محتالة!!. هذا السؤال لم يفكر يوسف وهبي أن يجيب عليه وهو الذي رسمه في جريدة سخيفة يصدرها شقيقه النبيل المرشح الساقط في انتخابات مصر. ويجد يوسف وهبي في نفسه الشجاعة الكافية فيزم ركائبه ويقصد إلينا ويرسل قبله الإعلانات والبشائر. أما نحن فسنجرب إن كنا نحافظ على كرامة هذا البلد أم نعرضها تارة أخرى للمهرجين المصريين.

(النظام، س 2، ع 60، دمشق، 19 آذار 1930).

مسرح الرويال: افتتح هذا المسرح حديثاً في الشهدا. ونظم على أحدث طراز تنظم به المسارح الراقية. وهو سيعرض من الروايات العائلية أجملها وابتدأ أمس بعرض أجمل رواياته فنحث الجمهور على مشاهدتها.

(القبس، س 2، ع 341، دمشق، 7 نيسان 1930).

الأستاذ وهبي يكذب (الصباح) ويتبرع بحفلة لإعانة جمعية مقاومة السل: كانت مجلة (الصباح) المصرية نشرت حديثاً للممثل الكبير الأستاذ يوسف بك وهبي أوردت فيه كلمة تمس شعور إحدى الجمعيات الخيرية في دمشق، واستغربنا أن يصدر مثل هذا التصريح من يوسف بك، وهو الذي أثنى أطيب الثناء على دمشق وعلى وطنيتها ورقيها. وانتظرنا أن نقرأ تكذيباً من الأستاذ يزيل الأثر السيء الذي أحدثته كلمة (الصباح)، ولكن الأستاذ لم ينشر شيئاً من هذا. وهذا ما زاد في سوء التفاهم. على أنّا لم نكن نشك قط في تقدير الأستاذ وهبي لما لقيه في دمشق من ترحيب واحترام واقبال، ولم نصدق ما نشرته (الصباح) عن لسانه، وها هو يكذب اليوم (الصباح) ويؤكد تغرضها. فقد أرسلت إلينا جمعية مقاومة السل الكلمة التالية:

ورد على الجمعية كتاب من وكيل الممثل الفنان يوسف بك وهبة وفيه تكذيب المفتريات التي كانت سبباً لسوء التفاهم بينه وبيت الجمعية، وقد تبرع حضرته بتمثيل ليلة خاصة يرصد ريعها لإعانة جمعية مقاومة السل، فالجمعية تشكر يوسف بك وهبي وتعلن شكرها هذا دلالة على زوال سوء تفاهم. (وكيل رئيس جمعية مقاومة السل: الدكتور مصطفى شوقي بك).

وهذا نص الكتاب الذي أرسله الأستاذ وهبة للجمعية:

جناب رئيس وأعضاء جمعية مقاومة السل المحترمين. تحية وسلام.

أما بعد كان لما نشرته مجلة الصباح من الأثر السيء عندنا وعندكم وتكذيباً لما درج فيها من المفتريات بقصد الشغب ليس إلا، ودليلاً على حسن نيتنا وشدة غيرتنا ومؤازرتنا للأعمال الخيرية وخصوصاً جمعيتكم الموقرة قد تبرعنا بحفلة خيرية مساء يوم الاثنين الواقع في 14 نيسان سنة 1930 يعود ريعها لجمعيتكم والتبرع هو التمثيل مع أجرة المرسح وأقبلوا فائق احترامنا. (عن يوسف وهبه عبد القادر أحمد وكيل فرقة رمسيس. الخاتم الرسمي).

(القبس، س 2، ع 341، دمشق، 7 نيسان 1930).

في عالم التمثيل: نعتذر لقرائنا عما فرط منا في العدد الماضي من قصور، فلقد قلنا أن جوقة الأستاذ عطا الله كش كش بك السوري لا تحتوي جديداً إلا ركاكة الغلاظة المتمثلة في الشيخ أمين حسنين، وفي الفتى النغنوغ اللطيف جداً بهنسي أفندي. نعم نعتذر لأننا نسينا الشيخ عطية من المغنين اللذين يعتمد عليهم كثيراً في إكمال النصاب الطبيعي لجوقة (اللطف الشديد)، ونسينا أيضاً (زغروب بك) الذي يمثل عقب كل رواية فصلاً مضحكاً. ولا ندري هل كانت الرواية إلا من ذلك الصنف البائخ! وزعرب بك هذا إذا كان يتصنع الغلاظة فهو ولا ريب أكبر وأبرع ممثل في العالم، وإن كانت هناك مواقف طبيعية فلا ندري ماذا نقول؟... الله حوالينا ولا علينا.

(النظام، س 2، ع 66، دمشق، 6 أيار 1930).

عطا الله والكسار: أراد الأستاذ أمين عطا الله معشوق سورية أن لا يحرم الأهالي مشاهدة الأستاذ علي الكسار بربري مصر الوحيد، وصاحب الفرقة المشهورة فيها، فشجعه مراراً عدة على زيارة سوريا، مؤكداً له أن سوريا تقدر كل فنان وتقبل على بضاعته الراقية كل إقبال. وقد تلقى اليوم رسالة منه يخبره فيها بقرب قدومه مع فرقته الجديدة. فأهلاً وسهلاً بالقادم. وشكراً للأستاذ عطا الله.

(القبس، س 2، ع 367، دمشق، 7 أيار 1930).

تمثيل رواية: ستمثل فرقة الكشاف الرياضي على مسرح العباسية يوم 15 حزيران سنة 1930 الرواية العصرية وهي (بولين أو عبرة الفتاة) وسيقوم بأهم الأدوار الأستاذ توفيق العطري وأفراد الفرقة.

(القبس، س 2، ع 372، دمشق، 19 أيار 1930).

روايات مدرسة الناشئة الكائنة بسوق ساروجة، حارة الشالة: عزمت إدارة مدرسة الناشئة العربية على أن يمثل طلابها رواية (صدق الوفاء والشهامة العربية) وذلك في اليوم المصادف أول حزيران، وستمثل باللغتين العربية والافرنسية. فنحن ندعو أصحاب الغيرة على تقدير هذا الفن الجميل إلى الحضور نظراً لما سيرونه بأم أعينهم من الاهتمام والإتقان الذي توفقت إليه طلاب التمثيل بإدارة وعناية أستاذ اللغة الافرنسية حضرة الشاب الأديب الفاضل أسعد أفندي الخوري. ولذلك نرجو من الجمهور الكريم تشجيعاً للعلم ومناصرة للأدب والمعهد الوطني الذي أخرج طلابه إلى عالم العمل والتجارة والمعارف أن يقبلوا إلى مشاهدة هذه الرواية البديعة.

(الأنباء، س 4، ع 125، دمشق، الاثنين 26 أيار 1930).

أمين عطا الله، سفره إلى بيروت: يغادرنا ساعة صدور هذا العدد إلى بيروت حضرة الممثل الفنان الأستاذ عطا الله وفرقته الممتازة ليقوم بالعمل هناك بعد أن أقام في دمشق مدة طويلة قدم فيها للناس أفضل الروايات المملوءة بالعبر والمغازي، والتي هي أفضل مؤثر في أخلاق العامة الذين تعودوا تفهم تمثيل كشكش بك وفرقته وإلقاء الممثلين لا سيما الأستاذ أمين الذي كان أقرب إلى قلوبهم وأفعل في نفوسهم من أي ممثل جاء هذه البلاد. ولا شك أن إقبال البيروتيين سيكون عظيماً على روايات أمين عطا الله بعد أن نبذوا روايات فرقة نجيب الريحاني(6)، وأدركوا الفرق بين هذه وتلك. وبين تمثيل أمين عطا الله ونكته الطبيعية وخفة روحه وكلماته السهلة المفهومة وبين روايات الريحاني التي هي عبارة عن مناظر جميلة وألبسة فخمة وممثلات جميلات لا أكثر ولا أقل!... وربما كان حسن حظ أمين عطا الله أن جاء الريحاني إلى سورية ليعلم السوريون أي ممثل ممتاز هو أمين عطا الله وأفراد فرقته. فنحن نودعه ونرجو له توفيقاً وسفراً سعيداً.

(لقبس، س 2، ع 373، دمشق، 1930).

روايات مدرسة الناشئة العربية: مساء الاثنين والثلاثاء والأربعاء الماضية قام تلاميذ مدرسة الناشئة العربية بتمثيل رواية (صدق الوفاء أو الشهامة العربية)، وقد مثلوها ظهر الثلاثاء الماضي خصيصاً للسيدات ومساء اليوم المذكور باللغة الافرنسية بإدارة الأستاذ أسعد أفندي الخوري. أما تمثيلها بالعربية فقد كان بمعرفة ومناظرة رئيس المدرسة الأستاذ الشيخ محمد أفندي الدالاتي. وفي كل مرة كانت تغص ساحة المدرسة بالمدعويين والمتفرجين بحيث لم يقل عدد الحضور عن 500 شخص وكلما تكررت كان يزداد عليها الإقبال. وقد أجاد الممثلون الصغار وأبدعوا في تمثيل أدوار الرواية فنالت إعجاب الجمهور، وخرج كله ألسنة شكر على هذه المدرسة وما تبذله من الجهود في سبيل إنماء العقل وتهيئة رجال الغد. وقد تخلل تمثيل الرواية ألحان موسيقية وأناشيد وطنية وخطب اجتماعية لكبار الأدباء ومنهم الأستاذ فايز سلامة، والأستاذ عبد القادر القواص، والأستاذ الحافظ الشيخ ابراهيم عيسى المصري، والسيد محمد الغاطس بلبل سوريا والحجاز، والموسيقي البارع حسني أفندي كنعان والسيد عادل المالح. فإدارة المدرسة تشكر مناصرة هؤلاء الأفاضل وأريحيتهم كما وأنها لا تنسى أولئك الذين تكرموا بشراء بطاقات الدخول موآزرين هذا المعهد العلمي....

(لأنباء، س 4، ع 126، دمشق، 8 حزيران 1930).

فرقة تمثيل في جبل الدروز (9 حزيران 1930) لمكاتبنا الخاص: أمّت الحاضرة (السويداء) مساء السبت المنصرم شركة التمثيل المصرية برئاسة الأستاذ ميشيل الخياط، والأستاذ عطية محمد، وفيها طائفة من الممثلات، والأستاذ عبد الحميد رشدي. وقد أعلنوا عن أنفسهم مساء اليوم المذكور بأن طافت أسواق السويداء سيارة يعزفون فيها بالألحان الموسيقية. وقد حضر الحفلة الشائقة التي أقاموها زهاء 300 رجل من وطنيين وافرنسيين. مثلت الفرقة رواية (ابنة حارس الصيد)(7) وفيها إشارة إلى الملك العادل والوزراء الذين لا يهمهم إلا قبض المرتبات، وإثقال كواهل الشعب بالضرائب، وبيان لسخط الشعب من غير أن يرفق بحال الرعية.

