رحل عن عالمنا في الشهر الماضي المناضل الاشتراكي والناقد الأدبي المرموق، وسوف تعد (الكلمة) ملفا عنه للعدد القادم، ولكنها تنشر هنا تحليلا باهرا له يعود إلى فكر «وحدة الشيوعيين» والستينيات. ويكشف عن استشرافه المبكر لطبيعة تلك السلطة التي انتهت بمصر إلى حضيض التبعية للمستعمر الأمريكي ودولة الاستيطان الصهيوني.

طبيعة السلطة البورجوازية في مصر

إبراهيـم فتـحي

 

نشأة وتطور الرأسمالية المصرية
نشأت علاقات الإنتاج الرأسمالية في مصر داخل إطار التبعية الاستعمارية، أي إطار الرأسمالية العالمية في آخر مراجلها، ولم يكن في استطاعتها أن تكون تكرارا لنشأة الرأسمالية في الغرب. وباستثناء فئة “الكومبرادور”، أي الوكلاء المباشرين للمؤسسات الاستعمارية، نشأت الرأسمالية المصرية متناقضة المصالح مع الاستعمار، تقف على أقدام صنعتها بنفسها، ولم يكن من المتصور أن يرحب رأس المال الاستعماري بنشأة اقتصاد رأسمالي ينافسه في البلاد التابعة له، ولكن هذه الرأسمالية لم تكن تستطيع الإفلات من هذه الدرجة أو تلك من درجات التبعية للاستعمار، الذي كان قد أكمل اقتسام أسواق العالم.

لقد نشأت هذه الرأسمالية من ناحية أساسية مستمدة جذورها من كبار ملاكي الأرض الذين كانت العلاقات البورجوازية تتغلغل في اقتصادهم مع انتشار زراعة القطن، الذي أدخل مصر إلى دائرة التبادل الرأسمالي العالمي، معتمدة على ما يجنون من أرباح نتيجة لبيع القطن.

وقام بعضهم في بادئ الأمر باستثمار ما لديهم من فائض في الشركات الرأسمالية الأجنبية، التي يرتبط نشاطها بالإنتاج الزراعي، ثم تفتحت أمام البعض الآخر آفاق العمل المستقل في الصناعة والتجارة وخاصة بعد ثورة 1919، أي أن الرأسمالية القومية المصرية نشأت منذ البداية رأسمالية كبيرة، ونتيجة للظروف، التي أحاطت بمولدها على أيدي كبار ملاكي الأرض، لم يكن أمامها أن تحاول طرح المسألة الزراعية للحل، لخلق سوق رأسمالية في الريف، كما كان الحال مع البورجوازيات الغربية عند نشأتها، فلم تطرح أبدا شعارات خاصة بالأرض، وكان محكوما عليها نتيجة لذلك أن تظل أسيرة التخلف مزعزعة الأساس. فهي إذن رأسمالية بلد تابع تقيم اقتصادها على هامش السوق الاستعمارية، في الصناعات الخفيفة، بدون قاعدة متينة في الريف، ومن المحال أن تعرف في تطورها تلك الدرجة النسبية من النمو المتوازن لقطاعاتها المختلفة.

وكانت شعاراتها القاصرة على الاستقلال والدستور انعكاسا لطموحها إلى السيطرة على السوق وعلى السلطة، وكانت تعتمد على الاستيلاء جزئيا وتدريجيا بطريقة بطيئة قاتلة البطء على مواقع اقتصادية وسياسية، فاشتركت في أعقاب ثورة 19 في السلطة بدون أن تسيطر عليها. فقد كانت عاجزة منذ البداية عن الإطاحة بالاستعمار وكبار ملاك الأرض، وقد فرض عليها ان تقنع باقتسام الغنيمة معها.

وعلى الرغم من نشأة هذه البورجوازية في ظروف متقدمة من الصراع الطبقي على النطاق العالمي والداخلي، إذ أن عودها بدأ يشتد بعد ثورة أكتوبر، فقد كان موقفها من حركة الجماهير الشعبية موقفا مزدوجا، فهي تحاول استخدام الشارع للضغط على العدو ومساومته، وقد حققت درجة معينة من الديمقراطية البورجوازية المحدودة لنفسها، كما كسبت الجماهير بعض الحريات السياسية النسبية، ولكن ما أكثر ما وجهت الضربات إلى أشد القوى ثورية. وبالإضافة إلى ذلك، ونتيجة لتزعزع قاعدتها الاقتصادية، كانت متواضعة المطامح، فلم تتلمظ على السوق العربية وأحاطت مصريتها بسياج محكم، كما لم تحاول أن ترتبط بالحركة الوطنية العربية، واعتبر قائد الثورة البورجوازية سنة 1919 البلاد العربية مجموعة أصفار!

