شاعر هدْه الشعر والاغتراب، يرسم سيرته مع الكتابة وتفاصيلها ووجعها وانكساراتها، مسيرة بدأت من البياض وتنتهي إليه، لكنها تمتزج بمسيرة حيوات عاشها الشاعر في تضاد مع تلك القيم التي تجعل القصيدة في إبحار دائم ومع نفسه وهي ترغب في الخروج من شرنقته ومن يمه المائز.

كيف صرت شاعرا

بن يونس ماجن

 

سأسدد للشعر

كل ما تبقى علي من ديون

وسأحجز مقعدا

على متن طائرة ورقية

وسأتخلى عن ترصيف الكلمات

حتى لا أخرب بيوت الشعر

وتتهمني القافية

بمعاداة الأعاريض الفراهيدية

لقد مللت القفز على سطوح الجيران

والتعلق بحبال الغسيل

ورشق النوافذ بكتل الثلج..

 

كيف صرت شاعرا

كان طائر الفنيق

يحرضني على التمرغ في الرماد

أما قوس قزح

فكان يضمخ لوحاتي الزيتية

بتمائم وطلاسم

وإيقاعات ضاحكة

ما الإلهام سوى عابر سبيل

يتدحرج بين الاغتراب والمنفى

ويحتل مستوطنات غير شرعية

ويتخبط في العتمة

باحثا عن شمعة

لا تشبه شموع الكون

ضاعت بين مخاض قصيدة

وحفنة من الخربشات

وهل تنجب الغيمة رذاذا

إذا ضاجعها السراب

وأتساءل من أي سماء نزل النثر

لإنقاذ الشعر من الضلال

وسيبقى الشعر شعرا

والنثر نثرا

وحتى تندمل الجراح

سأسكت عن الكلام المباح

 

عندما أديت اليمين أمام الشعر

لم أكن أضع في الحسبان

المسؤولية الجسيمة التي تقع على الشاعر

وعندما مشيت في جنازته

كنت أحمل شاهدة مراثي

وحشرجة قصائد يتيمة

 

صرت كالمريض بالوهم

الذي يهدر وقته

بين الكلمات الافقية والعمودية

ويرى الاشياء بعين ثلاثية الأبعاد

 

ولما أقر الشعر

إنني أعاني من انفصام في الشخصية

نصحني كي أنسى أنني شاعر

ونزولا عند رغبة الشعر

كففت عن التحرش به

ثم أغلقت باب التيه

وأخلدت للنوم العميق..

 

لندن