تخلص الباحثة إلى أن قصائد الريشة حظيت بحضور نظائر صوتية متنوعة، فكان التّجانس الصّوتيّ حاصلًا من تشابه أصوات منفردة، أو من تركيبات متناغمة أو من تماثل في الإيقاع أو في الوزن الصّرفيّ أو الجناس، ممّا أضفى على شعره طابعًا إيقاعيًّا خاصًّا، وتأثيرًا نغميًّا.

التّناغم الصّوتيّ في «حالات في اتّساع الرّوح»

للشّاعر محمّد حلمي الرّيشة

ابتسام موسى أبو شرار

 

الملخّص:
النّصّ الشّعريّ تجربة، والغوص في أبعاده تجربة أخرى، ومن هنا فإنّ تفاصيل البحث استندت إلى نصّ شعريّ يلبّي الغاية، ولكنّ الوصول إلى هذه الغاية لم يكن ليتحقّق بدون أداة تُستمدّ من منهج ما؛ وبما أنّ القضيّة المنتقاة هي شكليّة أسلوبيّة، فقد أشرت في البحث إلى بعض المترادفات الّتي التقت مع قضيّة "الشّكل والمضمون"، وتناولتْ النّصّ من هَذا المنطلق النّقديّ، ولمّا كانت بعض المناهج وثيقة الصّلة بهَذه الغاية، كانت مساحة من هَذا البحث مختصّة بالأسلوبيّة؛ نشأتها، ومنهجها، وأهمّ القضايا الّتي تجعلها في قائمة أولويّاتها حين تعمل أدواتها في نصّ أدبيّ، كما أشرت إلى بعض المناهج الّتي تشابهت في نهجها معها كالشّكليّة الرّوسيّة، والبنيويّة، هَذه المناهج الّتي تلتقي مع علوم اللّغة، فالأسلوبيّة مدرسة لغويّة تركّز على الصّوت والموسيقا والتّراكيب والدّلالة، والتّماثل الصّوتيّ أحد المظاهر الصّوتيّة، وخاصّيّة من خصائص الصّوت الّتي تتجلّى في شعر "محمّد حلمي الرّيشة"، فقد تحقّقت بطرق متنوّعة، كالتّماثل عبر البنية الصّرفيّة أو الميزان الصّرفيّ، أو عبر وسائل التّكرار بأنواعه.

المقدّمة:
إنّ دراسة الأدب بكلّ مكوّناته، وأحواله، وعوامله ذات الصّلة ظاهرة لا تتوقّف، بل يتّسع انتشارها باتّساع ميدانها كمًّا ونوعًا على مرّ الأزمنة، وتبادل الأمكنة، خضعت تلك الدّراسات لنظريّات ومناهج ومذاهب وثيقة الصّلة بمضمون الأدب وشكله، وستظلّ هذه الظّاهرة في امتداد واتّساع، ومهما كان ذلك ستبقى كلّ دراسة مظهرًا من مظاهر الاستمراريّة والتّواصل والجِدّة، من هنا تأتي هذه الدّراسة؛ لتأخذ حيّزها بين الدّراسات الّتي تطلّعت إلى النّصّ الأدبيّ أثناء عمليّة التّلقّي، ووجدت فيه ملامح تستدعي الالتفات إليها، وإثارتها بوصفها قضيّة منبثقة من جوهر اللّغة والأدب، فكم من مظهر شكليّ أو فكريّ ينبثق من تفاصيل النّصوص، سواء أتناولتها الدّراسات بتسمياتها المتنوّعة أم أغفلتها، أم تناولتها بطرق خفيّة، فالنّصوص فضاءات تبقى تفاصيلها مشرعة، وتظلّ أبواب الولوج إلى منعطفاتها منفتحة على اللّانهائيّ بلا حدود.

لقد رأيت أن أخطو في هذه الدّراسة نحو جانب جماليّ أسلوبيّ من جوانب القصيدة، وأسلّط الضّوء على بعض ملامح التّماثل الصّوتيّ؛ لما لهَذه الظّاهرة من أثر وسلطة على النّصوص بأنواعها؛ ولمّا كان لها الأثر الكبير أولت البحوث بأنواعها اهتمامًا كبيرًا لهَذا الجانب؛ بوصفه جزءًا من اللّغة الّتي تنوّعت علومها ودراساتها، فكان علم الأصوات، وكانت علوم البلاغة بكلّ معطياتها...، وكانت الدّراسات الأدبيّة والنّقد الفنّيّ المستند إلى كلّ قضايا اللّغة، لقد توقفّت عند ظاهرة التّماثل الصّوتيّ في شعر"محمّد حلمي الرّيشة"؛ لما صادفته من حضور لافت لهَذه الظّاهرة في شعره بشكل عام، وفي ديوانيه: "حَالَاتٌ فِي اتِّسَاعِ الرُّوحِ" و"الْوَمِيضُ الأَخِيرُ بَعْدَ الْتِقَاطِ الصُّورَةِ" بشكل خاصّ، ولكنّي قصرت الاختيار على الأوّل؛ لأنّ المقام قد لا يتّسع للدّيوانين، وقد نحوت المنحى الأسلوبيّ في الدّراسة؛ لذا أفردت القسم الأوّل من الدّراسة؛ لأقدّم مادّة نظريّة عن الأسلوبيّة كمنهج نقديّ شكليّ أولى الصّوت في النّصوص الفنّيّة عناية فائقة، وركّزت على أبعاد الأثر الّذي تتركه الأصوات في القصيدة مع اختلاف الزّاوية اللّغويّة أو الأدبيّة الّتي ينظر من خلالها إلى الصّوت، ومن ثمّ انتقلت من المرحلة النّظريّة إلى التّطبيقيّة، فاقتبست بعض النّصوص الشّعريّة الّتي حظيت بهَذه الظّاهرة. فما دامت اللّغة هي كيان النّصّ، ولا وجود لصنف تعبيريّ خارج هذا الكيان تظلّ البحوث في أيّ ميدان ذات شأن.

انهمك النّقّاد والباحثون في أثناء التّلقّي ببِنية النّصّ، وبما تشتمل عليه تلك البنية من مكوّنات ومكنونات، وتناولوه بطرائق متنوّعة وفقًا للظّاهرة الّتي يرغبون في تناولها، وأخضعوه لتسميات شتّى، ونظريّات متباينة، اتّسمت بالازدواجيّة، والتّعدّديّة انطلاقًا من واقع النّصّ، وقد تلتقي تلك النّظريّات في غاياتها، أو تختلف؛ فاللّفظ والمعنى، أو المبنى والمعنى، أو الشّكل والمضمون، أو الشّكل والمحتوى...، هَذه الاصطلاحات النّقديّة وغيرها شرّحت النّصّ، وتناولت مضمونه، وأخضعته للرّؤية من أوجهه، وأبعاده الفنّيّة المتداخلة والمتكاملة في محاولة للتّكيّف مع مادّته، واستخلاص التّصوّرات النّابعة من تفاصيله وأجوائه، وبقدر ما يكون محتوى النّصّ مثيرًا للتّعدّديّة التّصوّريّة، والتّأويل، والانفتاح على اللّانهائيّ يكون شكله قابلًا للولوج من منافذ أركانه اللّامحدودة، سيّما وأنّ الشّكل كامن في اللّغة، واللّغة تتّسم بالانفتاح على قانون الاحتمالات اللّانهائيّة النّابعة من البنية، والخاضعة للتّنوّع في معايير التّقنين، فما بين ذلك التّركيب المزدوج للنّصّ- وأعني هنا النّصّ الأدبيّ، لا سيّما الشّعريّ- تراوحت الدّراسات، وتنوّعت الاتّجاهات النّقديّة الّتي تباينت بين عمليّتي الفصل والوصل بين جانبي تلك الظّاهرة الازدواجيّة داخل النّصّ الأدبيّ وحواليه. فمن ناحية المبنى ظهرت نظريّات متعدّدة اختلفت تسمياتها، وأزمنة ظهورها، واتّفقت في كثير من مناحيها، فهَذه النّظريّات أشبه بمجموعة من الأشخاص الّذين يعملون في قطاع واحد، تختلف أسماؤهم، وطرق أدائهم، وزمن ولادتهم، لَكن يبقى أنّ لهم تيّارًا واحدًا، وأهدافًا موحّدة متبلورة من خصوصيّة العمل، وطبيعة المعمول، فلعلّ بعض المنظّرين حينما يقدّمون نظريّاتهم تأتي بتلقائيّة وليدة الاتّجاه الشّخصيّ، الّذي يولّد المصطلحات دون أن يعلم بأن هَذا المصطلح يومًا ما سيغدو اتّجاهًا قائمًا بذاته، ويصبح مدرسة في النّقد، يؤَرَّخ لها، ويُتَّبَع منهجها، فكثير من المترادفات استُخدِمتْ؛ لتدلّل على قضيّة واحدة، وكانت مجرّد دالّ أدّى المعنى في سياقه حتّى لو اختلف في لفظه عن الدّوال الأخرى المرتبطة بالمعنى، أمّا الآخرون منهم فقد خاضوا ميدان النّقد، وأسّسوا نظرّيّاتهم، وتحمّسوا لها، ووضعوا مصطلحاتهم عن قصد، ولربّما بالغ كثير منهم في التّعصّب لهَذه النّظريّات، وحاولوا حجرها في مادّتها عن باقي أجزاء النّصّ، ولكن أنّى ذلك والنّصّ متداخل في أجزائه، متسرّب في تفاصيله، محكم في تكوين أعضائه، ملتحم في بنائه، متّحد في تأثيره؟

