يواصل الشاعر الفلسطيني نشر استعاراته الجسدية الشعرية، والتي يخصصها لسفر إبداعي في عوالم المرأة واستعارات حضورها، سواء في بعدها الميتولوجي أو اللساني أو في تلك الدلالات الثاوية بين ثنايا الكتابة وبعدها الصوفي، هي استعارات تنفتح على صدى الصور وعلى غنى اللغة الشعرية وهي تحاول كتابة بعضا من تفاصيل هذا الحضور ضمن قصائد خصصت موضوعها للاحتفاء بالمرأة.

استعارات جسديَّة

نمر سعدي

ليلٌ أزرقُ وقبَّعةٌ تخرجُ منها العصافيرُ المبتهجةُ بلا شيءٍ
ليلٌ أزرقُ وعباءاتُ غيومٍ لنساءٍ لم يصلنَ بعدُ من سِفرِ المزاميرِ
شاعرٌ يبحثُ عن لغةٍ في الشِعرِ الجاهليِّ
كيْ يصفَ خلخالَ إمرأةٍ لا يسمعُ سوى رنينهِ الخفيِّ
ولا يرى سوى لمعانهِ الكثيفِ الضوءِ
شاعرٌ أو عابرُ ليلٍ أزرقَ في لوحاتِ سلفادور دالي

*

لمنْ أُرتِّبُ ليلي؟ أيُّ أُغنيَّةٍ
أختارُ وحدي؟
وتُفَّاحُ الشتاءِ لمنْ؟
لا حُبَّ في الحُبٍّ
لا أرضٌ ستتَّسعُ
لشهوةٍ امرأةٍ من خمرةٍ وشجنْ
لمنْ سأقصصُ رؤيايَ؟
الفراشةُ في جسمي
من العطشِ الروحيِّ تندلعُ
لمنْ أُقلِّمُ أزهارَ الضبابِ لمنْ؟

*

راقصةُ الفلامنكو الجميلةُ
تلكَ التي من حفيداتِ لوركا
النحيلةُ كالغصنِ..
راقصةُ الفلامنكو التي لا تشيرٍ إلى قمرٍ في السماءِ
ولكن لمن يتفحَّصُها من بعيدٍ بعينينِ من وهجِ الهندباءِ
تضيءُ المكانَ بوشمٍ على شكلِ حوريَّةٍ تتأهَّبُ للطيرانِ
ويتبعُها شجرٌ عائليٌّ إلى آخرِ الأرضِ
يتبعُها مطرٌ هامشيٌّ
وظلٌّ لخاصرةِ الشمسِ
فالنسوةُ الغجريَّاتُ
أجملُ ما في الطريقِ إلى البيتِ والأُغنياتْ

*

وكامرأةٍ في الخريفِ تُطيِّرُ نورسها المتوجِّسَ من غيمةٍ
أو تُرقِّصُ ظلَّ بنفسجها في الظلامِ
أُدرِّبُ نثري على الطيرانِ فيسقطُ..
عشرونَ عاماً أُدرِّبُ قلبي على الطيرانِ
ولا أنجحُ..
القطُّ أغفى على درجِ البيتِ
والأُقحوانُ على حالهِ
الكلبُ ملَّ النباحَ ونامَ على جوعهِ
والنداءُ الخفيُّ على حالهِ
نسوةٌ يتقاسمنَ قهوتهنَّ وخبزَ الصبابةِ..
شخصٌ يعاكسُ سيِّدةً في الهزيعِ الأخيرِ: أُذكريني لأنساكِ..
لي رغبتانِ تضيئانِ عينيكِ أو شهوةَ الليلِ
أحتاجُ صوتكِ يأخذني من يدي في الزحامِ
لكي لا أضلَّ طريقي الخريفيَّ أو أستضيءَ
بعينَيْ سواكِ..
وأحتاجُ صوتكِ يُبعدُ عني المجازَ الرديءْ