فكان لحفلهم وقع عظيم في النفوس وسر كل من حضر الحفلة بإجادة الممثلين واتقانهم. وختمت الحفلة إحدى الممثلات بقصائد شعرية: (الأمانة والشرف)، (حب الوطن). وقد أثرت هذه الحفلة في نفوس الشبان المتعلمين وخريجي المدارس فأرادوا أن يمثلوا رواية (صلاح الدين الأيوبي)، وفاوضوا الحكومة بذلك. ونحن نرجو أن تجيب الحكومة هؤلاء الشبان إلى طلبهم. وستقيم هذه الفرقة في الجبل الدرزي أسبوعاً كاملاً.

(لأيام، س 1، ع 45، دمشق، 1 تموز 1930).

يوسف وهبي في العالم الجديد: تلقينا من حضرة نابغة التمثيل العربي الأستاذ يوسف وهبي بك الكتاب التالي: حضرة سيدي الفاضل رئيس تحرير جريدة فتى العرب(8) بعد التحية،
بصفتكم قادة الرأي في الأمم العربية والآخذين بنصرة الشرق يهمكم أن تعلموا بعزمنا على القيام برحلة تمثيلية كبرى في الأقطار الأميركية، الجنوبية والشمالية، لنشر الثقافة العربية، ولكي نظهر للأمم الغربية مقدار ما وصل إليه فن التمثيل العربي في الأقطار الشرقية. وستكون هذه الرحلة الكاملة المعدات بمثابة دعاية للناطقين بالضاد، وإيجاد روابط وثيقة بين أبناء العرب المنتشرين في مختلف البلدان الأميركية. وسيشمل برنامج هذه الرحلة كل الروايات الشرقية الوطنية التي تكشف عن حقيقة العادات العربية السامية، وتظهر عظمة الشرق، وتمجد ذكرى الأجداد وتشيد بفضائل سادة العرب قديماً وحديثاً. لهذا أرجوكم أن تزفوا هذه البشرى إلى إخواننا السوريين، وأن تساعدونا في نشر الدعاية عن هذه الرحلة كي يكون نصيبها النجاح المنتظر، إذ أن في هذا النجاح نصر للقضية العربية. وكذا نستعين بجريدتكم الغراء على إذاعة هذا الخبر السار بين إخواننا السوريين في الأقطار الأميركية. أما الرحلة فستبداً في أواخر شهر أغسطس (1930) من جمهورية أرجواي، ثم البرازيل، والأرجنتين، وشيلي، ومن ثم نصعد إلى أميركا الشمالية، ونبدأ في أوائل الشتاء بإذن الله في مدينة نيويورك، ثم نتبعها في المدن الأخرى. وتقبلوا في النهاية مزيد شكري لكم وتقديري لخدماتكم واعترافي بأفضالكم علي. (خادمكم المخلص مدير مسرح رمسيس يوسف وهبي)

(فتى العرب، س 12،ع 2522، دمشق، 10 تموز 1930).

رواية في سبيل التاج: هي الرواية الخالدة التي حازت الدرجة الأولى بين مثيلاتها بمشاهدها الرائعة، ومواقفها المدهشة، ووطنيتها الخالقة. تقوم بتمثيلها (جمعية الناطقين بالضاد) مساء الأربعاء 16 تموز سنة 1930، وذلك على مسرح سينما رويال، فلا غرو إذا أقبل الجمهور الحلبي لمشاهدتها، وقد عرفوا بحبهم للتمثيل، ورغبتهم في رقيه.

(النهضة(9)، س 12، ع 1023، حلب، 16 تموز 1930)

تهنئة وشكر/ حضرة الفاضل رئيس تحرير جريدة "وفاء العرب" الغراء: ورد أمس تحرير من السيدة "مرغريت كوربت اشبي"، رئيسة الاتحاد النسائي الدولي في لندن، تهنئ به السيدة حمادة رئيسة المجلس الأعلى لمؤتمر الاتحاد النسائي الشرقي العام بنجاح المؤتمر، وتظهر اعجابها بهذه الحركة المدهشة، وذلك بناء على التقرير الذي قدمته لحضرتها مندوبة الاتحاد الدولي السيدة افرادودرد بوس اليونانية، وتشكر به المؤتمرات عامة والدمشقيات خاصة لحسن الضيافة التي قدمنها للسيدة المذكورة أثناء وجودها بينهن، وأخيراً نرجو الرئيسة المحترمة أن يكون هذا المؤتمر فاتحة خير للشرق ونسائه، والسلام. (بيروت، 13، 8، 1930/ أمينة سر المركز العام اميلي فارس).

(وفاء العرب(10)، س 6، ع 219، دمشق، الخميس 20 آب 1930).

حفلة مدرسية: أقام فريق من خريجي المدرسة العلوية للإناث وذلك مساء السبت الفائت مثلوا فيها رواية "السموأل أو وفاء العرب" وقد أجاد الممثلون وألقيت بعض الخطب الاجتماعية والعلمية خلال الفصول. وقد علمنا أن ريع هذه الحفلة التي أقيمت قبل يومين في نفس المدرسة قد خصص للفقراء والأيتام الذين يتعلمون مجاناً في تلك المدرسة، فحياهم الله وبياهم ووفقهم في مثل هذه الأعمال الخيرية النافعة.

(وفاء العرب، س 6، ع 219، دمشق، الخميس 20 آب 1930).

مكافحة الدعارة والفحشاء: أخذت مديرية الشرطة العامة تبذل الجهد في مكافحة الدعارة والفحشاء والقضاء على هذا الداء الوبيل الذي يتفشى ويشيع بشكل مريع، وقد أمرت بإلغاء الرخص بتعاطي، الفحشاء خارج "المحل العام" كما أمرت بانذار جميع المومسات المرخص لهن بالفحش خارج "المحل العام" بالدخول إليه حتى 21 آب الحالي، وإلا فإنهن يقدن إليه مرغمات، ذلك لأن تركهن على هذه الحالة يؤدي إلى أوخم العواقب والنتائج، ولأن إقامتهن بين الشريفات الطواهر من شأنه أن يعرض المخدرات لتجارب قاسية هذا عدا ما يبذله هؤلاء من جهود الإغواء وإغفال الكثيرات حتى إذا مازلت بهن القدم هوين إلى أحط الدركات. ويبلغ عدد هؤلاء المتسترات اللواتي سيقدن إلى المحل العام بعد إلغاء رخصهن 30 مومساً. وقد خصصت المديرية العامة مفرزة جديدة من رجالها لمراقبة عدد كبير من المنازل و"البانسيونات" حتى إذا ما اشتبه في إحداها وخامر النفوس الريب بتعاطي الفحشاء فيها، أمر باقفالها حالاً وأمرت أيضاً بمطاردة الأجنبيات اللواتي اتخذن الدعارة مهنة، حتى إذا ما شوهد على إحداهن ما يريب اقتيدت للمحل العام. أما "الأرتيستات" فقد كن حتى اليوم في نجوة من المعاينة الطبية ومن غيرها على اعتبار أنهن يشتغلن في "خدمة الفن"، لذلك فلا يجب أن يساء إليهن هذه الإساءة بسوقهن في كل أسبوع للمعاينة. ولكن مديرية الشرطة قد أصدرت أمرها بمراقبتهن أيضاً حتى إذا ما عرف أن إحداهن تقبل في غرفتها زبائن لتعاطي الفحشاء، عوملت معاملة غيرها. وتفكر مديرية الشرطة فوق هذا بإصلاح المحل العام إصلاحاً يتفق مع النظام الصحي، ويحول دون الشكوى الأليمة التي ترتفع من كل ناحية من وجوده في قلب المدينة، وربما تقرر اتخاذ حي (زقاق الصخر) محلاً عاماً. وقد رأت المكافحة الأخلاقية للفاسدين، وقبض على عدد ممن يعملون على القيادة والعهر، ويغوون الشابات والشبان، وزجوا في غياهب السجن تأديباً، ولن يتركوا إلا إذا أعطوا تعهداً بترك هذه المهنة السافلة الساقطة بواسطة كفلاء، ولعل مديرية الشرطة العامة تسير في طريق مكافحة المفاسد بشدة.

(وفاء العرب، س 6، ع 219، دمشق، الخميس 20 آب 1930).

هل شاهدت رواية (رجوع الشيخ إلى صباه)، إن لم تشاهدها فعجل لئلا تفوتك هذه التحفة الخالدة.

(التقدم، س 23، حلب، الجمعة 19 أيلول 1930).

معهد للتمثيل في مصر: لقد قررت وزارة المعارف المصرية أن تنشأ معهداً للتمثيل في مصر لتخريج الممثلين والممثلات بصورة رسمية، تكون مدة الدراسة فيه ثلاث سنوات وقد تمت معدات الافتتاح، وسيفتتح في اليوم الثامن عشر من شهر تشرين الأول سنة 1930. وقد عهد إلى الدكتور طه حسين بتدريس تاريخ الأدب المسرحي، وإلى الأستاذ زكي طليمات بتدريس فن الإلقاء وحرفية المسرح وهي تشمل فنون الإضاءة المسرحية وتصوير المناظر المسرحية وتخطيط الوجه، وإلى الأستاذ جورج أبيض بتدريس فن الإلقاء. وستقوم السيدة منيرة صبري بتدريس الرقص التوقيعي الريفي(11)، وأحمد أفندي بتدريس الألعاب الرياضية، وسيعهد إلى مدرس أجنبي بتدريس فن حمل السلاح. وستكون الدراسة في المعهد مجانية وسيكون التدريس مساءً بين الساعة الخامسة والسابعة ومدة الدراسة ثلاث سنوات. وقد تلقت إدارة المعهد حتى تاريخ 18 أيلول سنة 1930 ستين طلباً. فنتمنى لهذا المعهد الفني كل ازدهار(12). ونرجو أن تفكر وزارة المعارف في سورية بخلق مثل هذه المعاهد الفنية.

(الحديث، س 4، ع 10، حلب، تشرين الأول 1930).

فرقة مصر على مسرح الشهبندر الجديد: قدم إلى هذه الحاضرة (حلب) فرقة مصر، وهي مؤلفة من أشهر الممثلين والممثلات في القطر المصري بإدارة الأستاذ حسن شلبي السيوفي. وقد قامت هذه الجوقة ليلة البارحة بتمثيل رواية (كليوبترا مع مارك أنطون) وهي رواية من نوع الأوبرا كلها ملحنة تلحيناً متقناً بديعاً حازت إعجاب الحاضرين الذين يعدون بالألوف، وقد لمسوا النبوغ الفني المحسوس في التمثيل العربي(13). ولا نغالي إذا قلنا أن هذه الجوقة هي من أكبر الجوقات وأقدرها في الشرق، وحسبك أن مطربها الأستاذ صالح عبد الحي، والسيدة علية فوزي. ومن أفرادها الأساتذة عبد العزيز خليل، وبشارة واكيم، وعباس فارس، وسيد فوزي، والسيدة سيرينا ابراهيم، ومديرها الفني الأستاذ عمر وصفي. وما يستحق الإشارة إليه في هذا المقام أن الجوقة قد نظرت بعين الاعتبار إلى الحالة الاقتصادية الحاضرة فجعلت أسعار الدخول معتدلة جداً مما يمكن الجمهور في هذه المدينة من التمتع بحضور رواياتها البديعة.