وتبقى مسألة التّأريخ لتلك التّيّارات مسألة نسبيّة متشعّبة، أحيانًا ما تقود الباحث إلى متاهة وحيرة لا يمكن معها الوصول إلى الدّقّة المرجوّة، والثّقة المطلقة في البحث عن الحقيقة، فثمّة تطلّعات متباينة في اتّجاه الرّؤية، وفي طبيعة التّناول؛ حيث يمضي كلّ إلى غايته ومبتغاه، بما لا يتعارض أو يتطابق مع غايات الآخرين، فإذا ما عدت إلى المذاهب النّقديّة الّتي اهتمّت بمبنى النّصّ في محاولة الفصل بينه وبين مضمونه في التّلقّي والتّناول _سواء أتحقّقَ لها ما تبتغيه، أم لم يتحقّق- فإنّنا نجد الشّكلانيّة، والبنيويّة، والأسلوبيّة، والجماليّة، ونظريّة الفنّ للفنّ... وغيرها من التّيّارات الّتي اتّخذت لنفسها تسميات عدّة، أو أطلقها الآخرون عليها حين شقّت طريقها إلى التّشكيل اللّغويّ داخل النّصّ، بما فيه من جماليّات، وتشكيلات فنّيّة منبثقة من علوم اللّغة، ومنضافة إليها، أو منزاحة عنها إلى حدّ ليس ببعيد، وهنا يستحثّني المقام أن أقف وقفة عاجلة عند بعض ملامح الأسلوبيّة؛ لاتّصالها الوثيق اسمًا ومسمًّى بالخصائص الشّكليّة للنّصّ بعامّة، وبخاصيّة الصّوت النّصّيّ بخاصّة، هَذه الخاصيّة الّتي ستنطلق منها جملة هَذه الورقة البحثيّة.

الأسلوبيّة وليدة علم اللّغة الحديث، فهي مدخل لغويّ لفهم النّصّ(1)، وهي تتشابك مع العلوم اللّغويّة الّتي نشأت نتيجة لتقدّم اللّسانيّات نحو دكّ أسوار العلوم الإنسانيّة والطّبيعيّة، وجعلها حقولًا معرفيّة لعلم اللّغة الّذي يسعى في النّهاية لتقديم فهم أفضل للّغة الإنسانيّة(2)، بل إنّ معظم معالمها استُمِدَّت من الدّراسات النّحويّة واللّغويّة والفلسفيّة، فهي لا تنظر إلى هذه الوسائل التّعبيريّة الموروثة على أنّها موروثات مقدّسة بل إمكانات لغويّة، من الممكن رصدها وتحليل العلاقات بينها، ذلك أن الرّصد عمليّة تعتمد ما في التّعبير من عدول أو أنماط تكراريّة، ثمّ تتجاوز ذَلك إلى عمليّة الكشف عن أفكار النّصّ وجماليّاته(3)، فإذا كان الكائن الحيّ لا يمكن أن يصبح كائنًا حيًّا بلا مكوّنات وأعضاء، فإنّ النّصّ لا يمكن أن يصبح نصًّا بلا لغة، وإذا كانت الأعضاء بوظائفها المختلفة تمنح الكائن الحيّ التّنوّع والحياة، فإنّ الأساليب اللّغويّة المجتمعة في مكنونات اللّغة هي مصدر التّنوّع والحياة في النّصّ، ومن هنا فإنّ خاصّيّة التّنوّع تصبح ملازمة لكلا الطّرفين، وبهَذا كانت لغة النّصّ قائمة على التّنوّع الحيويّ من مختلف مصادرها، وتسمياتها، وجاءت الأسلوبيّة؛ لتعالج هذا التنوّع من خلال النّصّ الأدبيّ بكلّ معطياته الشّكليّة غير المنفصلة عن دلالاته ومضامينه، فكلّما اتّسعت العناصر اللّغويّة، وتنوّعت أنماطها تشعّبت المضامين، وتعمّقت.

فبذلك تكون الأسلوبيّة مدرسة لغويّة تعالج النّصّ الأدبيّ من خلال عناصره، ومقوّماته الفنّيّة، وأدواته الإبداعيّة، متّخذة من اللّغة والبلاغة جسرًا تصفه به، والدّراسة الأسلوبيّة عمليّة نقديّة ترتكز على الظّاهرة اللّغويّة، وتبحث في أسس الجمال(4)، والمبدع في الأسلوبيّة هو الّذي يبدع اللّغة إبداعًا يتناسب مع تكوينه النّفسيّ والاجتماعيّ والثّقافيّ(5)، سيّما وأنّ التّجربة الشّعريّة إفضاء بذات النّفس، فهي تجسّد لغتها، وتطبع الكلمات بطابع يحمل جوهرها(6)، أَوَليست اللّغة هي الإناء المرن الّذي يُصَبُّ فيه النّصّ بشكله ومضمونه؛ بما يجعل هَذا الإناء قابلًا للتّشكّل وفقًا لحركة اللّغة؟ ما النّصّ بلا لغة إلّا اسم بلا مسمّى، وفراغ لم تتكوّن في مساحته الخالية الخطوط والألوان، فلم يكن شيئًا. فالدّراسات الّتي اعتنت بالأسلوب، -وإن غضّت الطّرف بعض الشّيء عن تجلّيات المعنى التّراكميّ في النّصّ- فهي تكون مهّدت له، وأبرزت معطياته، فأيّ دراسة من هَذه الدّراسات لن تقف بمنأًى عن لبّ المضمون، وما يحتويه من مكوّنات نفسيّة تستجيب لمؤثّر خارجيّ هو انعكاس لمجموعة المكوّنات الاجتماعيّة، وجمال النّصّ هو في كلّ ذلك، ولا يأتي في التّفاصيل الصّغيرة منعزلة عن البنية الكلّيّة، مهما كانت نقطة الارتكاز أثناء عمليّة التّلقّي، والتّحليل القائمة على تجزيء النّصّ إلى أجزاء، متجزّئة هي الأخرى إلى وحدات، أصغرها الصّوت.

