في شعرية الكينونة اليوم وتشظيها، هكذا يخط الشاعر السوداني عادل سعد يوسف الإنسان اليوم في هذا الديوان الذي تقدمه الكلمة، حيث يخط لنا بورتريها فجائعيا لمآلات ربيع لم يخضر، وفوضى تمتد كي تجعل من جغرافية عالمنا العربي لحظة انتظار طويلة الأمد، وإنسان تائه بلا أمل في المستقبل.

ديوان العدد

حَرِيقٌ .. يَبابٌ يُزْهِرُ فِي جِهَاتِ الأرْضِ

عادل سعد يوسف

أنَا شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ ..

وَفِي صَوْتِي قُوَّةٌ نَقِيَّةٌ تَعْبُرُ صَمْتِكُمْ

بابلو نيرودا

 

(عَلَى ذِمَّةِ الَّذِينَ تَدَثَّرُوا فِرْيَةَ التَّارِيخِ).

 

تُسَمِّيكَ الطَّبِيعَةُ

مَنْجَمَاً

للْخَرَابِ الثَّرِّ

أيْنَمَا يَمَّمْتَ وَجْهَكَ

اصْطَادَكَ الْجُنْدِيٌّ قُبُّرَةً لِوَلِيمَةِ السُّلْطَانِ

أيْنَمَا أنْزَلْتَ رَحْلَكَ

اصْطَفَاكَ الْمَنْفَى

جَدَثَاً

لِتَابُوتٍ جَدِيدٍ.

 

مَا الَّذِي يَبْقَى مِنْ كَيْنُونَةِ الإنْسَانِ لِلإنْسَانِ؟

رَصِيفٌ مِنْ آهَةٍ مَلْفُوفَةٍ بِالرِّيحِ

أمْ حُلْمٌ كَنوْبَاتٍ مِنَ الْحُمَّى عَلَى جَسَدِ الْبِلادِ؟

مَا الَّذِي يَبْقَى مِنْ كَيْنُونَةِ الإنْسَانِ لِلإنْسَانِ؟

 

حَرِيقٌ يُعَالجُ وَحْشَةَ اللَّيْلِ/ يَبابٌ يُزْهِرُ فِي جِهَاتِ الْقَتْلِ/ أضْرِحَةٌ تَسْتَقْبِلُ الْعَدَمَ الْعَمِيقَ وخَيْبَاتِ الغِيَابِ/ مَرَاقِدٌ تَطِلُّ كَبُومَةٍ تَنَامُ عَلَى طَللٍ، وتَخْمِشُ فِي أظَافِرِهَا أكْبَادَ مَنْ مَاتُوا عَلَى ظَمَأٍ لِانْعِتَاقِ الضَّوْءِ مِنْ دُهْنِ الْحَنْظَلِ الْوَطَنِيِّ.

 

سَتَتْبَعُنِي إِلى حَتْفٍ

وَأتْبَعُكَ إِلي مَيْقَاتِنَا عَلَى جَبَلٍ

وَنَتْبَعُ بَعْضَنَا فِي بَرِّيَّةِ الأشْبَاحِ

آخُذُكَ

إلى نَبْعٍ مِنَ النِّسْيَانِ

وتَأخْذُنِي

إِلى فِتَنٍ مِنَ التَّطْهِيرِ غَامِضَةٍ

كَرِزقِ شَحَاذٍ فِي رَصِيفِ اللهِ

كَطُفَيْلِيَّاتٍ مُؤنْسَنَةٍ

تَخَافُ أنْ يُضِئَ اللهُ صُورَتَهَا

كَمُعْجِزَةِ الرَّبِيعِ عَلَى صَحْرَائِنَا الْكُبْرَى

سَتَتْبَعُنِي

أنَا وأنْتَ عُمْيَانٌ/ مُغَامَرَةٌ فِي طَرِيقٍ مُبْهَمٍ

عُودَانِ فِي عُلْبَةِ الْكَبْرِيتِ.

 

إذَنْ

دَعْنِي أُحَدِّثُكَ قَلِيلاً

عَنِ الْبَحْرِ

عَن اِمْرَأةٍ تَتَسلَّقُ الأسْلاكَ كِي تَنْجُوَ مِنْ مِنْجَلِ التَّعْذِيبِ

عَنْ مَطَارَاتٍ تُغْلِقُ أبْوَابَهَا فِي وَجْهِ الهَارِبينَ مِنَ الْجَحِيمِ

عَنِ مَلِيشْيَاتٍ مِنَ الْحُرَّاسِ عَلى سَطْحِ الْبُيُوتِ.

