بين عفرين والوجع، يكتب الشاعر الكردي وجع الحياة من بوابة الفرح، هي المفارقة التي يخطها الشاعر دوما ضدا على التقتيل وسوء الحظ، بحس بصري والتقاط للتفاصيل وبلغة قريبة من وجدان الوله، يكتب الشاعر كما يرسم، ويرسم باللغة ما ظهر أمام مخياله وهو في أقسى لحظات الوجع والاغتراب والمنفى، بعيدا عن ظل شجر الوطن.

قصيدتان

حسين حبش

 

مانويلا الخلاسية

تتباهى مانويلا الخلاسية بفساتينها القصيرة
وساقيها العاريتين

اللتين تلمعان كالرخام

تحت أشعة الشمس.
تفتح ثلاثة أزرارٍ من قميصها:
إثنان من الأعلى، لتبرز نهديها الشامخين
والثالث من الأسفل،

لتلمع سرَّتها المدورة كليرة ذهبية.
تلبس حذاءً أحمر بكعب عالٍ
تسير في الشارع رشيقة

كأميرة خارجة من الأساطير.
تتدحرج الرؤوس وراء مؤخرتها المكتنزة
رؤوس المارة

والباعة

والمتسكعين

وسائقي الدراجات

والسيارات المسرعة!
تتبعها العيون المشتعلة بالشهوة

من كل حدب وصوب!
يسقط النرد من بين أصابع اللاعب الأمهر
ينفرط عقد المسبحة

من يد العجوز التقي
يفرك الشرطي عينيه دهشة
يترنح السكير ذاهلاً
ويضم الأعمى عصاه

وينظر إليها طويلاً جداً!
ترتسم ابتسامة ماكرة

على وجه مانويلا الخلاسية
ولسان حال ساقيها وأزرارها الثلاثة يقول:
جُن أيها الشارع وافقد عقلك أكثر
غداً سألبس فستاناً أقصر
غداً سأفتح زراً آخر!

 

متى ستأتين يا ماريا؟

متى ستأتين يا ماريا؟
المطر يهطل بغزارة
والقلب يخفق بشدة
سأرسل لك مظلة
سأجهز لك مدفأة.

متى ستأتين يا ماريا؟
البرد قارس
والعاصفة هوجاء
سأخيط لك جورباً
سأحضر لك معطفاً.

متى ستأتين يا ماريا؟
الدرب ينتظر بشوق لخطواتك
والباب يتأهب لنقرات أصابعك
سأشعل لك فانوساً
سأرفع لك قبعة.

متى ستأتين يا ماريا؟
الحنين جارف
والشوق مستبد
سأسرج لك حصاناً
سأوصي لك حوذياً.

متى ستأتين يا ماريا؟
المعدة خاوية
والرأس يدور
سأصب لك نبيذاً
سأعد لك طعاماً.

سأنتظرك يا ماريا، سأنتظرك
تعالي اطفئي شمعة عيد ميلادي
وابعدي عني هذا السكون المخيف
لا تتأخري يا ماريا
كل شيء هنا بانتظارك،
كل شيء بدون استثناء.