ترفع قصيدة الشاعر المصري المروق، عنوانها الآمر في وجه الثقافة السائدة التي استشرت في الواقع العربي استشراء النار في الهشيم، فعادت به قرونا إلى الوراء، وكرست فيه الهوان والتردي والاستبداد. بل كانت هي أداة الثورة المضادة التي عملت ولاتزال تعمل على وأد أحلام الشعب العربي بالحرية والعدل والتغيير.

كُفوا عن التضليلْ

حسن طلب


كُفُّوا عن التضليلْ
قد سجَّلَ التاريخُ: أخْناتونُ بالتَّوحيدِ جاء
وبعدهُ الإسلامَ..
أُوزيريسُ قامَ. وبعدَهُ قامَ المسيحُ..
فهل أتاحَ لكمْ خيالُكُمُ الكسيحُ لِتُبصرُوا؟
لا.. بلْ تَعايَيْتُمْ عن التَّخْييلْ!
كفوا عن التضليل

كُفوا عن التضليلْ
لا تَفتِنُوا البُسطاءَ عن أوطانِهمْ
لا تَجعلوهُمْ- دُونَ كلِّ شعوبِ هذى الأرضِ-
أسْرَى دِينِهمْ
فى فَقرِهمْ: لا يَنتمونَ لِمصْرِهمْ والنِّيلْ!
كُفوا عن التضليلْ
فالنِّيلُ أجْدَى عندَنا مِن عيْنِ زَمزَمَ..
عيْنُ زمْزمَ- بُوركَتْ-
ليستْ لكىْ نحيَا بها
كلَّا.. وليسَ السَّلْسبيلْ!
...................
كُفوا عن التَّضليلْ
لو أنَّنا آباؤُنا كانوا يهودًا أو نَصارَى
مِثلَهُمْ صِرْنا!
ورِثْنا الدِّينَ مِيراثًا.. كما نرثُ المَتاعَ!
ففِيمَ نَصطنِعُ الصِّراعَ؟
وكيف نَفتعِلُ الهجومَ.. أو الدفاعَ!
وندَّعِى فى الدِّينِ فضْلًا لم يكنْ أصلًا لنا!
ماذا تُساوى أفْعلُ التَّفضيلْ!
...........
من كانَ منكمْ قد تحوَّلَ عن ديانتِهِ إلى الإسلامِ..
لمْ يَرثِ الديانةَ عن أبيهِ
فلْيقُلْ: مَن ذا أبوهُ تُرَى؟ وأىُّ ديانةٍ كانتْ لهُ؟
ومتى وكيفَ تَهيَّأ التَّحويلْ؟
................
كُفوا عن التضليلْ
عن غسْلِ مخِّ الأبْرياءِ.. وحشْوِهِ بالتُّرَّهاتِ وبالهُراءِ..
وعن مُطاردةِ النساءِ..
لكى يعُدْنَ إلى مَقاصيرِ الجَوارى والإماءِ..
فقد تولَّى عصرُ ما ملَكتْ يَمينُ المُسلِمينَ..
وما لِعودتِهِ سبيلْ!
.............
كُفوا عن التضليلْ
أنتُمْ.. ونحنُ.. وبينَنا يبقَى كتابُ اللهِ هذا
ما اختلَفْنا.. إنِّما ماذا عنِ التَّأويلْ!
فبأىِّ حقٍّ كانَ.. تَغتصِبونَ فى الدِّينِ الرِّئاسةَ؟
ثُم تَحتكِرونَ تَفسيرَ الكتابِ..
وتَدَّعونَ لِشرحِكُمْ: تلكَ القَداسةَ؟
هلْ تَنزَّلَ بِاليقينِ على فَضيلةِ شيْخِكمْ: جِبريلْ!
............
كُفوا عن التضليلْ
فاللهُ أوْحَى أنهُ يَعفُو ويَغفرُ إن أرادَ..
وأنَّهُ هوَ من سيحكُمُ بينَنا يومَ القِيامةِ..
ما أنابَ مكانَهُ- سُبحانَهُ- بشَرًا.. وليسَ لهُ وكيلْ!
لكنْ تَألَّهتُمْ
فَسوَّلتُمْ لأنفُسِكُمْ لِتحكُمَ بيْن مَخلوقٍ.. وخالقِهِ تعالَى!
أىُّ شيطانٍ تلَبَّسكُمْ
فوَسْوسَ لِلنفوسِ الغاوِياتِ.. وزيَّنَ التَّسويلْ؟
.............
كُفوا عن التضليلْ
كُنتمْ.. وما زِلتُمْ
مِن العقلِ الجَديرِ المُستَنيرِ: على نُفورٍ!
منذ أيامِ (العَميد)..
ولمْ يَهلَّ على البلادِ رسولُ نُورٍ.. أو أديبٌ نابغٌ
إلاّ وأرسلْتُمْ شياطينَ الجِهادِ لِيُطفِئوا القِنديلْ!
..................
كُفوا عن التضليلْ
شَرفُ ابنِ آدمَ- إنْ تَحضَّرَ وارْتقَى- فى عقلِهِ
لكنَّهُ- بالدِّينِ- أصبحَ عِندكُمْ فى نِصفِهِ السُّفلِىِّ..
خِبتُمْ! ما لَكمْ أنتمْ بهذا الشَّأوِ مِن شرفِ العقولْ!
.................
كُفوا عن التضليلْ
كُلُّ الشُّعوبِ تَحرَّرتْ فيها الرِّجال مع النساءِ..
وتمَّ حلُّ المُعضِلاتِ
بِفصْلِ شأنِ الأرضِ عنْ شأنِ السماءِ..
ونحنُ: فى المُستَنقَعِ الشَّبقِىِّ نَسبحُ لا نزالُ..
دَليلُنا: فِقهُ المَراحيضِ العَليلْ! ؟
...................
كُفوا عنِ التَّضليلْ
فكَمِ اخْتزلْتُمْ قِيمةَ الإنسانِ..
حتى عادَ كَالحَيوَانِ: عبْدَ البطْنِ والإحْليلْ!
ثُم انتزعْتُمْ من حَضارتِهِ العَريضةِ: لَمْحةً
لمْ تَقرأُوا من دفْترِ التَّاريخِ إلَّا صفْحةً
وقفتْ على عامِ السَّقيفة منذُ عامِ الفيلْ!
................
كُفوا عنِ التضليلْ
أمَدٌ طويلٌ بينَنا: مِيلٌ.. وميلْ


===============
مقاطع من ديوان تحت الطبع بالعنوان نفسه.