 

دَعْنِي أحَدِّثُكَ قَلِيلاً

هِيَ الأوْجَاعُ عَلَي بُرْعِمِ اللَّيْلِ

هِيَ الْمَسَافَاتُ مَفْتُوحَةٌ عَلَى رِحْمِ أمِّكِ

الدِّينــِيِّ

والْعِرْقِيِّ

هِيَ البِلادُ

الَّتي لَنْ تَظَلَّ كَمَا شَاءَ الأنْبِيَاءُ

فَالْقُبُورُ الآنَ هَادِئَةٌ

ولا شَيءَ يُزْعِجُ الْمَوْتَى

سِوَى ارْتِدَادِ الرُّوحِ

إلى أجْدَاثِهِمْ.

 

لا تَفْتَحِ النَّافِذَةَ

فَصَبَاحُكَ الدَّمَوِيُّ يَمْشِي عَلَى الطُّرُقَاتِ

نَهَارُكَ الْمَجْنُونُ مَذْبَحَةٌ تِلْوَ مَذْبَحَةٍ

لا تَفْتَحِ الْقَلْبَ

فَالْوَرْدَةُ رَصَاصةٌ فِي يَدِ الْبُسْتَانِ.

 

للِمَجَازِ الآنَ أنْ يُغَادِرَ حَنَاجِرَ الشُّعَرَاءِ

 

وَأنْ يَعْرَى فِي النَّشِيدِ الْمُرِّ/ فِي ارْتِبَاكِ الْمَرَاثِي عَلى طِينِ الأمَّهَاتِ، كَالعَصَافِيرِ عَلى دَغْلٍ مِن الأيَّامِ يَحْرُثْنَ مُوجِعَاتِ الْقَلْبِ/ وَيَنْتَظِرْنَ أحْذِيَةَ المُعَزِّينَ بِالْقَهْوَةِ السَّوْدَاءِ/ وَيَعْلَمْنَ أنَّ الَّذِينَ مَضُوا لا يَعُودُونَ إلا فِي إطَارٍ عَلَى حَائِطِ الذِّكْرَى.

 

كَمَدِينَةٍ مَلْغُومَةٍ بِالْحَرْبِ

سَنَدْخُلُ مِنْ بَابِ السَّعِيرِ إلى السَّعِيرِ/ سَنَدْخُلُ إلى عَبَثٍ يُحَرِّرُنَا مِنْ عَبَثٍ مَاكِرٍ فِي يَدِ الْكُهَانِ

الآنَ

نَحْنُ أبْهَى

مَا نَكُونُ فِي حُلَّةِ خَوْفِنَا الأزَلِيِّ/ نُلَمْلِمُ أشْلاءَنَا مِنْ حِزَامٍ نَاسِفٍ فَاجَأنَا فِي صَلاةِ الصُّبَحِ/ فَاجَأنَا أمَامَ طَهَارةِ الْعَذْرَاءِ فَانْكَسَرَ الْمَسِيحُ.

 

نَحْنُ الآنَ جُثَثٌ يُشَيئُهَا الْخَرَابُ

جُثَثٌ مُسَرْنَمَةٌ عَلَى تَارِيخٍ مِنَ الْفَوْضَى

كَأنَّنَا تِيهٌ يُسْلِمُ نَفْسَهُ للتِّيهِ

كَأنَّنَا

.............

.............

 

أوْطَانُنَا فَأسٌ يُبَجِّلُ فِكْرَةُ الْقَصَّابِ

مُنْذُ الْفِكْرَةِ الأولَى مِن فِتْنَةِ الأُمَوِيِّ

وَ الأُمَمِيِّ

إِلى الدَّمَوِيِّ

نُرَاوِحُ

فِي الهُتَافِ المُشْتَهَى

وَنَشْتَهِي أنْ نَرَى وَجْهَ حَنْظَلَةَ

عَلَى بَابِ الْجَلِيلِ.

