لا شيء يتمم هذا المشهد إلا ما يصيغه الشاعر من فوضى تلخص بعضا مما أضحى عليه العالم اليوم والوطن صورة مصغرة لمآلات وخيبات أيضا، وهي نهاية النفق لما فتحه ربيع ظن البعض اخضراره، الى أن نتائجه أمست أقرب الى هذه الصورة الكاريكاتورية التي نراها اليوم.

الرّبيعُ المـــوْؤُدُ

حمـيد الحـريزي

 

القمَرُ

يأسرُ يأسِي ، يقتَلعُ أنيابَ

القَهرِ

يحمِلُني بعيداً بينَ سَماءٍ

عمياءَ وأرضٍ يَبابٍ تَستَجْدي رَمادَ

العشْبِ

نسْرٌ يُحلّقُ بي شاهقاً فوقَ سَماواتِ

البَحرِ

يلمحُ ظِلّهُ، تَخفِقُ أجنِحَتُهُ، يَتَصاعَدُ مَوجُ اليَمِّ

مَوْجٌ يصْدمُ أمواجاً تَطِارِدُ قرْشاً

مَسعوراً

تَلسَعُني أنيابُهُ

طائرٌ أنا منفوشَ الرّيشِ

تَلطمُني غيومٌ سَوداءُ، تتَساقط ُأجنّةُ

المَطرِ المَصفوعِ حِمَماً تَحرقُ ورَيقاتِ

الزّهرِ

سفينةٌ مكسورَةُ الشراعِ، تتهادَى فوقَ جِبالِ أمواجٍ

مكْلومةٍ

ربّانُها مسلوخُ الجلدِ يعاركُ مسوخاً

بلا وجوهٍ

ها هيَ دارُنا ركاماً، قِربٌ تنزفُ ..

وريقاتُ البردي

الملْسوعِ بعضّاتِ أفاعي

((الزطِ))

و((محاچيل)) جيوشِ

الزّنجِ

النايُ وحدَهُ يطْفو على أغلفةِ الكتبِ المبْطلولَةِ

يَعزِفُ لَحنَ المَوتِ لعِباراتِ

الإهداءِ

هاهوَ حِذائي الأسودُ يَحمِلُهُ غرابٌ أرعبَهُ خيالُ

النّسرِ

سَمِعتُ دويَ ارتطامِهِ بجنْحِ ((الشّبحِ))

بصَقَ النّسرُ

هُدهُداً يَبكي تاجاً مسْلوباً

إهتزّتْ مَكتَبتي، كُسِرتْ محْبرَتي

إندلَقَ حِبرُها المكتومُ

إصطَبَغَ الكَونُ باللّونِ

الأحمَرِ

صاحَ الدّيكُ المفْجوعُ

بعُرفِهِ المسْروقِ

زَعَقَ بيضاً مختبئاً خلْفَ

سَكاكينِ

المطبَخِ

جاهَدْتُ المَوجَ لألْتَقطَ ((مُوبايلَ))

أمّي الهادِرَ

حُزْناً

لِضياعِ عظْمِ الهدهدِ في بَطنِ الحوتِ

المَسحورِ

دَاخَ القَمرُ المَصدوعُ

ظَلَّ يَرْغي

ويَدورُ

يُفتّشُ عَن موسى الحلّاقِ

لِيقطَعَ شريانَ

الشّمسِ

التي تَناسَتْ مَواقيتَ

الغروبِ

فأجْهَشتْ النّجومُ بالبكاءِ، تزخُّ

دُموعاً تَغلي

قبّرَتي السّمراءُ

إبتلَعَتْ حُروفَ الحُبِّ وسَقطَتْ في

آتونِ بركانٍ

مَخْمورٍ

فتدَحرجَتْ بيضاتُ الأرضِ تجرفُ

بقايا كذبٍ مشويّ

فوقَ موائدَ ((عتاوي))

النّفطِ

إبتلَعَني اليَمُّ قبلَ أنْ أُكمِلَ لَعِبَ

((داسَ)) الثّأرِ

تخثّرَ ماء ٌ

التّمرِ

فصَارَ عَرَقاً ((عَينْكاويّ))

الصّنعِ

يتَخفّى في جَوفِ النّخلةِ هرَباً

مِنْ مَمْنوعاتِ

الوالي

نَسيَ الشّرطيُّ صفّارتَهُ الرسميّةِ

فأصدَرَ أصْواتاً مِنْ زمّارتِهِ

الخَلفيّةِ

أن افتَحوا الطّرقاتِ

لسلطان العصرِ، وإيّاكُم أنْ تتَذكّروا

سلطانَ القَهرِ

حَلَّ بينَ ظَهرانيّنا ((الرّبيعُ))

تقيّأتْنا بُيوتُنا الخَرساءُ

فاخْتلَطْنا بمَزابلَ

الشّوارعِ

حَمَّلْنا عوراتِنا لافتة ً

تقولُ

إنّنا نَبيعُ أنّنا نَبيـــــــــــــــــــــــــعُ

قبَضْنا ثمَنَ بِضاعَتِنا

ولكنّنا لا نَعرفَ ماذا نَبْتاعُ

مِنْ تاجرٍ متَجوّلٍ يمْتَطي حِصاناً مِنْ نارٍ

حاملِ شَياطينِ العَصْرِ

فانتَحَرَتْ بَراعمُ

الرّبيعِ

جُيوبُنا تنفُثُ ناراً

بوَجْهِ

جِلْجامِشَ

حينَ جاءَ يُبْلِغُنا

غضَبَ آلهةِ

الخصْبِ

ما أتعَسَكَم

لقَدْ بعْتُم عُشبَةَ الخلودِ

فرمَيْناكُم في بَحرِ

الصّخَبِ

رقَصْنا فرَحاً، سنَرى عُراةُ البَحرِ

ونقرُّ عيْناً برؤيَةِ عُري شَقراوات ِ

الغَربِ

وننْعَمُ

بألوانِ ((المايوه)) السّاحرِ

فما أثمنَ

غَنيمتَــــــــــــــــنا؟؟؟!!!

حينَ وَجدْنا مؤخّراتِهنَّ

رُؤوساً مِنْ

بَصَلٍ!!!!!