ولقد نمت هذه البورجوازية القومية حتى أعقاب الحرب العالمية الثانية حتى وصل مجموع رأس المال الذي يملكه المصريون 39 بالمائة من مجموع الاستثمارات الرأسمالية لتواجه علاقات عالمية جديدة. فالسوق الرأسمالية العالمية لم تعد السوق الوحيدة، بل برزت في مواجهتها سوق اشتراكية، وتقلص نفوذ الامبرياليات القديمة وبرز دور الاستعمار الأمريكي، وتعاظمت حركة التحرر الوطني في شتى البلاد المستعمرة والتابعة. وظهرت الجماهير الشعبية على المسرح السياسي كقوة لا يمكن إغفال وزنها. وكان نمو الرأسمالية المصرية يتناقض مع خصائص نشأتها، فكلما زاد نموها برزت قضية العلاقات المتخلفة في الريف كعائق هام أمام هذا النمو، وكلما اشتد خطر الجماهير الشعبية وبدأت تستكمل وعيها وتعرف طريقها إلى الأشكال المختلفة للتنظيمات الاقتصادية والسياسية المستقلة، برزت خطورة الأشكال البرلمانية والحريات السياسية النسبية.

وكانت حركة 23 يوليو مخرجا لتفاقم أزمة الحكم في النظام القديم، ومحاولة لأن تستكمل البورجوازية القومية سيطرتها الكاملة على السلطة والاقتصاد، وأن تفتح الطريق أمام تطور العلاقات الرأسمالية في مواجهة أوضاع عالمية جديدة، وعلى الأخص لتوجيه الضربات إلى حركة الجماهير الشعبية ومكاسبها الديمقراطية.

البيروقراطية والبورجوازية:
لم تكن السلطة الجديدة بقادرة على أن تقفز خارج العلاقات الطبقية التاريخية، لقد ظلت تمارس دورها الاقتصادي كحلقة من حلقات الثورة البورجوازية تتطلع إلى أفق جديد، وسقطت كل مكاسب الاستقلال في فم البورجوازية الكبيرة. لقد بلغت أرباح الفترة من 56-1958 نسبة 38.8 بالمائة في الشركات الغذائية و25.5 بالمائة في صناعة النسيج، بل بلغت الأرباح في عام 58-1959 بمفرده في 141 شركة مساهمة 35 بالمائة من رأس المال و33 بالمائة من مجموع ما يملكه المساهمون، بل أن معظم الشركات التي أممت في عام 1961 كان رأسمالها قد تضاعف في الفترة التي تلت 1952.

التراكم البيروقراطي لرأس المال:
ونتيجة لتزعزع أركان البورجوازية المصرية كطبقة، ولاختلال نموها وافتقارها إلى التوازن النسبي، كانت السلطة الجديدة مدعوة منذ البداية لتحقيق التراكم الرأسمالي، وهو تراكم يختلف بطبيعة الحال عن التراكم البدائي الذي نشأت على أساسه الرأسمالية. ويمكن أن نسميه التراكم البيروقراطي لرأس المال، فهو تراكم تقوم به السلطة وسط علاقات رأسمالية قائمة بالفعل، لخلق القاعدة الاقتصادية لرأسمالية مستقلة. وفي المرحلة الأولى بدأ تحقيق التراكم البيروقراطي بالإصلاح الزراعي، بأن بدأت الدولة تجمع تحت سيطرتها ما كان يحصل عليه كبار الملاك من استغلال الفلاحين. فقد بلغت إيرادات الدولة من أراضي الإصلاح الزراعي، أي الأراضي التي لم يستكمل توزيعها على الفلاحين 2754800 جنيه عام 1955، ثم أعقب ذلك الاستيلاء على ممتلكات الشركات والبنوك الاستعمارية وخلق المؤسسة الاقتصادية العامة.

وفي هذه المرحلة، بدأت البراعم الجديدة للبيروقراطية البورجوازية في التفتح، فالرأسمالية القومية موزعة في الصناعات الخفيفة التي تدر أرباحا هائلة وبعض أجزائها وصلت إلى درجة عالية من التمركز، وحققت أوضاعا احتكارية تسد الطريق أمام النمو الرأسمالي. وكان من الممكن أن تستقر هذه الأوضاع كما هو الحال في الهند على سبيل المثال، ولكن الظروف المحبطة بمصر كانت تختلف كل الاختلاف، منها اضمحلال كبار الملاك، كما أن تحقيق الاستقلال وتدعيمه تم في مواجهة تحديات تدفع بالتناقضات إلى الاحتدام، كوجود إسرائيل كرأس حربة عسكرية واقتصادية موجهة بشكل دائم إلى صدرها. ارتباط الاستقلال بالعالم العربي في مجموعه وما يدور فيه نتيجة لسياسة الأحلاف الاستعمارية، ثم في النهاية بروز سلطة جديدة ليست مرتبطة بهذا الجزء أو ذاك من البورجوازية الكبيرة القومية، ولكنها مكونة من أفراد ينحدرون من أصول طبقية تنتمي على الأغلب إلى البورجوازية الصغيرة السياسية أو الاقتصادية.