 

أيُّ هُوَّةٍ مِنْ جُنُونٍ تُغَيِّبُنَا وَتَحْمِلُنَا إلى قِيَامَاتٍ جَدِيدَةٍ؟

أيُّ أرْضٍ سَتَرْضَى أنْ تَكُونَ مَقْبَرَةً لِصُرَاخِنَا الْقَوْمِيِّ؟

وتَعْلَمَ أنَّنَا بَشَرٌ

وَمِنْ حَقِّنَا أنْ نَحْتَفِي بِلَحْظَةِ الأمِنْ الْبَعِيدَةِ كَرَفْرَفَةِ الْمَنَادِيلِ عَلَى جَفْنِ الْحَبِيبَةِ؟

أيُّ أرْضٍ تُغَسِّلَ أَحْلامَنَا مِنْ عَضَّةِ الْخَوْفِ وَقَامُوسِ الْحَريقِ؟.

 

الصَّحْرَاءُ لَيْستْ مِعْجَمَ التَّعْرِيفِ لِلْبَدَوِيِّ الْجَدِيدِ

هِي صُورتُهُ الْبِدَائِيَّةُ بَينْ قَبيِلَتَيْنِ تَقَاتَلَتَا عَلَى فَرَسَيْ رِهَانٍ/ مَمَرٌّ آمِنٌ لِلأَسْلِحَةِ/ مُلَثَّمُونَ يُدَحْرِجُونَ جَمَاجَمَ الْمَوْتَى وَ يَطْهُونَ أجْسَادَ النِّسَاءِ قِرَىً

قَرَاصِنَةٌ

حَدَاثِيُونَ.

لَيْسَ للْبَدَوِي فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ

ذَاكِرَةٌ سِوَى الْغَزَوَاتِ/ ابْنُ مُؤَامرَاتِ اللِّيْلِ فِي الْفَلوَاتِ/ مُتْرَعٌ بِذُكُورَةِ النَّهْبِ وخُرَافةِ الأسْيَادِ وألْوَاحِ النِّكَاحِ.

 

لَيْسَ للْبَدَوِي فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ غَيْرُ شَعْوَذَةٍ مِنَ الْفِقهِ الظَّلامِيَّ/ غَيْرُ الاعْتِدَاءِ المَحْضِ عَلى الآمِنِينَ فِي الطُّرُقَاتْ،

هُوَ الْمَخْفِيُّ بِدِشَّاشَةٍ عَلَيْهَا أيْقُونَةُ الْمَارِينْزِ

يَمْشِي مِنْ هَيْكَلِ الأقْدَاسِ

إلى دَانِ الْمُكَلا.

 

أنَأ النِّيْلِيُّ

اُتْرُكْ أسْرَارَكَ للنَّهْرِ

وَاعْبُرْنِي

واغْفُ عَلَى حُضْنِ الْحَبِيبَةِ، قدْ تَرَى فِي النَّومِ حَقْلاً مِنَ الْقَمحِ، طَرِيْقَاً لَيْسَ تَحْصِدُه الْبَنَادِقُ/ جَنَّاتٍ مِنْ الأطْفَالِ بِمَلابِسِ الْفَرَحِ الإلَهِي كَلُؤْلُؤٍ مَنْثُورِ عَلى السَّاحَاتِ، قدْ تَرَى نِسَاءً لا يَبْكَيْنَ مِنْ فَقْدٍ ولا يُنْتَهَكْنَ كَقَطِيعٍ مِنَ الأغْنَامِ، قدْ تَرَى أرْضَاً تَنْهَضُ مِنْ قَرَارِ النَّارِ

 

وَاعْبُرْنِي

أنَا جِسْرُكَ الْمَشْدُودُ بَيْنَ مَدِينَتَيْنِ

بَيْنَ نُبُوءَتَيْنِ

 

يَا سَيِّدِي

فِي الْعَشَاءِ الأَخِيرِ

انْتَظَرْنِي

يَدِي قُوسٌ منَ الْفَصْحِ/ مِنْ نَهَارٍ نَاصِرِيِّ عَلَى كَنِيسَتِكَ الْقَدِيمَةِ/ عَلَى بَوَّابَةٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ/ سَتُرْهِفُ السَّمْعَ إلى أصْوَاتِنا، وَتَسْكُبُ زَيْتَ عَيْنَيْكَ الْمُقَدَّسِ عَلَى مَرَيَانَا

ولَكِنْ

ستَهْجُرُنَا الْبِلادُ.