قُسِّمَت مستويات التّحليل في الأسلوبيّة إلى تحليل الأصوات، والألفاظ، والتّراكيب(7)، فالباحث الأسلوبيّ يعمل على إضاءة النّصّ بالنّظر إلى بنيته اللّغويّة، وإيقاعه الموسيقيّ والصّوتيّ(8)، فللغة التّعبير عناصر صوتيّة استغلّها الشّعراء استغلالًا وافيًا، وسمّاها البلاغيّون بالمحسّنات اللّفظيّة(9)، واللّغة الشّعريّة لا تقتصر على مستوى الدّلالة والتّركيب فحسب، بل ينضاف إليها عنصر ثالث وهو المستوى الصّوتيّ بكلّ ما يتضمّنه من إيقاع، ووزن، وتنسيق داخليّ بين المقاطع، كما أنّ البنية الصّوتيّة للقصيدة الحديثة ترتبط بالتّجربة(10)، ففي مجال الألفاظ تتمّ دراسة الكلمة، وتركيباتها، والصّيغ الاشتقاقيّة، وتأثيرها على الفكرة، والمصاحبات، واللّازمات اللّغويّة(11)، وعليه فإن المستوى الصّوتيّ هو أوّل المنطلقات الأسلوبيّة التي تلتقي منهجيًّا بالوصف البلاغيّ لصوتيّة المفردات اللّغوية، وأنساقها التّعبيريّة، وإقرار الأثر الصّوتيّ في تكثيف العلاقة بين الدّالّ والمدلول، وإحداث المتغيّرات اللّغويّة لأداء المعنى(12)، فالعمل الفنّيّ نظام للأصوات، ثمّ انتقاء من النّظام الصّوتيّ للّغة ما، ولَكن لا يستطيع المستوى الصّوتيّ للّغة أن يكون معزولًا عن معناه(13)، فالنَّصّ شبكة من العلاقات اللّغويّة والمجازيّة المتشابكة، وله قوانينه ومفاتيحه وأبنيته الّتي تجعل منه تركيبة معقّدة لا يتأتّى للقارئ فكّ شفراتها إلّا من خلال فهم عميق، وتمحيص دقيق، وكفاءة تتيح له سبر أغواره.

وبذَلك نلحظ أنّ الأسلوبيّة بوصفها مذهبًا أدبيًّا ربطت أجزاء النّصّ بعلاقة لغويّة، وتفاعلت معه كبناء تراكميّ مكين، لا تنفصل مكوّناته الصّغرى عن الكبرى، وإن كانت قد سلّطت الضّوء على البناء الجزئيّ أكثر من الكلّيّ، فتلك الأجزاء في نهاية الأمر مهما جُزِّئت فإنّ النّظر إليها لا يمكن أن يكون بمعزل عن جسدها المتماسك، وروحه الّتي تبثّ فيه الحياة، بل إنّها جعلت الدّلالة إطارًا كلّيًّا، ونواة، تشدّهما علاقات متينة متداخلة، متسرّبة إلى كلّ تفاصيل ذَلك الجسد المتماسك، فالأصوات في علاقاتها البنائيّة تتّحد؛ لتكوّن الألفاظ، والألفاظ تتّحد؛ لتكوّن التّراكيب، وتتوالى العمليّة حتّى يظهر النّصّ بناء كاملًا مشدودًا بخيوط الفكر والشّعور، محكمًا بأداة المخيّلة، متّشحًا بجماليّة الانزياح اللّغويّ، وتغاير التّراكيب، والتّفرّد في البناء الكلّيّ، وقوّة التّأثير الذّهنيّة، متجاذبًا وفقًا لعمليّات التّلقّي، ونشأة النّصّ في الأدب التّخيّليّ بخاصّة تشبه عمليّة تفاعل كيميائيّ، يبقى فيها الصّوت كأصغر وحدة غير قابل للتّكسير لتحقيق التّفاعل، بينما يعاد تركيبها، ويعاد تركيب الألفاظ، والتّراكيب القابلة للتّكسير؛ لتعاد أصواتًا غير متجزّئة؛ أو لتنشأ منها ألفاظ وتراكيب جديدة، وتستمرّ عمليّة التّفاعل حتّى يكتمل المركّب الكلّيّ المسمّى بالنّصّ، وبذَلك تصبح لهَذا المركّب الكلّيّ خصائصه الكيميائيّة المشتملة على تفاعل العناصر، إذا ما اعتبرناه بناء، وتتجلّى ملامحه الفيزيائيّة الخاصّة المتّصلة بتركيبته البنيويّة، إذا ما اعتبرناه جسدًا حيًّا، فالصّوت هو أشبه بالذَّرَّة، واللّفظ أشبه بالجزيء، والتّراكيب هي التّراكيب، سهلة كانت أم معقّدة، والنّصّ هو المادّة، فهذه العمليّة غامضة من حيث بداية تكوينها، فهي تبدأ من أصغر جزء، أو أكبر جزء، أمّا دراستها فهي حسب المناهج تتنوّع في مسيرتها، فقد تبدأ بالجزء الأصغر أو الأكبر، وقد تتداخل عمليّتا التّفاعل، بصورتيهما الأساسيّة والمعكوسة، بل هو تفاعل "التّزامر" الّذي يقوم على إعادة ترتيب البنية دون تغيير في تركيبه الكيميائيّ، فالصّوت هو الصّوت، واللّفظ هو اللّفظ، مع تنوّع في التّركيبات، وإذا كان الرّبط الخاطئ بين العناصر الكيميائيّة يهدم، ويدمّر، فإنّ عدم التّناسب بين مركّبات النّصّ يؤدي إلى خلخلة بنيته، وسحق وحدة أجزائه.

تعود ريادة دراسة توزيع الأصوات اللّغويّة داخل القصيدة الشّعريّة، وتقنين مجموعات لفظيّة أو وحدات إيقاعيّة للشّكليّة الرّوسيّة الّتي وجدت في العمل الأدبيّ بنيات متنوّعة لا يمكن الفصل بينها، أو التّعامل مع إحداها بمعزل عن الأخريات، ومن ثمّ وجدت هذه الرّيادة مسارات متشعّبة عند البنيويّين(15)، فالشكليّة الرّوسيّة هي الّتي مهّدت الطّريق لنموّ علم اللّغة البنيويّ، ومن هنا تكون البنيويّة امتدادًا لسابقتها(16)، وبذَلك يجب الالتفات إلى الأبنية الصّوتيّة، والإيقاعيّة، والوقوف على دورها في إقامة البناء الكلّيّ للقصيدة(17)؛ ممّا يكشف مدى التّداخل والتّعاقب والتّقاطع بين تلك التّيّارات الأدبيّة النقديّة، الممتدّة بحريّة تثير التّشعّب في الحديث، وتجعله ممتدًّا إلى غير نهاية، بما لا يتيحه المقام الّذي يَصغُر المقال، ولَكن يكفي القول: إنّ تلك المناهج أولت اهتمامها الواسع للّغة، بكلّ ما تتضمّنه من أسرار التّكوين الّتي تعطي النّصّ مسحة خاصّة، وتجعل له تفاصيله، ومكنوناته الّتي تتأتّى من الآليّة الخاصّة بانبثاق أجزائه، مهما كان شكل انبثاقها أو حجمه، فلكلّ جزئيّة من الدّفعات اللّغويّة ملامحها وعلاقاتها مع الأجزاء الأخرى، هذه العلاقات الّتي تضيف تفسيرات جديدة، في أنماط تأويليّة متغيّرة، تولّدها الخاصيّة الصّوتيّة، أو المقطعيّة، أو اللّفظيّة، أو خاصيّة التّراكيب والجمل، أو خاصيّة المعنى في كلّ ذَلك، ووفقًا لتأثير التّبادل الموقعيّ للأجزاء على هَذا المعنى، وهنا تظهر الخاصيّة اللّغويّة الأسلوبيّة العامّة للنّصّ بكلّ معطياتها، ومصادرها، وآثارها المتجدّدة مع كلّ قراءة.

حين الولوج إلى حدود النّصّ من نافذته الأضيق، لا بدّ من التّعريج على أصغر بنية في القصيدة، ألا وهي الصّوت، والالتفات إلى مواطن التّكرار والتّشابه في الجسد النّصّيّ الواحد لقصيدة ما سواء أكان التّماثل في تكرار الحرف نفسه، أم في اشتراك أكثر من حرف في خاصّيّة ما من خصائص الأصوات، أم في اجتماع أكثر من عضويّة في المشترك الصّوتيّ أو اللّفظيّ في تداخل وتماسك، فإنّ ذلك التّماثل يمنح الخاصيّة الصّوتيّة مدلولًا آخر، فالتّماثل في الأصوات مهما كان حجم الموقع الّذي يَحدث فيه يُحدث نوعًا من التّجانس الصّوتيّ، هَذا المعنى الّذي أنجزه المصطلح البلاغيّ الّذي اتّسعت دائرته؛ ليشمل اللّفظة ونظيرتها، ولَكن حين ينطلق هذا الدّالّ بصورته الأصليّة اللّغويّة الأوسع دلالة فهو يعني التّشابه بعيدًا عن شروط المصطلح البلاغيّ ونوعه.