(التقدم، س 23، ع 3499، حلب، 7 تشرين الأول 1930).

الفرقة المصرية على مسرح السينما الشرقي/ رواية جاكلين أو المرأة المجهولة(14): لا ريب أن رواية جاكلين أو المرأة المجهولة هي أبدع رواية مثلت على مسرح عربي لأنها ذات موضوع اجتماعي وفلسفي خطير ولأنها تتضمن مواعظ وعبرا يستفيد منها المرء في حياته العائلية والاجتماعية. لقد شاهدنا هذه الرواية منذ ثلاث سنوات مثلتها فرقة الأستاذ الفنان جورج أبيض وشاهدناها أمس على مسرح السينما الشرقي تمثلها الفرقة المصرية بإدارة حسن شلبي. فبكينا في الأولى للمشاهد المؤثرة واتقان الممثلين، والقوم الراقي الذي حضر التمثيل. تأثرنا في الثانية من ثلاثة أشياء: أولاً لأن الفرقة اختصرت بعض مشاهد من الرواية. ثانياً مع اعترافنا بمقدرة بعض الممثلين إلا أن البعض الآخر لم يتيسر له أن يعطي دوره الرونق الذي يستحقه. ثالثاً لأن الأكثرية الساحقة من الحضور قد حضروا لسماع أغاني الأستاذ صالح عبد الحي وهم من طبقة الذين لا يستطيعون فهم الرواية وموضوعها، فإنهم كانوا يصفقون في حين يجب عليهم البكاء وكانوا قليلي الاهتمام بالإصغاء مما شوه جمال الرواية وأخذ برونقها.

(الوقت(15)، س 5، ع 330، حلب، 15 تشرين الأول 1930).

فرصة ثمينة للنساء: سيقوم فريق من أعضاء جمعية دار المعلمات في دمشق بتمثيل رواية (المروءة والوفاء)(16) للنساء في نادي الجمعية الكائن تحت الجسر الأبيض، جادة الصالحية، على مرتين متواليتين من يومي الخميس والجمعة 6 ـ 7 تشرين الثاني (1930). وهي رواية رائعة تكشف ما انطوى عليه العرب من الوفاء والكرم وستمثل بعد الانتهاء من تمثيل هذه الرواية قطعة فكاهية جذابة موضوعها (الطبيب المغصوب)(17) وهي من أبدع الروايات الفكاهية الأدبية.

(القبس، س 2، ع 487، دمشق، 4 تشرين الثاني 1930).

فرقة الأستاذ فوزي منيب على مسرح الأوبرا العباسية: تقيم حفلات متوالية لمدة أسبوع للرجال والسيدات وتبتدي بالرواية الغنائية التاريخية الفكاهية (زمردة اليتيمة) مساء يوم الاثنين في 17 تشرين الثاني سنة 1930. وتمثل روايتي (الجنة والنار) و(الامبراطور زفتي) في الساعة الثالثة نهاراً من يومي الثلاثاء، والخميس في 18 و20 تشرين الثاني للسيدات. والفرقة مستعدة الاستعداد الكافي بملابسها ومناظرها وبراعة ممثليها وممثلاتها. وتطرب الحضور السيدة نرجس شوقي، كما يطربهم السيد الشطا المطرب المعروف، والمونولوجست السيد محمد ادريس. والفرقة جديرة باقبال الناس عليها.

(القبس، س 2، ع 496، دمشق، 14 تشرين الثاني 1930).

حياة أدبائنا: من النوادر التي تحكى عن المرحوم الياس فياض(18) الشاعر المطبوع والكاتب الكبير الذي توفاه الله في بيروت منذ بضعة أسابيع الحكاية الآتية: حدث مرة أن كان في جيبه عشرة جنيهات استدانها من أصحابه لدفع كمبيالة مستحقة عليه يضايقه صاحبها عليها، وبينما هو عائد إلى منزله إلتقى بأصدقائه في قهوة (متاتيا)، فدعوه إلى الجلوس، فجلس، وإذا به في مجلس يضم إخواناً منهمكين في تعزية أحدهم لأن "عفش بيته يطرح في المزاد العلني لتأخره في دفع عشر جنيهات لصاحب البيت"... فما كان من الياس فياض إلى أن تناول من جيبه المبلغ المرقوم أعلاه وأعطاه لصديقه قائلاً: خذ ادفع هلي عليك وإن شاء الله بترجعلي المبلغ... فشكره الصديق وانصرف فرحاً، وبعد انصرافه إلتفت الياس فياض إلى الجالسين وقال: والآن! من منكم يعطيني سلفة شلن واحد للرجوع إلى البيت؟. وهكذا أنقذ صديقه من ورطة وترك نفسه في ورطة أشنع منها، ولم يكن في جيبه قرش واحد غير العشر جنيهات. وحكي عنه أيضاً أنه قبل أن يتعين وزيراً للمعارف في حكومة لبنان، وكان بحاجة ماسة إلى النقود، وكانت جيوبه فارغة لأنه رحمه الله كان من المعتقدين أن النظافة من الإيمان، وكان الأستاذ جورج أبيض في ذلك الوقت يقوم برحلة تمثيلية في سوريا فذهب إليه الياس فياض وقال له أن عنده رواية مترجمة وأنه يعطيها للجوق بعشرين جنيه، تدفع له حالاً وسريعاً لأنه في أشد الحاجة إليها، وضرب له جورج أبيض موعداً صباح اليوم الثاني. وفي صباح ذلك اليوم عين الياس فياض وزيراً للزراعة وأرسل إلى جورج أبيض يقول أنه لم يعد في حاجة إلى "العشرين جنيه بتوعه!!".

هذا بعض ما نشرته الصحف عن حياة الأديب الكبير. وهيك عمال تعيش أدبائنا، فنيال بياعين الحمص والفول المدمس والتسقية والخضرجية فإنهم أحسن حالاً بالطبع(19)...

(المضحك المبكي، س 2، ع 53، دمشق، 22 تشرين الثاني، 1930).

أمدارس أم مسارح!
عهدنا بالمدارس أنها دور تهذيب وفضيلة، ومعاهد علم صحيح وتربية رصينة وهي كذلك في جميع البلدان والأمم، وهكذا عرفناها ووجدناها نحن وغيرنا في ما شاهدنا وقرأنا وسمعنا.

إذا كان الأمر كذلك فما بال بعض هذه المدارس الأجنبية للإناث في هذا البلد العربي الإسلامي تخرج على هذا المبدأ وتجعل من معاهد التعليم والتربية (مسارح لهو وتسلية)!.

الأحد الفائت أقامت مدرسة (الفرنسيسكان) للبنات حفلة "مدرسية!" عرضت فيها ما عرضته على عادتها في العام الماضي عندما أقامت حفلتها الراقصة، ورقصت بنات (العائلات) المسلمات مع الرجال!.

وأمامي الآن بطاقة دعوة إلى حفلة (مدرسية!) أيضاً تقيمها هذا الأحد مدرسة البعثة العلمانية للبنات في بنايتها الجديدة في شارع بغداد، ورد فيها أن برنامج الحفلة:

(غناء، رقص، تمثيل، روايتين أحدهما عربية والأخرى فرنسية)!.

فنحن نفهم أن تمثل المدرسة رواية صغيرة أخلاقية ترمي إلى غرض أخلاقي تهذيبي بحت على أن لا يكون فيها خروج على الآداب والفضيلة. وأن تدعو إليها السيدات من عقائل وأوانس فقط إذا كانت المدرسة مدرسة إناث. أما أن يكون موضوع الرواية لا صلة له بهذه الجهات وأن يكون المدعوون لشهود الحفلة خليطاً من الرجال والنساء، فهذا معناه محاربة أخلاق البلاد وعاداتها.

وسلوا عمدة مدرسة (الفرنسيسكان) مدرسة الراهبات المتنسكات، مدرسة "جان دارك" القديسة الورعة الصالحة، أتقيم الراهبات في مدارسها في فرانسة وغيرها حفلات رقص؟.

وهل يجيز قانون الرهبانيات العام والخاص الراهبات أن ينصرفن هن أو من يقمن على تثقيفه وتعليمه إلى الرقص والاستمتاع بالملاهي!. أم أن ما يحظره القانون عليهن هناك يبيحه أو يفرضه عليهن هنا؟!.

إنكم تظنون هذه الترهات التي تتحفكم وتتحف بناتكم بها هذه المدارس مما يجعل بناتكم ممتازات! ويجعل الوطن والأمة مرفوعي الرأس بهن في الآتي!. لا والله!.

إن بناتكم لن يكن ممتازات بغير ما يتحلين به من جمال الحشمة والعصمة!. ولن يرفع الوطن والأمة رأسيهما بهن، ولا أنتم أيضاً، إلا إذا كن أمينات على كرامة بناة هذا الوطن، أمهات أشبال يحمون العرين ويدفعون الغريم!. إننا لا نزال على خير ما دامت أخلاقنا مصونة، فاليوم الذي يضيع العربي فيه هذا الميراث نضيع ونذوب في بوتقة الأغيار. (زيد...).

(الأيام، س 2، ع 40، دمشق، 25 حزيران 1931).

أسطورة مولد الممثل بقلم الأديب المجدد خليل تقي الدين، من عصبة العشرة: حدث ذلك منذ آلاف السنين، إذ كان أبناء الفن يعدون العدة للظهور في الناس. فالمصور يبحث عن ألوانه ولوحاته، وفي رأسه صورة لم تولد بعد، وبين أنامله ريشة عذراء. والنحات يشحذ إزميله ومنقاشه، وتحت قدميه حجر أعمل فيه زنده وخياله ليخرجه في الغد فتنة للناظرين. والشاعر مستسلم لخياله، يتغنى بنشيد علوي، ويترنم بقصيدة غير منظومة هي نفحة من نفحات الإلهام. والموسيقي يشد أوتار قيثارته وقد ضمها إلى صدره كما يضم العاشق رأس حبيبته المعبود. والكاتب يداعب أقلامه وأوراقه، وقد استخمرت في رأسه الفكرة حتى إذا ألقاها على الناس ذهبت فيهم مذهب الأمثال. وكان لهؤلاء الملهمين آله يهيمن عليهم ويبعث إليهم بشياطين الوحي تملي عليهم ما تشاء من بدائع الفن الخالدات. آله جبار، يرسلهم في الناس قادة ومبشرين، وإذا خانوا رسالته اطفأهم كما تطفيء لفحة الريح المصباح المنير.

وفي يوم مشرق من أيام الربيع سُمع من جانب السماء صوت هائل أين منه قصف الرعود، واسودّ وجه الأرض وأظلمت الدنيا كأنما الشمس غارت في البحر أو اطفأ شعاعها بنفخة مارد من مردة الجن، وجمدت الأنهار والجداول والينابيع واستبدلت من خريرها العذب سكوناً موحشاً كسكون القبور، وهبت على الأرض ريح صرصر تقلع الأشجار، وتدك الجبال، وتهوي بالمنازل الشامخة على أصحابها، وخرست الطيورالصداحة، وخرجت الضواري من مكامنها ولها زئير ترتج له الأرض ارتجاجاً، فشعر العباقرة أن الآله غضبان، وتنادوا إلى عبقر، مهد الملهمين.