 

انْتَظَرْنِي

سَتَقْتُلُنِي الْوَصَايَا وخَسَائِرُ الشُّعَرَاءِ وذِكْرَيَاتُ الْعَاشِقِينَ

سَيقْتُلُنِي نَقْصُ الْقَادِرِينَ عَلى التَّمَامِ، يَطْرُقُونَ بَابَ ذاكِرَتِي كَمَذْبُوحِ الْيَمَامِ

سَتَقْتُلُنِي خَرَائِطُ التَّقْسِيمِ/

أطَالِسنُا الجِدِيدَةُ/

بَصِيرَةُ النَّاجِينَ/

اكْتِنَازُ الْمَنْفَى بِالأسْرَار

حُرَّاسُ بِئْرِ بَرَهُوتِ

الظَّلامِيونَ.

سَنَقْرَأُ فِي الْكِتَابِ الْمَدْرَسيِّ:

كُلُّ عَاصِمَةٍ ستَصْرُخُ مِنْ بَرَازِخِ وَيْلِهَا

كُلُّ عَاصِمَةٍ مِنْ بَرَاثِنِهِمْ سَتَعْوِي

وَكُلُّ قَافِلَةٍ يَقُودُهَا الْبَلَوِيِّ

لا تَأمَنَنَّ دَلِيلَهَا.

 

يَا سَيِّدِي

وأنْتَ تَصْعُدُ نَحْوَ أخْشَابِ الصَّلِيبِ،

مِنْ مَسَامِيرِ الصَّلِيبُ سَتَقْفِزُ الأيَّامُ كَالأسمَاكِ فِي أسْبَاتِهِمْ/ والإكْلِيلُ أوْرَاقٌ مُكَدَّسَةٌ فِي عَرَاءِ اللَّيْلِ

فِي آخِرِ الصَّوْمِ الْمُقَدَّسِ

لأُسْبُوعٍ مِنَ الآلامِ.

انْتَظِرْنِي

وَلا تُكَفِّرْ عَنْ خَطَايَانَا

تِلْكَ إرَادَةُ النَّامُوسِ الإلَهِيِّ

سَيَرْفَعُكَ إليهِ.

 

أنَأ النِّيلِيُّ

أقْرَاؤُكَ فِي الْمَزَامِيرِ فَيَمْلَؤُنِي السَّلامْ

أقْرَاؤُكَ فِي الأنَاجِيلِ فَيَمْلَؤُنِي السَّلامْ

أقْرَاؤُكَ فِي الْوَجْهِ الأَحْمَدِيِّ فَيَمْلَؤُنِي السَّلامْ

 

أنَأ النِّيلِيُّ

 

كَعُشْبَةٍ تُمْعِنُ فِي مُغَامَرَةِ الْحَيَاةِ، أفَلِّي سَاعَةَ الْغَابَاتِ مِنْ حُكَّةِ السَّارِينَ وأحْمِي بِذْرَةَ الأشْجَارٍ مِن مَوتٍ صَامِتٍ/ منْ حَرِيقٍ يُعَالجُ وَحْشَةَ اللَّيْلِ/ مِنْ يَبابٍ يُزْهِرُ فِي جِهَاتِ الأرْضِ.

 

لَمْ يَزَلْ بَيْتِي عَلَى ظَهْرِي

 

أكَادُ أشْرَبُ مِنْ صُنْبُورِ مَاءٍ فُرَاتِيٍّ

حَطَتْ عَلَى ذُؤَابَتِهِ عُصْفُورَةٌ،

ثُمَّ دَارَتْ إلى سَرْبٍ مِنْ عَصَافِيرَ انْتَظَمْنَ عَلَى حَبْلِ الغَسِيلِ

وغَمَّسَ أبْنَاءُ أخْتِي أصَابِعَهُمْ فِي رُوحِهَا الْمَائِيِّ

أكَادُ أرَى اسْمِرَارَ الْكِسْرَةِ الْعَذْرَاءِ فِي صَاجِ أمِي،

و لُؤْلُؤَةً مِنَ الْعَرَقِ الشَّرِيفِ فَوْقَ عَيْنَيْهَا.