يشكّل الجناس الصّوتيّ بعدًا من أبعاد المؤثّرات الصّوتيّة النّوعيّة في النّصّ(18)؛ إذ اهتمّ اللّغويّون والنقاد قديمًا وحديثًا بقضيّة التّماثل الصّوتيّ، وأهمّيّتها في جماليّات النّصّ، وكشف أسراره، وفي الأثر الشّعوريّ الّذي يحدثه هذا النّصّ في وعي المتلقّي(19)، وقد وجدتُ هذه الظّاهرة الأسلوبيّة ماثلة في شعر الشّاعر بشكل عامّ، وفي ديوانيه:"حَالَاتٌ فِي اتِّسَاعِ الرُّوحِ" وَ"الْوَمِيضُ الْأَخِيرُ بَعْدَ الْتِقَاطِ الصُّورَةِ" بشكل خاصّ؛ إذ يظهر التّماثل الصّوتيّ في أصغر وحدة صوتيّة بتكرار سلسلة من الأصوات، تتقاطع مع أصوات أخرى، حتّى نصل إلى تقاطع التّراكيب؛ ممّا يؤدّي إلى تحقّق التّجانس بين سلسلة من الحروف المشتركة بين لفظتين فأكثر، سواء أكان هذا على المستوى الصّرفيّ، أم النّحويّ؛ أم البلاغيّ؛ فصوت الهاء، والهمزة، والنّون، والتّاء، والرّاء، والميم، والياء، والكاف، والواو، والقاف، والدّال، والباء، والغين، وألف المدّ، وواوه، والسّين مع تشابه النّوع الصّوتيّ وخصائصه أو اختلافه، منعزلة هَذه الأصوات أو متشابكة مقطعيًّا، ولفظيًّا يتردّد غير مرّة؛ إذ يقول:(20)

هَلْ أَنْتَ أَصْغَرُ مَا يَكُونْ؛

قَدَحًا مِنَ الْفَخَّارِ يَشْرَبُكَ الْبَرَابِرَةُ الْغُزَاةُ،

وَيَكْسِرُونَكَ بَعْدَ سَكْرَتِهِمْ،

وَيَسْتَلْقُونَ أَرْضَكْ؟

تَدْنُو إِلَى مَا لَيْسَ يَأْتِي صَاخِبًا

أَوْ صَائِحًا

أَوْ ذَابِحًا عُنُقَ السُّكُونِ

فثمّة ظواهر صوتيّة متماثلة لم تقتصر على تكرار حروف بعينها، وإنّما تعدّت ذلك كما تمّت الإشارة؛ فهناك التّماثل في المبنى الصّرفيّ كما في: "يكسرون" و"يستلقون"، وفي المبنى الصّرفيّ والوزن الصّرفيّ على السّواء في "صاخبًا و"صائحًا" و"ذابحًا" بصيغة اسم الفاعل علاوة على الجناس النّاقص النّاتج عن تآلف أكثر من حرف في الألفاظ الثّلاثة الأخيرة، ويوحي تكرار الأصوات بدلالات منبثقة من المضمون والرّؤية الشّعريّة الّتي أحاطت بالتّجربة، ولم تندح عنها، فالأصوات المتماثلة تشكّل أنساقًا مترامية على أبعاد خاصّة متوازية ومتقاربة مدّت النّصّ بإيحاءات مؤثّرة. وحضور ألفاظ متوافقة في الأصوات قد لا يعني التّوافق في الدّلالة، بل ربّما يعني المخالفة القطعيّة، فلا يبدو خافيًا ما في لفظ "يكسر"، "وسكر"، "وسكون" من اختلاف وتناقض في الدّلالة على الرّقّة أو العنف في آن، في كلمات تتجانس حروفها، وتتضارب دلالاتها، كلفظة "يكسر" نفسها الدّالّة على الرّقّة النّاتجة عن عدم فخامة حروفها من ناحية، والدّالّة على عنف الدّلالة في فعل الكسر من ناحية أخرى، وما يعقب هذا الفعل من أصداء؛ وكذلك التّضارب بين فعل السُّكر السّابق زمنيًّا لفعل الكسر، والمتأخّر مكانيًّا في التّشكيل النّصّيّ بما يجعل النّصّ ملتفًّا في ارتدادة خلفيّة، فهو الآخر بما فيه من خمود وضجيج في آن، بكلّ التّجانس الحرفيّ مع اختلاف مواضع الحروف وترتيبها_ يأتي في الدّلالة موزّعًا بين اتّفاق واختلاف، فتتفاوت أفعال النّصّ بين الضّجيج والسّكون؛ إذ إنّ الشعر"يجب أن تتوافر في ألفاظه صفة التّجانس بين اللّفظ والمعنى، وذلك بأن يكون اللّفظ رقيقًا في موضع الرّقّة، قويًّا عنيفًا في موضع القوّة والعنف، وأن تتوفّر فيه صفة الجرس الموسيقيّ"(21) بما يقتضيه المقام والمقال، حتّى ننتقل في السّطرين الخامس والسّادس إلى اللّفظتين "صاخبًا" و"صائحا" الممتدّتين عبر نهاية السّطرين، فنجد أنفسنا في تجاذب مع حركتين متشابهتين، ومع فعل معاكس، ويأتي فعل الذّبح؛ ليقيم تناقضًا ومفارقة أعمق في نهاية المقطوعة إلى أن تبلغ الحركة غايتها في السّكون والهمود، فما الّذي يمكن تخيّله بذبح عنق السّكون؟ أهي حالة خمود؟ أم حالة استيقاظ تلك النّاتجة عن الحدث؟ يعتمد الشّاعر هنا على أكثر من خاصّيّة صوتيّة تؤثّر في الإيقاع والموسيقا، فالحروف المتناسقة، مع الوزن الصّرفيّ، والنّحويّ، والمستوى الدّلاليّ كلّها تجتمع في حركة متداخلة؛ لتسهم في التّكوين الصّوتيّ للنّص، وتحدث تأثيرها الخاصّ في آذان المتلقّين.

فالكلمات ذات الجرس الموسيقيّ لها فعل مهمّ في التّأثير، وتوصيل الدّلالة إلى المتلّقّي؛ إذ إنّ العلاقة الجدليّة بين النّطق والسّمع هي ما يعطي قيمة للاستخدام الأمثل للحروف الّتي تشكّل الكلمات، وانطلاقًا من هذه الحقيقة الصّوتيّة فإن موسيقا اللّفظ وجرس الكلمات ليست قيمة خارجيّة للكلمات؛ لذَلك هي ظاهرة أسلوبيّة، بل هي خارج يؤدي إلى داخل؛ أي أنّ الميّزة الصّوتيّة تشمل بنية الكلمة، وتشكّل مع عناصر المعنى عنصرًا جديدًا، لا ينفصل عن العناصر الأخرى(22)، وحينما يتنوّع التّشكيل الصّوتيّ في النّصوص المختلفة، أو في النّصّ الواحد تتنوّع القيم وفاعليّتها، وتتعمّق الفاعليّة إذا ما اتّخذت الأبعاد الصّوتيّة تشكيلات متنوّعة مرنة قابلة للتّشكيل، والتّطويع، والتّبديل، والتّمطيط، ومحاكاة الصّدى والإيقاع، والفنّ المتعمّد في المراوحة بين تنويع القوالب اللّفظيّة من ناحية، وتماثلها من ناحية أخرى، والوزن الزّمنيّ، أو الوزن المتّحد في عدد الحروف، وحركاتها المتناسقة في الوحدات الصّوتيّة، ونجد هذا ماثلًا في قول الشّاعر:(23)