فحمل المصور ريشته وألوانه ولوحاته. ونفض النحات يده من تراب الحجر المنحوت. وأجفل الشاعر وخلى عنه أحلامه وخيالاته. وتأبط الموسيقي قيثارته المشدودة. وجمع الكاتب أقلامه وأوراقه. وطار أبناء الفن جميعاً إلى حيث يلاقون إلههم الغاضب. وتساءلوا أي ذنب جنوه وظلوا حيارى لا يعرفون.

فقال المصور:ـ طفت في الحقول والرياض فأخذت من الورد والخزامى والنرجس والياسمين والأقحوان والشقيق والفل ألوانها، وهبطت البحر فنزعت عنه ثوب الشفق الأحمر، وصعدت إلى السماء فأعارتني زرقتها المتماوجة، ورسمت من ذلك كله صورة للاله لم يحلم بها الأولون ولا الآخرون، فلماذا غضب الاله؟...

وقال النحات: ـ أما أنا فقد شرعت في إقامة تمثال لإلهنا لو رامته نسور السماء لارتدت عنه لاهثة خائرة، تمثال جبار لإله جبار، أليس في ذلك ما يرضيه، فكيف يغضب يا ترى؟.

وأغمض الشاعر عينيه وقال، وكأنه يتمتم في حلم:

ـ وأنا أيضاً قد وفيت حق الإله من التكريم، فقد جاءني شيطاني الليلة وأنا أحسن ما أكون استعداداً له، فراح يملي وأنا أكتب، وظل يزقني الشعر كما يزقّ الطير فراخه حتى أتممت قصيدة ستتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، لكلماتها في الأذن وقع حلو عذب كترجيع الهزار، ورنين كرنين الناي والعود، ترى أيغضب الإله مني وأنا قطعة قلبه.

وقال الموسيقي:ـ أأنا مغضب الإله إذن؟ بالأمس أسمعتني أذني الحساسة أحلى أناشيد الطبيعة فوعيت هديل الحمام، وتغريد العنادل، وزقزقة الحسون، وحفيف الشجر، وخرير الجداول وأطلعت منها لحناً خالداً خلود هذه الصوادح، وقدمته هدية صغيرة للإله الجبار.

لكن الكاتب قال:ـ ليس الإله غاضباً، غير أنه سيتحف الأرض بخالد جديد يخرجه من أحشائه، وما قصف الرعود، واسوداد الدنيا، وهبوب العاصفة سوى مظهر من مظاهر ولادته، فنحن الخالدين لا نولد كما يولد جميع الناس، بل تشعر بعظمتنا الطبيعة من يوم يقذف بنا إله الفن إلى الأرض فيمتاز مولانا بثورة من ثورات الطبيعة هذه.

وفي إيماضة، أشرقت الشمس، وعادت الطيور إلى تغريدها، واستأنفت الجداول والأنهار والينابيع جريها، ولامست الأرض غيمة كبيرة بيضاء هبط فيها إله العباقرة، حاملاً بين ذراعيه مولوداً من مواليد الفن.

وكما يسمع النائم في الحلم سمع الملهمون صوت إلههم يقول:

ـ لقد خلقت لكم رفيقاً جديداً وحملته رسالة إلى الناس. وأقمت له منبراً في الأرض لا تتحطم خشباته. وجعلت الدمعة في عينيه طائعة، كلما ذرفها أبكى الناس. وهو يستطيع أن يذرفها ساعة يشاء. لقد أعطيته صوت الخطيب وطلاقة لسانه، ومنحته القدرة على أن يجمع في شخصه جميع الناس في شتى حالاتهم. فهو من على منبره يريكم من نفسه غير ما فيها. يريكم اللؤم والخسة وهو كبير النفس نبيل. ويريكم الجبن وهو جريء. يجسم لكم نقائصكم ونواحي الضعف فيكم فتصفقون. ويسخر منكم فيضحككم، وقد يكون حين يضحك أشقى خلق الله. يتلاعب بعواطفكم كما يتلاعب الأطفال بالدمى. إذا روى لكم قصص الحياة فإنما يروي قصصكم. يستمد غذاء فنه منكم ولكنه يعيده إليكم ضعفين. ويدخل إلى منازلكم، إلى قصور الأغنياء، وأكواخ الفقراء، ومنازل السادة، ومهود العبيد فيستل منها أسرارها ويكشف لكم عن خباياها. وينفذ إلى قرارة نفوسكم فيريكم نزعاتها، وكم للنفس البشرية من أهواء!. لقد خلقته وجعلتكم جميعاً عوناً له، ووكلت إلى الملهمين، من المصور، إلى النحات، إلى الشاعر، إلى الموسيقي، إلى الكاتب، أمر تغذيته.

عند ذلك صاح الملهمون جميعاً:

ما اسم هذا المولود العجيب؟ فأجاب الإله الجبار:ـ الممثل. في ذلك اليوم ولد الممثلون. ومنذ ذلك اليوم عدّوا في الخالدين!.

(الحديث، س 5، ع 7، حلب، تموز 1931).

الحركة الفنية في دمشق منذ أعوام/ أيد الله السلطان ونصره.. تمثل اليوم رواية (...).
بدأ التمثيل في دمشق... وانتقل إلى سواها فانقرض فيها... وهكذا كان شأن دمشق في كل شيئ. لقد كانت دمشق أم التمثيل في الشرق... وكان أبو خليل القباني أول من فكر في تأليف فرقة والظهور بها على المسرح. وليس يوسف وهبي بطل التهويش، وجورج أبيض بطل الجعير، وعكاشة بطل التقليد، سوى أبناء أو تلامذة دمشق، ولا مؤاخذة!...

وإنه ليلذ للقارئ الآن أن يعرف شيئاً عن التمثيل في دمشق على عهد القباني، وأن يدرك الفرق الشاسع بين حالة دمشق اليوم وبين حالتها في الأمس. وفيما يلي أغرب ما تهم معرفته عن ذلك العهد: كان التمثيل في دمشق قبل عودة القباني من مصر عبارة عن تمثيل صامت، فقد كان التمثيل الناطق والخطابة... والكلام ممنوعاً منعاً باتاً في دمشق خشية التعرض للسياسة... أو ثمة ما يمس (سلامة) أو كرامة الدولة!... وكانت الكلمة على المسرح تنتهي ـ على الغالب ـ بالسجن! وقد كانت الحكومة لا تأذن للممثل أن يكون وزيراً... وأن يقول للسلطان يا أمير المؤمنين إلا للذات الشاهانية وسلطان البرين... وعندما عاد أبو خليل القباني إلى دمشق وبرفقته فرقة من الممثلين المصريين أمثال عمر وصفي، وأحمد كامل وسواهما، ألاغمت الفرقة على الاستغناء عن الكلام مخافة أن يخطئ أحد الممثلين فيقول كلمة تمس بالدولة، أو تتعرض لسياستها، أو لعادات البلاد!... أما الإعلانات التي وزعت في المدينة ذلك الحين فكانت غريبة إلى حد كبير، فقد كان الإعلان يكتب بخط اليد ولا بد أن يستهل بديباجة مطولة لا غنى عنها تستهل بدعوات حارة للذات العلية السلطانية، بأيد الله عزه ونصره على أعدائه، السلطان بن السلطان مالك البرين وخاقان البحرين.. هذه الليلة تمثل رواية... وقد كان الجوق الوحيد في دمشق جوق رومي صغير يمثلون فيه بالإشارات فقط والحركات دون كلام.. وهناك لعض مطربين ومطربات في ملاه متعددة... يقبل الناس على سماع أغانيهم "المبتذلة" أشد إقبال. ومما يجدر ذكره هنا أن الأسماء كانت تذكر (حاف) غير مقرونة بالأوصاف... (كمطرب الملوك والأمراء) و(بطل التمثيل في الشرق) والمغنية (ذات الصوت الملائكي الرخيم) و(سلطانة الطرب). وكانت الحكومة كثيرة التشديد في قضية الألقاب والأوصاف، لاتسمح بأي منها مهما كان شأن الممثل أو المغني. فقد كانت الألقاب المطولة خاصة بالسلطات... وكان الحكام يعدون ألقاب الممثلين تنال من مقام السلطان!

هذا ما كانت عليه الحركة (الفنية) في دمشق في عهد أبي خليل القباني "أبو التمثيل"، ولم تكن مصر أفضل حالاً من دمشق بل كان التمثيل فيها لا يعرف، وقد أظهر الشعب استغرابه العظيم عندما شاهد تمثيل أبو خليل القباني. وقد شاء القدر أن تسبق مصر أستاذتها دمشق... فأصبح لمصر ما تنعم به من مسارح وممثلين ومغنين وأصبحت دمشق عالة في ذلك على مصر. وشاء القدر أيضاً أن يذهب أبو خليل القباني لينشر التمثيل في مصر، وأن تنقضي الأعوام فتزورنا فاطمة رشدي ويوسف وهبي (لنشر الثقافة المصرية) في دمشق, وتلك الثقافة هي صنيعة يدنا، وهذا هو حالنا في كل شيئ، نعلم.. ثم سريعاً ما نصبح تلاميذ.

(الأسبوع المصور، س4، ع12ـ80، دمشق 3 تموز 1931).

أمهزلة أم مأساة؟ السي قدور... مؤلف مسرحي/ ابن غبريط يعرض المرأة المسلمة على مسارح باريز
لم يكتف السي قدور بن غبريط(20) بتلك الدعوة السيئة التي قام بها ضد الإسلام في فرانسة... بل قام يضيف اليوم إلى سابق "حسناته" ـ كما يدعوها ـ "حسنة" أخرى فألف رواية عن تعدد الزوجات والطلاق ينتظر أن تمثل في المعرض الاستعماري وتثير ضحك الباريزيين.

وقد قابل مندوب "الجورنال" السي قدور في داره وتحدث إليه عن هذه الرواية فقال:

دخلت على السي قدور بن غبريط في حجرة كل ما فيها من شرقي هي الصور المعلقة هنا وهناك. فاستقبلني بحفاوة فائقة، بثيابه الحريرية البراقة، وقد سألته:

ـ يقال أنكم وضعتم رواية مسرحية بعنوان غريب... هو "تعدد الزوجات العاطفي"،... فهل هذا صحيح؟.

وهنا ابتسم الرجل ابتسامة قصيرة، وبدت على وجهه علائم السرور، وقال وهو يلعب بلحيته:

ـ أجل هذا صحيح على أنني لست أدري حتى اليوم أين تعرض هذه الرواية. فقد طلبوا مني أن أعرضها في المعرض الاستعماري، ولكنني لم أتخذ قراراً بهذا الشأن حتى الآن.

والرواية بأربعة فصول، ألفتها بمساعدة الآنسة "لانس" ولم أرم في تأليفها إلى الشهرة، بل رميت إلى غاية ثقافية سامية هي المطالبة بتعليم المرأة المسلمة...

وتوقف السي غبريط عن الكلام ـ والسي قدور هو أقرب المسلمين إلى الباريزيين ـ فسألته:

ـ و لكن ما العلاقة بين التعليم وتعدد الزوجات؟.

