يلوح الباحث والشاعر الفلسطيني المغترب سبل الخلاص المستعصية، في محاولة لاستنهاض الهمم،رغم جبروت الزمن والانكسارات المتتالية وكقدر الشاعر وهو يحاول لملمة الصور التي أمامه في مقاطع شعرية مسكونة بهواجس الذات وهي تنجلي بين أفضية اليأس والمرارة.

نستنهض ريح الخلاص

حسن العاصي

 

1
مبتورة ساقية الندى
الماء يحتجب
خلف النافورة المنكسرة
والجرار فارغة
فمن يرأب شرخ الشمس
وظمأ المروج
اشربْ إن شئت
ناصية الدرب
لاتتعجل السفر
وانتظرْ
أن يلتحف الغيم
في عريه
سخاء الماء

2
تنسل طيور التراب
من فرار الأرض
تبحث عن سكنْ
في الجبل العريض
عن كهف عصي
على ريح العصف
مفتاح الرحلة
متخم بالصدأ
وأفاع الليل
تخاتل أكمام العتمة
لا تلتفتْ
حاذر من الدرب الهش
ومن خداع الوقت
أوقدْ حصاد المُنى
حين تَرى الهديل
مصلوب
في عقارب الرؤيا

3
يلقي الوسن ضفائره
على أكتاف المساء
يغفو ليل الصغار
يفرد رجلاه
فوق فراش الجدّات
في المروج النائية
تعوي ذئاب الغابة
جوعاً
والحكاية لم تزل
كما هي
تستحضر من الوهن
عزم الوعود
ومازال الراوي
في عمق قاع السراب

4
تتعب الأحلام من أجنحتها
تكف عن التحليق
تعدو
وضوء الدروب خطاها
تنكفئ على وجهها
يعمّ السواد
فراغ أجوف حزين
تتمعّن مرايا النور
بأخاديد الشدّة
تولد من رحم الاحتراق
لحظة شروع
في مستهل التَوَجُّس

5
يحتسي الليل
حكايا السحر
من طاس الخرافة
بخُّور العتمة
يملئ رئة الليل
يشقّ الفراغ
ما تيسر من كوة للشهيق
ملعونة تلك الجرار
حد الزيف
تحت أقدام الغابة
يشرب الملح البحر
تتناثر أشلاء الليل
دهشة
وتنفرج أسارير التراب
لا زلنا نخطو
فوق المجامر
نستنهض ريح الخلاص