*

تمشي الغجريَّةُ مشيَ الظبيةِ أو مشيَ الغيمةِ
تمشي كالفرسِ العربيَّةِ حيناً
وكراقصةِ البارِ المشدودةُ أحياناً أخرى
يجلوها الفستانُ الضيِّقُ
يكتبها سرُّ التكوينِ
وتمحوها عاطفةُ الماءِ..
الغجريَّةُ نايٌ يتلظَّى
شجرٌ بحريٌّ يتعرَّى من رغبتهِ
مطرٌ ليسَ يبلِّلنا إلَّا في الأحلامِ
الغجريَّةُ مثلُ القطَّةِ تتركُ منضدةَ الريشِ وتذهبُ
لا لتعدَّ أصابعها في الريحِ الخضراءِ
ولا لتغنِّي مثلَ المهزومينَ
ولا لتردَّ ضفيرتها لنسيمِ الشمسِ
فطيرُ أنوثتها مقهورٌ
وعلى قدميها تبكي العنقاءْ
الغجريَّةُ تتركُ زينتها في البيتِ وتذهبُ
كي تتحوَّلَ نرجسةً تتنهَّدُ في ليلِ الصحراءْ

*

لا أحفظُ قصائدي عن ظهرِ قلبٍ
ولا أسماءَ النسوةِ اللواتي أقمنَ وتشمَّسنَ فيها
وأرخينَ شعورهنَّ على شجرةِ لبلابٍ في الشرفةِ الغربيَّةِ
فأنا بالكادِ أحفظُ رقمَ هاتفي أو بريدي
لكني أُحبُّ يفتشينكو لأن صهيلهُ يصلُ القلبَ من أعالي سيبيريا
وهو يُلقي بشعرهِ من نوافذِ الحريَّةِ
نيابةً عن كلِّ الشعراءِ المنسيِّينْ

*

أيُّها الفوضويُّ المملُّ كلحنٍ رتيبْ
لا علاقةَ لي بأحدْ
لا علاقةَ لي بصلاةِ الأحدْ
لا علاقةَ لي بالمرايا ولا بوصايا الزبدْ
منحتني خطايَ إلى أثرٍ لا يُرى
في متاهِ الفراشةِ أو في مدارِ الحليبْ

*

(سأراكَ في الأمسِ القريبِ)
يقول جان دمو لبعضِ الأصدقاءِ
ويقتفي بالقهقهاتِ سعالَهُ
وكثعلبٍ نزقٍ يخطُّ قصيدةً عن موتِ عصفورٍ
ويسألُ عابراً عن ظلِّهِ الشتويِّ
أو عن لغوِ حيرتهِ..
الأنيقُ.. المهملُ.. الضلِّيلُ.. والصعلوكُ
يرتقُ قلبهُ بعبارةٍ أُخرى
ويتركُ للرياحِ وللعصافيرِ اليتيمةِ والصدى أسمالَهُ

*

أنتِ لن تكتبي الشِعرَ يوماً ولا النثرَ
لن يتنهدَّ بينَ يديكِ مَحارُ اشتهاءاتكِ الأنثويَّةِ
لا الشجرُ الاستوائيُّ سوفَ يظلِّلُ خصركِ
إن لم تُحبِّي كما ينبغي للوحيداتِ
أو تجعلي جرحكِ النرجسيَّ ضفيرةَ لبلابةٍ
شرفةً للأغاني القديمةِ..
لن تعرفي طعمَ جسمكِ
ما لم تثوري على كلِّ عشَّاقكِ الآخرينْ

*

كيفَ أُغمضُ عينيَّ عن ذكرياتِ نساءٍ
ينظِّفنَ أيديهنَّ من الشوكِ والأُرجوانِ
يلِّمعنَ ثلجَ أصابعنَّ بحنَّاءِ توتٍ
ويحبسنَ في ماءِ أجسادهنَّ حمامَ الخريفْ؟
كيفَ أُغمضُ عينيَّ
عن حبقٍ في ظهيرتهنَّ وغيمٍ خفيفْ؟

