ترى الناقدة إلى أن المصطلحات الفنية تعتبر مفاهيم ضرورية وقصدية لفهم المعنى بدقة، ويجب اعتمادها في تحليل الأعمال الفنّية وقراءتها، فالعمل الإبداعي، من سينما ومسرح ورسم، هو صورة والصورة هي نتاج فكري يعتمد على المصطلحات والمفاهيم الفنية لفهمها وقراءتها.

المصطلحات الفنية: مقاربة واصفة للخطاب الفني

سناء ساسي

 

تعتبر المصطلحات الفنية مفاهيم ضرورية وقصدية تعني فهم الشيء دون غيره وتعتمد في تحليل العمل الفنّي وقراءته باعتبارها عنصرا من عناصر اللغة التشكيلية او السينمائية او المسرحية وغيرها من الفنون لأنّ العمل الفنّي هو صورة بالأساس والصورة هي نتاج فكري يعتمد على المصطلحات والمفاهيم الفنية لفهمها وقراءتها. يتطلب العمل الفني قراءة لعناصره وتحليل لقيمته الفنية ولا يمكن قراءة العمل وعناصره إلا من خلال حضور اللغة التي تحتوي على المصطلحات الفنية المتخصصّة في كل مجال، فاللغة هي معرفة تتطلب التحليل والتأليف ولا يمكن ذلك إلا بواسطة المفاهيم الفنية التي تشكل الخطاب الفنّي والتي من خلاله يشكل الفنان علاقته بالممارسة الفنّية وعلاقته بالمشاهد والمتذوّق الفنّي فالفنان لا يستطيع أن يفكر أو يتحدث أو يعرف إلا من خلال خطابه الذي يشكله. فالفنان ليس أقل معرفة من الأديب باللغة ومضامينها لكي يبدع أو يعلن عن إتجاهات جديدة أو مصطلحات جديدة. فالفنان يتعامل مع اللغة الفنية كمجموعة مفاهيم تشترك وتختلف في معانيها بمختلف الميادين الفنية:فالصورة بناء يمكن إعتباره لغة بصرية تحتاج إلى التحليل والقراءة فمثلا نجد مصطلحات ومفاهيم فنية تشترك فيها عديد المجالات نذكرعلى سبيل المثال السريالية التي تشاركت في هذه المدرسة الفنية ومفهومها ومصطلحاتها التي وجدت فضاءها في الأدب والفن التشكيلي والفن السينمائي أيضا المدرسة التعبيرية ومفاهيمها وأسسها التعبيرية التي كانت المنطلق الأوّل في الفن التشكيلي ثم السينما وغيرها من المفاهيم التي تشترك الميادين الفنية في بلورتها وتشكيلها وكانت نقطة التحاور بين الفنون والتي لها نفس المعنى والدلالة فمثلا المحور أو التناظر، اللون، العمق والمركز وغيرها من المفاهيم التي لها نفس الدلالة اللغوية بالنسبة للمصمم والتشكيلي والسينمائي.

هذه المفاهيم تشكل الخطاب الفنّي للممارسة الفنية فبدون المصطلحات والمفاهيم لا وجود لخطاب ولا وجود لقراءة ولا تحليل للعمل الفني وللخطاب الفنّي سواء كان خطاب تشكيلي وسينمائي وموسيقي ومسرحي أو خطاب ناقد يكشف عناصر العمل الفني ومرجعياته وأسسه وتقنياته ومراجعها وعلاقتها بتراث ذاكراتي هل انطلقت منه أو تمردت عليه وانفصلت عنه هذا الخطاب يؤسس للعمل الفنّي لغويا واصطلاحيا مكانته كما يبلور للعمل الفني مقامه الإبداعي فالخطاب يرتقي بالعمل الفني ويثريه يصبح العمل الفني بفضله ذات معاني خاصة لا ندركها إلا من خلال علاقتها بهذا الإبداع لا ولا ندرك أي كلمة أو مصطلح أو مفهوم فني إلا من خلال وضع إطارها الخطابي فإذا أخذنا المصطلح منعزل عن إطاره الإبداعي والخطابي سوف يبدو مفهومها غامض ولهذا كانت الممارسة الفنّية بكل أنواعها خاصة الممارسة الفنية وراء إبداع المفاهيم الخاصة بها سواء كانت هذه المفاهيم مرتبطة بالممارسة ذاتها كمسار إبداعي له ملابساته المادّية والتقنية أو في علاقتها بالمبدع ككائن إجتماعي وثقافي يعمل داخل منظومة الإبداع أو بقراءة هذه الممارسة كقراءة نقدية تبلور هذه المفاهيم لقيمتها الإبداعية. وأخيرا يمكن القول بأن المفاهيم والمصطلحات الفنية هي كلمات لها ضرورة تؤسس لقراءة الفنان لعمله الفني كممارسة مادّية وقراءة الناقد لهذا العمل كممارسة حسية وقراءة المتذّوق الفنّي كممارسة تعبيرية وذهنية هذه المصطلحات أسست شبكة من العلاقات وبين الفنان وعمله بين الفنان والناقد وبين الفنان والجمهور.صنعت هذه المصطلحات خصوصية للفنّ ومسارته الإبداعية عبر التاريخ لأنّه كلّما تطوّرت الذهنية البشرية تطوّرت وأبدعت معها مفاهيم ومصطلحات جديدة عبر التاريخ. وبطبيعة الحال تتوفر في كل مرحلة وفي كل مكان مجموعة من الإمكانيات التعبيرية بما هي مفهوم ومصطلح فنّي لا يمكن للفنان كتعبير أو الناقد كتحليل أو المتذوق أن يتجاوزها كقراءة.