وكان دور العناصر البيروقراطية الجديدة، هو إقامة رأسمالية دولة تزيل العوائق أمام تطور الرأسمالية، وتعمل على أن تصب كل مصادر التمويل في خلق قاعدة رأسمالية على أسس جديدة. وكانت هذه العناصر الجديدة تبدو كجزء متميز في الرأسمالية المصرية (أحمد فؤاد، محمد رشدي، محمد العتال، حسن إبراهيم، الخ. الذين كانوا يحملون الماء إلى طاحونة الرأسمالية التقليدية). ولكن التناقضات كانت تزداد احتداما بين هذه العناصر وبين الرأسمالية التقليدية، وكان هناك تناقض حاد بين المتطلبات الموضوعية الضرورية لتطور الرأسمالية وبين المصالح الجزئية المؤقتة لأفراد الرأسمالية المصرية الكبيرة الذين نُشئوا في شبكة العلاقات القديمة، واتجهت الاستثمارات بعيدا عن الصناعة.

ففي عام 1956، على سبيل المثال، بلغت استثمارات قطاع المباني 47.3 بالمائة من مجموع الاستثمارات الخاصة، وقد أدى إحجام الرأسمالية التقليدية عن الإسهام في عملية التراكم اللازم لخلق القاعدة الرأسمالية إلى تعاظم دور عناصر البورجوازية البيروقراطية وتزايد تمايزها وبروز مصالح لها مختلفة عن مصالح الرأسمالية التقليدية، وكانت إجراءات يوليو 61 “الاشتراكية” انفجارا لهذا التناقض بين مصالح البيروقراطية البورجوازية وبين البورجوازية التقليدية. لقد سيطرت هذه المجموعات التي تشكل طبقة جديدة في مرحلة التكوين على الدعامات الرئيسية للاقتصاد الرأسمالي في مصر.

الفرق بين البورجوازية البيروقراطية كطبقة اجتماعية وبين البيروقراطية كأداة:
وهنا يجب أن نفرق بين البورجوازية البيروقراطية كطبقة اجتماعية، وبين البيروقراطية كأداة ضرورية في كل أجهزة الدولة القائمة على الاستغلال، لديها سلطة الإدارة واتخاذ القرارات. فالجهاز البيروقراطي القديم في مصر ظل مستمرا بعد عام 52، بعد إدخال بعض التعديلات الضرورية عليه. أما البورجوازية البيروقراطية فهي طبقة جديدة لم تنشأ وتتشكل داخل البيروقراطية خلال عمليات التحول الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي، بل نشأت وتشكلت أساس من خارج أفراد الجهاز البيروقراطي القديم، ولم تجند أفرادها استنادا إلى مناصبهم في السلم التصاعدي للبيروقراطية القديمة، بل انطلاقا من إدماج كادر جديد من قلة من السياسيين وكثرة من الفنيين داخل الحلقة الموثوق بها من العسكريين، الذين أحاطوا بضباط يوليو منذ البداية. ويضاف إلى هؤلاء عدد لا يستهان به من منظمي شركات الرأسمالية التقليدية ومديرو أعمالها.

ومن الخطأ، اعتمادا على كلمة بيروقراطية، الوقوع في براثن الفكر البورجوازي، والقول بأن هذه الفئة الاجتماعية تتجه بحكم تركيبها المهني إلى القيادة التكنوقراطية وتقديم جداول عن نسبة الحاصلين منهم على المؤهلات الجامعية العالية، فليست الكفاءة الفنية مقياسا لصعود أحد في هذا السلم البيروقراطي، الذي لا يقتصر دوره على اتخاذ القرارات والحصول على امتيازات، بل يعيد تشكيل طبقات المجتمع وفقا لأهدافه.

المجموعات والأجنحة داخل الطبقة البورجوازية البيروقراطية:
لقد نشأت هذه البورجوازية البيروقراطية وهي أبعد ما تكون عن التجانس، مجموعات وأجنحة تحيط بالقمم المرتبطة مباشرة بالحلقة الداخلية من القادة السياسيين الذين كانوا بدورهم يعكسون أوجها مختلفة من نمو الرأسمالية المصرية بكل ما فيه من تناقضات. وكان من الطبيعي أن تنزوي تلك المجموعات المحيطة بالداعين إلى ان تلعب رأسمالية الدولة دور البقرة الحلوب للقطاع الخاص، فتقوم نيابة عنه بالمشروعات، التي يعجز عن القيام بها، وتفتح له مجالات جني الأرباح المضمونة (بغدادي، كمال الدين حسين، حسين إبراهيم) وهؤلاء بطبيعة الحال من أصحاب الاتجاه إلى البرامج شديدة التواضع في التصنيع، كما يعملون على ألا تستفحل التناقضات مع رأس المال الاستعماري الأمريكي والألماني الغربي على وجه الخصوص، كما يدعون إلى سياسة انعزالية إلى حد ما فيما يتعلق بالسوق العربية ويحذرون من “التورط” في مشكلات العالم العربي.

