تقدم (الكلمة) ديوان شاعر عراقي يعيش حياته ككائن شعري، يعتقد أن الشعر هو خلاصه الروحي والحب الذي يؤجل موته، هنا ديوان نفتتح به سنة أخرى من الشعر الذي يسمو على "ضيق الأفق" وينفتح على الآفاق الرحبة لفتح كوة الأمل على كثير من حيوات تنتصر لقيم الشعر، وبلاغات القصيدة.

أصابعُهُ نايات (ديوان العدد)

سعد جاسم

 

التصاوير: مرايا وفخاخ

التصاويرُ

مرايا خادعةٌ

تجعلُنا رهائنَ

وضحايا وهمٍ مُلتبسٍ

ولكنّهُ ماكرٌ وعميقٌ

مثل بحرٍ محتشدٍ

بأسرارهِ وعرائسهِ وغرقاه

 

والتصاويرُ فخاخٌ

ننصبُها بمحضِ رغباتنا

ولاندري بأنها ستجعلُ منّا

فرائسَ تتأوهُ

وتندبُ عمراً مهدوراً

راحَ ليتفسخَ في غاباتِ الذكرى

والخسائرِ والحنين

وفي قطاراتِ الزمنِ المنهوبِ

في غفلةٍ من أصابعنا

التي تتصحرُ مرتجفةً

كما لو أنها خيامُ بدوٍ

أو غجرٍ منبوذينْ .

 

والتصاويرُ غواياتٌ فاتنةٌ

تخدعُنا بحضورِ هيئاتِنا المُحنّطةِ

كما لو أننا تماثيلٌ من شمعٍ

أو من طينٍ مسطور

وكما لو أننا مومياءاتٌ

نتنفّسُ هواءَ خيباتنا

ونضيقُ بمقاصلِ أعناقنا المستطيلةِ

وببدلاتنا المبقّعةِ بقبلاتِ أمهاتِنا

وحبيباتِنا الخجولات

وبقمصاننا المتّسخةِ بالمخاوفِ

والمباهجِ المذبوحة .

 

وهذي التصاويرُ

مآربٌ ومكائدٌ

نُحيكُها نحنُ لأنفسنا

أو يحوكُها لنا

فوتوغرافيون ماكرونَ

وزوجاتٌ خادعاتٌ

وأعدقاءٌ خونة

ومخبرونَ فاشلونَ

وملائكةٌ طيّبونَ

ولكنّهم نزقونَ وحمقى

يااااااه......

 التصاويرُ تبقى

 ونحنُ الراحلون

 

 

 الضاحكُ في موته

النائمُ في قبرهِ

أَيقظتْهُ أرملتُهُ

بالصراخِ والعويل

وقالتْ لهُ :

أنا أكرهُكَ

لأنكَ تخونني

مع الحوريات

فضحكَ وضحكَ

حتى غصَّ من الضحكِ

ثم عادَ ثانيةً

الى موتهِ السعيد

تاركاً تلكَ الأرملة

تصرخُ وتعْولُ

أمامَ شاهدة خرساء

في مقبرة باردة

لايسكنُها غيرُ الحفّارينَ

والهاربينَ والمفخخينَ

والموتى الذينَ لم يسْلموا

من الشكوكِ

والشتائمِ الموجعة

 

 

طريقُ الأبدية

كمَنْ يتخففُ من تَركاتٍ

 وأسرارٍ ثقيلةٍ

 ويتخلصُ من حماقاتهِ وأخطائهِ

وكمَنْ يسعى الى خلاصهِ المضئ

ويمضي ناصعاً الى فردوسهِ الأخير

 سأتركُ ذاتَ فجرٍ باسقٍ

أو ذاتَ حلمٍ عابرٍ :

السريرَ بارداً وبلا احلام

الغرفةَ موحشةً كصحراء

البيتَ مظلماً وحزيناً كقلبٍ مريضٍ

والمدينةُ أتركُها

كمقبرةٍ مخيفةٍ

والبلاد اتركُها بلا ندمٍ وبلا ذكريات

والمال سأتركهُ لأنهُ زينةٌ خادعة

وسأتركُ الأبناءَ لأنهم لم يعودوا لي

وإنما هم ابناءُ الحياة

 

وأتركُ العالمَ

يتمرّغُ في خرابهِ الاسودِ الرهيب

وكذلكَ سأتركُكِ أنتِ والحياةَ الجاحدة

 لأنني أنا الزاهدُ السماويُّ

لمْ أعدْ بحاجةٍ

 لكلِّ هذهِ الاعباء

بعدَ أن عثرتُ

على طريقِ الأبدية

 

 

أصابعُهُ نايات

ذاتَ صباحٍ

إستيقظَ العاشقُ

- الذي هو أنا -

فوجدَ نفسَهُ طائراً

 يترنمُ بسيرةِ الله

والحبِّ والوردِ

والخبزِ والينابيع

 

وذاتَ صباحٍ آخرَ

إستيقظَ الحالمُ أنا

فوجدَ أصابعَهُ ناياتٍ

تُرتّلُ سيرةَ الأرضِ

والناسِ والغرامِ

والنساءِ العاشقاتِ

 والمصائرِ الغامضة

 

وذاتَ فجرٍ أخضرٍ

إستيقظَ الطفلُ الذي يسكنُني

فوجدَ قلبَهُ يشعُّ اقماراً

ونوارسَ ويواقيت

 

وعندما استيقظ الناسكُ الذي يتَجلّى فيَّ

وجدَ روحهَ تتوهجُ ملائكةً

وأُمهاتٍ وشهداءً

وعشاقاً صوفيين

 

وذاتَ غبشٍ أبيضٍ

استيقظَ العارفُ الذي هو أنا

فوجدَ نفسَهُ كتاباً

يُشعشعُ بالأسماءِ والرؤى

والوقائعِ المُعتّقةِ

 والأقدارِ اللامرئيةِ

 ونصوصِ السماواتِ

و الغيبِ والنشوةِ والعشقِ

والغوايةِ والهدايةِ

فعرفَ سرَّ الاسرارِ

وراحَ يطوي الارضَ

مثلما يُطوى السجّلُ

وصحائفُ الكينونةِ

وألواحُ الأبدية

 

وهكذا... 