*

ليسَ من عادتي أن أكونَ كثيرَ الكلامِ ولا الصمتِ
لكنني كنتُ لامرأةٍ وحدها ما تريدُ وما تشتهي
كنتُ نقصانها واكتمالَ دوائرها
شمعها الجسديَّ وفضَّتها..
ملكاً خلعتهُ العبارةُ عن عرشِّهِ
والرؤى ثبَّتتْ قلبهُ..
سائساً لخيولِ أبيها
سلالاً لدمعِ يديها
ظلالاً لأشباحها في الظلامِ
إرتعاشاً لضحكتها..
قوسَ ماءٍ لأحزانها الأُنثويَّةِ..
وهيَ تزيِّنُ خلخالها بالأغاني
وكاحلها بمراثي النساءْ
ليسَ من عادتي أن أكونَ
كثيرَ الهُيامِ الإباحيِّ لكنني كنتُ
للمرأةِ المومياءِ وللجسدِ المومياءْ

*

لم نختلفْ أبداً على تفسيرِ لونِ هوائنا الجبليِّ أو طعمِ الكآبةِ
كلُّ ما في الأمرِ أنَّ دوارنا البحريَّ بوصلةٌ تُشيرُ إلى السماءِ
وشمسنا تفَّاحةُ المرجانِ أو شجرُ الصدَفْ
كلٌّ يتمِّمُ لغوهُ الأرضيَّ في الأشياءِ
أو في الأبجديَّاتِ القديمةِ
أو يعلِّمُ ضدَّهُ شجوَ العصافيرِ المُصابةِ بالشغفْ
لم نختلفْ أبداً ولم نبحثْ عن الولهِ المكابرِ
في احتمالاتِ الأنوثةِ أو سريرِ الحُبِّ..
من أسمائنا ريحٌ تهبُّ على بنفسجةٍ تعيدُ الليلَ
في تنهيدةٍ شتويَّةٍ للمنتصفْ
لم نختلفْ أبداً.. ولا لنْ نختلفْ

*

تستحمِّينَ بالماءِ كي يتحوَّلَ ضوءاً خفيفاً
فتندلقُ الذكرياتُ على ظهركِ المتوجِّسِ
من نرجسٍ في يديَّ
ويحترقُ الماءُ كالعطرِ أو كالبخورِ
هو الماءُ سرُّ حجابكِ أو كشفُ فتنةِ بعضِ مراياكِ
أوَّلُ خصركِ.. آخرُ كتفيكِ..
عبدُ اشتهاءاتكِ المدلهمَّةِ
سيِّدُ أمطاركِ الاستوائيَّةِ..
الماءُ توأمُكِ..
الماءُ صارَ غريمي
وصارَ نديمي اللدودْ

*

هي غُصَّةٌ في الروحِ ناعمةٌ.. وجارحةٌ
تُغطِّي بالترابِ وبالندى جرحَ الكلامِ
وأبجديَّةُ عاشقٍ سيفيقُ يوماً ما على حربٍ
فلا يجدُ الحقيقةَ قربهُ تنحازُ للزيتونِ
أو لأصابعِ الرؤيا ولا يجدُ الكلامَ
وما يضيءُ بهِ المسافةَ بينَ هاويتينِ أو دمعَ الخيامِ
ولا خطى الماشينَ فوقَ رياحِ تلِّ الزعترِ المنسيِّ..
فالموتى الحيارى فيهِ كانوا يُبصرونَ الأرضَ
مثلَ فمِ الحبيبةِ في سماءِ الله من ورقِ الغمامْ
هي غُصَّةٌ بيضاءُ.. فارهةٌ
دماءُ الوردِ في صبرا وشاتيلا وفي جسدِ الرخامْ

*

كمن يتعقَّبُ ظلَّ القصيدةِ أو قمراً لا يضيءُ.. كمنْ
يُبقِّعُ بالشهوةِ الليلَ أو يرتقُ النهرَ بالرائحةْ
لا مرايا تقدُّ قميصي من الخلفِ.. لا قُبلةٌ مالحةْ
ترتقُ الحُبَّ في جسدي بالغيابِ وبالبارحةْ
فلمنْ كلُّ هذا الحنينِ؟
لمن كلُّ هذا السرابِ لمنْ؟