وبدأت المجموعات والأجنحة التي تعد بدايات تكوين البورجوازية البيروقراطية كطبقة اجتماعية تجد أرضا مشتركة في تركيز كل ملكيات الدولة في هيكل اقتصادي واحد، ولكن هذه الأرض المشتركة كانت ميدانا لصراع بين الكتل المختلفة داخل هذه الطبقة التي تسير في طريقها إلى التكوين، ويمكن أن نميز داخلها اتجاهين أساسيين:

1- الاتجاه المسيطر، وهو أكثر تماسكا في اتجاهه إلى توسيع نطاق رأسمالية الدولة على حساب الرأسمالية التقليدية، وأكثر طموحا إلى التأميم، والحد من الملكيات الكبيرة للأرض، وفتح المجال أمام سيطرة الدولة على أجهزة التسويق والتعاون الريفية، وعلى مزيد من الأراضي المستصلحة. ومن المنطقي أن يكون هذا الاتجاه أعلى في مجال التناقض مع الاستعمار، ونتيجة لذلك كان هذا الاتجاه هو الذي يتبنى “الاشتراكية” قومية الطراز، التي تعني سيطرة الدولة على الإنتاج و”الدولة هي نحن”.

2- والاتجاه الآخر أكثر ميلا إلى إفساح المجال أمام النشاط الاستثماري لرأس المال الخاص، والتهادن مع الملكيات الكبيرة في الريف، وأكثر تطلعا إلى البحث عن انتقال الرأسمالية المتخلفة التابعة الهشة المزعزعة الأركان، إلى رأسمالية جديدة مستقلة ذات قاعدة اقتصادية وطيدة، تفتح الباب أمام احتمالات متغايرة للنمو وفقا لميزان القوى الطبقية على النطاق العالمي والمحلي.

وقد أدى هذا الوضع، الذي كان لابد أن يفتقر إلى التحدد، إلى بروز سياسة مراكز القوى، وتعدد المؤسسات الاقتصادية، التي تقوم بالنشاط الإنتاجي الواحد لتوزيع المغانم، وللقيام بتسويات وحلول وسطى بين المصالح المتعارضة الممثلة في عدد متضخم من المناصب الإدارية العليا.

ويمكن الوصول إلى أن ملكية الدولة لوسائل الإنتاج الرئيسية هي الشكل القانوني الذي تمارس به البورجوازية البيروقراطية سيطرتها الفعلية على وسائل الإنتاج، فالتفاوت الهائل في “الأجور”، وهي ليست إلا إحدى قنوات الدخل لهذه الطبقة (الذي يصل إلى 33 ضعفا والذي لا مثيل له في أي بلد من بلدان العالم الرأسمالي) والإلغاء الكامل لحقوق العاملين في تنظيماتهم السياسية أو النقابية المستقلة، وإبعادهم الكامل عن مراكز اتخاذ القرارات، يشيران إلى أن علاقة العاملين بالقطاع العام بقممه المسيطرة هي علاقة المستغَلين بالذين يستغلونهم.

فوضى الإنتاج جزء جوهري من منطق رأسمالية الدولة:
لا يتم التراكم البيروقراطي لرأس المال لخدمة الجماهير الشعبية. فهناك أولا النمو الطفيلي للجهاز الإداري، والتوسع في خلق المناصب العليا (61 بالمائة من ناحية العدد، و215 بالمائة من ناحية الدخل) مقابل انخفاض عدد الوظائف العمالية في القطاع العام، أثناء الفترة من 62 إلى 66-67، وقد زاد الاستهلاك في قطاع الدولة خلال خمس سنوات بمقدار 55.2 بالمائة مقابل 17.2 بالمائة في قطاع الأفراد (القطاع الخاص)، أي أن ما هللت له صحافة البيروقراطية حول ارتفاع المقدرة الشرائية، وزيادة الاستهلاك كان في حقيقته امتيازا طبقيا للمسيطرين على أجهزة الإدارة والتوجيه، ووضع الفائض الاقتصادي تحت تصرفهم، وعبئا على التنمية.

