يخصنا الأديب والشاعر الأردني المرموق، بهذا الديوان القصير الذي يمثل أحد وجوه تجربته الشعرية الخصبة، فإلى جانب كتاباته الروائية، تنوعت تجربته الشعرية كي تلامس كثيرا من قضايا الشعر ومواضيعه وهنا نقترب من تجربة شذريات شعرية تقترب أكثر من تيمات حميمية وأكثر إنسانية تقترب من جوهر الإنسان وروحه.

سيرة الكرز (ديوان)

إبراهيم نصر الله

1 -

أكثرُ من جرحٍ في ركبتيكِ

كم هو صعبٌ

ترويضُ الشّهوة!

 

2 -

بقعةٌ حمراء مثل قُبلةِ حصان

في منتصفِ ظهركِ

ليس طريًّا تمامًا كما يظنّون سريرُ الغيم

 

3 -

كرزٌ حلوٌ وحارٌ

على شفتكِ الممتلئةِ كقرصِ عسل.

شرّيرةٌ أحيانًا كلَذَّتِها

نحلاتيَ الجائعات

 

4 -

شمسانِ طيبتانِ

في أعالي صدرِك

كلما مسَّتهما الروح

تسامت

وكلما مسَّتهما أصابعي احترقتْ!

 

5 -

سهلٌ فسيحٌ

كعدْوِ الأرانبِ البيضاءِ

بطنُكِ

بلمسةٍ كالحرير

يقطعُ السَّهلَ بوثبة

 

6 -

عودُ قصبٍ يُقلِّبُ الجهات

لا يُفكِّرُ سوى في اصطيادِ الريح

عُنقكِ الذي تحوَّلَ بقُبلةٍ

إلى ناي

 

7 -

تنهيدتُكِ العذبةُ بحيرةٌ

تتقلّب إلى جانبي وتعلو..

ذكرياتٍ لليلةٍ من عسل

 

8 -

لسانُك الذي يفيضُ بسبع لغات

خمس مراتٍ إليه تحجُّ

أنهاريَ السرِّية

 

9 -

عيناك العميقتانِ

كينبوعين في الظلّ

نداءانِ غامضان

للعاشقِ الواضح

 

10 -

قولي شيئًا ما

أيَّ شيء

أو هَدْهِدي الغدَ

لقد أمضى الليل، يعوي، قلبي

 

11 -

تفاحتُكِ التي أهديتنيها

شهيةٌ أكثرَ من جنة

خُطواتُكِ في البريَّة إلى جانبي

أوسع من زُرقةِ السماء

 

12 -

خلْفَ الأرضِ ولِدْنا اثنين

قبل أن نتعلَّم الحروف

بشعلةِ نارٍ

تَعلَّمْنا إطفاءَ الشَّوق

 

13 -

نمشي ووراءنا تعدو

غِزلانٌ لا بيوتَ لها

المدى مغلقٌ بلعنةٍ مُغمَضةٍ

كي لا ترى الضحايا

والخطايا

طريقُ نجاتِنا الوحيد

 

14 -

صورتُكِ التي لم يأْسِرها مدًى

ولم يشرب البرقُ اكتمالها

ولم تُـجرِّحْها الرياحُ الباردة

طليقةٌ في قلبي

بألفِ جناح

 

15 -

ثلاثةُ فرسان يحرسون موكبَ الملكة

قلبيَ المجنون

روحيَ المشاغبة

وأغنيةُ حبِّها

 

16 -

عنقُها الأبيضُ

زنابقُ النهر العظيم

وقامتُها المنحوتة في الشّغف

قصيدتي الهاربةُ من الكلمات

 

17 –

لم يتوقّف الغزالُ عن الرّقص حينَ رآكِ

ولم يضَع العازفُ جانبًا الكمان

الأغاني شلالٌ وشالات

ونحن في انتظارِ التهامِكِ لنا منذُ ولِدْنا

 

18 -

طائشةٌ خصلةُ شَعْركِ السّوداء

طائشةٌ لفتتُكِ وابتسامتُكِ الغامضة

طائشٌ تهاديكِ غيمةً في العطش

طائشةٌ خيولي التي لم يرْوِها النّهر

.. منذ أن تذوَّقتُ طعمَ جمرتِكِ

 

19 -

ماذا كتبتِ على الرّيح

كي تملئي الأفقَ بالخيول؟

ماذا همستِ للماء

كي يقفزَ البحر إلى الشاطئ؟

ماذا غنَّيتِ للعشب

كي أكتبَ كلَّ هذه الأغاني التي لم أكن أعرفها؟!

 

20 -

جندبٌ صغير يتقافزُ في الكلام

جندبٌ على سيقانِ القمح وعلى غُرَّةِ نَيْسانَ الخضراء

وشقاوةِ البهجةِ في قُبُلات اللعِب

جندبٌ قلبي، وعلى طريقتِهِ يقولُ لكِ حين تعبرين: أُحبُّكِ

 

21 -

النوافذُ، نوافذُ الظباءِ والأرانب والصقور

النوافذُ، نوافذُ الكناري والبجع

نوافذُ الحكمةِ والطيش

عذوبةِ الأغنيةِ وملوحةِ النشيد:

صوتُ مخالبِكِ المشتهاةِ على الثلج

 

22 -

ملكةٌ في الحرير

أسيرةٌ في الهوى

حرّةٌ في الأزرق

ذئبةٌ في العتمة

بخيولي أُلوِّنُ بحرَكِ

بطيوري تنهيدتَكِ

 

23 -

مثل حبةِ كستناء

في موقدِكِ أنا هذه الليلة

ومن نايي يفيضُ العسلْ

 

24 -

خارجونَ على الليل

عُصاةٌ بأجنحةِ الفضة

يغافلونني هاربين قُبَيْلَ الفجر

ليندسُّوا في سريرِ أنفاسِكِ:

قلبيَ المجنون، روحيَ المشاغبة

وقصيدتي التي تتوقُ لأن تُولَد

 

25 -

لم يكن خطأ ولا صوابًا

كان ذئبًا

وهذا أجملُ ما فيه:

حبُّكِ