ـ لقد جعل الإسلام "تعدد الزوجات" أمراً رسمياً، وحدد عدد الزوجات. فجعله أربعاً.

على أن الشرائع القرآنية عندما أذنت بتعدد الزوجات لم تستط  "!!" التفكير بأن هذه القوانين ستصبح "ناقصة" في المستقبل... عندما تتقدم الأفكار!...

واليوم يحدث بين المسلمين حوادث عديدة مثل هذه الحادثة!

يعود المسلم من فرانسة إلى بلاده بعد أن يتمم علومه في جامعاتها، وينتحل مذاهبكم الاجتماعية، فيزوجه والده الزوجة التي "يختارها" هو ـ الوالد ـ ويرغم الابن على إطاعة أمر والده فلا يخالفه.

ويختار الوالد زوجة ابنه دون أدنى اهتمام لحالتها الاجتماعية، ومعلوماتها، وثقافتها، وكأنه يختارها لنفسه لا لابنه خريج جامعات فرانسة.

ولا تكاد تنقضي بضعة أسابيع على حفلة الزفاف حتى يدب الخلاف بين الزوجين فلا يرى الزوج في زوجته الروح التي تتطلبها ثقافته...فيعرض عنها ويلقي بنفسه في أحضان النساء الأوربيات لا لشيء سوى أنه يجد في روحهن المثقفة ضالته المنشودة فيفسد حياته العائلية وحياتهن في آن واحد.

ويهتم الشباب اليوم لهذه الهوة السحيقة التي تفصل الرجل المسلم عن المرأة، ويسعون لايجاد "توازن" يحفظ الحياة العائلية من الخطر.

وقد صورت في روايتي خطر هذا التباين بين الرجل والمرأة... وانتهيت إلى القول بأن التعليم النسائي هو العلاج الوحيد لهذه الحالة الاجتماعية السيئة.

ويجب أن تصبح المرأة المسلمة بعد اليوم...لا "خادمة" فقط بل رفيقة مثقفة لزوجها!...

وهنا سألته:

ـ والشرائع القرآنية؟...

ـ إن الشرائع القرآنية لا تحول دون تعلم المرأة. إن الذي يحول دون المرأة هي العادات والتقاليد.

وقد رأينا حركة مباركة لتعليم المرأة في مصر، وتونس... وأعتقد أن من واجبنا نشرها في مراكش أو سواها من البلاد الإسلامية.

نعم أنا لا أقول أن مراكش، والجزائر، وسواهما خالية من مدارس الإناث... ولكني لا أريد مدارس ابتدائية بل عالية.

وأنا أعتقد أن تقدم العقلية الإسلامية سيؤدي إلى نتيجة حسنة... وقد وضعت هذه الرواية لمساعدة تلك الحركة.

الأيام: ومن يعرف أساليب السير قدور، يدرك ما يتخلل هذه الرواية من مشاهد تثير ضحك الباريزيين على "المرأة المسلمة"...وتجعلهم يعتقدون أن الإسلام هو الذي جعل المرأة في هذه الحالة التي يصورها السير قدور!...

ويجب أن لا ننسى أن السير قدور من أنصار تعليم اللغة الفرنسية... ومزجها بالعربية كأن يقول الطفل لأمه مثلاً، كما يفعل معظم أطفال العائلات المثقفة في الجزائر:

ـ ماما... ماما... طمبت شابوتي عالتيبر!

أي: "أماه أماه! لقد سقطت قبعتي على الأرض!".

(الأيام، س 1، ع 49، دمشق، 6 تموز 1931).

تعرفات ضرائب النظام المالي: يترك أمر تصنيف المقاهي والملاهي حسب درجاتها لهيئة خاصة من عضو من اللجنة البلدية ورئيس المحاسبة ومفتش المركز، ويستوفى عن الفنادق والنوادي والبقاليات وسواها من الباعة الذين يبيعون بالقدح حسب الدرجات كما يلي:

2000 قرش سوري درجة أولى مشاهرة، و1500 درجة ثانية، و100 ثالثة، و500 رابعة، و200 خامسة. أما الباعة الذين يبيعون القوارير فيستوفى منهم مشاهرة 600 قرش عن الأولى، و500 الثانية، و400 الثالثة، و250 الرابعة، و100 الخامسة. أما المسارح ومحلات الصور المتحركة والمراقص والكازينو ومحلات صيد الحمام وسباق الخيل وما شابه فيستوفى منها 4500 قرش الدرجة الأولى، و3000 الثانية، و1500 الثالثة. وتحدد تعرفة الرسوم الشهرية للمقاهي والفنادق ومحلات الألعاب المضحكة والمشاهد (بانوراما) ومحلات تعليم الرواية ب 1000 للدرجة الأولى، و700 الثانية، و500 الثالثة، و200 الرابعة، و100 الخامسة، و50 السادسة، و25 السابعة. وتوضع على المحلات التي تعرض للعموم ملاهي كالموسيقى والبليار ومشاهد مختلفة رسم إضافي عن البيانو الميكانيكي 200 قرش شهرياً، وعن المعزوف بيانو 300 قرش، وعن الأجواق الموسيقية 500 قرش، وعن الأجواق مع الرقص 1000 قرش، وعن الحاكي والبليار وآلة اللاسلكي والآلات المكبرة للصوت 100 قرش سوري شهرياً.

وقررت اللجنة البلدية أن يستوفى الحد الأقصى للرسم الموضوع على المشاهدة المتنقلة الصارخة والحفلات الراقصة الموسيقية أو التمثيلية ويستوفى بدلاً من الرسم النسبي المنصرم عنه في الفقرة الثانية من المادة 16 رسم مقطوع فيوضع 2000 قرش عن الدرجة الأولى، و1000 قرش عن الثانية، و500 عن الثالثة، و250 عن الرابعة على أن يعهد على اللجنة المخصوصة أمر تعيين الدرجة.

(وفاء العرب، س 7، ع 244، دمشق، 3 آب 1931).

حظنا من الموسيقيين: لفت نظرنا إعلاناً في إحدى الصحف الشهباء الصادرة بتاريخ يوم السبت الفارط(21). وقد ذكّرنا هذا الإعلان بأشياء كثيرة، ورأينا من الواجب التلميح إليها، والتعليق عليها. هذا الإعلان يتضمن البشرى لأهالي الشهباء بعودة المطربة فيروز إلى هذه المدينة، بعد غياب مدة قصيرة عنها. وليست هذه العودة هي المرة الأولى من نوعها فحسب، بل سبقتها عودات لا تعد ولا تحصى. ومن البديهي أن لمغادرة المطربة الشهباء بين حين وآخر معناه الحقيقي، وهو كما تظن السيدة فيروز ـ وبعض الظن إثم ـ أن الشهباء وأهالي الشهباء لا يستطيعون أن يقضوا ليلة أنس وطرب إذا لم تكن السيدة فيروز بين ظهرانيهم.

والشهباء، تلك البلدة المنكودة الحظ التي أنجبت أعاظم الموسيقيين وكبار هذا الفن، قد ابتليت بأن يرتادها بين زمن وآخر قوم من أذناب هذا الفن لاسماع أهاليها الشيء الجديد من مبتكرات الفن الموسيقي. ومن الصواب القول أن الشهباء أصبحت محط رحال كل من ضاق في وجههم سبيل الرزق/ من رجال هذا الفن، فيقصدونها على جهالة منهم، ليروجوا فيها بضاعتهم الكاسدة، ولكنهم لا يلبثوا أن يعودوا إلى أوطانهم، وهم يحملون الفشل بين ذراعيهم، وعلامات الخجل والحياء تلوح على وجوههم. وما صدقنا أن قذفتنا هذه المدينةجوقة محمد عطية، وغيرها من الجوقات العديدة، حتى رأينا الشقيقة مصر تقذف إلينا السيد الفروجي مع جوقة على شاكلته، وهي مزودة بمليارات الإعلانات، التي علقت على جدران الشهباء. وقد قصدنا منتزه الأزبكية حيث هناك بدأ الفروجي يحيي لياليه مع جوقته، فبدت على وجهنا علامات الكدر لأول أنشودة نطق بها، وأسفنا لما تكبدناه من ثمن الدخولية (البيليت)، ولولا وجود الأستاذ الشوى في تلك الليلة يعزف على كمنجة بنغمات فنه الساحرة، لرحعنا إلى البيت لا نهتدي. وهكذا أيضاً، فإن جوقة جديدة قذفتها إلينا الشقيقة مصر، وبدأت بإحياء لياليها على مسرح الشهبندر الجديد، ولا ندري متى ستكتب لهذه المدينة نعمة الخلاص من هذه الأجواق. وكما أن مصيبتنا بالأجواق المصرية هي جسيمة، فإن بليتنا ببعض جوقات البلدة هي أجسم وأعظم، خصوصاً بجوقة السيدة فيروز. (ميخائيل خبازة).

(الوقت، ع 378، حلب، 5 أيلول 1931).

ملخص مقالة: وردتنا من الكاتب السيد ميخائيل خبازة مقالة مطولة انتقد فيها الحفلة التمثيلية التي أقامتها إدارة (نادي التعاضد) في مدرسة السريان الكاثوليك بحلب، وأبان في مقالته هذه خطيئات خطيب الحفلة السيد فيكتور قندلا الخطابية، وقد علل كل جملة وردت في الخطاب. فلضيق نطاق الجريدة عن استيعاب مقالة الكاتب وغيرها من الأخبار اكتفينا بالإشارة إليها.

(الوقت، ع 378، حلب، 5 أيلول 1931).

التمثيل في أيام أبي خليل القباني... الويل لمن يقول "مراد"!
ننشر فيما يلي مذكرات ممثل قديم عن فرقة أبي خليل القباني لما فيها من طرافة ولذة: في كل يوم كانت تقام لنا حفلات تكريم من الوجوه والأعيان تقديراً منهم لفن التمثيل الذي يعجبون به كل الاعجاب، فالشعب السوري فنان بطبعه مقبل على كل فن جميل مقدر له كل تقدير. وقد يبلغ تقديرهم لنا أن أصحاب المقاهي التي كنا نجلي فيهاكانت ترفض أن تأخذ منا أثمان مشروباتنا ويصرون على الرفض اصراراً لا يدع لنا مجالاً للدفع مهما ألحفنا ومهما غضبنا.

ولو أن الصحف في ذلك الوقت كانت تعني بالتمثيل وكانت هناك مجلات مسرحية لامتلأت كلها بالحديث عنا وامتلأت صفحاتها بمختلف الصور الفوتوغرافية ولكن لم تكن هناك مجلات خاصة للمسرح ولم يكن للتصوير الفوتوغرافي في شأنه اليوم. وهكذا كنا نترك حفلة تكريم إلى غيرها ونسير في الشارع فنرى اعجاب الجمهور بادياً حولنا. وفي الحق إن الممثل ليرفع رأسه اعجاباً بما كان يلاقي من حفاوة وإكرام.