*

أضعتُ كتاباً لبورخسَ في صغري في سقيفةِ بيتٍ قديمٍ
ملوَّنةٍ بالعصافيرِ.. زرقاءَ.. خضراءَ.. صفراءَ..
مكتظَّةٍ بالفراشاتِ شفَّافةً كالنداءِ.. مكثَّفةً كالصدى
وأضعتُ حصاناً من الخشبِ المهاغونيِّ في غابةٍ إستوائيَّةٍ
وقصائدَ مكتوبةً بمياهِ التباريحِ أو برذاذِ النسيمْ
أضعتُ نساءً.. وأمكنةً.. وحدائقَ منسيَّةً.. ونجوماً خريفيَّةً.. وأغانٍ
ومنذُ ثلاثينَ عاماً أُفتِّشُ عنها بلا أيِّ جدوى
كطفلٍ يُفتِّشُ في غرفةِ الحلمِ عن لعبةٍ من هواءٍ
وفي حفرةٍ عن غيومْ

*

الوحيداتُ يحتجنَ تقليمَ لبلابهنَّ
الذي امتدَّ في الليلِ خارجَ أسوارِ أجسادهنَّ
كحاجتهنَّ لبُنِّ الظهيرةِ
أو للغناءِ الذي يشبهُ المطرَ المتواصلَ..
يحتجنَ ثرثرةً عن أساطيرِ عشَّاقهنَّ القدامى
ويحتجنَ شمساً لتلميعِ أحلامهنَّ
ويأساً خفيفاً ليكتبنَ أسرارهنَّ..
الوحيداتُ يحتجنَ تقليمَ لبلابهنَّ المراوغَ
قبلَ أظافرهنَّ..
وتأجيلَ معنى الفراغْ

*

فيا امرأةً ملوَّعةً أُسمِّي
شذى ليمونها ناري ومائي
نسيتكُ في فضاءِ الكحلِ حتى
رأيتكِ كالغزالةِ في النداءِ
حدائقكِ الكثيرةُ فيكِ ربَّتْ
حرائقكِ المطيرةَ في دمائي
أُسمِّي صوتكَ النعناعَ.. وحدي
ألمُّ خطاكِ في ليلِ اشتهائي

*

عانقْ القصيدةَ على عجلٍ كمن يتأهبُّ للسفرِ
قبِّلها كامرأةٍ جميلةٍ قبل تلويحةِ الوداعِ
أو أُنفخ لها قبلةً في الهواءِ كما تنفخُ صباحاً لإحداهنَّ
أقصدُ تلكَ التي لا تريدُ الخروجَ من قلبكَ
مع أنها طردتكَ من قلبها آلافَ المرَّاتِ
القصيدةُ انتظارٌ فضيٌّ على بوَّابةِ الرغبةِ
لا يُجيدُ التناحرَ مع الآخرينَ
فالغزلانُ لا تحسنُ القيامَ بوظائفِ الجنودِ
هي فقط تحرسُ ظلالَ البريَّةِ وحدودَ النسيانِ
وأشجارَ الليمونِ التي تشربُ قهوةَ الصباحِ
بمعزلٍ عن كائناتٍ تغزلُ ثوباً جديداً للأرضِ
القصيدةُ امرأةٌ ترقصُ على وقعٍ أنغامٍ غيرِ مسموعةٍ
وفراشةٌ كلَّما سمعتْ حرباً ترغي في مكانٍ ما تتأهبُّ للطيرانِ

*

بملاقطِ الألمِ المكابرِ والنبيلِ
رفعتُ عن شفتينِ ناعمتينِ
عن خصرٍ كحقلِ التوتِ
عن صدرٍ من الياقوتِ
أجملَ وردةٍ بريَّةٍ حمراءْ
شِعري يُذكِّرني فلا أنسى
أنوثتكِ التي استعصتْ
على التفسيرِ والتعريفِ
والتحليلِ والإنشاءِ
هل تنسى الظلالُ الضوءَ؟
هل ينسى الترابُ الماءْ؟
قلبي يعذِّبني..
لأنكِ آخرَ الدنيا..
لأنكِ أولُّ الأشياءْ

*

تردَّدتُ كالغُصنِ في الريحِ
كالعاشقاتِ الصغيراتِ
كالماءِ في النثرِ
كالظلِّ في الشِعرِ
كالشجَرِ المُقتنى
كالعبيرِ المراوغِ
كامرأةٍ سلَّمتْ قلبها للطيورِ..
تردَّدتُ قبلَ كتابةِ هذي القصيدةِ
قبلَ اقتفائي خطاكِ
وضحكتكِ الخلبيَّةِ
قبلَ الذهابِ إلى النومِ
قبلَ انحنائي على قصبِ الليلِ
قبلَ اشتهائي لعينيكِ في قمَّةِ الارتباكْ
تردَّدتُ كيما أُدرِّبَ قلبي على الصدِّ
كيما أراني بمنعزلٍ عنكٍ..
كيما أراكْ

