يصحبنا مجددا الشاعر والمترجم المغربي المرموق في رحلة أخرى، ضمن عوالم الترجمة من المنجز الشعري الغني بأمريكا اللاتينية، هذه المرة نتوقف مع شاعرة فنزويلية من الجيل الجديد للشاعرات اللواتي رسخن أفقهن الشعري بمزيد من الدراسة الاكاديمية، وأصبح لصوتهن المفرد درجات وعي لافت بالكتابة الشعرية وأمست تجاربهن تتقعد أكثر خصوصا في ظل الانفتاح الأخير على حقول الترجمة.

ليس ألماً لأجل الآخر

إيلي روسا ثامورا

ترجمة- خالد الريسوني

 

هناك سيارةٌ غرِقَتْ

في طوفانِ الشَّارعِ

كلُّ القريةِ قدِ اختفت

وفقط بقيتْ هناك وحشة

الجحيم طائرة

مليئة بالمال والأضواء الحمراء

الملكة المتحجّرة

تستريح في قلعتها

في صورة الصحيفة،

خمسة رجال ببدلات أنيقة

يمشون معاً

من أجل تنظيم

مستقبل اقتصادات العالم

في خرائب

لعبتُ فيها ذات يوم.

***

يتأملُ "حِلْمِي" صُوَرَ جُثَّةِ ابنهِ؛

لا يُوجَدُ غيرُها

يمضي الماردُ ذو العينِ الواحدةِ غارقاً في عينه

لمَّا دخلَ بيتَه لم يتعرّف عليه

كان الجنود قد تبرَّزوا في كل مكان

في الظلام لا يُتَخَوَّفُ من استنشاق الزنابق المنهوشةِ

مِنَ الكلاب. الرائحة أيضاً

يعثُر على مخبئه

بِثُقْبٍ في ركبتهِ، يركضُ حِلْمي باحثاً عن بيتِهِ

ويموتُ نازفاً

هذا الألم ليس ألماً لأجل الآخر.

إنه ألمي الشَّخْصيُّ.

***

السوبرماركت جزيرة تماسيح. الحديقة تحتاج إلى ماء. المرأة

لا تحصُلُ على عدساتها. فحص التنفس. قبّليني أيتُها العزلة. ورقةٌ،

غيابُ سريعِ الزَّوَالِ الذي يعودُ، بخار يرتفعُ من اللحمِ،

حيواناتٌ ميتةٌ والدم الاصطناعي لأجلِ مدةِ

الألمِ الذي سنشعر به

58 نوعاً من عصير البرتقال،

ضبابٌ يدفعُ العربات الصغيرة:

سكر، مالتوديكسترين، شراب الذرة

مكيافيلي. لغزُ أن تكونَ هي قد ذهبتْ

وأنا مستغرق في النوم بالقطار، على الأريكة،

في حلمي الشخصيِّ،

دون أن أفكِّرَ بأنِّي بعدُ ما زلتُ

أخافُ

***

أنطقُ بكلمةٍ

فتنبعثُ منها رائحتك، رائحةٌ مثلَ شتاءٍ

رائحة أرضٍ مُبللةٍ منْ قصيدةِ

فيرلين، رائحةِ عسَلِ النَّحْل

الذي في مَرَّةٍ لسَعَتْ في أذني

بلَّوراتِ متاهَتِي.

أنطقُ كلمةً تتلاشى

عند التفكير فيها

أراها في الهواء،

أسحبُها إلى زاوية

وأداعبُ وجهي

كما لو كانَ زهرة.

لكنها تتلاشى فوقي

تنكسرُ إلى شظايا جذورُها

الطينيةُ، ضلعُها الأسطوريُّ،

تفاحَتُها الفاسدةُ تحتَ شجرةِ

ديانا.

أنطق كلمة تتلاشى

عند التفكير فيها،

لكنها تُعانقني

عندما لا تكونُ.

***

أن توجَدَ في الاحتمال

أن تكونَ معلّقاً إلى بندول جاهلاً بالنهاية

أن تُمسِكَ وتتأرجحَ

كما بين عينين تبحثان عن بعضها

أن تعيشَ القَطْعَ المتكافئَ كاملاً

دونَ غُرَزٍ

بدون انفصال

دون أن تُطْلِقَ مِنْ يدٍ

وهي تكسِرُ التوازن

ترمينا في الفراغ

حيثُ تنتظرُ

الأخلاقَ.

------------------------------

Ely Rosa Zamora شاعرة من فنزويلا مقيمة في الولايات المتحدة الأميركية حيث تعمل أستاذة جامعية. من مجموعاتها الشعرية: "جلاء الخدعة" (2015)، و"شيء غير محدد" (2015)، و"بدون لسان واستحالات درامية أخرى" (2013)، و"نفاياتٌ منسية" (2009)، و"سلامٌ بذيءٌ" (2008).