أكَادُ

 

.لَمْ يَزَلْ بَيْتِي عَلَى ظَهْرِي

ولَمْ يُعَرِّفْنِي

الشَّتَاتُ.

 

أقُولُ لامْرَأةٍ

وَأخْتَبِرُ الْمَكَانَ عَلَى رَهَقٍ

وَأسْلَخُ وَجَعِيَ الْمَطْبُوخَ عَنْ طَائِرِ الْغُرْنُوقِ

- جَمَيْلَةٌ أنْتِ، فِي أيِّ النَّهَاراتِ الْتَقَيْنَا

- لَم نَلْتِقِ أبْدَاً

- تُشْبِهينَ امْرَأةً خَطَفَ السُّبَاةُ بَرِيقَهَا، عَانَقَتْنِي مِثْلَ نَصْلٍ عِنْدَ أسْلاكِ الْمُخَيَّمِ، ترَكَتْ دَمْعَةً مِنْ رُعْبِهَا عَلَى كَتِفِي لأذْكُرَهَا

مُنْذُهَا

كُلَّمَا صَادَفْتُ اِمْرَأةً مَزَّقَتْهَا الْحَرْبُ

تَجِيئُ صُورَتُهَا كَإعْصَارٍ مَدَارِيٍّ

كَيْ تُحَاصِرَنِي بِالشَّبِيهَاتِ

بِالْبُنَيَّاتِ اللائِي مِنْ رُعْبٍ

تَسَلَّلْنَ عَلَى مَراكِبِ المَوْتِ

وُهُنَ يَتْرُكْنَ الْبِلاَدَ

لِيَمُتْنَ

فِي عُرْضِ الْبِحَار

وَتُرْهِقُنِي

الْحَيَاةُ.

لِمَسَافَةٍ مِنَ طُوبِ مَحْرَقَةٍ

أوْ حَقْلِ مِنَ الألْغَامِ

أرَاكَ تُرَبِّي تَجْرِيدَةً

لاعْتِقَالِ الْبَحْرِ

تُرَبِّي صَبَاحَاً آخَرَ لِقَنْصِكَ

كَنَعَامَةٍ مَكْشُوفَةٍ فِي خِبْئِهَا الرَّمْلِيِّ

تُرَبِّي أَرْبَعِينَ خَرِيفَاً

لِنُبُوءَةِ الْفَوْضَى

وَ تَسْيِيسِ الْمُقَدَّسِ

وَيُرْضِعُكَ الزَّمَانُ دَرَّ نَاقَتِهِ

لَكَأنَّكَ مِنْ قَوْمِ عَادْ

لَكَأنَّكَ

سَحَابَةُ بُرْكَانٍ سَدِيمِيٍّ

لَكَأنَّكَ

هَذَا الرَّمَادْ.

 

يَقُولُ الثَّوْرِيُّ لِلثَّوْرِيِّ:

يَا ابْنَ أمِّ لا تَأخُذْ بِنَاصِيَتِي

وأنْتَ الْقَرِيبُ مِثلُ رُوحِي

الآنَ نَشْرَبُ

مِن قَصْعَةِ الْحِمْضِ الْجِهَادِيِّ

أنَا وأنْتَ بَيْدَقَانِ لأُكْذُوبَةِ التَّنْوِيرِ

لا تَأخُذْ بِنَاصِيَتِي

هَلْ للنُّعَاسِ الْجَمْرِ ذَاكِرَةٌ لِيَرْتَبِكَ النَّدَى

أم هِيَ تَغْرِيبَةُ الثَّوْرِيِّ؟

كَأنَّ

رَبِيعَنَا الْعَرَبيُّ

صُنْدُوقَ بَانْدُورَا

ومَجْلِسُ الأمِنِ

حَدَّادٌ يَنْفُخُ فِي كِيرِهِ الْمَثْقُوبِ

واللَّيْلُ

نَحِيبٌ طَاعِنٌ فِي سَبْخَةِ الْهَذَيَانِ

طُوفَانٌ مِنَ الْمَوْتَى

بَيْنَ يَثْرِبَ وبَادِيَةِ السَّمَاوَةِ

مِنَ الدِّلْتَا إلَى حُضْنِ الْمُحِيطِ الأطْلَسيِّ

طُوفَانٌ مِنَ الْمَوْتَى.

 

 

السودان 2017