سَلَامًا لِامْتِدَادِ الْعُشْبِ فَوْقَ حَرِيقِنَا الْفَصْلِيِّ

فَوْقَ خَرِيفِنَا الْبَرِّيّ

سَلَامًا لِانْحِنَاءِ الْقَوْسِ

فَوْقَ خُرَافَةِ التَّشْكِيلِ

فَوْقَ إِبَاحَةِ التَّنْكِيلِ

كَمْ ظِلًّا ثَقِيلَ الظِّلِّ يَمْكُثُ حَوْلَنَا، فِينَا؟

يحدث الصّوت حين يتكرّر في نسق متوازن، تنسجم فيه المعطيات الصّوتيّة أثرًا جميلًا، يثري الدّلالة، ويثير الذّهن، ويحفّز المشاعر، ويوجّه الفكر صوب محور الدّلالة المكثّفة المنسربة في أغوار التّشكيل الجميل(24)، فلكلّ صوت أثر يتركه في أذن المتلقّي(25)، وإذا ما عدنا للوراء في إضاءة خلفيّة للمقطوعة السّابقة، وتأمّلنا الأصوات المتوازية الّتي جاءت في عبارات متوازية (سَلَامًا لِامْتِدَادِ الْعُشْبِ/ سَلَامًا لِانْحِنَاءِ الْقَوْسِ)، سنلمح التّطابق التّامّ النّاجم عن تكرار اللّفظ في الكلمة الأولى بصيغة المصدر المنصوب، فأيّ أثر ينبعث من الحروف السّلسة اللّينة؟! وأيّ طلاوة في المعنى؟ إنّ الأصوات المسترخية في معنى"سلامًا"، وحرف المدّ تضفي إيقاعًا صوتيًّا خاصًّا على الكلمة، وتأثيرًا نوعيًّا يمتدّ بـ(امْتِدَادِ الْعُشْبِ)، وبحرف المدّ الّذي عمّق معنى الامْتِدَادِ، ويتكرّر اللّفظ "فوق" غير مرّة، تكرارًا عموديًّا له وقعه الخاصّ. أمّا الافتعال والانفعال المصاحبان لمصدريْ الفعلين المزيدين بحرفين "امْتِدَادِ" وَ"انْحِنَاءِ" فيُنتجان إيقاعًا صرفيًّا متماثلًا إلى حدّ كبير، ويضاف إلى إيقاع البنية الصّرفيّة الإيقاع العروضيّ، هَذا مع المفارقة الحاصلة في تفاصيل التّماثل الحاصل في قول الشّاعر: "لِامْتِدَادِ الْعُشْبِ فَوْقَ حَرِيقِنَا الْفَصْلِيِّ فَوْقَ خَرِيفِنَا الْبَرِّيّ"، وإيقاع الوزن الصّرفيّ أو العروضيّ أو كليهما في (البرّيّ، والفصليّ، والقوس، والعشب، وخرافة، وإباحة، والتّشكيل، والتّنكيل)، فلَكأنّ الأصوات تلقي بظلالها، فتنساب منها أصوات أخرى تشبهها في أنغام رنينها، مع انحراف في بعض الأنماط الصّوتيّة انحرافًا يقود الدّلالة إلى ما يشبه الانحرافات المعياريّة، فبقدر ما ترتفع قيمتها يكون حجم التّغيير الّذي يصيب الأصوات، ومن ثمّ الدّلالة، ولَكنّ الميزان الصّوتيّ يبقى محتفظًا بمقداره، موزّعًا بمقادير متوافقة بين كلّ حزمة صوتيّة، وإذا ما تأمّلنا المرسى الّذي تصبّ فيه الدّلالات، وهي تمرّ عبر مسير الانزياح فإنّا سنلحظ أنّ الانزياح جعلها تتقاطع، وتتّحدّ فيما بينها؛ لتؤدّي وضعيّة فكريّة معيّنة، فكلّ زوج من العبارات يأتي للدّلالة على جزئيّة من تجربة ما.

المظهر الخلّاق للّغة يتجلّى في القدرة على التّخلّق والتّشكيل أو في إمكان التّوليد والتّحويل، وما يأتي به المتكلّم من ابتكارات تركيبيّة ودلاليّة وأسلوبيّة، فالكلام فاعليّة فكريّة ذات أبعاد رمزيّة(26)، تلك هي سمة الشّعريّة الّتي تنمو في ميدان التّخييل الّذي ينطلق من واقع المحاكاة، ومحاكاة الواقع، هذه المحاكاة الّتي تقوم على مبدأ الخلق والتّجديد بإعادة تركيب أجزاء الواقع في لغة غير مألوفة التّشكيل والصّور، بل مدهشة أحيانًا، وهَذه التّجربة الصّياغيّة البنائيّة خاضعة للفكر العميق والإحساس المنساب، فهي حصيلة كلّ ذلك؛ إذ تخرج إلى اللّسان بعفويّتها المطلقة في البدء، ثمّ تعاد في عمليّة ضبطها وتنسيقها، أو تأتي في لحظات اللّاوعي، وقد تناثرت في تشكيلات جديدة؛ إذ يقول الشّاعر(27):

أَوْ أبْدَعَتْ

هَذِي الْخَرَائِبُ جَنَّةَ صُغْرَى بِأَوْتَارِ الْمَفَاصِلْ..

هِيَ جَنّتِي أَحْلَى مِنَ اللَّوْنِ الرَّمَادِيِّ الَّذِي يَنْمُو سَمَاوِيًّا

قَد شَابَ رَمْلُكِ، وَانْحَنَيْتِ

قَمَرًا خُرَافِيًّا

سَرَابِيًّا أَتَى حَتَّى انْتَهَيْتِ.

اهتمّ البلاغيّون برصد التّنويعات اللّفظيّة، وما لها من قيمة شكليّة في الأداء، بوصف اللّغة تستعين بتنظيمات متعدّدة(28)، هذه التّنظيمات بأشكالها المختلفة تخلق نوعًا من المفاجأة في تركيباتها، وتوزيع مواقعها، وتردّد موجات التّكرار والتّناسب، وامتدادها عبر مساحات أفقيّة وعموديّة وتداخل أجزائها، والتّباعد أو التّقارب في زمن التّكرار، فبين (الْخَرَائِبُ وَالْمَفَاصِلْ)، صيغتا منتهى الجموع، هَذا التّماثل الصّوتيّ المنبعث من إيقاع الوزن الصّرفيّ، مع الاختلاف النّسبيّ في نوعيّة بعض الحروف ومواقعها، وعلى مدى السّطر الشّعريّ تتوسّط الزّوجين المتناسقين مع الانحراف نحو اليسار إيقاعات كلمة "أوتار"، وبما تضيفه أيضًا من إيقاع المعنى، فتتبعثر حروف المدّ، وحرف الرّاء عبر مساحة السّطر الأفقيّة، ويتكرّر المدّ الأفقيّ في الأسطر، وبذَلك يحدث المدّ العموديّ، فتترامى الأصوات المتناغمة، وتمتدّ بشكلها العموديّ بنية التّناسق الصّرفيّة بين (صُغْرَى، وَأَحْلَى)، فضلًا عن أصوات تتناغم مع نظيراتها، كالرّاء المفتوحة المترامية عبر الأسطر كلّها، والمقطع الصّوتيّ (رَم) وصورته المعكوسة (مَرَ)، ويسيّج الشّاعر الإطار النّصّيّ بالإيقاع الصّرفيّ للاسم المنسوب(سَمَاوِيًّا، خُرَافِيًّا، سَرَابِيًّا)، وبنية الفعل الماضي للخطاب الأنثويّ (وَانْحَنَيْتِ، انْتَهَيْتِ)، ويجعل صدى الفعل الأخير نهائيًّا بالانتهاء.