أَصبحَتُ في كلِّ صباحٍ

أستيقظُ فيهِ

أرى الله في قلبي

وهو ينفحُ فيَّ

من روحهِ

ضوءَ الحكمةِ

وتراتيلَ الخلاص

 

 

حياة منهوبة

عندما ماتَ أبي

جاءَ المعزّونَ

ليواسوني قائلينَ :

-خاتمة الأحزان

أو

-البقاء في حياتكَ

وكنتُ عندها اتساءلُ :

تُرى هلْ ستكونُ حقاً

هذه خاتمةُ أحزاني ؟

وهلْ ستبقى لي حياةٌ ؟

 

وحينما ماتتْ أمي

جاءني مُعزّونَ آخرون

لمواساتي وتطييبِ خاطري

وقالوا لي ايضاً :

-خاتمة الاحزان

-والبقاء لحياتكَ

وكذلكَ تساءلتُ

ذاتَ السؤال

عن الاحزانِ وخاتمتها

وعن حياتي الباقية ؟

 

وعندما استُشْهدَ أخي

في حربٍ ليستْ عادلة

حدثَ الأمرُ ذاتُهُ

وتساءلتُ ذاتَ الاسئلةِ

 

وعندَ مقتلِ ابنِ عمي

في حادثِ سقوطِ سيارتِهِ العسكريةِ

من أعالي جبلٍ شماليٍّ

الى هاويةِ العدمِ

أيضاً جاءَ مُعزّونَ مختلفونَ

وحدثَ الذي حدثَ

في مراسمِ موتايَ السابقين

 

وهكذا أصبحَ الحالُ

في كلِّ واقعةِ موتٍ أو قتلٍ

تحدثُ معي

ولكنًّ الغريبَ في الحكايةِ

هوَ فقطْ عندما مُتُّ أنا

حينها عرفتُ انها كانتْ

خاتمةَ حياتي

حيثُ لمْ أعدْ أرى مُعزّينَ

ولاأسمعُ أسئلةً مكرّرةً وتقليدية

 ولكنْ كانَ هناكَ سؤالٌ وحيدٌ ويتيم

تترددُ اصداؤهُ

في رأسي الباردِ الحزين 

- مَنْ الذي أَخَذَ حياتي ؟

أنا لاأعتقدُ أنهُ الربُّ

لأنني أعرفُ انهُ زاهدٌ

وغنيٌّ وحنون

وهوَ ليسَ بحاجةٍ

الى مشكاةٍ من نورٍ

هي روحي

أو الى حياةٍ خاويةٍ

 هي حياتُنا المنهوبة

 

 

جُثّةٌ تمشي

هذهِ الجثّةُ

هيَ جثّةُ أخي

الذي أوهمَنا الجنرالاتُ

 انهُ ماتَ مُسْتَبْسلاً

في حروبِ الخلاص

وعندما بكيْنا عليهِ

وشَتَمْنا كبيرَهم

أغلقوا أفواهَنا بالنباحِ

 والمسدسات

*******

هذهِ الجثّةُ

  مفقودةً كانتْ

في أرشيفِ ذاكراتِهم الشيطانية

ولكنّها .....

وحينما استبدّتْ بها الوحشةُ

وجمراتُ الحنين

جاءَتْ تمشي حافيةً

من الخوفِ والأوسمةِ

حتى ترى وجه أمي

 

وهاهيَ أمي الطاعنةُ

بالأسى والفقدانِ

تتحسسُها كلَّ لحظةٍ

وتبوسُ اصابعَها الباردةَ

وتنفحُ فيها من روحها

عسى أن تردَّ الى أخي

روحَهُ التي تناهبتْها الحروبُ

وضيّعَها جنرالاتُ النباح

والأوسمةِ الصدئة

 

 

خيط من ضوء

خيطٌ من الضوءِ

دائماً أَبصرُهُ

يتلألأُ ...

مثلَ هلالٍ نورانيٍّ

فوقَ جبينكَ

وأَراكَ طفلاً

من وردٍ وخزامى وعسلْ

 

هذا ماقالتْهُ لي

جدتي العرّافةُ السومرية

ذاتَ ليلٍ جنوبيٍّ

مُكتظٍ بالسحرِ

والطقوسِ والاسرارْ

 

خيطٌ من الضوءِ

يشعُّ ...

من كفّي الناصعةِ

كُلَّما أَرفعُها احتجاجاً

في وجهِ الطاغي

والقاتلِ والارهابي

واللصِّ المُحترفِ

وعديمِ الروحِ

والضميرْ

 

خيطٌ من الضوءِ

يتوهجُ في قلبي

وأَحياناً يسطعُ كالبرقِ

ليُضيئَ طريقي

ويضيئُ العتمةَ

في افقِ بلادي

ويضيئُ سماواتِ العالمْ

 

في حضرةِ مَنْ أُحِبُّ

أتوهجُ وأتجلّى

ودائماً نتماهى

حتى نُصبحَ خيطاً من ضوء

 

خيطٌ من ضوءٍ

 أنا ...

في قلبِ اللهْ

 

 

الحياة : طُرّهْ ... كِتْبَهْ *

أنتَ والعالمُ وداعشُ

جَعَلْتُم حياتي" ملكَ وكتابه **"

وأُمي تقولُ :

-اوووف ياربي صرْنا" طرّهْ كتْبَهْ "

 

والمنافي جَعَلَتْنا

مثلَ" حيّه ودَرَج "

 

وأمريكا الماكرةُ

جَعَلَتْنا مثلَ" توم وجيري"

 

والطواويسُ والذئابُ

الجنرالاتُ والعاهراتُ

والقتلةُ والطغاةُ

اللصوصُ والخنازيرُ

مُشْعلو الفتنِ والحرائقِ

وملوكُ المكائدِ والطوائفِ

جعلوا حياتَنا

أحلامَ كارتون

بالاسودِ والأبيضِ

والرمادي والغامضِ

والمفخخِ والدامي

وبطعمِ الكوابيسِ ايضاً

 

يااااااه ياحياتنا

ماأقساكِ

وماأغباكِ

وما أبشعَ وجهكِ

وأنتِ ترتدينَ أقنعةَ الفتنةِ

والخديعةِ

 والغوايةِ

 والوشايةِ

والقسوةِ

واللعنةِ

والموتِ الوشيكْ

 

اشارة: مفردتا الـ (الطرّه كتبه) تعنيان وجهي العملة المعدنية؛ ولهما تسميات اخرى مثل ال (ملك وكتابة)، والـ( ترّه ونقش). وهي اللعبة التي كنا نلعبها نحن ومعظم الاطفال العرب .

 

 

بلاد طاعنة في الدم

هوَ يحبُّ البلادَ كثيراً

ولذا تطوّعَ ليحرسَها من مآربِ الظلاميين

ويحميها من مخالبِ الغامضينَ والقتَلة
والقادمينَ من البراري والكهوف
ومن دهاليزِ الدمِ والكراهيةِ

 

هذهِ الليلة
جاءَ ملهوفاً
ليرى بيتَهُ
وإمرأةَ روحهِ
وأمَّهُ الحنون

وملائكتَهُ الصغار

 

وبينما ...
كانَ يسيرُ
نحوَ العَتَبةْ
.........
.....
...