ولكن إلى أي مدى أمكن للبورجوازية ان تحقق هدفها في إقامة اقتصاد رأسمالي مزدهر في عالم تضمحل فيه العلاقات الرأسمالية وتزداد أزمتها هي نفسها استفحالا؟

هل نجحت في إقامة القاعدة الأساسية، التي تنمو نموا مطردا وترتكز عليها المشروعات الإنتاجية المترابطة؟ أي هل نجحت في إقامة اقتصاد قائم على التخطيط؟

لا يمكن إنكار أن هناك درجة معينة من وضع برامج للاستثمار ومحاولة التوفيق بينها، إلا أنه لا علاقة لها بالتخطيط الشامل، الذي يدخل في حسابه الإنتاج والعمالية والاستهلاك والدخول مجتمعه. فالإنتاج في مصر تتحكم فيه الطلبيات التي يتسع لها “السوق”، وهو يتجه لإشباع الطلب، الذي يخلقه التفاوت الهائل في الدخول، وذلك الطلب هو الذي يحدد الأولويات في الإنتاج، حتى إن لم تكن القاعدة الاقتصادية قد نضجت لتلبيته، مثل صناعة السيارات الخاصة والأدوات المنزلية الكهربية وسائر الكماليات، مما يدفع المشروعات إلى الاعتماد على سلع وسيطة وأحيانا أساسية مستوردة باهظة التكلفة.

ولنأخذ صناعة الأدوية على سبيل المثال لنرى نسبة ما تنتجه من أدوية للأمراض المستوطنة وأمراض الصدر من ناحية، والفيتامينات والمقويات وأدوات التجميل من ناحية أخرى، وحتى ما ينفق على الخدمات. ففي بلد كمصر ترتفع فيه نسبة الأمية إلى 70 بالمائة يتضاعف فيه عدد الذين يدرسون في التعليم العالي ثلاث مرات في كل عشر سنوات. بالإضافة إلى أن المبدأ الموجه للإنتاج هو “الربح” الذي تحققه الوحدة الاقتصادية وتحقق مركزا ممتازا للمسيطرين عليها، لا كفاءة هذه الوحدة في تطويرها لمجموع الاقتصاد القومي، وفي آثارها النسبية للتنمية. لذلك نجد المنافسة الحادة بين الوحدات المختلفة التي تنتج نفس السلعة أو تؤدي نفس الخدمة، ويتضح ذلك في مجال التجارة الخارجية على أسوأ صوره.

ولا تعكس الأرقام الإجمالية التي تقدمها البيروقراطية عن نجاحاتها الصورة الحقيقية للإنتاج. فقد كان تحقيق مشروع السنوات الخمس الأولى بمقدار90 بالمائة وهو بالفعل متوسط حسابي بين تجاوز أهداف الخطة في مجالات ثانوية والقصور على تحقيقها في المجالات الرئيسية (شارل بلتهايم). فإن العامل الموجه للاقتصاد هو “الربح”، ربح البيروقراطية كطبقة من ناحية، في حصولها على نصيب الأسد من الفائض الاقتصادي، الذي لا يتجه إلى التنمية. وفي توجيه هذه التنمية إلى تحقيق متطلباتها، وربح أفرادها ومجموعاتها المختلفة من ناحية أخرى. وهناك تناقضات حادة بين مكاسب البيروقراطية كطبقة ومكاسب أفرادها ومجموعاتها كل على حدة فيما يتعلق بمعدل التنمية ومجال الاستثمار خارج رأسمالية الدولة الذي يتجه إليه ما يتراكم من أرباح.

إن فوضى الإنتاج جزء جوهري من منطق رأسمالية الدولة، التي لا تهدف إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للجماهير الشعبية، وليس خللا عارضا ناشئا عن وجود علاقات الرأسمالية الخاصة. ويطرح نضج هذه الطبقة التي في طور التكوين واتجاهها إلى التبلور العديد من القضايا التي تؤدي إلى إعادة النظر في نقاط ابتدائها، ولان الإنتاج من أجل الإنتاج، وهو شعار الرأسمالية الطافي على السطح في فترات التراكم، لا يعود هو الشعار السائد: فالتوسع في التأميم وشد الأحزمة على البطون، والعلاقات مع السوق الرأسمالية العالمية لا تظل في نفس الوضع داخل الأوضاع الجديدة التي طبعت فيها هذه الطبقة المجتمع بطابعها، أو العلاقات الدولية المتغيرة.

الطبقات في ظل سلطة البورجوازية البيروقراطية:
لقد وجهت الطبقة الجديدة ضرباتها إلى رأس المال الكومبرادوري، والى رأس المال الاستعماري كما عملت على تصفية كبار ملاك الأرض كطبقة، وأدى ذلك إلى الخروج من قبضة السيطرة الاستعمارية الاقتصادية. ونجد أثر ذلك في الريف، فقد فتح الباب على مصارعيه لنمو العلاقات الرأسمالية فيه. وقد نمت الطبقة الرأسمالية الزراعية (من 10 – 50 فدانا) من ناحية العدد، ومن ناحية حجم الملكية، ومن ناحية نسبة ما تمتلك من أرض إلى المجموع العام.

