هنا تقرير يتناول ندوة وسمت بالمكتبة كمحرك للتغيير، عنوان دال ومركزي نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان، وطالب خلالها الكثير من الفاعلين في مجال المكتبات بإعادة ترسيخ ثقافة القراءة والرغبة في تعميق وتجذير الوعي بضرورة النهوض بالمجتمعات من خلال هذا الفعل القرائي المعرفي، والذي ينمي المعارف عند جل أفراد المجتمع، خصوصا أمام هذه الأرقام المهولة لانحسار المقروئية وتراجعها.

المكتبة كمحرك للتغيير

 

مكتبيون يطالبون بتعزيز ثقافة القراءة للنهوض بالمجتمعات

طالب مكتبيون بتعزيز ثقافة القراءة بين أفراد المجتمع، وبناء جيل قارئ ومثقف، مع أهمية التنبه لدور المكتبات وسعيها للنهوض بالمجتمعات، وانخراطها في العملية التعليمية.
وأكدوا أن المكتبات حققت "قفزة كبيرة"، في الحياة المعاصرة؛ وهي تمثل مكانا مهما للالتقاء الذي يتيح مساحات كبيرة للنقاش وتبادل الأفكار، وتوفير مصادر المعرفة، والتعرف على أفكار الآخرين واتجاهاتهم وطرائق تعاملهم مع مجمل القضايا.
جاء ذلك في الندوة التي حملت عنوان "المكتبة كمحرك للتغيير 4"، التي نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان، الأحد 29 سبتمبر/أيلول، وأدارها مدير "مكتبة شومان"، غالب مسعود، وأخصائية تطوير مشاريع المكتبة أفنان عواملة، وبحضور عدد من المكتبيين من الأردن وفلسطين.

واستهلت المديرة التنفيذية لمكتبة ريتشلاند بكارولاينا الجنوبية، ميلاني هجنز، الندوة قائلة "أدركنا قبل سنوات عدة، ضرورة تطوير مكتبتنا والتفكير بحلول جديدة تلامس احتياجات المجتمع، وتكون قادرة على تلبية حاجة الأفراد، وأيضا توفر محتوى تعليمي ومعرفي يحقق إضافة نوعية على حياتهم".

وتابعت "نتنافس دائما في جذب الأفراد لمكتبتنا، وهناك مؤشرات كثيرة لقياس مدى انجذاب هؤلاء للمكتبة، حيث يهمنا أن يكتسب الجمهور الأفكار الإبداعية والابتكارية والترفيه وتعلم التفكير الناقد، وهو ما يصب في النهاية في خدمة المجتمعات، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة".

وبينت هنجز أن المكتبة تضم مساحات عديدة، يجري خلالها مناقشة قضايا كثيرة، إضافة إلى إقامة الحفلات الموسيقية، ونشاطات للأطفال والكبار، وعمل الأبحاث والدراسات، وكذلك مساحة كبيرة ومريحة للقراءة.

وتسعى مكتبة "ريتشلاند"، بحسب هجنز، إلى تصميم كل ما يحتاجه القارئ، والاستماع إلى العملاء جيداً، ومنح موظفي المكتبات الوقت لتدريب أنفسهم، وفتح الأبواب أمام المستخدمين لمواكبة التطوير والتجدد.

واعتبرت هنجز التحول في آلية عمل المكتبات "ضرورة ملحة"، مؤكدة أن ذلك يساعد المجتمعات في التحول نحو اقتصاد حر وقوي، فالتركيز على حاجات الناس ومتطلباتهم خاصة الحاجات الثقافية والفكرية، يدعم، بلا شك، عملية تطور الدول.

من جهتها، أكدت مطورة مكتبات ليذرباي في جامعة تشابمان، إسراء نوار، أهمية القراءة في المجتمعات، وتأثيرها على نمط حياة الافراد، بصرف النظر عن مستوى ثقافاتهم ودراساتهم.

ورغم أن العالم العربي اكتشف أخيراً أن تقدم المجتمعات يقاس بتقدم المكتبات، بحسب نوار، إلا أن هناك تحديات كثيرة "تعرقل" هذا التقدم بسبب تأخرنا في مواكبة التغيرات؛ كالذكاء الاصطناعي والرقمنة.. الخ.

قسيسية: وجودنا في عصر الرقمية واللجوء إلى المكتبات الإلكترونية، دفع بعضهم إلى الاعتقاد بـ "موت الكتاب الورقي"، و"موت المكتبة العامة".

واعتبرت أن كثيرا من المكتبات تقوم بدورها الريادي على أكمل وجه، لكنها تفتقد المستوى المناسب بالتفاعل مع المستفيدين؛ وهو من شأنه أن يحافظ على أهمية المكتبيين وأهمية المكتبة للمجتمع المحيط بها.

ورأت نوار ضرورة مواصلة تقديم خدمات محسنة باستمرار؛ كدعم البحوث، ومحو الأمية المعلوماتية، والبرامج التي تعود بالنفع والفائدة على المجتمع.

أما مديرة العمليات المتخصصة في قسم المكتبة وخدمات المعلومات في مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، أكيلا جايبي فقد أكدت أن الأهمية تقتضي التواصل المستمر مع رواد المكتبات؛ ليكون صوتهم مسموعا، وتكون رحلة العميل والعمليات اليومية في المكتبات تصب، في نهاية الأمر، لأجل مصلحته.
وخلصت جايبي إلى ضرورة السعي والتركيز على توفير أفضل خدمة ممكنة للعملاء، وأن تكون المكتبات ذات استعداد في تغير نمط سلوكياتها لخدمة المستفيدين، وإعادة تعريف وتحديد المستفيدين من الخدمات المكتبية؛ للوصول إلى حالة من التحسين المتواصل.
وبشأن تطوير الأداء، بينت جايبي أن المكتبات تتطلب التزاما مستمراً في الاستمرار بتحسين الجودة، وبالتالي إعادة بناء النظام الداخلي للمكتبات؛ لإحداث تعديلا جذريا يستجيب للاتجاهات التقنية الحالية، لافتة إلى أن دراسة الطرق المناسبة للتعامل مع المستفيدين، يساعدنا في التعامل الأمثل مع الأزمات، بمشاركة والتزام كافة العاملين بالمكتبات على جميع المستويات الإدارية.

الرئيسة التنفيذية لـ"مؤسسة شومان"، فالنتينا قسيسية، قالت في كلمة لها، "للعام الرابع على التوالي، نقيم هذه الندوة تحت عنوان المكتبة كمحرك للتغيير، لنستشرف الدور المحوري للمكتبة في تنمية الفرد والمجتمع، وتعميم الثقافة والفكر".
ولفتت قسيسية إلى أن وجودنا في عصر الرقمية واللجوء إلى المكتبات الإلكترونية، دفع بعضهم إلى الاعتقاد بـ "موت الكتاب الورقي"، و"موت المكتبة العامة"، مبينة أن "المكتبات ظلت على الدوام، قادرة على توفير عوامل الجذب لروادها، والتأثير فيهم بواسطة آليات تقديمها للمعرفة".

يذكر أن مكتبة "شومان" تأسست العام 1986، كأول مكتبة عامة محوسبة ومجهزة بشكلٍ مثالي في الأردن. وهي اليوم قبلة لطلبة العلم والباحثين، تتوافر فيها مصادر المعرفة التقليدية والمتقدمة ومساحة للجمهور العام لتطوير المهارات والتعلم المستمر، وملتقى للتواصل وتبادل المعرفة بما يسهم في تنمية الفكر ورفعة المجتمع.