كان ذلك العهد عهد السلطان عبد الحميد، وأنت أدرى بالسلطان عبد الحميد وما فيه من قيود واستبداد. فكان يحرم علينا بتاتاً اظهار رواية فيها سلطان أو خليفة أو ملك أو وزير أو ولي عهد. كل هذه الأشخاص يجب أن لا تظهر على المسرح، وإلا فيغلق حالاً. أما نحن فالله أعلم بما يحدث لنا بعد أن نؤخذ مكبلين بالقيود إلى السرايه! والسرايه هي مركز الحكم أو هي المحكمة، وأشد من ذلك كانت هناك ألفاظ محظور ذكرها فيجب أن تحذف من الرواية كا كلمة تشير إلى انتقام أو مؤامرة أو سياسة أو قتل ولعلك تضحك إذا علمت أنه حرم علينا ذكر لفظة (مراد) بأي معنى كان فلا يقول الممثل ـ وما المراد من ذلك، خوف أن تذكر هذه الكلمة بالأمير مراد فيجن السلطان عبد الحميد. بين هذه القيود كنا نمثل رواياتنا، ورغم ما نراه من شدتها، فقد كانت مع شيئ غير قليل من تسامح أولي الأمر، وعلى رأسهم مدير المطبوعات محمد علي بك، وهو أديب عالم من تلاميذ الشيخ جمال الدين الأفغاني ومن زملاء المرحوم الشيخ محمد عبده، وجدنا من سعة صدر هذا الرجل ما أطلق ألسنتنا بالثناء عليه.

فكنا نمثل أدوارنا ونحن في شدة الحذر حتى لا يفلت لفظ في الرواية سهى علينا محوه وأعين رجال الإدارة تراقبنا من الألواج التي يحتم على إدارة المسرح تركها لهم فالويل لنا لو جرت لفظة من تلك الألفاظ الممقوتة هناك، فالوالي جالس في بنوار متربص لكل كلمة تخرج من أفواهنا وناظر الحربية قابع في مكانه على قدم الاستعداد للطوارئ وناظر البوليس بالمرصاد والجنود بأسلحتها رهن الإشارة، وهكذا كنا نمثل بين أنواع التهديد لولا بعض رحمة من هؤلاء فقد تحدث ـ ولكل عالم هفوة ـ أن تفلت كلمة فنخشى مغبتها ونحاول إدراك الخطأ وندغمها بين كلمات الرواي. وكثيراً ما كان يلاحظ هؤلاء الرقباء ولكنهم يتساهلون ويتسامحون.

(الأسبوع المصور، س4، ع18ـ80، دمشق، 12 أيلول 1931).

غريب: كانت بديعة مصابني مغنية "اعتيادية" في سورية، تغني وترقص في "مقهى القوتلي" المعروف... ثم أصبحت ممثلة... تزوجت من نجيب الريحاني الذي زار سورية العام الفائت، وقد اختلفت مع زوجها في المدة الأخيرة، وافتتحت صالة خاصة بها في مصر تدعى (صالة بديعة مصابني) تعد من أكبر صالات الغناء في مصر اليوم. أما كيف تزوجت السيدة بديعة مصابني بنجيب الريحاني وكيف أصبحت صاحبة صالة، فموضوع طويل نقتضب منه هذه الرؤوس أقلام!

"كسدت" بضاعة بديعة في دمشق وابتذلت فسافرت إلى مصر وتعرفت صدفة على نجيب الريحاني، وأخبرته أنها كانت تغني كل أدواره في سورية، وأنها كانت تعجب به عن بعد... وأظهرت ميلاً للاتفاق معه فتعاقدا على المدة وعلى المبلغ... وبغته سافرت بديعة إلى بيروت لأعمال خاصة... وأرسلت كتاباً تعتذر فيه عن عدم استطاعتها تنفيذ الاتفاقية.

واتفق عام 1921 أن سافر نجيب الريحاني إلى بيروت وقام بتمثيل رواياته على مسرح "الكريستال" فاستلفتت انظره في الليلة الأولى سيدة جميلة الطلعة حسنة البزة جالسة في اللوج الأول فظنها إحدى العقيلات السوريات الموسرات، ولم يدر في خلده أنها ستنزل لمقابلته في المسرح لتهنئته وتعرض عليه من جديد أن يتفق معها. فقد كانت هذه السيدة هي بديعة مصابني نفسها. وانضمت منذ ذلك الحين إلى جوق نجيب الريحاني... ثم اختلفت معه من أجل "قلبها" وطلقت منه! وبهذه المناسبة نريد أن نتساءل كيف تجد الراقصة أو الممثلة في مصر إقبالاً وثناء بعد أن كانت في سورية مبتذلة لا يلتفت أحد إليها. فقد كانت الراقصة "بيبا" في دمشق وكانت مبتذلة إلى حد كبير... حتى قيل أن أحد خدام المسرح اتصل بها. أما رقصها فكان يقابل بشيء من "عدم الاهتمام" رغم ظهور نهديها وساقيها... وكل شيء!... وذهبت هذه الراقصة إلى مصر فإذا بجميع الصحف المصرية ومنها العروسة(22)، والصباح(23) ، والحياة... تنشر صورتها وتقول: الراقصة الفنانة "بيبا"!...

(الأسبوع المصور، س 4، ع 19 ـ 80، دمشق، 24 أيلول 1931).

على الهامش: نشرت إحدى صحف السينما الفرنسية مقالاً عن رواية شرقية ينتظر اخراجها قريباً وقالت أن الممثل الأول الذي ينتظر أن يقوم بالدور الأول هو "ريمون فرنويل". وريمون فرنويل هذا... هو ميشيل بدوي من بيروت. سافر إلى باريز ومال إلى السينما، وحاول أن يدخل إحدى الشركات، فاصطدم بعثرات عديدة لأنه سوري. وقد اضطر الشاب إلى ابدال اسمه باسم فرنسي، فقبل في إحدى الشركات، وبدأ الثناء على مقدرته يدور على الألسن. وهكذا فإن السوري لا يستطيع أن ينجح في فرانسة إلا إذا كان اسمه فرنسياً. أما عندنا في سورية فلا يمكن للإنسان أن ينجح إلا إذا كان اسمه أجنبياً وكان يحمل على رأسه قبعة!. وليس من المستبعد أن نسمع غداً بان فلان "محمد البغال" أصبح.. الكسندر باركوس... وأن أحمد راغب أصبح "ميشيل ريفو"!... ولله في إدارته... شؤون!

(الأسبوع المصور، س 4، ع 19 ـ 80، دمشق، 24 أيلول 1931).

رواية البخيل
يمثل الشباب بعد ظهر يوم الجمعة 18 الجاري رواية (البخيل) لمولير على مسرح العباسية باسم (نهضة غواة التمثيل)، فنحث الطلاب على مشاهدته.

(القبس الجديد، س 1، ع 12، دمشق، 10 كانون الأول 1931).

رواية فرانسوا الأول
يمثل نادي الفنون الجميلة في دمشق مساء الخميس المصادف في 4 شباط سنة 1932 على مرسح الهبرا في باب توما رواية (فرانسوا الأول)، تأليف (الفرد دو موسه) وهي رواية جميلة يضاف إليها اوركيستر ومنولوجات، فنحض الأهلين على مشاهدتها.

(القبس، س 1، ع 54، دمشق، 1 شباط 1932).

فرقة فوزي منيب ونرجس شوقي على مسرح وتياترو اللونابارك
تمثل فرقة الأستاذ فوزي منيب اليوم الخميس في 30 حزيران الرواية العظيمة الكبرى وهي رواية (غرام ليلة). وهي من أهم الروايات التي ستدهش كل متفرج وستلقي بين الفصول السيدة نرجس شوقي منولوجات، وقصايد بديعة جداً من (السيد أفندي بهنسي) و(محمد أفندي ادريس). فنحث الأهالي لحضور حفلات الأستاذ فوزي منيب ونرجس شوقي. وتختم كل حفلة بفصل مضحك من حمدان المغربي.

كرسي عمومي 24 غرش سوري ونصف لا غير.

(القبس، س 1، ع 126، دمشق، 1 تموز 1932).

الطبيب رغماً عنه
من روايات موليير الهزلية، ذات ثلاثة فصول تمثيلية، نقلها إلى العربية الشاعر الناثر الأستاذ الياس أبو شبكة وقد نشرتها مكتبة صادر.

وثمنها خمس فرنكات خالصة أجرة البريد، وتطلب من مكتبة صادر في بيروت، (ص. البريد 10).

(الحديث، س 7، ع 3، حلب، آذار 1933).

رسالة مصر لمندوب الحديث الأدبي
أبو زيد الهلالي سلامة(24)
ألقى الأستاذ مصطفى منير أدهم محاضرة عن "أبي زيد الهلالي سلامة" في قاعة الجمعية الجغرافية الملكية (القاهرة)، وبدأها بالحديث عن الهلالية وتاريخهم، وعن واضع القصة وأغراضه التي أراد أن يبثها في نفوس العامة، وكيف أنه كان يرمي بها إلى بث التعاليم الدينية وعلوم الجغرافية والحماسة والفنون الحربية وضرب كثيراً من الأمثلة التي تعزز رأيه.

بعد ذلك انتقل إلى عصر نشوء القصة في عصر الدولة الفاطمية، وتكلم عن الزجل باعتباره فن قصصي، ثم شرح أثره في نفسيات العامة من الشعب، وأراد أن يرينا كيف يكون ذلك، فنادى "شاعر الربابة" الذي دربه وأحضره خصيصاً لهذه المحاضرة، فجاء وبعد أن أصلح أوتاره اندفع بطريقة حماسية ينشدنا مقطوعات خلابة، ثم استأنف المحاضر موضوعه فأخذ في سرده الوقائع عن الأسرة الهلالية وعلق عليها تعلقاً تاريخياً مستعيناً بالفانوس السحري، وقد استغرقت محاضرته نحو أربعة ساعات.

(الحيث، س 7، ع 3، حلب، آذار 1933).  

ركود الأدب في سورية
المتعلمون في سورية بالنسبة لعدد السكان أكثر من المتعلمين في الأقطار العربية كافة، ومع ذلك فالحركة الأدبية في سورية ممنوَّة بركود يستدعي الاستغراب. فالمطابع في قلة انتاجها من آثار السلف أو مؤلفات المعاصرين تكاد تكون عقائم، والناس منصرفون عن الأدب انصرافاُ لا يتلائم مع أمة متحفزة للنهوض حتى كأن الأدب حاجة فضولية في حياتهم الاجتماعية، والأدباء قابعون في زواياهم لا يتعالى صوتهم في أجواء المجتمع أو هم منصرفون لما لم يخلقوا له.

إذا سألت الأدباء عن سبب تخلفهم في مضمار الانتاج أجابوك والأسف يملأ نفوسهم أن الأمة لا تعنى بالأدب عنايتها حتى بالتافه من شؤون الحياة، فلماذا يوزعون أنفاسهم بين من لايقدرونها حق قدرها، وأي كتاب عاد بغير التعب على مؤلفه أو ناشره ثم لم يكن حظه الحبس الطويل؟ اللهم إلا الكتب المدرسية التي تفرض على الطلاب فرضاً، بل متى تحدث الناس عن كتاب جديد مهما بلغ من الجودة كما يتحدثون عن أقل الحوادث؟

وإذا بدا لك أن تستطلع رأي الناس في اهمالهم شؤون الأدب أحالوا الذنب على عقم الأدباء أو سوء انتاجهم، وأنهم لا يلذون ما تسيل به قرائح الأدباء في الفترة بعد الفترة وأن القليل الذي ينشر من آثار السلف لا يتذوقون حلاوته.