جاءتْ اليهِ
ط
ل
ق
ةٌ
في
الرأسْ
وطعنةٌ
في ال
ق
ل
ب ِ
والخاصرةْ

آآآآآآآآآآآآآآآآآآهْ
يابلادَ الطَعَناتْ
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآهْ
يابلادَ الطَلَقاتِ الغادرةْ

 

 

منفيون

-الى روح كمال سبتي المنفية ابداً

 

منفيونَ نحنُ :

منفيونَ منذُ النطفةِ الاولى

منذُ الرحْمِ

منذُ الصرخةِ السوداء

منذُ البيتِ

حينَ يكونُ مصطخباً ومُلتبساً

ومنذُ بلادِنا ؛

التي كُنّا بها مُستأجرينَ

مُطاردينَ ... مُشرّدينَ

وخائفينَ وحائرينَ

وليسَ لنا مانلوذُ بهِ

سوى المعنى :

معنى القولِ

معنى الضوءِ

معنى الفكرةِ البيضاءْ

معنى الروحِ

معنى الماءْ

معنى أن نكونَ

ولانكون

حيثُ تساوتِ الاشياءْ

حيثُ تلاشتِ الاسماءْ

وحيثُ العالمُ المكسورْ

قدْ صارَ بلا معنى .

 

منفيونَ نحنُ

يؤرّقُنا سؤالُ الغيبِ

والتأويلِ والرؤيا

-هلِ المنفى هوَ الزمانْ ؟

-أمْ المنفى هو اللامكانْ ؟

-هلِ المنفى خلاصٌ ؟

أمْ قصاصٌ ؟

أمْ رهان ؟

على حصانٍ غامضٍ

يمضي الى المجهولِ

لكنْ ... نتبعُهْ ؟

يطاردُنا مسلّحونَ ... ملثّمونَ

مفخّخونَ ... معمّمونَ ...مُؤدلجونَ

وغامضونَ ...

تفورُ رؤوسُهم ناراً

ويرتدونَ الاقنعةْ

لكننا لم نكترثْ

لرصاصِهم

وحبالِهم

وخطابِهم

وكلابِهم

فقَدْ جئْنا عُراةً

وقدْ عشْنا عُراةً

وقدْ نمضي عُراةً

فما عُدنا لنكترثَ

  لشيءٍ قد يؤرقُنا

غيرَ سؤالِنا المجروحْ :

-هلْ سنرثُ الأرضَ ؟

أمْ سنبقى نحنُ منفيينَ

حتى قيامتنا الاخيرة ؟

 

 

بلاد مطعونة

وجهُكِ
مرآةُ قلبي

 

إسمُكِ

أبجديةُ ذاكرتي

 

خصوبتُكِ

طينُ جسدي


فراتُكِ

 ثمالةُ روحي

 

ضحكتُكِ

 مشكاةُ حضوري

 

وحشتُكِ

دمعةُ أُمي

 

دجلتُكِ

أُغنيةُ حنيني


والحبُّ هاجسُنا

وخلاصُنا الجميل

واقفٌ أنا كمحاربٍ حزين
بإنتظارِ صحوِكِ وشفائكِ
من كابوسكِ الفاتكِ
ومحنتكِ الفادحةِ

ياآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
أَيتُها القاسيةُ ... الرؤوم
ياآآآه يابلادي المطعونةٌ

بالخوفِ والأوبئةِ

واليأسِ والخيانات

ترابُكِ مستباحٌ
ودمُكِ نازفٌ
لكنَّهُ يأبى مهادنةَ الثعالبِ

 وعقاربِ الفتنةِ

ضباعِ الطوائفِ

وذئاب الفضيحةِ

 والخراب

 

 

قاب قهرين وأقسى

يابلادي التي :

بينَ قهرينْ

متى تَرْحَمينْ

روحَكِ

وترابَكِ

شجرَكِ

وهواءَكِ

نخلَكِ

وماءَكِ

بنفسجَكِ

وقُرنفلكِ

فراشاتِكِ

وحمامَكِ

غزلانَكِ

ودجلتَكِ الجريحةَ

وفراتَكِ الحزينْ ؟

 

يابلادي التي

 بينَ خوفينْ

متى تَحْضُنينْ

أمهاتِكِ

وأطفالَكْ

أراملَكِ

وأيتامَكْ الضائعينْ ؟

 

يابلادي التي

 قابَ قبرينْ

متى تُنصفينْ

ابناءَكِ المُتْعبينْ ؟

 

يابلاداً بينَ نارينْ

متى تنهضينْ؟

مثلما العنقاء

من ليلِ الحرائقِ

والضغائنِ

والمآربِ

ومن رمادِ

الخرابِ اللعينْ ؟

 

 

 بلاد مذبوحة

الحقولُ ملوّثة

والأنهارُ مسمومةُ

والأقبيةُ والسجونُ

والبراري والجبالُ والسواقي تفوحُ

بروائحِ جثثِ الشهداءِ والقتلى المأجورينَ ..

المقهورينَ..الطيبينَ.. المساكين ... العراقيين

 والامهاتِ والشيوخِ والصغارِ

والحمائمِ والعصافيرِ والغزلانِ

التي ادمنتْ الموتَ

والانتحارَ اللذيذ .

 

البلادُ كلَّ يومٍ تُذبحُ من الوريدِ الى النشيدِ

والناسُ حيارى وماهم بسكارى

ولكنّهم خائفونَ

وساكتونَ عن الحقِّ والحقيقةِ

مشرّدونَ .. وضائعونَ

ونازحون الىَ المجاهيلِ

ومتاهاتِ العدم

 

 من أين يجئُ الحبُّ الينا ؟

ومن أينَ يجئ الفرحُ المهدورُ

حتى لو كان قليلاً؟

وكيفَ يُمكننا ان نبقى على ذمّةِ الكائناتِ الحيّة؟

 ونحنُ كائناتٌ تتحجّرُ وتتصحّرُ

وتموتُ بطيئاً ...بطيئاً

 في حياة جاحدة

وفي عالمٍ كلِّهِ خياناتٌ وصفقاتٌ وكواتمُ موت

 ومقابر

 ومزابل

 وبيوتُ دعارةٍ

 وصالوناتٌ تحترفُ العهرَ

والقتلَ الوطني ؟

 

كيفَ ؟

 وأينَ ؟

وماذا ؟

 ومتى ؟

وهلْ؟

 

يااااااااااهْ

آآآآآآآآآآآهْ

يااللللللللهْ

كمْ هي جارحةٌ ومجروحةٌ

كلُّ هذهِ الاسئلةُ

التي تنتصبُ الآن

هياكلَ باكية

وسكاكينَ دامية

 

سيرة العراقي

كلُّ عراقيًّ

جرحٌ راعفٌ

وذاكرةٌ معطوبة

ومقصلةْ

**********

كلُّ عراقيٍّ

سيرةٌ دامية

وموتٌ بطىءٌ

وجلجلةْ

**********

كلُّ عراقيٍّ

يعيشُ في الغامضِ والمجهول

 ودائماً يمشي الى مصيره

بلا دليلٍ

وبلا نجمةٍ

وبلا بوصلةْ

**********

ياللعراقيِّ ...يالقلبه الحزينِ

ويالرأسهِ ... الذي دائماً

يفورُ بالأسئلةْ

 

ياللعراقيِّ ... يا لخرابهِ

 ويالحياتهِ التي

 قد أَصبحتْ

قيامةً مُشتعلةْ

 

 

عراقيل

غداً ...