استخدام الاشتقاق ومجانسة حروف الكلمة وسيلة لإثراء الموسيقا الصّوتية بالاعتماد على التّشابه في الوزن والصّوت، وعلى الجمال الإيقاعيّ في تكرار الصّوت وملامح المعنى(29)، فظاهرة الاشتقاق عند الشّاعر وغيرها من الظّواهر الصّوتيّة لها حضور لافت يستوقف الباحث، ففي النّموذج الشّعريّ الآتي يلتقي الأداء الصّوتيّ المسترخي في صيغة اسم المفعول بزنة "مَفْعُول" في حالة النّصب؛ حيث يسترخي حرفا المدّ صعودًا أو استقامة بالواو وهبوطًا بالألف، ثمّ تكرار الميم، هَذا التّكرار الحاصل بفعل الوزن الصّرفيّ الناتج عن المبنى الصّرفيّ، فضلًا عن التّكرار الحاصل أصلًا من تجانس المادّة المعجميّة(فَصْل، وَصْل) هَذا التّجانس الّذي يبلغ فيه اختلاف المعنى درجة التّضاد، أمّا اختلاف اللّفظ فهو متوقّف على الاختلاف في صوت البداية، وقد اتّخذ التّكرار منحًى عموديًّا بلا تباعد بين الموقعين، فالسّطر تلو السّطر، وبمحاذاة ذَلك التّشكيل العموديّ تأتي البنية الصّرفيّة لجمع المؤنّث السّالم؛ لتأخذ الاتّجاه نفسه مع امتدادها عبر سطر ثالث بفاصل حرف جرّ بين العمودين، ولا يحدث تماثل صوتيّ بغير زيادة الجمع، وتحاذي هذا البناء الأفقيّ بنية المضارع مقتصرة على التّماثل في الزّيادة النّاجمة عن إضافة حرف المضارعة مع حرف القافية، وهو (الرّاء المضمومة) فيما ينطوي تحت الموسيقا الخارجية، كما لا يخفى التّجانس غير الرّتيب بين (نَهْر) و (يَنْهَمِر)؛ حيث يقول الشّاعر(30):

وَأَرْسُمُ نَهْرَكِ الْغَسَقِيَّ

يَغْلِي فِي ثَنَايَا الْجِسْمِ

مَفْصُولًا عَنِ الشَّهَوَاتِ

مَوْصُولًا إِلَى الطَّعَنَاتِ يَنْهَمِرُ

كَرَائِحَةِ احْتِرَاقِ الْوَرْدِ

فِي دَمَوِيَّة اللَّحَظَاتِ يَسْتَعِرُ

هَكذا نرى أنّ للجانب الصّوتيّ أهمّيّة في الشّعر، ووسائله عديدة، منها أنماط الحروف الصّوتيّة، وهَذه الألوان تتعدّى الجانب الصّوتيّ إلى جانب التّأثير النّفسيّ، وإلى مناجاة العقل والنّفس(31). فالصّوت، والنّفس، والعقل هي عناصر نلمحها في جسد كلّيّ هو النّصّ، وكذا في الواقع المتّصل بالنّفس المبدعة، أمّا الصّوت الّذي هو أصغر أجزاء اللّغة، فهو في النّصّ الجزء الأكثر تجسيدًا، وهو قبل عمليّة الإبداع الجزء الأكثر خفاء، ذَلك الّذي نُقتاد إليه في العمل المغلق ما بين العقل والنّفس، وهو في النّصّ الجزء الّذي نُقتاد منه إلى العقل والنّفس، ومهما يكن من أمر فإنّه لا يمكن الفصل بين أيّ من تلك الأركان الثّلاثة بصرف الفكرة عن الآليّة الّتي يتمّ فيها التّفاعل المسْفر عن نصّ مبدَع، فهنا، وبعد الوقوف عند مظاهر التّماثل الصّوتيّ الأكثر حضورًا في المقطوعة السّابقة، وبالتّأمّل في التّركيب اللّغويّ والمعنى لا يمكن أن لا تُلحظ المفارقة الحاصلة في المعنى وبُعدها النّفسيّ في مواقع التّماثل الصّوتيّ، والدّلالة المنبثقة منها، في قول الشّاعر: (مَفْصُولًا)، وجعل الفَصْل عن (الشَّهَوَات)، وقوله: (موصولًا)، وجعل الوصل لـ(لطّعنات)، ومن هنا تتصاعد وتيرة المفارقة بفعل يعمّق حصولها، وهو الفعل (يَنْهَمِرُ)، وتتجسّد بـ(رَائِحَةِ احْتِرَاقِ الْوَرْدِ)، مفارقة يتجاذبها المعنيان في السّطرين السّابق واللّاحق، فتختفي، ليحلّ محلّها التّوافق والانسجام في قوله: (فِي دَمَوِيَّةِ اللَّحَظَاتِ يَسْتَعِرُ)، ويتحكّم المؤثّران النّفسيّ والعقليّ في درجة الانزياح ووجهتها، وتكون اللّغة بأعضائها الصّوتيّة متّصلة بهَذين المؤثّرين اتّصالًا وثيقًا؛ بحيث لا يمكن أن يكون الإبداع في عمليّة انفصال، ويصبح الإلحاح النّفسيّ لقلب المفارقة إلى حقيقة الفطرة الإنسانيّة، أو إلى نقيضها أشدّ.

حقيقة اللّغة لا تكمن في حالة أوّليّة، أو في بنية أصليّة، أو في ملكة فطريّة بقدر ما هي أبنية وتراكيب أو علاقات وروابط لا تتوقّف عن الحدوث والتّشكّل أو عن التّوسع والانتشار أو عن التّغيّر والتّحوّل(32)، وهي حالة متجدّدة مع كلّ فعل، وهي إنتاج متكاثر مع كلّ حالة تأمّل، هي إزهار جديد وإثمار مع كلّ حالة حصاد ذهنيّ وعاطفيّ، وأشكال متجدّدة ومستجدّة من الإنتاج، فكلّما اصطدمت الحالة الفكريّة والشّعوريّة بالواقع والخيال، وتلاقحت المعطيات الحسيّة وغير الحسّيّة تنوّعت الأبنية والكائنات المتكاثرة منها، هَذه الكائنات اللّغويّة المتفاوتة في أحجامها، وأشكالها، وخواصها، وأنماط تشكيلها، ومدى انسجامها، واشتراك عناصرها، وتبادلها، وتناثرها، وتماسكها، واقترابها، وابتعادها، وتشابه ركائزها، وتطابق جذورها، واختلاف أنماط فروعها، وإذا ما تأمّلنا التّشكيلة الشّعريّة الآتية نلمح الجذر المرتكن إلى كلمة (أيّ) في بداية المقطوعة على امتداد أفقي وعموديّ في السّطرين الأوّل والثّاني، وبعده تبدأ الفروع بالانطلاق من جذرها متناسقة متماثلة في بعض ملامحها، يمتدّ الجذر(أيّ) بغصنين متوازيين؛(لون للخناجر)، (طعم للمنازل)، منحرفين عن السّاق، ومن السّاق تبزغ السّارية في كلمة(إن) مجدّدًا، يستند إليها فرعان(شكت من غمد) و(هوت فيمن)، وكأنّ الذّروة تنغلق بالمقطع الصّوتيّ (ها)؛ ليكون متوازيا مع مركز الجذر، واستقامة السّاق، لتتشّكّل مفردات اللّغة باختيار غير متعمّد؛ ولتعطي معنى ودلالة غير مقصودة باتّساع إيحاءاتها في مثل قول الشّاعر(33):

ما أيُّ لَوْنٍ لِلْخَنَاجِرِ إِنْ شَكَتْ مِنْ غِمْدِهَا؟

بَلْ أَيُّ طَعْمٍ لِلْمَنَازِلِ إِنْ هَوَتْ فِيمَنْ بِهَا

لا تستروا عَوْرَاتِ عُرْبِي بِاحْتِوَاءَات الشَّقَاِءِ

مُسْتَنْفَرٌ قَوْلِي وَفِعْلِي

قَادِرٌ هَذا اللِّقَاءْ.

