هنا تقرير ملخص لأقرب الأفكار التي قدمت ضمن ندوة علمية احتضنتها مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، وهي أساسا ندوة تندرج ضمن احتفاء جمعية الفكر التشكيلي بذكراها السنوية العاشرة للتأسيس، التشكيل والحداثة موضوعان يرتبطان بجوهر ما يطرح اليوم من نقاش حول مآل الجماليات التشكيلية على ضوء الثورة المتواصلة التي تحققت اليوم في التشكيل العالمي.

التشكيل وأسئلة ما بعد الحداثة

في سياق مساءلة مفهوم ما بعد الحداثة واستقراء تعبيراته الجمالية والفنية، واستكمالا لبرنامج احتفالها بالذكرى العاشرة لتأسيسها، واحتفائها باليوم العالمي للفن، نظمت جمعية الفكر التشكيلي، يوم الأربعاء 19أبريل ، بشراكة مع مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء ندوة علمية حول "التشكيل وأسئلة ما بعد الحداثة " برحاب قاعة المؤتمرات بالمكتبة الوسائطية لمؤسسة مسجد الحسن الثاني ، استهلت بكلمة رئيس الجمعية ذ. محمد المنصوري الإدريسي، أعقبتها مداخلات فكرية وازنة لكل من الباحثين الإستتيقين د.محمد الشيكر وذ.إدريس كثير والناقد الفني ذ.إبراهيم الحسين، وتسيير موفق للكاتب والروائي ذ.سعيد بوكرامي.

اختتمت أشغال هذه الندوة التي حضرها جمهور كثيف ونوعي يتكون من فنانين ونقاد باحثين وإعلاميين وطلبة كل من المدرسة العليا للفنون للجميلة بالدار بيضاء وأكاديمية الفنون الحرفية، بتوقيع إصدارات جمعية الفكر التشكيلي ،فضلا عن توزيع وتوقيع مؤلف جماعي يضم مواد الندوة المنعقدة تم نشرها قبلا من طرف إدارة مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.

وقد خلص المتدخلون في الندوة إلى " أن الاقتراب من أفق مابعد الحداثة في مختلف تعبيراته الجمالية والفنية والقيمية والفكرية يقتضي منا التوسل بمداخل متعددة، وتنظيم لقاءات تواصل كثيرة ومكثفة، كيما نتمكن من القبض على تجلياته ومنتجاته ومنجزاته...

ونعتقد واثقين، ونحن نقترح هذا الموضوع، أن سؤال مابعد الحداثة ومتون الفن المعاصر التعبيرية لم تعد شأناً من شؤون نخبة فنية منكفئة على ذاتها، متحصنة بأبراجها العاجية ؛بل هو سؤال الراهن التشكيلي وسؤال مصائره ومآلاته. ذلك أن الحديث المكرور عن موت الفن كتعبير جمالي، ونهاية عصر الإستتيقا، وكل ما صاحب ذلك من ردم الهوة بين الفن واللافن، وارتفاع البون بين الأثر الإبداعي والمنجز الجاهز..كل هذا وما يدخل في جنسه يعنينا جميعاً كفنانين ونقاد وإستتيقيين ومهتمين ومولعين بالفن، وهو بعض مما نرنو إلى ملامسته عبر هذه الندوة الفكرية.

إن تكريس المفاهيمية كحساسية فنية معاصرة، والتوسل عربياً وكونيا بدعامات تعبيرية غير مألوفة أو تشذ في جملتها عن معايير الإبدال الجمالي الكلاسيكي والحداثي، كالفيديو آرت والفوتوغرافيا وتعبيرات الإرساء والهابنينغ والغرافيتي والفوتوغرافيا وغيرها، تنبئ بما لا يحتاج إلى قرينة بأن الممارسة الفنية الراهنة دخلت من دون شك منعطفا جديداً غير مشهود من قبل، يسمه البعض بوسم "المعاصرة المضاعفة"، أو "ما بعد الحداثة"، أو" الحداثة البعدية ".

ومن أهم مرامي هذا اللقاء الثقافي والعلمي هو الوقوف عند ملامح هذا المنعطف مابعد الحداثي، وملامسة منجزه الفني والجمالي.