وعندما يقرعُ عراقيلُ

صورَ النفيرِ 

 ليُعلنَ قيامتَنا الاخيرة

 عندها سيكونُ الخرابُ

قدْ تقدّمَ شامتاً بنا ومنّا

ليرمينا في جحيمهِ الأسود

والغامضِ والحزين .

وسيكونُ شاربو الدم

وآكلو القلوب

وأُمراءُ الفتنِ والخياناتِ

ومهندسو مقابرِ العدم

قدْ هيئوا انفسَهم

 وأسلحتَهم الفاتكة

وكذلك سيُهيئون مخالبَهم وأسنانَهم

 وألسنتَهم الدموية الباشطة

يُهيئون كلَّ هذا

لإشعالِ قيامتِهم الحمراء

في بلادِنا التي تُشبُهُ أرملةً وحيدة

وليذبحونا بلا ندمٍ

ثم يشووننا مثل اكباشٍ خانعةٍ

في محرقةِ الفناء

وبعدَها سيقيمون احتفالهم الدموي السعيد

لإلتهامِ مايُرضي بطونهم منّا

وعندَ إنتهائهم من قيامتهم هذه

سينصرفون الى قيلولتهم المُريبة

التي تُشبهُ قيلولةَ الثعالب

أما نحنُ القتلى

المتناثرين كعصفٍ مسعور

فيمكننا أن نغادرَ

 إلى مقابرنا الغامضةِ

 ويمكننا كذلكَ أن نعودَ

الى قلوبِ امهاتنا

والى أحلامِنا التي كنّا

نضحكُ فيها عالياً عالياً

قبلَ أَنْ تستحيلَ

الى كابوسٍ فادح

 

 

يمشي الى جحيمه الاخير

بوجوهٍ مُتْربةٍ

وقلوبٍ مكسورةٍ

برؤوسٍ دامية

وراياتٍ سود

شعبٌ يمشي

يمشي زاحفاً

الى مجهولهِ الغامضِ

او الى جحيمه الاخير

شعبٌ :

يبكي خائفاً ومرتبكاً

على ذنوبٍ لمْ يرتكبْها

وإنّما اقترفَها

ملوكٌ وإمراء

وقتلةٌ مأجورون

ثعالبٌ وضباعٌ ملوّثة

وغانياتٌ محترفات

مشعلو حرائق ملوّثون

وطغاةٌ بوجوهٍ شيطانيةٍ

وبقلوبٍ من ساجٍ ورخام

وبقمصانٍ مطرزةٍ باللؤلؤ والمرجانِ

وبرؤوسٍ -رغم خوائها-

تزدانُ بتيجانِ الذهبِ والياقوت

وبسيوفٍ وقاماتٍ باشطةٍ

وبنادقَ وكواتم موت

ودروعٍ ومدرّعاتٍ

وراجماتٍ ومفخخاتٍ وعبواتٍ

تبصقُنا حقداً وسموماً ورمادْ

كلُّ هؤلاءِ

وهؤلاءِ كلُّهم

جاءوا بليلٍ غامضٍ

كي يُشعلوا فتنتَهم

ويحرقوا البلادْ

آآآآآآآآآآآآآه

الـ

بـ  

لـ

ا

د

 

 

قيامة المسوخ

المسخُ الظلامي

الذي يُشبهُ (فرانكشتاين )

يتناسلُ الآنَ مسوخاً

المسوخُ ينصّبونَ أنفسَهم آلهة

وينقلبونَ على المطلق

ويعصفون بالقطيع هنا وهناااااااك

إنها الخليقةُ

وقد وقعتْ في الفخّ

الذي نَصَبَهُ المسوخُ لها ولأنفسهم
أمّا البقيةُ فستأتي حتماً
لا يحاولْ أحدٌ المراوغة او المكابرة

ولا يحاولْ تجميلَ المشهد

إنها اللحظةُ الأخيرةُ

ولن ينجو أحدٌ من هذه الواقعة

صدِّقوني، سوفَ لنْ يسلمَ أحد

الآلهةُ الذين كتبوا التعاليم والوصايا

وأولئكَ الذينَ لم يكتبوا

هاهم يتساقطون

واحداً واحداً يسّاقطون

وهاهم يهوونَ عميقاً .. عميقاً

في الفخاخ التي نصبوها لتماثيلِهم

 وشعوبِهم الممسوخة

أما الحشودُ والقطعانُ

فانها الآنَ تنتشي وتستزيدُ

وتتلذذُ بالولائم

وأنفال المطرودين عنوةً

وتركاتِ الخيبة

وبأنهار الدم الرخيص

ياااااااااااااااااااااه

ما أبشعَ النهايات

عندما تكونُ هكذا

وماأقبحَ البدايات ايضاً

 

هل هذه هي النهاية إذنْ؟

ام انها قيامةٌ اخرى ؟

من قياماتنا التي

 دائماً تتناسلُ برابرةً

 وأَبالسةً

ومسوخاً ملعونين ؟

 

 

عالم بلا ملائكة

نحنُ طائرانِ

وثالثُنا جرحٌ

بحجمِ سماءٍ راعفةٍ

جرحٌ يبكي لهباً وتراتيل

ولايريدُ أَنْ يشفى

حتى يبقى شاهداً

على مذبحةِ وطنٍ

أَرتكبَها مهندسو مذابح

وقتلةٌ ولصوصٌ محترفون 

وشياطينُ اساطيرٍ وخطاباتٍ

وعهودٍ كاذبة

وكانوا أَيضاً

يزيّفونَ كلَّ الاشياءِ والحاءاتْ

حتى تضيعَ الحقيقةُ

وتُقْفَلَ ابوابُ الحرّية

والحبُّ يُداسُ بالبساطيلِ والمجنزراتْ

 