وعلى الرغم من أن صغار الفلاحين الذين يمتلكون من فدانين إلى خمسة قد زاد نصيبهم من الأرض، وارتفع متوسط الملكية للفرد، فإن من يمتلكون أقل من فدانين تزداد ملكيتهم تدهورا وتتفتت بشكل هائل، وهم لا يقلون عددا عن مليون فلاح. فالقوانين الرأسمالية بشكلها الكلاسيكي تؤدي دورها على أكمل وجه في الريف المصري، بالإضافة إلى أن الملكيات القزمية لا يمكن أن تستوعب نصف طاقة العمل لأسر أفرادها، مما يدفعهم إلى محاولة بيع قوة عملهم موسميا في سوق عمل تغص بـ 14 مليونا من أفراد أسر فلاحية (83% من الفلاحين) لا يملكون أرضا على الإطلاق (انظر جدول الخبير دريل).

أن جيش العمال الاحتياطي في الريف هائل، وهو مجال خصب للبطالة السافرة والمقنعة، ويتدفق الآلاف إلى المدن بحثا عن عمل بعيدا عن ريف يخضع للسيطرة المزدوجة من جانب البورجوازية البيروقراطية على أجهزة التمويل والاقتراض والتسويق متحالفة مع الرأسمالية الزراعية سندها الاجتماعي في الريف. إن البورجوازية البيروقراطية لم تقم بثورة زراعية في الريف رغم التحولات التي أدخلتها في التركيب الطبقي له. وفي المدينة نلتقي بنصف مليون من البورجوازية المتوسطة تعمل في الصناعة حول القطاع العام وفي التجارة بالإضافة إلى بقايا البورجوازية الكبيرة التقليدية في المقاولات والعقارات، وهم فئات اجتماعية تقتسم فائض القيمة مع البورجوازية البيروقراطية.

ورغم أن البورجوازية الصغيرة في مجموعها تتعرض للقهر الاقتصادي والسياسي، إلا أن مراتبها العليا يتساقط عليها فتات من مائدة التصنيع، كما أن أبناءها هم الكوادر الفنية التي تدمجها الطبقة البيروقراطية في جهازها، وهم يشاركون في ثمار التطفل، فالعمالة الزائفة التي لا تقوم على احتياجات فعلية للإنتاج تمثل رشوة لهذه الفئات المثقفة عالية الصوت، وهي ليست حلا للبطالة، بل جزء من سلسلة تفاقم البطالة مستقبلا.

إن صفوة البورجوازية الصغيرة تربطها وشائج من التبعية بالبيروقراطية، وتحلم بآفاق من الصعود في أجهزتها. وفي المجال العمالي ازدادت الطبقة العاملة عددا وهي تتعرض لتكثيف الاستغلال، محرومة من كافة الأجهزة الاقتصادية والسياسية المستقلة التي تستخدمها كأسلحة في الحصول على حقوقها. وقد تمكنت رأسمالية الدولة من خلق فئة اجتماعية عمالية ضئيلة العدد هي الارستقراطية العمالية في المجال النقابي (الذي يفتقر تماما إلى تواجد أبسط الحقوق الديمقراطية)، وتنتزع هذه الارستقراطية العمالية مكاسب كبيرة وتلعب دور العميل المباشر للسلطة.

الوضع الدولي:
نشأت هذه الطبقة الجديدة مع تعاظم دور المعسكر الاشتراكي الاقتصادي والسياسي وتفاقم أزمة الرأسمالية العالمية، واشتداد عود حركات التحرر الوطني. وقد مكن ذلك الوضع المواتي هذه الطبقة من أن تسدد إلى الاستعمار ضربات قاصمة، وأن تحقق استقلالا سياسيا واقتصاديا من الناحية الأساسية، ولكن يجب ألا نذهب بهذا الاستقلال بعيدا. فالعملية الإنتاجية الرأسمالية عملية مترابطة على النطاق العالمي، ويجب ألا نأخذ لحظة تاريخية ونعزلها خارج السياق، الذي تتطور فيه الرأسمالية. فهي لم تكف أبدا عن أن تبحث لنفسها عن عقد صلات مع السوق الرأسمالية العالمية: الولايات المتحدة وألمانيا الغربية واليابان، ولكنها ليست علاقات التبعية القديمة، بل علاقات البحث لأقدامها، التي بدأت تعرف القوة، على مواقع داخل السوق المصرية والعربية والعالمية.

ولما كانت هذه الطبقة لا تعرف الاعتماد على الجماهير في صداماتها مع الاستعمار، ولا تقوى على خوض حرب دامية مع الامبريالية، فإن عناصر المهادنة ماثلة في صميم وضعها في أشد لحظات احتدام الصراع مع الاستعمار، مثل التسوية بعد انتصار 1956 بمرور السفن الإسرائيلية في خليج العقبة، والإقرار الفعلي بحدود التوسع الإسرائيلي بالموافقة على قوات طوارئ تحرس هذه الحدود، ومحاولة التفاهم مع شركات ملاحية أمريكية على توسيع القناة، بالإضافة إلى القروض والتسهيلات الائتمانية التي سعت إلى عقدها مع الغرب الاستعماري. وحينما تنهض البورجوازية البيروقراطية المصرية بدور الحاجز القوي أمام نمو القوى اليسارية والثورات الشعبية التي يمكن أن تقودها الطبقة العالة، وتبرز أظافرها الحادة في معاداة الشيوعية في مصر والعالم العربي، فإن ذلك يشكل أمام الاستعمار الأمريكي نقاطا للتهاون لا يمكن إغفالها.

