تكتب هذه القصائد السبع تمزقات النفس في عالم فظ، يعاند أحلامها وتصطدم به على الدوام صبواتها، فيتعثر التواصل بين البشر، وتخفق العواطف في التعبير عن نفسها، وتتكسر اللغة نفسها وهي تتحول إلى مرآة لكل تلك الاحتطامات.

سبع قصائد

كريم إسكلا

(1) رائحة الكلمات
يطربني وقع السلاسل
حول سواعدي والأعناق
فتراقصني السياط
على ركح الجسد
فيكون النقر على وتر
الصراخ
سمفونية
تمزق لحاء الشجر
يا جرح زدني نزيفا
فالقيح المنجس
ينهمر
ليسقي وردا
مغروسا في الوجدان
يخترق العظم
بكلمات
قرنفل وأقحوان
أشم رائحة الجثت المتفحمة
          وسط هذا الصقيع
أشم رائحة
          السكرات
          رائحة الكلمات
فيا دمع
زد عيني بريقا
لتمسي مرآة
          أرى فيها
          اخضرارا
          وبحرا من بحور البلاد
فأغرق فيها
          شهيد اعتكاف

يا ليل
ليس لبردتك من معنى
إلا خرير صبح
يتدفق
والكحل الحالك
          فيك
          وعد تناسل عشق وقبل
          لأستنشق في آخر القصيدة
لأستنشق
عطر كلمات
تجعل الزمهرير
صوت بركان

17 ـ 04 ـ 2005م


(2) لكأني إله الموت
لكأني إله الموت
...
تذبل
في حدائقي
كل زهرة،
و يمسي العطر منها
وهما في رمش عين
تساقط
وريقاتها،
ويشقى القلب
ولا من خبر أو أخذ العبر.
تجف
المياه في كل واد.
ويحجب
عنا السحاب
وجه كل نجم
آه
خربت البساتين في وجدي.
وأمطر الخريف في أرضي
لكأني...
لكأني إله الموت
كلما أحببت واحدة
ماتت
ذبلت
أيجمل إذن
أن أكرهك... كي لا تموتي...؟

01 ـ 02 ـ 2006م


(3) دعوني أعزف الكون نظما
دعوني...
دعوني أعزف الكون نظما،
ليسترسل الكلم مني عطرا
لعلي أكنس البؤس
رقصا
وشدوا
دعوني...
آه كم تراوغني القوافي
ويناجيني السكون
وعويل المنافي،
تتمنع علي المعاني
ويموج الفلك بي
بين أبحر وصحاري،
تنفلت الكلمات
من زنادي
فلا يلجمها القلم عن الصياح،
دعوني
إني نظمت الشعر
يسليني
أو ينسيني
قلب المجن
ليرسم حكايات تبكيني،
فلتشتد ناصيتي
لألا تتكسر أحرف قصائدي
فقد انتظر الجمع شعرا
فما أسعدتهم حكيا
بل أدميت في صمتهم
جرحا
وجرحا
وجرحا
وقصيدة ما نسجت
خيوطها بعد
وأسمعتهم نشيدا
ما تلوته قط
دعوني
أعزف الكون نظما

01 ـ 05 ـ 2006م


(4) مازوشي أنا
من أنت؟
من أين أنت تسألني
وقد وهمت أني في قلبها نازل
وا مهجتي
ضننت أن جنانها بي عارف
سرابا
أكانت سرابا
أم سرابا سأصير
لست أدري
لست أدري
لم تتناسل العناكب أمام عيني
يزداد الروث والقيح بين أناملي
لست أدري
أناجيها عسلا
فأمسى فمي موطنا للذباب
متوحش حبي لها
عصابي
مازوشي أنا
أستلذ العذاب من رموش عينيك
آه لذيذة
أصوات أناملك على صدري
محرقة قطرات ندى شفتيك
لاذغة أنفاسك قرب عنقي
ممزقة نظراتك
آه لكن
لا أبالي إن كنت أنت معذبتي
لا تقلقي إن أمسيت هيكل عظم
لا تحتاري
أمريني فقط
أستوي
نسيجا
يشتهي لقياك
افقئي العين
واغتصبي اللحم
استبيحي الخدود و الجباه
انهشي العظم و الأطراف
...
مازوشي أنا
أستلذ العذاب
من رموش عينيك