نحنُ طائرانِ

نريدُ التحليقْ

خارجَ الحريقْ

وخارجَ المذبحة

ونحلمُ انْ ننجو

من هذا الجحيم

الذي يشبهُ القيامةَ

نعني : قيامتَنا التي ليستْ لها نهاية

ولكنْ لها جنرالات وشعراء ومهرجونْ

كلُّهم يكذبونْ

 

نحنُ طائرانِ

في عالمٍ بلا ملائكةٍ

فمَنْ سينقذُنا

من هذا الخراب ؟

 

 

عراقُ الله

 كلَّما أتذكّرُكَ

يرتبكُ دمي

وأصابعي تُصابُ بالإرتجافِ والذهولِ

 وتَغصُّ حنجرتي بالحشرجةِ

أو بالسكوتِ المُر

وتسقطُ من قلبي

دمعةُ دمٍ

تُبَقّعُ وجهَ قميصي

فيتجعّدُ من فرطِ التذكّرِ

والأسى والحنين

وكُلّما أحتاجُكَ

يضئُ وجهُكَ

في مرايا ذاكرتي

وروائحُ خبزِكَ

وطلعِكَ

وبنفسجِكَ

وقيمرِكَ

ورازقيِّكَ

وعنبرِكَ

وطينكَ الحنون

دائماً تفوحُ

من مساماتِ روحي

ومن جِلْدي الترابيِّ البسيط

وكُلّما اختنقتُ إشتياقاً إليكَ

وضاقَ بيَ الهواءُ

 وأشتعلَ حنيني

أصيحُ :

حيثُ لامدى يسعُ لوعتي.....

وجنوني فيكَ وعليكْ

-عراااااااق :

ع : عينٌ تتوهجُ فيها صورتُك القديمة

وأنتَ أخضرٌ ومعافى ورهيف

ر- روحٌ تتلالأُ بضوءِ مسلّاتِ الحكمةِ

ورقيماتِ الحرفِ الأولِ

 وفتنةِ الجنائنِ الأرضيةِ وملاحمِ البسالاتِ

وإنوثةِ عشتاراتِ الخصبِ والحبِّ والمسرّاتِ

وأنوارِ حكمائِكَ وفرسانِكَ وشعرائِكَ وفنانيكَ ومُحاربيكَ ورواتِكَ

وقُضاتِكَ ومزارعيكَ ومعلميكَ النبلاء.

ا : آآآآآه منكَ وعليكَ ... ماأبهاكَ وأغلاكَ

 وماأقساكَ أيها الملعونُ الجميل .

ق : قلقي عليكَ وقلبي معكَ

حتى وأنتَ تطردُني وتقتلُني

وترميني الى الغامضِ والمجهول

لكنني وبلهفةِ المعشوقِ

أبقى عاشِقُكَ

ودمي رهانُكَ وقربانُكَ

ونهرُ خلاصِكَ الابدي

ياأنتَ ياأغنيتي الأسيانة

وبيتَ أمي وأبي الحزين

وحبيبتي الأولى

وإخوتي وأخواتيَ الخجولاتِ

 وأصدقائي الحائرين

الضائعين النازفين

وإلتباساتُ ومآربُ البرابرةِ واللصوصِ

 والخونةِ والعاهراتِ وحكّامِ الغفلةِ

والطوائفِ والكراهيةِ والقسوةِ السوداء

ياااااااااااه ياأنتَ ياقبرنا الأخير 

يااااااااه ياأنتَ يافردوسنا الوحيد

ياااااااااااااه ياعراااااااق

أصيحُ فيكَ وأُناديكَ

وأنا أحتضرُ

أو أحلمُ

أو أعشقُ

أو أثملُ

أو أغني مجروحاً

أو مجنوناً ونشواناً

فيضجُّ العالمُ كلُّهُ

بالعطرِ والهديلِ

والغناءِ الحرِّ

وأدعيةِ الامهاتِ

الصابراتِ

النازفاتِ

النائحاتِ

الحالماتِ

الصائحاتِ فيكَ وعليكَ

-ياعراااااااق

فهلْ أنتَ حيٌّ

وحقيقيٌّ

وكريمٌ

ونبيلٌ

وطيّبٌ

كما نريدُك ونحتاجُكَ ونحبُّكَ؟؟؟

وآآآآآآآهْ

-ياعراقي

ياعراقَهم

ياعراقَ الخليقةِ

ياعراقَ اللهْ

 

 

لماذا يلطمون ؟

العراقيونْ

دائماً يلطمونْ ؟

يلطمونَ على ملكهم السومري

الذي لم يتركْ عذراءً

الا وفضَّ بكارةَ احلامِها

وتركَها هائمةً

في سوقِ المتعةِ والرغبات

 

ويلطمونَ على علي

حينَ غدرَهُ شيطانٌ

 بهيئةِ رجلٍ امويٍّ ودمويٍّ

غدرَهُ حينَ كانَ يحاورُ الله

في لحظةِ تجلٍ وصلاة

حيثُ شجَّ الملجميُّ

رأسَهُ النبويَّ

فسالَ دمُهُ نافراً الى الاعالي

وكانَ مضيئاً مثلَ كوكبٍ دريٍّ

دائماً يتوهّجُ ليضئَ

سماواتِ الحقِّ والحقيقة

ويزيحَ الظلمةَ والظلمَ

عن هذا العالمِ الموغلِ

في وحشته

وفي وحشيتهِ

وفي خرابهِ العظيم

 

والعراقيونْ

دائماً يلطمونَ

على عثمان وقميصهِ

وعلى عمر وعدالتهِ

القاتلة المقتولة

وعلى فاطمة وجنينِها المهدورْ

وضلعِها المكسورْ

وعلى الحسنِ وبناتهِ

وعلى الكاظمِ والصادقِ والرضا والعليل

وعلى القاسمِ واولادهِ

وعلى زينبِ الغريبة والعقيلة

والقتيلة في شام القسوة والوحشة

والموت الابدي

ويلطمونَ على الحلاجِ

والسهروردي

والمتنبي المقتول

 

وكذلكَ العراقيونْ

 يلطمونْ

منذ أنْ صارَ الحسينُ

وعيالُهُ ومآلُهُ

محضَ مذبحةٍ

من رؤوسٍ وكفوفٍ

وقلوبٍ تبكي

الى اللهِ

تبكي كلَّ هذهِ القسوة

وتبكي كلَّ هذا الغيِّ والغلِّ

وتبكي كلَّ هذا الكفر

وكلَّ هذا الحقدِ والجنون

 

ياالهي

هلْ يُرضيكَ

أنْ يبقى العراقيونْ

دائماً يلطمونْ

ودائماً ينحبونْ

ودائماً ينزفونْ

على ذنبٍ لم يرتكبوهْ

حيثُ إنهم لم يلمسوا الحسينَ

ولا هُمْ الذينَ قتلوهْ ؟

 

والعراقيونْ

يلطمونْ

على كريمِ

الزعيمِ الحالمِ الفقير

الذي كانَ

 وربما أوهمَهُ الآخرون

بأنه حرٌ وشجاعٌ

ووطنيٌّ

ولكنّهم غدروهْ

وفي ظهيرةِ بغداد الكئيبة

كانَ القتلةُ القساة

والأجلافُ والرعاةْ

قد سحلوه

ثمَّ قتلوه

 وبوحشيةِ وصلفِ الزناةِ والشواذِ رموا جثّتهَ في النهرِ

وربما ...