ودعوى الفريقين حق ومنهما كانت العلة التي رمت حركة الأدب بالشلل في هذه البلاد، فيحسن بذل العناية في البحث عن منشأ تلك العلة وتشخيصها وتفهم عناصرها وأعراضها.

ربما كان من أعظم الدواعي في تفاقم تلك العلة اختلاف ثقافة المتعلمين في سورية، فمنهم من اشتغلوا بأنفسهم وانقطعوا للطلب والمطالعة ومصادرهم كتب الأدب العربية فثقافة هؤلاء عربية، ومنهم من تخرجوا بمدارس الأجانب فثقافتهم إما افرنسية أو انكليزية، فهذه البلبلة في مناهج التعليم باعدت ما بين الآراء والأذواق فالكتاب الذي يؤلفه ذو ثقافة أجنبية لايستسيغه ذو ثقافة عربية، وهكذا يبقى الكتاب في حدود من القراءة ضيقة، فضلاً عن أن النشء لن يتعود المطالعة منذ حداثتهم باقبال ورغبة. وينشأ عن ذلك بالطبع فتور همة الأدباء، فلا ينقطعون للأدب انقطاعاً يشحذ قرائحهم وهممهم ويبرز مكنونات نفوسهم وعقولهم فيضطرون لاتخاذه أداة للتسلية والترويح لا غاية للحياة. فلا غرابة بعد ذلك إذا ندرت المؤلفات الأدبية التي تحبب المطالعة للناس وتغريهم وتجعل القراءة حاجة من حاجات الحياة التي لايصبر عنها الإنسان.

على أن في أدبنا نقصاً لم يمكن تلافيه إلى الآن ولعله من أعظم ما جعل الناس يزوون وجوههم عن تقدير الأدب والارتياح له وهو أن أدبنا مرآة غير صادقة لا تنعكس فيها حياتنا الحاضرة أو قل أنه صورة لا تمثل الواقع كما هو. ولئن كان في الأدب القديم ما يمثل حياة أهله فإنه لطبقة خاصة من المتأدبين لا لبقية الناس الذين يشق عليهم استحضار صورة القديم في أذهانهم بل هم بحاجة لما يمثل لهم شؤونهم الحاضرة ويحدثهم عنها. والقصص والروايات(25) خير وسيلة لهذه الغاية وما عندنا منها أكثره مترجم لاصلة له بحياتنا، والموضوع قليل جداً لا يسد بعض الحاجة دع عنك الخلل والتقصير الماثلين فيه من حيث ضيق التصور والتواء الأسلوب وقلة اللباقة في التأدية والغفلة عما يحيط بنا ويحدث لنا.

وهناك عقبة نرجو أن يذللها الزمان بازدياد سواد المتعلمين وهي بعد الشقة ما بين لغة الأدب واللغة المحكية، ومعالجة هذه المعضلة تستلزم فضل تدبر ورفق، فشدة الكلف بالصنعة اللفظية تجعل الأدب كالمقامات تكلف مطالعتها من العناء أضعاف ما تجلب له من اللذة، كما أن الدعوة إلى استعمال العامية عقوق للغة والأدب والقومية وتفريط في ميراث أدبي عظيم لا يقل عن أجلّ ما خلقته الأمم في الماضي. على أن الأديب اللبق قادر على أن يكون سهلاً مفهوماً من غير أن يخرج على قواعد اللغة وحدود البلاغة لاسيما فيما يكتبه للناس عامة(26).

وتقاطع الأقطار العربية أو تقطيعها جعل جمهور القراء ضئيلاً مشتتاً في العالم العربي لأن الحجازي مثلاً لا يعتبر دمشق أو القاهرة أو بغداد عاصمة له يشارك أهلها في مصالحهم وشعورهم ويهمه الاطلاع على ما يحدث فيها ويصدر من كتب وآثار أدبية، وهكذا السوري بالنسبة للأقطار الأخرى.

هذه أهم الأسباب التي نتج عنها ركود الحركة الأدبية في سورية وهي كما ترى متلازمة بعضها ينشأ عن بعض. ومعالجة كل سبب منها تحتاج تبصراً وسعياً.

وليس ادراك الأمل بعيداً إذا صحت العزيمة على العمل.

خليل مردم بك(27).

(الثقافة، س 1، ج 3، دمشق، 5 حزيران 1933).

كي قضت السينما الناطق على ف التراجيدي والدرام!!
كانت السيمنا صامتة، فأصبحت ناطقة.

ما الفرق بين ذلك العهد وهذا العهد حيث السينما أصبحت في تطور واسع.

كنا نشاهد شخصيات فذة تقوم بتمثيل أدوارها خير قيام حتى لنحسب الخيال حقيقة ملموسة...

كنا نتمتع بتتبع رواية ذات موضوع قيم فيه روعة وفيه حياة تملك علينا مشاعرنا وعواطفنا.

كان الفن تراجيدي ودرام فاستبدل الآن بعد تطور السينما بفن ـ هزلي غنائي ـ أو درام يتقاطع بمشاهد موسيقية غنائية تعكر علينا صفو تخيلاتنا...

كانت الإحساسات الإنسانية الحقيقية تترآى لنا بأحلى صورها وأروع معانيها...

فرب نظرة كانت تقوم بأداء مشهد كامل من السينما الناطقة الآن... ورب إشارة يد كانت يغني عن جمل وعبارات، ورب لفتة رأس كانت بمعنى صحائف من السيناريو المتكلم.

يتطلب الزمن الحاضر من السينما ما يروح عن نفوس المشاهدين أو ـ النظارة ـ ويفرج غمهم.

هذا صحيح غير أن من الخطأ الفادح بمكان أن يلقى بالأقلام التي كانت تصور لنا مشاهد الحياة بما فيها من فواجع وآلام تغسل القلوب من الأردان الشهوانية وتجعلها تتأثر التأثر كله، فالذي يخلد الشريط موضوعه قبل كل شيء.

لا يعجب الإنسان من الحياة غير صورها وأشكالها الإنسانية المحضة، وغير الحقائق التي تنزع الإعجاب من قلبه انتزاعاً.

كنا نسبح بأفكارنا وتخيلاتنا مع السينما الصامتة ونحلق إلى أفق أعلى من أفق السينما المتكلمة التي جلها ضحك وغناء ومواضيع تافهة لا تتضمن من ألوان الحياة الصادقة أي لون، وأغلبها يحتوي على أفكار مجونية بعيدة عن الطبيعة والحقيقة.

قد توجد أشرطة ناطقة قريبة من روائع الحياة الصادقة وألوانها الزاهية الناطقة، فهذا شريط الحاج مراد، والسجن الثائر، والدكتور جيكل، والرجل الذي قتلته، وأولاده الذوات غير أن يندر وجود أفلام تحاكي هذه الأشرطة.

ويعجبني أن ينهض بين الأوربيين مثل ـ ايفان موسجو كين ـ الممثل العالمي الأشهر فيقوم بتمثيل رواية من عندياتنا، رواية أقرب منا إليهم واسمها ـ السلطانة الشقراء، أو ألف ليلة وليلة ـ فقد أدركت ذلك الممثل روح الموضوع الذي تتطلبه كبار النفوس الإدراك كله، فقد عثر على موضوع من الشرق بلاد الأحلام كما يقولون...

(ر. ف).

(الأسيوع المصور، س 5، ع 70 ـ 80، دمشق، 15 حزيران 1933).

نادي الفنن
افتتح نادي الفنون الجميلة موسمه الصيفي فمثلت فرقة التمثيل رواية (الطبيب والمحامي)، وأجادت التمثيل، وعزفت فرقة الموسيقى بعض القطع الموسيقية، كما عزف الأستاذ توفيق الصباغ على كمنجتة... على وتر واحد وبإصبع واحدة، وكانت الحفلة غاية في الرونق.

(القبس، س 2، ع 374، دمشق، 18 حزيران 1933).

قريبا يقوم بعض من الشبان الراقين في حلب بتمثيل الرواية العربية بقلم الروائي المشهور (محمد تيمور بك)، وذلك على مسرح السينما الشرقي، فنرجو أن تلاقي ما تستحقه من التقدير والإعجاب.

(القبس، س 2، ع 375، دمشق، 19 حزيران 1933).

فريق التمثيل المسرحي ـ شريط رشيد جلال
رواية ـ الجزيرة العائمة ـ في سينما الأمبير
بقلم: (ر. جبري)(28).

أحسب أنني محق في التساؤل عن مصير الحركة الفنية وعن خمودها، لقد طرأ على فن التمثيل بعد نهوضه في المدة الأخيرة زهول وارتباك مما حدى ببعض هواة هذا الفن لتأليف فرقة تمثيلية، فاهتمام هؤلاء بفن التمثيل وإبداء النشاط والإخلاص في العمل يدب في الحركة الروح والحياة.

ولنتساءل عما حل بالأستاذ عبد الوهاب أبو السعود، ويقيناً لو إلتف حول هذا الرجل عصبة صالحة وفئة مثقفة لاستفادت الحركة المسرحية أي استفاد لاسيما إذا طرح أنانيته وانتزع مطامعه...

وقيل هنالك جماعة من الشباب المثقف ومن هواة التمثيل أخذوا على عاتقهم العمل المثمر... مرحى لهؤلاء، ولهؤلاء الهواة أبعث صرخة داوية أن اعملوا وثابروا...

لا بد للذين يرمون الصعود نحو سلم المجد من أدوار يتخللها بعض المصاعب والمحن تكون بمثابة اختبار لقواهم وثباتهم، فصدوا بشبابكم الغض هذه العراقيل، ففرقة (ايزيس) التي أعنيها في حديثي آمل لها النجاح وحبذا لو أدمج معهم الأستاذ السيد عبد الوهاب أبو السعود وأسندت إليه الرآسة الفنية ـ فهو رغم ما بيننا من المنافسة الفنية ـ أعتقد في أهليته لأن يتخذ منه المدرب والمدير، إنما الإعجاب بالنفس والغرور والطمع في الشهرة أكثر من اللازم كل ذلك يجعل فرقة (ايزيس) في تردد وأي تردد.

شريط جلال السينمائي:
بلغنا أن أعد للعرض بعد عملية ـ المونتاج ـ شريط المصور السينمائي والمخرج الفتان رشيد جلال فهذا الشاب المصور السينمائي الهادي الوحيد في الشام جدير بالتقدير والإعجاب، وسيكون شريطه الأخير هذا فاتحة خير للحركة السينمائية، ومحبذاً ومشجعاً للشركة ومديرها المالي السيد عطى مكي للمثابرة، مهما تكن درجة هذا الشريط من الوجهة الفنية، سيحدث بلا شك ضجة استحسان وإعجاب في الأواسط الفنية لاسيما لأنه يضم الممثل المسرحي المعروف عرفان جلاد وهو من خيرة الشباب المثقف وهواة التمثيل الراقي، وهنالك البطل الرياضي المعروف السيد فريد جلال وقد اشترك في هذا الشريط الوطني الذي نأمل له كل إقبال ورواج.