ومن ناحية أخرى، فإن البورجوازية البيروقراطية لا يمكن أن تقيم اقتصادها الجديد داخل الأسوار المصرية، كما لا يمكن لها أن تتجاهل حفاظا على استقلالها، دور الاستعمار في العالم العربي. ان الخطة الاقتصادية لهذه الطبقة تضع في حسابها السوق العربية أول ما تضع، وتطرح قضية القومية العربية بشكل ملح. وهي بالفعل تطرح قضية القومية العربية من زاوية مصالحها الأنانية الضيقة، فهي باعتبارها أكثر البورجوازيات العربية نموا مدعوة للسيطرة، لذلك تقول بقومية عربية جاهزة الصنع مزقها الاستعمار، ويتحقق لها منذ مئات السنين مقومات القومية .. كما تدعو إلى وحدة غير ديمقراطية تسيطر عليها.

إن البورجوازية البيروقراطية لا يمكن أن تفهم أن القومية العربية هي قومية في مرحلة التكوين، لا تتشكل من أقاليم وقطاعات وأجزاء، بل من قوميات متفاوتة النضج أو في سبيل النضج، فمصر قومية متكاملة، وكذلك العراق، وكذلك الحال مع البلاد أو مجموعات البلاد العربية على أساس تاريخي. إن كل هذه القوميات المختلفة قد خضعت لعوامل مشتركة في تكوينها وتواجه أهدافا واحدة أمام نفس الأعداء، وهذا الأساس هو الأساس الموضوعي لا لخلق قومية بورجوازية على أساس السوق الموحدة والدولة القومية الموحدة، كما كان الحال في مرحلة الثورة البورجوازية، بل لخلق قومية في مجرة الثورة الاشتراكية العربية على أساس انصهار هذه القوميات بقيادة الطبقة العاملة، انصهارا يتيح ازدهار السمات القومية المختلفة ويتفادى تناحر البورجوازيات المختلفة، ويتم عبر مراحل تدريجية من الكفاح الشعبي المشترك لا وفق اتفاق مؤقت من أعلى بين القوى البورجوازية كما هو الحال اليوم.

إن سياسة البورجوازية المصرية إزاء حركة التحرر العربي تميزت بالأنانية القومية من ناحية العداء للتنظيمات الشعبية والثورية والحريات الديمقراطية عموما. لذلك لم تحقق في هذا المضمار نجاحا يتفق مع ما أحرزته قبل النكسة من انتصارات على الأعداء التقليديين للشعوب العربية، وهي تضطر في أغلب الأحوال إلى عقد صفقات سياسية مؤقتة مع البورجوازيات الحاكمة، والى التهاون في أحوال كثيرة مع القوى الرجعية. فهي سياسة لا تقوم على قوى الثورة الحقيقية في البلاد العربية.

البناء السياسي للبورجوازية البيروقراطية:
منذ البداية والبورجوازية البيروقراطية الحاكمة توجه الضربات إلى حركة الجماهير الشعبية، والى تنظيماتها السياسية والنقابية، والى كل الحريات الديمقراطية التي انتزعتها هذه الجماهير. وكانت التنظيمات السياسية التي أقامتها السلطة تجسيدا لهذه السياسة، فهي لا تحكم بحزب سياسي جماهيري، وتنظيمها السياسي ليس جهازها الحاكم. فالسلطة واتخاذ القرارات في أيدي الحلقة الضيقة من المسئولين يزاولونها من خلال الأجهزة العسكرية والبوليسية في المحل الأول. ويبقى للتنظيم السياسي دور سلبي من الناحية الأساسية، أي تصفية التنظيمات والأفراد والاتجاهات والحركات التي تظهر في صفوف الجماهير باحتكاره العمل السياسي، وفرض الوصاية البيروقراطية على كل التنظيمات النقابية والمهنية واتحادات الطلبة والصحافة. لذلك لم يكن من المستغرب أن تتسلل إلى التنظيم السياسي للسلطة القوى الرجعية التقليدية بحكم سيطرتها التاريخية، وأن يكون بالتالي نصله الحاد موجها إلى اليسار.