فلمفردات اللّغة صفات عجيبة وميّزات غريبة، فلكلّ كلمة معنى، أو روح، ولكلّ كلمة رنّة، وصبغة أو لون، والشّاعر إن شاء الإفصاح عن عاطفة، أو فكر جمع بين مفردات يتولّد من تآلف رنّاتها لحن رقيق شجيّ(34)، فالتّناغم الصّوتيّ في لغة الأدب ينبثق من ثراء المخيّلة، وينبعث في غمرة التّخيّل لإشباع اللّذّة المرجوّة في مهارة التّلقّي، والنّفس بطبعها تميل إلى الأشياء المتناظرة والمتماثلة، وتنفر من الأشياء المتنافرة، فإذا ما أعدنا التّأمّل في المقطوعة السّابقة، سنجد غصنًا جديدًا يتعالى بحضور اللّفظتين(عَوْرَاتِ) و(احْتِوَاءَات)، بكلّ ملامح التّجلّي في امتدادتهما الإيقاعيّة الأفقيّة، تتوسّطهما لفظة (عربي) المنسجمة إيقاعيًّا في انثناءة نحو اليمين مع كلمتَيْ (قَوْلِي) و(فِعْلِي)، أمّا كلمة(الشّقاء) فهي تلامس في إيقاعاتها المنبثقة من غير موضع لفظة(اللّقاء)، وبين (مستنفر) و(قادر) الدّالّتين على الفاعل تناسب إيقاعيّ غير متوقّف على صوت الرّاء، فالأصوات حينما يتحقّق انسجامها بغير طريقة منبثقة من النّوع وخاصّيّته الصّوتيّة تتقدّم إلى أذواقنا بلحنها المستساغ، وأدائها المتَقبَل؛ لتسمو بلغة الشّعر ولحنه إلى كلّ حواسنا؛ لتحدث شيئًا من الانفعال والتّأثير حينما يكون للصّوت جرس يؤلّفه التّناسق، وتستقبله برتابة عناصر السّمع.

فالتّكرار أداة لتصوير حالة نفسيّة، وشرطه أن يجيء في سياق شعوريّ كثيف، يبلغ أحيانًا درجة المأساة، فالعبارة المكرّرة تؤدّي إلى رفع مستوى الشّعور في القصيدة(35)، والتّكرار إلحاح شعوريّ حينما يبقى الشّاعر متعلّقًا بفكرة ما ولم تشبع شعوره أحاديّة التّعبير، والتّكرار يأخذ بعدًا آخر حينما يلجأ الشّاعر فيه إلى التّشكيل الطّباعيّ المعتمد على مساحة البياض وهندسة السّطور بما يخلق فضاء نصّيًّا ذا سمة خاصّة، إذ يقول الشّاعر(36):

مَنْ يَكْتُبِ السَّطْرَ الأَخِيرَ لِنَجْمَةٍ فِي الْخَاصِرَةْ؟

مَنْ

يَكْتُبِ

السَّطْرَ

الأَخِيرَ

لِنَجْمَةٍ

فِي

الْخَاصِرَةْ؟

يحمل التّكرار في كثير من الأحوال تأكيد الذّات، وتوثيق المعنى، والتّنبيه للقول، ونوعًا من موسيقا السّمع الّتي تضفي على الشّعر رقّة وتناغمًا وجرسًا، فالإلحاح يقوّي الكلمة، ويعلّق النّفس بها، ويجعلها تستقرّ في الأذهان(37)، وحينما يأتي هنا التّكرار في نهاية القصيدة مفتوحًا على فضاء البياض، يبقى الصّوت المتردّد على اللّسان، والمصقول في السّمع، والمحاكى في الصّدى، وهو سيبقى الصّورة المشحوذة في الذّهن، والعالقة في المخيّلة، وقد أخذت من شكل البياض نمطًا بصريًّا، يتّسع فيه مدى الانفتاح بتنغيمة التّساؤل الّذي يحمله الإنشاء الطّلبيّ كرسالة نهائيّة تقدّم خلاصة القصيدة الّتي ترجو حلّها من المتلقّين، بل من الإنسانيّة جمعاء، ويأتي سؤال النّهاية منسجمًا مع مضمونها، الّذي يقوم الطّلب فيه على استدعاء المطلوب في تفاصيل الجملة: "مَنْ يَكْتُبِ السَّطْرَ الأَخِيرَ"؟ إنّ هذا الانفتاح التّشكيليّ المنبثق في نمط تكراريّ يأتي على شكل صدى للنّموذج الأوّل متقطّع بفعل الفراغ والبياض، فهَذا هو الصّدى المتردّد بتماسك خفيّ، يبعده وميض السّطر اللّانهائيّ، وهَكذا تظلّ النّهاية شحنة يزداد وزنها بفعل الانتقال والتّداول والامتثال والعلوق في النّفس.

الخاتمة
للكلمة تأثير صوتيّ يطري الأسماع، هَذا التّأثير يكون له صدى أقوى في الشّعر؛ وذلك لأنّ لغة الشّعر لغة جماليّة موسيقيّة، فموسيقا الشّعر قديما وحديثا هي موسيقا تكرارية مبعثها في الأصل التّشابه في الوزن والقافية والرّتابة الحاصلة بفعل تشكيلات صوتيّة كثيرة تتعدّى ذَلك، لقد ركّزت البحوث على هَذه الحقيقة النّصّيّة، وكانت الأسلوبيّة من المناهج الّتي أولت الصّوت عناية فائقة باعتباره أصغر مكوّن لغويّ، وسارت كثير من المناهج النّقديّة على درب الأسلوبيّة.

حظيت قصائد "محمد حلمي الريشة" بحضور نظائر صوتية كثيرة ومتنوعة الأبعاد، فكان التّجانس الصّوتيّ حاصلًا من تشابه أصوات منفردة، أو من تركيبات صوتيّة متناغمة أو من تماثل في الإيقاع الصّوتيّ أو في الوزن الصّرفيّ أو في البنية الصّرفيّة أو الجناس نفسه في اجتماع غير سبب من أسباب التّماثل والانسجام في آن واحد، ولربّما من شيء يجمع بين ملمح من هَذا وملمح من ذاك؛ ممّا أضفى على شعره طابعًا إيقاعيًّا خاصًّا، وتأثيرًا نغميًّا.

(شاعرة وباحثة من فلسطين)

* * *

الهوامش:

(1) ينظر: يوسف مسلّم أبو العدّوس، "الأسلوبية الرّؤية والتّطبيق"، ط1، دار المسيرة، عمّان، (2013م)، ص40.

(2) ينظر: يوسف مسلّم أبو العدّوس، "الأسلوبية الرّؤية والتّطبيق"، ط1، دار المسيرة، عمّان، (2013م)، ص49.

(3) ينظر: محمّد عبد المطّلب، "البلاغة والأسلوبيّة" ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، (1994م)، ص354-353.

(4) ينظر: يوسف مسلّم أبو العدّوس، الأسلوبية الرّؤية والتّطبيق، ط1، دار المسيرة، عمّان، (2013م)، ص51.

(5) ينظر: يوسف مسلّم أبو العدّوس، الأسلوبية الرّؤية والتّطبيق، ط1، دار المسيرة، عمّان، (2013م)، ص63.

(6) ينظر: رمضان الصّبّاغ "في نقد الشّعر العربي المعاصر"، دراسة جماليّة، ط1، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، (1998م)، ص142.

(7) ينظر: نبيل راغب، "موسوعة النّظريّات الأدبيّة"، ط1، الشّركة العالميّة للنّشر- لونجمان، مصر، (2003م)، ص37.

(8) ينظر: إبراهيم نمر موسى، "حداثة الخطاب وحداثة السّؤال"، ط1، مركز القدس للنّشر والتّصميم والكمبيوتر، بير زيت، (1995م)، ص71.

(9) ينظر: أحمد صبرة، "صرّدر دراسة عناصر إبداعه الشّعريّ"، (د. ط.)، منشأة المعارف، الإسكندريّة، ص125.

(10) ينظر: محمّد بن أحمد، ومولاي حفيظ بابوي، وبشرى عليطي، "البنية الإيقاعيّة في شعر عزّ الدّين المناصرة"، ط1، منشورات اتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين، القدس، (1998م)، ص82.

(11) ينظر: نبيل راغب، "موسوعة النّظريّات الأدبيّة"، ط1، الشّركة العالميّة للنّشر- لونجمان، مصر، (2003)، ص37.