في مستوطنةِ الذئابْ

 

يالذاكَ الزمانْ

يالهذا الهَوانْ

يالذاكَ العذابْ

يالهذا الخرابْ ؟

 

والعراقيونْ

يلطمونَ على فهد

وسلام عادل

ومحمد باقر الحكيم

والعلوية بنت الهدى

والصدر الشهيد

ويلطمونَ على كاوه الحداد

ويلطمونَ على شهداءِ الحروبِ

التي تتناسلُ كلَّ يوم

وتنهشهم كعصفٍ مأكول

ولكنّهم صامتونْ

 

ويلطمونَ على ضحايا (حلبجه) وضحايا (سبايكر)

وضحايا داعش 

وضحايا الفتنةِ السوداء

وعلى النساء

والاطفالِ والشيوخِ

والجنودِ والعمالِ والعلماءِ والشعراء

الذينَ أكلتهم أسنانُ الطغاة

ومخالبُ الحصارات

 وسكاكينُ المقاصل

ورصاصاتُ الكواتم

وفخاخُ الغفلةِ

ومفخ آآآآآآخ ات

 البهائمِ والعواصمِ

والجرادِ والقرادِ

والرمادِ والسوادِ

والتقاريرِ المريبةُ

( ومو غريبه .. ولاعجيبه

العراقي يصير

كبش المحرقهْ

والعراقي يصير

خركَه

ورايه سوده

وركَبه تتلولح

بحبل المشنقهْ

كلها تلعب بيه

ويوميه تسمّه

وتزني باحلامه ومصيره

وقطعهْ قطعهْ

وكبدهْ كبدهْ

وعينْ عينْ

وروحْ روحْ

كلها يااللهْ تريدْ

تدميرهْ وخرابهْ

ومايظلْ عدنهْ عراقْ

ومايظلْ إلْنا وجودْ

نبقى بس احلامْ

واوهامْ وجثثْ

تبقى بَسْ المقبرهْ

الكلْها انينْ وذكرياتْ

وأحنا نبقى بلا وطنْ

وبلا حياة

 

ياإلهي :

لماذا العراقيونْ

دائماً يلطمونْ ؟

 

 

شهوات

  الآنَ...

 تشتعلُ الذكرى

 وتتعالى الى أَقصى تجليّاتِها

   والحنينُ يتصاعدُ

حتى اعالي المنافي

 التي شابَ عُشْبُهُا

ببياضِ الثلجِ

والوحشةِ الغامضة  

الآنَ ...

أَشتهي اغنيةً جنوبيةً

وشاياً عراقياً

في مقهى  (حسن عجمي)*

أَشتهيهِ ثقيلاً ومُهيّلاً

ومن يدِ العمِّ  (ابو داوود)**

وهو يختالُ بشاربهِ العثماني

وبضحكتهِ المتعاليةِ

لهُ الفردوسُ

وعلى روحهِ السلام

 

والآنَ كذلكَ ...

اشتهي رؤيةَ اصدقاءٍ احبُّهم

وأُحبُّ حواراتِهم الصاخبة

حولَ قصيدةِ النثرِ

وعصرِ الروايةِ والسينما

ومابعدِ بعدِ الحداثةِ

وموتِ المؤلفِ

وصداعِ الحضاراتِ

وأوهامِ جلجامش

وعشبتهِ الضائعة 

وعن غيابِ الحريّةِ

والموتِ اليومي

والطائفيةِ المريرة

والعولمةِ الذئبية

وجنوناتِ ترامب

ووحشيةِ داعش

واللصوصِ الذينَ نهبوا البلادَ

هُمْ وسياسيو الصدفةِ السوداءِ

والزمنِ الاغبر

 

وكذلكَ اشتهي الآنَ

أَنْ ارى إمرأَةً

كانتْ لاتعرفُ غيرَ ان تضحك

ولكنّها ضاعتْ

ذاتَ مُفخخةٍ مجنونةٍ

في مستشفى للامراضِ العقلية

 

وأشتهي الآن أكثرَ

رؤيةَ قبرِ أُمي

او بالاحرى رؤيتها هيَ

لأنني اشعرُ انها مشتاقةٌ لي

وأنا مشتاقٌ لها حدَّ اللوعةِ والبكاءْ

 

أَشتهي ...وأَشتهي

وآآآهٍ مني

ومن شهواتي

التي لاتنتهي

حتى في خريفي الاخير 

 

* حسن عجمي : مقهى بغدادي في شارع الرشيد

**ابو داوود : كان عاملاً في تلك المقهى قبلَ رحيله الى العالم الآخر

 

 

لآدم خياناتُهُ...ولهُ أبجدية الألم

 * مفتتح *

أنا عندي نصوصٌ وأساطيرٌ

وأغنياتٌ تحكي عن الخياناتِ الشائكة

الفاجعةِ ... الممكنة ... السامة .. المخيفةِ ... الغرائبية

وهي تتجمهرُ وتتنمرُ

في لهاث حنجرتي

واشتعالِ دمي

وتحليقِ روحي

نحوَ كوكبٍ آخر

بلا وشاياتٍ

وبلا ثعالبٍ

وبلا خياناتٍ

وبلا اقنعةٍ

وظلاميين

 

 

* قلب وطني *

كلّما فكّرَ ان يخونَ بلادَهُ

يهددَهُ قلبهُ بالانفجارِ

او بالعويل

 

 

* أمومة *

موتُ الأطفالِ

خيانةٌ للأمومةِ

ولرحمِ الأرض الكريمة

 

 

* منفى *

المنفى خيانةٌ جغرافيةٌ

لا يعرفُ خرائطَها وعوالمَها

إلّا المجانينُ

 والغانياتُ

 والصعاليكُ

وسماسرةُ الغواية

 

 