*

أفتحُ نافذةً للنهارِ تطلُّ على مطرٍ أوَّلٍ
وعناقٍ طويلٍ لرائحةِ البُنِّ في شارعٍ ضيِّقٍ والحنينِ
على بُعدِ أُغنيةٍ تتفتَّحُ حولَ حقولِ الصباحِ
كما يتفتَّحُ في جسدِ امرأةٍ أربعينيَّةٍ برعمُ البرتقالِ الأنوثيِّ
أو جرحها النرجسيُّ الذي لا يُقالْ

*

قدمايَ رقصةُ موجةٍ وأصابعي
الناياتُ والغاياتُ والأوتارُ
وفمي بنفسجةُ الضبابِ وكاحلي
جهةٌ لمعناها تصبُّ النارُ
فكأنما أمشي ولا أمشي ولي
حبقٌ يضيءُ غوايتي ومَحارُ
ورمادُ عنقائي وجانداركُ التي
من حبِّها تتوهجُّ الأشعارُ
وخضابُ أوفيليا وماءُ جمالها
تُسقى بهِ الأرواحُ والأزهارُ
تركتْ لأنكيدو البحيرةَ كلَّها
مفتوحةً.. أزرارُها النوَّارُ
وخريفُ إلسا في النساءِ ودمعةٌ
يحتاجها أراغونُ أو إيلوارُ

*

القصيدةُ لا تكسرُ الشوقَ
لا يُكسَرُ الشوقُ إلَّا بماءٍ عنيدٍ
يُساقي رمادَ ورودِ الشفاهْ
ولا يُكسرُ الشوقُ إلَّا بتفَّاحتينِ اثنتينِ
تشقَّانِ عريَ القميصِ الذي هفهفتهُ المياهْ
القصيدةُ لا تكسرُ الشوقَ
لا تنحتُ الآهَ من شهقةٍ في الأصابعِ
لا تصلُ الفمَ بالفمِ
والخصرَ بالخصرِ
واللسعةَ الأُنثويَّةَ بالضفَّةِ المشتهاهْ
القصيدةُ عُريانةُ القلبِ في زمهريرِ الحياةْ

*

شيءٌ خفيٌّ ما يحرِّضني لأغفرَ أو لأدخلَ في الهلامِ الدائريِّ..
أنا المدجَّجُ بالشتاءِ وبالرياحِ السبعِ..
قلتُ: لعلَّني أنسي.. ولكنْ ما الذي فعلاً أُريدُ من الحياةِ، من الكتابةِ، من ثمارِ حنينِ آدمَ للتفتُّحِ والنهوضِ من الترابِ، من النساءِ اليائساتِ من الرجالِ.. بداخلي رجلٌ يقاسمُ ذئبةً خبزاً ويمضي دونَ أن يدري إلى أينَ.. الهشاشةُ حصَّتي وفراشتي الصفراءُ.. هل يبكي الرجالُ لأنَّ حظَّاً ما تعثَّرَ في الطريقِ..
لأنَّ حُبَّاً ما تأخَّرَ؟
رغبتي زرقاءُ.. لا كالبحرِ.. لا كصدى الغيابِ.. ولا كصوتِ الماءِ.. لا كالريحِ
حينَ تحكُّ كحلَ الساحلِ العاري.. ولا كالغيمِ.. لا كأصابعِ التمثالِ وهوَ يُشيرَ نحوي في الحديقةِ.. رغبتي زرقاءُ من شوقِ الأنوثةِ للجمالِ..
من استعاراتِ الصدودِ أو الوصالِ
من احتراقاتِ الأهلَّةِ في السريرِ وفي الجسدْ

*

على امرأةٍ بأنوثتها لا تثقْ
لا يُعوَّلُ..
حتى ولو كانَ سيَّدَ أعضائها الماءُ
أو طارَ عن صدرها حجلٌ واحترقْ.