ويتبنى هذا التنظيم الأيديولوجية الرسمية الملفقة: فالاشتراكية تعني سطوة الدولة، وإبعاد الجماهير عن المشاركة، والقومية تعني الجانب المتخلف المنعزل عن التضامن الأممي والاستفادة من التجارب الاشتراكية، واستبقاء العلاقات الرأسمالية في الزراعة اعتمادا على تراثنا القومي، والقيم الروحية تعني الاتكاء على الفكر المتخلف لإعاقة الفكر العلمي. وقد قدم ضرب البورجوازية التقليدية أساسا موضوعيا للحديث عن إلغاء الاستغلال، واعتبار أن هناك علاقات بورجوازية غير استغلالية (الرأسمالية الوطنية غير المستغلة!) ولما كانت البورجوازية الصغيرة طبقة غفيرة العدد، تتجه البورجوازية البيروقراطية إلى صفوفها لتجنيد كوادرها، فإن الأيديولوجية الرسمية تغازل الميول الفكرية لهذه الطبقة بدون أن تتبنى الجوانب الليبرالية لديها.

الهزيمة:
لم تكن الهزيمة بالنسبة للطبقة، التي حاولنا أن نقدم الخطوط العريضة لملامحها، حدثا مستغربا. إن مصالحها المتناقضة مع الاستعمار، والتي تدفعها في نفس الوقت إلى قطع الطريق أمام القوى الشعبية والثورية، تضعها دائما في مأزق. وان التغير في الوضع العالمي، ببروز اتجاهات المراجعة في القيادة السوفيتية، تسلب منها ورقة ضخمة من أوراق المناورة واللعب على الحبال. وهكذا وضعت الهزيمة هذه الطبقة على منعطف جديد. إنها لا تستطيع مواصلة السير بنفس الطريقة القديمة، وقد جاءت الهزيمة وهذه الطبقة على وشك تحقيق أهدافها الأساسية من الناحية الاقتصادية. فقد كانت بصدد استكمال فترة الانتقال، فترة خلق الحد الأدنى من هيكل رأسمالي حديث، ورسوخ أقدامها وتبلورها كطبقة، وبدأت أمامها مشكلات جديدة، مشكلات رأسمالية نامية.

إن عناصر الأزمة التي كانت مستترة في فترة البحث عن رؤوس أموال للتنمية، والوثوب الملائم إلى مواقع كان يحتلها رأس المال الأجنبي أو كبار الملاك أو الرأسمالية التقليدية، بدأت في البروز كمشكلات التسويق واختلال التوازن. وهي بعد أن أحكمت قبضتها على السلطة السياسية منفردة، وعلى الاقتصاد، لابد أن تسعى جاهدة للبحث عن حرية للحركة في السوق الاستعمارية، وعن المشاركة بها. فهي ليست على استعداد، في حل تناقضاتها مع الاستعمار، إلى إعطاء القوى الشعبية أي دور في المعركة، لأن معنى ذلك التنازل عن احتكارها للسلطة وانخفاض أرباحها. فهي بدلا من ذلك تبحث في شبكة العلاقات المحيطة بها عن تسويات وأنصاف حلول مع القوى المعادية. فهي قد تهادنت مع الرجعية، وأطلقت يد فيصل في اليمن والخليج العربي، وتحمي ظهر حسين، وتعد العدة للاعتراف الفعلي بإسرائيل وبحدودها الآمنة مقابل الانسحاب. كما بدأت في توجيه الضربات للثورة الفلسطينية التي تشكل بكل نواقصها منطلقا جديدا في مواجهة الاستعمار والصهيونية، منطلق الحرب الشعبية.

إنها تعتبر الاستعمار الأمريكي ليس العدو الأول في المنطقة، بل تعتبر كل وزره قاصرا على مساندة إسرائيل. وهي تصور تهاونها معه على أنه نوع من استخدام التناقض بينهما؛ إنها تتعهد للاستعمار الأمريكي بالمحافظة على مصالحه في العالم العربي مقابل أن يضغط على إسرائيل للانسحاب، وأصبحت المعركة تعني الجيش النظامي فحسب، استيراد أسلحة والتدريب عليها لإعطاء مركز أقوى في مفاوضات الحل السلمي.

لا يمكن الوصول مما سبق قوله إلى أن البورجوازية البيروقراطية قد فقدت كل أساس للتناقضات مع الاستعمار الأمريكي أو الاستعمار العالمي، فمصالحها ما زالت متناقضة مع الاستعمار. ولكن ما يبدو الآن جديدا هو وزن هذا التناقض والطريقة التي تمارس بها البورجوازية المصرية حله. هل أصبح هذا التناقض هو العامل الحاسم في توجيه سياستها؟ وهل طريقة حله في الوضع الحالي تدفع الثورة إلى الأمام أو تضع أمامها العراقيل؟

الواقع لقد أصبح العمل من أجل عزل الخط السياسي والفكري والتنظيمي لهذه الطبقة من قيادة الجماهير شرطا ضروريا لمواصلة المعركة ضد الاستعمار وإسرائيل.