* ماء اللغة *

أيتها القصائدُ ... النصوصُ

نحنُ أمراءُ الكلامِ

نخونُ اللغةَ فيكِ

وبكِ ومعكِ

لنجددَ ماءَها وفقهَها

ونهدمَ أصنامَ الكلام

 

 

* تراب *

خيانةُ الترابِ

خيانةٌ مطلقة

للكينونةِ والعناصرِ

 

 

* حواءات وثعالب *

للخيانةِ في كلِّ الأزمنةِ

شياطينُها

وحواءاتُها

وثعالبُها الأنيقون

 

 

* خيانات لذيذة *

الأكاذيبُ البيضاءُ

خياناتٌ لذيذة

وتمارين لضمير أسود

 

 

* فاكهة الشيطان *

الخيانةُ

لاتحتاجُ إلى تأويل

الخيانةُ فاكهةُ الشيطان

 

 

*جوهـر *

الوضوحُ

خيانةٌ للجوهرِ

ومقبرة للخيال

 

 

* أبواب ومفاتيح *

الأبوابُ التي تفتحُ أذرعها

لمفاتيح اللصوص

خائنةٌ للبيتِ وللغابة

 

 

* لغوي *

الشاعرُ السيئ

خائنٌ لغويٌ

وجماليٌّ أيضاً

 

 

*النسيان*

هل النسيانُ

خيانةٌ للذاكرةِ ؟

أَمْ هو نعمة

للكائنِ الأعزل ؟

 

 

*خيانات طبيعية *

الزلازلُ القاسيةُ

العواصفُ الحمقاءُ

والأعاصيرُ النزقةُ

خياناتٌ للطبيعةِ

والأوبئةُ خياناتٌ أيضاً

 

 

رسائل عتيقة **

الغربةُ

خيانةٌ وجودية

ليسَ في حقائبها

غيرُ مناديلِ الذكرى

 والرسائلِ العتيقة

 

 

*مرايا الرغبات*

أخونكِ معكِ

لأغارَ عليكِ مني

وأحبُّني فيكِ

فنشعشعُ في مرايا الرغبات

 

 

*هروب ممكن *

ليسَ كلُّ مَنْ يهربُ

من ميدانِ الحربِ

خائنٌ بالضرورة

 

 

*افتراض ثقيل*

"أموتُ عليه"

بجملتكِ اللعوبِ هذهِ

التي تطلقينها عادةً

كلّما رأيتِ ممثلاً وسيماً

او مطرباً ناعماً

أشعرُ أنكِ مهيأةً

لخياااااااااانات

من العيارِ الثقيل

 

 

* ريشٌ خائن *

الأجنحةُ

 التي لاتحلّقُ الى الأعالي

ريشٌ خائن

 

 

*خائنٌ لسيرتهِ *

البلبلُ الذي لايغرّدُ

في صباحاتِ الله

خائنٌ للحبِّ

ولسيرتهِ الشخصية

 

 

*أسرارُ الدم *

السقوطُ

خيانةٌ للقاماتِ العاليةِ

والسقوطُ

خيانةٌ

لضوءِ الفكرةِ

وأسرارِ الدم

 

 

الخطأ والخطيئة * *

هلِ الخيانةُ

خطأٌ

أمْ خطيئة ؟

 

 

* خيانةٌ مبتكرة *

بضوءِ الروحِ

أُترجمُ لغاتِ جسدكِ الغامضةِ

فتصيحُ بي

كلُ الحواس

 - هذهِ خيانةٌ مبتكرةٌ

تباركتَ

أيّها الخائنُ

المتألهُ

 

 

* رائحة اللهب *

الخيانةُ

لها رائحةٌ

ولها ألسنةٌ من لهب

 

 

* وطن *

ثمّتَ خياناتٌ

يقشعّرُ لها

 جلدُ الوطن

 

 

* وداع ناقص *

لاتكترثْ

لأنها قد تخونكَ

بوداعٍ ناقصٍ

وبنصفِ ذكرى

 

 

* غــزاة *

خائنةٌ هي الحدودُ

البراري

السواحلُ

الغابات

حينَ تفتحُ أفخاذَها

كي يدخلَ الغزاةْ

 

 

* الخائن النبيل *

الموتُ

خائنٌ نبيلٌ

رغمَ قسوتهِ

وغموضهِ الفاجع

 

 

* هل لها ؟*

هلْ الخيانةُ

لها إلهٌ ؟

وهلْ لها

سماء ؟

 

 

* عري فاتن *

تعالي لنحتفلَ

بجسدينا الخائفينِ

ونخونَ عيونِ الحرّاسِ

بعريٍّ فاتن

 

 

* خائنو امهات *

القتلةُ والطغاة

خائنو ضمائرٍ ومصائرٍ

وقلوبِ أمهات

 

 

 * خونة ضوء *

المجانينُ

خونةٌ لضوءِ العقلِ

ومرايا الروح

 

 

* خلاصــات *

ثمّتَ خياناتٌ

تُطيحُ بعروشٍ

وتفتكُ بكروشٍ

واسوارٍ

وتيجانْ

ثمّتَ خياناتٌ

هي محضُ خلاصاتٍ

ورهانْ

 

 

* سهو فادح *

الحرائقُ

خياناتُ الغفلةِ

والسهوِ الفادح

 

 

* خائن السواد *

الرماديُّ

خائنٌ لبياضِ روحهِ

ولسوادِ الناسِ

والألوان

 

 

* لقطــاء *

الذينَ يصادرونَ حرياتنا

لقطاءٌ بالضرورةِ

وخونةٌ محترفون

 

 

* بـــخل *

البخيلُ

خائنُ نفسهِ

وامنياتهِ اللذيذة

 

* ؟؟؟ *

هلْ الخيانةُ

خطاٌ ؟

أمْ خطيئة ؟؟

 

 

* أشجار عارية *

الاشجارُ

لاتخجلُ من عريها

أمامَ الشمسِ والريحِ

ودائماً تخونُ

قمصانَ خضرتهِا

وثمارَ انوثتها

بلا خجلِ

 أو خوفٍ

من الذئابِ والناسِ والفصول

 

 

* قربـــان الغواية *

لولا الخيانةُ

لما كانتِ الحياة

وآدمُ ... أبونا الخطّاء الجميل

هل كانَ خائناً

أمْ كانَ قربانَ الغواية المقدسة ؟

 

 

* خيانة المعنى *

حتى تُصبحَ الخيانةُ

حقيقةً أكيدةً

ينبغي خيانتها

كمعنى ...

وليسَ كذنبٍ فادح

 

 

* خيانات فادحة *

الحروبُ ...

خياناتٌ فادحةٌ

ولكنَّ بعضَها

أقدارٌ

ومصائرٌ

وأعراسٌ دمويةٌ أيضاً .