فيلم الجزيرة العائمة في سينما الأمبير:
أخذت الشركات السينمائية الافرنسية في إدماج عناصر جديدة وعمل أساليب طريفة في طرق الإخراج لا سيما بعد تدهور أفلامها وإعراض رواد السينما في أقطار العالم عن أشرطتتها ذات المواضيع التافهة التي لا تتضمن روعة الطبيعة والحياة والروح، ولأن أغلبها يمثل داخل ـ الاستوديو ـ فشريط الجزيرة العائمة يضاهي الأشرطة الألمانية والأميركية وبصورة خاصة من ناحية التمثيل، فقد كان بطل الرواية الكوكب الافرنسي القدير ـ شارل بواييه ـ متلبساً شخصية دوره بصورة تدعو للدهشة والإعجاب، فقد أخذ هذا الممثل في الاستعداد للتبوء على عرش ـ التمثيل ـ وقد ساعده على إكتساح زميله في الرواية الممثل الماهر ـ جان مورا ـ أهمية دوره، فلولا البراعة التي أبداها ـ جان مورا ـ في تمثيله لسقط من الوجهة الفنية.

(الأسبوع المصور، س 6، ع 94 ـ 80، دمشق، 30 تشرين الثاني 1933).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ من خلال الأخبار والإعلانات المسرحية نعرف أن قهوة العباسية قدمت العروض المسرحية على خشبتها المشادة لهذه الغاية.
(2) ـ ألا يشبه ذلك الإله الذي يهبط بالآلة في نهاية التراجيديا الإغريقية، مع حفظ المفارقة الساخرة بين التشبيهين.
(3) ـ السلاح الرشاش الذي يحتوي على شريط من الرصاص.
(4) ـ "اللعبات التياترية" التي كان يكتبها وينشرها يعقوب صنوَع في صحيفته "أبو نظارة زرقا" تعتبر الأول من نوعها في الصحافة العربية حيث تتقنع بالقالب المسرحي التهكمي الساخر لتمرير النقد السياسي والاجتماعي للمرحلة وشخصياتها السياسية.
(5) ـ مجلة سياسية كاريكاتورية كانت تصدر صباح كل سبت، أنشأها في دمشق حبيب كحالة.
(6) ـ نجيب الريحاني (1891 ـ 1949).
(7) ـ تعرف أيضاً ب "عبرة الأبكار"، مسرحية وضعها الياس فياض.
(8) ـ هو معروف أحمد الأرناؤوط.
(9) ـ جريدة أصدرها في حلب محمد صبحي بصمجي.
(10) ـ جريدة عربية جامعة مصورة صدرت في دمشق، أصدرها محمود خير الدين الحلبي.
(11) ـ في استطلاع أجرته إحدى المجلات المصرية عام 1933 حول السؤال "لماذا أحب مهنتي" أجابت منى صبري: "أحب عملي لأن فيه خدمة لبلادي، فهو يهيىء فتيات مصر للحياة الصحيحة ويخلق منهن جيلاً نافعاً. وأحب عملي لأنه عمل جديد مفيد، ولأني أشعر فيه بغبطة حينما أتذكر أنه عمل من أعمال الإصلاح التي حرصت على الأخذ بها الأمم الراقية، ولأنه يقوم على أغراض سامية هي تكوين الأخلاق الصالحة وملكة الذكاء، والعناية بالصحة والتربية البدنية والمهارة في الحرف وإظهار مواهب الفتاة والعمل لتنميتها والقيام بالخدمة العامة وخصوصاً ما يتعلق منها بالمنزل، ثم أحب عملي أيضاً لأني أجد فيه من النجاح ما يهون على نفسي ما ألاقيه من صعوبات و عقبات".
كل شيء والدنيا، ع 393، 17 أيار 1933.
(12) ـ أغلق المعهد بعد مرور سنة على تأسيسه.
(13) ـ وضع ألحان مسرحية "كليوباترا مع مارك أنطونيو" الغنائية سيد درويش ومحمد عبد الوهاب.
(14) ـ يكتفى من المقالة بما يهم سياق الفصل.
(15) ـ أصدرها طاهر سماقية في حلب عام 1925.
(16) ـ مسرحية شعرية لخليل اليازجي (1856 ـ 1889).
(17) ـ هي نفس مسرحية موليير المعروفة ب "الطبيب رغماً عنه".
(18) ـ اشتهر الياس فياض (1872 ـ 1930) بترجماته لفرقة سلامة حجازي.
(19) ـ في عام 1912 كتب سليم سركيس في مجلته تحت عنوان "الروايات التمثيلة، شيء عن مؤلفيها وأرباحهم": "يشكو صديقي الياس فياض من قلة أرباحه بعد أن انصرف إلى تأليف الروايات التمثيلية وتعريبها للأجواق العربية، فرأيت أن أزيل همه وأخفف شكواه بنشر معلوماتي عن رصفائه الأجانب. فلو بلغ فياض أفندي أقصى ما يتمناه من الشهرة والنجاح لاأظنه يطمع بإحراز منزلة صاحبنا الانجليزي شاكسبير ولا هو يدعي أنه يستطيع أن يخرج للناس رواية أفضل من رواية هملت، ومع هذا فإن شاكسبير باع الرواية التي ملأت شهرتها الأسماع بمبلغ 7 جنيهات. وروى مؤلف عصري في انجلترا أنه باع رواية بعشرين جنيهاً، فراجت رواجاً لا مثيل له وكان الربح للذي اشتراها. ويقول أعظم مؤلف انجليزي السير ارثور بينرو أنه باع روايته التي عنوانها "200 جنيه" بزرين لأكمام قميصه وباع روايته الثانية بقيمة 5 جنيهات والثالثة بخمسين جنيهاً. و من جهة أخرى فإن المؤلف الناجح يربح أحياناً عشرة آلاف جنيه وبلغت أرباح المستر بري 25 ألفاً في السنة من رواياته".
مجلة سركيس، س 6، ع 24، مصر، 15 كانون أول 1912.
(20) ـ كان السي قدور بن غبريط إماماً لمسجد باريس و هو من المغرب العربي. ذكره أحمد الصاوي في كتابه "باريس" المنشور عام 1933.
(21) ـ الواقع في 28 آب 1931.
(22) ـ مجلة أصدرها في مصر اللبناني شاهين مكاريوس.
(23) ـ صحيفة كان يصدرها في مصر اسماعيل وهبي، شقيق الممثل يوسف وهبي.
(24) ـ اعتباراً من سنوات الثلاتينات تولي الصحافة العربية عنايتها بالبحث في التقاليد الأدبية والفنية الشعبية وتدرس الظواهر شبه المسرحية كما لو كانت اكتشافات لجذور قصصية أو مسرحية في التراث الثقافي العربي.
(25) ـ حينئذ كان مصطلح "الرواية" يشمل "المسرحية" أيضاً.
(26) ـ نشرت مجلة "الزهراء" عام 1924 مقالة بعنوان "اللهجات العامية، والغاية من العمل على نشرها" جاء فيها: "كتب إلى جريدة (العهد الجديد) البيروتية أن القسيس ـ الذي يدعو في بيروت إلى فكرة سخيفة وهي إحلال اللغة العامية محل اللغة الفصحى ـ أنشأ محاورة مثّلها تلميذان من تلاميذ كلية الآباء اليسوعيين في إحدى حفلات تلك المدرسة التي تقام مرتين في الشهر، وغايته من ذلك بيان كون اللغة العامية ألطف من اللغة الفصحى، وقد جعل هذه المحاورة إحدى الوسائل التي يتذرع بها لنشر اللغة العامية وملاشاة الفصحى بزعمه.
وكان أحد التلميذين ـ وهو المدافع عن الفصحى ـ يتكلم بها، والآخر ـ وهو المدافع عن العامية ـ يجيبه بالعامية. وهذا نموذج من المحاورة:
قال الفصيح: وكيف تريد أن تمحو اللغة الفصحى من عالم الوجود، وهي لغة لم تزل حية حتى اليوم.. حية بالقرآن.. حية بالصحف والمجلات والمدارس.. حية بالمجمع العلمي العربي بدمشق؟
فقال العامي: وإيش يكون المجمع العلمي بالشام وشو بينقلّو؟ ولحد هلّقني شو عمل، وشو سلطته، ومين عم بيسمعلو؟...والمسلمين ما بيقدروا يغيروا شرائع الطبيعة. اللغة الفصحى بدّها تموت، واللغة العامية بدها تقعد مطرحها..
وقد وجه كاتب هذه القطعة في (العهد الجديد) السؤال إلى مدير الدروس العربية في كلية اليسوعيين كيف أذن بإلقاء مثل هذه المحاورة في محفل المدرسة. وطلب الكااتب من الحكومة أن تنزل العقاب بهذا المتهجم على اللغة العربية الفصحى، لغة البلاد الرسمية، ولغة الأمة، لأن الإهانة التي توجه إليها تعتبر موجهة إلى البلاد وحكومتها وسكانها".
الزهراء، مج 1، ج 9، القاهرة، 15 رمضان 1343 (1924م)
ملاحظة: أصدر مجلة "الزهراء" السوري محي الدين الخطيب (1886 ـ 1969)، ومجلة "العهد الجديد" اللبناني خير الدين الأحدب.
(27) ـ خليل مردم بك (1895 ـ 1959)، أديب وباحث سوري عمل على إصدار مجلة "الرابطة الأدبية" في دمشق عام 1921، كما كان أحد مؤسسي مجلة "الثقافة" التي صدرت عام 1933 في دمشق أيضاً. تسلم عدة مناصب حكومية ودبلوماسية وترأس المجمع العربي بدمشق خلال الفترة الواقعة بين 1953 و 1959.
(28) ـ كاتب المتابعة الفنية هو الممثل المسرحي رفيق جبري.
أخذت الشركات السينمائية الافرنسية في إدماج عناصر جديدة وعمل أساليب طريفة في طرق الإخراج لا سيما بعد تدهور أفلامها وإعراض رواد السينما في أقطار العالم عن أشرطتتها ذات المواضيع التافهة التي لا تتضمن روعة الطبيعة والحياة والروح، ولأن أغلبها يمثل داخل ـ الاستوديو ـ فشريط الجزيرة العائمة يضاهي الأشرطة الألمانية والأميركية وبصورة خاصة من ناحية التمثيل، فقد كان بطل الرواية الكوكب الافرنسي القدير ـ شارل بواييه ـ متلبساً شخصية دوره بصورة تدعو للدهشة والإعجاب، فقد أخذ هذا الممثل في الاستعداد للتبوء على عرش ـ التمثيل ـ وقد ساعده على إكتساح زميله في الرواية الممثل الماهر ـ جان مورا ـ أهمية دوره، فلولا البراعة التي أبداها ـ جان مورا ـ في تمثيله لسقط من الوجهة الفنية.
الأسبوع المصور، س 6، ع 94 ـ 80، دمشق، 30 تشرين الثاني 1933.