16 ـ 04 ـ 2006م


(5) كفارة السهو
رأيت حكايتي
على الدفتر أرسمها
أستجدي العفو
والأمل
حملت الحبر
والألم
فهرع الدمع
إلى البياض
سربا
سيلا
ليمنعني
حرام
أن تغضب
الطهر
بهذا القلم
الألم
غسلت بنت العين
البياض من كلمي
وحمامة الأسى
ترفرف في ذهني
فازدانت في فمي
لازمة الحلم
قلت
بالرصاص
سأرسم أحزاني
لأنساها
إذ أنا أمحوها
يزول الخط
ويتسخ البياض في ذاكرتي
لقد نسيت أن أنسى
فضاقت ذاكرة النسيان
ودون أن أدري
مرت الأيام في لحظات
...
لتغمزني من قعر الفنجان
نكهة بن وحليب بارد
أثارت عاصفة الفنجان
قطعة سكر
ترنو حلاوة
تكنس مرارة بالجوف
ذاب السكر
فاعترتني المرارة
إذ تذكرت قلبي
ومذيبتي في المغارة
دون أن أدري
مرت الأيام في لحظات
...
قلمي هناك قرب الحذاء
الدفتر على صحن الغذاء
كان السهو
كان السهو مني نداء
...
كفارة السهو
يا سادة
سجدتين على صدر الفنجان
قبل السلام

27 ـ 01 ـ 2007م


(6) حادثة سير
حادثة سير
كان لقاؤنا
ارتطمت بك
أو ارتطمت بي
المهم
أن أشلائي
تطايرت
تناثرت
بين الشفتين وخصلة الشعر
كان لقاؤنا
حادثة سير
في الطريق السيار
طريق الحياة
هويت أرضا
وتوقف الزمن
بين الكلمات
وتكسر زجاج نوافذي
ما عدت أدري
أألم قطع المرآة
أم ملامح محياك
آه ما هذا؟
حتى القوافي تبعثرت في شعري
وتزلزلت المعاني
فاكفهرت سمائي
تجمهر الناس
لكن
لم يكن عرسا
إذ لم تكن ثلجية الثياب
وردية كانت
وجنتيها
أم ذاك دمي والمطر
لا أدري
فعلى صدري أصداء رقصة
إفريقية و كثير من طين البلاد
لذا استسلمت
لحادثة السير
و كالعادة
تأخر الإسعاف

03 ـ 02 ـ 2007م


(7) عتبات روحانية
دون أن تكلمني
غلقت الأبواب
فتفتح فضولي
سمفونية عزفت أنفاسها
قرب أذني
فاستثارت جنوني
بيديها فتحت
أزرار قميصي
وعينيها كشفت أسراري
أزراري
عتبات روحانية
خمس
الأول
لألا أنسى أن اليوم عاشوراء
وأذكر الحسين و فاطمة الزهراء
الثاني
لأستنشق رائحة التربة العذراء
الثالث
لأحضن جبالات البلاد الخضراء
الرابع
لتحتويني سيقان الزعفران
والخامس
لأتذكر طفولتي بين شقائق النعمان
خمسة كانت أزراري
عتباتي
فارتدينا العراء
وكشفت أضواء المدينة
عن شجرة توت عارية
وبانتشاء
طعمنا ثمرة الخلود
فانصرفت دون أن تكلمني
لست أدري
أإنتشاء أم كبرياء
انصرفت كي تشيع باكورة الربيع
في كربلاء
وانصرفت لأنزع عني العراء

30 ـ 01 ـ 2007م