 

 

* ســـــــراج *

العمى ...

خيانةٌ للبصرِ

العمى ...

سراجٌ للبصيرة .

 

 

* إلاّ الروح *

تقولُ لي :

ثمَّتَ خياناتٌ مشروعةٌ

فأهمسُ لها نافراً ومحتدماً :

- إلاّ خيانةُ الروحِ

فإنها جحيمٌ

 

 

* سؤال حائر *

هل الخيانةُ

نزوةٌ مجنونةٌ ؟

حماقةٌ لذيذةٌ ؟

ام رغبةٌ وطلقةُ انتقام ؟

 

 

* مرض الطبيعة *

الخريفُ

مرضُ الطبيعةِ

وخائنُ اخوتهِ الآخرين .

 

 

* خارج التسمية *

أعوذُ بكَ

من خيانتِها .. خيانتهِ

وخياناتهم التي لاتُسمّى .

 

 

* غوايات دامية *

هلْ هناكَ أكثرُ خيانة

من غاسلي الأدمغةِ

وغواياتهم الدامية ؟

 

 

* عُـقُـم *

ثمّةَ مرجعياتٌ

ينبغي خيانتَها

لأنها مقدسٌ عقيم .

 

 

* الحســـــــــــــــين *

خائنٌ أنتَ

أيها الفراتْ

لأنّكَ ...

لمْ تمنحِ الحسينَ

قطرةً أو رشفةً

من مائِكَالحياةْ

 

 

*إشارات *

1-جميع نصوص الديوان كُتبتْ في المدن التالية : اوتاوا الكندية والقاهرة وبغداد والديوانية العراقية .

2- كُتبتْ النصوص في الاعوام : 2009و2010و2013و2014و2015 بإستثناء نصيَّ (شهوات وعالم بلا ملائكة)

فقد كُتبا في عام 2017

 

سيرة:

* سعد جاسم :  شاعر وكاتب ومسرحي

* ولدَ على ضفاف الفرات في مدينة الديوانية العراقية عام 1959م

* بدأتْ علاقته بالقراءة وعوالمها أيامَ الدراسة الابتدائية ... وكان ومايزال قارئاً نهماُ ومهووساً بالكتب وعوالمها وافكارها ورؤاها وروائحها العجيبة .

* توزعتْ حياته في مدن شتى : الديوانية ... بابل ... بغداد ... عَمان... دمشق ...أوتاوا ...الرباط ... القاهرة؛ وكذلك في بيوتات واقسام داخلية وفنادق عجيبة غريبة.

* حصل على دبلوم الأخراج والتمثيل المسرحي - معهد الفنون الجميلة / بغداد عام 1982م

 * حصل على بكالوريوس الأخراج والتمثيل المسرحي / أكاديمية الفنون الجميلة - جامعة بغداد 1986م

* حصل على بكالوريوس معادل في الاخراج والتمثيل من جامعة تورنتو الكندية  - عام 2004

* بدأ النشر في فترة مبكرة من حياته وكان ذلك في منتصف السبعينات .     

 * صدرت له الأعمال الشعرية التالية : -

1- فضاءات طفل الكلام طبع على النفقة الخاصة / دار الخريف

 بغداد - 1990م .

2- موسيقى الكائن منشورات أتحاد الأدباء / بغداد - 1995م .

3- أجراس الصباح ( شعر للأطفال ) -  دار ثقافة الأطفال / بغداد - 1995م .

4- طواويس الخراب دار الخليج للنشر / الأردن عمان - 2001م .

 5- قيامة البلاد اصدارات اتحاد ادباء بابل الحلة -  2007

6- أرميكِ كبذرةٍ وأهطلُ عليكِ الحضارة للنشر القاهرة 2010

7- قبلة بحجم العالم الحضارة للنشر

القاهرة 2010

8 - المُتَلفّت في منفاه دار مخطوطات

امستردام هولندا -2013

9 - طائر بلا سماء دار الشؤون الثقافية

- بغداد العراق-2013

10- أنت تشبهينني تماماً -دار الحضارة-مصر -2015

11- غابة هايكو مؤسسة فكرة مصر-2016

12- اصوات جميلة-شعر للاطفال-الهيئة المصرية العامة للكتاب-القاهرة-2016

13- بيت في الغابة-حكاية شعرية-دار اصالة-بيروت-2017

* عمل في المسرح ممثلاً ومخرجاً ...

وعمل محرراً في صحف ومجلات ثقافية ومشرفاً على بعضها ..

* كتبَ في النقد المسرحي والتشكيلي والشعري .

* ساهم بتأسيس التجربة الأبداعية الجمالية  (عربة الغجر ) والتي قدمت

 تجارب حظيت بأهتمام الأوساط الثقافية في داخل العراق وخارجه .

* لديه اهتمام بأدب وثقافة الاطفال .. وقد كتب ونشر الكثير من قصائد وقصص ومسرحيات الاطفال في مجلات وصحف عراقية وعربية ... وصدر بعضها في كتبت وكراريس .

* قام بتأسيس ملحق ثقافي للأطفال هو ملحق ( قوس قزح ) صدر عن جريدة الأسواق الأردنية .

* نشرتْ له العديد من النصوص الشعرية في عدد من الانطلوجيات

والمختارات الشعرية في كتب أذكر منها :

* الموجة الجديدة في الشعر العراقي اعداد زاهر الجيزاني سلام كاظم

* المشهد الجديد في الشعر العراقي كتاب الامد الشعري

* انثولوجيا الادب العربي المهجري المعاصر اعداد : لطفي حداد

* ديوان الشعر العربي الجديد اعداد : محمد عضيمه

* لعنة  جلجامش اعداد : عبد الهادي سعدون

* امراء الرؤى اعداد : منال الشيخ

* ازهار في اللهب مختارات بالانجليزية - ترجمة واعداد : صادق محمد .. سهيل نجم .. حيدر الكعبي .. دان فيج .

* اغاني عشتار مختارات بالانجليزية-ترجمة سهيل نجم .

* وملفات مجلات : اسفار ... ألواح ... الشاهد ... الرافد ... الشعر

 افكار ... صوت الجيل .... الشعراء ... واتلانتا ريفيو وغيرها .

* ترجمتْ نصوصي الى اللغات : الانجليزية والفرنسية والاسبانية والالمانية والفارسية والكردية  .

* يرى ان الحب والشعر هما خلاصه في هذا العالم الغرائبي والعجائبي .

              * يعيشُ الحياةَ بوصفها مناسبة كبيرة وجميلة وغامضة في ماوراء الاتلانتك وتحديداً في العاصمة الكندية / أوتاوا .