(12) ينظر: ماهر مهدي هلال، "رؤى بلاغيّة في النّقد والأسلوبيّة"،(د. ط.)، المكتب الجامعيّ الحديث، الأزاريطة، إسكندريّة، (2006)م، ص141.

(13) ينظر: رينيه ويليك، أوستن وارين، ترجمة: محيي الدّين صبحي، مراجعة: حسام الخطيب، "نظرية الأدب"، (د. ط.)، المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت، (1987م)، ص181.

(14) ينظر: فوزي سعد عيسى، "جماليات التّلقّي قراءة نقديّة في الشّعر العربي المعاصر"، (د. ط.)، دار المعرفة الجامعيّة، الإسكندريّة،(2014 م)، ص 8.

(15) ينظر: نبيل راغب، "موسوعة النّظريّات الأدبيّة"، ط1، الشّركة العالميّة للنّشر- لونجمان، مصر، (2003م)، ص106-107.

(16) ينظر: نبيل راغب، "موسوعة النّظريّات الأدبيّة"، ط1، الشّركة العالميّة للنّشر- لونجمان، مصر، (2003م)، ص 103.

(17) ينظر: فوزي عيسى، "تحليل النصّ الشّعريّ"، (د. ط.)، دار المعرفة الجامعيّة، الأزاريطة، (د. ت.)، ص20.

(18) ينظر: مراد عبد الرّحمن مبروك، "من الصّوت إلى النّصّ" نحو نسق منهجيّ لدراسة الّنصّ الشّعريّ، ط1، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، (2002م) الإسكندريّة، ص66.

(19) ينظر: مراد عبد الرّحمن مبروك، "من الصّوت إلى النّصّ" نحو نسق منهجيّ لدراسة الّنصّ الشّعريّ، ط1، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، (2002م)، الإسكندريّة، ص67.

(20) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م)، ص277.

(21) إبراهيم أنيس، "موسيقا الشّعر"، ط5، (د. د.)، (د. ت.) ص22.

(22) ينظر: محمد المبارك، "استقبال النص عند العرب"، ط1، المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت، (1999م)، ص100.

(23) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م)، ص294.

(24) ينظر: خضر محمّد جحجوح، "التّشكيل الجماليّ في شعر سميح القاسم"، ط1، مكتبة كلّ شيء، حيفا، (2012م)، ص357.

(25) ينظر: ذياب شاهين،"التّلقّي والنّصّ الشّعريّ" قراءة في نصوص شعريّ معاصرة من العراق والأردن وفلسطين والإمارات، ط1، دار الكندي للنّشر والتّوزيع إربد- الأردن، (2004م)، ص49.

(26) ينظر: علي حرب، "الماهية والعلاقة" نحو منطق تحويليّ، المركز الثقافي العربي، ط1 (1998م)، الدار البيضاء، ص114.

(27) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م)، ص284.

(28) ينظر: محمّد عبد المطّلب، "البلاغة والأسلوبيّة" ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، (1994م)، ص290.

(29) ) ينظر: كمال أحمد غنيم، "عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر"، ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة، (1998م)، ص294.

(30) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م)، ص289.

(31) ينظر: محمّد إبراهيم عبد العزيز رشادي، الصّورة بين القدماء والمعاصرين دراسة بلاغيّة نقديّة، ط1، مطبعة السّعادة، شارع الجداوي، ميلان أحمد ماهر، (1991م)، ص67.

(32) ينظر: علي حرب، "الماهية والعلاقة" نحو منطق تحويليّ، ط1، المركز الثقافي العربي، (1998م)، الدار البيضاء، ص46.

(33) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م)، ص344.

(34) ينظر: ميخائيل نعيمة، "المجموعة الكاملة"، م3، دار العلم للملايين، بيروت، (1971م)، ص392.

(35) ينظر: رمضان الصّبّاغ، "في نقد الشّعر العربي المعاصر دراسة جماليّة"، ط1، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، (1998م)، ص230.

(36) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م)، ص259.

(37) ينظر: محمود إسماعيل عمّار، "صورة الحجر الفلسطينيّ في الشّعر السّعوديّ"، ط1، (2003م)، الأردن، مجدلاوي للنّشر والتّوزيع، ص 271-272.

* * *

قائمة المراجع:

(1) إبراهيم أنيس، "موسيقا الشّعر"، ط5، (د. د.)، (د.ت).

(2) إبراهيم نمر موسى، "حداثة الخطاب وحداثة السّؤال"، ط1، مركز القدس للنّشر والتّصميم والكمبيوتر، بير زيت، (1995م).

(3) أحمد صبرة، "صرّدر دراسة عناصر إبداعه الشّعريّ"، (د. ط.)، منشأة المعارف، الإسكندريّة، (د. ت.).

(4) خضر محمّد أبو جحجوح، "التّشكيل الجماليّ في شعر سميح القاسم"، ط1، مكتبة كل شيء، حيفا (2012م).

(5) ذياب شاهين، "التّلقّي والنّصّ الشّعريّ" قراءة في نصوص شعريّة معاصرة من العراق والأردن وفلسطين والإمارات، ط1، دار الكندي للنّشر والتّوزيع، إربد- الأردن، (2004م).

(6) رمضان الصّبّاغ "في نقد الشّعر العربي المعاصر"، دراسة جماليّة، ط1، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، إسكندريّة (1998م).

(7) رينيه ويليك، أوستن وارين، "نظرية الأدب" ترجمة: محيي الدّين صبحي، مراجعة: حسام الخطيب، (د. ط.)، المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت، (د. ت.).

(8) علي حرب، "الماهية والعلاقة" نحو منطق تحويليّ، ط1، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، (1998م).

(9) فوزي سعد عيسى، "جماليات التّلقّي، قراءة نقديّة في الشّعر العربيّ المعاصر"، (د. ط.)، دار المعرفة الجامعيّة، الإسكندريّة، (2014م).

(10) فوزي عيسى، "تحليل النصّ الشّعريّ"، (د. ط.)، دار المعرفة الجامعيّة، الأزاريطة، (د. ت.).

(11) كمال أحمد غنيم، "عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر"، ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة، (1998م).

(12) ماهر مهدي هلال، "رؤى بلاغيّة في النّقد والأسلوبيّة"، (د. ط.)، المكتب الجامعيّ الحديث، الأزاريطة، إسكندريّة، (2006م).

(13) محمّد إبراهيم عبد العزيز رشادي، "الصّورة بين القدماء والمعاصرين دراسة بلاغيّة نقديّة"، ط1، مطبعة السّعادة، شارع الجداوي، ميلان أحمد ماهر(1991م).

(14) محمّد بن أحمد، ومولاي حفيظ بابوي، وبشرى عليطي،"البنية الإيقاعيّة في شعر عزّ الدّين المناصرة"، ط1، منشورات اتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين، القدس، (1998م).

(15) محمّد حلمي الرّيشة، "الأعمال الشعرية" الجزء الأول، ط1، بيت الشّعر، رام الله، (2008م).

(16) محمّد عبد المطّلب، "البلاغة والأسلوبيّة"، ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، (1994م).

(17) محمد المبارك، "استقبال النص عند العرب"، ط1، المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت، (1999م).

(18) محمود إسماعيل عمّار، "صورة الحجر الفلسطينيّ في الشّعر السّعوديّ" ط1، مجدلاوي للنّشر والتّوزيع، الأردن، (2003م).

(19) مراد عبد الرّحمن مبروك، "من الصّوت إلى النّصّ" نحو نسق منهجيّ لدراسة الّنصّ الشّعريّ، ط1، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، الإسكندريّة، (2002م).

(20) ميخائيل نعيمة، "المجموعة الكاملة"/ م3، (د. ط.) دار العلم للملايين، بيروت، (1971م).

(21) نبيل راغب، "موسوعة النّظريّات الأدبيّة"، ط1، الشّركة العالميّة للنّشر- لونجمان، مصر، (2003م).

(22) يوسف مسلّم أبو العدّوس، "الأسلوبية الرّؤية والتّطبيق"، ط1، دار المسيرة، عمّان، (2013م).